رواية عشقك لعنتي (2) الفصل التاسع 9 - بقلم شروق مجدي
...
بعتذر عن التاخير بس كان في مشكله في البرنامج وكمان على الفيس الفصل ده اللي هو بتاع يوم الثلاثاء والفصل بتاع النهارده هينزل في ميعاده عادي جدا وممكن بدري كمان عن ميعاده شويه مستنيه تشجيعكم ليا.
في مطعم نوري، كانت تجلس الجميلة كريستين تبتسم له بينما كان ينهي بعض أعماله. انتهى من عمله وجلس أمامها وهو يغمز بعينيه: "إيه يا حلوة؟ عامل إيه؟ بقالك يومين مختفية. يعني كنت فين؟"
ضحكت بدلال:
"عادي، بتقل عليك شوية. يمكن أوحشك. وبعدين، ما أنت عارف إن عندي شغل. أظهر وأختفي، ما ليش وقت معين أظهر فيه أو أختفي فيه. مش كده يا عيسى؟"
نفخ في الهواء بغيظ:
: "انسي، انسي يا كريستين الموضوع ده خالص. أنا مستحيل أرجع للشغل ده تاني. حكيت لك بس لما عرفت إنك ماشية في الطريق الغلط ده، وقلت أنبهك يمكن تعرفي تخرجي منه. لكن أنا؟ مستحيل أدخل فيه تاني. كفاية إني تعبت منه واتأذيت. دلوقتي مش عارف أعيش حياتي الطبيعية بسبب اللي كنت فيه. صاحبي مش عارف هو فين، وأخته ما عرفتش أحميها، والتاني عايز يسيبني ويهاجر، ومراته هيجوزوها لحد تاني! وأنا كل ده بتفرج وساكت. مش قادر أعمل حاجة ولا أدافع عنهم."
ابتسمت بدلال:
"مش يمكن يكون رجع تاني للشغل ده؟ الدم بيحن برضه، وهو بقاله سنين ما بياكلش غير حر. ام كده، يا سمسم."
ضحك بسخرية:
"إنتِ عاملة زي الشيطان، يا بنت! اتهدي شوية واحترمي نفسك. إحنا في مكان محترم. المكان ده اللي فاضل عندي أمل لما يرجع يحيى يلاقيه جميل زي ما هو، وأحسن من الأول كمان. أنا واثق إنه هيرجع إن شاء الله. صاحبي ما يخونيش ولا يبعني، فاهمة؟"
في هذه اللحظة، لفت نظره شخص يدخل باتجاه الباب. وقف وهو ينظر إليه بتأكيد:
"مروان! مال إيدك ومال رجلك؟ وإيه المنظر ده؟ دخلت في شاحنة ولا إيه؟"
جلس مروان بتعب:
"بعيد عنك... لوري دخل فيا. إزايك يا كريستين؟"
كريستين: "أهلاً."
عيسى: "مش فاهم بجد! مين اللي عمل فيك كده؟ أنت مش آخر مرة قلت لي إنك هتسافر، والمفروض طيارتك بعد بكره. إيه اللي حصل؟"
مروان: "عمران فهم غلط حوازر كده شكلة. ضربني جامد."
وقف عيسى بغضب:
: "اتجنن ولا إيه؟ هي حصلت للدرجة دي؟ أنا أروح اطربق الدنيا فوق دماغه! الناس دي عايزة إيه مننا تاني؟"
مروان: "يا عم اقعد بس، اقعد. هو أصلاً فهم غلط. كنت بتكلم عن سفر ليان معايا، وقلت له 'إن شاء الله' لما قالي 'عقبال الفرح'. كنت أقصد على فرحي أنا يعني. لقيته فهم غلط وخبطني."
جلس عيسى وهو يضحك بقوة:
"يخرب عقلك، حد يعمل كده؟! طب مش كنت تفهم الأول؟"
مروان: "يعني هو اداني فرصة أتكلم؟ ما لحقتش أنطق أصلاً. المهم، إن شاء الله أخف قبل ما أسافر."
.......................................
في البدو في سيناء، وبالتحديد قبيلة حمدان، كان يجلس يحيى وهو يدّعي التعب، وينتظر قدوم أدريان الذي دخل بهدوء شديد، وهو ينظر له بخبث:
الله الله! إحنا بقينا عال اوي، أهو صحتك جت على البدو؟ الحمد لله على سلامتك. طلبت إنك تقابلني، وأنا حقيقة اتصدمت. معقول أول حاجة تعملها لما تفوق إنك تقابلني أنا؟ خير! ده أنا قلت أول حاجة هتفكر فيها إنك تهرب يا زيدان، ولا إيه؟
زيدان وهو يدّعي الشعور بالتعب والدوار): عشان أخلّص، وعشان عارف إنك مش هتسيبني في حالي، وما ليش أي وش أظهر بيه ليهم، وأنا مش عارف أنت عملت فيَّ إيه في الفترة دي. أنت قلت لي إنك أوهمتهم إن أنا معاك في شغل التهري. ب كتير، يعني مجرد ظهوري ليهم تاني أكيد هيقبضوا عليّ، وعمرهم ما هيصدقوني. للأسف نجحت إنك تشوّه صورتي قدام الناس كلها، ودلوقتي أنت عايز مني إيه عشان تديني حريتي؟
جلس الآخر أمامه ببرود، وهو يضع قدمًا على الأخرى، ويشعل سيجارًا بعد أن أخذه من العلبة في سرواله، ثم تحدث ببرود شديد:
اللي أنا قلت لك عليه، مش عايز أوضح عشان إحنا عند ناس. أنت عارف كويس أنا عايز منك إيه، وعارف كويس إن أنا مش هديك حريتك غير معي. إيه رأيك؟ قلت إيه؟
زيدان (بتعب): موافق... موافق على اللي أنت عايزه، أنا موافق عليه، أصلًا ما عنديش حل غير إني أوافق.
ابتسم الآخر ببرود وأكمل:
بالضبط، برافو عليك. أصلًا المخا. برات المصرية لو لمحتك مش هتسمي عليك. أنا مخلي سمعتك زي الفل في السنة دي، وليك عليّ أجيب لك مراتك لحد عندك وأسفّرها معك زي اتفاقي بالضبط.
رفع عيونه له بهدوءٍ مريبٍ وهو يتحدث بنبرةٍ حازمة:
- مراتي؟ لا، مررررراتي لا! عندي استعداد أرجع معاك وأعمل اللي انت عايزه، بس سيبها هي في حالها. مالكش دعوة بيها خالص. أنا أصلًا هطلّقها، وأختي كمان مالكش دعوة بيها. ابعد عنهم الاتنين، وأنا هبقى معاك زي ما انت عايز.
ابتسم أدريان ببرودٍ شديدٍ وهو يقف ويرمي السيجار من يده ويضغط عليه بالحذاء:
- موافق، بس ما تقوليش حد تاني، لأن اللي ليك عندي اتنين بس: مراتك وأختك. مالكش دعوة بحد تاني.
حرك عيونه بحيرةٍ من حديثه:
- قصدك إيه حد تاني؟ مين؟ انت ليك مين أصلًا غير مراتي وأختي؟ مش فاهم.
ضحك الآخر بقوة:
- خليك فاكر إني قلت لك ليك اتنين بس. يعني لو طلّعت واحدة عشان تدخل واحدة، ماليش فيه. همّ اتنين تمام. أقصد الحلوة ليان، الصراحة حلوة ومش خسارة في ياسين. البنت جامدة وتستاهل، وفرفوشة كده، مش زي مراتك. عجبتني، فدي بقى نركنها على جنب، مالكش دعوة.
وقف أمامه وهو يحاول أن يمتص غضبه بداخله، ويضغط بغيظٍ من بين أسنانه:
- انت بتقول إيه؟ أنا عايز أفهم، انت بتقول إيه؟ انت إزاي كده؟ دي متجوّزة وبتحب جوزها، ويمكن دلوقتي مخلفة. انت أصلًا بتتكلم في إيه؟
ردّ أدريان ببرود:
- لا، ما انت فايتك كتير قوي يا Zee. مالكش دعوة بيها، خليك في نفسك. ده شغل بيزنس بيني أنا وياسين. هو حبيبها وعايزها، وأنا موافق. انت إيه مشكلتك؟ أنا هنفّذ لك طلبك، ماليش دعوة بمراتك وأختك اللي أصلًا مش عارف هي فين. لكن الباقي بقى بتاعي أنا، أنا حر. وخد بالك، أنا عملت ده عشان انت ابني. لكن أنا ما حدش يتشرط عليا. جهز هدومك يلا عشان تخرج معايا.
زيدان: على فين؟
أدريان (بتهكم): أنا ما بحبش الأسئلة الكتير، بس عشان أريحك، في شحنة كده هنسلمها هنا، وبعد كده كلنا هنسافر ومش هنرجع هنا أبدًا. والشحنة دي تتسلم النهارده بالليل، يلا مافيش وقت.
واتجه أدريان للخارج وهو يتركه يجهز أشيائه. تحدث زيدان بهمس لأدهم، الذي كان معهم عبر جهاز صغير يخفيه زيدان في ملابسه: هي العملية النهارده فعلًا؟
أدهم: أيوه النهارده، ما حدش يعرف غيري. بس ما تقلقش، أنا معاك وجنبك وسابقهم بخطوة، اطمن.
زيدان: طب، انت سمعت كلامه عن ليان. ده معناه إنه مخطط لحاجة ليها النهارده، بما إن العملية النهارده وهنسافر، مستحيل هيقعد بعدها في البلد.
أدهم: قلت لك اطمن بقى. اخرج معاه، مالكش دعوة. كل حاجة زي ما إحنا مخططين. نفذ بس. وبالمناسبة، ما تنساش تشيل المايك وترميه، أوعى تمشي معاه بيه. أكيد انت عارف طبعًا. أنا حبيت بس أؤكد عليك عشان السنة دي ما تكونش أثرت على معلوماتك.
زيدان: لا، اطمن. ما نسيتش أكيد، أنا مش غبي للدرجة دي.
بالفعل، اتجه زيدان معه للخارج وهو يحمل جاكيت في يده وحقيبة صغيرة.
أدريان: اللي أنا أعرفه إنهم خدوك من عندي من غير لبس، اللي كان على هدومك بس. فإيه كل اللي انت جايبه ده؟
زيدان: كتر خيرهم، جابوا لي لبس وصمموا إني آخده معايا لحد لما أصرف نفسي. يعني يتقال لهم شكراً، مش كده ولا إيه؟
وبالفعل، رحل معه. لكن بعد قليل، وقف أدريان في مكان وهو يقول له: يلا، انزل.
زيدان: وانت مش نازل؟
أدريان: لا، عندي كم مشوار كده، بس أكيد هنتقابل تاني يا زيدان. البيت ده تدخله، الناس اللي فيه عارفين كل حاجة. سلام مؤقت، عشان عندي شغل مهم.
ورحل بسيارته سريعًا.
اتجه زيدان للداخل وهو يبتسم بهدوء، إلى أن وقف أمامه ياسين، الذي قال له:
ياسين: أهلاً أهلاً بمستر Zeeee. أكيد سمعت عني كتير، بس ما شفتنيش. أنا ياسين، عرفتني؟
ابتسم الآخر بتهكم وهو يفرك يده بأنفه:
- لا، صيتك مسمّع. سمعت عنك كتير قوي الحقيقة، لدرجة ما كنتش حابب أشوفك من اللي سمعته.
ياسين (بتهكم):
- إيه ده بجد؟ مع إن أنا كنت نفسي أشوفك وأعرف مين Zee، الجاسوس العالمي اللي كان بيشتغل لحساب بره، واللي بيعشقوه وما يقدروش يستغنوا عنه، واللي أنا نفسي كنت باخد منه أوامر عن طريق أكواد.
زيدان:
- لو بتاخد مني أوامر عن طريق أكواد يبقى أكيد لبلاد تانية ومش عربية، لأني أنا ما بشتغلش لحد في بلاد عربية. مش كده ولا إيه؟ انت بقى شغال بره وجوه. يا أخي سبحان الله، مع إني عشت بره كتير جدًا، بس عمري ما فكرت أخون بلدي وأهلي. غيرك خالص.
ضحك الآخر بقوة وأكمل:
- المبادئ ما بتتجزّأش. في الأول وفي الآخر، انت جاسوس، مش هتفرق كتير. المهم يلا بينا عشان نجهز لشغلنا المهمة بالليل، وما عندناش وقت. هنخلص وهنسافر على طول. أدريان موصّيني إنك تفضل تحت عيني، وآخد بالي منك لحد لما نسافر أنا وانت، وأسلمك لي هناك.
زيدان:
- آه، ما أنا عارف. (وأكمل بتفكير) هو احنا مش هنشوف أدريان تاني النهارده؟
ياسين:
- لا، مش عارف الحقيقة، وما بحبش أسأل أبوك كتير. مش أبوك برضو؟ أصله مش كل حاجة بيجاوبني عليها. خبيث قوي وشرير قوي وزعله وحش، فأنا ما بحبش أزعله. تمام؟
.......................................
بشوي:
- خلاص بقى، هو مش أدهم باشا قال لك إنه هيتصرف وإنك ما تقلقش؟ هتفضل قاعد كده متوتر؟
عمران:
- انت شايف إيه؟ المفروض أتوتّر ولا لأ؟ يعني مراتي في خطر، وما تنساش إنها اتعرّضت للخطر أكتر من مرة بسببي. وأنا الصراحة تعبت، ومش قادر أخليها تتعرّض لحاجة تانية برضه بسببي.
بشوي:
- تمام، يبقى المفروض تكون معاها دلوقتي، مش سايبها مع أبوها. ؟ فهم أبوها طيب الوضع، وإنك لازم تحميها.
عمران:
- فهمته، فهمته. قال مش هيخرجها من باب البيت، لكن يتراجع عن قراراته؟ لا. لو كانت بنته مش متجوزاني كان هيعمل إيه؟ هيجوزها لي؟ فهو هيتصرف. بس أنا طبعًا ما أخدتش على الكلام ده. أنا موقف حراسات تبعي تحت البيت. أكيد مش هاخد على كلامه يعني، ولو في أي حاجة هيبلغوني.
بشوي:
- طيب، حلو. وأكيد أدهم عامل نفس الموضوع برضه. فانت قلقان من إيه؟
عمران:
- عشان عادل المرشدي، وتقريبًا مالوش نفس أصلاً ولا هيقدر يلعب معايا تاني. يبقى مين اللي عايز يعمل معايا كده؟ معقول ياسين؟ يا خاطر ويظهر تاني عشانها؟ وهو عارف كويس إنه لو ظهر البوليس مش هيسيبه. بوليس إيه؟ ده المخا، برات نفسها بتدور عليه!
بشوي:
- أنا أصلاً كل ما بفكر في موضوع ياسين ده بتصدم. مش مصدق إنه أصلاً صاحبنا. مش مصدق إن ده ياسين العِشرة العمر اللي كانت بينا. مش مصدق إنه كان عايز يضيّع مريم بسهولة كده ويلبّسك مصيبة. هو ده ياسين؟
عمران:
- إذا كانت أمه نفسها مش مصدقة! أنا مستني لما نشوف، ولحد لما نعرف مين اللي بيعمل كده لازم عيني ما تنزلش من على ليان.
(لكن فجأة انتبه إلى هاتفه، حيث أرسل له أحد الحرس صورة لشخص يتجه نحو منزل ليان).
وقف عمران بغيظ، واتجه للخارج سريعًا تحت نظرات الاستغراب من بشوي.
.......................................
دق جرس الباب، فاتجهت هي لتفتح، ولكن تحدثت بذهول:
- إيه ده؟ في إيه؟ انت؟ إيه اللي حصل لك؟ هو عمران قال نروح لك المستشفى؟ هو اللي عمل فيك كده؟
ابتسم مروان وهو يتجه للداخل:
- آه يا ستي، شفتي عمل فيا إيه عشان خاطر حضرتك؟ عاجبك كده؟ وانتِ تقولي لي مش واثقة في حبي ليكِ؟ ده أنا لولا جريت كان زمانك في خبر كان.
فتح محمود باب الغرفة ونظر له بذهول:
- إيه يا ابني ده؟ عمران هو اللي عمل فيك كده؟ يا نهار أبيض، ده تجنّن رسمي!
ابتسم مروان وهو يقترب ليسلم عليه:
- سوء تفاهم يا عمي، فهم كلامي بطريقة غلط جدًا، وإن أنا عايزة أتجوز ليان؟ وعينك ما تشوف إلا النور. ما كنتش ملاحق عليه أنا وبشوي، وكسر المكتب فوق دماغي!
على العموم أنا كنت جاي أسلم عليكم، لأني خلاص مسافر ومش راجع هنا تاني.
محمود:
- ده قرارك النهائي يا ابني؟ خلاص؟ يعني مش هتيجي حتى زيارات؟
مروان:
- أكيد هاجي، يعني عيسى هنا وأنا ما ليش غيره أصلاً، فأكيد هيجي و وقتها. أول ما أجي هعدي أسلم عليكم. نور مش هنا؟ أسلم عليها.
ليان:
- لا، نور في شغلها. لو حابب ممكن تعدي عليها هناك. الحقيقة هتوحشنا، نشوفك على خير يا رب.
دق الباب مرة أخرى. فتحت هي، واتجه الآخر بغضب للداخل:
- ده انت ما حرمتش بقى؟! انت شكلك عايز أنيمك سنة في المستشفى.
محمود:
- ولد! احترم نفسك، اعمل اعتبار إن أنا واقف هنا ولا إيه؟
مروان:
- يا بني آدم، يعني أنا يوم ما ألف، هلف على مراتك؟ أنا جاي أسلم عليهم لأني مسافر أصلاً. وعلى فكرة، الحوار ده أنا عملته عشان خاطر عمي، قال لي أقول لك إنها هتسافر معايا. وما أقصدش خالص بالجواز ده غباء منك .
على العموم، أشوف وشك بخير. أنا كنت أصلاً هعدي أسلم عليك.
عمران:
- انت خلاص نويت الرحيل؟ مش ناوي تقعد حتى لو عشانا؟
اقترب مروان وهو يحتضنه:
- أشوف وشك بخير. سلام.
ثم اقترب من ليان وهو يقول:
- على فكرة، هو مش بيحبك، هو بيعشقك لدرجة انتِ ما تتخيليهاش. يا بخته اللي يلاقي حب كده وما يتمسكش بيه. أشوفكم على خير.
وتجه للخارج سريعًا تحت نظرات الحزن عليه منهم.
عمران:
- شفت؟ قال لك إيه يعني؟ رجعها لي بقى ولا إيه ها؟
محمود:
- لو عايز تقول لها على حاجة، قول لها وخلص واتكل على الله. روح عشان مش فاضيين لك.
واتجه للداخل وهو يغلق الباب خلفه.
اقترب عمران منها وهمس وهو يحتضنها، ولكن تراجعت هي للخلف بخوف، وهي تضع يدها أمامه بتحذير:
- بقول لك إيه، ابعد عني. إحنا لسه في فترة الخطوبة يعني تحترم نفسك وما تلمسنيش. آه؟
ابتسم بخبث، ووضع يده في جيبه ليخرج قطعة من الشوكولاتة من نوع فاخر تحبه. فتحت عيونها بفرح، وحاولت أن تأخذها منه، لكنه وضعها خلف ظهره وهو يقول:
- لا، ما هي لازم تدفعي ثمنها. هنّهزر بقى ولا إيه؟
فتحت عيونها باتساع أكثر، وقالت بتهكم:
- ده بجد؟ ده انت مادي حقير قوي.
ضحك بقوة:
- بجد؟ لا، أنا ما أقصدش شيء مادي. أنا أقصد شيء معنوي.
قال هذا وهو يحرك حاجبيه بشقاوة ويوجه عينيه نحو شفت. يها الجميلة.
ابتسمت بخجل، فاقترب منها أكثر وهمس بجانب أذنها:
- وحشتيني، ومتأكد إني وحشتك.
أغمضت عينيها وهي تستنشق رائحة عطره التي اشتاقت لها بشدة. وضع يده على خص. رها، لكنه فاق بصدمه على صوت والدها:
- انت لسه هنا؟ ما تخلص بقى!
لعنتي نار عشقك بقلم شروق مجدي
لعن في سره، ثم ابتسم وهو يجز على أسنانه:
- آه يا عمي، لسه هنا. همشي أهو. عن إذن حضرتك.
أعطاها الشوكولاتة وأكمل بهمس:
- خدي بالك، أنا لسه ما أخدتش حقها. سلام.
واتجه للخارج بغيظ.
محمود (بتهكم):
- ده إحنا لسه ما كملناش! إيه؟ مش هتقدري تكملي ولا إيه؟
ابتسمت بخجل شديد، واتجهت لغرفتها تحت نظرات الفرح من والدها على حب عمران لها، فهو كان يخشى أن يكون مجرد شعور بالذنب لا أكثر.
.......................................
اقترب أيمن وجلس أمامها على المكتب، وهو يتحدث بضيق:
- ممكن أفهم بتتجنبيني بقالك فترة؟ ليه؟ الحقيقة مش عارف أنا عملت لك إيه مزعلك قوي كده.
رفعت عيونها عن الأوراق، ونظرت له بسخرية:
- لا، فعلاً مش عارف؟ وهو حضرتك لما تعرف إني ست متجوزة وتروح تطلبني من بابا للجواز، ده معناه إيه؟ ولما تعرف إن جوزي في مشكلة، فتوافق إني أتطلق عادي عشان تتجوزني، من غير حتى ما تسألني، تقدر تفهمني ده معناه إيه؟ مع إن المفروض إننا أصدقاء وبنتكلم مع بعض، يعني الأولى تيجي تتكلم معايا أنا بدل ما تروح تتكلم مع بابا وتستغل موقف زي ده.
أيمن:
- أنا ما استغلتش حاجة يا نور. أنا بس شايف إنك مكبرة الموضوع. شخص سابك يوم الفرح وهرب، بقاله سنة وما فكرش يبص وراه، يبقى ده معناه إيه غير إنه هو اللي اختار كده؟ إيه اللي يخليك قاعدة مستنياه؟ ويا ترى هتستني قد إيه؟ سنة؟ سنتين؟ ثلاثة؟ عشرة؟ وليه أصلاً تستنيه بدل ما في واحد تاني بيحبك وبيقدرك ونفسه إنك تفضلي العمر كله جنبه؟ ممكن أفهم؟
نور:
- أعتقد إن ده قراري أنا. أنا اللي أقول أنا عايزة إيه أو مش عايزة إيه. وحضرتك ما تعرفش مدى العلاقة اللي بيني وبين جوزي، ولا إحنا اتجوزنا إزاي. يستحيل أحب حد غيره أو أتجوز حد غيره. فيا ريت ريح نفسك، وتتكلم مع والدي إنك مش عايز الجوازة دي.
أيمن:
- وتفتكري إني لما أقول كده لأبوك، هو هيقول لي "تمام"؟ هيظهر واحد تاني غيري، وثالث، وعاشر، وفي الآخر هتستسلمي. يبقى ليه ما أكونش أنا الشخص ده؟ أنا عندي أمل إنك هتكوني لي في يوم من الأيام.
نورهان (ببرود):
- يبقى واضح إن حضرتك هتستنى كتير.
قطعهم دخول مروان وهو يقول:
- السلام عليكم. يا ريت ما كنتش قاطعت شغلكم.
ابتسمت نور ووقفت:
- لا، خالص. تعالَ يا مروان. ده مستر أيمن بس كان بيتكلم معايا في موضوع وخلاص، خلص. اتفضل استريح.
وقف أيمن وقال:
- أهلاً يا مستر مروان. إحنا لسه كلامنا ما خلصش يا نور، بس تمام، عن إذنك.
جلست نور وهي تنفخ في الهواء بغيظ:
- بني آدم ثقيل! لولا إني ماسكة مشروع مهم ومش هينفع أسيبه إلا لما أخلصه، كنت سبت الشغل وسبت له الشركة تتطربق فوق دماغه.
مروان:
- مع إني شايف إنه شخص كويس يعني وبيحبك، بس في الأول وفي الآخر ده اختيارك.
شهقت بصدمه:
- انت اللي بتقول كده؟ بتهزر؟ بدل ما تقول لي استني وإن يحيى هيرجع!
قاطَعها هو:
- مش هيرجع يا نور.
تحدثت سريعاً:
- هيرجع يا مروان، هيرجع! أنا متأكدة إنه هيرجع.
مروان:
- على العموم، أنا كنت جاي أسلم عليكِ لأني ماشي خلاص. مسافر بعد بُكرة. أشوفك على خير، وأتمنى لك حياة سعيدة، عشان إنتِ حقيقي تستاهلي حياة سعيدة. غيرتي فينا كلنا حاجات كتير قوي. أي نعم في مننا اللي اتغير، وفي اللي لا، بس إنتِ كنتِ حد كويس في حياتنا كلنا.
نورهان:
- ولو يحيى رجع وطلع مظلوم وقدر يرجع، أختك هترجع تاني؟
ابتسم مروان وقال:
- بجد؟ مع إن ده احتمال صعب قوي. بس لا، مش هرجع. ده قراري النهائي، وده الأحسن، صدقيني. على العموم، أشوف وشكِ على خير. السلام عليكم.
ابتسمت نور بحزن، فهي تشعر بنظرة الخذلان من سيليا ووجع قلبه منها.
.......................................
ياسين:
- يلا يا رجالة، جاهزين؟ الشحنة هتوصل. يلا بينا! يلا يا زيدان، جهز نفسك عشان هنطلع على طول من بره على المركب اللي هتوصلنا.
وقف زيدان وهو بداخله يخشى هروب أدريان وعدم القبض عليه، فهو شخصية ليست سهلة على الإطلاق.
بالفعل اقترب الجميع في وسط الصحراء للتسليم.
اقترب منهم واحد من القبيلة وقال:
- يا هلا!
ياسين:
- يا هلا بيك يا شيخنا. الشحنة مفروض توصل عن طريقكم للبلاد المطلوب تسليمها، وأنتم كمان تاخدوا نصيبكم. اتأكدوا كل حاجة مضبوطة.
ابتسم الشيخ وقال:
- زين زين! حمل الحاجة يا ولد منك له. وانت يا ياسين، انت وعادل الباشا حقكم محفوظ. سلم لي على مستر رينو وقوله وعدت ووفيت يا غالي.
ابتسم ياسين:
- تمام. وعلى فكرة، الأدوية اللي انتوا طالبينها كلها موجودة كمان، وحالياً عن طريق الميناء الشحنة الثانية بتتسلم مننا لحبايبكم.
كان زيدان يقف بتوتر، حتى الآن لم تظهر أي أخبار من أدهم ولا البوليس ظهر لحد الآن. إلى أن اقترب حاتم منهم وهو يصفق بمرح:
- هايل يا فنان، هايل! كل حاجة هنا تجنن وكل حاجة متصورة بالصوت والصورة. لو عايز نذيع نذيع، إيه رأيك؟
ياسين (بصدمة):
- إنت؟
حاتم:
- ده انت دوختني عليك دوخة!
رفع الشيخ يده لرجاله، ولكن حاتم رفع يده باستسلام وهو يقول:
- الجبل كله محاصر، والحكومة مرشقة في كل حتة. يعني أي ضربة، المكان هيتفجر باللي فيه. فنخلينا شاطرين كده ونسلم كل حاجة بهدوء. وآه، نسيت أقول لكم على حاجة. طارق، زميلي، زمانه بيعمل نفس اللي أنا بعمله في المينا في قناة السويس. شحنة الأدوية الفاس. دة وشحنة الأكل المجمد الفاسد اللي هتوزعوها. شفت بقى المفاجأة الحلوة دي؟
ياسين (بغضب):
- ورانا ناس؟ مش هتسكتوا؟ وزي ما خرجت مرة، هخرج تاني!
حاتم (يضحك وهو يقترب):
- هو أنا ما قلت لكش؟ ما احنا عاملين احتياطاتنا المرة دي. هنروق عليك ترويقة فل هتعجبك قوي! وآه، صحيح، الناس اللي انتوا بعتينهم عند بيت ليان عشان يعملوا جو سطو مسلح وشو وياخدوها، احنا خليناهم عندنا واستقبلناهم أحلى استقبال. يلا يا بابا، يلا يا حبيبي، يلا عشان ميعاد المدرسة قرب!
اقترب زيدان بتوتر وسأل:
- أدريان؟ المهم في الموضوع هو ده!
حاتم:
- الحقيقة مش عارف. بس الخطة إننا نمسك الشحنة دي لأنها أكبر شحنة تدخل البلد في الفترة الأخيرة بالكميات دي لبلاد عربية. لكن أدريان؟ أنا ما عنديش أي خلفية عنه أو هو فين حالياً.
زيدان (بصدمة):
- طب وأدهم فين؟
حاتم:
- حالياً هو في الجهاز، منتظرنا عشان نرجع. ومعانا انت وبقية العصابة هنا . يلا بينا!
.......................................
في لانش صغير بمدينة طابا، ابتسم أدريان وهو يصعد عليه، ثم ضحك بقوة:
- كانوا فاكرين يقدروا يجيبوني؟ بس على مين؟ ده أنا بابا! ، هاجيبكم كلكم لعندي، يا كلاب! لا أنا... لا أنتم!
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية عشقك لعنتي ) اسم الرواية