رواية حب رحيم الفصل الرابع عشر 14 - بقلم سمر عمر
” نبضة فزع.. ”
دخل الغرفة في الصباح حاملًا صينية طعام متوسطة الحجم وضعها على الفراش ثم اتجه إلى الشرفة وفتح ستائرها لتخترق إشاعة الشمس الغرفة.. ثم عاد إلى طفله وجلس إلى جواره يمسح على شعره برفق ..رفع عيناه لينظر إليه بنعاس فابتسم وقبله على وجنته وحمله على ذراعيه ودلف إلى المرحاض.. ثم أوقفه أمام الحوض وباليد الأخرى غسل وجهه وفمه وخرج وهو يستدير به بمرح بعد ذلك وضعه على الفراش برفق وشاركه في تناول الفطار..
بعد دقائق دق الباب ودخلت ندى بابتسامة واسعة فبادلها رحيم بابتسامة خفيفة …تقدمت نحو الفراش وجلست إلى جوار ريان تلقي عليه الصباح فلم يرد عليها ..قبلته على وجنته ثم همست :
-أي رأيك ازود لك ساعات اللعبة نص ساعة
كانت قاصدة أن تجعله يضحك ولكن فشلت في ذلك ..تنهدت بهدوء ومسكت بيده فسحبها فورًا لتتعجب ندى ثم نهض من مكانه وجلس على قدم أبيه مستند برأسه على صدره.. شعرت ندى بالحزن وحسبت أنها ستبدأ معه من جديد ..نظر رحيم إليها ليرى الحزن واضح على جميع ملامح وجهها ثم طلب منها أن تذهب الأن فحملت صينية الطعام وخرجت.. أحاط طفله بكلت يديه وقال :
-ما روحتش الشغل النهاردة عشان خاطرك ..هنلعب مع بعض سباحة وبلاي ستيشن كمان..
صدح صوت هاتفه فأخذه من أعلى المنضدة المجاورة للفراش واجاب على عمرو صديقه وأخبره بماذا يفعل اليوم في الشركة لأنه لن يأتي اليوم ثم أنهى معه المكالمة ..وضع الهاتف جواره ثم نظر إلى طفله قاطب جبينه قائلًا :
-سمعت بنفسك ..مع أني ورايا شغل كتير جدًا لكن يهون علشان خاطرك ..المفروض إنك تشكرني
نظر في عيني والده للحظات ثم أبتسم أخيرًا وقبله على وجنته ونظر إليه ثانية وقال بصوت هادئ :
-شكرًا مستر رحيم
رفع حاجبيه بمرح واحتضنه بشدة وبشدة حتى كاد أن يخترق عظامة ثم أخذه إلى غرفته ..جلس رحيم عاقدًا قدميه يلعب مع طفله ألعاب الفيديو قال وهو يضغط ازرار الذراع منسجم في اللعب :
-ندى بتسمحلي ألعب ساعة واحده بس في اليوم ..شوفت بقى بعاني قد أي
ضحك ضحكة خفيفة ثم تساءل وهو منتبه إلى اللعبة :
-ومامي كانت بتسمح لك تلعب كام ساعة ؟
-لااا ..مامي كانت بتسبني ألعب طول النهار عادي وطول الليل برده
تساءل بمكر :
-طب وليه رفضت تسافر معاها علشان تلعب براحتك
أومأ بالنفي عدة مرات وقال بتأفف :
-مستعد ملعبش خالص بس مروحش معاها
لينظر رحيم إليه متعجبًا وأخذ يسأل ماذا فعلت تلك الأم كي يرفض طفلها أن يسافر معها لهذا الحد ؟ ..لم يرى شيئًا مثل هذا من قبل ولكن ما يجعله سعيدًا عشقه لأولاده وسعادتهم وهم معه ..ثم عاد بالنظر إلى التلفاز ليكمل اللعب وقال بمزاح :
-طيب ركز بقى علشان هتخسر حالًا
ضغط على أسنانه يقول بإصرار مؤكدًا على حرف الياء :
-مستحيل
..أما في الأسفل كانت ندى تقف بعيدًا تشاهد أشرقت وهي تطعم القطة عن بعد فابتسمت وتذكرت عندما أمسك رحيم بيدها ليضعها على القطة.. ثم ضمت نفسها بذراعيها تتنهد بعمق وهي تخبر نفسها سرًا بأنه احيانا يكون رقيق وحنون أكثر ..ثم تقدمت نحو أشرقت و وقفت عن قرب فرفعت الصغيرة رأسها إليها وقالت :
-ندى متخافيش دي كيوت زيك..
ضحكت ضحكة خفيفة ثم جلست على ركبتيها ورفعت يدها بتردد فأمسكت أشرقت بمعصمها تقرب يدها رويدًا رويدًا قائلة :
-متخافيش دي شعرها ناعم أوي
ثم وضعت يدها على رأسها فخرجت شهقة خفيفة من بين شفتيها لكن سرعان ما ابتسمت وبدأت تمسح على شعر القطة بأريحية ..بعد دقائق من اللعب تركتها وصعدت إلى غرفة ريان ووقفت عند الباب وهي تضم ذراعيها امام صدرها بتذمر مصطنع قائلة :
-مش كفاية لعب بقى
ترك ريان الذراع ليشير إلى رحيم قائلًا :
-مستر رحيم اللي بيلعب
سعدت عندما تحدث وتعجبت من قول رحيم.. بينما ترك رحيم الذراع وأخذ يدغدغه ليضحك فضحكت ندى ضحكة خفيفة ..بعد ذلك توقف عن المشاكسة ومسح على شعره من الأمام إلى الخلف فقال ريان :
-يلا نسبح بقى شوية
نهض لينظر إلى ندى بابتسامة عيناه التي ترهقها فأطرقت رأسها خجلًا وهو يشير إليها قاطبًا جبينه قائلًا :
-لازم أعلمك السباحة
ثم غادر الغرفة بينما فتح ريان خزانة الثياب والتقط سروال قصير وساعدته ندى في ارتداءه وجاءت تلبسه ستره رفض قائلًا :
-عايز ابقى زي بابي
أومأت بالفهم ثم قبلته على رأسه وتركته يخرج ينتظر والده حتى خرج من الغرفة يرتدي سروال يصل إلى ركبتيه اسود من الجينز وستره نصف كم بذات اللون ..حمل طفله على ذراعيه وهبط الدرج فلحقت ندى بهم حتى خرجوا إلى الحديقة ..خلع سترته وضعها على يد المقعد ثم هبط إلى الماء حاملًا طفله على ذراعيه تركه يسبح بمفرده ويلعب معه بالماء ..جلست ندى على المقعد وشعرت بملمس سترته الناعم أسفل يدها فنظرت إليها ثم انتقلت ببصرها بين رحيم وسترته حتى التفت ليواليها ظهره فانحنت لتدفن أنفها في سترته تستنشق عطره ثم رفعت رأسها تتنهدت بعمق مغلقة عينيها ..بعد ربع ساعة تقريبًا خرج ريان من الماء وساعدته ندى في ارتداء معطف يجفف بدنه من الماء ثم تركته يدخل ..وقف رحيم بعد خروجه يحرك رأسه لتخرج المياه من بين خصل شعره وقذفها على ندى فوضعت يديها على وجهها مانعه المياه من الوصول إليها..
ثم مسح على شعره من الأمام إلى الخلف عدة مرات وقال بمكر :
-مش هتلبسيني التي شيرت زي ما ساعدتي ريان
عضت على شفاها السفلي وقذفته بنظرة خجولة سريعة ثم تركته ودخلت.. اتسعت ابتسامته ثم تناول السترة ليرتديها ودلف إلى الداخل من ثم صعد إلى غرفته.. ليأخذ حمام سريع وبعد خروجه بدقائق رن جرس الباب خرج من غرفته وهبط إلى الطابق السفلي ليفتح الباب ..رأى الرجل الذي كان ينتظره واعطى له حقيبة بلاستيكية فأعطى رحيم له المال وشكره وبعد أن غادر أغلق الباب ثم اتجه نحو غرفة ندى و وقف يدق الباب..
نظرت إلى الباب وانهت المكالمة مع صديقتها ثم نهضت متجه نحو إليه لتفتح ..تنحت جانبًا فدخل وأغلق الباب ثم مد يده بالحقيبة وهو يقول :
-الكتالوجات اللي هتختاري منها..
أخذت الحقيبة وأخرجت منها اول كتالوج تنظر إلى صفحاته فأشار بسبابته إليها قائلًا :
-بكرا هنقضي اليوم كله مع بعض.. النهاردة للأولاد..
ثم أقترب منها أكثر حتى أصبحت المسافة بينهم شبه معدومة ومسح بظهر يده على وجنتها برقه فضمت الكتالوج إليها واصطبغت وجنتيها بحمرة الخجل وهو يقول :
-وبكرا لحضرتك ندى هانم
ثم انحنى برأسه وأطبق شفتيه على وجنتها إلى لحظات قبل أن يبتعد عنها وخرج مغلقًا الباب خلفه ..وضعت يدها على وجنتها بابتسامة تزين ثغرها ثم جلست على الفراش تفحص جميع الكتالوجات..
***
صباح اليوم التالي استيقظت بوجه عابس على صوت دقات الباب وحولها الكتالوجات ..نهضت عن الفراش وفتحت الباب لترى رحيم فنظر إلى ساعة يده التي تدق التاسعة والنصف قائلًا :
-متاخره نص ساعة ندى هانم
تنهدت بابتسامة قائلة :
-عشر دقايق بس
ضم ذراعيه أمام صدره وقال بغزل :
-شكلك احلى من القمر وأنتِ صاحيه
شعرت بالخجل ووضعت يدها على صدره الصلب تبعده عن الباب قائلة :
-يلا علشان منتأخرش
اومأ برأسه موافقًا ثم غادر فأغلقت الباب ودخلت المرحاض لتأخذ حمام سريع ..فيما جلس رحيم أمام المقود يرتدي نظارة شمسية أنيقة تعطي له مظهرًا جذاب خاص به ..بعد ربع ساعة استمع إلى صوت الباب ينفتح وخرجت ندى التي ترتدي تنورة تصل إلى قبل ساقيها بقليل بيضاء تحمل ورود متوسطة الحجم من الأعلى فقط وكنزة زرقاء ذات كم شيفون بذات اللون ..انبهر من جمالها رافعًا نظارته على شعره فالأزرق حقًا يعطي لها جمالًا خاص بها ووجهه براقًا ..جلست جواره فنظر إلى معصمها المزين بنبضات قلبه وعنقها البراق مستحوذًا على قلبه.. أبتسم ثم شغل السيارة وتحرك وحافظت على ألا تنظر إليه وهي تخبر نفسها سرا أنه جذاب اليوم كثيرًا و تود أن تمل عيناها منه ولكن تشعر بالخجل..
عند وصوله صف السيارة أمام الباب وترجل ثم ترجلت هي تحمل حقيبة الكتالوجات ودخلا إلى المنزل تنظر حولها وبعد لحظات شعرت به يمسك يدها وخرجا إلى الحديقة يجلسان أسفل إحدى الأشجار.. وفتحت الكتالوجات لتري اختيارها للأثاث وأيضا الألوان فلاحظ أنها اختارت ألوان مبهجة مثل ألوان الربيع ..نظر إليها وتساءل :
-كنت فاكر هتختاري الأسود والأبيض زي البيت التاني
قالت دون أن تنظر إليه :
-عارفة إنك بتحب اللونين دول مع بعض لكن خلي البيت دا مبهج بالألوان
وافقها الرأي ثم هاتف أحد المطاعم المشهورة وطلب لهم غداء عقب انتهاء المكالمة أزاح الكتالوجات عن قدميها ليضع رأسه عليهما مطالبًا بالعبث بين خصل شعره بيدها الناعمة مسحت على شعره برفق ليغمض عيناه مستمتعًا بحركة يدها وقال :
-قوليلي حبتيني امتى ؟
لتغمض عيناها فجأة وقلبها يدق في صدرها وتحدثت بنبرة توتر :
-كنت ..كنت بشوفك في الكافية ..بس يعني كـ كان مجرد اعجاب ..لحد..
توقفت عن الحديث تعض على شفاها السفلى من الداخل ..فتح عيناه لينظر إليها وأكمل :
-لحد ما الصدفة جبتك لحد عندي ..وقربتي مني أكتر فتحول الاعجاب إلى الحب..
اومأت بتأكيد فقال بحب :
-أنا معرفش حبيتك امتى و ازاي ..لكن فجأة لقيت نفسي بغيير عليكِ والغيرة يعني حب ..بحبك
رفع يده ليضعها حول عنقها واغلق عيناه وميل رأسها إليه طالبًا منها أن تقبل جبينه ..أطبقت شفتيها على جبينه بحنان ليشعر بدفئهما فتزداد دقات قلبه حبًا ورغبه بها ثم ابتعدت عنه ورفعت رأسها تنظر إلى الأمام وبعد دقائق من تبادل حديث الحب بينهم رن جرس المنزل ..نهض ودلف إلى الداخل بينما وضعت هي يديها أعلى صدرها تزفر بهدوء ثم استندت برأسها إلى الشجرة..
عاد ومعه الطعام ثم جلس بجوارها وأخرج سندوتش بخبز دائري ضخم فأخذته وهي تحدق به وفتحت فاها كي تستطيع أن تقطم ولكن لم تستطيع فضحك رحيم عليها فلكزته في كتفه وقالت بتحدي :
-طيب ما توريني كده هتعرف تاكله ازاي..
قطم من الأعلى فقط ففعلت مثلما يفعل وبدأت معه تحدي لمن ينتهي أولًا …بدأ الإثنان يأكلان بسرعة ومن كثرة سرعتها تلطخت شفتيها بالكاتشب ..نظر إليها ثم مسح بـ إبهامه عليهما وهي تنظر إليه ببعض من الدهشة وهو يتذوق الكاتشب نظرت إلى الأمام بخجل وهو ينظر إليها بعينين مبتسمتين ..لم تستطيع أن تكمل طعامها وتركت السندوتش ثم نهضت لتدخل تغسل يديها ..وضع ما تبقى من طعامهما داخل المعلبات قبل أن ينهض متجه إلى الداخل..
بعد دقائق أخذها في جولة داخل المنزل وعلمت على الأثاث الذي تم اختياره ثم خرج يتجول بجوارها في الحديقة يحيط كتفها بذراعة ومد يده بـ موزة.. قطمت قطعة صغيرة واكل بعدها حتى انتهوا منها ..ثم أخذ دراجة كبيرة وجعلها تجلس أمامه ولف بها حديقة المنزل بأكمله..
في المساء طلب منها أن تدخل إلى أحد الغرف بالفعل نفذت رغبته ودخلت مغلقة الباب خلفها نظرت حولها لترى مقعد في أحد الأركان وعليه علبة فتقدمت نحوه و وقفت لتقوم بفتحها لتجد شورت من الجينز وكنزه سوداء ذات حملات عريضة و ورقة قامت بفحصها بعينيها ” اللبسيومستنيكي..” تعجبت ومع ذلك بدلت ثيابها به لكونها معتادة على مثل هذا النوع من الملابس ولكن لم تعد ترتديهم في منزله تجانبًا لغيرته الزائدة عليها.. ثم خرجت إلى الحديقة لتجده أمام حمام السباحة يدخن سيجارة وقد بدل ثيابه إلى سروال قصير يصل إلى بعد ركبتيه بقليل جينز بني وستره بذات اللون ..وقفت خلفه ليشعر بها والتفت ينظر إليها من رأسها حتى قدميها ثم نفث أخر دخان السيجارة وألقى بها أرضًا ليدعسها ..فتساءلت :
-ليه اتخنقت معايا قبل كده بسبب اللبس ده
تقدم نحوها بخطوات ثقيلة و وقف أمامها يحيط خصرها بذراعه الصلب وقال بصوته الرجولي :
-علشان اللبس ده ميتلبسش غير ليا أنا..
ابتلعت لعابها بصوت مسموع فاقترب منها لتشعر بالتوتر الشديد وانكماش في معادتها وتأثيرها بصوته يجعلها في حالة من الذعر.. ابتعد عنها وقام بخلع سترته وضعها جانبًا ثم أمسك بيدها وقفزا في المياه ..شهقت بهلع ومسحت على وجهها فوضع يديها على كتفيه وقال بهدوء :
-متخافيش
نظرت إلى عيناه لتشعر بالاطمئنان ثم تحدثت بتوتر :
-أنا مبعرفش أعوم وبخاف من الميه
قال مداعبًا :
-بتخافي من القطط والميه ..عايز اعرف مبتخافيش من أيه
اتسعت ابتسامتها فابتسم ناظرًا إلى تلك الشفتين المبتسمتين ثم احتضنها هامسًا بالقرب من أذنها :
-متخافيش من أي حاجة طالما رحيم معاكِ ..أنا هحميكِ حتى من نفسي
ثم ابتعد لينظر إليها يمسح على وجنتيها بعد ذلك التفت واضعًا ذراعيها حول عنقه وسبح بها ذهابًا وإيابًا وبدأ يعلمها السباحة ..شعرت بالتعب فتوقفت عن السباحة وهي ترفض أن تتعلم المزيد ضحك ضحكة خفيفة لتضربه على كتفه ثم صعدت على حافة حمام السباحة لتجلس وهو يسبح أمامها ذهابًا وإيابًا وتحدثت هي بجدية :
-الأولاد وحشوني اوي
أقترب منها و وقف أمامها واضعًا يديه جوارها ينظر إليها بحب نظرت إلى الاتجاه الآخر خجلًا من نظراته وهو يقول :
-أنتِ هتبقي أم حنينة أوي
تحدثت بصوت منخفض من فرط الخجل :
-شكرًا
مسك يدها ليضعها على صدره الصلب وقال بجدية الحب :
-حبك بينبض في قلبي ويدق في صدري
ثم رفع يدها واضعًا راحتها على شفتيه يقبلها برقه ثم صعد ليجلس بجوارها ويضمها إليه يقبلها على رأسها
***
بعد ساعات ليست قليلة عاد إلى المنزل وتمنى لها ليلة سعيدة ثم قبلها على وجنتها وتركها تدخل غرفتها.. صعد إلى غرفة ريان كي يطمئن عليه ليجده نائمًا فقبله على رأسه بحنان ثم أطمئن على ابنته ودلف إلى غرفته..
في الصباح الباكر ذهب إلى العمل كي يتابع كل ما فاته ..وبدأ يعمل بحماس ونشاط ومن حين لأخر كان يراسل ندى برسائل الحب لتبادله بذات الرسائل بابتسامة مزينه ثغرها.. الساعة الثالثة مساء خرج من الشركة واستقل سيارته ليغادر عائدًا إلى المنزل.. وبعد دقائق تفاجأ بعدم وجود فرامل في السيارة فأخذ يضغط على المحابك بقوة ولكن بلا جدوى وبدأ يتفادى السيارات بسرعة فائقة ثم صوب السيارة باتجاه أحد الأشجار الجانبية.. وفتح الباب كي يقفز من السيارة لتصطدم السيارة في الشجرة بقوة فيما ارتطمت رأسه بخفة في الأرض وسقط على ذراعه اليسار ..نظر إلى سيارته وهو يشعر بألم حاد في رأسه وذراعه اليسار بالكامل.. تجمعت الرجال من حوله وطلب أحدهم أن يذهب به إلى المشفى ولكن رفض وطلب فقط سيارة أجرة..
***
أما في المنزل شعرت ندى بغصة في قلبها لتفزع واضعة يدها على صدرها ثم توقفت عن الطعام.. لتنظر وفيه إليها متسائلة :
-مالك يا ندى ؟!
نظرت إليها بلهفة وقالت بنبرة قلق :
-أنا كويسه
ثم نظرت إلى شاشة هاتفها بعد دقائق نهضت السيدة وفيه واستعدت للذهاب لشراء بعض الأغراض وأخذت أشرقت معها عندما أصرت وصعد ريان إلى غرفته ليلعب بألعاب الفيديو.. جلست على الأريكة تنظر إلى الهاتف وكادت أن تتصل على رحيم لأن قلبها يشعر بالقلق عليه ألا أن فتح رحيم باب المنزل لتنظر إليه ثم نهضت راكضة إليه بلهفة لتحتضنه بذراعيها التي تحيط بهم خصره وقالت بنبرة قلق :
-قلقت عليك
تألم وجهه قاطبًا حاجبيه رافعًا ذراعه اليمين يمسح على شعرها وهو يقول بصوت منخفض :
-أنا بخير ماتقلقيش
شعرت من نبرة صوته بشيء ما فابتعدت عنه لتنظر إليه وشهقت بهلع متسائلة :
-رحيم حصل أي ؟؟
طلب منها أن تأخذه إلى غرفته أمسكت بيده اليمين ومضت بجواره ثم صعدا إلى غرفته واراح جسده على الفراش متاوها بخفة.. وضعت الهاتف على المنضدة ثم جلست على حافة الفراش بالقرب منه ومسكت بيده ناظرة إليه بدموع تجمعت حول مقلتيها وهو يقص عليها ما حدث ..ثم أخذت منديل ومسحت الدماء التي هبطت من جانب رأسه برفق وقالت بنبرة بكاء :
-لازم تروح المستشفى ..
جاء يتحرك تألم من ذراعه فوضعت يدها على كتفه اليسار وقالت بقلق :
-أكيد ذراعك فيه حاجة
-ندى أنا كويس مفيش داعي للمستشفى خالص
مسحت أسفل عيناها مانعة الدموع من الهبوط وقالت بنبرة ضيق :
-طيب على الأقل خليني اشوف دراعك
أومأ بالموافقة فبدأت تفك له ازرار قميصه وهو يتفحص تلك الملامح الحزينة من أجله وعيناها التي تنطق بالخوف من فقدانه.. رفعت مقلتيها إليه لتخجل من نظراته فأطرقت عيناها وبدأت تفك ازرار القميص بيدين مرتعشين من كثرة الخجل الذي أثر على معادتها وقلبها يقرع كالطبول في صدرها ليجعله يعلوا ويهبط ..بعد أن انتهت سحبت كم القميص اليسار ونظرت إلى ذراعه العالي لتجد كدمات على كتفه فضغطت عليه ليتأوه فابتعدت عنه فورًا وقالت بإصرار :
-لازم تروح المستشفى
مسك بيدها وتساءل قاطب جبينه :
-خايفه عليا ؟
أطرقت عيناها أولًا ثم نظرت إلى الأمام تبتلع لعابها بصوت مسموع وقالت باضطراب :
-أه أكيد
وضع راحت يدها على شفتيه يقبلها بحنان ثم تحدث بنبرة ثقيلة :
-يا رتني كنت عملت الحادث دا من زمان علشان اشوف نظرة الخوف دي..
أغمضت عيناها لتهبط دموعها على وجنتيها رغمًا عنها بينما هو ترك يدها ليضع يده على وجنتها يمسح دموعها وقال بجدية :
-دموعك أغلى من حياتي
-ربنا يخليك
تساءل بمكر :
-لمين
عضت على شفاها السفلى من الداخل ثم تحدثت بنبرة خجل :
-ليا و لأولادك
-يا رب يا روحي
قاطع تلك اللحظة رنة هاتفها فأخذه من أعلى المنضدة وأجاب على المتصل و وضعه على أذنه ليستمع إلى صديقتها :
-يا زفته يا نعجة مبترديش ليه ؟!
ابتسم وقال ببحة صوته الرجولية :
-لاء أنا حبيب النعجة و الزفته ..
ضحكت ندى ضحكة خفيفة فيما فزعت صديقتها وفصلت المكالمة فنظر رحيم إلى شاشة الهاتف ثم تحدث بمزاح :
-صحبتك ماتت باين..
مسحت دموعها وهي تضحك على كلماته الأخيرة فقال بابتسامة واسعة :
-اطمني عليها يا ندى
أخذت الهاتف من يده واتصلت عليها ثم تركته وخرجت إلى الشرفة لتتحدث معها فأخذت توبخها صديقتها في البداية ثم تساءلت بهدوء :
-رحيم اللي رد عليا
-أكيد يعني يا غبية..
كان رحيم ينظر إليها من خلف زجاج الشرفة وهي تتحدث معها وانهت المكالمة سريعًا لتعود إليه وقالت بإصرار :
-هتروح المستشفى غصب عنك
غمز لها وقال بنبرة رجولية ثقيلة :
-دي حياتي تهمك اوي بقى
عقدت بين حاجبيها بتذمر قائلة :
-يا بايخ
-بيموت فيكِ
تعجبت متسائلة :
-هو مين ده
عض على شفته السفلى بجرائه واجاب بنبرة هادئة ممزوجة بالحب :
-البايخ
***
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية حب رحيم) اسم الرواية