Ads by Google X

رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الثالث عشر 13 - بقلم شمس حسين

الصفحة الرئيسية

  

 رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الثالث عشر 13 - بقلم شمس حسين


موافقة مشروطة
سمعت الريكورد اللي بعته مصطفى واتصدمت، حسيت إن الدنيا كلها وقفت قدامي كالعادة، برضو لسه مش قادرة أستوعب الموضوع، مش هقدر أنكر أني عارفة إن مصطفى عنده مشاعر تجاهي، بس أنا عمري ما توقعت إنه هيفتح قلبه كده فجأة، وبالسرعة دي كمان، مش قادرة أفهم هو جاب الجرأة دي منين، خصوصاً أنه عارف إني لسه مش قادرة أستوعب المشاعر دي أو حتى أقدر أجاوب عليها، هو عارف كويس إن ده شيء صعب عليا، بس حقيقي هو برضو اتكلم بصدق، وكل كلمة كان بيقولها كانت بتبين قد إيه هو مش قادر يخبي إحساسه، وكل كلمة سمعتها كنت حاسه انها طالعه من قلبه فعلاً، وده اللي مخلني حاسة بالضغط، انا مش قادرة أهرب من مشاعره تجاهي بس في نفس الوقت مش قادرة أقبلها.

فضلت بكلم نفسي طول الليل بعد ما سمعت الريكورد بتاعه، كانت اكتر حاجة شاغله تفكيري إني لو رفضت عرضه هحس إني ظلمته، لأن مشاعره واضحة جدًا في صوته وكلامه علشان أنا دايما شايفه أن مصطفى شخص صريح ومش بيحاول يخدعني، بس في نفس الوقت لو وافقت وأنا مش حاسة بحاجة تجاهه، ده هيكون ظلم ليه كمان، وهيكون أكبر ظلم ليا أنا، لانه هو بالنسبالي لحد دلوقتي مجرد صديق، شخص مقرب، وأنا مرتاحة ليه، لكن مش لدرجة إني أقدر أحس بمشاعر حب تجاهه، تاني يوم، قررت إني اخلي ماما تسمع الرسالة اللي بعتهالي مصطفى، كنت حاسة بقلبي بيدق بسرعة قبل ما تفتح الرسالة، حسيت إن اللحظة دي هتغير حاجات كتير، وهي بتسمع، كانت ملامحها بتتغير، عيونها بدأت تلمع، وابتسامتها كانت واضحة، شفت في عينيها فرحة وحماس، زي لما بتشوف حاجة حلمت بيها من زمان، كانت بتستمتع بكل كلمة في الرسالة، وقتها حسيت بنغزة في قلبي، كانت فرحتها واضحة قدامي، وكان في حاجات كتير في قلبي مش قادرة أقولها، أنا عارفة إن ماما نفسها تفرح بيا، وعارفة كمان إن مصطفى بالنسبة لها هو الأنسب ليا، كنت حاسة إن ماما هتكون متأكدة إني هوافق، وإنها مش هتتقبل فكرة إني أرفض عرض مصطفى، لأن ده كان حلم ليها، بصيت لماما و قلت لها: “ماما، أنا عارفة كويس إنتي هتقولي إيه دلوقتي، علشان كده هقولك ردي من دلوقتي عشان نريح بعض، أنا موافقة على دكتور مصطفى، بس عايزة فترة خطوبة طويلة شوية، علشان أقدر أتأكد من مشاعري، وأكون واثقة من قراري، و واثقة فيه هو شخصياً، وكمان علشان هو ميزعلش”، خلصت كلامي، ولقيت ماما بعد ما سمعت، بتزغرط من الفرح، كان واضح إن فرحتها مش بس من كلامي، لكن كمان من إحساسها إن مصطفى هو الشخص المناسب ليا، حسيت براحة شوية، بس في نفس الوقت كان عندي شوية قلق، مكنتش متأكدة أنا عملت الصح ولا لاء، يعني هل أنا موافقة لأنه ده الصح؟ ولا لأن ماما شايفه كده؟ مش عارفة، بس كنت عارفة حاجة واحدة بس هي أن ماما تكون فرحانة وبس.
جيه الليل وأخيرًا قررت أكتب لمصطفى، وبعتله رسالة قلت فيها: “مصطفى، ممكن نتقابل لو عندك وقت، محتاجة نتكلم مع بعض شوية”، رد بعد وقت قصير: “أكيد، نقدر نتقابل، أنا مستنيكي”، اليوم اللي بعده وصلت الكافيه اللي قررنا نتقابل فيه، كنت حاسة بشوية توتر في قلبي، الجو كان شتا، البرد كان محسوس في كل مكان، كنت لابسة جاكيت بكم طويل من الصوف بلون دافئ مع بنطلون جينز واسع كاجوال ولبست حجاب بسيط، لونه بيج فاتح يلمع تحت ضوء المكان، كان شكلي هادي، لكن من جوايا مكنتش قادره أهدأ، حتى وأنا ماشية، كنت حاسة بخطواتي التقيلة وكأن كل خطوة بتحمل تقل القرار اللي هعمله دلوقتي، كان مصطفى قاعد في الزاوية بعيد عن الناس، عيونه كانت مشغولة بتركيز على حاجة قدامه لحد ما شافني، لحظة لما عينيه لامست عيني، حسيت بشيء غريب، وكأن كل حاجة من حوالينا اختفت لحظة ما لقيت نفسي في نظراته، قربت منه، وكان واضح عليه إنه مش قادر يخفي مشاعره، ابتسم لي ابتسامة هادئة، لكن عيونه كانت فيها شوية قلق، كان واضح عليه أنه خايف من قراري، وانا كنت بحاول استجمع كل الكلام اللي جوايا عشان اقوله في اللحظة دي، قعدت قدامه، كنت حاسة بقلبي بيدق بسرعة، لكن قررت أكون صريحة معاه، أخدت نفس عميق وابتديت أتكلم، وأنا بشاور على نفسي بحركة بسيطة عشان أتأكد إنه بيسمعني: “مصطفى، بص… مش هقدر أقول إن مشاعري جاهزة دلوقتي، بس أنا موافقة على عرضك، لكن… أنا عايزة فترة خطوبة طويلة شوية، علشان أقدر أتأكد من مشاعري، وأكون واثقة فيك أكتر”، كنت باصة في عينيه، وملاحظة التغير اللي حصل في ملامحه، كان في هدوء غريب في صوته وهو بيقول بحنيه: “أنا فاهم، مش مستعجل على حاجة يا شمس، أنا واثق إننا هنقدر نكون مع بعض، وأنا هعرف أخليكي تحسي باللي أنا حاسس بيه”، كنت حاسه إن كلامه كان جاي من قلبه، ابتسمت له بخفة، وقلت له بنبرة هادية: “أنا بس عايزة انبهك لحاجة ممكن تكون مفكرتش فيها، مصطفى أنت هيجي عليك وقت هتحس إنك بتدي مشاعر وأنا مش قادرة أبادلك نفس الشيء، وهتحس بضيق، وأنا مش عايزة ده يحصل، ف ياريت تفكر كويس قبل اي خطوة نعملها، مش عايزة نخسر بعض بعد كدا، لأنك فعلاً شخص عزيز بالنسبة لي”، كان ساكت شوية، وبص لي بعيونه الهادية اللي كانت مليانة أمل، لكن في نفس الوقت كان فيها شوية حزن وبهدوء قال: “مفيش مشكلة، أنا مستعد أستحمل ده، أنا بحبك، وأنا معاكي مستعد أكون صبور، متأكد يا شمس من قراري … أنا مش هسيبك”، كنت حاسة بارتياح بعض الشيء، لكن في نفس الوقت كان عندي خوف جوايا، مش قادرة أكون متأكدة زيه، ملامحه كانت هادية، وكلامه كان واثق، لكن قلبي كان بيقول لي: “محتاجين وقت أكتر علشان نعرف إذا كنا نقدر نبني حاجة حقيقية”.

بعد كام يوم من لقائنا في الكافيه، مصطفى رن على بابا وطلب منه ميعاد عشان يجي يطلب إيدي رسميًا، وقتها انا كان عندي نوع من الفهم الكامل للموقف، يعني انه لازم يجي يطلب أيدي من بابا عشان دي الأصول، وجيه اليوم المحدد، كنت حاسة بمشاعر متضاربة ما بين التوتر والخوف واللامبالاة، قررت أروح بيت بابا قبل الميعاد بساعة زي ما طلب مني، كان كفاية عليه إنه يشوفني بالصدفة أو في المواقف الضرورية بس، لبست فستان بسيط لونه روز، مش غالي ولا ملفت، لكنه شيك وأنيق، وحطيت شوية ميكب هادي جدًا، كنت مقررة إن مظهري يكون متوازن، لا مبهر ولا متهاون، وصلت بيت بابا، وأول ما دخلت، التقيت بنظرات همس ومرام اللي كانت زي السهام اللي بتتسدد عليا، همس كانت قاعدة بتبصلي من فوق لتحت، وعينيها مليانة غيظ غريب، أما مرام فكانت أكتر برودًا وجفافًا في تعاملها و اكتفت بهزة رأس بسيطة وأنا داخلة، بابا كان قاعد في الصالون، وشكله مش متحمس لأي حاجة، سلمت عليه بهدوء، وهو رد السلام كأنه بيأدي واجب، كان واضح إنه مش عاوز يتكلم كتير معايا، وعينه بتتحرك ما بين الساعة والتليفون كأنه مستني اليوم ده يخلص بسرعة، قعدت في الصالة، بعيدة عن كل الناس، ورغم إن المكان كان مليان، إلا إن الوحدة كانت طاغية عليا، محدش من أهل بابا حاول يقرب مني، حتى الكلام كان مقتصر على جمل قصيرة مليانة رسميات باردة، كل حد فيهم كان بيتحرك حواليا كأن وجودي مجرد تفصيلة صغيرة في اليوم.
قرب الميعاد وفجأة الباب خبط، وقلبي بدأ يدق بسرعة، مصطفى وصل مع عيلته، والدته و والده وأخته، كان دخولهم ملفت بشكل مبهر، لبسهم أنيق وملامحهم هادية، شكلهم كان كافي أنه يوضح لكل الموجودين قيمة عيلتهم، أول ما دخلوا، قمت وقفت ورحبت بيهم بإبتسامة حاولت تكون طبيعية، لكن عين بابا وهي بتراقبني وأنا باتعامل معاهم كانت باردة جدًا، كأنه بيقيمني على كل حركة، بدأ الكلام و والدة مصطفى قالت بصوت هادي: “أخيرًا شوفتك يا شمس، مصطفى ما بيبطلش كلام عنك، ده بقاله أسبوع بيجهز للزيارة دي كأنها أهم يوم في حياته”، أخته كمان كانت مبتسمة ومريحة جدًا، وقالت: “أنا سمعت عنك كتير… واضح إن مصطفى محظوظ جدًا”، بصيت لمصطفى اللي كان بيتابع الحوار بابتسامة خفيفة، وقلت: “شكرا جدا علي كلامكم الحلو ده”، بابا كان قاعد على الكرسي الكبير في صدر الصالة، ملامحه جامدة ومتغيرتش أبدًا، بدأ والد مصطفى الكلام بنبرة وثقة لكن محترمة جدًا:
“أستاذ حسين، أنا جاي النهارده زي ما حضرتك عارف، عشان أطلب إيد شمس رسميًا لابني الدكتور مصطفى، ونتمني أن حضرتك متردش طلبنا”، بابا مداش اي ردة فعل، بعدها كمل والد مصطفى وقال:” حقيقي … ابني مصطفى شايف البشمهندسة شمس بنت يتمنها اي شاب… بنت محترمة، ناجحة، و…” قاطعه بابا بصوت جاف:” النجاح ده محتاج وقته عشان يبان يا استاذ مدكور، منقدرش نقول ناجحة دلوقتي، المهم خلينا في موضوعنا”، رد مصطفى بثقة وقال: “تمام يا عمي.. أنا شمس بالنسبة لي واضحة جدًا، وخطوة النهاردة بالنسبة لي مش قرار عشوائي، أتمنى إن حضرتك تكون موافق على الخطوة دي”، بابا هز رأسه ببطء وقال: “والله يا دكتور أنا اتمني أنك تكون فكرت كويس، وتكون مدرك ومتفهم انت داخل علي اي، يعني الارتباط بشمس مش حاجة سهلة ولا اي”، والدة مصطفى حاولت تدخل وتلطّف الجو شوية، وقالت بابتسامة: “أنا كمان حابة أقول إننا كلنا مرحبين بشمس جدًا، وشايفين إن شمس فعلا الارتباط بيها مش سهل لأنها حاجة كبيرة جداً، وإحنا بنحترم إن القرار في إيد حضرتك، لكن وجودنا النهارده هو احترام ليكوا وللعادات”، بابا رد بنبرة متحفظة: “طبعاً طبعاً الاحترام دايمًا متبادل، المهم إن شمس تكون مرتاحة مع القرار ده”، هنا نظرات همس ومرام زادت حدّتها عليا، كأنهم بيحاولوا يخلوني أشك في نفسي أو أبان قدام الناس بشكل أقل، بس مصطفى كان واقف زي الدرع، كل كلمة بيقولها كانت بتدعمني، قربت مني والدته وبدأت تسألني بهدوء: “وإنتى يا شمس، إيه رأيك في الموضوع؟ يعني إحنا كلنا موجودين عشانك، وعايزين نسمع صوتك كمان”، بصيت ليها وأنا بحاول أبقى طبيعية، وقلت: “أنا مقدرة وجودكم جدًا، ومصطفى شخص محترم… بس الرأي الأول و الأخير رأي بابا”، في اللحظة دي، مصطفى اتكلم مباشرة مع بابا: “أستاذ حسين، أنا عارف إني بطلب حاجة كبيرة، وعارف كمان إن شمس إنسانة استثنائية، أنا مش هنا عشان أقدم وعود وبس… أنا مستعد أتحمل كل مسؤولية تتعلق بيها وبحياتها”، حسيت و قتها أن بابا اتدايق بس مكانش عارف يعمل اي، وبعدها الجلسة خلصت طبعا بعد الإتفاق علي ميعاد الخطوبة، كان واضح إن بابا محاولش يلطّف الأجواء بأي شكل، حتى لما والدة مصطفى حاولت تقرب منه وتسأله عني وعلاقته بيا، كان بيرد بجمل قصيرة وكأنه بيحط حدود ما بينهم.

وبعد ما مشي مصطفى وأهله، بابا بصلي بنظرة جامدة وقال: “ها يا شمس…. أنا عملت اللي لازم أعمله عشانك، و دوري لحد كدا انتهي، هو قال هيتحمل المسؤلية، المهم بس بعد كدا مترجعيش في قرارك و مطلعيش عقدك علي الراجل، باين عليه محترم وأهله محترمين و ناس راقية و عالية يارب تنفعي معاهم”، كنت واقفة قدامه وكل كلمة كان بيقولهالي عبارة عن طعنة جديدة في قلبي، بس أنا كنت متوقعة تعامله ده، لأنها هي هي القسوة اللي شوفتها منه علي مدار حياتي.

 

google-playkhamsatmostaqltradent