Ads by Google X

رواية لِبچَشان الفصل الثاني عشر 12 - بقلم عفاف العريشي

الصفحة الرئيسية

   

 رواية لِبچَشان الفصل الثاني عشر 12 - بقلم عفاف العريشي

 
 
                              ( يونس ) 
 
أصبحنا على مشارف شيلا، في هذين اليومين اكتشفت أنها مدينة فقيرة لكنها غنية بالأخلاق بعيداً عما يفعله بعض الآباء حيال أولادهم من بيع وما إلى ذلك ولكنهم برغم ذلك يغفرون. 
 
نظرتُ بجانبي إلى لونار الهادئة بالأونة الأخيرة تشاهد المدينة على مرمى البصر بهدوء، سألتها: 
_ ما بكِ؟ 
_ لا شيء فقط أشاهد، ولكن أتعلم كيف سيتصرف شعب شيلا تجاه الوسم خاصتي فهم يشعرون به من القلادة كما تعلم ،عملتي مختلفة أي أن الوقت سيكون عصيباً هنا. 
 
نظرتُ إليها قائلاً: 
_ سأحميكِ دائما، سأحميكِ دون علمك بكلمة. 
أخفضتُ بصرها وساد الصمت بيننا. 
وصلنا أخيراً إلى قصر الجواد، استقبلنا الملك وخصص لكل منا غرفة خاصة به، على أي حال لم تلق لونار أي تفرقة لأنني قمت بشيء جعلتها تضع الطمي من بحيرة الموتى على القلادة وهكذا لن يشعر بها أحد كان حلاً جيداً حتى ولو مؤقتاً فلا بأس في ذلك. 
ذهب كل من صديق ولونار للنوم وأنا اجتمعتُ مع الملك، علمتُ فيما بعد أن سبب الهجوم هو مجموعة من المتمردين ولكن الجميع يجهل هويتهم، أو من أي الأمارات أتوا وأن هذه كانت الضربة الأولى فقط من جانبهم التي أثرت عن مقتل الملكة والأمير الصغير الذى فقد النطق بعد الذي تعرض له إثر الصدمة. 
علمت أن مجموعة المتمردين من كتاب خاص بالملك فقط أن مجموعة المتمردين يقطنون في جبال الغرب حيث جيكا، وأن زعيمهم يدعى (مارد) يريد أن يقتص لأبيه وهو زعيمهم السابق، حيث كانت هناك عداوة بينهم وبين الملك راكان أدت إلى خسارة فادحة لكلا الطرفين ولم يكن بيدهم سوى الهرب إلى الجبال واختفت أخبارهم لسنوات ولكن الآن عادوا، وهذه العودة نظير شؤم على لبجشان بأكملها ليس لهم مبادئ ولا معتقدات فقط يؤمنون بالسلطة والنفوذ والمال لا شيء يسمى المبادئ لديهم يقتلون الأطفال والنساء بلا رحمة ولا هوادة، واستقر بهم الأمر إلى العمل كقطاع طرق ينهبون القوافل المارة إلى الأمارات لا يظهرون سوى بمنتصف الليل حيث السكون والظلام الموحش، الظلام دائماً يحمل بين طياته الغموض والأذى كما يعتقد البعض، حيث أنهم عاجزون عن الخروج نهاراً لعهد قديم قام به قائدهم حينها كانوا سادة المملكة يخرجون كما يشاءون ينهبون ويشردون أطفالاً لا ذنب لهم ، لكن حدث ذات مرة هجوم مباغت من قبل الملك راكان بأول عهده أطاح بهم وبقائدهم مما أدى إلى تدهور ملكهم وقتل قائدهم، هرب مساعده رفقة عدد لا بأس به ومعه مخطوطة العهد وذُكر بها أنهم لن يتكمنوا من الظهور نهاراً أمام الملأ سوى بحضور دم قائدهم إلى المملكة، وإلى وقتنا هذا لا أحد يعلم كيف حدث، بما إن هجومهم على قصر الملك جواد كان بوضح النهار. 
بعد حوالي الثانية صباحاً ذهبت في طريقي إلى غرفتي بعدما تمكن مني التعب والإجهاد طيلة الفترة الأخير وحالما غفوت أتى حارس العهد، لا يأتي سوى بأوقات الراحة، قال بصوته الرنان ولا يظهر بالظلام الحالك سوى عينيه الزرقاء المتوهجة، 
_ مولاي  
لم أعطه جوابا فقال: 
_ مولاي ! 
_ ماذا؟ 
_ لدى تحذير لأجلك. 
_ هات ما عندك  
_ سيغتالونك اليوم . 
صحت قائلاً: 
_ وتخبرني بالثانية صباحاً كي أجهز قبري أليس كذلك؟ 
_ بالطبع لا يا مولاي 
قلت بحسرة: 
_ لا عليك فقط ساعدني لأجد مكاناً مناسباً لمنزلي الأخير. 
_ يا رجل دعني أكمل الحديث. 
_ تفضل  
_ خطة من قبل حماة راكان يريدون قتلك ولكن تم إيقافهم وأنت بأمان يا مولاي لا داعي للقلق. 
صرخت قائلاً: 
_ ما ذنبي أنا ولما تخبرني إذن طالما أنني بأمان أيها الحارس. 
قال: 
_ كي يكون لديك علم بكل شيء. 
_ حقاً  
_ أجل ذُكر بمخطوطة ريديس أنه لابد من تدريبك يا مولاي، وأنت لم تحظى به إلى الآن. 
_ وكيف ذلك؟ 
قال: 
_ يجب أن تأتي معي لأن طاقة وسمك تنخفض وسيؤدي ذلك إلى موتك ويجب استعادة طاقتك، حتى يتثنى لك رؤية من يحميك يا سيدي، لابد من استعادة الطاقة. 
_ وكيف ذلك ؟ 
_ يجب أن تأتي معي الآن. 
_ أين سنذهب ؟ 
_ ستعرف ولكن مُد لي يدك، رجاءً  
مددتُ يدي بتردد في الظلام حتى أن أعينه اختفت شعرت بيد تطبق على يدي بقوة وصوت بأذني يقول أغلق عينيك واحبس أنفاسك.   
 
امتثلت لما قال شعرتُ أنني أغرق ولكن اليد لازالت كما هى. 
وبعد عدة دقائق تكمنت من التنفس وفتحتُ عينايّ لأرى شيئاً غير متوقع على الإطلاق. 
 
  
 
( لونار) 
 
باليوم الثاني لي بالمملكة، لم يكن سيئاً أواظب على الطمي الغريب ذاك كل صباح،  
اعتدتُ الأمير تيم كثيراً وكذلك القصر وكثرت زيارتي للسوق وجولاتي للإمارة، والأخبار عن يونس لثلاثة أشهر اختفى بمهمته ولم يعد ونحن ضيوف للملك لحين عودته، كانت الحياة بالإمارة هادئة نوعاً ما والأهم من ذلك لا قيود فقط حرية.
 
حسناً أعترف أن يونس وزياراته الغبية كانت تخفف من ألم وحدتي إلى حد ما بالسجن، ولكن الآن الحرية بلا يونس أسوء من الأسر رفقته. 
ذهبت مع صديق إلى السوق كعادتي إلى أن توقفنا قبل عبورنا لبوابة الخروج حيث أن السوق له بوابة للولوج وبوابة للخروج وذلك لكي يمر الزوار على سائر المنتجات والتجار، كان تجمعاً هائلاً قال صديق: 
_ ماذا هناك ؟ يا إلهي يبدو الأمر خطيراً ! 
قال رجل غريب: 
_ لا فقط فتاه دلفت كجاسوسة بيننا وها هى تلقى عقابها المناسب. 
قلت: 
_ ماذا يفعلون لها؟ 
قال ببساطة : 
_ سيذبحونها . 
صرخت به: 
_ ماذا؟ 
عبرت الازدحام بصعوبة ووجدت رجل سمين يمسك بفتاه بيضاء من عامة الشعب ويضع نصل سكين حاد على نحرها وهى تتوسل للجميع بلا جدوى، قاموا بقذفها بالقمامة والبيض، 
أبعدتُ الرجل عنها ورفعتُ سيفي بوجهه صارخة: 
_ ابتعد عنها، إياك أن تقترب ثانيةً  
تجمع تجار العبيد حولنا وكونوا دائرة وهيئتهم لا تدل على الخير البتة، 
حاول صديق الوصول إلىّ ولكن منعه أحد هؤلاء الأوغاد، 
أمسك أحدهم شعري جاذباً إياه بشدة صرخت ألماً ووضع سيفه على نحري وقال بعدما أسقطت سيفي من يدي: 
_ حسنا سنتركها ولكن بالمقابل ستُذبحين أنتِ. 
بصقت بوجهه وقلتُ: 
_ أيها الوغد أتركني، أقسم أنني سأقتلع رأسك بيدي. 
اشتدت ملامحه قتامة وضغط على السكين قليلا أحدث جرحاً بعنقي وصديق يصرخ فكرت في لحظة أن استسلم للقدر وأغمض عينايّ، اخرجني من شرودي صراخ صديق ونحيب الفتاة الواهنة تحت قدمي مددت يدي إلى الخنجر المدسوس أسفل ملابسي اخرجته رفعته عالياً غرزته بجنبه محدثاً جرحاً انفجرت منه الدماء على ملابسي صرخ الرجل متألماً تركني ركضت مسرعة بعد اشارتي لصديق بأخذ الفتاة من هنا والرجال خلفي اختبأت بنهاية زقاق مظلم الجرذان تسير على قدمي اشعر بفرائها الدافئ وذيلها العاري يلامس بشرتي اكتم انفاسي أضع قصاصة على جرح عنقي، 
 أخرجت رأسي قليلاً بعد ان هدأت الأصوات بالخارج أشاهد المارة كان بجانبي رجل يعرض منتجاته من الأقمشة ابتعت شالاً أسود كبير وضعته على رأسي سرت بهدوء بين المارة والبائعين وصلتُ إلى بوابة الخروج مجدداً ابتسمت بانتصار وقلت بهمس: 
_ أين ذلك اليونس ليرى لونار البطلة. 
لم أفلح بالخروج قبضت يد صلبة على ساعدي اختفت ابتسامتي حينها شعرت بشيء صلب يسقط فوق رأسي لم أصمد كثيراً حاولت اختلاس نظرة لمن فعل ذلك ولكنني لم أرى سوى الظلام. 
 
 
 
                                 * 
 " يونس " قبل ثلاثة أشهر. 
فتحت عينايّ بعدما استعدت وعي، كنتُ واقفاً فوق سفح جبل وأمامي شخص يعطي ظهره لي، سلسلة من الجبال تمتد إلى مرمى البصر، صحراء جرداء هادئة وبرغم درجة الحرارة المرتفعة ولكن قمة الجبال مغطاة بالثلوج ضممت نفسي في محاولة للتدفئة التفت إلى ذلك الرجل الطويل الضخم ذي الرداء الأسود وغطاء الرأس المماثل، المخيف أن هيئته الغريبة أخافتني وجهه مقسم للونين الأبيض والأسود وعينيه عين زرقاء وأخرى بيضاء يتدلى من عنقه قلادة لذات الطائر، قال بصوت أجش: 
_ مرحبا بعودة النجم المنتظر 
صمتُ متوتراً ولم أعطه رداً، استأنف حديثه قائلاً: 
_ أنا مارد، خادمك يا مولاي بطاعتك دائماً 
_ أين ذهب الحارس؟ 
_ إنه أمامك. 
_ أأنت حامي العهد؟ 
_ بلى 
قلت: 
_ ولما أتيت بي إلى هنا الآن، وأين نحن من الأساس؟ 
قال بتروي: 
_ نحن بأرض ريديس أو كما شاع اسمها هذه الأيام بأرض المتمردين، نحن قوم " جارام " مكث في هذه الأرض منذ مئات السنين بعدما تركنا  فارين من الحرب بين الملكين ريديس وراكان الأول، نحن السكان الأصليون للبجشان هجين بين العبيد والسادة، لا يوجد عبيد هنا ولا سادة الجميع سواسية، لا تفرقة، لا للظلم، لا للإهانة والذل، 
نتكاتف حتى نحمي أرضنا، أطفالنا ونسائنا، نقيم بالكهوف بعدما قتل ريديس على يد راكان غدراً، أوهم راكان الملك ريديس بالصداقة وأقاما هدنة وبعد عدة سنوات تمت معاهدة ريديس المعروفة بمخطوطة العدالة العليا، عشنا لسنوات بهدوء دون سفك للدماء ولا سرقة أو أي شيء من هذا القبيل، كان ريديس ملكاً على لبجشان بعدما تنازل راكان له عن ملكه وتوحدت، لا وجود للإمارات الأربعة آنذاك، إلى أن حل على سماءنا ذلك اليوم الذي تغير به كل شيء، قتل الملك بواسطة أفعى سامة من نوع خاص على فراشه وانتشر الخونة وجنود راكان بالمملكة واغتالوا جميع معاوني الملك وأبناءه كان له خمسة أبناء منهم ابنه الأصغر ريديس حيث اسماه كما اسمه، فر بواسطة خاتم البوتو العظيم ونحن كما ترى بعد فراره أصبحنا نخرج ليلاً فقط ونمكث طيلة النهار بالكهوف نظراً لظلامها لو خرجنا سنحترق لا محالة. 
_ لكن أنت تقف أمامي الآن بوجود الشمس؟
 
_ أجل، فبوجود دم ريديس على أرض المملكة تمكنا من الحركة، من كان يخرج منا هو أنا فقط متخفي أيضاً، 
 
 وأخرج قلادة بها سائل أحمر قانٍ وقال: 
_ هذا دم ريديس الثاني حفظته هنا فوالدي كان طبيبه الخاص وفي إحدى إصاباته حفظ دمه بسائل يساعد على عدم تجلطه، لأن من يموت من حاملي دم ريديس بدم أفعى بحيرة الموتى يفسد دمه بالكامل ولا نستطيع نحن الخروج: 
_ وكيف استطاع الجميع اذن؟ 
قال وهو ينظر إلى عينايّ : 
_ النجم المنتظر، بمجرد وصوله إلى أرض لبجشان أشعر به إثر تأثير طاقته علىّ وأستطيع معرفة مكانه وأنت هو ذلك النجم حامل دم ريديس، وأنت وريثه المتبقي الوحيد الآن وبطاقتك وقوتك الكامنة بداخلك تستطيع مجابهة ذلك الظلم، ولذلك لابد من أن تحظى بتدريبك لكي تُفعْل قواك. 
 
قلت: 
_ أنا لستُ نجماً لأحد ما أتيت إليه لم أجده من الأساس هذه ليست حياتي أنا يونس ولست ذلك النجم خاصتكم، لم تكن نيتي أن آتي إلى هنا أو حتى مجابهة أي شيء فقط أردتُ والدايّ لا أكثر وأنا على يقين تام أنهما على قيد الحياة. 
قال بهدوء: 
_ أجل والداك هنا لقد شعرت بطاقة والدك قبل أشهر أتى إلى لبجشان ولكن ليس بمحض الصدفة بل بإرادته الكاملة حاولت رصد مكانه ولكن خاب مسعاي لأنه يستخدم سم تلك الأفعى يضعه بالقرب منه. 
قلت: 
_ وكيف سنصل له إذن ؟ 
قال : 
_ لا حل أمامك سوى قواك فأنت الآن ضعيف للغاية، واذا قمت بما قلته لك ستتمكن من الوصول إليه. 
سألته : 
_ ووالدتي أين هى؟ 
أجابني : 
_ لا أعلم ولكن قواك ستساعدك ولابد لك من البدء بأسرع وقت ممكن يا سيد يونس. 
فكرت قليلاً وحسمتُ أمري سأقوم بكل شيء لأجدهما. 
قلتُ: 
_ موافق ولكن بشرط. 
_ قل ما عندك. 
قلت : 
_ أريد أن أحظى بوسيلة تمكنني من الاطمئنان على أصدقائي. 
_ لك ذلك. 
أخرج ريشة زرقاء وقال وهو يهم بالرسم على الأرض: 
_ ستساعدك هذه، ترسم بطرفها دائرة على الأرض ونشاهد ما يحدث بعد ذكر اسم الشخص المعني. 
اخذتها رسمت دائرة وقلت أول اسم جاء بخاطري " لونار " ، كانت جالسة رفقة الأمير تيم تلاعبه ويضحكان سوياً. 
 
أقفلت الدائرة قال مارد: 
_ هناك شيء آخر، لا تستطيع استخدامها سوى مرة، واحدة بالشهر قبل غروب الشمس بدقائق. 
قلت مستنكراً: 
_ أنا أرى الآن وبمنتصف اليوم ! 
قال وهو سير : 
_ هذا استثناء، والآن لنبدأ. 
ركضت خلفه وصحت: 
_ انتظر يا مارد لم تخبرني ما كهنك يا رجل. 
قال بابتسامة تظهر أنياب بعدما استدار بكامل جسده: 
_ مثلك تماماً. 
 
استمر تدريبي لثلاثة أشهر خضت فيها أسوء ما قد يتصوره إنسان حتى أنني تجرعت سما يومياً، في بادئ الأمر كدت أموت لكن بعد ذلك اعتدت على مثل هذه الأمور فجرعة السم بسيطة للغاية، والكثير من الأشياء الخطيرة والآن بعد ثلاثة أشهر فعلت قوايّ وأصبحت على أتم الاستعداد للقصاص لعائلتي. 
أدركت أن ثلاثة أشهر مدة كفيلة ليتغير الإنسان إلى آخر يجهله تماماً. 
بآخر يوم لي بأرض ريديس لم ألتقي بأهلها من الأساس سوى مارد وشخص آخر يدعى سليمان كان يأتي لي بالطعام وكل ما أحتاج. 
ونمت صداقة بين ثلاثتنا والآن أنا بغرفتي أستعد للمغادرة، 
أوقفني صوت مارد قائلاً: 
_ والآن بعدما فعلت قواك يمكنني إعطاءك هذه. 
نظرت إلى يديه كانت بردية كبردية المصريين القدماء من الجلد ملفوفة على طرفيها قطعتين من الذهب، 
قلت: 
_ ما هذه يا مارد؟ 
_ إنها مخطوطة ريديس، إنك الأحق بها الآن يا سيدي. 
نظرت له ثم إلى المخطوطة أمسكتها بيد مرتعشة وفتحتها وقرأت ما بها. 
بعدما انتهيت من قراءتها قال مارد: 
_ والآن يا سيدي عليك معرفة شيء هام . 
_ وما هو؟ 
_ والداك. 
_ ما بهما؟ 
صمت أنظر منتظراً إجابته، خشيت من هواجسي حينها في لحظة الصمت هذه، قال: 
_ وجدانهما. 
انفرجت أساريري إثر حديثه وسألته متلهفاً: 
_ أين هما؟ 
أجابني وهو يوليني ظهره ويهم بالسير: 
_ تتبعني رجاءً. 
وصلنا إلى جبل نائي وقال: 
_ وجدت والدك بمنجم ثروان قتيلاً، علمتُ فيما بعد أنه عمل لمدة لا بأس بها، وتم قتله على يد زميل له يدعى " همام "، اختفى ولا أحد يعرف طريقه، ووالدتك. 
أغلقت عينايّ استعداداً لسماع القادم حيث استأنف حديثه قائلاً: 
_ وجدناها مجمدة رفقة والدك حيث أنهما التقيا لا محالة ولكن والدك قتل وتم نقل الجثمان إلى جانب زعيمنا ووالدتك لا علم لنا بما حدث لها يا يونس، أرسلت مساعدي سليمان وهو الآن يندس بإحدى الأماكن التي قيل أنهما كانا يقيمان بها بلازورد وتحديدا قصر الملك. 
قلت: 
_ أين جثمان والدي يا مارد ؟ 
مد يده بهدوء للأمام وضغط على إحدى الأجحار، ظهر باب حجري فتح تلقائياً ولجتُ إليه كان يضم أكثر من قبر قال: 
_ إنه للعائلة المؤسسة. 
 
 ذهب بعدما طلبت منه تركي بمفردي.
 
جلست أمام القبر ولم أنبث ببنت شفه، مر الوقت سريعاً استقمتُ وخرجت، عدت أدراجي بانتظار سليمان. 
أتى سليمان حيث كنت جالساً بالغرفة بذلك الكهف حينما تكاثف الكثير من الدخان من العدم وخرج وهو يرتدي ذلك الزي الأسود كمت يفعل مارد، ضخم تبدو عليه القسوة والشدة من قسمات وجهه، قال: 
_ مرحباً بعودتك سيدي. 
صمت احثه على الحديث فتابع: 
_ علمت أن السيدة بدر عادت إلى لبجشان بعد اختفائها بثلاثة أيام وأنها ذهبت للعمل بأحد المنازل التابعة لتاجر شهير وأنها اختفت بعدها، وأن السيد وليد عاد كذلك إلى المملكة وظل يبحث عنها إلى أن وجدها ولكنهما لم يبقيا سوياً حيث تم اختطافها وذهب والدك للعمل بمنجم ثروان، وأن زميل له قام بقتله غدراً برغم عدم وجود أية خلافات بينهما، وإن ذلك المدعو همام قتل والدك بعدما أمره سيد له بذلك، 
صمت سليمان نظرت له وصحت سائلاً إياه: 
_ من الذي أعطاه الأمر بذلك؟ 
أجاب: 
_ الضابط هادي صديق والدك. 
 
_ هادي كان صديق والدي كما علمت سلفاً، إذن ما الفائدة من قلته؟ 
 
_ الضابط هادي ليس له سلطة على أحد بوجود والدك فهو الأعلى رتبة آنذاك، والسبيل الوحيد له لكي يظفر بها هي بقتل قائده. 
خرجت إلى سفح الجبل مارد بالأسفل ينظر إليّ بابتسامة وخلفي سليمان قلت له: 
_ لنعد الآن إلى شيلا. 
_ لك ذلك. 
أشرت له بيدي إشارة للتوقف وجثيت على ركبتايّ، أخرجت الريشة وقمت برسم الدائرة بعدما ذكرت اسم لونار، لم أصدق ما رأيت رجل يمسك بها يحاول قتلها ،استقمت وزعقت في سليمان: 
_ الآن. 
 
 
                                   * 
 
 
(لونار) 
فتحت عينايّ بتثاقل لأرى أنني بغرفتي الخاصة نهضت ولكنني تألمت إثر جرح رأسي الذي تم تقطيبه، قالت فتاة تجلس بجانبي: 
_ حمداً للرب على سلامتك. 
نهضت بتوجس وتأكدت من أنني بالغرفة وسألتها بتوتر لم أفلح بإخفائه:  
_ من انت ؟ 
أجابت باسمة: 
_ أنا آيلا . 
بادلتها الابتسامة لا أعلم بالرغم من أنني ألتقي بها للمرة الأولى إلا أنني شعرتُ براحة واطمئنان، نهضت وساعدتني هى لأرى بخارج الغرفة صديق ورجل يوليني ظهره ورجلان آخران ولكن الأخير غريب للغاية وهيئته مخيفه . 
استدار الرجل ورأيته يونس يقف باسماً، ضحك وقال: 
_ وأخيراً استيقظت الخالة لونار. 
لم اتحدث ولكنني راقبت ابتسامته وهو يكمل: 
_ حقا لقد شعرت أن أنفاسي تسلب وأنتِ غائبة عن الوعي. 
قلت ساخطة: 
_ توقف أيها العابث، حقاً لم تحسن بدر تهذيبك يا فتى. 
حينها رفع ذلك الرجل المخيف راسه وقال بعدم اكتراث: 
_ من هذه؟ 
قلت بحنق: 
_ وما دخلك، ومن أنت أيها المخيف؟ 
_ أنا مارد، ومن أنتِ ؟ 
قلت موجهة حديثي ليونس: 
_ يا صبي من هؤلاء، وهل تقيم اجتماعاً أمام غرفتي أم ماذا؟ 
قال يونس بجدية: 
_ جيد أنكِ استيقظت يا لونار، لقد حان الوقت للتحرك. 
 
 
                                 *
google-playkhamsatmostaqltradent