Ads by Google X

رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل السابع عشر 17 - بقلم فاطمه طه

الصفحة الرئيسية

     

 رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم الفصل السابع عشر 17 - بقلم فاطمه طه

“أن يحبك أحدهم
وأنت تضحك بطريقة غريبة
وأنت تقلق
تخاف
تهتم بأدق التفاصيل

وتعتريك فجأةً رغبة بالأبتعاد عن الناس
أن يحبك أحدهم
بمزاجك المتبدل
بوجوهك المُتعبة
بأخطائك وبعاديتك المُفرطة
أن يحبك أحدهم
وأنتَ أنت .. لأنك أنت.”
#مقتبسة
الحُبّ يختصِر المسَافات والأعمَار والأزمان، وإنَّك لَتلقىٰ الإنسَان فتُجالِسهُ مرّةً؛ ويكون مَوصُولًا بِرُوحك، فكأنّكُمَا فِي المعرِفة أبناء بيتٍ واحد؛ فَالرُوحُ وطَنٌ، والقَلبُ بَيت!
– وجدان العلي..
________________
يجلس “عمرو” في المقهي وبين يده الأرجيلة الخاصة به، واضعًا الهاتف على أذنيه يحاول الاتصال بها، لكن ليس هناك أي فائدة مما جعله يُلقي الهاتف مرة واحدة هاتفًا بانزعاج جلي وهو يتحدث مع صديقه عما يزعجه.
-بلكتني من كل حتة يا محمود، بلكتني حتى من أرقام الشغل بتاعتي، مسابتش ليا أي مكان أو مخرج أوصلها منه.
عاتبه صديقه المقرب “محمود” والذي بين يديه خرطوم أرجيلة هو الأخر:
-والله ده غلطك من الأول يا عمرو مفيش حد زي الأهطل يروح مطلق ومديهم حاجتهم بالسهولة دي، معرفتش أنتَ تلاعبهم لغايت كُنت سيبتهم يضربوا دماغهم في الحيط وأعلى ما في خيلهم يركبوه وأقصى حاجة كان ممكن يعملوها كانوا هيرفعوا قضية خلع ومكنوش هيطولوا منك حاجة ساعتها.
صاح عمرو مستنكرًا وهو نفسه غاضبًا من حماقته:
-مهوا أخوها مجنون، ده كسر النيش وكسر الشاشة وكان عنده استعداد يكسر الشقة كلها فوق دماغي ومستبيع وأنا أكيد كنت خايف على نفسي يعني.

سحب صديقه نفس طويل من الأرجيلة ثم تحدث بنبرة ذات معنى:
-خلاص يا عمرو متزعلش نفسك أكيد في حل، هي قبل ما تبلكك قالت ليك إيه؟! إيه أخر حاجة قالتها طيب وأنا هحاول ألاقيلك مخرج.
حاول عمرو تذكر حديثها لذلك غمغم وهو يخبره بجدية:
-قالتلي أنها عايزاني أصرف على العيال دي أخر حاجة قالتها، لكن أنا مش هخليها تطول مني مليم واحد حتى.
أخذ صديقه يفكر وطال صمته مما جعل عمرو يهتف ساخرًا:
-في إيه؟! ما تتكلم يا محمود، عمال تقولي هتلاقي حل هتلاقي حل واديك اتخرست أهو.
تمتم محمود بعد نفس وتفكير عميق:
-مراتك مش هتيجي بالغشومية يا عمرو، لازم ترجع حَبيب ولا كأنكم مخطوبين، أخوها مقوي قلبها ومخليها تتفرعن ده اللي فهمته من كلامك، وواضح أن ده مارعها، فأنتَ لازم تأخدها على الهادي.
تحدث عمرو بعدم فهم وهو يناظره بفضول كبير لمعرفة ما يرغب في إيصاله:
-ما تقول علطول أعمل أيه مرة واحدة كده علشان شكلك بتقول كلام يدخل دماغي.
قال محمود ببساطة:
-هتتصل متتكلمش في أي حاجة وتبعتلها مصاريف العيال، سيبك أنتَ النسوان مهما اتفرعنت بتيجي بالحنية، ده حتى المثل بيقول كله بالحنية بيفك، لما تلاقيك بدأت تتعدل في نظرها وتبعت مصاريف لعيالك، وشوية بشوية تتكلم كلمتين حلوين هترجع تاني تكون خاتم في صباعك، اسمع مني.
أعجب عمرو إلى حدٍ ما بحديث صديقه؛ لكنه غمغم بإحباط:
-أكيد مش هروح عندهم يعني، وبعدين هي مبلكاني من كل حتة، ومحدش من أهلي هيرضي يقف معايا في حاجة علشان نصهم مغلطني من الأول من معاملتي معاها والنص التاني شايف إني غلطت لما اتنازلت عن كل حاجة واديتها حاجتها.
وضع محمود يده في جيبه ثم أخرجها والهاتف فوضعها على الطاولة:
-اتصل بيها من عندي كلمها وتقولها أنك فكرت في كلامها وعايز تبعت مصاريف للعيال.

سأله عمرو بحماقة:
-يعني أقولها تقابلني؟!.
صاح محمود مستنكرًا وهو ينظر له:
-مش بقولك غشيم!!!!!..
أسترسل محمود حديثه تحت ضيق عمرو:
-لا طبعا كده هتفهم أنك بتجر سكة معاها، أنتَ هتكلمها دلوقتي وتقولها أعملي محفظة علشان ابعتلك عليها مصاريف للعيال، تقولها أن الولاد ملهمش ذنب ومتعملش أكثر من كده، وتقولها أنها تفك البلوك ليك علشان لو عايز تطمن على العيال أو تبعتلها فلوس مش كل شوية تحتاج تكلمها من رقم غريب.
أصبح الحديث مقنعًا نوعًا ما في عين عمرو مما جعله بعد دقائق يقف بعيدًا عن المقهى ولكن بمسافة تسمح لرؤية محمود له، وأتصل بها.
أجابت عليه إيناس بعد ثواني تقريبًا..
-ألو، مين معايا؟!.
تحدث عمرو بصوتٍ لين وهادئ كما نصحه صديقه:
-الو يا إيناس عاملة إيه؟! إيه أخبارك؟ أنا عمرو…
جاءه صوتها وهي تصيح بانزعاج جلي:
-ده رقم مين ده كمان؟! وبعدين بتتصل بيا ليه يا عمرو مش خلاص خلصنا؟!.
ألتزم عمرو الهدوء وهو يجيب على حديثها بنبرة واضحة دون مرواغة كعادته:
-رقم حد كده مش مهم رقم مين؛ مهوا أنا عايز أكلمك من بدري ومش عارف أوصلك، عايز أقولك أني هبعت فلوس للعيال، وعايزك تعملي محفظة على رقمك علشان كل شوية هبعتلك فلوس ان شاء الله، العيال ملهمش دعوة باللي حصل وهما ولادي وأنا أولى أصرف عليهم زي ما قولتي.
كان عليه أن يرى بأنها فغرت فاهها وعقدت حاجبيها تحاول استيعاب ما سمعته منه….
أخيرًا حاولت الخروج من صدمتها فجاءه صوتها مترددًا:

-أنتَ بتتكلم بجد يا عمرو؟!.
تمتم عمرو بجدية:
-أيوة، اعملي المحفظة وفكي البلوك علشان لو عوزت أطمن على العيال، مجرد ما تعمليها ابعتيلي بس رسالة وأنا هروح باعت ليكي علطول الفلوس، وصدقيني أنا مش هزعجك تاني، أنا مش عايز حاجة غير بس أن علاقتنا تكون كويسة علشان الولاد.
هتفت إيناس بقلق وعدم ارتياح يلازمها نوعًا ما:
-ما تبعتهم على المحفظة بتاعت دياب ما أنتَ عارف رقمه…
كز عمرو على أسنانه وهو يحاول أن يتمالك أعصابه:
-إيناس اخوكي مد إيده عليا بدل المرة مرتين، أعتقد بلاش ندخل في التفاصيل اللي تعمل مشاكل أنا بقولك اعملي محفظة وهبعتلك عليها فلوس الموضوع مش صعب يعني ولا هأكلك…
قالت إيناس من وسط حيرتها:
-طيب…
_______________
كانت ليلة غريبة وحافلة….
أنطلق الجميع بعدما فقدت سلمى وعيها صوب أقرب مستشفى، كانت بدأت تعود إلى وعيها قليلًا في الطريق وهي في أحضان شقيقتها، في سيارة نضال….
لكن رغم ذلك أصر الجميع على أن تذهب إلى المستشفى…
وافقت سلمى على مضض فـهي تشعر بالضعف والأعياء الشديد لا تستطيع أن تعاندهم وكان شرطها الوحيد هو بأن لا يخبر أحد والدتها حتى لا تقلق نفسها عبثًا…
ووافقها الجميع في تلك النقطة…
في الطوائ..
علقوا المحاليل لها بعد كشف مبدئي وقاموا بسحب منها عينات من أجل بعض الفحوصات غير رسم قلب، وهنا أخبر نضال صديقه دياب بأن يعود إلى المنزل مع شقيقته زسلامة يقوم بتوصيلهم ثم يعود لأن الوقت متأخر جدًا…

لكن رفض دياب مخبرًا أياهم بأنه سيركب سيارة أجرة هو وشقيقته ويظل سلامة معهم…
كان الأمر عاديًا وطبيعيًا إلى دياب إلى أن هتفت تلك الفتاة التي يغضب بمجرد سماع صوتها…
-أنا كمان خدوني معاكم.
كان تعقيبها هذا هو السبب الذي جعلها الآن تجلس في سيارة الأجرة في المقعد الخلفي بجوار حور أما دياب يجلس في المقعد الأمامي بجوار السائق.
كانت ريناد تشعر بالتوتر الشديد..
هل سيخبر دياب والدها حقًا؟!..
سوف يقوم بتنفيذ تهديده؟!…
هو صامت ولا يوجه لها حديث، هي لا تتذكر في المطعم إلا أنه رحل هو وشقيقته وهي أخذت تحاول تبرير اختفائها إلى الشاب ثم تركته في وسط المكان حينما وجدت الجميع يأتي من الداخل خلف نضال الذي يحمل سلمى بين ذراعيه وتسير بجواره جهاد بوجه مضطرب وقلق وهي تبكي بجنون وقتها تركت الشاب ورحلت معهم أثناء حديثها معه لم تودعه حتى…
حاولت ريناد بأن توجه حديث إلى دياب فهي تعلم بأنها أخطأت في حقه الليلة أمام والدته حينما تفوهت بتلك الحماقة لذلك خلعت أحد أقراطها وأسقطت واحدة منهم عمدًا ثم غمغمت وهي توجه حديثها إلى دياب:
-ممكن موبايلك لو سمحت.
رد دياب عليها وهو يستدير برأسه:
-أنتِ بتكلميني أنا؟!.
هزت ريناد رأسها بإيجاب وتحدثت:
-أيوة بكلمك أنتَ ممكن موبايلك علشان عايزة الفلاش الحلق وقع مني ومش لقياه.
تحدث دياب ساخرًا وهو يعتدل في جلسته:
-وموبايلك أنتِ فين؟!.

ردت عليه ريناد كاذبة:
-فاصل شحن.
تمتم دياب بعدم فهم:
-ما تقولي للي جنبك، قولي لـ حور.
ثم أستدار مرة أخرى ليجد شقيقته قد ذهبت في نومٍ عميق، هنا تحدثت ريناد بانزعاج واضح:
-هتفتح ليا تحقيق علشان تولع ليا الفلاش؟! مش فاهمة بصراحة في إيه؟!..
تحدث سائق السيارة، رجل أربعيني وهو يرفع يده إلى أعلى بهاتفه قائلا بنبرة مشاكسة:
-ولا تزعلي نفسك خدي موبايلي واعملي اللي عايزة تعمليه يا..
هنا تحدث دياب بغضب لم يجعله يستكمل كلماته وبسبب بنبرته المرتفعة استيقظت حور من نومها:
-نزل إيدك، وخليك في حالك ياسطا وركز في الطريق متخلنيش اتنرفز على أخر الليل متجربش حظك معايا..
هبط الرجل بيده ووضع الهاتف في مكانه مغمغمًا بنبرة متوترة:
-أنا قولت بس أخدم مكنش قصدي اضايقك ولا اضايق المدام…
غمغم دياب ساخرًا بانزعاج شديد:
-ولا مدام ولا زفت وبعدين ملكش فيه ولا تخدم ولا غيره خليك في حالك وبُص قدامك أحسن نعمل حادثة أو أخليك أنا تعمل حادثة من نوع تاني، خليك تروح بيتك سليم.
عقب الرجل بنبرة منخفضة:
-هي ليلة باينة من أولها…
ثم صمت الرجل وساعدت حور “ريناد” بإيجاد القرط وبعد دقائق….
أخــيــرًا…..

وقفت السيارة أمام البناية رقم أربعة عشر وهبطت حور ثم ريناد التي أخذت تبحث في حقيبتها عن نقود، وفي الوقت التي أخرجتها كان دياب أعطى السائق أجرته وكان يرحل…
تمتمت ريناد بانزعاج:
-أنا كنت هدفع على فكرة.
هتف دياب بنبرة ساخرة وهو يعقب على حديثها وأثناء ذلك كانت حور صعدت أثناء حديثهما لأنها تشعر بالرغبة في النوم:
-ليه ان شاء الله وبتاع إيه تدفعي أجرة التاكسي اللي أنا راكب فيه أنا واختي؟!.
تحدثت ريناد بتوضيح:
– يمكن علشان أنا كنت راكبة معاكم برضو ولو أنتَ شايف أن مينفعش أدفع ليكم أنتَ كمان مينفعش تدفع ليا أنتَ مش أحسن مني في حاجة.
زفر دياب بضيقٍ لا يدري عن أي ذنب يُكفر بتواجد تلك المرأة معه، فـتنهد ثم غمغم مشيرًا لها:
-ربنا يهديكي أنا على أخرى اطلعي يلا شقتك وخلصينا.
رفعت سبابتها وقالت بنبرة قوية لا تناسب ما تقوله قليلًا:
-ربنا يهديك أنتَ يا أستاذ.
رفع دياب يده موجهًا أياها صوب السماء متخذًا وضعية الدعاء:
-ربنا يهدينا جميعًا يارب.
ثم أنزل يده وهنا وضعت ريناد النقود في حقيبتها قائلة بكبرياء ورأسٍ مرفوع:
-المرة الجاية أنا اللي هدفع علشان تبقى عارف.
تحدث دياب متهكمًا:
-لا بعد الشر، ربنا ما يجيب مرات تانية ولا حاجة يلا أطلعي بقا وأفصلي وبطل رغي.
تمتمت ريناد بنبرة مترددة وهي تقوم بتعديل خصلاتها:

-طيب في موضوع كنت حابة أتكلم معاك فيه.
-مفيش بينا مواضيع نتكلم فيها.
صاحت ريناد في وجهه:
-طب اسمع الأول هو الرفض من أجل الرفض وخلاص، اسمعني من فضلك.
صمت وكان صمته وعدم اعتراضه بمنزلة إعلان واضح لها بأن تقول ما تريده لذلك استغلت الفرصة على أكمل وجه وهي تخبره:
-لو سمحت ممكن متقولش لـ بابي حاجة عن الحفلة، وأوعدك إني مش هروح أصلا وعد..
تحدث دياب بنبرة غامضة:
-وليه مقولش؟! بعد ما استعملتي حنجرتك الذهبية دي وبعلو صوتك روحتي قايلة قدام أمي إني كنت عايز ادخلك الشقة واتبليتي عليا..
تمتمت ريناد باعتذار وندم حقيقي:
-خلاص أنا اسفة، بجد متقولش حاجة وأنا اوعدك مش هروح.
تمتم دياب ساخرًا:
-ياستي تروحي ولا متروحيش أنا مال أمي، أنتِ فكراني مهتم للدرجة؟! أنا كنت بقول كلمتين وخلاص اعملي اللي تعمليه ولا توعديني ولا متوعدنيش أنا مليش دعوة بيكي أصلا من وسط همي هفكر جنابك رايحة الحفلة والا لا…
ابتلع ريقه ثم أشار لها متحدثًا بنبرة منزعجة قليلًا:
-يلا أطلعي مش حلوة تفضلي في الشارع لغايت دلوقتي وتكوني واقفة معايا كمان.
نظرت لها ريناد بشذر لأنها ترى نفسها
هي الحمقاء….
هي المعتوهة أنها ظننته رجلًا وفكرت في الحديث معه، هو وقح، ورجل مستفز؛ وبه كل الصفات السيئة في الكوكب…
لذلك تركته وصعدت على الدرج بغضب واضح بينما هو ظل واقفًا في مكانه.

______________
تجلس سلمى على الفراش تستمع إلى توبيخ والدتها كـطفلة صغيرة ارتكبت ذنبٍ ما وتستمع إلى حديث والدتها التي بالرغم من تأخر الوقت لم تخلد إلى النوم انتظرت أن تأتي الفتيات….
بمجرد أن أتت سلمى وجهاد..
فعلمت يسرا ما حدث لها، لذلك صنعت لها الحساء أولا وأتت به ثم وضعته أمامها وها هي تتناوله رغمًا عنها وتنصت إلى توبيخ والدتها…
-علشان بقالك فترة لا بتأكلي كويس ولا بتنامي كويس زي الأول وقعدت أقولك يا سلمى خلي بالك على نفسك بطلي تضغطي على نفسك وخلي بالك على صحتك، لكن كالعادة تجاهلتي كلامي واهي النتيجة.
كادت سلمى أن تتحدث لكن صرخت والدتها في وجهها كما لم تراها من قبل:
-ولا كلمة، اشربي الشوربة.
بالفعل…
بدأت سلمى تتناول الحساء رغمًا عنها، تحت ضحكات جهاد التي تكبحها بصعوبة رهيبة وهي تجلس على الفراش الآخر، فحاولت الهدوء قليلًا والحديث بنبرة طبيعية:
-خلاص يا ماما براحة عليها، وبعدين حصل خير الحمدلله أنها جت على قد كده.
ردت عليها يسرا بغضب واضح:
-أنتِ كمان ياريت تسكتي يا جهاد، فالحة بس تفتني على كل حاجة، ليه مقولتيش ليا واتصلتي بيا عرفتوني أنكم في المستشفى؟!.
عقبت جهاد وهي تعقد ساعديها بضيقٍ، تدافع عن حالها:
-بنتك اللي قالتلي متصلش بيكي، وبعدين محبتش أقلقك يعني.
تركت سلمى الحساء هاتفة برجاء حقيقي وهي تنظر إلى والدتها:
-كلت أهو والله مش هقدر أكل أكتر من كده أنا تعبانة وعايزة أنام واليوم كان طويل جدًا، واتشكشكت في المستشفى وخدوا مني عينات دم قد دده وعلقوا ليا كانولا واتبهدلت، سيبوني أنام بقا وحقك عليا يا ماما.

قاطعتها يسرا بتوضيح ونبرة جادة:
– أنا كل اللي مضايقني أنك تعبانة وحصل فيكي كل ده، نفسي تبطلي عِند يا سلمى، لو مكنتيش عندتي في الأكل والشُرب مكنش وصلنا لهنا.
بعدما انتهت من كلماتها تلك تحدثت بنبرة مُرهقة هي الأخرى:
-خلاص يا بنتي ننام والصبح نتكلم وهصحي من بدري أحضر ليكِ فطار وأعملك الغداء؛ أهم حاجة أنتِ لو حسيتي بأي حاجة صحيني ها؟!..
هزت سلمى رأسها بإيجاب فأبتسمت لها يسرا ثم نهضت هاتفة:
-تصبحوا على خير.
رد الاثنان في وقتٍ واحد:
“وأنتِ من أهل الخير”
رحلت يسرا..وبعد دقائق من رحيلها نامت سلمى على الفراش هاتفة بنبرة مُرهقة ومُتعبة إلى أبعد حد:
-يلا أقفلي النور علشان ننام بقا أنا مش قادرة مش حاسة بأي حتة في جسمي.
نهضت جهاد من فراشها وبدلًا من أن تتوجه صوب المصباح توجهت صوب فراش سلمى وجلست بجوارها ثم التصقت بها مما جعل سلمى تكز على أسنانها هاتفة:
-ابعدي عني ونامي أنا مش طايقة نفسي وتعبانة بجد.
تحدثت جهاد رافضة:
-لا يا ماما مفيش نوم، وبعدين يعني مش حابة تعرفي تفاصيل؟!.
غمغمت سلمى بعدم فهم:
-تفاصيل إيه مش فاهمة؟!.
ضحكت جهاد هاتفة بنبرة مرحة وهي تقلد صوتها:
-لا مينفعش هو يلبسني الشبكة، راح في أخر الليل الواد شالك متزعليش نفسك خالص ولا كأنك ريشة.
صاحت سلمى مستنكرة، وهي تعتدل في الفراش متمتمة بعدم فهم:

-مين اللي شال مين؟!..
بعد تلك الجملة صمتت تمامًا…
فهي لا تتذكر سوى بأنها فقدت الوعي، بعدها تتذكر بأنها كانت تفتح عينها بصعوبة وهي تجلس في السيارة في أحضان جهاد تحاول الحديث معهم وأن تبث الطمأنينة في نفس جهاد بأنها بخير، أما في المستشفى ساعدتها ريناد وجهاد لكن هناك بعض اللحظات منقطعة من عقلها لم تحاول السؤال أو لم يأتي في عقلها هذا السؤال، لم يكن هناك متسع من الوقت…
أكدت لها جهاد الأمر هاتفة بوضوح وصراحة:
-نضال اللي شالك يا حبيبتي هيكون مين على رأي عم زهران هنجيب راجل يشيلك والواد قُرني مثلا.
وضعت سلمى يدها على وجهها متحدثة بصوتٍ بالكاد خرج منها:
-اخرسي يا جهاد اخرسي.
تحدثت جهاد بنبرة مرحة:
-متتكسفيش يدوبك كنا أحنا ودياب واخته والبت صاحبتك الجديدة، على كام واحد في المطعم يعني مش قصة مدام منزلش ليكم فيديو على الفيسبوك ومكتوب عليه الراجل لما يحب.
غمغمت سلمى وهي تدفعها بصعوبة بسبب كف يدها الموضوع عليها اللاصقة الطبية:
-روحي أقفلي النور ونامي يا جهاد عارفة لو نطقتي أو اتكلمتي عن الموضوع ده تاني أو قولتيه مش هيحصلك كويس.
نهضت جهاد وهي تدندن الاغنية بمرح شديد..
بالحضن ياما بتبتدي حكايات وبتنتهي حكايات
الحضن ياما حاجات بتتقال فيه
الحضن ده إحساس يساوي حياة
وقت الفرح نملاه

وقت التعب والآه هنهرب فيه
بالحضن ياما أعز ناس بتغيب
بوداع في حضن حبيب
لحظة إيديه ما تسيب بتبكي عينيه
الحضن ده مين فينا يوم ينساه؟
مين سيرته مش وحشاه؟
ومناه في يوم يلقاه ويجري عليه..
كان مصيرها هو أن سلمى قذفتها بالوسائد وأي شيء طالته يدها.
___________
في منزل زهران….
-مجاش في بالي غير لما كنت بكلم سلامة وبيقولي سلمى أغمى عليها، غير القرموطي مشهد كريستينا حامل.
قهقة زهران بطريقة مرحة على حديثه بعدها سحب نفس من الأرجيلة مما جعل نضال يستشاط غضبًا، هنا تحدث سلامة بانزعاج شديد:
-لو نفرمل شوية…
صاح نضال مستنكرًا:
-كنت فرملت أنتَ، يعني احنا مرضناش نقول لحد تروح أنتَ قايل لأبوك في ساعتها، وبعدين هزار مش عايز أنا بقولكم أهو.
تحدث سلامة وهو يدافع عن نفسه:
-هو كان متصل بالصدفة والله و….
قاطع زهران هذا الحديث متحدثًا بنبرة جادة:
-بلاش تبقى قِفل وبعدين هو قالي واديني مجيتش ولا عملت حاجة تضايق حضرتك عملت ليا حجر وفضلت قاعد مستنيكم بأدب واحترام.

غمغم سلامة بجدية شديدة وهو يضع يده على كتف أبيه بعدما نهض من مكانه وجلس بجانب والده على الأريكة.
-أيوة الراجل معملش حاجة بلاش مشاكل بقا وعُقد وخلاص وبعدين أهم حاجة أننا اطمنا على سلمى.
نهض نضال من مكانه هاتفًا باختناق:
-أنا رايح أنام تصبحوا على خير.
-وأنتَ من أهل الخير يا ابني.
كان هذا تعقيب زهران بينما سلامة قال ببساطة:
-وأنتَ من أهله.
أستوقفه زهران هاتفًا بعدما سحب نفس من أرجيلته:
-سمعت أنك شيلت البت، عصب زي أبوك طالع ليا والله، جدع ياض اللي حصل ده أثبت أن فيك مني، ومن جيناتي.
تحدث نضال بحرج وغضب في الوقت ذاته:
-والله أنا لو ربنا كتبلي إني اخش الجنة هيكون سبب من ضمن الأسباب إني اتحملتك أنتَ وابنك.
أنهى حديثه ورحل إلى غرفته ثم صفع الباب خلفه وهنا غمغم نضال موجهًا حديثه إلى سلامة:
-عاق الواد ده ليا بس برضو راضي عنه مشكلتي إني طيب.
ابتلع زهران ريقه ثم غمغم بجدية:
-صحيح حصل إيه قبل ما سلمى يغمى عليها، اتكلموا مع بعض حصل حاجة كده ولا كده، طمني؟!.
حاول سلامة أن يفكر في إجابة مُقنعة متحدثًا بنفي:
-محصلش حاجة نادرًا ما كنت اشوفهم بيتكلموا مع بعض، وحتى لو اتكلموا كان كلام عادي قدامنا.
صاح زهران مستنكرًا وهو ينظر له:
-هو أنتَ كنت قاعد على حجرهم يعني؟! وبعدين بقا أنا مش عارف أعمل إيه، البت قفل بكل المقاييس ومتعقدة جامد من حوار أبوها ده، وغير أنها متحفظة أوي، والتاني مش طايق نفسه.

قال سلامة ببساطة شديدة وهو يقول أي شيء لكنه علق في ذهن زهران بشكل كبير:
-الاتنين دول لازم يكتبوا كتب الكتاب يا بابا……
______________
في اليوم التالي..
استيقظ نضال من نومه ثم قضى فرضه وتناول فطوره وخرج من غرفته، وجلس بجوار والده الذي بين يديه خرطوم أرجيلته وأمامه كوب الشاي الخاص به…
تحدث نضال بنبرة هادئة:
-إيه منزلتش لسه يعني مش كنت بتقول وراك مشوار؟!.
تمتم زهران وهو ينظر له بعدما سحب نفس من أرجيلته:
-شوية كده ونازل، لما أم عطية تيجي، هسيبها مع مرات عمك وامشي، تنظف الشقة كده بقالها كتير مجتش وأوضة سلامة بالذات لا تصطسر عدو ولا حبيب.
أردف نضال معترضًا:
-وليه مقولتش ليا من بدري؟!.
تحدث زهران ببساطة شديدة:
-علشان أنتَ كده كده نازل على العصر.
غمغم نضال بعدم فهم وهو يخبره:
-مين قالك إني نازل على العصر؟! أنا مواريش حاجة وده معناه إني مش بنزل غير قبل العشاء، إيه اللي أنا نازل دي بقا؟.
وضح له زهران الأمر قائلا بنبرة جادة:
-مهوا أنا نازل رايح مشوار؛ وأخوك في الشغل، وأنتَ هتنزل علشان تشوف خطيبتك عاملة إيه وتطمن عليها، أنا كلمتهم يحضروا ليها قطعيات لحمة أنما إيه خيال وعجب، ترم عضمها تعدي تأخدهم وتأخدلك طبق حلويات وتطلع كده تطمن عليها زي الشاطر..
رد عليه نضال ساخرًا وهو يناظره بعدم تصديق حقًا:

-هو إيه اللي رايح بالاجبار دي علشان اشوفها عاملة إيه؟! ما أكيد زي ما هي ده معداش عشر ساعات، ده زمانها لسه مصحيتش من النوم أساسًا.
تحدث زهران بنبرة هادئة:
-إذا كان كل همك النقطة دي متقلقش، البت صاحية وعنيها مفنجلة أنا نفسي لسه قافل معاها من شوية كلمتها أطمن عليها وقولتها أنك هتروح ليهم على بعد العصر كده….
أخيرًا بعدما انتهى من كلماته نظر صوب نضال ليجده فاغرًا فمه، محلقًا بصره به لا يدري حقًا ما الذي يجب أن يفعله؟!..
-بتبص ليا كده ليه يا ابني بس؟! وبعدين يعني زيارة المريض واجب، ودي خطيبتك يعني مش أي مريض…
سأله نضال بعدم فهم:
-أنتَ جيبت رقمها منين؟!.
توقف لثواني ولم يعطِ مساحة لزهران حتى يتحدث وقال بنبرة غاضبة:
-طبعًا سلامة..
دافع زهران عن ولده هاتفًا بانزعاج:
-لو سمحت متظلمش ابني، ابني في الشغل بيجتهد مش فاضي ولا يفتن ولا يعمل حاجة..
تمتم نضال بعدم فهم:
-اومال جيبته منين يعني؟! مهوا أكيد مكنش معاك من الأول..
رد زهران عليه هاتفًا ببساطة شديدة وهو يخبره:
-بعت للبت جهاد على الواتس يا جاهل وبعتتلي الرقم وأنا كلمتها أومال زيك مبعرفش أجيب أرقام بنات؟! بعدين أنا مفيش رقم أي أنثى مين ما كانت هي مين يستعصى عليا إني أجيبه، دي بقا الشطارة والحنكة.
تحدث نضال وهو يكز على أسنانه هاتفًا بغضب حقيقي فهو يشعر بأنه على وشك أن يُصاب بجلطة قريبًا..
-هو مش كفايا بقا قرارات وحاجات تعملها من ورايا من غير ما تأخد رأيي؟!، لو حابب أننا نكمل أنا وهي مع بعض متدخلش بينا..

هتف زهران بنبرة بريئة:
-أنا يا ابني؟! انا عمري ما عملت حاجة إلا وأخذت رأيك فيها ومش بعمل حاجة من ورا ضهرك ولا بدخل ما بينكم..
قاطعه نضال بعصبية يحاول كبتها قدر المُستطاع:
-اومال تسمي إيه اللي عملته النهاردة بس إيه؟! ده أنا مش هتكلم عن اللي فات..
حاول زهران تبرير فعلته بمهارة شديدة:
-أبدًا ملهوش تبرير غير إني حبيت أمشي تبع الأصول وأفكرك بيها، الأصول بتقول تروح تشوفها وتطمن عليها وتتكلموا مع بعض بدل ما الليلة اضربت امبارح هو أنا بعمل كده علشاني يعني؟! مهوا كله علشانك..
تحدث نضال برجاء حقيقي:
-أرجوك متعملش حاجة خالص.
________________
بعد مرور ساعة ونصف تقريبًا..
كان نضال يجلس على الأريكة في منزل يسرا، بعدما جاء من أجل الاطمئنان على صحتها….
الغريب بأنه فكر بأن يأتي ولكنه حاول أن يقنع نفسه بأن ينتظر يومين على الأقل حتى تكون استعادت عافيتها.
صنعت له يسرا القهوة ثم أخبرته بأنها سوف تذهب حتى تخبر سلمى بأنه أتى..
وها هي فتحت باب الغرفة ثم أغلقته خلفها هاتفة:
-إيه مطلعتيش ليه؟! اكيد يعني مطرشتيش وسامعة الجرس وعرفتي أن في حد جه.
غمغمت سلمى كاذبة:
-مش قادرة أقوم يا ماما..
تحدثت يسرا ساخرة بعض الشيء:

-ندخله يعني الاوضة ولا إيه؟! قومي البسي الإسدال وخلاص، مش لازم تقعدي تفكري هتلبسي إيه، قومي عيب الراجل برا عايز يطمن عليكي، عيب متخرجيش وأنتِ عارفة أنه جاي أصلا من بدري.
بعد دقائق تقريبًا..
كانت سلمى تجلس على الأريكة بينما هو يجلس على الأريكة المقابلة تركتهم يسرا حتى تترك مساحة لهم بسيطة ومعقولة للحديث وذهبت حتى تصنع الغداء لهم.
هتف نضال وهو يحاول أن يتجاذب معها أطراف الحديث:
-ها إيه اخبارك دلوقتي بقيتي أحسن؟!.
تمتمت سلمى وهي عاقدة ساعديها:
-الحمدلله كويسة، مكنش له لزوم تتعب نفسك؛ كفايا اللي حصل امبارح تعبتكم وقلقتكم.
قال نضال ببساطة:
-مفيش تعب ولا حاجة أهم حاجة أنك تكوني كويسة وتخلي بالك من صحتك أكتر من كده.
ولم يسترسل حديثه حينما ولجت جهاد من باب الشقة بعدما فتحته بواسطة المفتاح وهي ترتدي قناع طبي “كمامة” في منظر غريب وكأنها تتخفى من شيئًا ما.
توترت جهاد أكثر وهي ترى نضال فقالت بقلقٍ:
-مساء الخير.
تحدثت سلمى معلقة رغمًا عنها دون أن ترد على تحيتها:
-لابسة كمامة ليه؟!!!..
غمغمت جهاد بتردد وهي تأتي وتجلس بجوارها متحدثة بصوت يظهر فيه الندم بعض الشيء:
-لا مفيش حاجة الجو تراب بس شوية وأنا الجيوب الأنفية مبهدلاني..
تمتمت سلمى بعدم اقتناع تردد جملتها الأخيرة:
-اه جيوب أنفية أه..

حاولت جهاد قول أي شيء حتى تلهي نفسها والجميع:
-ازيك يا نضال عامل إيه؟!..
رد نضال عليها بنبرة هادئة:
-الحمدلله بخير.
تحدثت جهاد بنبرة ظهرت فيها حمقاء:
-إيه مش بتيجي ولا بنشوفك ليه؟!.
ضحك نضال رغمًا عنه وهو ينظر لها متحدثًا بنبرة ذات معنى:
-يمكن علشان لسه الخطوبة أمبارح بس وجيت تاني يوم علطول، ده أنا مغيبتش عليكم غير اتناشر ساعة تقريبًا.
نما إلى سمعهم صوت الجرس وهنا انتفضت جهاد قليلًا ولم تنهض فور سماعها..
غمغمت سلمى بعدم فهم وهي تناظرها:
-ما تقومي تفتحي الباب وتشوفي مين..
أردفت جهاد بتردد:
-ملهوش لزوم.
جحظت عين سلمى بسبب تلك الإجابة الغير مفهومة ثم قالت بعصبية بعض الشيء تحت نظرات نضال:
-إيه اقوم أنا يعني؟!..
تمتمت جهاد بتردد وصوت الجرس يزداد بإصرار كبير:
-قومي…
جاءت يسرا من المطبخ حينما كان نضال يقول وهو ينهض من جلسته :
-خلاص أقوم افتح أنا متزعلوش نفسكم.

توجه نضال ثم فتح الباب ليجد شقيقه سلامة بأعين غاضبة إلى أقصى حد..
هتفت يسرا في الوقت نفسه وهي تنظر إلى ابنتيها:
-محدش فيكم عايز يتحرك ويفتح الباب ليه؟!..
حينما نظرت يسرا على وجه جهاد غمغمت بعدم فهم:
-إيه اللي حطاه على وشك ده؟! لابسة كمامة ليه؟!…
نهضت جهاد وكانت على وشك أن تركض صوب الغرفة لولا صوت سلامة المرتفع إلى حدٍ كبير بعدماىتخطى شقيقه والجًا إلى الداخل.
-استني عندك رايحة فين خليكي.
تمتمت يسرا بنبرة جادة:
-ازيك يا سلامة يا ابني؟! مالك؟! صوتك عالي كده ليه؟!
تحدث سلامة وهو يتمالك نفسه بصعوبة فهو أستأذن للذهاب من عمله بصعوبة شديدة بعدما تلقى الصورة الخاصة بها، ورسالتها التي اغضبته…
-أسالي بنتك يا طنط، وريهم اللي بعتيه ليا.
قالت يسرا وهي تحاول استيعاب الموقف:
-وريتك إيه وبعتت إيه؟! ما حد فيكم ينطق يقول في إيه؟!!.
خلعت جهاد القناع الطبي وواجهت الجميع متمتمة بجراءة تحسد عليها وهنا ظهر الشيء الذي يلمع في أنفها:
-مفيش كل اللي بيعمله ده علشان بعتله الصورة إني عملت بيرسينج.
صاح سلامة بذهول:
-بصوا بتتكلم ازاي ولا كأنها عملت حاجة، الهانم خرمت مناخيرها، ازاي تعملي كده من غير ما تقوليلي وتأخدي رأيي؟!!..
ردت عليه جهاد بنبرة جادة:
-أنا مقولتش لحد أساسًا وبعدين أنا مش عارفة أنتَ ليه مكبر الموضوع أوي كده يعني؟! هو ده حاجة تخصكم علشان أخد موافقتك وموافقة مصر كلها عليها.

تمتم سلامة بانزعاج جلي:
-أنا مش موافق.
غمغم نضال بنبرة عقلانية بعض الشيء:
-ممكن توطي صوتك وتهدى شوية.
قال سلامة بعناد واضح:
-أنا مش هتجوز واحدة مناخيرها مخرومة، تسد الخرم قبل الفرح يا بلاها بقا…
ردت عليه جهاد مستنكرة:
-مش هسد حاجة أنا حرة في اللي أنا اعمله، أنا لسه مبقتش مراتك عشان تتحكم فيا، وبعدين إيه أسده دي؟! أنتَ فاكر إني هقوله أتسد يا خرم هيروح مسدود؟!!! حتى لو حصل ده بعد فترة طويلة، وأنا نش هعمل كده شكله عاجبني ومقتنعة بيع.
تحدث سلامة بانزعاج شديد:
-زي ما خرمتيه سديه دلوقتي…
هتفت يسرا وهي تنظر له بضيقٍ رغم أن فعلة ابنتها ازعجتها هي حتى لو تفكر في أن تشاورها في الأمر مُسبقًا:
-وطي صوتك يا ابني واحترم على الأقل وجودي.
وجد نضال “سلمى” مازالت جالسة في مكانها فأردف بنبرة ساخرة بعض الشيء:
-منورة.
ردت عليه سلمى ضاحكة رغمًا عنها:
-بنورك..
غمغم نضال مستنكرًا سكونها فهي حتى لم تتحرك من مكانها مقدار ذرة:
-تحبي نجيبلك تشربي حاجة؟!..

عقبت سلمى على حديثه ببساطة:
-لا شكرا لو عايزة هقول أنا في بيتي كده كده، وبعدين أنا مش مصدومة العرض ده أنا شوفته كتير لايف.
عند سلامة..
كان مستشاطًا وغاضبًا إلى أقصى حد فأسترسل الحديث مع يسرا منفعلًا:
-لا واللي راحت معاها ميار، عي أي مصيبة في الدنيا يطلع من تحتها ميار من غير ما الواحد يفكر.
أردفت جهاد بنبرة شبة صارخة:
-على فكرة أنتَ مكبر الموضوع جدًا وبعدين مالك بيها دلوقتي هو معنى أنها راحت معايا تبقى هي السبب، هو أنا مليش رأي مثلا شايفني عيلة صغيرة ولا إيه؟!.
تمتمت يسرا بضيق شديد:
-أنا شايفة أن الكلام ممنوش فايدة دلوقتي أنتم الاتنين متعصبين اتكلموا وقت تاني.
رد نضال عليها:
-وأنا شايف كده برضو، يلا يا سلامة.
بالفعل رحل سلامة برفقة نضال بعدما ألقا التحية على الجميع وهنا تحدثت سلمى قبل أن تعقب والدتها:
-الحمدلله بقيتي زي البقرة شكلًا وموضوعًا….
ثم أسترسلت حديثها ساخرًا:
-بعديين معجبة بصراحة بدماغك الفاضية أن بعد هلك امبارح فكرتي تروحي تعملي كده، يا روقانك…
_____________
الواحدة بعد منتصف الليل..
عاد دياب منذ قليل بعدما قام بـ تسليم “التوكتوك” وها هو يجلس على الأريكة يتناول بعض الشطائر التي صنعتها شقيقته إيناس قبل أن تذهب حتى تستعد للنوم كعادتها في كل يوم لكن أطفالها لا يتركونها تفعل ما تريد.

أما حور كانت تجلس على أحد مقاعد السفرة وأمامها الكتب الخاصة بها، هذا أفضل وقت تحب المذاكرة فيه، حينما ينام الجميع بعد منتصف الليل، أو في الصباح الباكر أثناء نومهم وبالطبع كانت حُسنية خلدت إلى النوم منذ مدة…
نما إلى سمع دياب صوت جرس الباب فنهض من مكانه تحت نظرات حور التي تشعر بالاستغراب؟!..
من هذا الذي سيأتي لهم في هذا الوقت من الليل؟!..
فتح دياب الباب ليشعر بالصدمة كانت هدير أمامها بأعين متورمة وحمراء من كثرة البكاء وملابس إلى حدٍ ما عشوائية، كأنها ملابس منزلية!!
كانت هيئتها مُريبة نوعًا ما..
هتف دياب مُرددًا اسمها بتعجب غريب كان بـمنزلة ألف سؤال وسؤال:
-هــديــر!!
كان رد هدير عليه مختصرًا إلى حدٍ كبير وهي على وشك الدخول فؤ حالة انهيار وبكاء عظيمة:
-أنا معرفتش أروح فين غير هنا، أنا مليش حد….
بعد تلك الجملة جعلها دياب تدخل إلى الداخل، وأيقظ والدته، أما إيناس كانت بالفعل مستيقظة وأتت على صوت الباب هي وأطفالها..
أخذتها إيناس في أحضانها وهي تجلس بجوارها على الأريكة تحاول تهدئتها نوعًا ما، أما دياب كان مشتعلًا يرغب في معرفة سبب تواجدها في هذا الوقت بمفردها في الشارع؟!…
فتاة في عمرها لم تبلغ الثامنة عشر بعد، كيف أتت من تلك المدينة البعيدة بمفردها وهي ترتدي ملابسها المنزلية!!!!!!!!!
حاولت هدير قول أي شيء:
-أنا أسفة؛ أنا جيت عملت ليكم ازعاج.
قالت حُسنية بلُطفٍ وهي تناظرها بنظرات عطوفة:
-يا بنتي مفيش ازعاج ولا حاجة بس فهمينا إيه اللي حصل وخلاكي تكوني في الشارع في أنصاص الليالي كده…
سألها دياب بنبرة مباشرة:

-أخوكي اللي مشاكي؟!.
تحدثت هدير بنبرة متوترة من وسط بكائها وايناس تمسح دموعها بالمنديل الورقي:
-لا أشرف بقاله كام يوم في مأمورية ومش في البيت.
عقبت إيناس مستفهمة:
-طب إيه اللي خلاكي تسيبي البيت طيب وأخوكي مش موجود…
قالت هدير بنبرة مقهورة والدموع تهبط من عيناها بغزارة:
-مراته طردتني، طردتني وضربتني وفضلت تغلط فيا، وتقول كلام عمري ما كنت استوعب أنه ممكن يتقال ليا، من ساعة ما روحت وهي بتسم بدني بأفظع كلام ممكن الواحدة تسمعه عني وعن أختي..
ثم استدركت هدير نفسها وهي تقول اسمها مجردًا من دون أي صفة وكأنها لا تعرفها:
-عن أحلام، قالتلي مجيش هنا تاني، من ساعة ما روحت عندهم لا عارفة اذاكر ولا عارفة أنام ولا عارفة أكل بتسمم اللقمة عليا، أنا معرفتش حتى أكلم طارق أقوله إيه علشان الوقت اتأخر وعلشان أنا خايفة عليه لأني عارفة هو حاسس بالعجز إزاي وأنا زهقت من إني أفضل أشيله حِمل لدرجة إني كنت بكدب عليه كل يوم بأن كل الأمور كويسة وأنا كنت بعيط كل ليلة وأنام من كُتر العياط في الأخر والتعب.
تحدثت حُسنية بتردد وهي تسألها بجدية:
-طب ليه مفكرتيش تعرفي أخوكي بتصرفات مراته يمكن يكون غافل عنها أو مش مركز زي ما قولتي أنها بتدي كلام من تحت لتحت، كنتي كلمتيه وعرفتيه اللي عملته مراته في غيابه.
ضحكت هدير بسخرية من وسط ألمها هاتفة:
-في حاجات كتير أوي حصلت قدام أخويا ومفتحش بُقه بكلمة، هو أضعف من أنه يعارضها، أنا مطلبتش أنه يعارضها كان كفايا يطيب بخاطري ويقولي حقك عليا، لكن ده أشرف ومش هيتغير أنا بس اللي كنت في وقت من الأوقات صدقت بكل غباء أنه اتغير فعلا.
ابتلعت ريقها ثم نهضت، لتنهض إيناس هي الأخرى متمتمة بعدم فهم:

-إيه رايحة فين؟!.
هتفت هدير بتردد وحرج كبير:
-أنا هروح بيتنا وحقكم عليا مرة تانية بجد، أنا معرفتش اروح فين ولقيتني بقول للتاكسي ينزلني هنا.
هي تشعر بالقلق من أن يأتي شقيقها لها وهي بمفردها في المنزل لكن لا يمكنها أن تضايقهم أكثر من هذا..
أما دياب كان على وشك أن يطاير دخان من أذنيه وهو يسمعها يحاول تخيل الأمر بأنها ركبت سيارة أجرة فى هذا الوقت المتأخر ليلًا!!
بمفردها..
هذه المسافة كلها…
تمتم دياب بنبرة هادئة:
-نامي هنا معاهم يا هدير ويبقى يحلها ربنا بكرا، الصباك رباح، ونبقى نكلم طارق ونعرفه باللي حصل.
قالت هدير بتردد وجدية:
-ملهوش لزوم بجد أنا مش عايزة أكون تقيلة عليكم.
غمغمت إيناس بنبرة لينة:
-هنا بيتك يا هدير بلاش تقولي الكلام ده علشان مزعلش منك..
عقب دياب على حديث شقيقته كاذبًا:
-أنا أصلا كنت رايح أنزل على القهوة شوية وأقابل نضال وهبات معاه خليكي هنا معاهم والصباح رباح……
__________
طلب دياب من نضال أن يهبط ويجلس معه على المقهى لكن أخبره نضال أنه يشعر بالكسل والضيقٍ ليأتِ هو…….
هذا ما حدث، فصعد دياب وجلس مع نضال، سلامة، زهران وأرجيلته…..
أخذ دياب يقص لهم ما حدث وكيف أتت له هدير منذ قليل بتلك الحالة…

أردف سلامة بهدوء شديد:
-خلاص بات معانا..
تمتم دياب بنبرة جادة وهو يجلس بجانب زهران على الأريكة عاقدًا ساعديه:
-هي المشكلة يا سلامة مش أني أبات معاكم النهاردة ولا بكرا، المشكلة الحقيقية، طارق هيعمل إيه؟! بعد ما عرف باللي حصل وهيتصرف أزاي وهدير هيكون مصيرها إيه؟!.
تنهد زهران وقرر أن يقتحم الحديث أخيرًا متمتمًا بنبرة جادة:
-أنا لقيت الحل..
سأله دياب بفضول:
-إيه هو الحل يا عم زهران؟!.
كان نضال مبتسمًا فهو يعلم بأن رد والده لن يروق له أبدًا أو سيعطيه رد مُريب بـنسبة تسعة وتسعين، لكنه يحاول الإنتظار..
تمتم زهران بعدما سحب نفس طويل من أرجيلته ونفث دخانها:
-أحنا نكتب كتب كتاب دياب وهدير، وكده وجودها في بيتهم حلال وتكون مراته وكل المشاكل اتحلت.
هتف دياب بنبرة ساخرة:
-شكرًا يا عم زهران، متقولش حاجة تاني بقا وأنا اللي فكرتك هتقول حاجة بجد..
عقد زهران حاجبيه متحدثًا بانزعاج واضح وهو يدافع عن نفسه:
-مش بهزر، أنا فعلا بتكلم بجد، ده الحل المثالي، أنا بقول الحلول اللي مش بتيجي على دماغ حد، أنا مخي ده يتوزن بالدهب.
ثم نظر ناحية سلامة الذي مازال يجلس غاضبًا، وصامتًا فعقب بتعجب شديد من أحوال ابنه:
-هو أنتَ لسه ضارب بوز، كل ده علشان البيرسينج اللي بتقولوا عليه ده؟! وإيه المشكلة البت مأجرمتش وإيه ذنبها يعني؟!…
تمتم دياب وهو يميل على صديقه الذي يجلس على المقعد المجاور لأريكته:

-هو يطلع إيه البيرسينج ده؟!! طلعت مريضة ولا إيه؟! اللهم أحفظنا، بلاش اخوك يطلع قليل الأصل ومن أياهم اللي بيسيبوا اللي معاهم في وقت الشدة..
هتف سلامة هنا بنبرة ساخرة:
-هو إيه اللي مأجرمتش؟! هي حباية صحيت من النوم لقيتها في وشها ؟! دي راحت خرمت مناخيرها بنفسها، وتقولي إيه ذنبها؟!…
قال زهران بلا مبالاة بعدما سحب نفس من كريمته:
-برضو اتصرفت بطيش وفي بنات وستات كتير عملوها يعني هي مش أول واحدة بلاش تكون قِفل كده، وتعمل مشاكل وتنكد عليها قبل فرحكم ده كتب الكتاب قدامه أقل مم أسبوعين، مش هنبوظ الجوازة علشان مناخير العروسة اتخرمت.
ضحك دياب وأردف بنبرة جادة موجهًا حديثه إلى نضال الجالس بجواره:
-أبوك بيعجبني دماغه المتفتحة اللي هتجلط الواد.
هتف نضال بتعليق بسيط:
-من أعماله بقا مش هفضل أنا دايما اللي يتحرق دمي كل شوية.
نهض سلامة متحدثًا بانفعال واضح:
-أنا داخل أنام أحسن علشان عندي شغل الصبح.
توجه سلامة صوب غرفته فـتركهم، هنا أشار زهران صوب الرواق الذي سار فيه سلامة متحدثًا بسخرية واضحة:
-اديك نشرت العدوة أهو، الواد مبقاش فرفوش، بقا نكدي زيك، اه البت غلطت بس مش محتاجة نكبر الموضوع يعني، وبعدين إيه اللي مش هيتجوز إلا لما مناخيرها تلم هو الواد اتجنن؟!.
هتف دياب بمرح:
-عاجبني عقلك المتفتح يا عم زهران اللي مش موجود عند شباب اليومين دول، أنا عرفت أنتَ بتتجوز سهل وبطلق سهل ليه علشان الدماغ دي دماغ ألماظ..
رد زهران عليه بنبرة هادئة رغم أنه يدرك سخريته:
-والله ربنا يخليك يا دياب، أنا طول عمري بحس أنك ابني الروحي، ابني اللي بيفهمني ومعايا على الخط علشان كده أنا عايز اجوزك البت هدير، صغيرة كده وتربيها على إيدك.

صمت لعدة ثواني ثم غمغم:
-أو اتجوز البت العسل قريبة الست بهية دي…
تمتم دياب بنبرة جادة:
-لا أنا ولا عايز اتجوز ولا غيره وكفايا هزار بعدين هو أنتَ خطبت لـ نضال ومش لاقي غيري يعني؟!..
قال زهران بطريقةٍ مسرحية:
-أيوة أنتَ اللي باقي أستره كده واطمن عليه.
ضيق دياب عينه وهو يقول بعدم فهم:
-إيه تسترني دي هو أنا قالع قدامك؟!!!.
صاح زهران بجدية وبعصبية حينما وجد أنظار نضال مشتعلة ومحلقة بهما:
-اهو شوف صاحبك الصايع التافة؛ قاعد يرغي معايا ويقف ليا على الواحدة وسايب المصيبة اللي وقع طارق الغلبان فيها، تبًا لك يا دياب..
كرر نضال كلمة والده الأخيرة:
-تبًا لك؟! دي عرفتها منين دي؟!.
رد عليه زهران ببساطة بعدما سحب نفس من الأرجيلة:
-هو أنتَ فاكرني جاهل؟! وبعدين عرفتها من صاحب عمري وبعدين أنتَ مالك عرفتها؟!، أنتَ حشري جدًا وأنتم عيال تافهة أنا هقوم أخد كريمة وأكمل الحجر في أوضتي أحسن…
______________
إيطاليا..
في صباح اليوم التالي لم طارق يذهب إلى العمل اليوم بعد مكالمة هدير له وهي تبكي، كانت في حالة انهيار وهي تخبره ما حدث معها منذ ذهابها إلى منزل شقيقها من اليوم الأول، أخبرته كيف أنها تحملت العديد من الإهانات..

أخبرته كل شيء حتى وصلت إلى نهاية المطاف بأن زوجة شقيقها قامت بطردها في منتصف الليل.
أخذ يتصل بـ شقيقه بغضب واضح للأعمى تخطت مكالماته له الثلاثون ولكنه لا يجيب على أي أتصال حتى تعطف أخيرًا بعد ساعات واتصل به وقبل حتى قول أي شيء كان عتاب أشرف له بسيط ولا مبالي:
-خير يا طارق، إيه اللي حصل علشان تتصل بيا كل ده؟!، أنا في مأمورية في إسكندرية ومش فاضي امسك الموبايل كل شوية.
لوهلة ظن طارق بأنه شقيقه فهو لا يعلم ما حدث رُبما، لذلك هتف بنبرة حاول جعلها هادئة نوعًا ما:
-أنتَ متعرفش اللي عملته مراتك؟! متعرفش أنها طردت أختك من البيت امبارح؟! أكيد طبعا مقالتش ليك.
سمع طارق ضحكة مستهزئة ومستنكرة ثم سمع أشرف يهتف بسخرية شديدة:
– أختك ضحكت عليك، اختك الفاجرة والصايعة سابت البيت ومشيت بعد ما فتحت ليها بيتي أنا ومراتي اللي فضلت تخدمها وتعاملها زي اختها استغلت إني مش في البيت ومشيت ده أنا لو شوفتها هكسر عضمها.
صاح طارق بغضب واضح وهو ينهض من مكانه والهاتف بيده ويده:
-احترم نفسك يا أشرف ومتقولش على اختك كده مراتك هي اللي كدابة وبتاعت حوارات طول عمرها، وأنتَ مش عارف تعمل راجل في بيتك، قولتلك اتحمل المسؤولية شوية لغايت ما تخلص ثانوي لكن كالعادة معرفتش، وأياك تقرب من هدير أنا بقولك أهو..
سمع صوت أشرف من الهاتف غاضبًا وهو يتحدث عن رؤية أخرى للأحداث مختلفة، رؤية بأعين زوجته وكلماتها:
-مراتي مش كدابة وأنا راجل غصب عنك، وبعدين مستغرب ليه؟! هي اختك هتجيب الفجور من برا؟! هتجيبه من اختها الكبيرة الفاجرة الـ ****** التانية اللي سافرت من ورانا الله اعلم وراها إيه كمان، الاتنين متربوش..
قال طارق رغمًا عنه:
-أخواتك متربين..
تحدث أشرف باستفزاز:
-وأنتَ تعرف إيه عنهم أصلا؟! بقالك سنين مسافر برا ولا تعرف عنهم حاجة.

رد عليه طارق بغضب كبير:
-مختلفتش كتير عن اللي قاعد معاهم في نفس البلد ومكنش يعرف حاجة عنهم برضو، أنا لو سافرت، سافرت علشانهم مش علشاني، صرفت وعملت كل اللي يطلع في ايدي علشانهم في حين أنك سماعة التليفون مكنتش بترفعها عليها ده أمك ماتت غضبانة عليك..
تمتم أشرف بنبرة جنونية عند ذكر والدته:
-مدخلش أمي في الكلام أحسن ليك، أمي مكنتش غضبانة عليا، وبعدين أنتَ بتحملني مسوؤلية ***** اخواتك، لا يا حبيبي دي مش مشكلتي، قولتلي خد البت اتنيلت اخدتها وقعدتها في بيتي وهي خرجت في غيابي يبقى مش هتدخله تاني، تبقى تمشي على حل شعرها زي اختها وتسافر ليها.
برزت عروق عنق ويد طارق واشتعل وجهه غضبًا بعدما اسمعه العديد من الألفاظ البذيئة ثم أغلق الهاتف قاذفًا إياه في الحائط وهو يصرخ بهسترية لاعنًا الجميع بسبب ما يحدث، شعور العجز يسيطر عليه بشكل مخيف، لا يدري حقًا ماذا يجب أن يفعل؟!..
مــا الـحــل؟!!!
______________
تقوم إيناس بصنع الغداء كعادتها كل يوم وكان اليوم هو موعد جلسة والدتها، لذلك هي تشعر بقلق طبيعي لا يزول إلا حينما تنهيها وتعود مع دياب فتصبح أمامها.
كانت والدتها تتجهز من أجل الذهاب وتنتظر أن يأتي دياب من أجل الذهاب معها، بينما هدير وحور في أحدى الدروس.
جاءت جنى وهي تمد الهاتف إلى والدتها هاتفة:
-ديبو على الفون.
أخذت منها إيناس الهاتف ووضعته على اذنيها متمتمة:
-ألو يا دياب، ماما بتلبس أهو..
قاطع دياب حديثها مغمغمًا:
-أنا مش هقدر أروح مع ماما النهاردة، أنزلي معاها أنتِ وخدي تاكسي وأنتِ رايحة وأنتِ رايحة أو لة عندك **** أطلبي أهم حاجة متتبهدلوش في المواصلات ومهما قالتلك نوفر ومنوفرش متسمعيش منها، والفلوس بتاعت الجلسة موجودة في ظرف في الرف التالت في درفة الدولاب بتاعتي.

تحدثت ريناد بتردد:
-ازاي بس أروح معاها؟! وبعدين يعني العيال اوديهم فين ياريت حور هنا كنت اسيبهم معاها، حور في الدرس ووراها درسين النهاردة…
هتف دياب بجدية:
-مش عارف بقا نزليهم لـ بهية طيب..
ردت عليه إيناس بوضوح:
-مش هينفع للعيال أشقية بالنسبة ليها، وبعدين قريبتها دي شكلها مرفهة أوي متعرفش تقعد بعيال حتى لو سيبت جنى، التاني مش هيرضى يفارقني..
تمتم دياب بنبرة هادئة
:
-سيبي جنى وخديه هو وهناك تقريبًا في مكان تسيبي فيه العيال سبيه هناك او سيبي امك في الجلسة واقعدي بيه في الاستراحة اتصرفي، أنا مشغول والواد اللي بيكون معايا مش موجود، وحتى نضال مش فاضي يقعد بدالنا لأنه الأسبوع اللي فات قعد مكاني..
لم يكن دياب ليترك والدته تذهب بمفردها…
كان كاذبًا في ادعائه لكن من رغبت في ذلك، رغبت في أن تذهب إيناس معها، هي تشعر بالحزن عليها هي لا تهبط من المنزل أبدًا..
تعلم بأنه ليس شيئًا قد يجعلها تشعر بالترفية لكن هبوطها سيكون جيدًا نوعًا ما على الأقل في نظرها:
هتفت إيناس بعد تنهيدة خرجت منها:
-ماشي يا دياب ماشي، هطفي على الأكل وهلبس وألبس العيال بسرعة، يلا سلام..
-سلام.
أنهت المكالمة وبالفعل أغلقت إيناس الموقد ثم خرجت لتأخذ حمام سريع لن تهبط بالتأكيد برائحة البصل والطعام، بعدها أختارت سترة صوفية من اللون الرمادي وبنطال أسود وطرحة سوداء، أخذت وشاح ثقيل أيضًا فالمنطقة التي تتواجد لها المستشفى بعيدة كما كانت تسمع دومًا من أحلام…
تبًا لما تتذكرها الآن؟!!..

هي غاضبة منها غضب كبير..
قامت بتغيير ملابس أطفالها بسرعة البرق عن أي مرة، حتى لا تتأخر والدتها عن موعد جلستها حتى أنها لم تنتظر أن ينتهي تذمرهم ككل مرو وهبطت إلى بهية وحاولت ترك الاثنان لكن كالعادة وافقت جنى أما الآخر أخذ يبكي بشكل هسيتري فأخذته…
ركبت سيارات الأجرة برفقة والدتها وطفلها وبالفعل بعد ساعة تقريبا كانت قد ولجت إلى المستشفى ثم تركت طفلها في مكان مخصص للأطفال، وظلت تذهب له بين الحين والأخر..
كانت تتألم بالفعل وهي تجد والدتها في تلك الحالة وهي تأخذ جلستها كان منطقي أن تعود بهذا الضعف، تدعو الله أن تمر تلك الفترة سريعًا..
حينما كانت والدتها في الجلسة ذهبت مرة أخرى ثم أخذت طفلها حتى تذهب لسداد قيمة الجلسة فذهبت نحو الخزينة، أو المنطقة الخاصة بالحسابات…
كانت تمسك بيد طفلها مهددة قبل أن تخرج النقود من حقيبتها الجلدية:
-عارف لو اتحركت؟!! مش هجيبلك العصير، أنا وعدتك هاخدك الكافتيريا وأجيب ليك عصير وشيبسي تمام؟!.
هز الصغير رأسه بإيجاب، وهي أخرجت الظرف قم أخذت تقوم بعده، وتركته على المكتب الخشبي الذي يتواجد أمامها.
– لو سمحت..
-اتفضلي..
-أنا جاية ادفع جلسة الكيماوي لماما هي بدأت فيها وقالولي أنزل ادفع تحت.
تحدث الشاب بأدب وهو يمسك الفأرة الخاصة بالحاسوب الذي يتواجد أمامه وإيناس تعطيه كامل تركيزها بعدما تركت يد طفلها…
-اسم المريضة أو الحالة يا فندم؟!..
قاطع الصغير هذا الحديث متمتمًا وهو يند يده بعلبة شيكولاتة صغيرة الحجم لكنها كبيرة عليه على ما يبدو ولكن إين وضعها؟!!
كيف أتى بها؟!.
-ماما أنا معايا شوكلت..
نظرت له إيناس بعدم فهم:

-جبتها منين دي؟!.
تحدث الصغير ببراءة شديدة:
-تيتا اديتهالي لما جينا.
-ماشي استني شوية وهشوفلك معلقة وهأكلها ليك…………
ثم وجهت أنظارها نحو الشاب الذي كان يتابع حديثهم وهو يكرر سؤاله مرة أخرى..
-اسم الحالة إيه يا فندم علشان اشوفها على السيستم الأول؟!..
بعد مرور عدة دقائق على الجانب الأخر….
كان يسير جواد الذي أتى المستشفى حديثًا متوجهًا صوب المكان الذي تتواجد الخزينة من أجل شيئًا ما يريده بخصوص مريضته وكان يجب أن يأتي هنا بسبب حاسوبه الذي تعطل ولا يستطيع رؤية كل الملفات من عنده على النظام كما كان يفعل في السابق.
وجد طفل صغير يسير أمامه كفيه وملابسه قد اتسخت من كثرة الشيكولاتة واصطدم بـ جواد ليسقط أرضًا لمست يدع الأرضية فتلطخت هي الأخرى…
أنحنى جواد قليلًا ليساعده ويرفعه عن الأرض ونجح في ذلك، ومازال جواد ينحني إلى مستواه هاتفًا:
-إيه اللي مبهدلك كده؟!.
لمست يد الصغير قميص جواد الأبيض تاركًا أثار فوقه هاتفًا بخوف:
-كنت بأكل…
ضحك جواد مغمغمًا ببساطة:
-واللي يأكل لازم يبهدل نفسه كده؟!! وبعدين إيه كمية الشيكولاتة دي كلها غلط عليك..
ثم نظر على ملابسه وكنزته الصوفية البيضاء فقال:
-ولا أقولك مش غلط أنتَ مكلتش لوحدك ده الهدوم كلت معاك…
ابتسم الصغير له، مما جعله يسأله بفضول تحت نظرات جواد المريحة والتي بدأت أن تكون مألوفة للصغير نوعًا ما، فلا شك أنه يتمتع مع وجوده مع الصغار، يعشق برائتهم، وتلك البراءة تتواجد في شقيقته أيضًا..

-اسمك إيه؟!.
رد جواد عليه مبتسمًا:
-اسمي جواد، مقولتليش أنتَ بقا اسمك إيه وبتعمل إيه هنا؟! وفين بابا ولا ماما؟!!…
بينما كان يداعب وجنتي الطفل الممتلئة بالشوكولاتة جاءت أم تصرخ بقلب قلق وخائف، مرتعبة اطمئنت قليلا لكن ليس كثيرًا وهي تجده مع رجل ما يبدو غريبًا بالنسبة لها…..
لذلك صرخت إيناس وهي تقترب منهم:
-جـــــواد….

   •تابع الفصل التالي "رواية عذرا لقد نفذ رصيدكم" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent