رواية حب رحيم الفصل السابع عشر 17 - بقلم سمر عمر
” أنت الأمان..”
استيقظت تفتح عيناها ببطء لترى ذراع رحيم على خصرها ..فالتفتت إليه لتستقل على جنيها اليسار وأخذت تتفرس ملامحه وهو نائم ثم رفعت يدها رويدًا رويدًا حتى وضعتها على وجنته تعبث في شعيرات لحيته القصيرة وتخبر نفسها كم هي ناعمة أسفل أناملها.. وجدت نفسها تبتسم بجنون غير مستوعبة أنها أصبحت زوجته وقضت الليل بين أضلاعه مستمتعة بصوت دقات قلبه التي تنبض لها فقط..
فتح عيناه النعسانة لتشهق في دهشة وابتعدت عنه فورًا والتفتت إلى الجانب الآخر ..ابتسم وقال بصوت ثقيل ممزوج بالنعاس :
-صباح الخير يا وردتي
قالت باضطراب :
-صباح النور
أقترب منها وأحاط خصرها ليضمها إليها أكثر ثم قبلها على كتفها من الخلف و استند بوجنته عليه متسائلًا :
-صحيتي امتى ؟
-لسه من شويه
ثم نهضت عن الفراش تتأكد من إغلاق الروب جيدًا ثم دلفت إلى المرحاض ..رفع جذعه عن الفراش والتقط علبة السجائر من أعلى المنضدة الصغيرة المجاورة إلى الفراش وأخذ سيجارة واشعلها ثم نفث دخانها في الهواء وهو شارد في شيء ما ..اغمض عيناه بقوة يتذكر حديثه النفسي عندما فكر أن ينتقم من والدها بها ..زفر دخان السيجارة بسأم وفتح عيناه يتحدث مع نفسه كأن شخص أخر من يتحدث معه :
-بلاش توجعها يا رحيم ..إذا كنت مش متأكد هتكمل معاها ولا لاء متقربش منها
تأوه بخفة من كثرة التفكير الذي يرهق بدنه.. وبعد لحظات خرجت ندى ودلفت إلى الخزانة دون أن تتفوه بكلمة لتبدل ثيابها ببجامة بنصف كم بلون السماء عليها رسمة نجمة بيضاء ثم ارتدت جلباب فضفاض وفردت سجادة الصلاة لكي تصلي فرض الصبح وبعد أن انتهت جلست مكانها تطلب المغفرة والرحمة من ربها وأن تكمل سعادتهم.. ثم خرجت كان رحيم اشعل سيجارة ثانية وقفت هي أمام المرآة تمشط شعرها لترى انعكاسه في المرآة يدخن سيجارة فالتفتت إليه بتذمر قائلة :
-على فكرة أنا قلتلك قبل كده غلط السجاير قبل الفطار..
ثم زفرت بسأم وتركت الفرشاة بعنف فيما هو أطفأ السيجارة دون مناقشة.. اتجهت نحو الباب وهي تقول :
-هستناك تحت نفطر سوى
ثم خرجت مغلقة الباب خلفها وهبطت إلى الطابق السفلي ومن ثم إلى المطبخ ووقفت تحضر الفطار ولفت انتبها دفتر من الأوراق التي تتعلق على الحائط أو الثلاجة.. انتهت من الفطار وجلست على المقعد مستنده على المنضدة تسجل له بعض الكلمات وبعد أن انتهت نزعت الورقة و وضعتها على حائط المطبخ من الخارج ثم دخلت وجلست في انتظاره..
هبط الدرج واضعًا يديه في جيبي سرواله القطني واتجه نحو المطبخ و وقف أمام الباب عندما رأى الورقة و وقف يقرأ ما تحمله من كلمات بعينيه ” صباح الخير أولًا.. اتمنى أن أقول لك الكثير من الكلمات وأنا عيني في عينك ..لكن هقولك على الورق ..عايزة أخبرك انني أحبك جدًا وكثيرًا وبعشقك كمان.. وفرحانه جدًا جدًا حقيقي أشعر بالسعادة التي لم أشعر بها من قبل ..أرجوك لا أريد سوى وجودك معي.. بحبك ” ..ضحك ضحكة خفيفة لتستمع إلى ضحكاته فدفنت وجهها في كفيها بينما أخذ هو الورقة ودخل.. جلس على المقعد المجاور لها واضعًا الورقة أعلى المنضدة وتساءل بنبرة ساخرة :
-أنتِ كاتبة الجواب ده بالعامية ولا الفصحى ؟!
فرقت بين أصبعي السبابة والوسطى لتنظر إليه من بينهما ثم سحبت يديها عن وجهها ناظرة إلى الورقة وقالت ببساطة :
-فصحى تقريبًا
زم شفتيه كاتمًا ضحكاته وقال بمزاح :
-حرام عليكِ دمرتي اللغة ..أنتِ مسحتي باللغة الأرض
رفعت حاجبها الأيسر بتذمر وقالت بثقة كبيرة :
-أنا خريجة آداب لغة عربية على فكرة
ليقول في دهشة مصطنعة :
-ما هي دي الكارثة.. الكارثة إنك خريجة لغة عربية وبتكتبي عامي على فصحى
عقدت بين حاجبيها بتذمر ونهضت وهي تقول بحزن طفولي :
-يعني دا اللي لفت نظرك ..ماشي شكرًا
ثم اتجهت نحو الباب وهو يضحك وقبض على معصمها وهي تمضي من جواره جاذبًا إياها إليه ليجلسها على قدميه ..شعرت بالخجل وأطرقت رأسها في حين رفع رحيم يده يضع شعرها خلف أذنها وقال مبتسمًا :
-بهزر معاكِ يا مجنونة..
ثم قبلها على وجنتها برقة وتابع بهدوء :
-ايه الكلام اللي يقشعر القلب ده
وضعت يديها على وجنتيها التي اصطبغا بحمرة الخجل وقالت بصوت ضعيف :
-حبيت اعبر عن احساسي
التصق أنفه بأنفها هامسًا بنبرة ثقيلة :
-عايز أسمع الكلام ده
اومأت بالنفي وحاولت أن تنهض لكنه منعها وأصر على أن يسمع منها أحلى الكلمات.. تنهدت بعمق واغمضت عيناها بقوة ثم قالت بصوت منخفض :
-بحبك ..وحسيت معاك بالأمان والحنان وكل حاجة حلوه افتقدها..
شعرت بضيق في صدرها وغصة في حلقها عندما اجتمعت الدموع حول مقلتيها وتابعت بنبرة بكاء :
-شكرًا أنك في حياتي.. علشان حنانك عوضني عن حاجات كتير
عقد بين حاجبيه بضيق عندما رآها بهذا الشكل ثم احتضنها لتجد نفسها تبكي بشهقات منخفضة.. تشعر بالأمان عندما تبكي وهي بين أضلاعه الصلبة لكنها تحتويها وتحميها ..رفع يده إلى شعرها يمسح عليه بلطف وقال بصوت مبحوح :
-ندى مبستحملش اشوف دموعك..
ثم أبعدها عنه ليحتضن وجنتيها براحتي يديه ومسح دموعها بإبهاميه ثم قبلها بحنان على جبينها وقال بهدوء :
-عايز أشوفك دايما سعيدة والابتسامة اتخلقت عشان ندى و بس ..فليذهب الجميع إلى الجحيم..
ضحكت ضحكة خفيفة فمسح بإبهامه على شفتيها ناظرًا إليهما بتمعن وقال بحسم :
-الكرزتين دول الابتسامة ما تفارقهمش
اومأت موافقة ثم نهضت وخرجت من المطبخ لتذهب إلى المرحاض تضع بعض الماء على وجهها ثم جففته جيدًا وعادت إليه ..أخذ يطعمها بيده وهي أيضًا ولم يخلوا طعام الإفطار من خفة دم رحيم وضحكات ندى الرقيقة ..أخذ قطعة من خبز التوست غرقها بمربى الفراولة ثم مد يده إلى ندى و وضعها بين شفتيها فقط ثم سحبها فتعجبت من فعلته وكاد أن يأكل تلك اللقمة لكنه انجذب إلى ثغرها الملطخ بالمربى فاقترب منها برأسه وفاجئها بخطف قبلة استمرت إلى لحظات.. ثم ابتعد عنها وهو يحرك لسانه على شفتيه ببطء وقال بإعجاب :
-المربى لها طعم تاني خالص..
عضت على شفاها السفلى من الداخل بخجل فيما تناول اللقمة ليمضغها بإعجاب شديد ..وبعد دقائق نهضت لتحضير إثنان من المشروب الساخن ..ميل برأسه قليلًا يتفحص ثيابها ثم تساءل :
-أي اللي أنتِ لابساه ده ؟!
التفتت إليه تنظر إلى ثيابها وأجابت ببساطة :
-بيجامة
ليقول ساخرًا :
-بجد تصدقي كنت فاكر أنه نوع جديد من اللبس.. وبعدين بيجامة إيه أنتِ متجوزة اخوكي في الرضاعة
لتنظر إليه ببلاهة قائلة :
-بتهزر
نهض من مكانه وأمسك بيدها وأخذ من يدها الأخرى ملعقة صغيرة وضعها جانبًا ثم اتجه نحو الخارج جاذبًا إياها خلفه وهو يقول بمزاح :
-أمي تقريبًا مكنتش بتدعيلي بضمير
صعد إلى غرفة النوم ليترك يدها وهي في حالة من الدهشة من تصرفه ..في حين دخل هو إلى الخزانة ونظر إلى ثيابها ولفت نظرة قميص نوم أزرق من خامة الستان ظهره مفتوح والصدر أيضًا ..أخذه وخرج ليقف أمامها واضعًا إياه خلفه ثم رفعه أمام عيناها فجحظت تلك العينين وفراشات وجنتيها تطاير من كثرة حرارة حمرة الخجل الذي ظهرت فجأة وهو يقول :
-اللبسي ده
أخذته من يده وضعته خلف ظهرها وقالت بحنق :
-أنت وقح
رفع حاجبيه قليلًا وأخذ يقترب وهي تتراجع للخلف وقال وهو يتفرس ملامحها :
-دي مش وقاحه ..بس أنا هوريكِ وقاحتي
التصقت قدميها في الفراش فتوقفت ودقات قلبها تقرع كالطبول جاعله من صدرها يعلوا ويهبط بتوتر شديد ..وقف أمامها مباشرةً وأحاط خصرها بذراعه الصلب فتساءلت بخوف شديد :
-أنت هتعمل إيه ؟
مرر أنفه على وجنتها إلى عنقها مستنشقًا رائحتها التي تحرك قلبه وتجعله يرغب بها وهمس بأنفاسه الساخنة :
-هبقى وقح
لتقول مسرعة :
-لاء خلاص أنا أسفه
رأى أوردت عنقها تنبض بشدة فابتعد عنها خطوة واحدة ينظر إليها بابتسامة عيناه فابتلعت لعابها بصوت مسموع ليقترب منها ثانية تاركًا قبلة حانية على جبينها ثم تركها وغادر الغرفة ..جلست على حافة الفراش تلتقط أنفاسها بهدوء وبانتظام ثم نظرت إلى القميص بخجل ونهضت متجه نحو الخزانة ودخلت لتضع القميص مكانه وبدلت ثيابها بشورت صيفي ناعم يصل إلى قبل ركبتيها بقليل لونه أحمر باهت والكنزة الخاصة به ذات حملات رفيعة.. زفرت بهدوء قابضة قبضتها لتهدأ نفسها مسيطرة على خجلها..
ثم خرجت والتقطت هاتفها وتركت الغرفة وهبطت الدرج وكلما اقتربت من المطبخ كلما سيطر الخجل عليها أكثر وصدرها يعلوا ويهبط بتوتر ..وقفت أمام الباب تنظر إلى الداخل لتجده يجلس على المقعد مواليًا لها ظهره يتناول المشروب الساخن والكوب الخاص بها أمام مقعدها ..مسحت على وجهها تلتقط أنفاسها بصوت مستمع ليصل إلى مسامع أذنيه فابتسم وأخذ رشفة من المشروب ثم بلل شفتيه بلسانه وقال :
-تعالي يا ندى
جحظت عيناها وأخذت تحرك شفتيها دون أن تتفوه بكلمة فلم تستطيع الكلام فحقًا الخجل مستحوذًا عليها لدرجة كبيرة ..وضعت يديها على صدر الكنزة واقتربت بخطوات بطيئة وجلست على المقعد تنظر إلى الأمام بذهول وعدم استيعاب أنها جلست جواره ..نظر إليها وهو يتناول القليل من المشروب ثم قبض على معصمها محاولًا ابعاد يدها عن الكنزة لكنها جمدت اعصابها لكنها لم تكن أقوى منه وسحب يدها فورًا ثم سحب يدها الأخرى فجزت على أسنانها واغمضت عيناها بقوة وهي تقول بتوتر :
-بقى أمر واقع خلاص يا ندى
ضحك ضحكة خفيفة فنظرت إليه بنصف عين فقال بتأكيد :
-بالضبط كده أمر واقع ..سبيلي نفسك بقى
أحاطت الكوب براحتي يديها تنظر إلى الأمام في صمت وهو يفترسها بنظراته من أعلى وأسفل وهي ترمقه بنظرات سريعة ثم قالت بحده :
-لو فضلت تبصيلي كده كتير هسيبك وامشي
تنهد بعمق واضعًا الكوب جانبًا وأخرج من جيب سرواله علبة السجائر والتقط سيجارة وضعها بين شفتيه ثم أشعلها لينفث دخانها بالهواء وقال بـ بحة صوته الرجولية :
-أنتِ اللي في جمالك مشوفتش ..امنع عيوني أنها ما تشوفكيش ازاي ؟!..
لوت ثغرها بضجر ونفاذ صبر فمد يده اتجاه ذقنها ليمسك به وأدار وجهها إليه لكنها أطرقت عينيها.. بدأ يتفحص ملامحها وهو يسحب دخان السيجارة إلى صدره ثم زفره وقال بهدوء :
-المرحلة الأولى هي إني اتفوق على خجلك ده.. والمرحلة التانية افهمك إني جوزك يعني تاخدي حريتك في اللبس من غير كسوف..
سحب الدخان إلى صدره وزفره في الهواء ثم تابع بجدية مصطنعة :
-ولا أقولك بلاش علشان المراحل دي لسه طويلة.. احنا ندخل على ليفيل الوحش على طول
وجدت نفسها تضحك دافنه وجهها في كفيها فضحك ضحكة خفيفة ثم أمسك بيدها وضع راحتها على شفتيه يقبلها برقة ..ثم أطفأ سيجارته ونهض وهو ينهضها معه وخرجا إلى الحديقة..
استقل الدراجة وجلست أمامه وتجول بها في الحديقة بأكملها ..ثم توقف وترجل لتجلس هي مكانه وأخذ يعلمها كيف تقود الدراجة ..ترك الدراجة فتشبثت في سترته من الأمام تترجى ألا يتركها ضحك ضحكة خفيفة ومضى بجوارها واضعًا ذراعه حول خصرها وهي تقود الدراجة ببطء ..بعد دقائق حملها تاركًا الدراجة تسقط وأخذ يستدير بها ثم اتجه إلى مكان ما في الحديقة ووقف أمام شجرة ضخمة.. رفعت رأسها لترى منزل صغير من الخشب فوق الشجرة لتشهق بإعجاب شديد أنزلها برفق لتركض إلى الشجرة وتصعد السلالم تحت أنظار عينين رحيم المبتسمة..
دلفت ذلك المنزل الصغير وفتحت النافذة لتنظر إليه من خلالها بابتسامة واسعة.. اتجه نحو السلالم وصعد بينما هي تنظر حولها لتجد جلسة عرب تمتلك نقوش ورد رائعة مثل ما تراها في أسوان.. دخل ينحني بجذعة ثم جلس على المقعد الأرضي ومد يده إليها لتمسك بيده وجلست بجواره مستنده برأسها على صدره وهو يعبث بين خصل شعرها..
أغمضت عيناها لكونها تشعر بالأمان معه وبعد لحظات من الهدوء نظر إلى شعرها وقال بجدية :
-مش عايز حد يشوف الشعر الحلو دا غيري
فتحت عينيها متسائلة :
-ليه ؟
-قبل ما تبقى غيرة ربنا أمر بكده..
ثم أبتعد عنها لينظر إليها ممسكا بيدها وهي تنظر إليه باهتمام متابعًا :
-الدين الإسلامي بيعزز الرجل والمرأة.. الرجل علشان الوحيد اللي بيشوف جمال مراته والمرآة علشان جوهرة اللي يشوفها ويلمسها هو جوزها و بس..
ثم انحنى برأسه يقبلها على يديها بحنان ثم مدد واضعًا رأسه على قدميها قائلًا :
-لازم لبسك يتغير وشعرك يستخبى من عيون الناس ..علشان دا الدين وعلشان بغير عليكِ لدرجة الجنون ..مفهوم
قال أخر كلماته وهو يمسك بيدها يضعها على شعره لتخلل أناملها بين خصله ..فعقد ذراعيه أمام صدره مغمض العينين بأريحية.. انتظرت للحظات تفكر في حديثه ثم تحدثت بهدوء :
-أنا يعتبر غيرت من لبسي بعد الخناقة اللي عملتها معايا ..لكن موضوع الحجاب ده أوعدك ألبسه بعد ما تعلن جوازنا
أومأ بخفة وبعد دقائق استسلم للنوم لتأخذ هي راحتها بالنظر إليه وتمسح على وجنته ولحيته السوداء الناعمة.. ثم انحنت برأسها لتقبله على جبينه بحنان ..
” بعد مدة من الزمن..”
تركته نائمًا وتركت ذلك المنزل لتتحدث مع أشرقت و ريان صوت وصورة بعد أن ارتدت معطف خفيف فوق سترتها ..أخذت تضحك وتمزح معهما وتعبر لهما عن مدى اشتياقها لهم ..بينما استيقظ رحيم ينظر حوله ليشعر بخلاء ندى فمسح على شعره ونظر إلى ساعة يده التي تدق الثانية والنصف ظهرًا ليعلم أنه نعس أكثر من ساعة ..ثم نهض وترك ذلك المنزل متجه نحو الفيلا وتوقف عند الباب ليستمع إلى صوت ندى وصوت أطفاله العالي ليعلم أنها تتحدث معهم فيديو ..شعر بالغضب منها ودخل ليقف أمامها بحده فرفعت عيناها عن الهاتف لتنظر إليه ثم أنهت معهما المكالمة مع وعد أنها ستتحدث معهم لاحقًا..
وضعت الهاتف جانبًا وكادت أن تتحدث ألا أنه قال بحده :
-بتكلميهم فيديو ليه يا ندى ..يعني لو كنت دخلت وانا بنادي عليكِ وسمعوا صوتي كنتِ هترتاحي
نهضت واقفة وقالت بهدوء :
-ماخدتش بالي من الموضوع ده
ليتحدث بعصبية :
-خدي بالك بعد كده مش عايز تهور
حدقت به للحظات من الحزن ثم اتجهت نحو الدرج قائلة :
-لاء بجد مكنتش اعرف إن الجواز ده هيبقى صعب كده
ثم صعدت إلى الغرفة بينما أخذ رحيم هاتفه من جيب سرواله وطلب وجبة سمك وأعطى له العنوان ثم أنهى المكالمة وصعد إلى الطابق الثاني ثم دخل الغرفة مغلقًا الباب خلفه.. كانت تجلس على الفراش مستنده بظهرها إليه أبتسم إليها ثم خلع حذائه ومدد على الفراش واضعًا رأسه على قدميها.. كادت أن تنهض ألا أنه أمسك بمعصمها واضعًا يدها على صدره وقال بغزل :
-جميلة حتى وأنتِ مضايقة
عقدت بين حاجبيها بتذمر فرفع رأسه وخطف قبلة سريعة من شفتيها لتمسحها كالأطفال وهو يقول :
-حلوه اللي بطعم الحزن دي
ابتسمت رغما عنها فأخذ يدغدغها لتضحك بصوت عالي وتطلب منه أن يتوقف عن هذا لكنه لم يستمع إليها ..فضحكاتها بالنسبة له سمفونية رائعة يتمايل قلبه عليها ..ثم توقف لتواليه ظهرها متصنعة الحزن فاستند بمرفقه على الوسادة مستند برأسه على قبضة يده واحتضنها باليد الأخرى وقبلها على كتفها ثم همس في أذنها :
-أسف
استدارت لتستقل على ظهرها ونظرت إليه بحزن طفولي مصطنع قائلة :
-مش مقبول ..وخليك فاكر أنك اتريقت على لغتي
رفع حاجبية بمرح وقبض على صدغها بخفة يحركه قائلًا :
-أنتِ نكدية بقى وبتحطي القديم على الجديد
قالت بتأكيد :
-أه ..ونكديه جدًا
-بعشق النكد.. بعشقك..
ابتسمت برقة وأطرقت عيناها فقال باهتمام وهو يعبث في خصل شعرها :
-احكيلي عن حياتك الدراسية
رفعت عيناها إليه للحظات ثم تذكرت حياتها الدراسية وقالت بحماس :
-كنت شاطرة جدًا ومعايا شهادات تقدير من المدرسين ..وفي أولى ثانوي اخترت ادخل علمي علشان ابقى دكتورة..
توقفت عن الحديث عندما تذكرت حادث والدتها وتابعت بنبرة حزينة :
-لحد وفاة ماما ..بعد الحادثة دي أعصابي تعبت ولا بقيت حتى اذاكر خالص وأحلامي كلها طارت في الهوى ..عديت تانية وتالته ثانوي بالعافية ومجبتش مجموع الطب اللي كنت بحلم بيه ودخلت آداب..
أومأت بالنفي عدة مرات وتابعت :
-كنت بعدي فيها بالعافية كده ..لإني ساعتها خلاص فقدت الأمل في كل حاجة..
ثم أردفت :
-عارف احساس إن حاجة نفسك فيها تضيع منك ؟..كل حاجة بعد كده ملهاش لازمة ولا قيمة
مسح على وجنتها وقبلها على جبينها بحنان استمرت للحظات ثم ابتعد عنها وقال بتأكيد :
-أنا مش هسيبك أبدًا يا ندي .. و أول ما أمي ترجع من كندا هعلن جوازنا فورًا
ابتسمت ثم احتضنته فاستقل على ظهره يضمها إليه بحنان ..وكأن الحب في لحظة تغلب على الانتقام الذي كان يمكث قلبه لينسى أنه والدها وهي ندى ..ندى فقط ..ليصبح حبه لها حب رحيم..
قبلها على جبينها بحنان وخلل أنامله بين خصل شعرها ..بعد ربع ساعة من الاسترخاء رن جرس الباب فتساءلت عن من الطارق فقال وهو ينهض :
-الدليفري وصل
خرج مغلقًا الباب خلفه ..فنهضت ولحقت به لتجده يدخل المطبخ وينظم الطعام على الطاولة وجلست بجواره لتتناول معه الطعام وكان يطعمها بيده..
انتهى من الطعام وبدأ يتأملها بعينين مبتسمتين وهي تتناول الطعام بهدوء ..رمقته بنظرة طويلة لتزم شفتيها ثم نظرت إلى الأمام في صمت.. تنهد بصوت مسموع ثم نهض من مكانه وخرج فنظرت إلى المقعد الذي كان يحتله منذ لحظات وبعد لحظات ليست قليلة انتهت من الطعام ليأتي رحيم وساعدها في تنظيف المنضدة والمطبخ..
بعد نصف ساعة دخلوا غرفة المعيشة وقام بتشغيل التلفاز على فيلم أجنبي رومانسي ..ثم جلس بجوارها على الأريكة وتشابكت أيديهم مستنده برأسها على كتفه.. بعد لحظات تناول طبق المكسرات ويأخذ قطمه صغيرة ويعطي لها قطعة صغيرة فأخذتها ورفعت رأسها تنظر إليه في تعجب.. فيما تناول رحيم واحده أخرى وقربها من فمها طالبا منها أن تأخذ نصفها فقط لتنفذ رغبته وتناول هو النصف الثاني.. فقالت بابتسامة :
-هنتقاسم في الفستق والكاجو كمان
أحاط كتفها بذراعة ينظر إليها بعشق قائلًا :
-في كل حاجة حتى لو حباية رز
اتسعت ابتسامتها فقبلها على جبينها ثم مدد على الأريكة ممسكًا بيدها واضعًا إياها على صدره واعطى لها طبق المكسرات وبدأت تأخذ نصف الفستق وتعطي له النصف الثاني ..بعد نصف ساعة طلب منها أن تضع الطبق أعلى المنضدة لتنفذ رغبته ثم جذبها إليه لتمدد بجواره وقبلها على جبينها ثم احتضنها بكلت يديه مغمض العينين قائلًا :
-خليكِ كده طول العمر
تنهدت بعمق وابتسمت قائلة :
-اتمنى
..دقت الساعة الثامنة مساءً كانت واقفة داخل الخزانة تنظر إلى الثياب وهي تضم شفتيها ثم تناولت قميص أبيض طويل من الستان.. وبدلت ثيابها به كان مفتوح من الخلف حتى منتصف ظهرها ويظهر مقدمة صدرها نفخت في شدقيها ثم ارتدت الروب الطويل وأغلقت حزامه جيدا ثم وضعت من عطرها الذي يعشق رائحته ..بعد ذلك خرجت مغلقة الباب خلفها لتجده يجلس على الأريكة يعبث في الهاتف.. ابتلعت لعابها وتساءلت بهدوء :
-تحب اعملك حاجة
رفع عيناه عن الهاتف لينظر إليها ثم ألقى بالهاتف جانبًا ونهض متجه نحوها وعند وصوله استدار حولها فأمسكت بالروب من عند صدرها ..وقف خلفها ممسكًا بكتفيها ودفن وجهه في ثنايا عنقها مستنشقًا رائحتها بعمق حتى أخذ صدره يعلو ويهبط.. بينما أغلقت هي عينيها تلتقط أنفاسها باضطراب وانكمشت معادتها ودقات قلبها تقرع كالطبول في أذنيها.. أخذ يقبلها على عنقها حتى صعد إلى وجنتها وأحاط خصرها بشدة فاستمع إلى صوت أنفاسها العالية وهي تقول بتلعثم :
-على فكرة ..كـ كنت بسألك أ اعملك حاجة ولا ..ولا لاء عـ علشان تعبانه جدًا وعايزة انام
استند بذقنه على كتفها يومئ بالنفي وقال بجدية :
-ممنوع النوم النهاردة
ابتلعت لعابها بصوت مسموع وقالت بترجي :
-أرجوك سبني علشان عايزة أنام
رفع حاجبيه وقال بمزاح :
-ترضي حد يقول عليا فسيخة..
اندهشت ثم وجدت نفسها تضحك فرفع رأسه عن كتفها وادارها إليه رافعًا رأسها إليه لتتوقف عن الضحك مكتفيه بابتسامة بسيطة فقال بذات المزاح :
-ما هو بصراحة لو سبتك تنامي هبقى فسيخة
ضربته على صدره فضحك ضحكة خفيفة ثم احتضنها بحنان وقبلها على جانب رأسها.. فأغمضت عيناها وقالت بنعومة :
-بحبك
عض على شفى السفلى ثم قبلها على عنقها برقة وابتعد عنها يمسح على جانب رأسها ثم انحنى برأسه وقبلها على وجنتها بالقرب من شفتيها.. ثم ابتعد قليلًا يمسح بإبهامه على شفاها السفلى وأخذ قبلة عميقه من شفتيها يروى بها قلبه و روحه ..ثم ابتعد عنها قليلًا يلفح وجهها بأنفاسه الساخنة طالبا منها أن تبادله ..صعقت من طلبه ليقشعر جسدها بالكامل وكأن جبل من الثلج انزلق فوق رأسها ..عاد لتقبيلها على أمل أن تنفذ رغبته لكنها لم تفعل فهي كالصنم فابتعد عنها وأمسك بيدها وضعهما خلف عنقه ثم أحاط خصرها وطلب منها ثانية بجدية أن تبادله ثم عاد بتقبليها بشغف.. لتجد نفسها تبادله بدون وعي فقد سيطر عليها بالكامل وأيضًا تخلل أناملها بين خصل شعره ..فمرر يديه على ظهرها ثم أفلت حزام الروب وأبعد ذراعيها عن عنقه وضعهما جوارها ليسحب الروب عن كتفها ليسقط أرضًا وهو لايزال يقبل شفتيها ثم افلتها ليلتقط أنفاسه بصوت مسموع وتفحصها من رأسها إلى قدميها عدة مرات ثم حملها على ذراعيه واتجه نحو الفراش ليضعها عليه برفق وتبدأ ليليتهم الأولى..
..ذهب ذلك الليل سريعًا ليأتي الصباح واستيقظ رحيم بوجه عابس بفضل زقزقة العصافير المزعجة داخل الشرفة ..تململ على الفراش ليستقل على جنبه اليمين ونظر إلى ندى النائمة بابتسامة بسيطة ورفع يده يمسح على وجنتها بلطف ويمرر أنامله على جميع ملامح وجهها.. ثم تناول هاتفه من أعلى المنضدة الصغيرة وفتح الكاميرا وأقترب من رأسها وجاء يلتقط الصورة لفت نظره كتفها ظاهرًا في الصورة ..فوضع الغطاء عليه ثم التقط معها بعض الصور وهي نائمة ..وأخذ صوره وهو يطبق شفتيه على أنفها و رأسها ..ثم وضع الهاتف جانبًا وعاد ينظر إليها مخللًا انامله بين خصل شعرها.. فتحت عيناها ببطء لتنظر إليه فاتسعت ابتسامته وكاد أن يتحدث إلا إنها جحظت عيناها والتفتت لتواليه ظهرها ..ضحك ضحكة خفيفة مندهشًا وتساءل :
-أنا عملتلك حاجة ؟
قالت باضطراب :
-مش عايزة اتكلم معاك
ثم وضعت الغطاء على رأسها فسحبه عن وجهها وأخذ يدغدغها لتلتوي وهي تضحك ويقول :
-حبيبي مكسوف ..بعشق كسوفك
طلبت منه أن يتوقف لينفذ طلبها ودفنت وجهها بين كفيها فقبلها على ظهر يداها وهمس بوقاحة :
-مفيش حاجة من بتاعة امبارح دي
جزت على أضراسها بشدة حتى استمعت إلى صريرها وأخذت تضربه على صدره العاري وهي تقول بعصبية :
-أنت وقح
قبض على معصمها وثبتهما خلفها فأغمضت عيناها فقال بمزاح :
-طبعًا قدامك شهرين وزيادة على ما تبصيلي تاني
حركت رأسها بتأكيد فقبلها على ثغرها ثم جبينها وتركها ودلف إلى المرحاض ..نظرت حولها ثم رفعت ظهرها عن الفراش واضعة يديها على صدرها وقامت برفع صدر القميص للأعلى ..رن هاتفها فأخذته لتنظر إلى شاشته التي تضيء باسم والدها فعقدت بين حاجبيها بحزن ثم أجابت عليه لتستمع إلى صوته العالي :
-أنتِ لسه بتشتغلي شغلانة البيبي زفت دي
مسحت على وجهها وقالت بعتاب :
-طب أسأل عليا الاول
صاح بنفاذ صبر :
-واسال عليكِ ليه ..اللي يهمني دلوقت منظري قدام الناس.. ابقى رجل اعمال معروف وبنتي مربية أطفال
قالت بحزن :
-بابا حضرتك مش قادر تفهم ليه أنا بحب شغلي دا جدًا ..ببقى سعيدة في شغلي جدًا
-اسمعي يا بت أنتِ أنا جبت اخري وهعرف عنوان شغلك دا فين زي كل مرة وغصب عنك هتسبيه
ثم أنهى المكالمة دون أن ينتظر ردها فألقت بالهاتف على الفراش و وضعت رأسها بين يديها..
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية حب رحيم) اسم الرواية