رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل السابع عشر 17 - بقلم شمس حسين
مواجهات
فضلت ماشية وأنا ببكي، الدنيا حواليا كانت ضبابية، مفيش حاجة واضحة قدامي غير إني عايزة أهرب… أهرب من أي حاجة وكل حاجة، مسكت موبايلي، إيدي كانت بتترعش، ودوست على رقم نور، وأول ما ردت، صوتي كان مخنوق وقلت:”نور… ممكن تيجي تقابليني؟”، نور عرفت إني منهارة من صوتي، ومسألتش عن تفاصيل وقالت بسرعة: “إنتي فين يا شمس؟ أنا جاية حالًا”، وصفتلها المكان وأنا بحاول أسيطر على دموعي، بس معرفتش، وبعد ساعة تقريباً، نور كانت قدامي، قربت مني بسرعة وأنا قاعدة في ركن بعيد في جنينة صغيرة في الشارع، وعيوني منفخة من كتر البكا، وشها كان مليان خوف وقلق وقالت: “شمس! إيه اللي حصل؟ مالك في أي؟”، بصيت لها بصعوبة، وأنا لسه دموعي بتنزل و حكيت لها كل اللي حصل، نور فضلت ساكتة شوية، كنت شايفة في عينيها خليط من الصدمة والغضب، مكانتش قادرة تقول أي كلمة، و بعد لحظات، رفعت عيونها ليا وقالت بنبرة حزينة: “يعني كل اللي فات ده كان كدب؟!”، وبعدها دمعة كبيرة نزلت من عينيها وكملت:”كان واخدك بديل؟”، كانت بتتكلم وكأنها بتحاول تستوعب اللي قلته، وانا كنت لسه ببكي بشدة، و مقدرتش أجاوب عليها، أما نور فكانت بتتنفس بسرعة، كنت شايفة فيها التوتر والضياع، بعدها حطت إيديها على وشها وكأنها بتجاهد علشان تمسك نفسها، بعد لحظات، بصت ليا بنظرة مليانة حيرة وقلق، وقالت بصوت متردد وحزين: أنا السبب، أنا كنت دايمًا بحاول أقنعك إنك تديله فرصة… كنت بحاول أقولك إن مصطفى مش زي الباقيين، كل اللي حصلك بسببي”، حطت إيدها على قلبها وكأنها بتحاول تسكن ألمها، وقالت: “لو مكنتش خليتك تديله فرصة، مكانش حصل كل ده”، نورمكانتش بس حزينة على اللي حصل لي، لكن كمان كانت متضايقه من نفسها، مسحت دموعي بسرعة، وحاولت ابتسم رغم الألم اللي جوايا، وقلت بصوت ضعيف: “نور… أنتي مش السبب، أنا اللي قررت ادخل في الطريق ده، متلوميش نفسك، إنتي ملكيش ذنب، اللي حصل ده كله نصيبي، وأنا لازم أواجهه، مش هقدر ألوم حد على اختياراتي، أنتي كنتي بتحاولي تساعديني و كان نفسك تشوفيني مبسوطة، بس أنا الفرح مش لايق عليا، المهم دلوقتي لازم أفكر هعمل إيه علشان أنهي الموضوع ده”، نور بصت لي بقلق وقالت: “هتعملي إيه؟ هتقولي لمامتك علي اللي حصل؟ أنا مش قادرة أتخيل إزاي هتكون ردة فعلها”، عيوني كانت مليانة حيرة بس قلت لها:” مينفعش ماما تعرف اي حاجة دلوقتي، لازم أحل الموضوع الأول، ولازم أفهم كل حاجة قبل ما هي تعرف، علشان لو عرفت دلوقتي هتلوم نفسها هي كمان وانا مش عايزة ازود همها”.
بعد ما خلصت مع نور، روحت البيت، دخلت أوضتي بسرعة وحاولت أقفل الباب ورايا بهدوء، مش عايزة ماما تحس بأي حاجة، وقفت قدام المراية، وبصيت لنفسي… عيوني كانت مورّمة، ووشّي باين عليه التعب والهم، قلعت الطرحة ورميت نفسي على السرير، حاولت أغطي نفسي بالغطا، كأني عايزة أختفي من الدنيا كلها، بس عرفت إن الهروب ده مستحيل لما سمعت صوت باب الأوضة بيتفتح بهدوء، ماما دخلت، قربت مني ببطء، وأنا عاملة نفسي نايمة، حست بيا، هي عارفة كويس إن في حاجة، قعدت جنبي على طرف السرير ولمست شعري بحنان وقالت بصوت هادي: “مالك يا شمس؟ إيه اللي مضايقك؟”، حاولت أسيطر على نفسي، لكن كأن سؤالها ده كان المفتاح اللي فك كل اللي كنت حابساه جوايا، جسمي اتهز من شدة البكا اللي حاولت أكتمه، ماما قربت أكتر، حضنتني بحنية وقالت بخوف: “مالك يا شمس قوليلي يا بنتي، فيكي اي”، مقدرتش، مكانش عندي طاقة للكلام، بدل ما أرد، فتحت في البكا بصوت عالي، كأني أخيرًا لقيت المكان اللي أقدر أسيب فيه روحي تهدا، دموعي كانت بتنزل مش بتقف، وأنا في حضنها، حسيت إن كل تعبي من أول اليوم طلع في اللحظة دي، ماما مقالتش حاجة، ما ضغطتش عليا، كانت عارفة إن حضنها كفاية، وفضلت ساكتة، بتمسح على ضهري، وكأنها بتقولي من غير كلام: “أنا هنا”، بعد شوية، صوت بكايا بدأ يهدى، بس حضنها كان لسه ثابت، وهي برضو مسألتش، محاولتش تاخد مني حاجة بالقوة، وأنا كنت ممتنة إنها فهمتني بدون كلام، وبعدها روحت في النوم.
(المواجهة الأولي)
تاني يوم، صحيت الصبح وعقلي مليان أفكار، وكنت مقررة إني هنفذها… كان أولها، إني لازم أواجه مصطفى، مش عشان أنتقم منه ولا أعاتبه، لكن عشان أخلص من الموضوع كله، وصلت المستشفى، وقلبي كان بيدق بسرعة، سألت عليه، وعرفت إنه في عملية، استنيت في مكتبه، والوقت كان بيعدي ببطء رهيب، بس أنا كنت قاعدة بفكر في كل حاجة حصلت، في كلامي اللي جهزته، وفي شكله لما هيشوفني فجأة، وبعد شوية، الباب اتفتح، ودخل مصطفى، كان باين عليه الإرهاق، وعيونه كلها حزن وتعب، أول ما شافني، اتلهف عليا كأنه كان مستنيني، وقال بلهفة: “شمس…”، قطعت كلامه وأنا بتكلم بهدوء، بس بصوت ثابت مليان ثقة: “أنا مش جاية هنا علشان أعاتبك، ولا ألومك على اللي حصل، خلاص اللي حصل حصل، وأنا مش هزود عليك أكتر من اللي أنت فيه”، كان ساكت بيتابع كلامي بعيونه الحزينة، وكملت كلامي: “كل اللي أنا بطلبه منك حاجة واحدة… لو مش ناوي تكمل مع شاهيناز، روح اتعالج، عشان متبقاش سبب في تدمير بنات تانية، يمكن متلقيش حد شبه شاهيناز تاني، بس انت حالتك هتوصل لمرحلة إنك هتشوفها في كل بنت، وهتدمر الكل”، كان هيقاطعني، بس رفعت أيدي في وشه علشان يسكت وكملت بسرعة: “مشاعرك تجاهي مكانتش حقيقة… كانت مجرد سراب، صورة مخلوطة بالماضي اللي أنت مش قادر تخرج منه، أنا كنت أتمنى علاقتنا متخلصش بالطريقة دي، وكنت أتمنى حتى نفضل صحاب، بس للأسف، اللي انت عملته كان نهاية علاقتنا بكل أشكالها، وخلاص أنا كمان محتاجة دلوقتي وقت للتعافي”، مديت أيدي، وحطيت علبة الشبكة على المكتب قدامه، وقف مكانه، وعينه كانت متعلقة بيا، قمت ووقفت، وأنا دموعي بتنزل، بس كنت لسه محافظة على صوتي الهادي: “شكراً على كل حاجة عملتها عشاني… حتى لو كانت مش ليا ك شمس، شكراً إنك علمتني أثق في الرجالة عموماً، وفي نفس الوقت… شكراً إنك سلبت الثقة دي مني”، شهيقي كان بيقطع الكلام، لكن كملت: “أنا بفضلك، هرجع شمس القديمة تاني، اللي مش بتثق في أي حد، أنا بتمنالك كل الخير من قلبي، حتى لو كنت متستحقوش”، لفيت وبدأت أمشي ناحية الباب، وقبل ما أخرج، قلت له: “سلام”، وبعدها قفلت الباب ورايا، وكنت حاسة إن قلبي اتقطع نصين من قوة المشهد، بس في نفس الوقت كنت مرتاحة إني قلت كل اللي كان محبوس جوايا.
(المواجهة الثانية)
خرجت من المستشفى بعد ما انتهيت من المواجهة الأولي في اليوم ده، و مشيت في طريقي للمواجهة التانية، وهي “والدة مصطفى”، كان لازم أواجها، مع اني كنت حاسة أن الموقف مش هيكون أحسن حاجة بس كان ضروري، وأنا في الطريق لبيتها، فجأة لقيت تليفوني بيرن، ولقيتها هي اللي بترن عليا، وكأنها كانت حاسة بيا، رديت عليها ولقيتها بتطلب تقابلني، واتفقنا على كافيه قريب، وروحت استنيتها هناك، قعدت أفكر، هي عايزة إيه بالظبط؟ هل عرفت حاجة؟ وبعد شوية دخلت، وكان باين عليها التعب، ملامحها كانت حزينة، توقعت إنها عارفة كل حاجة، وأنا قاعدة قدامها في الكافيه، كنت حاسة بموجة من المشاعر المتضاربة، الست دي مش مجرد أم مصطفى وبس، دي واحدة كان ليها دور كبير في اللي حصل ليا، كانت عيونها مليانة قلق، بس لما شافتني، الارتياح بان عليها للحظة، قبل ما القلق يرجع يسيطر على ملامحها تاني، أول كلامها كان:”شمس، اعذريني لو عطلتك عن شغلك، بس مصطفى بقاله 4 يوم مبيجيش البيت، وبيبات في المستشفى، وما بيردش على مكالماتي، هو في حاجة حصلت بينكم؟ أرجوكي قوليلي الحقيقة”، نبرة صوتها خلتني أحزن عليها، مسكت إيديها، وشديت عليها بحنان، وأنا بحاول أطمنها، فجأة، لاحظت إنها بتبص على إيدي، وعيونها وقفت علي مكان الدبلة، وقالت بلهفة: “دبلتك فين؟”، صوتها ارتعش وهي بتقول:” أرجوكي قوليلي اي اللي حصل”، بصيت لها مباشرة وقلت: “حضرتك عارفة كويس إيه اللي حصل، مصطفى مشاعره تجاهي كانت مبنية على وهم، مش حقيقة، هو كان شايفني صورة تانية لحد تاني، للي قلبه كان متعلق بيها، و… حضرتك شجعتيه، أنا مش بلومك، بس اللي حصل دمرنا إحنا الاتنين”، عيونها اتسعت، وكأنها لأول مرة بتسمع الحقيقة بصراحة كده، حاولت تقاطعني، بس رفعت إيدي بهدوء وكملت:” حضرتك كنتي عارفة إن شكلي شبه شاهيناز، ووافقتي على جوازنا عشان العيلة والمستوى الاجتماعي، كنتِ شايفة إنها صفقة مناسبة، لكن الحقيقة اللي لازم حضرتك تعرفيها… أن العلاقات مبتتبنيش على كده”، عيونها دمعت أكتر، لكنها فضلت ساكتة، وأنا استجمعت قوتي وقلت: “حضرتك دمرتي ابنك، ضيعتي منه سنين حلوة كان المفروض يعيشها مع البنت اللي قلبه اختارها، كل ده تحت شعار المستوى الاجتماعي اللي ملوش أي قيمة قدام سعادة ابنك، دموعها بدأت تنزل وهي بتقول: “أنا… أنا مكناش قاصدي أذيكم، كنت فاكرة إنك ممكن تكوني الحل، إنك ممكن تخليه ينسى…”، رديت عليها:” أهو دلوقتي ابنك مكسور، عايش بين تأنيب الضمير بسبب اللي عمله معايا، وبين وجع إنه مش هيكون مع شاهيناز، و أنا عادي المشكلة مش فيا أنا، أنا خلاص، عديت اللي حصل، لكن هو لو فضل كدا، هيدمر غيري، ومفيش أي بنت تستحق إنها تتأذي بالطريقة دي، أرجوكي فكري كويس، لأن المرة دي واضح إنه مش هيرضخ، حتى لو خسر أهله كلهم”، سكت لحظة، وبعدها كملت برجاء: “فكري في حياة ابنك، فكري في حياة شاهيناز اللي ملهاش حد غير نفسها، فكري في اللي جاي، علشان غلطتك متتكررش”، بعدها قمت وأنا بحس بثقل كبير اتشال من على صدري، وقلت: “آسفة لو كلامي جرح حضرتك، بس كنت محتاجة أقوله، أتمنى كلامي يكون له فايدة، عن إذنك”، مشيت وسبتها قاعدة، وانا ماشية في الشارع كنت بفكر في اللي عملته، المواجهتين سابوا أثر كبير فيا، أنا حسيت لأول مرة إني قادرة أقف وأواجه كل اللي كان بيطاردني، أنا مش زي ما كنت قبل النهاردة، مش البنت اللي كانت بتخاف تعبر عن نفسها أو تواجه اللي قدامها، مواجهة مصطفى كانت سهلة، كنت بحاول اخليه يواجه نفسه، اه اتاثرت بحالته بس حاولت احافظ علي ثباتي، أما والدته، مواجهتي معاها كنت متوقعة أنها هتكون صعبة شوية، وفعلا أنا شوفت في عيونها حاجة غريبة، خليط من الندم والخوف، كأنها لأول مرة بتواجه حقيقة دورها في اللي حصل، يمكن كلامي وجعها، بس كان لازم تتوجع، عشان يمكن الألم يخليها تغير حاجة، وتفكر في ابنها بطريقة مختلفة.
(المواجهة الثالثة)
بعد لقائي بوالدة مصطفى فضلت قاعدة علي كورنيش النيل، كنت قاعدة بحاول استمد القوة واهيئ نفسي للمواجهة اللي جاية، عارفة أنها مش سهلة بس لازم تحصل علشان اخلص و انهي الموضوع ده، وقمت ركبت تاكسي، وبعد ساعة وصلت عند بيت بابا، المكان اللي دايمًا بحس فيه بالغربة، وبخطوات مترددة دخلت،
و أول ما بابا شافني، مكنتش محتاجة إني ابدأ كلامي، النبرة الباردة المعتادة بتاعته كانت أسرع منه وقال: “خير؟ إنتي مبتجيش هنا غير لما تكوني عايزة حاجة”، رديت عليه بثبات مش متعودة عليه، حتى أنا استغربت من صوتي: “ليه؟ أنا أخدت منك حاجة قبل كده؟ ولا طلبت منك حاجة أصلاً؟”، بصلي بنظرة استغراب، كأنه أول مرة يشوفني أقف قدامه بالطريقة دي، وسأل: “أومال جاية ليه؟” قلت له بهدوء: “جيت أقولك إني فسخت خطوبتي من مصطفى”، قام فجأة، وقال وعينيه مليانة صدمة: “إنتي بتقولي إيه؟ إنتي اتجننتي؟!”، حاولت أحافظ على هدوئي وقلت: “فسخت الخطوبة، مينفعش نكمل مع بعض”، صوته ارتفع بشكل يخوف: “أومال هتنفعي مع مين؟ إنتي أساسًا مش نافعة مع حد، ده بدل ما تحمدي ربنا إنه رضي بيكي”، الكلام كالعادة كان زي الطعنات بتتواجه لقلبي، بس مردتش، وحافظت على الثبات اللي كنت متشبثة بيه من أول ما دخلت، لكن عصبيته زادت اكتر وكمل: “إنتي فاهمة اللي عملتيه ده ضيع إيه علينا؟ إنتي عارفة إن ابن عم مصطفى كان هيتقدم لمرام أختك؟ ودلوقتي خلاص، الموضوع كدا هينتهى بسببك”، اتصدمت، مكنتش مصدقة اللي بسمعه وقلت له: “وأنا إيه علاقتي بده؟ هو لو عايزها بجد، هيجي مهما حصل”، صوته ارتفع أكتر: ” يا سلام هيجوا ازاي وانتي رفضتي ابنهم، هيفتكروا أن اختك معقدة زيك ومش هيجيوا”، سكت شوية، مش عارفة أتكلم، كل كلمة كان بيقولها كانت بتكسرني أكتر، حاولت أتمالك نفسي وقلتله: “وأنا مش هتحمل مسؤولية حاجة أنا معملتهاش، أنا فسخت الخطوبة لأني مش سعيدة، ولأني عرفت إنه بيشوفني بديل لحد تاني”، ضحك ضحكة مستفزة وقال: “وإيه يعني؟ ليه هو إنتي كنتي فاكرة إنه جاي يخطبك علشان سواد عيونك؟”،
كلامه نجح في سرقة ثباتي، ودموعي بدأت تنزل غصب عني، وقلتله بصوت مكسور:
“ليه؟ ليه ميكونش علشاني أنا؟ أنا ناقصني إيه؟”، رد عليا بكل قسوة: “إنتي عارفة كويس إنتي ناقصك إيه، بصي لنفسك في المرايا، لا لبسك زي البنات، ولا حتي زينتك، إنتي فاكرة حد هيقبل في الزمن ده يتجوز واحدة زيك؟”،
حاولت أتمالك نفسي علي قد ما أقدر، لكن الكلام كان أكتر من طاقتي، قلتله بصوت مليان ألم: “إنت بس اللي شايفني كده، إنت ليه يابابا مش قادر تفهم أن الناس هتشوفني بعيونك، ليه مش قادر تفهم إن نظرتك ليا هي اللي بتحدد نظرة الكل؟ أنا عملتلك إيه؟ ليه بتكرهني كده؟” ده أنا بنتك… ليه مش قادر تشوفني غير بعين الظلم دي؟ أنا ذنبي إيه من أول ما اتولدت؟”،
كنت بكلم وأنا منهارة، وفاكرة كل لحظة قاسية عشتها بسبب قسوته معايا، لكنه كان واقف قدامي بكل برود وقال: “آه، عيشي دور الضحية بقى! زي ما دايمًا بتعملي”، صرخت وأنا بعيط: “أنا مش بعيش دور الضحية! أنا ضحية فعلاً! عايزة أعرف… ليه؟ ليه بتكرهني كده؟ عمري ما شفت منك حب، حتى ولو كدبة صغيرة!”، رد بكل برود وجمود: ” ياستي أنا مبحبكش، ارتاحي بقي، اعمل فيكي اي تاني علشان تصدقي”، الكلام ده كان زي خنجر في قلبي، وقفت مكاني وأنا مش مصدقة اللي بسمعه، و كمل بكل قسوة: “طول عمرك عنيدة، متمسكة بالحياة بطريقة مشوفتهاش قبل كدا، أول ما عرفت إن أمك حامل فيكي، اتخانقت معاها و الخناقة وصلت للضرب، كنت بضرب فيها بكل قوة علشان تسقط، بس للأسف برضو مسقطتش واتولدتي، حتى لما كنتي في الغيبوبة، كنت بدعي إنك ما تصحيش وبرضو فوقتي، أنا مش عايزك في حياتي، افهميها بقى!”، كنت واقفة بسمعه وأنا مش مصدقة كل اللي بيقوله، عارفة أنه مبيحبنيش بس متوقعتش أنه يقولها كدا، طيب انا مصعبتش عليه وانا واقفة منهارة من البكي كدا؟، ليه ؟ اي السبب؟ في كرهه ليا؟ هو في حد ممكن يكره بنته الكره ده بدون سبب؟ مكنتش لاقية إجابة في عيونة، ميلت في الأرض وانا بمسح دموعي و اخدت شنطتي وأنا بحاول أجر رجلي ومشيت، خرجت من البيت وكل خطوة كانت بتقتل جزء من روحي، خرجت وأنا حاسة إني سيبت شمس القديمة ورايا، شمس اللي كانت بتستنى حب أبوها، اللي خرجت في اللحظة دي كانت شمس جديدة، شمس مفجوعة، شمس مكسورة، بس أقوى.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير) اسم الرواية