Ads by Google X

رواية جبل النار الفصل الثالث عشر 13 - بقلم راينا الخولي

الصفحة الرئيسية

 رواية جبل النار الفصل الثالث عشر 13 - بقلم راينا الخولي

جبل النار 
رانيا الخولي 
الثالث عشر 
………….

أغمض عينيه مستسلماً واخر ما رأته عيناه فريق الانقاذ الذي قفز مسرعًا يتقدم منه قبل أن يستسلم لذلك الالم الذي ذبح صدره.

اصوات صاخبة من حوله تنادي باسمه ودقات قلب غير رتيبة وتنفس يمزع رئتيه
ثم انتهى كل شيء من حوله
مر وقت لم يعرف كم ولا أين هو

فقط يرمش بعينيه قبل ان يفتحها وهو يشعر بألم شديد في صدره
حاول تحريك يديه لكن يد أخرى منعته
_متحركش ايدك.
تطلع بوهن لصاحب الصوت والذي لم يكن سوى يحيى أغمض عينيه بألم شديد ووضع يده موضع الألم وهو يتمتم بوهن
_حاسس بألم شديد أوي في صدري.
ربت يحيى على يده 
_الحمد لله عدت على خير المهم إنك كويس دلوقت، انا مرضتش اتصل على عمك عشان ميقلقش.
حاول داغر النهوض لكن يحيى منعه
_يا ابني بلاش تتحرك الحركة غلط عليك.
عاد لوضعه وقد لاحظ أنه ليس بالسفينة 
_أنا فين؟
رد يحيى بصبو 
_إنت في المستشفى، حالتك كانت صعبة أوي ونقلناك على مستشفى في مدريد بس الحمد لله الدكتور طمنا وبقيت أحسن.
ردد الاسم قائلاً 
_مدريد! ليه هو ايه اللي وصلني لي كدة؟
رفع يحيى حاجبيه مندهشاً
_انت بتسأل؟ يا ابني انت كنت نازل البحر زي اللي نازل ترعة ولولا الكاميرا اللي كانت مرقباك كان زمانك خلصت فيها من غير ما نحس.
تذكر داغر ما حدث معه وأولهم الحقيبة فقال مسرعًا وهو يتحسس موضعها
_كان في شنطة….
قاطعه يحيى 
_موجودة متقلقش، لما خرجناك من المياه كنت داخل على ذبحة صدرية ولولا الدكتور كان معانا واسعفك كان زمانا بنصلي عليك والشنطة جبتها معايا في الشنط بتاعتنا لأن كان لازم ننقلك مستشفى.
أومأ له داغر وتمتم بضعف
_متشكر أوي.
ربت يحيى على كتفه وقال بصدق
_متقولش كدة احنا اخوات، ارتاح شوية ولما تفوق كلم عمك..غمز بعينيه….وأسيل عشان ميقلقوش عليك.
ابتسم داغر على مزاحه وسأله
_انا بقالي هنا اد ايه؟
_يومين بس بصراحة عايزك تطول على اد ما تقدر البنات هنا ايه…عض على شفته وهو يقول بمزاح….مزز يا داغر يا اخويا.
تألم داغر من الضحك وقال 
_شكلي في مرة هسجلك وابعته لدينا خليها تنفخك.
_لا دينا دي بؤ على الفاضي
المهم نام شوية وانا كمان ارتاح لأني منمتش من وقت اللي حصل.
أشار للفون بجانبه
_الفون جانبك لو احتاجت أي حاجة كلمني.
اومأ داغر وخرج يحيى مغلقاً الباب خلفه
تطلع إلى الهاتف وفكر بالاتصال بها، لكنه اكتفى بإرسال رسالة يطمئنها فيها كي لا تسمع صوته المتعب وتقلق عليه.

❈-❈-❈

في اليوم التالي
محاولات كثيرة منها كي تصل إليه لكن لا فائدة، فقط رسالة مقتصرة فقط
هل غضب منها لأنها لم ترد عليه ولهذا يعاقبها؟
فقد مر يومين ولم يحاول الاتصال بها وترك هاتفه قيد الإغلاق.
أجلت سفرها لحين عودته وتحملت تلك الغرفة التي حكم عليها بالحبس داخل جدرانها.
لا تريد أن تذهب إلى هناك دونه.
دلفت أمينة الغرفة فتجدها منزوية في فراشها  بصمت
تقدمت منها تسألها
_هتفضلي كدة كتير؟
ردت دون النظر إليها 
_عايزاني اعمل ايه؟
_مش كنتي بتقولي عايزة أسافر اسكندرية وسليم وافق؟ ايه اللي خلاكي غيرتي رأيك؟
ردت أسيل بقلق
_مش عارفة داغر ليه فونه مقفول، وقلبي شاغلني عليه.
تنهدت أمينة بيأس منها وقالت 
_أنا مش عارفة جبتي التهور ده منين، دا انا كنت بحاول اقنعك يكون ليكِ أصحاب وانتِ اللي تقولي لأ وتخافي، ليه قلبك جمد مرة واحدة كدة.
اعتدلت في رقدتها وقالت بحزن
_مجمدش ولا حاجة بس انا فعلاً مبقتش قادرة اتحمل الحياة دي، تعبت من الوحدة والخوف اللي عايشة فيهم.
_عايزة تفهميني إن ده السبب الوحيد؟
تنهدت بتعب وهي تقول
_لأ مش ده السبب، السبب الأساسي هو إني 
حبيته يا دادة، كل يوم بيعدي بيخليني اتعلق بيه عن اللي قبله، مستعدة ارمي نفسي في النار عشانه، هو الوحيد اللي حسسني بحبه واهتمامه حتى لما بيبعد عني بحس باهتمامه برضه…تطلعت إلى أمينة وتابعت…..داغر يستحق فعلاً إني أجازف عشانه.
_طيب انا معاكي في كل ده، بس ليه مفكرش يتقدملك؟
قطبت جبينها بدهشة 
_بالسرعة دي؟ احنا حتى لسة بنتعرف.
ردت أمينة بعقل
_طالما في حب وفيه قبول ايه اللي يمنع؟
_مش عارفة بس انا مينفعش اكلمه في حاجة زي دي.
_انا مش بقولك كلميه بس برضه لازم يكون في حدود للعلاقة دي ومتستمرش اكتر من كدة.
أومأت أسيل بتفاهم
_عندك حق.
_هروح اجيب الغدا ونتغدى انا وانتِ.
اومأت لها وخرجت أمينة لتعود أسيل لانزوائها  الذي لم يدوم طويلاً عندما فتح الباب ودخلت شاهي ناظرة إليها بتشفي
_ازيك يا سيلا.
قلبت أسيل عينيها بضجر واعتدلت في فراشها قائلة
_الله يسلمك، خير.
رفعت شاهي حاجبيها وهي تتقدم منها وصوت حذاءها العالي يكاد يصيب أسيل بالصم
_كل خير يا حبيبتي اطمني، أنا بس جاية اطمن عليكِ وبالمرة اعرف منك عملتي ايه مع حبيب القلب.
قطبت جبينها بدهشة وسألتها بتوجس 
_حبيب قلب مين اللي بتتكلمي عنه ده؟
رمقتها بسخرية وهي تميل عليها لتقرب وجهها من وجه أسيل وقالت بشر
_أوعى تكوني فاكرة إني نايمة على وداني ومش مراقبة كل تحركاتك ولا اليومين اللي عيشتيهم معاه على السفينة أو…..
التزمت الصمت قليلًا كي تتلاعب بها ثم قالت بمراوغة
_أو مجيه هنا قدام البيت يستناكي تحني عليه وتطلعيله.
انقبض قلب أسيل وظهر الخوف واضحًا عليها لكن شاهي طمئنتها قائلة
_انا كل ده ميهمنيش ولا هستفاد حاجة لو قلت لأبوكِ، كل اللي عوزاة تبعدي عن البيت ده لأنه من حقي أنا لوحدي.
البيت ده كان ملك لأبويا وحتى الشركة بس جدك ضحك عليه وخسره كل حاجة ويادوب سابله اسهم بسيطة في شركته بعد ما أخد كل حاجة 
تابعت من بين أسنانها
_بس أنا رفضت استسلم زي أخويا ما عمل ووقفت وحاربت لحد ما خليته يطلق امك ويتجوزني …رفعت حاجبيها وهي تسألها بخبث…
عارفة عملت ايه؟
كانت اسيل تستمع إليها بصدمة وخاصة عندما تابعت 
_مضيته من غير ما يحس على تنازل عن الشركة وسجلتها باسمي مظنش ينفع اخد أكتر من كدة لأنه وقتها هيحس أنه خسر كل حاجة وممكن وقتها يقتـ.ـلني فكان لازم أسيب حاجة يخاف عليها وكله هيرجع بالتراضي وأولهم إني اضغط عليه بالشركة وإنه يكون تحت أمري.
ازدردت أسيل لعابها بخوف من تلك المرأة وسألتها 
_ليه جاية تقولي ليا الكلام ده؟
عادت شاهي لهدوءها وهي تعتدل قائلة
_لأنك عمرك ما كنتي تهديد ليا غير بالشبه اللي بينك وبين أمك، وصراحة مش عايزة غير أنكم تخرجوا من حياته عشان ميكنش له ضهر يتسند عليه، افهمي اللي بين السطور ووقتها هتلاقيني أول واحدة بدعمك.
خرجت من الغرفة صافقة الباب خلفها بعنف
تاركة أسيل في صدمة كبيرة.

❈-❈-❈

دلف داغر الغرفة بمساعدة يحيى وقد أصر على ترك المشفى بعد ان طمئنه الطبيب 
استلقى على الفراش بتعب وقال يحيى 
_يا ابني كنت استنيت يومين كمان اتأكدنا أكتر.
رد داغر بملل
_مش بحب جو المستشفيات ده لو فضلت كنت هتعب أكتر، وبعدين لازم اتصل على عمي واطمنه زمانه قلقان عليا.
_عمك برضه؟ ماشي يا سيدي انا هسيبك شوية لحد ما تطمن عمك وراجعلك.
سأله داغر
_المهم عملت اللي قولتلك عليه؟
_اه بلغتهم زي ما قولتلي وحددتلهم المكان حتى عرفتهم انك انت اللي اكتشفتها.
اومأ له
ثم خرج يحيى واتصل على عمه يطمئنه
_ازيك يا عمي.
رد خليل باستنكار 
_يادوبك افتكرت ان لك عم تسأل عليه قافل الفون ليه؟
حاول داغر ان يبدو صوته ثابتًا 
_مكنش مقفول ولا حاجة بس كنت مشغول، وبعدين مالك داخل عليا بالحامي كدة يا سيادة المستشار.

_أصلك كنت بتقرفني كل يوم باتصالك( تابع متهكماً) عامل ايه؟ وصحتك اخبارها ايه؟ والوش ده كله فلما تغيب كدة يبقى البنت اخدتك مني
_لاا بقولك ايه يا كبير مش من اولها هنبدأها شغل حموات اهدي كدة لأني بفكر الأجازة الجاية هخليك تخطبهالي.
_أخطبها ازاي وانا معرفش شكلها لحد دلوقت، وبعدين ليه حاسس من كلامك انكم هتعيشوا معايا؟

_اومال ايه يا كبير هسافر واسيبها لوحدها متخافش انا على قلبك ومش هتعرف تخلص مني.
_معنى كدة انك برضه هتمشورني وراك من القاهرة لاسكندرية.
انتبه داغر لقول عمه
والذي لم ينتبه له من قبل
فعمه بحكم عمله يبقى بالقاهرة ولا يذهب للإسكندرية إلا وقت أجازته والتي تماثل اجازة داغر 
ماذا سيفعل بعد الزواج
هو لا يحب حياة القاهرة ويفضل العيشة بجوار البحر
ولن يستطيع تركها وحيدة اثناء غيابه هو وعمه.
_داغر انت روحت فين؟
انتبه لصوت عمه 
_معاك يا عمي بس بصراحة مفكرتش في حاجة زي دي.
تحدث خليل بحكمة
_لا يا داغر لازم تفكر في كل كبيرة وصغيرة في موضوع الجواز بالذات، وخصوصاً انك بتغيب فترة طويلة ومش هتفضل مطلع عينها زيي من هنا لهنا.
تنهد داغر ورد بتيهة
_هتكلم معها في الموضوع ده وهنشوف حل.
أغلق داغر الهاتف وظل ينظر للأفق البعيد أمامه يفكر في ظروف عمله
فهو يتطلب منه السفر دائمًا وربما مع الوقت لن تقبل بتلك الحياة 
وهو أيضاً لن يوافق على غيره بديلًا

لابد ان يتناقش معها في هذا الأمر لكن ليس الآن 
عليه ان يتأكد من مشاعرها تجاهه أولًا 

أغلق مع عمه ثم اتصل عليها 
لم تصدق أسيل عينيها وهي ترى اتصاله
دلفت المرحاض كي تغسل وجهها كي لا يلاحظ عليها شيء
ثم عادت إلى الهاتف لتجيب عليه، تريد أن تشعر بالحب والأمان الذي تفتقده ويستطيع هو ببراعة أن يعوضها عن فقدانه
ظهر على الشاشة أمامها فتتبدل ملامحه المندهشة حينما رآى عيونها الذابلة وسألها بقلق
_حبيبتي انتي كويسة؟
حاولت أسيل التظاهر بالابتسام كي لا يشك بشيء 
_امم كويسة بس كنت نايمة.
لم يصدق داغر لكنه لا يريد الضغط عليها، هي دائمًا شديدة الحرص من ان يعرف شيئاً عن حياتها داخل منزلها لذلك تركها كما تريد 
فقال بشغف
_وحشتيني أوي.
حاولت التجاوب معه فترد بابتسامة لم تخفي مدى حزنها
_وانت كمان يا داغر وحشتني أوي.
_هانت يا عمري بكرة هكون في اسكندرية
اندهشت أسيل وسألته بشك
_بس انت قولتلي إن السفرية دي ١٥يوم.
داغر انت كويس؟
ابتسم يطمئنها 
_اه كويس متقلقيش، دور برد مش أكتر.
لم يرتاح قلبها لكنها طمئنت نفسها بأنها ستراه غدًا فقال داغر
_استنيني بكرة في المينا عايز اشوفك أول ما أوصل.
_هحاول.
المهم نزلت البحر؟
استلقى داغر على فراشه ورد بحبور
_أكيد.
_وطلعت بأيه؟
لاوع داغر 
_مش هتكون ببلاش لأنها المرة دي تقيلة أوي.
زمت فمها بغيظ 
_يعني هتاخد مني مقابل.
أكد داغر بثقة
_اه طبعًا الأولى كانت ربط اتفاقية بس بعد كدة هيكون بمقابل.
_وأيه هيكون المقابل؟
غمز لها داغر وهو يقول بمكر
_ انا مش هطمع، يعني حضن ماشي بوسة….
قاطعته أسيل بغلق الهاتف في وجهه مما جعله يضحك على فعلتها
أعاد الاتصال بها لكنها لم تجيبه
فقام بارسال رسالة لها
"ايه يا قلبي قفلتي ليه؟"
فتحت الرسالة لتقرأ محتواها ثم ردت 
"هتقول كلام من ده هقفل ومش هكلمك تاني" 
"ايه اللي قولته يزعلك يا قمري" 
"شوف انت قولت ايه"
"مش فاكر الصراحة بس ممكن تفكريني عادي، أصل أنا من وقت ما عرفتك وبقيت بنسى انا مين، يلا بقا عرفيني انا قلت ايه"
أغلقت أسيل الهاتف وألقته على الفراش
فلن تستطيع مجابهة ذلك الملاوع 
تنهدت أسيل براحة ثم نظرت للهاتف بغيظ وقامت بغلقه مرة اخرى
لم يكف عن ذلك وظل يتصل حتى أجابته
_وبعدين معاك لما اكنسل أفهم إن في حد معايا.
_وانتي متعلقنيش بيكي والاخر تقفلي.
_اقفل ايه؟ داغر احنا يعتبر بنشوف بعض طول الوقت وصلت انك بتكلمني وانت في قلب المايه.
_مش انتي اللي طلبتي تشوفي البحر وقت العاصفة؟
تذكرت أسيل ذلك الوقت وكم شعرت بالخوف عليه وهو يحدثها من بين تلك الامواج العاتية وقالت برجاء
_أرجوك يا داغر بلاش تعمل كدة تاني، انا كنت هموت من القلق عليك.
تذكر ما حدث له وكيف كان على وشك الموت وتمتم بوله 
_متخافيش يا عمري وبعدين بيقولك عمر الشقي بقي ولا بيقولوها ازاي.
انقبض قلبها خوفًا وقالت باندفاع
_بعد الشر عليك انت لو جرالك حاجة ممكن اموت فيها.
ابتسم داغر بحب
_اطمني متخافيش عليا وبعدين متحسسنيش إني عيل صغير.
_محسسني إن عندك خمسين سنة.

_انا فعلا مش صغير، تقدري تقولي كدة٣٣ سنة. 
استندت بمرفقها على الوسادة وقالت بحيرة
_تصدق مكنتش اعرف عمرك اد ايه ولا فكرت اسألك…. ابتسمت بحزن وتابعت…… يمكن لأن العمر بالنسبالي بيتعد باللحظات السعيدة.
لم يحتاج داغر لفطنة كي يعرف مدى المعاناة التي عاشتها حبيبته في حياتها واقسم لنفسه في تلك اللحظة أن يعوضها عن كل ذلك 
فقال بولع
_يبقى كدة نحسب عمرنا من الساعة اللي اتقابلنا فيها لأن السعادة معرفتش طريقها لقلبي الا وقت ما شوفتك واقفة على سور السفينة 
متعرفيش انتي لفتي نظري اد ايه.
رمشت بأهدابها من لوعة كلماته التي خطفت قلبها وخاصة عندما تابع بكل ما يحمله من عشق
_أسيل أنا بحبك، من وقت ما دخلتي حياتي وانا حاسس إن بقى ليها معنى، الأجازة بالنسبة ليا مكنش ليها دافع، والشخص الوحيد اللي كان بيجبرني ارجع عشانه هو عمي، إنما دلوقت مبقتش عايز أسافر ولا أبعد عنك لحظة واحدة.
دق قلبها بعنف اثر تلك النسائم التي هبت من هاتفها حتى شعرت بأنها داخل حلم جميل لا تريد الاستيقاظ منه
_أسيل انتي معايا؟
لم تريد أسيل سماع المزيد يكفى اثر تلك الكلمات على قلبها البض فلن يتحمل سماع المزيد من شهد ذلك العشق
أغلقت الهاتف ووضعته تحت الوسادة واستلقت على الفراش 

❈-❈-❈

سافرت أسيل إلى الإسكندرية كما طلب منها 
وقد تركها حسين بعد تعليمات صارمة أجبرها عليها
لم تجعل فرحتها تبالي به كل ما يهمها أنها ستذهب إليه ليعوضها عن تلك القسوة التي تعيشها في هذا المنزل

ترجل داغر من السفينة وقد ظهر الوجوم واضحًا عليه
فمنذ الأمس ولم تجيب اتصاله
بعث إليها رسالة يخبرها بموعد عودته لكنها شاهدتها دون أن تجيبه
ماذا حدث جعلها ترفض محادثته
توقفت قدماه على بوابة الميناء عندما وقع نظره عليها وهي مستندة بظهرها على سيارته بملابسها التي لا تتغير
بنطال وبلوزة صوفية لكنها تلك المرة أضافت القلنسوة الخاصة به والتي اهداها لها على اليخت.
وأخفت عينيها الآسرة خلف نظارة شمسية لم تستطيع حجبها عنه
تقدم منها وهو يخطو إليها بتروي مؤخوذًا بسرحها الذي اسقطه صريعًا لهواها
خلع نظارته الشمسية ودنى منها ومع كل خطوة تقربه منها تجعل قلبه يهدر بقوة 
تقابلت نظراتهم على نهج الاشتياق ولما لا وقد التاعت القلوب بذلك الفراق المتكرر
توقفت قدماه امامها ورمقها بعينيه التي تلتهم محياها وهو يرفع يده ليخلع عنها نظارتها قائلاً 
_حد قالك قبل كدة انك زي القمر؟
رمشت أسيل بأهدابها وقد أخذ قلبها بسحر عينيه فهزت رأسها بنفي وهي تتمتم بخجل
_لأ.
تمتم بحب
_طيب من النهاردة هتسمعيها كل دقيقة وكل ثانية
اغمضت عينيها بخجل وابتسامة مشرقة اشرقت روحه وتمتمت بخجل
_حمد لله على السلامة.
رفع حاجبيه بمكر
_بس كدة؟ مفيش حضن مفيش وحشتني موت والكلام اللي بنشوفه في الافلام ده.
هزت كتفيها بلؤم
_اديك قلت كلام افلام.
ازدادت كلماته مكر وهو يتمتم
_طيب ماتيجي نمثل اتنين متجوزين بيستقبلوا بعض بعد غياب.
شهقت أسيل بعدم استيعاب لما قاله 
_تصدق انا غلطانة إني وافقتك
همت بالانصراف لكنه جذب ذراعها وهو يقول برفق 
_اهدي ياقلبي انا قصدي شريف انتي اللي ديمًا بتحدفي شمال.
رفعت اصباعها بتهديد أمام وجهه
_مفيش كلام من ده تاني فاهم ولا لأ؟
نظر إلى اصبعها وتظاهر بالغضب قائلاً 
_ده تهديد ولا تحذير.
أشارت باصبعيها
_الاتنين.
تحول تظاهره بالغضب إلى استسلام 
_ان كان كدة ماشي.
ضحك الاثنين وسألها داغر بعتاب
_ليه مقولتيش انك جاية؟
ازداد خجلها وهي تقول 
_حبيت اعملها مفاجأة.
رمقتها عيناه بعشق جارف وتمتم بوله 
_وحشتيني اوي.
اهتزت نظراتها من تلك الكلمات التي تلامس صدقها قلبها وردت بتلقائية خرجت من حبها له
_وانت كمان وحشتني.
رفع حاجبيه متسائلاً 
_بس كدة؟
أومأت له ثم تحدثت بتحذير مرح
_اوعى تنتظر أكتر من كدة.
_لأ أنا راضي بالكلمة دي، يلا بقى اركبي عشان أوصلك.
ارتبكت أسيل وقالت بوجل
_مش هينفع.
قطب جبينه بحيرة 
_ليه؟
اهتزت نظراتها وغمغمت باحراج 
_في حراسة موجودة حوالين الفيلا ولو حد شافني نازلة من عربيتك هيقول لبابا.
استاء داغر من الأمر لكن لا يريد ان يكون سبباً في أي مشكلة لها فقال مقترحًا
_طيب خلينا ندخل نتكلم في العربية، في حاجات عايز أخد رأيك فيها.
_معلش خليها وقت تاني لأن بابا ممكن يرن في اي وقت 
وقف ينظر إليها بحيرة وهي تشير إلى سيارة اجرة بعد أن اعادت النظارة إلى عينيها وكأنها تتخفى.
لا يعرف طبيعة حياتها داخل منزل والدها لكن كل ما يراه يؤكد بأن ما تمر به تلك الفتاة سلسلة من العذاب.
استقل سيارته وعاد إلى منزله على أمل بلقاء آخر معها.

❈-❈-❈

عادت أسيل مسرعة من الباب الخلفي حيث تنتظرها أمينة بقلق وقالت بتعنيف
_أتاخرتي كدة ليه، حسين بيه اتصل دلوقت وقولتله إنك في الحمام.
دلفت أسيل مسرعة وهي تقول بوجل
_انا مكملتش نص ساعة ومتخيلتش انه هيتصل بدري كدة
اتصلت أسيل عليه كي تؤكد وجودها على الهاتف الأرضي 
فقد وافق بصعوبة على مجيئها ولأنها مازالت معاقبة حذرها من الخروج
اغلق حسين الهاتف ووضعه على مكتبه إثر دخول شاهي وهي تحمل ملف بيدها
 
تقدمت منه لتضع الملف أمامه وقالت بعملية
_امضي على العقود بتاعت الصفقة الجديدة عشان نبعتها على الفاكس.
اخذ الملف من يدها وقام بالتأكد منه قبل امضاءه وذلك ما يجعل شاهي تشعر بالحنق منه
فكل خططها حاليًا تبوء بالفشل بسبب عدم ثقته بها بعد ما حدث
انهى امضاءه وقدمه لها قائلاً 
_اتفضلي ابعتيه دلوقت لأن المفروض كان اتبعت بدري عن كدة
ضغطت شاهي على الزر فتدلف مديرة مكتبه وهي تقول باحترام
_تحت أمرك يا فندم.
أشارت لها شاهي بأخذ الملف وهي تقول بأمر
_خدي الملف ووصليه بنفسك لمصطفى عشان يبعته فاكس بسرعة 
أومأت الفتاة وخرجت من المكتب
وهنا التفتت إليه شاهي وهي تقول بمكر
_ايه رأيك يا حبيبي نسافر اسكندرية بكرة؟
عاد حسين بظهره للوراء وهو ينظر إليها بنفس فتوره المعتاد
_مش كفاية سفر ولا ايه؟ احنا لسة راجعين من أمريكا.
جلست على حافة المكتب امامه وقالت بدهاء
_يا حبيبي دي كانت رحلة عمل انا بتكلم عن يومين نقضيهم بعيد عن الشغل، يومين بس مش أكتر.
تلاعبت برابطة عنقه في محاولة منها لأقناعه وتمتمت بخبث
_وبعدين انا حاسة بالذنب إني كنت السبب في زعل أسيل وبصراحة عايزة اروح أراضيها
نروح بكرة الخميس ونرجع الجمعة اخر النهار مع أسيل ها قلت ايه؟
تنهد حسين ووافق مجبرًا كي يعرف ما تود الوصول إليه 
خرجت شاهي من المكتب وابتسامة خبيثة مرتسمة على فمها
دلفت مكتبها وتناولت هاتفها لتعيد الاتصال بذلك الرقم وقالت عندما أجابها
_عملت ايه؟
_لسة راجعة من شوية بس لسة معرفتش طبيعة علاقتهم .
_تمام خلي عيونك عليها ووقت ما تعرف إنها خرجت ترن عليا فورًا
اغلقت الهاتف وألقته على المكتب امامها وهي تتمتم بغل
_نهايتك قربت يا بنت ليندا إن ما خليته يرميكي في الشارع زي ما رمى امك مبقاش انا شاهي.
…………


 •تابع الفصل التالي "رواية جبل النار" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent