Ads by Google X

رواية جبل النار الفصل السابع عشر 17 - بقلم راينا الخولي

الصفحة الرئيسية

 رواية جبل النار الفصل السابع عشر 17 - بقلم راينا الخولي

جبل النار 
رانيا الخولي 
السابع عشر 
…………..

فتح داغر عينيه على ألم شديد في معدته ورغبة شديدة في التقيء 
كانت الدنيا تلتف به وضربات قلبه متسرعة بطريقة تدعوا للقلق
انتبه لما حوله فيجد نفسه مستلقي على الأريكة في حديقة منزله
ازدادت رغبته في التقيؤ فاعتدل مسرعًا ليتقيء ما بجوفه وقد زاد الأمر بألم حاد في رأسه
انتهى أخيرًا وقد شعر بروحه تنسحب منه.
ماذا حدث، وأين أسيل؟
وما الذي جاء به إلى هنا؟
نظر لملابسه وازار قميصه المفتوحة 
بحث عن هاتفه فلم يجده
دلف للداخل فيجد هاتفه ومفتاح سيارته على الطاولة لكن لا أثر أيضاً لأسيل.
اتصل عليها فيجد هاتفها قيد الاغلاق 
اخذ مفاتيح سيارته وخرج من المنزل 
عليه أن يتواصل معها كي يعرف لما رحلت

قاد سيارته وهو بتلك الحالة وألم رأسه لا يرحمه حتى أن الرؤية أمامه أصبحت مشوشة 
قلبه يتألم لا يعرف لما لكنه يتألم يشعر به يعاتبه
على ماذا؟
قاد سيارته بسرعة ليصل إليها عليه ان يعرف ماذا حدث ولما ذهبت قبل ان يصل عمه
كان الطريق لمنزل والدها يشعر به بعيدًا وكلما اقترب كلما شعر ببعده أكثر حتى رأها  تمر بسيارة أخيها على الجانب الاخر مستندة برأسها على الزجاج.
استدار بسيارته مسرعًا كي يصل إليها فتصطدم بشاحنة قادمة خلفه وتنقلب به وكان اسمها اخر ما نطقه قبل ان يفقد وعيه.

❈-❈-❈

توقف سليم بسيارته على جانب الطريق ثم ترجل ليخرجها من السيارة وهي مستسلمة تمامًا 
ليس فقط استسلام لمصيرها ولكنها أيضاً قد انهكت فلم يعد باستطاعتها شيء سوى الرضوخ
جذبها من ذراعها ووقف بها على حافة المياة وجعلها تجثوا أمامه ينظر إليها بسخط
لم تردعه دموعها التي كانت من قبل تحرقه 
ولا شيء سوى العار الذي جلبته لهم

فقام بوضع قدمه على ظهرها كي يدفعها عندما رددت اسمها 
_ماما.
شعر بنصل حاد يخترق قلبه عندما نطقت اسمها وتذكرها وهي ترحل من المنزل بعيون باكية وتوصيه على اخته
صك على اسنانه بغضب وهو يحاول طرد تلك الذكرى من رأسه وهم بقذفها لكن قدمه ظلت ثابتة ولم تطاوعه
حاول وحاول لكن لا فائدة فقام بكل غضب بركل الرمال فيتطاير حولهما ويسمح لمشاعره لأول مرة بالانطلاق وأخذ يصرخ بعلو صوته
يصرخ ويعلوا صوته حد البكاد 
هنا انتهى كل شيء وانتهى ثباته وانتهى ذلك الشخص حاد المشاعر ولم يعد باستطاعته التظاهر بالجمود أكثر من ذلك.
ترك لنفسه العنان كي يخرج مكنوناته التي تراكمت بداخله عبر تلك الأعوام 
سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً رأسه للسماء وصرخاته تدوي في كل مكان.
يريد أن يقتلع من داخله ذلك الألم الذي ظل يتضاعف ويتضاعف حتى وصل لزروته..

❈-❈-❈

استيقظ حازم على صوت هاتفه
وكذلك هايدي التي فتحت عينيها بتثاقل وهي تسأله
_مين اللي بيتصل في وقت زي ده.
تناول هاتفه من على المنضدة وقال بحيرة
_تلقاه حد من المستشفى…..
اندهش عندما وجده رقم سليم فأعتدل في فراشه وأجابه 
_السلام عليكم 
رد سليم بهدوء 
_انا مستنيك في…….. تعالى بسرعة ومن غير ما تعرف حد.
أغلق الهاتف دون ان يستمع رده فسألته هايدي
_مين يا حازم؟
رد وهو ينهض ليبدل ملابسه
_دي حاله متابعها وتعبت شوية.
ابدل ملابسه وخرج متوجهاً إلى حيث ينتظره سليم والقلق ينهشه
توقف عندما وجده واقفًا ينظر إلى البحر بشرود
ترجل من سيارته وتقدم منه يسأله
_خير يا سليم ايه اللي حصل؟
استدار سليم لينظر إليه بوجوم وقال بثبوت 
_هتلاقيها في العربية خدها وشوف لها اي مكان تعيش فيه وبكرة الصبح هتكون دادة أمينة معها، مش عايزها تظهر قدامي لأي سبب من الأسباب لأني لو صادفتها هقتلها.

لم يحتاج حازم لفطنة كي يعرف مغزى حديثه
تطلع إلى السيارة فيجدها مستنده برأسها على النافذة في سكون تام.
عاد سليم لينظر إلى تلاطم المياه أمامه، لا يريد أن يراها وهي ترحل دون عودة
لن يغفر لها خطيئتها حتى لو كانت دون إرادتها
تقدم حازم من السيارة بمشاعر متضاربة 
عتاب تارة
وحنق تارة أخرى
يعلم جيدًا كم هي بريئة ونقية لكن وضعت في غابة من الذئاب وعندما سقطت في جحرهم نهشوها بكل قسوة.
فتح الباب ومد يده والعجيب في الأمر أنها لم ترفض وترجلت معه باستسلام تام
لم يستطيع رؤية ملامح وجهها من تلك الكدمات التي أخذت جزء كبير من وجهها
وتلك الدماء التي بجانب رأسها قد جفت مكانها.
أخذها بداخل سيارته وانطلق بها إلى منزلهم القديم
اوقف سيارته واستدار لينظر إليها فوجدها مغمضة عينيها فظن أنها غفيت مكانها.
ترجل هو وتوجه إليها ليحملها لكنه تفاجئ بها تصرخ وتدفعه بعيدًا عنها 
أمسك يدها يحكمها كي لا تؤذي نفسها لكن فعلتها تلك جعلت جسدها يشتد بشدة ثم تشنج وأخذ جسدها يهتز بقوة جعلته غير متحكم بها
جعلها تستلقي على المقعد الخلفي كي يستطيع التحكم بها أكثر 
لكن شعر بالقلق عندما زادت حالتها سوء وأصبح جسدها ينتفض أكثر 
لذا كان عليه الذهاب بها إلى المشفى 

❈-❈-❈

عاد سليم إلى المنزل بنفس الوجوم 
توجه إلى غرفتها يطرقها فتفتح هي مندهشة من مجيئه إليها وسألته
_فين أسيل؟ اوعى تكون عملت فيها حاجة.

لم يتركها تندهش كثيرًا واندفع داخل الغرفة يقلب في اغراضها 
سألته بحيرة وهي تقف أمامه تمنعه
_انت بتعمل ايه؟ ماينفعش كدة ياريت ترد عليا وتقولي فين…..
قاطعها بأن نحاها من امامه وأخذ يقلب حتى وجد ما يبحث عنه هم بالخروج لكنها وقفت امامه تمنعه
_انت اخد البطاقة بتاعتي ورايح فين؟
دفعها مرة أخرى من أمامه وخرج من الغرفة مغلقًا الباب خلفه كي لا تخرج وراءه
توجه إلى مكتب والده حيث ينتظره 
نهض حسين فور دخول سليم وسأله
_عملت ايه؟
رد بكل فتور
_خلصتك منها، زي ما هخلصك مني انا كمان.
قطب جبينه مندهشًا وسأله 
_يعني ايه مش فاهم؟
_يعني من بكرة هسافر امريكا أمسك الفرع اللي هناك ومش هرجع تاني.
وقف حسين أمامه بكل هدوء وكأن من ابلغه بقتلها الآن لم تكن ابنته
_ليه؟ انت كنت رافض تمسكه.
رد سليم بهدوء رغم النار المشتعلة بداخله 
_مبقاش في سبب يخليني افضل يوم واحد في البيت ده، انا مش طالب منك غير إني امسك الفرع ده واستقل به.
تركه وخرج من غرفة المكتب متجهاً لغرفة أمينة التي جلست تبكي على حال ابنتها 
دلف سليم بعد أن طرق الباب فسألته أمينة بخوف
_أوعى تكون طاوعت ابوك وعملت فيها حاجة؟
رد بثبات 
_جهزي شنطتك عشان هتسافري الصبح اسكندرية عند حازم.
لم يكمل باقي حديثه وخرج من الغرفة ومن المنزل بأكمله
لن يظل به ساعة واحدة بعد رحيلها.

❈-❈-❈

في المشفى 
اسرع الجميع إلى حازم عقب دخوله بأسيل والتي لم يهدئ تشنجها منذ عشر دقائق.

دلفت غرفة الطوارئ وتركها حازم معهم 
ولم يعد يتحمل قلبه رؤيتها بتلك الحالة
ظل واقفًا أمام الطوارئ ولم يبالي باتصالات هايدي ولا أمينة التي لا تعرف ماذا حدث للان
تعلم جيدًا بأن سليم لن يستطيع فعلها لكن أيضًا لم يخبرها أين مكانها

خرج الطبيب بعد وقت طويل فأسرع إليه حازم يسأله
_خير يا دكتور مراد 
تطلع إليه الطبيب بامتعاض وقال باتهام
_انا مضطر يا كتور حازم إني اقدم بلاغ بالحالة 
البنت متعرضة لضرب مبرح وخاصة في الرأس وده هيكون سبب في مشاكل كتيرة بعد كدة.
حاول حازم تهدئة الطبيب وقال بكذب
_دي أختي وللأسف كانت راجعة من شغلها وجماعة حرامية طلعوا عليها وضربوها لما رفضت تديهم الفلوس اللي معها، وانت عارف لو بلغنا الشرطة هتبقى شوشرة على الفاضي.
لم يقتنع الطبيب بحديثه لكنه وافق بحق زمالتهم وقال
_بس انت كدة بتدي الناس دي الفرصة عشان يكرروها 
على العموم هي مش هتفوق دلوقت لأنها أخدت مهدئ قوي وربنا معها.
مسح حازم بيده على وجهه وقد حمد ربه بأنهم لم يكتشفوا أمر الاغتصاب 

❈-❈-❈

في مشفى أخرى 
انقلبت المشفى رأسًا على عقب فور دخول داغر والذي انتهى به المطاف بعد عملية جراحية استمرت أربع ساعات إلى غرفة العناية المشددة

وقف خليل بقلب ملتاع أمام النافذة الزجاجية يتطلع إليه بقهر
لم يخرج من الدنيا سوى به بعد ان رفض السفر مع والده وأختاره هو
ذلك العوض الذي ملئ فراغه يضيع منه الآن 
بكى كما لم يبكي من قبل 
اسند رأسه على الزجاج وهو يدعي ويتضرع إلى الله أن ينقذ ابنه الوحيد 

وفي مشفى أخرى 
كانت مستلقية على السرير دون حراك فقط انفاس تدخل وتخرج ماعدا تلك الرؤى التي تتقاذف عليها بكل قسوة 
تكرار وتكرار وصرخات تناجي من يسمعها
لكن لا من مجيب
فينتهي ذلك السكون بعد فترة ويتشنج جسدها تلك المرة بأشد وأعنف
تجمع الأطباء في غرفتها يحاولون السيطرة عليها لكن تلك المرة لم تهدئ إلا بعد محاولات عديدة.

❈-❈-❈

واشرقت شمس الصباح 

سلامًا على عزيز قلبٍ اشرقت الشمس بروحه 
فتفيض الروح ترفرف في جنبات الشوق لعل ذلك الجبيب يسمع نداه
ينادى ويستغيث بروحها ولكن لا من مجيب
مرت أيام وكل واحدٍ منهم في عالمه الخاص
كلاهما بعتاب حارق ألهب مشاعرهم
حركات واهنة ضعيفة لكنها طمئنت الجميع لعودته 
أما هي فترفض بشدة العودة لواقعها
لا تريد 
عليها أن تظل كما هي ترفض العودة لتلك الحياة القاسية 

وقلوب أخرى أبت الرضوخ لقسوة الحياة ومجابهة بشجاعة…
قامت وعد بوضع ملابسها داخل الحقيبة تحت نظرات شهد الباكية
_هتمشي تروحي فين بس هو احنا لينا مكان يتاوينا.
ردت وعد وهي تغلق الحقيبة
_بلاد الله واسعة وبعدين الناس اللي هشتغل عندهم ناس كويسين متقلقيش عليا.
_بس انا مش فاهمة ايه اللي خلاكي فجأة كدة تصري انك تسيب الشغل هنا، الأول أسيل هانم اللي سافرت من غير حتى ما تودعنا وبعدها دادة أمينة ودلوقت انتي.
_معلش هي دي سنة الحياة.
بس اكيد هاجي ازورك، واول ما الظروف تتعدل معانا ناخد شقة ونستقر فيها.
رن هاتفها فقامت بإخراجه من حقيبتها فتفاجئت برقم سليم.
لم تجيبه وقامت بى غلقه لقد انتهى كل شيء بينهم
ودعت صديقتها وخرجت من المنزل فيوقفها صوت رسالة لابد أنها منه
قامت بفتحها وكان محتواها
_انا مستنيكي بره اطلعي.
اغمضت عينيها بيأس وقررت أن تسير في طريقها دون الالتفات له
خرجت من البوابة الحديدية فوجدته يقف بسيارته بالقرب من المنزل
سارت في طريقها ولم تلتفت له
عليها الهرب من ذلك الجحيم
لن تعود له بعد ما حدث
اجفلت عندما وجدته يقود السيارة تجاهها مما جعلها تسرع الخطى هربًا منه 
وكلما تقدم منها كلما زاد ركضها حتى أسرع ليقطع عليها الطريق فحاولت تجاوزه لكنها لم تستطيع عندما ترجل من سيارته وتوجه إليها فصرخت به قبل ان يقترب منها
_انت عايز مني ايه؟
دنى منها يجذبها من يدها ليتوجه بها إلى السيارة وهو يغمغم
_أمشي من سكات.
رفضت التحرك قيد انملة وقالت بانفعال
_مستحيل آمن على نفسي مع واحد قا.تل زيك.
تحول ذلك الوجه الفاتر إلى فوهة بركان على وشك الإنفجار تراه لأول مرة مما جعل الخوف يزحف لقلبها عندما غمغم من بين أسنانه
_مش هقولها تاني امشي معايا من سكات.
جذبها بقوة وهي تحاول الفرار من قبضته ثم ادخلها السيارة بالقوة وأغلقها خلفها ثم توجه لمقعده وانطلق بها
_انت موديني على فين؟
لم يجيبها وظل ينظر إلى الطريق أمامه فعادت تسأله بانفعال
_رد عليا.
رمقها سليم بنظره غاضبة وغمغم بسخط
_صوتك ميعلاش.
لم تخاف بل تصدت إليه وهي تتابع بقوة
_لأ هيعلى، انا خلاص سيبت الشغل عندكم ومبقاش ليك أي صلة بيا وخاصة بعد ما قتلت أختك بإيدك.
صاح بها هادرًا
_متجبيش سيرة الموضوع ده تاني انتي فاهمة.
ردت بتحدي أشد وهي تراه يظهر أمامها على حقيقته
_لأ مش فاهمة والموضوع ده أصلاً مش هيخرج من جواك وصورة اختك وانت بتقتلها هتفضل قدام عينيك لحد اخر لحظة في عمرك.
لم يستطيع انكار حديثها، عليه ان يبقى الموضوع قيد الكتمان لأجل سلامتها

انعطف سليم حتى توقف امام بناية شاهقة ثم غمغم دون النظر إليها 
_إنزلي.
تطلعت للأمام وقالت بعناد
_مش هنزل إلا لما اعرف أنا جاية هنا ليه؟
ترجل هو ثم توجه ناحيتها ليفتح الباب وينزلها بالاجبار
حاولت التملص منه لكنه احكم قبضته عليها وجذبها لداخل البناية 
دلف المصعد وهنا جذبت ذراعها من قبضته وصاحت به
_انت جايبني هنا ليه وعايز مني ايه، اخرج بقا من حياتي.
ظهر وميض عشق بعينيه ولمحة من الرجاء ثم تمتم بغصة 
_انتي اللي اقتحمتي حياتي وانا متعودتش اني امشي على هوى حد، دخلتيها يبقى تتحملي النتيجة.
لم تفهم معنى حديثه وقبل أن تسأله توقف المصعد وعاد يجذبها ثم توقف بها امام احد الأبواب وقام بوضع بطاقته فينفتح الباب حينها.
هم بالدخول بها لكنها هزت رأسها بخوف وتمتم بوجل
_انت جايبني شقتك ليه؟
تطلع إليها لحظات وقد أخمد ذلك البركان الثائر بعينيه وتمتم بشجى
_متخافيش.
رفضت أن تستسلم لذلك الشغف الذي رأته بعينيه وتمتمت برفض
_ازاي مخفش وكل حاجة بتعملها بتخليني اخاف منك أكتر.
ازدادت قضبة جبينه وتمتم بحنو
_لو خفتي من الدنيا كلها مينفعش تخافي مني.
جذبها لتدخل معه بكل سهولة رغم رفضها وأغلق الباب خلفهم ثم جعلها تقف قبالته وتمتم بثبوت عندما اشاحت بوجهها بعيدًا عنه وقال بأمر
_بصيلي.
ظلت على عنادها مما جعله يمسك ذقنها يجبرها على النظر إليه وقال بحزم
_المأذون جوه ومعاه الشهود هنكتب الكتاب وبكره الصبح هنسافر.
اتسعت عينيها بذهول من حديثه حتى ظنت لوهلة أنها اخطأت السمع لكنها تأكدت عندما تابع
_هنسافر من غير رجعة متفكريش في يوم من الايام ترجعي هنا تاني.
قطبت جبينها بحيرة وسألته باحتدام 
_وانا ايه اللي يجبرني أوافق وانا مفتقدة الأمان معاك؟!
عادت فوهة البركان تشتعل من جديد وتمتم بحزم مبطن بالتهديد 
_الموضوع هيتم سواء برضاكي أو من غيره، بلاش تخليني اعملها بالاجبار
ادخلي الاوضة دي غيري هدومك عشر دقايق وتكوني جاهزة.
تركها ودلف الغرفة حيث يجلس المأذون والشهود 
تم عقد القران وطلب المأذون حضورها كي تمضي على العقد أمامه
استئذن منهم وذهب إليها كي يستعجلها وما إن طرق الباب حتى فتحته وظهرت أمامه بذلك الثوب الذي أختاره خصيصًا لها
لكن لم يتخيل ان تكون بكل ذلك الجمال أمامه
وقد أضفى اللون الأبيض سحرًا خاصةً عاكس لون خصلاتها السوداء

أشاحت بعينيها بعيدًا عنه، لم تتقبل تلك الزيجة لكنها تعلم جيدًا بأنها لن تتحمل بعده ولن تتحمل أن تعيش وحيدة بدونه
نعم تبغض أفعاله وخاصة ما فعله مع اخته وقتله لها، لكن ماذا تفعل تلك الضعيفة التي لا مأوى لها في تلك الغابة السوداء 
_متخافش انا موجوده مهربتش.
التزم الصمت لبرهة وهو يخترق عينها بعينيه يبحث عن نظراتها الواهنة التي كانت ترمقه بها فلم يجد لها أثر 
وجد عينين حادة وكأنها لم تعرف الحب يومًا 
فرد بصوت ثابت
_مين قالك إنك ممكن تهربي مني، لو في بطن الأرض هوصلك.
أشار لها باتباعه فوجدت الماذون يطلب منها الامضاء
كم أرادت أن تمزق تلك الوثيقة وتلقيها في وجهه لكن ماذا بعد
سيرحل ويتركها وحيدة تنهش بها ذئاب البشر.
بيد مرغمة مدت يدها تاخذ القلم وبدأت بكتابة اسمها بجوار اسمه 
بارك لهما المأذون وانصرفوا جميعاً وتركها وحيدة معه 
ماذا ينتظر منها؟
هل ينتظر ان تكون زوجته قولاً وفعلاً 
وهاماً إن ظن ذلك.
لن تسلم نفسها لذلك القاتل مهما ترجاها.
همت بالذهاب لغرفتها لكنه اوقفها قائلاً 
_استني عندك.
توقفت وعد وهي تدير وجهها بعيدًا عن مرمى عيناه التي تكاد تلتهمها
_هتباتي هنا النهاردة والساعة تسعة الصبح تكوني جاهزة كل حاجة محتجاها هتلاقيها في الشنط.
استدار ليخرج من المنزل لكنها تلك المرة من أوقفته 
_انت رايح فين؟
أجاب دون ان ينظر إليها 
_هرجع الفيلا عشان محدش ياخد باله من حاجة.
_وهي دي بقا الحياة اللي عايزني اعيشها معاك؟
استدار ليجيبها وقد عاد فتوره
_حاليًا معنديش غيرها لكن كل حاجة هتتغير لما ييجي الوقت المناسب.
 قطبت جبينها وهي تسأله
_على أساس إني هقبل بالحياة دي؟
_للأسف مفيش غيرها قدامك.
تركها وخرج من المنزل غير عابيء بندائها
لقد فعل كل ما بوسعه لأجلها لذا عليه الآن أن يفعل كل ما بوسعه لأجل نفسه.

عاد إلى منزله متجهاً لمكتب والده فيجده جالسًا بجبروت لم يراه بأحد من قبل 
وكأنه لم تقتل ابنته الوحيدة بل ظهر أمامه بأنها عار وحلت عن كاهله
لذا تقدم منه بنفس جبروته وتحدث بجمود
_أنا مسافر الصبح وعايز توكيل عام قبل ما أسافر 
عاد حسين بظهره للوراء وسأله باقتضاب 
_ليه؟
_لأني مش ناوي ارجع هنا تاني وهستقر هناك.
نهض حسين من مقعده وتوجه إليه ليقف امامه 
_ وايه اللي خلاك مرة واحدة كدة تتخذ قرار زي ده؟
_دي حاجة احب احتفظ بها لنفسي، التوكيل يكون جاهز بكرة الصبح قبل ما أمشي.

اسرعت شاهي بالتخفي خلف أحد الأعمدة قبل ان يخرج سليم متجهاً إلى غرفته.
فقد آتتها فرصة أخرى للخلاص من سليم أيضا 
دلفت المكتب فتجد حسين حائرًا يفكر في حديث إبنه 
اغلقت الباب خلفها وتقدمت منه كي تبخ سمها بداخل اذنه 
_سوري يا حبيبي بس سمعتكم بالصدفة وبصراحة انا مع سليم في اللي طالبه منك
تطلع إليها بحيرة وتابعت هي بدهاء 
_الفرع ده محتاج لمجهود جبار عشان يقدر يقف على رجليه وده اللي عايزه سليم، عايز حاجة تشغله عن احساس الذنب اللي جواه من جهة أخته 
وانا بفضل انه يفضل هناك وكمان تكتم طمعه بأنك تكتبله الفرع ده باسمه بحيث لما تنفذ وعدك ليا بإنك تكتبلي البيت باسمي يبقى ملوش حق يعترض ولا ايه؟
علم ما تود الوصول إليه وأنها تحاول بشتى الطرق ان تجعله يتنازل عن باقي املاكه لها وهنا سيضع ابنه تحت رحمتها وهذا لن يسمح به لذا تعامل بنفس دهاءها
_انا وعدتك لما ييجي الوقت المناسب هنفذ طلبك.
شعرت باللوع في حديثه وقالت باندفاع
_بس انت وعدتني لما أخدت فلوسي عشان تعمل بيها الفرع انك هتكتبه باسمي ودلوقت انت هتسيبه لابنك
جلس حسين على مقعده وتمتم بعدم اهتمام
_طول ما انا عايش هتبقى النسبة العليا باسمي بس متقلقيش لما اموت هكون مامنلك كل حاجة.
كتمت شاهي سخطها مجبرة فإن عاندت أمامه ستكون الخاسرة الوحيدة الآن

 •تابع الفصل التالي "رواية جبل النار" اضغط على اسم الرواية

google-playkhamsatmostaqltradent