رواية حب رحيم الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم سمر عمر
المشهد 22 " لقاء القلوب.. "💙
فاتجهت نحوه بحماس وقابلت المساعدة فطلبت منها أن تنتظر ودخلت مغلقة الباب خلفها لتجده يتحدث في الهاتف فانتظرت حتى أنهى المكالمة وقالت :
-البنت اللي بعتها محمود بيه بره
أذن لها بالدخول دون أن ينظر إليها لتخرج إليها وطلبت منها المستند خاصتها فأخرجته من حقيبة يدها لتعطي إليها ثم أخذت الملف الذي أرسله مستر محمود ودخلت طالبه منها أن تتبعها.. بينما تفرغ من كل شيء كان يتابعه على الحاسوب لتظهر صورة ندى أمامه ثم أغلق شاشة الحاسوب ..وقفت ندى أمام المكتب وعندما نظرت إليه ابتلعت لعابها بصوت مسموع وانكمشت معادتها وشعرت بالتوتر الشديد واخذت تلهث بصوت مسموع ..بينما وضعت المساعدة الملفات أمام رحيم.. تنحنح بخفيه قاطبًا حاجبية ثم فتح أول صفحة من الملف ليرى أنها الأولى على دفعتها ..فيما شعرت ندى بأنها لا تستطيع الوقوف أكثر فأمسكت بمرفق المساعدة لتنظر إليها في دهشة وبعد لحظات رفع رحيم رأسه إليها يكاد أن يتحدث لكنه تفاجئ بها ليشعر بعدها بالصدمة وتوقفت كلماته في حلقة تاركًا قلبه ينبض بشدة حتى شعر بنبضاته تدق في صدره بشدة.. ملامح الحده والجمود اختفت تدريجيًا لتتحول إلى نظرات الاشتياق والحنين ثم تحدث بـ بحة صوته الرجولية :
-برافو عليكِ
ما أن سمعت صوته وأخذ قلبها يقرع كالطبول وتأوهت داخلها لتخبر نفسها كم هي اشتاقت إلى نبرة صوته هذه.. لتشعر بعدها بعدم توازن جسدها وسقطت مغشيًا عليها ..فشهقت الفتاة في صدمة بينما فزع رحيم ونهض عن المقعد راكضًا إليها ثم حملها على ذراعيه واجلسها على الأريكة برفق قائلًا :
-شوفي الدكتور اللي في الصيدلية اللي جنبنا بسرعة
ركضت إلى الخارج بينما هو جلس بجوارها يربت على وجنتها برفق ثم وجد نفسه يمسح على وجنتها ويتفرس ملامح وجهها بالكامل ووضع شعرها خلف أذنها.. ثم أزاح النظارة عن عيناها وضعها أعلى المنضدة ومرر انامله على ملامح وجهها حتى ذقنها ووجد نفسه يطبع قبلة رقيقة بين عينيها.. بعدها دفن أنفه بين خصل شعرها مستنشقًا عطرها لكنه تفاجئ برائحة عطره وليس عطرها.. فنظر إليها في دهشة وبعد دقائق وصل الطبيب فنهض رحيم ليجلس الطبيب مكانه وقام بقياسه الضغط ثم نظر إليه قائلًا :
-ضغطها واطي اوي
تساءل في توجس :
-اوديها المستشفى
نهض عن الأريكة قائلًا :
-لاء مفيش داعي ..حاول تفوقها وأنا هبعتلها حباية تظبط الضغط
أعطى رحيم له المال بإصرار بعد ما كان رافضًا وطلب من المساعدة أن تذهب معه لتنفيذ رغبته وغادرت برفقة الطبيب ..تناول زجاجة مياه باردة ثم جلس على المنضدة المقابلة للأريكة و وضع القليل على أنامله ثم مسح على وجنتها بلطف حتى شهقت بلهفة وفتحت عيناها لتنظر إليه لكن سرعان ما أشاحت بوجهها بعيدًا وقالت بتوتر واضح :
-أنا عايزة امشي من هنا
وضع الزجاجة جواره وقال بهدوء :
-هتمشي بس استني الدكتور هيبعتلك حباية خديها
ثم نهض عن المنضدة متجه نحو المكتب فرفعت عيناها بشغف لتنظر إليه حتى وقف أمام المكتب وأخذ يفحص الملف الخاص بها وبعد لحظات جاءت المساعدة فنظر رحيم إليها ثم التفت يتابعها بعينيه حتى وقفت أمام ندى واعطت لها العلاج فأخذته متسائلة :
-دي علشان إيه ؟
-هتظبط الضغط عندك
اومأت بالفهم ثم تمتمت بالشكر وتناولت الحبة بالماء ..خرجت المساعدة مغلقةً الباب خلفها ونهضت ندى عن الأريكة وتناولت النظارة لترتديها وحملت حقيبة يدها بينما تناول رحيم قلم ومضى على المستند ..ثم تناول ورقة والتفت إليها ليمد يده بالورقة دون أن يتحدث فأخذتها وطلب منها أن تجلس حتى تسجل بياناتها لتعود إلى الأريكة وجلست تسجل البيانات بيدي ترتعش بفضل التوتر والخجل لأنها تعلم أنه ينظر إليها ..بل يتفحصها بلمعة العشق والاشتياق..
بعد لحظات انفتح باب المكتب فجأة ودخلت فتاة جميلة بابتسامة مرحه تبلغ الواحد وعشرون من عمرها لينظر رحيم إليها ثم أبتسم بينما هي احتضنته بشدة ليبادلها بالعناق القوي وهي تقول :
-أنا نجحت ..نجحت
-مبروك يا حبيبتي
رفعت عيناها عن الورقة لتنظر إليهم بحنق.. فيما ابتعدت الفتاة عن رحيم ومدت يدها متسائلة :
-فين هديتي
مسك يدها وانحنى برأسه يقبلها على راحتها ثم نظر إليها وقال مبتسمًا :
-أجمل هدية لأجمل زهرة
ثم اتجه نحو المكتب وفتح اول درج ليأخذ علبة مستطيلة ثم وقف أمامها وقام بفتحها لتجد اسواره على شكل قلب صغير فأخذتها وقالت بسعادة :
-الله يجنن بجد ..حلو اوي
وضع العلبة جانبًا ثم أخذ الـ اسواره وضعها حول معصم يدها.. بينما شعرت ندى بضيق مفاجئ وتركت القلم ثم نهضت عن الأريكة وكادت أن تتحدث وتعتذر عن العمل ألا أن تلك الفتاة قبلت رحيم على وجنته وأحاطت عنقه بذراعيها لتتوقف الكلمات في حلقها كغصة تؤلمها كثيرًا ..في حين قالت الفتاة بمرح :
-أنت أجمل كراش في الدنيا
ضربها على وجنتها بخفة وقال بتذمر مصطنع :
-تاني كراش ..كلمة مقرفة جدًا
مطت شفتيها ثم قالت بمزاح :
-أي يا خالو بكراش عليك
ابتسمت عيناه قبل شفتيه قائلًا :
-قلب خالو
شهقت ندى بخفة عندما استمعت إلى كلماتهم وحركت شفتيها بكلمة " خالها.." ثم ابتسمت بهدوء لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها وجلست على الأريكة مجددًا وتناولت القلم لتكمل تسجيل البيانات.. وبعد لحظات ودعت خالها وغادرت ..فنظر إليها وهو يخرج من جيب سرواله علبة سجائر أخذ واحده يدخنها ..بعد أن انتهت أغلقت القلم ثم نهضت عن الأريكة واتجهت نحوه و وقفت أمامه على بعد عدة خطوات ومدت يدها بالورقة ..فضيق عيناه قليلًا وهو يسحب دخان سيجارته ثم زفر دخانها في الهواء وهو مازال ينظر إليها بابتسامة عيناه تلك التي أسرتها.. انتظرت كثيرًا لكنه لم يأخذ الورقة فرفعت عيناها إليه في لحظة ونظرت إلى الأرض ثانية فقال بنبرة اشتياق واضحة :
-ازيك يا ندى ؟
ضمت يدها إليها بالورقة وقالت بصوت منخفض :
-كويسه ..اتفضل الورقة
ثم مدت يدها ثانية فأخذ الورقة ينظر إليها واتجه نحو المقعد وجلس عليه وهو يثبت السيجارة على المطفأة ثم فتح شاشة الحاسوب وفتح ملف معين وبدأ يسجل بياناتها.. دخل عمرو وهو يقول :
-رحيم تعال شوف التصاميم الجديدة وصلت
ما أن أنهى كلماته غادر ثانية فقال في دهشة :
-مجنون دا ولا ايه..
ثم نهض عن المقعد وقال دون أن ينظر إليها :
-تعالي سجلي بياناتك في الملف ده بعدين اعملي حفظ
ثم اتجه نحو الباب وخرج مغلقًا الباب خلفه.. تنهدت بعمق واتجهت نحو المقعد وجلست عليه وأخذت تنقل البيانات داخل الملف.. وبعد أن انتهت ضغطت على حفظ لتأتي دائرة تستدير حول نفسها ثم ظهرت علامة صح خضراء ليتم الحفظ.. بعدها خرجت من الملف فتفاجأت بصورتها على شاشة الحاسوب.. رفعت حاجبيها في دهشة وتذكرت اسم الشركة لتعلم أنها على اسمها.. فتحت الملف ثانية حتى لا يعلم بأنها رأت الصورة ثم نهضت عن المقعد تلف حول المكتب ثم جلست على المقعد المجاور له..
أنتظرت لدقائق وعاد رحيم ليجلس على المقعد الخاص به وألقى نظرة على بياناتها ثم أغلق شاشة الحاسوب وتناول الملف خاصتها ليرى صور التصاميم التي قامت برسمها في الأكاديمية بعد ذلك نظر إليها متسائلًا :
-كان عندك موهبه بقى ؟
اومأت بالنفي ثم تحدثت باضطراب :
-لاء خالص ..أنا اتعلمت ..هو أنا ممكن امشي بقى
-طبعًا ..اتفضلي ومعاد الشغل من الساعة تسعه
حركت رأسها عدة مرات ثم نهضت مهروله إلى الباب وخرجت وهو مازال ينظر إلى الفراغ الذي كانت تحتله ندى منذ لحظات.. وجد نفسه يبتسم وتحدث مع نفسه :
-ورجعتلي ابتسامتي وسعادتي ..رجعت قطرة الندى اللي غرقت فيها
***
" بعد مدة من الزمن.."
عاد إلى المنزل ثم دخل ليجد عائلته سعيدة بنجاح زهره ..نظر إليهم للحظات ثم اتجه نحو المطبخ ودخل يطلب فنجان قهوة من السيدة وفيه وخرج إلى الحديقة وجلس على الأريكة وهو يخرج الهاتف من جيب سرواله.. وأخذ ينظر إلى صور ندى ويتأمل ابتسامة عيناها.. بعد دقائق خرجت السيدة وفيه حاملة فنجان القهوة ولفت نظرها صورة ندى فوضعت القهوة أعلى المنضدة و وقفت للحظات دون أن ينتبه.. فهو الأن في مكان أخر مع قطرة الندى خاصته ولا يريد شيئًا أخر سواها ..يتمنى أن تعود له ليعوض لها كل لحظة مضت وهي بعيدة عنه وعن أحضانه..
تساءلت باهتمام :
-أنت لسه بتحبها؟!
ليفيق من شروده على صوتها ونظر إليها إلى لحظات من الصمت ليعود بالنظر إلى صورتها ثانية وقال كلمات من قلبه وكأن القلب هو الذي يتحدث :
-ندى ماتتنسيش.. ندى اتخلقت لحب رحيم.. اتخلقت لقلب رحيم و روح رحيم ..وانساها ازاي وأنا بشوفها كل يوم على خدود الورود وعلى أوراق الشجر ..سيبالي ذكرى في كل مكان ..روحها الحلوة ضحكتها عطرها.. ندى فعلًا سايبه فراغ كبير أوي.. فراقها وجعني وكسر ظهري
تأثرت من كلماته ثم تحدثت بحزن :
-روحلها يا بني ..هي رجعت من السفر..
وضع الهاتف أعلى المنضدة وتناول فنجان القهوة وأخذ رشفة وهي متابعة :
-كلمت الأولاد من كام يوم وقالتلهم
بلل شفتيه بلسانه وقال :
-عرفت ..جتلي الشركة النهاردة علشان تشتغل
رفعت حاجبيها في دهشة من السعادة وقالت :
-بجد ..طب كويس يلا بقى شد حيلك معاها
-بإذن الله
تركته ودخلت فوضع الفنجان مكانه وتناول الهاتف لينظر إلى صورة ندى لتبتسم عيناه بعد لحظات هامسًا :
-وحشتيني
***
دلفت إلى الغرفة في الساعة الحادية عشر مساءًا وجلست على الفراش تتحدث مع صديقتها في الهاتف وقصت عليها ما حدث اليوم في العمل فتساءلت بلهفة :
-ونانا عرفت ؟
-لاء طبعًا مش هقولها دلوقت
همهمت ثم تساءلت باهتمام :
-طيب وناويه تعملي إيه ؟
تنهدت بعمق وأجابت بحزن :
-مش عارفه ..لسه بفكر
لتقول بتأكيد :
-ندى أنتِ بتحبي رحيم ..لو مش عايزة ترجعي على الأقل خليكي جنبه
شعرت بالارتباك وقالت لتغير الحوار :
-ممكن نتكلم بكرا علشان نعسانه اوي و ورايا شغل بدري
أنهت معها المكالمة و وضعت النظارة والهاتف أعلى المنضدة المجاورة إلى الفراش ..ثم وضعت رأسها على الوسادة و رحيم مستحوذًا على عقلها بالكامل تململت على الفراش إلى اليمين تارة وإلى اليسار تارة أخرى حتى ذهبت إلى النوم أخيرًا..
..في الصباح استيقظت باكرًا وغادرت المنزل في الساعة الثامنة والنصف صباحًا لتصل قبل معادها بدقائق وسألت في الاستقبال عن مستر رحيم لترشدها إلى غرفة الاجتماعات فاتجهت نحوها وعند وصولها وقفت تدق الباب ثم قبضت قبضتها وأخذت شهيقًا قويًا وزفرته بهدوء وهي تحدث نفسها بارتباك :
-اجمدي بقى يا ندى ..اجمدي
دقت الباب ثانية لكنها لم تستقبل أي رد فزفرت وشعرت بالتوتر.. بينما كان رحيم يتجه نحو تلك الغرفة و وقف خلف ندى متسائلًا :
-واقفه هنا ليه ؟
التفتت بلهفة فشهقت بهلع ثم تحدثت بتلعثم :
-كـ كنت فـ فكرة إنك جوه
-لاء دول الشباب اللي جوه
ثم فتح لها الباب فالتفتت بهدوء ودخلت لتجد ثلاثة فتيات وإثنان من الشباب ..جلست بجوار إحدى الفتيات بينما وقف رحيم واضعًا قدمة على المقعد الذي على رأس الطاولة ليستند بمرفقه على ركبته ثم تحدث بجدية :
-أهلا بيكم يا شباب
بعد أن رحب بهم تعرف على أسم واحدًا تلو الأخر عدى ندى لأنه يعلم من هي جيدًا ..هي القلب والروح وكل شيء خاص به.. لينظروا إليها في تعجب بينما تساءل واحدًا من الشباب :
-مستر رحيم احنا بعد كده هنتنقل للشركة التانية ؟!
لينظر إليه واجاب برسمية :
-أنا فكرت في الشركة دي لما لقيت شباب كتير زيكم محتاجين فرصة وأنا مكتفي بالمصاممين اللي في الشركة التانية.. وبإذن الله الشركة دي تكمل بيكم..
ثم نظر إليهم جميعًا وثبت نظرة على ندى متابعًا :
-انتوا ما شاء الله موهبين..
ثم حمل أوراق بيضاء واتجه نحو الشباب أولا ليضع امام كلا منهم ورقة وقلم رصاص ثم اتجه إلى البنات ليضع أمام كل منهم ورقة بيضاء وهو يقول :
-أنا عايز اشوف تصميماتكم دلوقت..
وهو يضع الورقة أمام ندى وضع كف يده عليها فأغمضت عيناها تبتلع لعابها بصوت مسموع ثم ترك الورقة وعاد إلى مكانه واعطى لكل منهم قلمين من الألوان قائلًا :
-اللونين دول للتصميم
ثم وضع أمام ندى اللونين الأبيض والأزرق ونظر إليها بتمعن وهي تطلع إليهم ثم أمسكت بالقلم الرصاص وكادت أن ترسم لكنها انتبهت إلى الفتاة التي تسأل :
-التصميم عبارة عن إيه ؟
لتميل ندى شفتيها جانبًا وأخذت تسخر من سؤالها داخلها بغيرة واضحة بينما قال هو دون أن ينظر إليها :
-أي حاجة المهم تبقى سهله علشان تخلصي بسرعة
نظر الجميع إلى ورقته وقامت ندى برسم تصميم عبارة عن تنورة طويلة فضاضة بيضاء وفوقها طبقة من الشيفون لونها أزرق تحمل ورود بيضاء صغيرة متناثرة وستره بيضاء بنصف كم تحمل ثلاثة من الورود الزرقاء ..بعد نصف ساعة تقريبًا انتهت فتاة ووضعت الورقة أمامها فقام بفحصها واخبرها أنها رائعة فاتسعت ابتسامتها وكانت تنظر ندى إليها بحده بينما رحيم إليها متسائلًا :
-خلصتي ؟
نظرت إلى الورقة ثم مدت يدها بها فأخذها لينظر إليها للحظات طويلة ثم تحدث بإعجاب :
-جميل جدًا ورقيق زيك
عضت على شفاها السفلى من الداخل ثم تمتمت بالشكر.. وبعد لحظات أطلع على جميع التصاميم ثم نظر إليهم وتحدث عن التصاميم وكل ما يخص الشركة ثم أنهى حديثه بقوله :
-عمرو هيجي دلوقت يخدكم للمكان اللي فيه التصاميم علشان تاخدوا خبرة أكثر
ثم استأذن منهم وخرج فتنهدت أحدهم بعمق وقالت بصوت منخفض :
-قمر في نفسه اوي
لتأكد الأخرى على حديثها :
-جدًا ولا اسمه.. أسمه فظيع كده ونادر أنك تقابلي واحد بالاسم ده وتحسي شخصية جامدة كده
كانت ندى تنظر إليهم في دهشة وهم يتبادلون بالحديث عليه فقالت ندى بحدة الغيرة :
-عيب كده.. وبعدين إيه الكلام ده
نظروا إليها وتساءلت أحدهم :
-هو قريبك ؟
جزت على أسنانها بغيظ وقالت بحنق :
-مايخصكيش ..وعيب الكلام ده بقى
كادت أن تتحدث إلا أن دخل عمرو وطلب منهم أن يتبعوه ..فنهضت ندى أولًا ولحقت به وبدأ الهمس الجانبي عليها وهم يتبعون عمرو ..حتى وصلوا إلى ساحة كبيرة مليئة بالفساتين ..وقفت ندى تطلع إليهم بابتسامة اعجاب بينما كان يجلس رحيم أمام طاولة دائرية شاردًا بها غير منتبه إلى حديث الأشخاص الذين يجلسون بجواره..
كان وائل يمضي بجوار الفساتين ويسجل نوعها ولونها داخل مستند حتى وصل إلى الفستان الذي تشاهده ندى ونظر إليها للحظات ثم تساءل :
-ندى ؟
لتنظر إليه بلهفة ثم ابتسمت وهي تومئ بالإيجاب فمد يده إليها وقال مبتسمًا :
-ازيك يا ندى أنا وائل فكراني ؟
صافحته بابتسامة واسعة قائلة :
-فكراك طبعًا ..أنا بخير ..انت عامل إيه
اختفت ابتسامة رحيم فجأة ولمعت عيناه بلمعة الغيرة القاتلة وأخذ يحرك أنامله على الطاولة وانتظر حتى يتركها ويتابع عمله لكنه لم يفعل ..بل اطال الحديث معها وجعلها تضحك ليحترق قلبه ببركان الغيرة وأشاح بوجهه بعيدًا يجز على أضراسه بشدة حتى تحرك صدغاه ثم نظر إليهم ثانية ليجده يمسك يدها وهو يمضي لكنها سحبت يدها ولحقت به ..وقف عن المقعد وتحدث بنبرة رجولية حادة :
-كل واحد يروح يشوف شغله..
نظروا إليه في دهشة فقال بنبرة الغيرة القاتلة :
-الكل يمشي من هنا
نهض كلًا من كان يجلس أمام الطاولة ينظرون إليه في دهشة بل الجميع نظر إليه عدا ندى التي وقفت مكانها كالصنم ..دفع رحيم الطاولة بعنف وغادر بخطوات كالجحيم ثم استقل المصعد إلى الطابق الثالث وخرج متجه نحو غرفة مكتبه و وهو يدخل طلب من المساعدة أن تطلب ندى لتأتي في الحال ثم أغلق الباب بقوة..
وقف مستند بقبضتي يديه إلى المكتب محدقًا بلمعة الغيرة التي تؤلم قلبه جاعلة من صدره يعلوا ويهبط ..بعد دقائق قليلة دقت الباب فرفع جذعه وأذن بالدخول ..دخلت مغلقة الباب خلفها وقالت وهي تنظر إلى الأرض :
-طلبتني
التفت إليها بكلته ناظرًا إليها بحده وقال بعصبيه :
-أنتِ هنا علشان تشتغلي مش تكوني صداقات
تنهدت بهدوء فالأن علمت لِمَ هو كان متعصب منذ قليل وقالت ببرودة أعصاب قاصدة أن تعانده :
-شيء ميخصكش ..اشتغل أو أكون صداقات
جحظت عيناه و وجد نفسه يقبض على مرفقها فتأوهت بخفة واندفع بغيرة منبعثة من قلب قتلته الغيرة :
-يخصني غصب عنك وغصب عن قلبك..
جزت على أسنانها بغيظ وهي تحاول تحرر مرفقها من يده فقبض على مرفقها الثاني وثبتها أمامه ثم تحدث بهدوء لكنه يلهث بحده :
-أنتِ فاهمه كويس اوي إني بحبك وبغير عليكِ ..بـ حـ بـ كـ يا ندى.. فهمتي ؟
وجدت نفسها تبكي وهي تومئ بالنفي عدة مرات قائلة :
-سبني أنا عايزة امشي
جذبها إليه بقوة لترتطم رأسها في صدره الصلب ثم أحاطها بكلت يديه عاقدًا بين حاجبيه.. فوضعت يديها على صدره محاولة إبعاده لكنه احكم بقبضته عليها ودفن أنفه بين خصل شعرها يستنشق عطرها بعمق مغلقا عيناه وقال بنبرة ثقيلة :
-مش كفاية بُعد يا ندى ..سنتين ونص بموت في كل لحظة
أخذت تدفعه بكل قوتها فجذبها إليه أكثر فقالت بنبرة ببكاء :
-لاء مش كفاية ..أنا مش عايزة أشوفك تاني وهسيب الشغل هنا
ابتعد عنها قليلًا واستند بجبينه على جبينها واضعًا يده على وجنتها وقال بتأكيد :
-بتحبيني يا ندى ..قلبك لسه بينبض بحبي
جزت على أضراسها بشدة حتى استمعت إلى صريرها وابعدت يده عن وجنتها وقالت بنبرة مؤلمة :
-ابعد عني علشان مفيش حد بيتعدى حدوده مع واحده باسم الحب ..مش دا كلامك يا مستر رحيم
حررها من قبضته محدقًا بها في دهشة وشعر بألم حاد فجأة اخترق صدره وقلبه فهو حقا أهانها بقسوة ..ثم قبض على معصمها ليضع راحتها على قلبه مباشرةً وقال بنبرة رجولية مؤلمة :
-أنتِ اخدتي قلبي معاكِ ..كل كلمة جرحتك بيها بتقتلني بالبطئ.. الندم هيموتني يا ندى
مسحت دموعها بيدها الأخرى وحاولت سحب يدها عن قلبه وهي تقول بضيق :
-كلماتك بتقتلك تخيل بقى كلماتك دي عملت فيا إيه
قال بترجي :
-اديني فرصة تانية اعوضك عن كل ده
شهقت بخفه ثم حركت رأسها بالنفي وقالت بنبرة بكاء تخنقها :
-المشكلة أن الفرصة التانية بتبقى ملهاش طعم ..الفرصة الأولى هي اللي بتبقى بداية كل حاجة حلوة
تنهد بعمق وقال من بين أسنانه حاملة نبرة ندم حقيقية :
-اعملي فيا اللي أنتِ عايزاه ..موتيني طلعي قلبي في ايدك ومش هيفرق معايا عشان قلبي مات من يوم فراقك..
كلماته كانت بمثابة سهم حاد اخترق قلبها وهو متابع بحده بالغة :
-اضربيني يا ندى أنا اهو قدامك ..مستعد استقبل منك اكتر من قلم..
مسك بيدها الأخرى وضعها على وجنته وتابع بتأكيد وهو يلهث :
-اضربيني يا ندى ..طلعي كل اللي عملته فيكِ فيا ..اضربي
قال أخر كلمه بحده بالغة فجزت على أسنانها بغيظ وسحبت يدها ووجدت نفسها تصفعه على وجهه بكل ما فيها من غل وغضب لينظر إليها بهدوء مستعد لاستقبال ضربة أخرى كما أخبرها لكنها أخذت تضربه بقبضتي يديها على صدره بغل وهي تقول بعصبية ممزوجة بالبكاء :
-أنت اللي عملت فينا كده ..أنت السبب في كل ده يا رحيم أنت اللي وصلتنا للمرحلة دي ..كفاية بقى علشان مش هرجعلك مهما تعمل.. مستحيل أثق فيك تاني ..أنت كرهتني في كل حاجة حلوه
تنهد بإرهاق واضح وقال بنبرة مهلكه فالحديث اهلكه حقًا :
-يعني مفيش فايدة يا ندى ..خلاص كده كرهتيني ومصممة تستمري في الفراق..
اومأت بتأكيد فتنهد ثانية بعمق وتحدث برسمية :
-طيب في شغل النهاردة الساعة تسعة بليل ياريت تحضري الإجتماع ده مع الزملاء هتستفادي منه كتير
-تمام ..ممكن امشي دلوقت ؟
نظر إليها للحظات من الصمت المؤلم ثم تحدث بضيق :
-عادي اتفضلي
قبضت قبضتها بقوة واتجهت نحو الباب بخطوات بطيئة تاركه قلبها بين يديه وتنظر إلى يديها التي صفعته للتو عل بركان غضبها منه يهدأ قليلا لكنه لم يهدأ.. تود أن تلتفت الأن وترمي نفسها في أحضانه لتعبر له عن مدى اشتياقها له واشتياقها إلى الحنان والأمان خاصته.. أمسكت بمقبض الباب وأخذت تديره ببطء شديد وعندما انفتح الباب هبطت دموعها الساخنة على وجنتيها مجددًا وقال رحيم بنبرة مؤلمة صادقة :
-نفسي أرتاح في حضنك ..مشتاق ومريض بحبك وعلاجي هو قربك يا ندى
التفتت برأسها لتنظر إليه للحظة ثم خرجت مغلقة الباب خلفها ..فمسح على لحيته وضرب بقبضته على صدره بقوة ثم جلس على المقعد الخاص به واستند بجبينه على قبضتي يديه يستمع إلى نبضات قلبه تدق في صدره كجمر من نيران الجحيم تحرقه بالكامل
***
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية حب رحيم) اسم الرواية