رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الثاني عشر 12 - بقلم شمس حسين
بين خوفها وحنانه
انهاردة كان يوم خروجي من المستشفى، كان يوم مختلف جدا بالنسبة لي، كنت عاملة زي العصفور اللي محبوس في القفص و أخيراً هيخرج منه، يااااه أنا بقالي كتير اووي في المستشفى، 6 شهور ونص، ايوا أنا محستش بالفترة كلها وهما كام يوم بس اللي كنت فايقة فيهم، لكن لما خرجت وحسيت بالتغيير اللي حواليا، أدركت فعلاً أن كنت غايبة بقالي كتير.
ماما و نور كانوا معايا من اول اليوم، كانوا فرحانين جداً بخروجي من المستشفى، الفرحة كانت ظاهرة اوي علي ملامحهم، ونور كانت ماسكة في أيدي طول الطريق للبيت، كنت حاسة كأنها خايفة أرجع تاني المستشفى، أما ماما فكانت فرحتها مداريها القلق اللي جواها، أنا كنت عارفة إن جواها كلام كتير عايزة تقوله بس مش عارفة تبدأ منين، بعد ما وصلت البيت و اتغدينا كلنا سوا وشوية ضحك و هزار من نور، لقينا اليوم خلص، مكنتش عايزة نور تمشي، كنت بهرب من مواجهة ماما، لأن كنت حاسة بالكلام اللي هتقوله، وأخر اليوم دخلت علشان أنام، لكن بعد شوية لقيت ماما دخلت الاوضة عندي بكل هدوء، أول ما شوفتها ضحكت، قربت مني و قعدت قصادي علي السرير، مسكت أيدي بحنان و قالت بصوت هادي:” حمدالله على سلامتك يا روح ماما”…” إنتي عارفة إن روحي كانت مسحوبة مني طول الفترة اللي فاتت دي… روحي مرجعتش يا شمس غير انهاردة… لما شوفتك داخلة البيت و قاعدة في اوضتك”، حضنتها من غير ما اقول اي حاجه، كنت عايزة اطمنها إني جنبها، كملت ماما كلامها اللي كانت مخبياه طول اليوم وقالت:”شمس.. أنا عارفة انك مريتي بحاجات صعبة كتير أوي وملهاش عد، وان حياتك كلها مفيهاش ولا لحظة راحة، وانك لحد دلوقتي لسه بتحاربي”…” بس أنا عايزة اقولك حاجة، لازم تعرفي يا شمس أنك قوية ، لو انتي مش قوية عمرك ما كنتي هتعدي بكل ده، ربنا يابنتي بيختبرنا علي حسب قدرتنا، انتي قوية يا شمس، انتي أقوي مني و من أي حد عرفته قبل كدا” سكتت شوية و بعدين كملت:”عايزاكي يا شمس من هنا ورايح، لما تفكري أن الحياة بتعاندك، تبقي عارفة أن ده طبيعي، يابنتي عمر الحياة مكانت عادلة، ياما كتير بتدينا حزن بدل فرح، المهم انك متسبيهاش تستغلك و تغلبك، بصي دايما لنفسك، افتكري كل مرة كنتي بتقعي فيها و بتقومي أقوي” …” خليكي عارفة في كل مرة هتحسي انك خايفة، أن ربنا معاكي، علشان ربنا بيحبك يا شمس”، كنت قاعدة بسمع كلامها و بتنهد وبايدي بمسح دموعها، ماما كملت وقالت:” لازم تبدأي من جديد، ربنا أدلك فرصة جديدة، بلاش تبصي وراكي، اتركي الماضي اللي وجعك، خدي منه القوة بس، و اوعديني أنك عمرك ما هتستلمي”، رديت عليها بحزن و ثقة بسيطة وقلت:” حاضر يا ماما … هحاول يمكن أقدر” ، ردت عليا ماما بحماس وابتسامة رغم الدموع:” هتقدري يابنتي، أنا واثقة فيكي، و لو حسيتي في يوم إنك مش قادرة، بصي حواليكي هتلاقيني ديما جنبك”.
بعد ما ماما خرجت قعدت لوحدي في اوضتي، الدنيا حواليّا كانت هادية بشكل يخوف، بس في دماغي كان في ضوضاء مش هتسكت أبدًا، كلام ماما فضل يرن في وداني: “إنتي قوية يا شمس… متستسلميش… ابدأي من جديد”، كنت عايزة أصدقها، نفسي أصدقها، هو أنا فعلًا قوية؟ هو أنا فعلًا أقدر أبدأ؟ هل هأقدر أعيش سعيدة؟ طيب و الحواجز اللي لسه جوايا؟ كنت حاسة أن قلبي بيبكي من جوه، لقتيني برد علي اسئلتي بصوت بيصرخ:” أنا مش قادرة أنسى! مش قادرة ابقي شخصية جديدة، الماضي لسه جوايا، هيفضل يعكر لي حياتي مهما حاولت أظهر عكس كده، الماضي هيفضل كل لحظة فيه بتطاردني، محدش قادر يفهم إني مش هقدر أعيش بلا ألم، مش هقدر أنسى اللي حصل، كان نفسي أقول لماما إني تعبانة، إني مش قادرة، بس مينفعش، مينفعش أشيلها أكتر من اللي هي فيه، هي شايفاني قوية، يبقى لازم أبقى كده، أنا مش عايزة أخيب أملها، نفسي أشوف الفرحة في عينيها من غير ما يكون وراها خوف أو قلق، نفسي أكون البنت اللي تستحق الحب اللي هي بتديهولي، اللي تستحق تعبها وسهرها ودموعها، انا هعمل كدا حتي لو كذب، ماما لازم تشوفني قوية.
علشان اثبت لماما إني اتغيرت، كانت أول حاجة أعملها أرجع الشغل وبصراحة الشغل كان هو الحاجة الوحيدة اللي قدرت تخليني أخرج من حالة الضياع اللي كنت فيها، في البداية، كنت مرهقة عاطفيًا وجسديًا، لكن مع الوقت بدأ يخف الألم، كنت بفضل اطول وقت ممكن في الشغل علشان اول ما اروح البيت ملقيش وقت للذكريات الموجعة، و الأيام كانت بتمر، وكل يوم كنت بشوف نفسي أكتر وأنا بحاول أثبت إني اقدر أكون قوية زي ما قالت لي ماما.
في يوم وانا في الشركة لقيت نور دخلت عليا المكتب وكانت مبتسمة زي العادة وقالت لي: “شمس، عندي فكرة عظيمة… أنا عاملة عزومة على شرفك، و عزمت كل صحابنا، وصحابك من الشغل، وبصراحة بقي دي هتكون فرصة لينا نتجمع ونقضي وقت حلو سوا، وتخرجي يوم بقا من الشغل اللي غرقتي فيه ده”، ابتسمت، لكن بدأت اسألها:”عزومة؟… ليه بس يانور و عازمة ده كله ليه؟، وهتبقي فين ان شاء الله؟”، نور ردت بسرعة: “في مكان هتكوني مبسوطة فيه، خلينا نغير جو مع بعض وحياتي ياشمس، بكرا إجازة عند الكل، بصي انا هاجي اعدي عليكي يلا باي”، وعلى الرغم من إني مكنتش حابة اخرج و اكون في تجمعات إلا إني وافقت علشان متزعلش، وتاني يوم لقيت نور عدت عليا وخرجنا سوا، لما دخلت المكان، كان فخم وفيه جو حميمي، والناس الموجودة بدأت تتجمع، كنت قاعدة بهدوء، لكن نفسي مش مرتاحة، سلمت عليهم كلهم و وقفت بعيد، وفجأة، لقيت دكتور مصطفى داخل، قلت في نفسي:” اي اللي جابه ده؟!”، وبعدها لقيت نور واقفة جنبي، وقبل ما اقول لها أي حاجة، لقيتها قالت لي بصوت هادي: “شمس، علشان خاطري تعاملي كويس معاه!”، ردت عليها بنرفزة بحاول اداريها:” عزمتيه ليه يا نور … هو ماله”، ردت عليا:” عيب عليكي يا شمس والله ده أكتر واحد وقف جنبك في الفترة اللي فاتت، ميصحش كدا”، حسيت بشوية خجل، وقلبي ضرباته كانت سريعة، كنت متلبكة، ومش عارفة اعمل أي، وطبعاً مفيش أمل في إني أرفض أتكلم معاه أو أتجنب وجوده في المكان، ده المفروض جاي علشاني، اول ما وصل عندي ابتسمت وقلت: “أهلاً دكتور مصطفى”، هو ابتسم وقال لي: “أهلاً يا شمس، ازايك؟ عاملة اي دلوقتي؟”، وطبعاً فضل طول الوقت اللي كنا متجمعين فيه بيفتح اي حوارات معايا علشان اتكلم، ومنكرش أن في الاول كنت مش مستقبله الحوار، بس بعد وقت لقيتني بتفاعل معاه في الحديث.
مرت أسابيع بعد يوم العزومة، ودكتور مصطفى لسه بيقرب مني، كل كام يوم يسأل و يطمن عليا، يفتح احاديث عامة و يجرني للنقاش، وأنا كنت بتعامل معاه بشكل طبيعي، لكن جوايا كان فيه حاجات مش قادره أتصالح معاها، التصرفات، ايوا تصرفاته كانت بتدل على إنه مهتم بي أكثر من اللازم، لما حكيت ل ماما لقتيها متمنية إني اديله فرصة، وانا كالعادة كنت غير مستقبله ده، هو كان دايما بيراقبني عن كثب، ويتكلم معايا بكل لطافة، وأنا رغم إني مش حاسة بأي مشاعر، كنت مضطرة أتعامل معاه، علشان بس ماما متزعلش، ماما ونور كانو دايمًا بيشجعوني على التعامل مع دكتور مصطفى بشكل إيجابي، نور كانت بتقولي :” هو واضح في مشاعره، متحكميش عليه من البداية، اديله وادي لنفسك فرصة”، لكن جوايا كنت حاسة إني مش قادرة أفتح قلبي لأي حد، كنت خايفة يكون هو الشخص الغلط، كنت خايفة اسمح لنفسي أن أخوض تجربة زي دي.
مر حوالي شهرين، وأنا في نفس الموقف، دكتور مصطفى كان بيظهر اهتمامه الواضح، وأنا كنت مش قادرة أتعامل مع مشاعري، كان بيحاول يقرب مني في كل فرصة، وكنت بكتفي بالابتسامة أو الردود المختصرة، كنت بحس إني مُجبرة على التعامل معاه، وحقيقي بالرغم من كل الصراعات اللي كانت جوايا، حاولت أكون لطيفة، وكنت دايمًا بفتكر كلام ماما وبقول لنفسي: “هحاول، هكون قوية، ومش هسمح للماضي أن يحدد مستقبلي، هدي فرصة لنفسي علشان أعيش بسلام”.
مر الوقت وبدأت أتعامل مع دكتور مصطفى براحة أكثر، بدأت اتعود علي وجوده، وحقيقي كنت حابة وجوده في حياتي، لكن كصديق فقط، وهو صراحة كان ذكي في تعامله معايا، كان بيعرف يفتح نقاشات بينا تخليني اتعلق بوجوده اكتر، لكن كصديق بتشارك معاه الحديث، يعني زي نور كدا، وطبعاً ماما كانت عارفة كل حاجة، وفي يوم وانا قاعدة في اوضتي كالعادة لقيت ماما دخلت عليا وهي ماسكة كباية شاي، وقعدت جنبي بهدوء وبراءة وقالت بابتسامة هادئة:” شمس أنا عايزة اكلمك في موضوع كده “، هيئة ماما و طريقة كلامها خلاني انفجر في الضحك، كنت عارفة هي عايزة تقول، رديت عليها وقلت لها :” خير يا ماما في أي “، ردت عليا بعبوث طفولي:” بتضحكي علي اي، أنا بس كنت هسالك علي حاجة كدا “، رديت عليها بثقة وانا بغمز لها:” حاجة اي ايا ماما”، ردت عليا بهدوء :” ابدا، أنا بس يعني شايفة أن دكتور مصطفى كل شوية يتصل و يطمن عليكي، و بتتكلموا تقريبا كل يوم كدا يعني، وانتي يعني بسم الله ماشاء الله مبقتيش زي الاول بتزهقي لما بيكلمك، وبقتي بتبتسمي علطول، فأنا كنت حابة اطمن بس يعني مش اكتر”، رديت عليها وانا بضحك:” اطمني يا ماما، مفيش اي حاجة، احنا اصدقاء وبس”، ردت عليا بلهفة مضحكة:” حلو بداية كويسة جدا”، ضيقت عنيا وقلت لها بهدوء:” يا مااااما”، ردت عليا وهي ماسكة أيدي:”يابنتي هو انا بقولك تحبيه، ولا تعيشو قصة حب زي عنتر و عبلة، أنا بس عايزاكي تديله وتدي نفسك فرصة، وبعدين انتي عارفة كويس أن هو شايفك اكتر من صديقة”، اتنهدت وقلت لها وأنا باصة في الأرض:” عارفه يا ماما…. بس أنا مش عارفة اتعامل معاه كده، حاسة أن الموضوع اكبر مني”، ردت عليا بابتسامة مليانة ثقة:” ولا اكبر منك ولا حاجة، انتي بس جربي و اديله فرصة، والله مصطفي مفيش زيه، وبعدين مش عارفة تتعاملي ده عادي، انتي بس تعاملي بطبيعتك وكل حاجة هتمشي زي ما ربنا كاتب”، خلصت كلامها و خرجت، بس كلامها كان بيلف في دماغي، هو فعلا مصطفى مفيش زيه؟ طيب ليه حاسة أن جوايا لسه في حاجز كبير؟، ليه قلبي مش قادر يتفتح؟.
تاني يوم لقيت مصطفى بيعدي عليا في الشركة، قعد ولقيته طلع من جيبه علبة صغيرة وبيمدها لي، أنا بصيت له باستغراب وقلت: “إيه ده؟”رد بابتسامة هادية: “حاجة بسيطة، قلت يمكن تفرحك”، اتوترت شوية، مديت أيدي بتوتر واخدتها، فتحت العلبة لقيت جوة حاجة صغيرة كده، كانت سلسلة علي شكل نجمة بصيت له وقلت: “ليه يعني النجمة؟”رد بنفس الهدوء:
“عشان انتي دايما مضيئة في حياة كل اللي حواليكي، حتى لو إنتي مش شايفة ده”، كلامه خلاني مش عارفة أرد، فضلت ساكتة شوية وبعدين قلت له: “شكرًا، بس بلاش حاجات زي دي تاني”، هو ضحك وقال:”حاضر، لو ده هيخليكي تبقي مرتاحة”، ابتسمت بهدوء وقلت له بكل تأكيد:” أنا مرتاحة وأحنا صحاب”، ومع الوقت، مصطفى بدأ يظهر مشاعره بشكل واضح أكتر، كان دايمًا موجود حواليا، سواء في الشغل أو حتى في وقت فراغي، كان بيحاول يدخل حياتي خطوة خطوة، لكنه كان دايمًا بيعمل ده بطريقة هادية متضغطش عليا، كان دايمًا بيختار أبسط الطرق، اللي تبان عادية لكنها كانت مليانة رومانسية، وأنا كنت مش عارفة أتعامل مع ده.
وفي مرة تانية بعد الشغل، وأنا خارجة من الشركة متأخرة، لقيته واقف برة مستنيني، قربت منه وقلت باستغراب: “إنت أي اللي جابك هنا؟”، ابتسم بهدوء وقال:” انتي قلتي إنك هتتاخري، ولقيت الجو بيمطر، خفت متلقيش توصيلة”، أنا اتلخبطت شوية وقلت: “لأ عادي، عم محمد سواق عربية الشركة مستني وهيوصلني،” اعتذرت له بهدوء و مرضتش اركب معاه العربية، وروحت بعربية الشركة، وهو وقف لحد أما ركبت العربية و مشيت بالرغم من الدنيا كانت بتمطر جامد، كنت حاسة أن الموقف ده مش هيمر مرور الكرام، وهيأثر علي صداقتنا، بس ردة فعله صدمتني، اول ما وصلت البيت لقيته بيرن علشان يطمن عليا، كان بيتكلم وكأن مفيش حاجه حصلت، مصطفى كان ذكي، كان متفهم تركيبة شخصيتي، وتفهم أنا ليه مركبتش معاه العربية، قبل ما ينهي كلامه معايا لقيته بيسألني: “شمس، عمرك حسيتي إن حد موجود بس علشان يطمنك؟”، بصيت له باستغراب وقلت: “يعني إيه؟” ابتسم وقال:
“يعني حد وجوده لوحده يديكي إحساس بالأمان، حتى لو ما معملش حاجة”، أنا حسيت بكلامه دخل قلبي بس مقدرتش أعترف بده، فقلت بسرعة: “أنا مفكرتش في الاحساس ده قبل كدا يا دكتور مصطفى”، رد بهدوء وقال:
“وأنا مقلتش تفكري، أنا بس عايزك تبقي مرتاحة”، الكلام ده خلاني مش عارفة أرد، هو بيقول حاجات بسيطة، لكن طريقة كلامه كانت بتخليني مش عارفة أهرب، ومش عارفة أواجه كمان.
في يوم تاني، وأنا قاعدة في مكتبي، لقيت عامل من الشركة جايب لي بوكيه ورد صغير ومعاه كارت، الكارت كان مكتوب فيه: “خليكي مضيئة دايمًا زي النجمة اللي اخترتها ليكي”، أنا حطيت البوكيه على المكتب وفضلت أبص له شوية، وبعدين مسكت التليفون واتصلت بمصطفى، أول ما رد، قلت: “ليه الورد؟”
ضحك وقال: “مينفعش؟” قلتله: “قلتلك يا مصطفى قبل كدا أنا مش بحب الحاجات دي”
رد بهدوء: “يبقى لازم تتعودي، حياتك تستحق شوية ألوان، وشوية اهتمام، وأنا هنا علشان أعمل ده لو إنتي سمحتي لي”، قالها صريحة الكلام خلاني أتوه أكتر، أنا عمري ما اتعاملت مع حد بالشكل ده، الرومانسية دي شيئ غريب عليا، وأنا مش عارفة أميز هل أنا مرتاحة بيها ولا خايفة منها، وأنا خارجة من الشغل، لقيته واقف عند العربية بتاعته، ماسك كوبين شاي بلبن، أول ما شافني، مد لي واحد وقال بابتسامة: “قلت أجرب أعمل مشروبك المفضل بنفسي، وعارف إنك بتحبيه سكر زيادة، جربي وقولي لي رأيك”، أنا أخدتها منه، وكنت مش عارفة أقول إيه، شربت شوية، وبعدين بصيت له وقلت: “مقبولة”،ضحك وقال: “يعني مش ممتاز؟”، رديت بابتسامة خفيفة: “لسه محتاجة شوية تدريب”، هو كان عارف يخلي الأمور بسيطة، لكن الكلام اللي كان بيقوله كان بيوقعني في حيرة أكبر، بعد شوية وأنا ماشية جنبه، قال لي فجأة: “شمس، أنا عارف إنك مش متعودة على حد يهتم بيكي بالشكل ده، وعارف إنك بتخافي، بس أنا مش هطلب منك كتير، أنا عايزك بس تخليني موجود في حياتك بالطريقة اللي تريحيك”، الكلام ده خلاني أقف وأبص له و مكنتش عارفة أقول إيه، بعدين قلت له بهدوء: “أنا مش عارفة أتعامل مع تصرفاتك دي”، رد بنفس الابتسامة الهادية: “مش لازم تعرفي دلوقتي، اللي يهمني إنك متبعديش. خليكي هنا، وأنا هستنى”، قلت له بتأكيد:” بس أنت ممكن تمل”، رد وقالي بشجن:” مستحيل “، كل كلامه كان تقيل عليا، مصطفى كان صبور بشكل مخوفني جداً، كل تصرفاته كانت مليانة حب واهتمام، لكن أنا مكنتش قادرة أفتح باب مشاعري لأي حد.
فضلت ومواقفه تتكرر و ردة فعلي ثابتة، لما حكيت لماما فضلت تلومني وقالت لي: “شمس، الراجل ده بيحبك بجد، وإنتي مستمرة في الهروب، الرجالة مش زي بعض، جربي تدي نفسك فرصة!، علشان خاطري، نفسي افرح بيكي”، ويومها بليل كنت قاعدة في أوضتي عادي، وبفكر في كلام ماما، فجأة لقيت إشعار على الموبايل… رسالة صوتية من دكتور مصطفى، بصراحة اتوترت وأنا شايفة اسمه، كنت حاسة إن فيه حاجة غريبة، بس برضو فضلت مترددة شوية قبل ما أفتح الرسالة، ضغطت على التشغيل، وصوته ظهر كان واضح جدًا انه هادي لكن فيه تردد: “شمس… يمكن الكلام ده مفاجأة، ويمكن مش وقته، بس أنا مش قادر أكتم مشاعري أكتر من كده، أنا بحبك، ومش عايز أخبي ده عنك، فكرت كتير قبل ما أبعت الرسالة دي، وخفت أكون بضايقك، بس صدقيني أنا مكنتش هتبقي مرتاح لو مقولتش، أنا عايز أتقدملك رسمي… ومش مستني منك رد دلوقتي، كل اللي بطلبه إنك تفكري”.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير) اسم الرواية