رواية ذلك هو قدري الفصل الرابع والعشرون 24 - بقلم موني عادل
الفصل الرابع والعشرون
ذلك هو قدري
انزعج سليم وتنفس بإنفعال وقهر بعدما مزق تلك الرسالة التي يعلم جيدا مدي صحتها فلقد وصله نسخة من الرسالة التي وصلت لفارس فامسك بهاتفه يتصل برجاله ليعرف ما اذا توصلوا لاية اخبار عن منير فظهرت ابتسامة رضا علي وجهه والتفت يأخذ اشياءه الخاصة من فوق طاولة مكتبه وتحرك يخطؤ سريعا نحو الخارج ومازال الهاتف علي اذنه يتحدث به فأستقل سيارته وقد قرر الذهاب للعنوان الذي اخبره عنه احدي الرجال الذين يعملون لديه بان منير متواجد به فأخبره قبل ان ينهي المكالمة بصوت مرتجف من الانفعال والغضب
((اخبر الشرطة واحضر باقي الرجال والحق بي الي هناك.))
ثم انهي المكالمة وهو يزفر زفرة طويلة بعدم صبر فاسرع من قيادة سيارته ليصل في اقرب وقت ..
بعدما سقط فارس فاقدا للوعي انهارت ملامح ليال وانخفضت تمسكه من كتفيه بقوه متشبثة به لتدفعها ملاك برفق وهي تحاول افاقته قبل ان تنفجر في البكاء بعدما وجدته لا يستجيب لمحاولتها فحركت وجهها تاره بين ليال المنهارة من البكاء وتارة بين اخيها المجثي علي الارض فقررت التصرف كشخص مسؤول وصوبت نظرها نحوه هاتف اخيها الموضوع بجوار الفراش فأسرعت تمسك به بأنامل مرتعشة واتصلت بمالك فهي لا تعرف ما عليها فعله وهو اول من خطر علي بالها لتطلب منه المساعدة فما ان اجابها مالك حتي قالت بصوت مثقل من اثر بكائها
(( مالك هذه انا ! لقد سقط فارس فاقد للوعي ولا يستجيب لمحاولتي افاقته ولا اعلم ما علي فعله .))
امتعض وجهه وقد تجهمت ملامحه ولكنه اردف بثبات
(( ماذا ؟ ))
فاكمل بخشونه من بين انفاسه المسروقة
(( لا تقلقي انا في طريقي اليكم وسأجلب معي الطبيب فقط كوني بجواره .))
ثم انهي المكالمة دون التفوه بحرف اخر ، بعدما انهي مالك مكالمته مع ملاك اتصل بالطبيب واملي عليه عنوان المنزل واخذ يسرع بسيارته ليصل في أقل وقت ويكون بجوارها جثت ملاك بجوار اخيها مرة اخري وغمغمت بصوت خافت
(( لا ادري ما الذي جعلني اعطيك تلك الرسالة كان علي ان اتصرف واخفيها او ربما اعطيتها لمالك ريثما تساعده في الوصول اليها فانا السبب بما يحدث معك ولكني لم اكن اعلم بأنك ما ان تقراها ستقع فاقدا للوعي .))
استمعت لصوت الجرس يتصاعد في المنزل وبعد عدة ثواني وجدت مالك يدخل الغرفة ومعه الطبيب ووالدتها تهرول خلفهم بوجه شاحب وخائف فوقفت علي عتبة الباب ما ان رات فارس مقلي علي الارض ومالك والطبيب يحملونه ليضعونه فوق الفراش وضعت كفها فوق فمها تكتم شهقة مؤلمه وامتلئت عينيها بالعبرات الحارقة فحركت قدميها وخطت نحوه والطبيب يفحصه جلست علي طرف الفراش وامسكت بكفه وهي تنظر للطبيب بترقب فما ان وجدته انتهي من فحصه ويضع ادواته بداخل حقيبته الجلديه فقالت كاتمة العبره
(( ما به ولدي طمئن قلبي المكلوم عليه .))
اخذ الطبيب نفسا عميقا قبل ان يقول بعمليه
(( لا تقلقي فهو بخير يحتاج فقط لبعض من الراحة والتغذية الجيدة فجسده منهك ومتعب كأنه لم ينم منذ ايام اعطيته دواء سيريحه ويجعلة يغوص في النوم لعدة ساعات فلا تقلقي عليه وما ان يستيقظ اجعليه يأكل جيدا .))
استطاعت والدته أن تتنفس براحة بعدما طمئنها الطبيب فنظرت اليه بإمتنان لينسحب لخارج الغرفة ومالك يتبعه لتطلق العنان لدموعها الحبيسة وقالت بعجز ووهن وهي تحتضن راسه وتضعها فوق قدميها ليتوسدها
(( اسفه يا بني علي كل ما تمر به اعلم بانك تحمل حملا ثقيلا فوق كاهلك فلم يجرؤ احدا منا ليسألك ولو لمرة بما تشعر به او كيف تتدبر امورك خوفا من ان تتذمر وتعترض علي ما يحدث وتقرر حمل عبئك فقط والاكتفاء بذاتك اعترف بأنني قاسية ولكنني ام .))
ثم اجهشت في بكاء مرير وهي تمطر وجهه وترفع ذراعه تقبل كفه ودموعها تتساقط فوقه اقتربت منها ملاك تنظر في عمق مقلتيها المتلألئتين بدموع لتهمس من بين شفتيها ببطء
(( دعيه ليرتاح كما طلب الطبيب ولننتظر بالخارج حتي يفيق .))
تحرك حلق والدتها بصعوبة وهي تهز راسها شاعرة وكأن صخرة جاثمة فوق صدرها لتسحق ضلوعها بثقلها المؤلم فوضعت راسه علي وسادته برفق ومالت تقبل جبينه ثم وقفت بصعوبه وهي تشعر بأن قدميها لم تعد تحملاها لتساعدها ملاك وتمسك بذراعها تصطحبها لخارج الغرفة بينما كانت ليال مازالت واقفة بوجه شاحب شحوبا يحاكي الموتي وبصرها مثبتا عليه شاعرة بفجيعة أنها ستفقد عقلها من هول صدمتها بأنه قد اصابه سوء هرولت مسرعة ناحية المرحاض لتغسل وجهها بقوه وبحسرة ملتاعة ..
كان يجلس بجوار المأذون ينتظر قدومها ولكن عندما وجدها تأخرت وقف حانقا يجوب المكان مشية وايابا يرخي بيده رابطة عنقه ليستمع لصوت المأذون
(( هل العروس جاهزة لقد تأخر الوقت ولدي عقد قران اخر .))
هز منير راسه بإبتسامة سمجه ثم تشدق بسعادة
(( نعم جاهزة ولكنها عروس وتستحق كل ما تريده من وقت فهي تشعر بالتوتر .))
فما ان انتهي مما تشدق به استدار ذاهبا نحو الغرفة المتواجد بداخلها مي وقد تغضن جبينه بضيق من تأخرها فلقد استعجلها وذهب لمناداتها لاكثر من مره ولكنها لم تعيره حتي حق الرد عليه وقف امام الباب واخذ نفسا عميقا ثم امسك بمقبضة يحاول فتحه ولكنه لم يستطع فهي توصده من الداخل فقال هادرا بصوت ممتعض
(( مي افتحي الباب واخرجي في الحال .))
كانت ممدة علي الفراش عيناها تحدقان في الفراغ وحاجباها معقودان بينما افكارها تتصارع بعقلها عن كيفية الخروج من هنا فهي لن تظل حبيسة تلك الغرفة مطولا استمرت علي وضعيتها الي ان وجدته يطرق الباب بقوه فعندما وجدها لا تستجيب لطرقاته اخذ يضربه بكتفه عدة ضربات الي ان فتح وقفت مي مصدومة تطالعة بذعر فهي اعتقدت بأنها في امان بداخل تلك الغرفة طالما بمفردها انتشلها منير من شرودها وهو ينظر للفستان الذي قد جلبه لها لترتديه مازال موضوعا في مكانه فقال بصوت اجوف فاتر
(( لما اغلقتي الباب ؟ ولما لم تنتهي بعد من ارتداء ملابسك ليس امامنا اليوم بطوله فالمأذون يريد الذهاب .))
(( لن أرتدي شيئا مما جلبته اخبره بأن يذهب فأنا لن اتزوجك .))
انفعلت نبرة منير وهو يخرج عن فتوره قائلا
(( كوني فتاة مطيعة واسمعي الكلام فانتي ستكونين ملكا لي الليلة سوء تزوجنا ام لا فالقرار عائد اليكي.))
تلعثمت قليلا وارتبكت نبرتها
(( ما الذي يضمن لك بأنني عندما اخرج واكون امام المأذون ارفض الزواج ووقتها لن يوافق علي عقد القران وسارتاح منك للابد .))
اطبق منير فكيه بقوه ثم قال
(( لا تنسي حبيبتي بأنك بمملكتي ويمكنني فعل ما اريده ولكنني اتمهل لاحصل عليكي بطريقة شرعيه .))
ثم اقترب منها وامسك بكفها يجرها خلفه وهو يتمني من داخله ان تعارضه وصل حيث يجلس المأذون والشهود فأجلسها علي الاريكة وجلس والمأذون بينهما فأشار اليه ليبدا في عقد القران فما ان بدأ المأذون في التحدث ليردد منير خلفه صدم من وقوف سليم امامه هو ورجاله وهو يطلب من المأذون بنبرة مخيفة أن يتوقف اتسعت عينا مي ذهولا ووقفت تهرول نحوه وارتمت بداخل احضانه ليقول منير بعدما وقف هو الاخر بصوت ثابت لا يتزحزح بنبرة يفوح منها التهديد
((ابتعدي عنه في الحال وعودي لنكمل عقد القران .))
تمتم سليم بعنجهية لا تناسب اضطرابه و انفلات اعصابه
(( في احلامك فكم انت شخص واهم اذا اردت اخذها عليك ان تتخطاني اولا .))
نظر اليهم المأذون متعجبا مما يحدث فوقف واراد الذهاب ولكن رجال سليم منعوه وهم يقفون امام الباب ويسدونه كي لا يدخل او يخرج احد فامسكها سليم من ذراعها واوقفها خلف ظهره لتتحامي به مي وتمسك بكفيها في ملابسه بقوه اقترب منه منير بخطوات سريعه ليفاجئه سليم بلكمة قوية في منتصف وجهه ليحدق منير بهم بنظرات نارية للحظات لكنها لم تبالي لكن عندما رفع يده واخذ يرد له لكمته بأخري اختضت وأغمضت عينيها بخوف فهي لا تستطيع رؤية سليم يتشاجر مع منير ويتلقي اللكمات من اجلها فرقت بين جفنيها ببطء ونظرت تجاههم لتجدهم مازالوا علي حالتهم يتشاجرون فما ان وقعت عينيها علي منير قست ملامحه واردف بنبرة غاضبه وهو يتوعد لها
(( ان لم نكمل زواجنا الليلة سأخبر الجميع بأنك عشيقتي وسيكون عليكي اثبات عكس ذلك فانتي بقيتي معي تحت سقف منزل واحد لعدة ايام فمن سيصدقك وقتها .))
كان سليم متعبا خائر القوي بعد تلقيه كما هائل من اللكمات والضربات في سائر جسده ولكن ما ان استمع لما تفوه به منير وتهديده الصريح لها انقض عليه كالاسد الجائع الذي ينقض علي فريسته يمزقها اربا ليشبع جوعه ويشعر بالشبع والانتشاء لم يتركه الا بعد ان وصلت الشرطة للمكان وابعدته عنه ليتم القبض عليه بتهمة الاختطاف وقف سليم يتنفس بعنف ثم ضيق حدقتيه كمن تذكر شيئا وطالعها بإنشداه تبكي بخوف وصدمة وجد المأذون يهم بالخروج فتحدث بقوة هاتفا
(( اجلسي ودعينا ننهي عقد القران ))
نظرت اليه بصدمة اكبر وتجلت ملامح الذهول علي وجهها لا تعرف ما تقوله وكأنه عقد لسانها هل يتحدث عنها هل سيتزوجها بتلك الطريقة كيف ستستطيع العيش معه وما الاختلاف بينه وبين منير فهو سيقلل منها ويتزوجها دون موافقة عائلتها وجدته يقترب منها ووقف امامها يطالعها فهو يعلم بانها فتاة صعبة المراس فقال متملقا بنظرات ممزوجة بالخنوع المداهن
(( مي عليكي بالزواج مني حتي نضمن بأن منير لن يجلب سيرتك بسوء ولن ينفذ تهديده ويقول بانك علي علاقة به فزواجنا سيكون انقاذ لكي ولسمعة عائلتك فكما قال انتي متغيبة عن منزلك منذ عدة ايام ولن يصدقك احد فتلك الرسائل التي وصلت لعائلتك توضح كل شئ .))
هتفت مي مصعوقة بالذهول والصدمة
(( لا يمكنه فعل ذلك فهو سيدان بتهمة الاختطاف فمن سيصدقه وقتها .))
نظر اليها بتلاعب لئيم ورفع حاجبيه يخبرها بوضوح
(( حبيبتي يكفي بانه سيجلب لكي الكثير من المشاكل التي لا يسعك التخلص منها بسهولة .))
رفعت بصرها تنظر بداخل عينيه بتوهان وذعر مما يرمي اليه فأوما لها براسه وهو يهمس بخفوت
(( ثقي بي .))
ثم امسك بذراعها يجرها خلفه حيث يجلس المأذون واجلسها ثم جلس علي الناحية الاخري من المأذون وتحدث يخبره بأن يبدأ في مراسم عقد القران كان يكتم بهجته ويخفي ابتسامة تهللت بوجهه عليه بشق الانفس طالعها ورأي تخبطها وصدمتها مما هي مقدمة عليه يعلم بأنه من القسوة ان يتزوجها بتلك الطريقة وان زواجه منها ليس الحل الوحيد لذلك ولكنه لم يستطيع التخلي عن تلك الفرصة دون ان يجعلها زوجته فهي تماطل في جعله يقابل عائلتها لطلب يدها انتهي الماذون من عقد القران وطلب منه التوقيع علي قسيمة الزواج فأمسك بالقلم بين انامله ووقع سريعا ليمرر اليها المأذون الدفتر والقلم لتوقع امسكت بالقلم تنظر اليه بتوهان وكأنها لا تفقه شيئا ولا تعرف ما يحدث معها نظرت اليه لتري الترقب مرتسم علي وجهه ويؤمي براسه لتفعل فخطت باسمها علي الورقة لتتهلل اساريره فلقد تم الزواج واصبحت زوجته انسحب المأذون وذهب وظلت هي جالسة في محلها اقترب منها وادعي الاسف والعجز وهو يسترسل
(( لم يكن هناك حل اخر صدقيني عائلتك ستتفهم الوضع .))
نكست راسها وهي تشعر بالسخط علي نفسها وقالت بهدوء
(( ارجوك اريد العودة لمنزلي .))
أوما سليم لها مبتسما ووقف يشير اليها لتتحرك معه ويوصلها لمنزلها ..
أقلق فتح الباب فارس من رقاده ليفتح عينيه ببطء ويري ليال واقفة امامه تحدق بملامحه الوسيمة فلم يتحدث وتعامل معها وكأنه لا يراها فالتفت براسه يطالع الساعة الجدارية وقال بصوت اجش
(( لما تركتني انام كل ذلك الوقت .))
قوست ليال شفتيها بطفوليه ثم قالت بنيرة باكيه
(( كنت تحتاج للراحه لذلك اعطاك الطبيب مهدى جعلك تنام لعدة ساعات .))
تدلي فك فارس حتي كاد ان يلامس الارض وهو ينصت اليها فغمغم بذهول
(( مهدي ! هل اصبح الوضع سيئا لتلك الدرجة فلا استطيع النوم والراحة الا بعد اخذ شيئا يساعدني علي ذلك .))
أجابته بخفوت
(( بالطبع لا فالطبيب لم يوصفه لك ولكنك كنت بحاجة اليه في ذلك الوقت فقط .))
ضحك فارس بخفوت علي حديثها وقال بجدية تكتنفه
(( يبدو بأنني سأكون بحاجته طوال الوقت .))
أصدرت ليال صوتا تهكميا ثم قالت بتذمر
(( لا اريدك ان تيأس وتتحدث بتلك الطريقة مجددا فأنت قوي وستتحمل ما يحدث معك لتخرج في النهاية منتصرا متشبثا بأخواتك وقد قمت بواجبك علي اكمل وجه تجاههم .))
استقام فارس من مكانه وانعقد حاجبيه قليلا وهو يسألها بخفوت مقتضب
(( أين ملاك ؟))
اقتربت منه ووضعت ذراعيه فوق صدره ثم احاطته بذراعيها هاتفه
(( لقد اصرت عليها والدتك ان تذهب لمنزلها مع زوجها فهي مازالت عروس واخبرتها انها ستتصل بها وتطمئنها عليك لذلك ذهبت علي مضض .))
رفع ذراعيه يشدد من احتضانها وهو يستنشق كاما هائلا من الهواء وكأنه لم يتنفس منذ مده ابتعدت عنه قليلا فطالعها بحب فلم يكن يتخيل بأنها ستهجم علي حياته وقلبه لتستوطنه وتتملك منه بدأ قلبه يضج بنبضاته المتسارعة ولكنه استعاد رباطة جأشه فما يمر به لا يجعله ينعم بسعادته واستقرار حياته مع زوجته فقال هامسا بعاطفة
(( سأذهب لاري والدتي واطمئنها .))
ابتسمت ليال ببسمة انارت وجهها فهي تعلم ما يعانيه ولكن لا تريد ان تزيد الامر عليه فأومات له بهدوء ليسارع فارس مغادرا لغرفته ..
في غرفة نورين كانت تسرد لتؤامها ما دار بينها وبين كريم ولكن ما ان انتهت واستمعت لحديث تؤامها حتي جلست علي الفراش وعبست ملامحها فنظرت اليها نور بنظرة انتصار قائلة بجدية تكتنفها
(( دعي حبك جانبا وفكري فيما نمر به وبما يعانيه فارس من اجلنا وبإختباراتك التي قد بدات كل ذلك لا يهمك لتجلسين بدماء باردة وتفكرين في اشياء تافه يا لكي من فتاة انانية .))
عبست ملامح نورين اكثر بحزن خالص وهي تقر بأنها فتاة انانيه ولكنها لم تقصد ان تظهر بذلك الشكل فكل ما ارادته ان تتحدث مع تؤامها وتخبرها بحديثها مع كريم لعلها تنصحها بما يتوجب عليها فعله ولكن رد فعل نور صدمها وافاقها في ذات الوقت فاذدردت ريقها بتوتر وهي تنظر لنظرات نور المشتعلة التي ترمقها بها وكانها تخبرها بانها خيبت ظنها فوقفت تقول بغصة في حلقها
(( لم اقصد ان اظهر بانني لا ابالي بما يحدث فانا اعلم جيدا ما يعانيه فارس من اجلنا واقدر ذلك ايضا وقلبي يتمزق من اجل غياب مي ويعنيني امرها ولكن ليس بيدي شيئا لافعله كل ما في الامر بانني شعرت انني اقترفت خطأ واردت ان اخبرك اياه لتشاركيني رايك ليس اكثر .))
تشدقت نور تقول بمرارة
(( تريدين راي في ماذا كلانا يعلم بأن كريم لا يحبك فكيف لمعلم ان يقع في غرام طالبة لديه الا اذا كان شخص غير سوي اتركي تلك الاوهام خلف ظهرك وانظري لدراستك ومستقبلك .))
ابتلعت نورين ريقها واستنكرت بصوت اجش يعكس حريق قلبها الداخلي
(( علي أي اساس تتحدثين وتحكمي عليه اذا احبني ام لا واذا كان شخص سوي ام غير ذلك تقولين بانني انانيه بل اتضح لي بانه ليس هناك شخص اناني غيرك .))
لم تعير لنظرات نور الغاضبة والمذهولة من حديثها اي اهتمام واستدارات تخطؤ خارج غرفتهم فما ان خرجت منها حتي اصطدمت بفارس الذي كان في طريقة ليري والدته ابتعدت نورين تطالعه وهي تعتذر منه ودموعها تتساقط لا تعلم سببا لتساقطها اهو ما حدث منذ قليل بينها وبين تؤامها ام رؤيتها لفارس بتلك الهيئة المتعبة والوجه الشاحب فبادرت تساله بحنو وهي تمسد علي وجنته
(( كيف حالك الان .))
اجابها بصوت ميزه بحة لامست قلبها
(( بخير لقد غفيت لكثير من الوقت فأصبح وضعي افضل بكثير .))
وصله صوتها الخفيض وهي تشكر الله وتدعو له بالصحة والعافية فمسد علي شعرها وقبل اعلي راسها وهو يقول بحزم مصطنع
(( هل جهزت لنا كوبين من الشاي واحضرتيهم لغرفة والدتي .))
مطت شفتيها بطفوليه تدعي التفكير ولكن سرعان ما اومأت له فاخذ يكمل طريقة حيث والدته ..
في سيارة سليم كانت مي مازالت تتشاجر معه وتخبره بانه استغل وضعها وصدمتها واقدم علي الزواج منها وانها بذلك وضعت نفسها في موضع تشكيك بالنسبة لعائلتها فهي من تعلم بخطورة الوضع وان تلك الرسائل التي بعثتها لهم ستكون حاجزا في جعلهم يصدقونها ناظرته بعدم فهم وهي تراه يتعالم مع الامر بشكل طبيعي وكان شيئا لم يحدث فقالت بتوتر شديد يحيطها
(( ما الذي سيحدث الان وكيف سيتقبلون عائلتي زواجنا .))
اوقف السيارة بجانب الطريق وهز راسه مهمهما لها وهو يغرق في عينيها ولا اراديا اندفع يستولي علي شفتيها بشغف دون قيد فهي قد اصبحت زوجته وحلاله للحظة ضعفت مي وتجاوبت معه ولكنها اوقفته بغته تقول لاهثه
(( لن اسمح لك بالتقرب مني حتي يوافق عائلتي علي زواجنا ويباركوه يكفي اكراها .))
اتسعت عيناه لا يصدق صراحتها فمرت شبح ابتسامة علي ثغره وقال بعد لحظات تفكير
(( حسنا سأنتظر لوقتها ولكن لا مانع في مبادلتي عدة قبلات.))
قلبت عيناها واستدارات تنظر من نافذة السيارة وقد تجمعت العبارات في عينيها رفع سليم حاجبيه ثم غمر انامله في شعره وهو يستوعب بانه لم يستطيع ان يخرجها من حالتها فكل تفكيرها منصب علي مقابلة عائلتها وموقفهم منها فدنا منها ينتشلها من شرودها فقبلها علي وجنتها وهو يطمئنها بعينيه بان كل شئ سيكون علي ما يرام ثم التفت يشغل محرك سيارته واخذ يقودها ..
في غرفة ملاك كانت جالسة وقد اشتد البؤس الظاهر علي وجهها بينما تتكئ بخدها فوق قبضتها فطالعها مالك بحزن وهو ممسك بهاتفه يتحدث به يفكر بان لو بإستطاعته لدفع الغالي والنفيس لتعود تلك الابتسامة ترتسم علي محياها من جديد فاقترب منها بعد انهي مكالمته وجلس بجوارها يحتضن كتفيها وهو يقول بجدية
(( لقد توصلت الشرطة لمكان مي وتم القبض علي من قام باختطفها فلا تقلقي ربما تكون قد وصلت للمنزل الان بأمان .))
رفرفت ملاك بعينيها مذهولة فوقفت تريد الذهاب لمنزل عائلتها امسك مالك يدها يمنعها من المغادرة فقالت بإصرار يضج بعينيها
(( اريد ان اكون بجوارهم واطمئن علي مي بنفسي ارجوك .))
وجدته يحيط جسدها الضئيل بجسده قبل أن يحرر إحدي كفيه حتي يغمر اصابعه في خصلاتها الكثيفة وهو يقول بصوت اجش
(( لقد تأخر الوقت سنذهب اليهم في الغد ونطمئن عليها فنحن اتينا منذ وقت قليل .))
ظلت صامته ولم تجيبه بشئ فمعه كل الحق ستغضب والدته وتزعق فيها لانها ستذهب لمنزل عائلتها للمرة الثانية علي التوالي في نفس اليوم فعندما عادوا للمنزل اسمعتهم ما يكفي من الحديث الذي يدل علي غضبها وحنقها من ذهابها لمنزل عائلتها وهي مازالت عروس بينما استغل مالك هدوئها وعدم تحركها ليغيب في سحابة استسلامها واخفض راسه يمتلكها بتملك غريزي جعلها تهمس اسمه بخجل بالغ فشعر بتمام استسلامها بجوارحه لقربه المهلك منها فزاده شعورا بإكتساحها ليحلقا في سماء المشاعر ..
في قسم الشرطة كان منير غاضبا لوجوده في السجن مع المجرمين وقطاعين الطرق فكان واقفا وراء الباب الحديدي ينظر من نافذته الصغيرة التي تملائها الاسياخ الحديديه وهو يهدرفي العسكري الواقف امام الباب برفض قوي رغم ارتجاف صوته
(( اخرجني من هنا في الحال لا تعرف من اكون .))
لم يجيبهالعسكري وظل واقفا كما هو فقال منير وملامحه تضج صرامة اشد
(( انتظر وستري ما سافعله بك ما ان اخرج من هنا .))
انتفض منير ما ان شعر بذراع احدا توضع فوق كتفه فاستدار سريعا يطالع ذلك الشخص الذي يقف مقابلا له ليسمعه يقول بإسلوب لا يحمل المزاج
(( لا اريد ان استمع لصوتك فالوقت تأخر ونريد النوم اذهب واتخذ لك جانب واجلس به دون التفوه بحرف .))
ازدادت خفقات قلبه من الخوف وخانته قدميه فتحرك يجلس في جانب الغرفة التي يحتجز بداخلها وجلس علي ارضيتها بهدوء دون تذمر و عيناه لم تفارق ذلك الشخص خوفا منه ..
وقفت سيارة سليم امام المنزل فالتفتت مي تطالعه بنظرة مذعورة فأوما لها بعينيها يحثها علي التحرك امسكت باب السيارة تفتحه وترجلت منها واخذت تخطؤ ناحية المنزل بخطوات بطيئه وهو يتبعها فوقفت امام الباب في رهبه وهي تشعر بانها اخطأت خطأ جسيما في حق عائلتها فأطرقت براسها وانفاسها تتهدج لتبدأ عيناها تلتمع بالدموع فما ان راها سليم حتي ضغط علي زر الجرس قبل ان تنهار باكية كان معتز جالسا في صالة المنزل يعمل علي حاسوبه فمنذ ان بدات حالته بالتحسن بحث عن عمل ليجد امامه عملا بمبلغ زهيد ولكنه جيد يكفي بانه يستطيع انهائه من المنزل وعن طريق حاسوبه فوافق وباشر العمل به استمع لصوت جرس الباب يصدح في المنزل فاستند بمرفقيه علي الاريكة ووقف يمسك بعكازه يستند عليه ليصل للباب امسك بمقبض الباب يفتحه ليتفأجأ بمي واقفة امامه بوجه ذابل وعينين محمرتين من كثرة البكاء فلم يعرف كيف يتصرف او ما يتوجب عليه فعله وقتها هل يحتضنها او يعنفها ويحقق معها يسألها اين كانت ومع من شعر بالتشتت والصدمة ولكنه ترك العنان لمشاعر الاخوه لتتحكم به فامسكها من ذراعها يجتذبها بداخل احضانه لتبكي بكاءا مريرا وراسها تتوسد كتفه وهو يربط علي ظهرها لمح سليم الواقف امامه يطالعهم بنظرات لم يفهمها فابعد مي عنه ونظر لسليم بتمعن وهو يتسأل بغضب مكتوم
(( من تكون .))
شعرت مي بتقشعريره تجتاح جسدها وهي تري اخيها يقف امام سليم ويسأله عن من يكون فأغمضت عينيها بخوف مما هو قادم بينما اخذ سليم نفسا طويلا ثم قال بصوت هادئ
(( انا اكون زوجها.))
•تابع الفصل التالي "رواية ذلك هو قدري" اضغط على اسم الرواية