رواية عيناك لي المرسى الفصل الثاني عشر والاخير 12 - بقلم حنين أحمد
الفصل الثاني عشر
والأخير
دلفت للغرفة بتردد لتجدها خالية فتنفست الصعداء وهي
تقول:"الحمد لله أما الحق بقى أجهز نفسي"
دلفت إلى الحمام المرفق بالغرفة واغتسلت ثم ارتدت
ثوبا أنيقا فلم تستطع أن ترتدي سواه من خجلها..
وما إن انتهت من تجهيز نفسها حتى وجدته يدلف إلى
الغرفة وما إن وجدها بهيأتها الجديدة حتى تجمّد مكانه
ولمعت عيناه ببريق قطّع أنفاسها ليقترب منها قائلا:
"هو انا بحلم وال انتي هنا فعلا؟!"
"نضال!"
هتفت بضعف ليقطع المسافة المتبقية سريعا وهو
يلتقطها بين ذراعيه ضامّا إياها بقوة وهو يقول:
"وأخيرا يا جويرية, أخيرا"
ضمّت نفسها إليه بقوة وهي تستنشق رائحته التي اشتاقتها
طويلا وهي تشعر أنها عادت لوطنها بعد طول عناء .
"بحبك"
توقفت أنفاسها وهي ترفع رأسها إليه تتساءل هل ما سمعته
كان حقيقة!
"بحبك اوي يا جويرية, بعشق كل حاجة فيكي,
تفاصيلك الصغيرة اللي حافظها.. عيونك وهي بتبصلي
وتقولي بحبك انت وهكون ليك"
حكّ رأسه بمرح وهو يقول:"كنت غبي اه, أعترف بس
صدّقيني كنت مرتبك جدا بالمشاعر اللي جوايا
كنت بحاول أقنع نفسي انك بنتي وأختي وبس"
"مش عايزة اتكلم في اللي حصل خلاص,
المهم انك معايا دلوقتي وبتحبني!"
قالتها وكأنها تسأله عن صحة ما قاله فهتف بحب:
"بحبك والله بحبك وطول حياتي كنت بحبك وهفضل
أحبك لآخر يوم في عمري"
"وانا كمان بحبك يا نضال, بحبك اوي.. اوعى تبعد
عني في يوم, اوعى تب...."
التهم باقي حروفها بقبلة أخذت الباقي من أنفاسها
فاستسلمت لعشقه الذي جرفها طويلا وكأنه لن يرتوي
منها أبدا .
****
دلف إلى الغرفة يشعر بالإزعاج.. كانت الرحلة كشهر
عسل اختصروه سابقا بأسبوع فقط فتحوّلت إلى
اجتماع الصديقتين وهو تم نسيانه تماما .
حتى معاذ يستمتع بالرحلة على الرغم أنه مازال بطور
التعارف مع دارين وهو ... المتزوج يشعر أنه عاد أعزبا من
جديد .
زفر بحنق وهو يستدير بعدما أغلق الباب خلفه ليتجمد
مكانه وهو يراها كما لم يرها من قبل!
"أنا مش مصدّق نفسي يا لمبي!"
هتف بها بتلقائية فضحكت برقة وهي تقول:
"كنت بعذّبك وال ايه؟!"
"أحلى عذاب والله يا قلبي, بس ايه اللي فكّرك بيا؟"
سألها وهو يقترب ببطء محاولا إلهائها بالحديث
يعلم أنها لو لاحظت ما تفعله ستحضر روح الشاويش
عطية على الفور وهو يريد الاستمتاع بهذه الهيئة
الرقيقة لأطول فترة ممكنة .
"عمري مانساك يا شامل, حد ينسى روحه؟!"
أغمض عينيه متأوها بحب:"آه ياقلبي, لا.. فعلا مش مصدّق
انتي شروق وال بدّلوكي بواحدة تانية؟!"
رفعت حاجبها بشر وهي تقول:"ليه إن شاء الله؟ هو انا
كنت وحشة قبل كده وفجأة احلوّيت؟! وال كنت
راجل وبقت ست؟!"
كان قد وصل إليها فجذبها فجأة لتقع بأحضانه
وهو يهمس لها:"حد يقدر يغلط في الحلاوة دي كلها
برضه؟ انا بس مستغرب انك راضية عليا يعني,
في العادة بتطلعي عيني وتحسسيني اني بغرغر بيكي
مش مراتي على سنة الله ورسوله"
ضحكت بخجل وهي تقول:"أعمل ايه بقى يا شامل! انت
عارفني بتكسف ومش بعرف أعبّر عن مشاعري كويس"
رفعت بصرها له وهي تقول بحب لم تخفيه يوما:
"انت مش بس جوزي يا شامل, انت حبيبي وسندي وحلم
عمري اللي ربنا كرمني وحققهولي.. انا عمري ما تمنيت
حاجة في حياتي أد ما اتمنيت أكون ليك..
اوعى في يوم تشك اني مش بحبك عشان مش بقول,
انت عارف اني مبعرفش اقول كلام حلو أو أدّلع زي
البنات بس بحبك.. والله العظيم بحبك اوي"
ضمّها له بقوة وهو يهمس:"عارف ياقلب وروح وعقل
شامل, عارف انك بتحبيني زي مانا بحبك.. حبنا
مش حب واحد وواحدة او واحدة وواحد, حبنا أكبر من
كده بكتير.. انتي وطني وسندي وعيلتي, فاهمك
أكتر ما فاهم نفسي.. وواثق فيكي وعارفك أكتر
من نفسي كمان"
رفع حاجبه بعبث وهو يقول:"مش ياللا بقى.."
رمقته بعدم فهم وهي تقول:"ياللا ايه؟!"
ضحك على براءتها وهو يقول:"يعني لابسة ومزبّطة
نفسك وطافية النور وانا وانتي لوحدنا والشيطان تالتنا
هيكون ياللا ايه بس؟ نلعب ماتش كورة؟!"
شهقت بخجل:"شامل!"
غمزها بعبث وهو يقول:"أحلى ليلة دي وال ايه؟" .
****
أحبته وتعلقت به, تحمّلت منه الكثير.. ظنت أنه
الحب ولكن عندما عرفت الحب الحقيقى اكتشفت ان
ما عاشته قبلا محض سراب!
أنهت مكالمتها الطويلة مع والدتها وهي تبتسم براحة
حكت لها عن معاذ وعن محادثاتهما معا بوجود شروق
وشامل لتكتشف أن معاذ قد قابل والدها قبل صعوده
على متن الباخرة بفترة وأخذ منه الإذن للحديث معها
بوجود شامل وشروق وبالطبع كونه صديق مقرّب ل شامل
جعل والده يطمئن له ويثق به مثلما يثق بشامل .
ابتسمت برقة وهي تفكر.. على الرغم أنها لم تعرفه
سوى منذ فترة قصيرة إلا أنها تشعر معه براحة كبيرة
تجعلها تشعر أنها تعرفه منذ سنوات.. أما عن نبضاتها
التي تقرع داخلها بدوى رهيب كلما رأته جعلتها تشعر
أن كا ما سبق لم يكن حبا أبدا.. بل هو محض إعجاب
بشخص حقا لا تفهم حاليا كيف حاز إعجابها؟!
هل كانت سطحية لهذا الحد؟! إنه حتى غير وسيم أو
له مركز مميز او أي شيء قد يجذبها له هذا بجانب
شخصيته الغريبة المتقلبة والأنانية وكأنه يعاني من
مرض الفصام!
قاطع تفكيرها صوت وصول رسالة على تطبيق
(الواتس آب) ففتحتها لتجدها من رقم غريب غير
مسجّل لديها, عادت لها ذكرى آخر مرة استلمت
بها رسالة من رقم غريب وعلى الرغم من صدمتها
وقتها إلا أنها بكل غباء لم تحل الخطبة وفكرت
بالحصول على تبرير منه لهذه الصور.. ولكنها لم تستطع
فقد حلّ هو الخطبة وألقاها ككم مهمل لا قيمة له!
زفرت بقوة لتخرج الشحنة السلبية التي تلبستها
بتذكرها ما حدث وتفتح الرسالة لتكتشف أنه أسامة!
عقدت حاجبيها وهي تقرأ الكلام ولا تفهم منه شيئا..
(بالسرعة دي اتخطبتي يا دارين؟ يعني كنتي بتخدعيني
وانتي تعرفي واحد تاني؟ ماهو مش معقولة يعني اتعرفتي
عليه في الفترة القصيرة دي واتخطبتيله كمان؟
وياترى بقى خطيبك المبجل عارف الماضي بتاعك
معايا؟ وال خبّيتي عنه كل حاجة عني؟!
بس اللي محيّرني هو مين؟!
بس هحتار ليه أكيد واحد فاشل اللي يبص لواحدة
مالهاش شخصية زيك وكل حاجة حاضر ونعم..
وأنا متأكد انك جريتي وراه زي ماجريتي ورايا,
ولولا انا اللي بعدت عنك كنتي هتفضلي طول عمرك
بتجري ورايا وتطارديني بحبك العبيط ...)
لم تستطع القراءة أكثر وهي تضغط تترك الهاتف
يسقط من بيد يديها وهي تشعر بالصدمة تجتاح كيانها!
ماذا فعلت له حتى يكرهها بهذا الشكل؟! وأي فترة
قصيرة هذا الأحمق؟! لقد انفصلا منذ ما يزيد عن
السنتين؟! أم أن التقويم لديه لا يعمل كعقله!
إنه حقا إنسان غير سوي كما قالت شروق من قبل وتحمد
الله أنه خلّصها منه على خير قبل أن تتورّط به أكثر,
ربما تبعث برسالة شكر خاصة لوالدته لأنها السبب
بحلّ الخطبة .
زفرة طويلة خرجت منها لتنتبه إلى من التقط هاتفها
ولفتت نظره الرسالة فقرأها مصدوما من كم الحقد بها,
من بعثها حقا غير سوي!
لقد أخبره والدها عن تجربتها السابقة وأنها تعذّبت
كثيرا بسبب طيبة قلبها ونقائها واستغلها ذاك الوغد
ثم تركها بقسوة جعلتها تتعرّض لصدمة..
وبالطبع لم يعرف بالتفاصيل وحقا لم يهتم إلا أنه لدى
رؤيته الرسالة قرّر أنه سيلقّن ذاك الوغد درسا قاسيا
حلما تحط قدمه على أرض اليابس بمصر من جديد..
أما الآن فليستمتع برحلته مع حبيبته التي احتلت قلبه
منذ تلاقت عيناهما.. بل أحيانا يشعر أن روحها تقابلت
مع روحه واحتلتها منذ الأزل .
"طبعا سرحانة فيا واوعي تنكري"
ضحكت عاليا وهي تقول:"مفيش فايدة فيك,
مش هتتغير أبدا"
غمزها بمرح:"طب بالله عليكي انتي عايزاني اتغيّر وال
بتموتي فيا كده زي مانا؟!"
أشاحت وجهها بخجل وقلبها ينبض هاتفا اسمه بحب لم
تفهم حتى متى تسلل لقلبها بهذه السرعة! فهمس لها
بوعد عاشق:
"في يوم من الأيام هسمعها منك واضحة وصريحة
ووقتها هحس اني ملكت النجوم بين إيديا" .
****
تائهة أنا ببحر بلا شطآن..
أبحث عمّن ينتشلني من التيه الذي يكاد يبتلعني
بأعماقه المظلمة...
وفجأة.. التقت عيناي بعيناكَ فارتعش قلبي بين ضلوعي
وهفت روحي إليكَ توّاقة للمزيد..
المزيد من روحك وقلبك..
المزيد من حنوّك ومرحك..
وأيقنت يومها أنك قدري الذي انتظرته طويلا,
وأن حضنك هو موطني ..
أما عيناكَ فهي لي المَرسى!
وإلى اللقاء بالختام إن أراد الله مع نوفيلا:
وأسدلت أهدابها
كلمة الكاتبة
إلى كل فتاة تحلم بالحب والفارس الذي سيذيقها
من صنوف الحب ألوانا شتّى..
أحسِني اختيار الفارس حتى لا ينقلب السحر على الساحر
ويصبح الحب محض إهانة وتجريح وتنازل تلو الآخر,
فتاتي العزيزة..
تزوجي رجلا يزلزل عالمكِ بأكلمه برجولته, ونخوته
رجل يعلم جيدا كيف يسعدكِ وقت حزنكِ
وكيف يحتويكِ وقت ألمكِ..
رجل يهتم بتفاصيلك الصغيرة التي ربما أنتِ نفسك
لا تلاحظيها..
رجل يعرفك ككف يده
ويعشقك كعشقه لوالدته
ويخلص لكِ كإخلاصه لوطنه
رجل يكون لكِ السند وقت سقوطك
رجل يمسح دموعكِ لا يتسبب بسقوطها
رجل حضنه وطن,
وقلبه سكن,
وابتسامته مودة ورحمة .
مع تحياتي حنين أحمد (ياسمين)
- يتبع الفصل كاملا اضغط هنا ملحوظة اكتب في جوجل "عيناك لي المرسى دليل الروايات" لكي يظهر لك الفصل كاملا
- يتبع الفصل التالي اضغط على (عيناك لي المرسى) اسم الرواية