Ads by Google X

رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم تسنيم المرشدي

الصفحة الرئيسية

 رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الخامس والعشرون 25 - بقلم تسنيم المرشدي 

حرِر هَوَاك فَالحُب بَات مُعلنا
«الفصل الخامس والعشرون»

***
هاتفت أخيها مراراً والقلق يسيطر عليها، ها قد أجاب بعد مدة: 
_ معلش يا لينة كنت في...

قاطعته بنبرة قلقة: 
_ فين يوسف؟

أجاب بتلقائية:
_ في المعرض، أنا كنت بجيب سندوتشات

بنبرة أثارت القلق به قالت: 
_ طب لو سمحت أرجع وطمني عليه

بغرابة من أمرها هتف متسائلاً: 
_ أنا راجع في الطريق، هو فيه حاجة حصلت؟

أخبرته عن سبب قلقها المبالغ: 
_ كنا بنتكلم واتساب وفجاءة قفل في نص الكلام ومعتش رد 

استنكر علي خوفها المبالغ وهتف معاتباً:
_ أكيد بيعمل حاجة يا لينة ولا يمكن نام، مفيش حاجة تقلق للدجة دي....

قطع علي كلماته حينما وقع على مرأى عينيه رجال الأمن الملقيين أرضاً، ركض نحوهما بتوجس شديد، وقعت عينيه على ذلك المستلقي في الداخل وشهق بصدمة وهو يردد: 
_ يوسف..

خفق قلبها رعباً، هي شعرت بمصيبة قد حلت على رأسه وندائات أخيها أكدت لها، بصوت مرتجف ظلت تتسائل بتوجس: 
_ في إيه يا علي؟ يوسف ماله؟ حصله حاجة؟ 

صاحت منفعلة حينما لم يجيبها متوسلة إياه:
_ رد عليا يا علي، يوسف ماله؟ 

لم يسمع أسئلتها، فكان يحاول إيفاقة يوسف، رفع رأسه عن الأرض موحياً إليه ببعض الإشارات لعله يستجيب إليه: 
_ يوسف، أنت سامعني، رد عليا يا يوسف

شعر بشيئ يسيل من بين ثغرات أصابعه، جحظت عيناه حينما رأى الدماء تسيل من رأسه بغزاره، شهق بقوة وسرت رجفة قوية في أوصاله، أعاد وضع رأسه بحذر على الأرض وبحث عن هاتفه ليتصل بالاسعاف مطالباً مساعدتهم. 

مسح يديه في ثيابه حتى ينجح في التحكم في الهاتف، أنهى اتصال لينة وسرعان ما هاتف الإسعاف مستعيناً بإحدى السيارات. 

***

أزاح المفتاح عن الباب بعدما قام بفتحه، ولج بخطوات منهكة، فلم يعد يستطيع الوقوف، سار بخطاه للداخل حتى لمح طيفها غافية على الأريكة، تعجب من حالتها فلم يعتادها كهذا. 

حمحم وأصدر صوتاً لكي تنتبه عليه: 
_ إيمان.. 

رفعت عينيها حيث يأتيها صوته، نهضت من مكانها وهي تتاثب ثم تفقدت الساعة فكانت وشيكة لدخول الثالثة فجراً، عقد بلال حاجبيه وسألها باهتمام: 
_ إيه اللي منيمك هنا؟ 

أجابته بنعاس:
_ كنت بستناك..

صممت ثم تابعت: 
_ أحضرلك الأكل؟ 

تذكر بلال أنه لم يتناول شيئاً منذ الصباح، تنهد وأردف بتعب: 
_ ياريت..

كادت أن تسير للداخل إلا أنه ناداها فالتفت إليه، ناولها كيساً بلاستيكياً فأخذته دون أن تنظر إليه، هرولت للمطبخ وقامت بتفحص محتوى الكيس، فتفاجئت بالحلوى التي أنهتها قبل يوم، تشكلت إبتسامة عفوية على محياها ثم أسرعت  في إحضار الطعام لهما، وخرجت لتناديه، كان غافياً على الأريكة يبدو عليه التعب، حمحمت ونادته بهدوء:
_ بلال،.. 

لم يفيق فأعادت ندائها بالإضافة إلى لكزه برفق في كتفه:
_ بلال أصحى، حضرت الأكل

فتح عينيه بتعب شديد وطالعها لمدة فأعادت قولها:
_ حضرت الأكل 

أومأ برأسه ثم نهض خلفها إلى المطبخ، جلس كليهما مقابل بعضهما، تفقد بلال الطعام ورمقها بغرابة قبل أن يتسائل:
_ عملتي ملوخية بأرانب ليه؟ مش قولتي مش بتحبيهم؟ 

ابتلعت ريقها وهربت بنظريها بعيداً عنه قبل أن تجيبه بحياء: 
_ هحاول أحبهم..

لم يبدى ردة فعل، بل بدأ في تناول الأطعمة بشراهة فكان جائعاً للغاية، بينما حاولت إيمان تناول الطعام على الرغم من أن عينيها تنفر منه لكنها أجبرت ذاتها على تناوله، بعد أخذ معلقتين شعرت أنه لا بأس به وتابعت تناولها بشهية عن ذي قبل. 

***

"أوف، أوف"
تأففت لينة بضجر شديد، فأخيها لا يجيب على رنينها الذي لا يتوقف، انتبهت على غلق باب المنزل، فلم تنتظر وهرولت للخارج مسرعة، ركضت ناحية زياد الذي تعجب من ركضها وهتفت بنبرة غير مفهومة:
_ يوسف، عايزة أروح ليوسف، أنا متأكدة إن حصل حاجة 

شعر زياد بالذعر إثر كلماتها غير المرتبة وحاول تهدئتها ليفهم ما وراء حالتها القلقة: 
_ ممكن تهدي، أنا مش فاهم حاجة، مالو يوسف؟

ابتلعت ريقها وأجابته بنبرة لاهثة: 
_ معرفش، معرفش بس هو حصل حاجة، وعلي مش بيرد، يلا نروح لهم يا زياد 

تملك القلق من أخيه ثم سحب هاتفه من جيبه وهاتف علي مراراً والإجابة نفسها، لا يجيب، عاد بأنظاره إلى تلك الخائفة وقال: 
_ هما فين؟ 

بتلعثم قالت:
_ كانوا في المعرض..

حرك رأسه بتفهم وأردف:
_ هروح أشوف في إيه 

عارضت لينة طريقه متوسلة إياه: 
_ أنا عايزة أجي معاك 

رفض زياد اصطحابها في وقت متأخر كهذا معللاً أسبابه: 
_ لا إحنا متأخر و...

قاطعته هي بحسم:
_ لو مختنيش أنا هروح لوحدي

زفر زياد أنفاسه بضجر بائن وفكر للحظات وهو يطالعها قبل أن يردف أمراً:
_ طيب بسرعة..

تولاته ظهرها وسرعان ما عادت إلى الغرفة، نزعت عن يدها ذاك السِن الذي يخترق عروقها وألقته بعيداً ثم بدلت ثيابها سريعاً، وفي غضون ثوانٍ كانت قد انتهت وعادت إليه. 

ترجل كليهما بخطوات سريعة والقلق يسيطر عليهما، وقف زياد ينظر إلى المكان من حوله فلقد عم الهدوء وحتماً لم يجدوا وسيلة مواصلات في تلك الساعة. 

تنهد بضياع وهو يتمتم:
_ استحالة نلاقي مواصلة في الوقت دا..

شهيقاً وزفيراً فعلت لينة، استدرات بجسدها باحثة بعينيها عن أي وسيلة تنلقهم إلى مرادهم، وقعت عينيها على إحدى السيارات وهتفت متلهفة:
_ مش دي عربية بلال، كلمه يوصلنا 

تردد زياد في فعل ذلك فكيف يثير قلقه وهما لا يدريان بعد ما الذي يخشيانه، حثته لينة على فعلها فلا يوجد طريقة أمامهما سوى تلك:
_ يلا زياد مقدمناش غيره..

هاتف زياد بلال بحرج شديد، لكنه مضطر إلى فعل ذلك، كان الآخر قد انتهى للتو من تناول الطعام، أجاب بنبرة منهكة: 
_ زياد.. 

حاول زياد التحلي بالهدوء لكي لا يثير قلقه وتحدث:
_ معلش يا بلال إني بكلمك دلوقتي بس لينة بتقول إنها كانت بتكلم علي وتقريباً حاجة حصلت، أنا مش فاهم في إيه بس محتاجين نروح لهم ضروري ومش قدمنا غيرك يوصلنا..

انتفض بلال من مكانه وتسائل مستفسراً: 
_ حاجة إيه اللي حصلت؟

"مش فاهم وعلي مش بيرد ودا اللي قالقنا"
هتف بهم زياد فصاح بلال قائلاً:
_ طيب أنا نازل حالا

"تمام وإحنا تحت"
أنهي زياد المكالمة وانتظر ظهور بلال بفروغ صبر، بينما أخذ بلال مفاتيح سيارته وهاتفه وتوجه ناحية الباب فتسائلت إيمان بتوجس:
_ حصل حاجة؟

أجابها وهو يتابع سيره:
_ مش عارف، مش فاهم حاجة

حمحم ثم هتفت: 
_ طيب ابقى اطمني عليك 

أماء برأسه وغادر، هبط درجات السلم سريعاً حتى وصل إلى سيارته فكان زياد ولينة في انتظاره، استقلا جميعهم السيارة ثم انطلق بهم بلال الذي لم يكف عن الأسئلة:
_ إيه اللي خلاكم تفكروا إن فيه حاجة حصلت؟ 

تولت لينة مهمة الرد وهتفت بنبرة مرتجفة:
_ كنت بكلم يوسف واتساب وفجاءة معتش رد، رنيت عليه بعدها ومردش برده، كلمت علي كان بيجيب لهم أكل وقولتله روح أطمن على يوسف وفجاءة سكت وصوته اختفى وبعدها سمعته وهو بينادي على يوسف والمكالمة اتقطعت، أنا متأكدة إن حصل حاجة، صوته وهو بينادي عليه مش معقول واحد بينادي كدا عادي دا كان مصدوم
وبعد كدا معتش رد عليا.. 

تضاعفت رجفة صوتها ثم بكت، ابتلعت ريقها وحاولت الصمود أمامهما لكنها قد بثت الرعب في قلوبهما، تنهد بلال وزاد من سرعة سيارته حتى يصل إلى مكان يوسف في أقرب وقت. 

***

صافرة الإسعاف قد قلبت كيانهم، ذاك الحشد الذي يقف أمام المعرض لا يزيد إلا الرعب في قلوبهم، وضعت لينة يدها على قلبها حينما شعرت أنه يكاد يخترق جسدها من فرط تدفقه. 

ارتفعت وتيرة أنفاسها ناهيك عن جسدها الذي بدأ يرتجف بشدة، هدأ بلال من سرعة السيارة ليتخطى ذاك الحشد بسلام، لم تنتظر لينة وترجلت من السيارة، كادت أن تفقد اتزانها، لكنها جاهدت حتى تصل إلى الإسعاف. 

ترك بلال السيارة في منتصف الطريق، حينما فشل في تخطي أولئك الناس، ركض كليهما خلف لينة حتى تخطاها زياد بخطاه، ظل يزيح الواقفين من طريقهم إلى أن وصلا إلى سيارة الإسعاف التي اتضح أنهما ثلاثة سيارات وليس واحدة.  

صرخت لينة فور رؤيتها لشقيقها وهرولت نحوه، تفحصت ثيابه المغطاه بالدماء وتسائلت بذعر: 
_ يوسف فين؟ الإسعاف دي عشان مين؟ 

فرت دمعة على مقلتي علي وأجابها بتلعثم: 
_ يوسف جوا..

لم تنتظر لينة وركضت للداخل، صرخت بقوة حينما رأته موضوع على الناقلة يسيل منه الدماء: 
_ يوسف، يوسف 

جهشت باكية وهي تقترب منه متوسلة إياه أن يجيبها:
_ رد عليا يا حبيبي، أبوس ايديك يا يوسف رد عليا طمني عليك

"لو سمحتي خليكي بعيد عايزين نمشي" 
كان صوت لأحد المسعفين، لكنها لم تبرح مكانها وظلت تتوسله ان ينهض لكنه كان جسداً هامداً لا يشعر بمن حوله، تدخل علي وأبعدها بيديه مردداً:
_ سبيهم يشوفو شغلهم يا لينة 

"يوسف"
نطقها بلال وزياد في آن واحد، صدمة قوية احتلت تقاسيهم، لا يصدقون ماهو عليه، كيف حدث ذلك؟ ومن فعل هذا به؟ 

"لو سمحتوا سيبونا نشوف شغلنا" 
قالها أحد المسعفين فصاح زياد متسائلاً والدموع تحت في عينيه: 
_ هو حصله إيه؟ 

نفى المسعف معرفته بالأمر بقوله:
_معرفش إحنا جالنا اتصال بيطلب عربية إسعاف، دا اللي نعرفه 

تدخل بلال بسؤاله وعيناه مصوبتان على صديقه بعدم تصديق:
_ هو حالته إيه؟

أجابه الرجل بنفاذ صبر:
_ لسه مش عارفين، وبعد اذنكم عايزين نلحقه،  التأخير دا مش في صالحه 

تنحى بلال جانباً، وكذلك زياد حتى يسيرا  المسعفين بالناقلة الطبية، وضعوه في سيارة الإسعاف وانتبه أحدهم على مجيئ زياد ولينة التي بادرت بقولها: 
_ أنا هاجي معاه 

تدخل زياد بحسم: 
_ وأنا كمان..

رفض المسعف بجدية: 
_ واحد بس..

لم تنتظر لينة وصعدت مسرعة حتى جلست بجواره دون أن تلتفت، بينما لم يكن في يد زياد سوى العودة إلى سيارة بلال ليحلقا بالإسعاف. 

لم تجف دموعها، بل كانت تزداد وهي تراه لا حول له ولا قوة، أمسكت يده فأسرع المسعف في منعها: 
_ لو سمحتي بلاش حركة 

رفعت بصرها عليه وهتفت من بين بكائها الغزير:
_ أنا مش هأذيه 

كاد أن يعارضها إلا أن زميله قد همس له: 
_ سيبها يا عادل.. 

وضعو له جهاز التنفس وآخر يقيس نبضات القلب، وواصلوا عمل جميع الفحوصات له، بينما لم ترفع لينة نظريها عنه ناهيك عن يدها التي لم تتركه قط على الرغم من ارتجافها القوي إلا أنها تمسكت به بقوة حتى لا تفلت يده. 

توقفت سيارة الإسعاف عند باب المشفى، خرج بعض التمريض برفقة طبيبان، أسرعا في نقله للداخل حتى وصلا إلى غرفة الطوارئ، أغلق الباب في وجهها فتوقفت خلفه ولم تبرح مكانها. 

جسدها يرتجف بشدة، تتذكر تلك آثار الدماء على ثياب أخيها، التفتت فإذا بثلاثتهم يقتربون راكضين، توجهت نحو أخيها وسألته بتلعثم: 
_ دا دم يوسف؟ 

تفقد علي ثيابه ويديه الملطخة بالدماء ثم عاد بنظريه إليها، ساد الصمت لثوانِ قبل أن يومئ برأسه مؤكداً، جهشت لينة باكية ثم لم تستطيع الوقوف لأكثر ففقدت توازنها، لولا أن لحق بها علي.

ساعدها على الجلوس وجلس بجوارها محاولاً تهدئتها، بينما جاب بلال المرر ذهاباً وجيئا، يخفق قلبه بقوة، أصابه الذعر منذ أن رأى صديقه في تلك الحالة المذرية، لم يكن زياد أقل منه ذعراً بل كان يشعر بالرعب خشية أن يصيب أخيه مكروه. 

ظل كليهما يجوبان المكان دون توقف، أنتبه الجميع على خروج ممرضتان، فأسرع بلال نحوهما أولاً وكذلك تبعه الآخرين متسائلاً باهتمام وتهلف:
_ حد يطمنا عليه، هو عامل إيه؟

أجابته إحداهن وهي تتابع سيرها: 
_ لسه معندناش معلومات كافية عن الحالة

ذهبن فزداد القلق في قلوبهم، ينتظرن خروج أحدهم ليطمأنهم على يوسف، بعد مدة خرجت ممرضة أخرى وأردفت بنبرة سريعة:
_ محتاجين دم ضروري، فصيلة دمه B+ 

صاح زياد من خلفها قائلاً:
_ أنا B+ 

التفت إليه وحدجته ثم قالت بغرابة: 
_ أنت عندك كان سنة؟

شعر أنهما لن يقبلان به إن أخبرهم بعمره الحقيقي فقال: 
_ ٢٥..

أماءت برأسها قبل أن تردف بعملية:
_ طيب تعالى ورايا..

سار زياد خلفها فأمسك بلال بذراعه مردفاً: 
_ بلاش ونشوف حد تاني..

رفض زياد البتة وحسم أمره:
_ مش هستنى حد تاني، أنا موجود

تنهد بلال وهو يطالعه بقلة حيلة، ذهب برفقته فلن يتركه يغامر بمفرده، حمحم وطلب من الممرضة بعض الوقت بعد أن بدأت في نقل الدم من زياد. 

" هو عنده ٢٠ مش ٢٥ زي ما قال، عليه ضرر؟"
هتف بلال متسائلاً فأجابته هي بجدية:
_ لا مفيش ضرر، أنا سألته بس عشان شكله صغير مينفعش أقل من ١٧ سنة 

شعر بلال بالراحة ثم ولج الغرفة مرافقاً لزياد حتى ينتهي من نقل الدم. 

***

بعد ما يقرب الستون دقيقة، خرج الطبيب من غرفة الطوارئ، ركض نحوه جميعهم متسائلين عن حالة يوسف. 

أخرج الطبيب تنهيدة وأجابهم بآسى: 
_ الحالة اتعرضت لضرب مبرح في الراس مباشرة، ودا نتج عنه نزيف في المخ، دا غير أنه مش بيستجيب لينا خالص، المريض دخل في غيبوبة وهننقله العنايه المركزه، وبكرة إن شاءالله هنعمله إشاعة تانية نشوف النزيف زاد ولا زي ماهو، لو زاد طبعاً هنحتاج لتدخل جراحي، ادعوله هو محتاج دعواتكم 

تركهم وغادر في حالة لا يرثى لها، كم من المصائب أخبرهم بها بسهولة؟! 
كان الجميع لا حول لهم ولا قوة، لا تستوعب عقولهم ما وقع على مسامعهم للتو، تبادلا النظرات وهما لا يدريان ما عليه فعله؟

خرج يوسف على الناقلة الطبية برفقة ممرضتين، كانت لينة أول من ركضت نحوه والدموع تنسدل بغزارة من عينيها وهتفت بنبرة مرتجفة:
_ يا يوسف.. عشان خاطري قوم وبلاش تخضني عليك..

شاركها زياد البكاء وهو يهتف بآسى: 
_ قوم يا يوسف إحنا ولا حاجة من غيرك..

اكتفى بلال بالمشاهدة دون أن ينبس، لكنه فشل في إخفاء عبراته التي تساقطت فور رؤيته لصديقه، كان علي يقف بجوار لينة يحاول مواستها وإبعادها عنه. 

صاح صوت بلال الحاسم وهو يمسح عبراته: 
_ لا أنا مش هسيبه هنا، أنا هوديه مستشفى تانية..

سحب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف والده الذي أجاب بصوت ناعس: 
_ إيه يا بلال في حاجة؟

أتاه صوته الباكي وهي يقول:
_ أنا عايزك تيجي حالاً، يوسف في المستشفى ودخل في غيبوبة، أنا عايز انقله مستشفى تانية، محدش هيساعدني في الموضوع دا غيرك

انتفض السيد سمير بذعر وهتف بعدم استيعاب:
_ يوسف ماله حصله إيه؟ 

"معرفش، هتيجي ولا أتصرف أنا؟"
قالهم بلال بصوت متحشرج فأسرع والده في ترديد:
_ أنا جاي لك على طول، عرفني أنتوا في مستشفى إيه

أخبره بلال عن مكانهم ثم خرج لينتظر والده، على جانب آخر لم تكف لينة عن البكاء وخصيصاً حينما منعتها الممرضة من مرافقة يوسف، بينما نهض زياد فجاءة مردداً: 
& لازم ماما تعرف..

تدخل علي مقترحاً: 
_ بلاش تقلقها يا زياد، عرفها إنها حاجة بسيطة على لما تتقبل فكرة أنه تعبان الأول وبعدين نعرفها..

أومأ زياد بقبول وابتعد عنهما وهاتف والدته، حاول ضبط نبرته لكي لا يقلقها، أجابت هي بنعاس:
_ زياد، أنت لسه مرجعتش؟

ابتلع ريقه محاولاً الصمود وأردف بهدوء:
_ لسه، ماما عايز أقولك حاجة بس متتخضيش..

خفق قلبها رعباً ورددت بقلق:
_ في إيه حصلك حاجة؟ أنت كويس؟ 

نفى زياد بقوله:
_ أنا كويس، بس يوسف..

صاحت ميمي بذعر تملك منها:
_ ماله يوسف؟ أخوك ماله؟

مسح زياد عبراته التي سقطت رغماً وحاول جاهداً ألا يزيد من قلقها، فاختار كلماته بعناية:
_ مفيش هو تعبان شوية وإحنا في المستشفى..

قاطعه ميمي بتوجس شديد: 
_ حصله إيه؟ أنا عايزة أجي، تعالى خدني.. 

توقف عقل زياد عن التفكير، فكيف سيعود إليها ويترك أخيه، وكيف يتركها بمفردها بعدما أخبرها بمرض يوسف، أوصد عينيه محاولاً الإتيان بفكرة ما فتذكر السيد سمير، أعاد فتح عينيه وأردف: 
_ أنا هتصرف يا أمي البسي وهكلمك تاني

أسرع من خطاه إلى الخارج حتى التقى ببلال وهتف بنبرة لاهثة: 
_ ممكن تكلم أبوك يجيب أمي وهو جاي 

أغمض بلال عينيه مستاءً وهتف:
_ أنت إيه اللي خلاك تقولها؟ 

بتلقائية أجابه:
_ لأنها كدا كدا هتصحى تصلي الفجر وهتعرف إننا مش في البيت مفرقتش الوقتي من بعدين.. 

تأفف بلال بضجر وأعاد الإتصال بأبيه ثم أخبره بأن يصطحب والدة يوسف معه فلم يمانع السيد سمير على الرغم من تخطيه منطقتهم بمسافة ليست بقصيرة. 

استقلت السيدة ميمي السيارة والقلق كان واضحاً على تقاسيمها، فحاول السيد سمير تهدئتها بقوله:
_ ربنا يطمنك عليه يا أم يوسف وإن شاء الله يفوق من الغيبوبة قريب 

اتسعت حدقتي ميمي وطالعته بصدمة مرددة بذهول:
_ غيبوبة! غيبوبة إيه؟ 

شعر السيد سمير أنه زاد الأمر سوءاً، لم يكن على دراية بأنها جاهلة ما أصاب ابنها، حمحم وحاول تصحيح ما اقترفه:
_ معرفش إنك متعرفيش والله، بس اطمني إحنا هنوديه أحسن مستشفى ومش هنسيبه أبداً 

وضعت السيدة ميمي يدها على صدرها فلقد شعرت بوخزة قوية في قلبها وتمتمت بقلب يعتصر ألماً على فلذة كبدها: 
_ يا حبيبي يابني

وزع السيد سمير أنظاره بينها وبين الطريق خشية أن يحدث مكروه لها من خلفه، وصلا المشفى في غضون دقائق، ركض بلال نحو سيارة أبيه وهتف بتلهف: 
_ أنا خليتهم يجهزوا إسعاف مخصوص عشان نقدر ننقله، بس مش عارف هنروح فين بالظبط 

أخذ يفكر السيد سمير للحظات قبل أن يخبره: 
_ هنروح عند عمك رفعت في المستشفى اللي مسكها جديد 

أومأ بلال بتفهم بينما كانت تتابع السيدة ميمي حديثها ثم تسائلت حينما تقابلت عينيها مع عيناي بلال: 
_ يوسف ماله يا بلال؟ صاحبك حصله إيه؟

اقترب منها وحادثها بشفقة: 
_ إن شاءالله هيكون كويس، ادعيله 

دلف الجميع حيث الرعاية الصحية، يتابعون خروج يوسف ونقله إلى سيارة الإسعاف، لم تترك لينة يد ميمي فكانت تستمد منها القوة والعكس صحيح. 

وصلا إلى مشفى خاص، كانت هائلة البنيان، ذو شكل هندسي دقيق، لها بوابات هائلة تفتح تلقائياً فور وقوف أحداً أمامها، استقبلهم فريق من الأطباء وفريق آخر من التمريض، فلقد أوصى السيد سمير صديقه بعمل اللازم لحالة يوسف. 

"مش هنقدر نعمله إشاعة تانية النهاردة لأن دا ضرر عليه مرتين في أقل من ساعتين، بس هنعمله كل الفحوصات اللازمة لحالته، وربنا يطمنا عليه"
كان حديث أحد أطباء المخ والأعصاب الكبار، جلس الجميع في الردهة في انتظار الفحوصات التي سيجريها يوسف مرة أخرى.

حضرت ممرضة ترتدي زييها الرسمي باللون الزهري وقالت بذوق:
_ لو سمحتم محتاجين حد يجي في الإستقبال يملى بيانات المريض، ويسيب فلوس تحت الحساب

وقف بلال وكذلك زياد ليذهبا إلى الإستقبال وينهوا جميع إجراءات فترة مكوث يوسف، كادت الممرضة أن تغادر إلا أنها عادت إليهم وقالت بعملية:
_ ومعلش ممنوع قعاد في lobby (الردهة) 

عاد إليها بلال بوجه جامد وهدر بها شزراً: 
_ يعني إيه ممنوع؟ نقعد في الشارع مثلاً؟

حمحمت الممرضة وأوضحت حديثها:
_ دي قوانين المستشفى يا فندم، يعني أنا لو مقولتش هيجي غيري ويطلب منكم تمشوا

كاد بلال أن يهاجمها برده إلا أنها واصلت مقترحة حلاً:
_ بس ممكن حضرتك تحجز Travelers room (غرفة المسافرين) بتكون مخصصة لأهل مريض الرعاية

تدخل السيد سمير حاسماً الأمر بقوله:
_ خلاص ماشي إحنا هنشوف الموضوع دا، شكراً 

بادلته ابتسامة ثم غادرت بينما ذهب بلال برفقة زياد وقاموا بإنهاء جميع الإجراءات اللازمة ناهيك عن حجزهم لغرفة إضافية حتى يستطيعون الجلوس براحة. 

ظهرت بعض النتائج وكانت جميعها مطابقة لما قالاه في المشفى الأخرى، عاد يوسف إلى الرعاية الصحية بينما كان الجميع يجلس في الغرفة منهمرين بين أفكارهم التي تؤدي في النهاية إليه. 

حمحم السيد سمير ونهض عن كرسيه ثم نظر إلى بلال وأردف بأمر: 
_ يلا إحنا يا بلال عشان ياخدوا راحتهم وأول لما الشمس تطلع نيجي تاني 

لم يريد بلال المغادرة لكن ماباليد حيلة، فكيف سيمكث في المكان نفسه معهم، مرر نظريه على الجميع قبل أن ينهض وقال:
_ أنا مش هتأخر عليكم، هرجع لكم على طول.. 

ردت عليه السيدة ميمي بامتنان: 
_ براحتك يابني.. 

ألقى بلال حديثه قبل مغادرته: 
_ لو حصل حاجة كلموني على طول 

اكتفت ميمي بإيماءة من رأسها فغادر بلال برفقة والده، نهضت السيدة ميمي لتتوضأ وتؤدي صلاة الفجر، كذلك لينة والأخرين فعلوا مثلها وعادوا إلى أماكنهم.

حيث كانت لينة تجلس على فراش وزياد على أريكة وعلي على الأريكة الأخرى وأخيراً السيدة ميمي التي جلست على الفراش الآخر في الغرفة. 

*** 
بعد مرور ساعتين، أشرقت الشمس وملئت الأرض بنورها، غفى الجميع عدا لينة التي قاومت النوم خشية حدوث شيئ لا تكون أول من يلم به، لم تتوقف عن البكاء، حتى باتت عينيها متورمتان للغاية بالكاد ترى منهما.

قلق علي لثوانٍ فوقع صوتها الباكي على مسامعه، لم يصدق أنها لازالت تبكي، فالجميع نيام عدا هي تبكي منذ أن وقعت الحادثة، نهض عن أريكته وقد شعر بألم طفيف في عضلات جسده إثر نومه على الأريكة، ذهب إليها ثم لكزها بخفة في ذراعها ليجذب انتباهها وعندما رمقته بطرف عينيها أشار لها أن تتبعه. 

نهضت بصعوبة قابلتها، فلقد نفذت طاقتها، خرجت من الغرفة فإذا به يردف معاتباً:
_ أنتِ مبطلتيش عياط يا لينة! لما أهله يشوفوكي كدا المفروض يعملوا هما إيه؟ إهدى شوية.. 

تعجبت من أمره وتقليله من دورها في تلك العائلة وهتفت بحنق: 
_ أنت بتقلل من دوري كدا ليه كأنهم أقرب له مني؟ 

بتلقائية أجابها:
_ لأنهم أقرب له فعلاً، دي مامته ودا أخوه، ومش عاملين اللي أنتِ عملاه دا!! 

لم تستطيع لينة الصمت وهتفت منفعلة:
_ محدش أقرب له منهم أكتر مني!! 
لو هما أهله فأنا بح...

لم تكمل، صمتت وطالعته لوقت بينما كان ينتظر منها مواصلة مالم تنهيه، تأففت هي وحاولت الهروب من أمامه:
_ متركزش معايا يا علي، سيبني أزعل على طريقتي..

أولاته ظهرها لتعود إلى الغرفة إلا أنه لحق بها وسألها مستفسراً:
_ أنتِ إيه؟ كملي كلامك!

أرادت إنهاء ذاك الحوار فقالت بتعب: 
_ مش وقته يا علي نتكلم بعدين أنا بجد مش قادرة أقف على رجلي 

رفض البتة ذهابها قبل أن يلم بما يجهله: 
_ لا وقته، أنا مش هفضل ماشي زي الأطرش في الزفة مش فاهم حاجة والإسم إني أخوكي!
فهميني ليه كل العياط دا؟ 
وليه قولتي مقللش من دورك؟ 
معناه إيه كل دا؟

زفرت لينة أنفاسها وبهدوء هدرت: 
_ معناه إني بحبه يا علي..

اتسعت حدقتي علي بذهول شديد فتسائلت هي بفتور: 
_ ها، ارتحت؟

لم يستوعب عقله بعد، فأخذ ثوانٍ محاولاً تصديق تصريحها، ابتلع ريقه وردد دون فهم لبعض الأمور: 
_ إزاي يعني؟ 
وكتب كتابك دا معناه إيه؟ 
أنا مش فاهم أي حاجة، طيب وهو؟ 

أخرجت لينة تنهيدة مهمومة وبدأت تبكي وهي تجيب على أسئلته: 
_ إزاي؟ فمشاعرنا مش بإيدينا، أنا اطمنت له وعشت في خيره ومعرفتش معنى الدلع غير معاه، حبيته ومش بإيدي، نظرتي ليه وضحت كل ما كنت بكبر وأفهم يعني حب!
كتب كتابي على زياد، دا كان مجرد اقتراح عشان يحلل قعادي في البيت، قرار متسرع وأنا كنت غبية لما مقولتش لأ! 

ازداد نحيبها وهي تتذكره وتابعت مسترسلة بصوت متحشرج: 
_ أما بالنسبة ليه بقى فأنا معرفش..

"يوسف بيحبك يا لينة" 
كان هذا صوت آخر ظهر من خلف باب الغرفة اللذان خرجا منها للتو، اتسعت مقلتي لينة وعلي وهما يتابعان خروج زياد. 

كانت مفاجأة لكليهما، لم يقدر على التحدث وكأن ألسنتهم شُلت، اقترب منهما زياد بملامح جامدة وتابع قائلاً: 
_ لو فكرتي للحظة في كل تصرفاته هتعرفي إنه بيحبك، لما كان بيتحجج عشان متكنيش معايا لوحدك فهمت إنه غيران عليكي، ويوم كتب الكتاب واللي عمله معايا يثبت لك إنه بيحبك ومش عايزك تكوني غير ليه، قربه منك بحجة إنك أمانة صاحبه كانت كدبة يمكن هو نفسه كان مصدقها، أصل مفيش حد بيصون الأمانة بالشكل دا إلا إذا كان حابب الأمانة نفسها، كل تصرفاته عندي اللي مكنش ليها تفسير وضحت دلوقتي..
عشان كدا أنا متأكد إنه بيحبك! 

تساقطت عبرات زياد بقوة، حاول مسحهم لكنهم لا يتوقفا عن السقوط، فتابع بصوت متحشرج:
_ هو يقوم بس وأنا هسلمك ليه، بس يقوم..

خارت قوة لينة على التماسك وجهشت باكية، كان يبكيان حزناً على ما أصاب يوسف، والأحر أنهما لا يدريان إن كان سيستعيد وعيه أم لأ، لم تتحمل لينة فكرة أنه لن يعود إليها وهرولت مبتعدة عنهما وهي تبكي بشدة. 

لم يقف علي مكانه بل ركض خلفها لكي يواسيها، فلا يوجد غيره الآن وعليه أن يكون جدير بذلك، بينما عاد زياد إلى الغرفة بعدما مسح عبراته لكي لا يثير القلق في قلب والدته. 

***

تململت في الفراش بكسل، انتبهت على جلوسه بجوارها على الفراش، واضعاً ذراعيه خلف رأسه مستنداً بهما على حائط الفراش. 

نهضت مسرعة وهتفت بتلعثم مختلط للقلق:  
_ أنت جيت امتى؟ أنا حاولت كتير أكلمك بس كان بيديني غير متاح..

فرك بلال عينيه بكسل وقال بنبرة منهكة: 
_ المستشفى مفيش فيها شبكة 

"مستشفى!!"
رددتها إيمان بغرابة معانقة للقلق الذي تضاعف داخلها ثم تابعت سؤالها باهتمام:
_ مين اللي تعبان؟ 

مال بلال رأسه للجانب ناظراً إليها قبل أن يردف: 
_ يوسف..

جحظت عيناي إيمان بصدمة وهتفت بتوجس: 
_ ماله حصله إيه؟

كز بلال أسنانه وهو يرى لهفتها الواضحة، عاد ينظر في الفراغ أمامه وبتجهم تمتم:
_ في غيبوبة..

شهقت إيمان بصدمة تلقتها وصاحت بذعر:
_ غيبوبة! ليه هو إيه اللي حصل؟ 

لم يتحمل بلال سماع صوتها المتلهف للحظة أخرى، فنهض مسرعاً لكي يغادرها، تعجبت إيمان من هرولته دون أن يجيبها، فتبعته للخارج وتسائلت: 
_ أنت رايح فين؟ هترجع المستشفى 

بإقتضاب أجاب:
_ آه 

أسرعت في طلب شيئ بتلهف:
_ بلال، أنا عايزة أجي معاك؟ 

توقف بلال عن السير ثم استدار إليها، كانت ملامحه لا تبشر بالخير وصاح بنفاذ صبر:
_ كفاية بقى، ها كفاية

طالعته بأعين ضائقة، فما الذي يقصده؟ حسناً تجمعت شتات أفكارها وفهمت الأمر الآن، أخرجت زفيراً قبل أن تردد:
_ شكلك ناسي إنه إبن عمتي، وإن عمتي دي أكتر من أم ليا، وطبيعي أكون واقفة جنبها في محنة زي دي، ولو كان بعد الشر يعني زياد مكان يوسف كنت هقول كدا برده، ما إحنا في الآخر قرايب ويربطنا دم! 

لم يبدي بلال ردة فعل بل اكتفى برمقها وهو يعيد كلماتها في رأسه، قطعت عليه حبال أفكاره بقولها:
_ خلاص يا بلال الموضوع مش محتاج حيرة، أنا هبقى أكلم عمتو في الموبايل طلاما دا هيريحك وهيخليك تثق فيا..

أولاته ظهرها وتوجهت ناحية غرفتها، بينما لام بلال نفسه، وشعر أنه بحاجة إلى إعطائها القليل من الثقة لكي يستطيع العيش دون صراع.  

"البسي، هستناكي تحت" 
أردفها ثم غادر المنزل، فنظرت هي حيث كان يقف  وأسرعت إلى غرفتها ترتدي ثيابها سريعاً قبل أن يتراجع. 

***
ربت على ذراعها بحنو قبل أن يسألها باهتمام:
_ ها، بقيتي أحسن؟ 

أبعدت رأسها عن كتفه وأماءت بتأكيد قبل أن تردف بخفوت: 
_ أيوة، يلا نرجع عشان لو حصل جديد مع يوسف

نهض علي ومد يده لها فتمسكت به، تقابلا مع بلال وإيمان اللذان ترجلا من السيارة واقترب منهما، تنهد بلال وتسائل مستفسراً:
_ محصلش جديد؟

نفى علي بتحريك رأسه وأردف بآسى: 
_ لا لسه 

ولج أربعتهم إلى الغرفة الذين يمكثون بها، هرولت إيمان ناحية عمتها وعانقتها بشفقة:
_ ربنا يطمنك عليه يا عمتو 

بكت الآخرى وربتت على ظهرها وهي تردد:
_ آمين يارب، ادعيله يا إيمان

بتلقائية هتفت:
_ إن شاء الله هيقوم ويرجع معاكي البيت 

آمنت ميمي على كلماتها ثم دعتها للجلوس، ذهب بلال برفقة زياد وعلي وحتماً لينة إلى الطبيب المتابع لحالة يوسف. 

طرق بلال باب الطبيب فلم يأتيه إجابة، أعاد تكرار المحاولة والنتيجة نفسها، فقرر الدخول مباشرةً، لم يجد أحداً في الغرفة، أعاد غلق الباب ثم نظر إلى من يقفون خلفه موضحاً: 
_ محدش جوا 

مرت إحدى الممرضات فأسرعت لينة في سؤالها:
_ لو سمحتي الدكتور اللي هنا فين؟

أجابتها بعملية:
_ مع واحد بيعمل أشعة مقطعية..

صمتت لحظة ثم تابعت بعدما حدجت ملامحهم جيداً: 
_ أنتوا قرايب يوسف الراوي مش كدا؟

تولى زياد الإجابة عنهم: 
_ أيوة إحنا 

أؤمات الممرضة إيماءات عدة وتابعت:
_ الدكتور معاه.. 

تسائل بلال باستفسار:
_ فين أوضة الأشعة دي؟

ترددت الممرضة في إجابته وهتفت معتذرة:
_ معلش انا آسفة بس ممنوع حد يقف قدامها، ممكن حضرتك ترجع الأوضة ووقت ماهو يخلص هاجي أطمنكم

دس بلال يده في جيب بنطاله وأخرج بعض الورقات النقدية ثم اقترب منها ووضعهم في يدها هامساً: 
_ قوليلي بقى هي فين وإحنا مش هنجيب سيرتك 

تنهدت الممرضة فلقد وقعت في حيرة من أمرها، أخبرته عن طريق الوصول إليها ثم غادرت، بينما توجه الجميع ناحية الغرفة ووقفوا أمامها في انتظار أي أخبار عن يوسف. 

بعد مدة لا بأس بها، خرج الطبيب برفقة أحد الممرضات فأسرع بلال نحوه وسأله بتوجس: 
_ ها يا دكتور، أخبار يوسف إيه طمني عليه 

حمحم الطبيب وبعملية هدر:
_ الأشعة وضحت إن الحمدلله النزيف مزادش...

تمتم الجميع من أمامه بسعادة:
_ الحمد لله 

فتابع هو ببسمة قد تشكلت على محياه:
_ دا غير إنه هو بدأ يفوق ويستجيب للي حواليه، حمد الله على سلامته 

هلل الجميع في سعادة غمرت قلوبهم، عانق بلال زياد بفرحة عارمة، وكذلك لينة التي اختبأت في صدر أخيها تبكي بسعادة فضمها هو بقوة مردداً:
_ خلاص يا لينة الحمدلله بقى كويس

خرجت نبرتها مهزوزة في قولها: 
_ كنت خايفة عليه أوي يا علي.. 

وقعت كلماتها على آذان زياد، طالعها وهو يحسم أمره، خرج يوسف على الناقلة مع ممرضتين، وقفوا حوله محاولين التحدث معه حيث هتف بلال بسعادة: 
_ واد يا يوسف كدا تخضنا عليك 

ثم هتفت لينة بشفقة وحزن لحالته:
_ خوفتني عليك أوي يا يوسف..

قال زياد وهو يميل على أخيه:
_ حمد لله على سلامتك يا حبيبي 

"حمد لله على سلامتك يا يوسف"
كانت تلك جملة علي، بينما خرجت كلمات يوسف بخفوت: 
_ أنا فين؟

تدخلت أحد الممرضات محذرة: 
_ يا جماعة ابعدوا لو سمحتم مينفعش كدا 

تابعن الممرضتين سيرهما حيث الرعاية الصحية بينما هتف زياد بحماس:
_ لازم أعرف ماما..

تبعه الجميع إلى الغرفة وأخبروا السيدة ميمي التي سجدت لله شاكرة إياه على لطف أقداره، استغل زياد فرصة انشغال الجميع بهذا الخبر واقترب من لينة وهمس لها:
لينة تعالي برا عايز أقولك حاجة

رمقته بنظراتها قبل أن تتبعه إلى الخارج، ابتعد زياد قليلاً عن الغرفة ثم طالعها لوقت وهو يفرك أصابعه وهتف: 
.....

 •تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent