رواية رحماء بينهم الفصل السادس و العشرون 26 - بقلم علياء شعبان
التاااااااااارجت 500 لايك♥️♥️♥️
اللايك قبل القراءة والكومنت بعد😍
------
عووووووووودة مرة أخرى ♥️♥️🌸
التفاعل يا قووووووم يرحمكم الله.😍😍😍
------
رواية رحماءُ_بينهم
"كمثلِ الأُتّرُجةِ"
]]الفصل السادس والعشرون]]
~•~•~•~•~•~•~•~
تأففت من وصول إشعارات عديدة ومُلحة من هاتفها الذكي وكذلك اتصالات عدة أقلقت نومها الهادىء، زفرت بحنق وهي تتقلب على الفراش وقد استسلمت تمامًا لكُل هذا الضجيج من حولها، تململت في فراشها بكسلٍ وتردد من أن تستيقظ لمواجهة العالم والمسؤوليات التي تلتف حول عُنقها أو أخذ قسطًا إضافيًا من النوم المُريح؛ لم يمنحها هاتفها فُرصة القرار مُعلنًا عن اتصال جديدٍ جعلها تعتدل جالسةً في الفراش باستسلام تام.
التقطت الهاتف فوجدته "ماكسيم" صديقها وزوجها المُخلص الذي لم يتوانَ عن مُساندتها للحظة حتى بعد وفاة زوجها، قررت أن تجيبه كيلا يقلق عليها خاصةً أنه طلبها أكثر من مرة:
-ألــــو ماكسيم.
جاءها صوته يقول بزفرة خلاص من توتره:
-مش معقول كُل دا نايمة؟!
نجلا بابتسامة مُسالمة:
-دا حقيقي، يعني هلاقي أفضل من النوم فين؟!
ماكسيم يُضيف بشكل عاجل:
-طيب أحب أبلغك إن "عثمان السروجي" كلم إدارة الشركة وطلب مُقابلتك بشكل شخصي النهاردة!!
اِفتر ثغرها عن ابتسامة عريضة يشوبها مشاعرًا من الجد والهزل ثم قالت بصوت هادئ:
-ودا قرر مع نفسه كدا؟!
تغيرت معالم وجهها للجدية والغيظ وقالت:
-بلغوه إن نجلا هانم زهران مش عندها مواعيد له.
ماكسيم وهو يتنحنح مُضيفًا بحذر:
-بس هو أصر ياخد رقمك الشخصي من الإدارة ونجح في دا!!
حدقت في الفراغ مصدومةً وسرعان ما قفز إلى عقلها رؤية عدة اتصالات من رقم غير مُسجل لديها!، فعلت مُكبر الصوت ثم وضعت الهاتف بين كفيها وبدأت تتفحص سجل هذا الرقم على هاتفها ليتضح أنه أجرى اتصالات عديدة بها هذا الصباح وهو سبب الازعاج الذي لحق بها، خمنت أن يكون هو فقالت بابتسامة ظفرٍ ومكرٍ:
-تمام، حرج على الإدارة إنهم ممنوع يخرجوا أي معلومات تخصني لأي مخلوق حتى لو كان رئيس الوزراء وأنا هتعامل مع عثمان بيه السروجي!
قطب "ماكسيم" ما بين حاجبيه وسألها بتوجس:
-أنا شايف إنك مترديش عليه لو اتصل وأنا هخلي الإدارة تبلغه برفضك مُقابلته.
نجلا بصوت جامدٍ:
-ماكسيم أنا مش عيلة صغيرة، يلا باي.
لم تنتظر رده على قرارها أو مُناقشتها حتى، أطالت النظر إلى شاشة الهاتف ترمقها بتمعن وانتصار قد أتت خطتها ثمارها بهذا الاتصال المُنتظر، أضحت الآن في حيرة من أمرها هل تعاود الاتصال بالرقم مُبررةً اتصالاته الكثيرة بها أم تنتظر حتى تتلقى اتصالًا منه مرة أخرى!!.. ظهرت الحيرة على قسمات وجهها وأرهقها التفكير ولكنه وللمرة الثانية يؤكد فعالية خطتها المُثمرة إذ أن الرقم في هذه اللحظة عاد باتصاله من جديد، تنحنحت وهي تستنشق الكثير من الهواء النقي داخلها ثم تنفسه بقوة وثبات:
-ألــــو!
جاءها صوته يقول بنبرة خشنة مغرورة:
-نجلا زهران معايا!
نجلا بابتسامة هادئة:
-نجلا هانم زهران معاك، إنتَ مين؟!
أجابها بحنقٍ:
-اللي دايرة تنكشي وراه وتخربي عليه حياته وشغله وحطاه في دماغك.
ابتسمت خِلسة ثم ادعت عدم معرفتها به وهي تقول بلهجة شديدة:
-العنوان غلط، نجلا زهران مفيش حد نال شرف إنه يكون في دماغها.
رد بغيظٍ:
-وعثمان السروجي!!
في هذه اللحظة تعمدت إظهار صوت ابتسامتها الساخرة وهي تقول بقوة مُنقطعة النظير:
-بس أنا أصلًا مش شايفاك؛ فإزاي هحطك في دماغي!!.. الحقيقة كلام مش منطقي.
عثمان وهو يرد بصوت مُنفعلٍ:
-أنا مش عايز لف ودوران، تفسري بأيه شراكِ لقطعة الأرض الخاصة بمشروعي وهجومك على واحد من رجالتي في المُستشفى!
نجلا بمُجابهة وحِدة:
-وضيف عندك إنك اتضربت بالنار من سلاح رجالتي يا عثمان.
ضغط أسنانه وهو يسألها بحنقٍ وضيقٍ:
-إنتِ عايزة أيه مني؟!
نجلا بصوت تنبعث منه حرارة انتقام عميقة:
-حقي وحق جوزي ولا نسيت إن علاقاتك مع الناس الكبيرة خلتك تطلب منهم يقفلوا في وش "حمدي زهران" كل الأبواب لحد ما شركته تقع ويفشل!
عثمان بضحكة عالية يملأها السخرية:
-عالم البيزنس عايز نفس طويل وحمدي نفسه كان على أده.
نجلا بضحكة مستهزئة:
-ما هو أنا موجودة دخلت السباق مكانه، خلينا نشوف مين نفسه أطول من التاني، نجلا هانم زهران ولا الفاشل عثمان!!
عثمان بحدة:
-عالم البيزنس مش بتاعك ومعروف مصيرك من دلوقتي، أيه رأيك نحاول نوصل لحلول جذرية ترضيكِ؟ مش يمكن نكون أصدقاء؟ لا محبة إلا بعد عداوة!.
نجلا بتهكم:
-تصدق ممكن!
عثمان بثبات:
-طيب أيه رأيك نتقابل برا الشركة!!
نجلا بنفي قاطعٍ:
-لأ، جوا الشركة ومعاك فُرصة واحدة تقتنعي فيها بإنهاء العداوة اللي بينا، ويا فشلت كعادتك يا نجحت، إنتَ وحظك.
عثمان بسؤال مُهتم:
-نتقابل النهاردة الساعة تسعة!
نجلا ببرود:
-أنا اللي أحدد مش إنتَ، هبص في جدول مواعيدي وهخلي الإدارة تبلغك بالميعاد، بااااااي!
لم تنتظر رده على حديثها وأغلقت فور إنهاء حديثها، أطلقت ضحكة طويلة يملأها الخطط والأفكار التي لا يعلم بها سواها، تنهدت بسعادة وهي تجمع خصلات شعرها كتفها بدلال يليق بأُنوثتها المُفعمة التي لا تقل في أوقات غضبها أو ضيقها، اِبتسمت بمكرٍ وهي تقول ناظرًا إلى شاشة الهاتف:
-Let’s play Osman!!
•~•~•~•~•~•~•
ضغط أنيابه بغيظٍ من هذه المرأة القوية بصورة أزعجته، تقريبًا لم تُقابله امرأة بهذه القوة في حياته، يتعجب كيف تتحدث معه بهذه الطريقة وكيف تتحداه دون أن يلمس الخوف بين خلجات صوتها لوهلة حتى!، هذه المرة الأولى التي يعترف بها داخل نفسه برغبته العارمة في التعرف على هذه الشخصية بأسرع ما يُمكن، كمان أنها ألقت اعترافًا عامًا يبرئ شقيقه سليمان وابنه تليد من اتهامهما بمُحاولة قتله ولكن هذا لم يشكل فارقًا عنده؛ فعلى كل حال العداوة بينهما قائمة لا محال، لا ولن تنتهي خاصةً بعد زواج تليد من فتاة فقيرة معدومة لا تليق بكيان العائلة التي سعى مُنذ صِغره لإحياء قيمتها ومكانتها بين الناس.
في هذه اللحظة طُرق الباب عدة طرقات خفيفة قبل أن تفتحه هي الوحيدة القادرة على اقتحام خصوصيته دون حساب أو قيود، أطلت عليه بابتسامة مشرقة وبصوت سعيد قالت:
-بابا، عندي ليك مُفاجأة حلوة أوي بجد.
قطب "عثمان" ما بين عينيه ثم تساءل:
-وأيه المُفاجأة بقى؟!!
أضافت "سكون" بنبرة تهفو منها رائحة البهجة:
-عُمر كِبر يا بابا وعايز يتجوز، إنتَ مش مُتخيل أنا حاسة بأيه دلوقتي، عايزة أعيط من الفرحة وألعب أنا كمان عايزة أطير!
ضحك "عثمان" بهدوء ثم قال وهو يتحرك ناحيتها:
-بالراحة وفهميني الموضوع كله!!
سكون وهي تقف بجواره ثم تحيط خصره بذراعها:
-عُمر بيحب بنوتة من سنة تقريبًا وهي بتحبه أوي يا بابا ومُتقبلة ظروفه جدًا ودي كانت أكتر حاجة شايلة همها.
عثمان وهو يرفع حاجبه ويقول بامتعاض:
-وعرفتي منين إنها متقبلة ظروفه مش باصة لفلوسه ومكانته الاجتماعية!!!
سكون وهي تومىء برأسها في نفي قاطعٍ:
-رويدا بنت مؤدبة وجميلة وأهلها ناس بسيطة وكمان بتحبه وبعد أذنك يا بابا بلاش كلام من النوع دا قدام عُمر، بلاش تكسر فرحته ومتنساش إننا مش بسهولة كُنا هنلاقي حد يتفهم ظروفه!!!
عثمان بحدة:
-عُمر ابني الوحيد يا سكون ولازم أختار له بنت حسب ونسب!!
تنهدت سكون تنهيدة ممدودة بعُمقٍ وهي تقف أمامه مُباشرة ثم تلتقط كفه بين راحتيها مُرددةً بصوت ناعمٍ:
-بابا إنتَ عارف كويس أوي إن عُمر دماغه ناشفة ومش الشخص اللي تفرض قراراتك واختياراتك عليه وعارف بردو إنه خارج من أزمة نفسية بقالها سنتين من بعد الحادثة مُباشرة وإنه مقرر يبدأ صفحة جديدة مع شريكة حياته اللي اختارها ودلوقتي مش بإيدينا نعمل حاجة غير إننا نتمنى له السعادة لأننا أكتر ناس نفسنا إن ابننا يعيش حياته ويرجع أحسن من الأول!
سكتت لوهلة ثم أضافت بتحذير متوارٍ:
-خلي بالك يا بابا أي كلمة سلبية هتتقال له هترجعنا لنُقطة الصفر تاني، بعد إذنك ظروف عُمر محتاجة منك تتغاضى شوية عن قوانينك وقراراتك وصدقني البنت جميلة واختيار مُناسب لعُمر!
أطالت النظر داخل عينيه تنتظر منه أن يلين كيلا يجرح مشاعر شقيقها الحبيب الذي صارحها بجدية شديدة حول رغبته في الزواج وبناء أُسرة صغيرة له وأن هذه الرغبة تفرض عليه ضرورة الاستعجال في الأمر وطلب منها أن تُبلغ والدها كي يأتي ويتحدث معه حول خطته الجديدة، في النهاية أومأ "عثمان" باستسلام وهذه من المرات النادرة التي يترك فيها شروطه وفرماناته جانبًا ولا شك أن وجود "سكون" في هذا الأمر جعله يتنازل بسعادة؛ فهو لا يستطيع أن يرد لها طلبًا.
تهللت أسارير وجهها وأسرعت تحتضنه بسعادة غامرة ثم ابتعدت عنه قليلًا وهي تقول بحماس:
-أنا هنزل أبلغ عُمر بموافقتك وإنك مستنيه يبلغ الكُل بالخبر دا على الغدا.
هرعت خارج الغرفة حيث غرفة شقيقها القابعة بالطابق الأرضي كي تُعطيه البُشرى وأنه قريبًا سيكون عريسًا بحلة رائعة مثله، وقبل أن تصل إلى باب الغرفة قررت أن تلعب مع شقيقها قليلًا بأن تعزف على أوتار أعصابه قبل أن يتلقى البشرى السعيدة، سارت بخطوات وئيدة وقد أبدلت ملامحها من سعيدة إلى أُخرى يحتلها الحُزن والضيق، طرقت على الباب فسمح لها بالدخول وهو يتفحص قسمات وجهها التي لا تُبشر عن خيرٍ مُطلقًا!!
استعجل يقول باختناق قبل أن تتكلم:
-طبعًا موافقش! وقال إنها مش مُناسبة لعيلة السروجي وإنه مش هروح معايا وأنا بتقدم رسمي!!!
مطت "سكون" شفتيها دون أن تنبس ببنت شفةٍ؛ فيما أكمل الأخير بانفعالات مُلتهبة:
-براحته، بس أنا رايح المُقابلة دي ومحدش هيوقفني وناوي أكون راجل معاها وهتجوزها واللي هيفكر يقف في وشي مش هعمل له حساب.
بدأ يضغط على أصابعه المتكورة أمامه بعصبية شديدة وراح يشيح ببصره بعيدًا عنها بعد أن تجمعت مقلتيه بدموع الغضب، في هذه اللحظة وجدت أنها أطللت المُزاح معه فتحركت نحوه ثم وضعت أناملها أسفل ذقنه وجاهدت في إدارة وجهه نحوها وهي تقول بابتسامة عريضة:
-بابا وافق يا عُمر.
حدق فيها مصدومًا وقد علقت الكلمات في حلقهِ فيما أومأت برأسها تُكرر حديثها على مسامعه:
-والله العظيم وافق وفرح جدًا إنك قدرت تتجاوز المِحنة وعايز تبني حياة جديدة.
عُمر بابتسامة ساخرة:
-بابا!!.. عثمان السروجي وافق بالبساطة دي!!
سكون وهي تمرر أناملها على خده بحنان بالغٍ:
-وليه لأ طالما عايز يشوفك سعيد؟!!
لم يستطع أن يتحكم في مقدار سعادته حيث افتر ثغره عن ابتسامة مُنشرحة ثم أسرع بالتقاط راحتي شقيقته وراح يُقبلهما بحُب كبيرٍ على دعمها المُستمر له في أشد لحظاته صعوبة، بادلته "سكون" مشاعرًا طيبًا وهي تطبع قُبلة طويلة على جبينه داعيةً الله أن يمنحه ما يجول في قلبه وخلده.
-لازم أبلغ رويدا بالخبر العظيم دا.
سكون بسعادة:
-أكيد حبيبي لازم تعمل كدا، عايزاك على الغدا تبلغ الكُل بالخبر العظيم دا.
أومأ مُلتقطًا هاتفه وهو يقول بحماس:
-أكيد.. أكيد إن شاء الله هعمل دا.
ألقت له "سكون" قُبلة في الهواء وهي تترجل خارج الغرفة، أجرى اتصاله بها ولكنها لم ترد!!.. لم يسمح للقلق أن يلتهم تفكيره وقرر أن ينتظر لبعض الوقت ثم يعاود الاتصال بها أو تفعل هي.
•~•~•~•~•~•~•~•
دخلت إلى برج الحمام بمساعدة زوجها الذي قرر أن يساعدها في وضع الطعام لهم، بدأت "شروق في إلقاء حبات الأرز منثورة داخل أرضية البرح بينما تسلق "عِمران" الدرج الداخلي للبرج وبدأ في وضع حبات الأرز داخل القُدور المُعلقة وما أن انتهى حتى نزل من جديد، بدأت هي تُداعب هذا الطير المحبوب الذي يشترك معها في ذات السلام النفسي ولم يتردد "عِمران" للحظة عن جلب الحمام لها وبناء عُش لهم حينما عبرت عن عشقها لهم وراحتها النفسية في أي مكان يتواجد فيه هذا النوع من الطير.
قرر "عِمران" في هذه اللحظة أن يلتقط لها بعض الصور الفوتوغرافية وهي تداعب حمامها الرائع، فتح كاميرا هاتفه بعد أن وضع لها حمامتين على كلا الكتفين بينما التقطت أُخرى بين راحتيها الناعمتين وبدأت تُقبلها بسعادة غامرة، كانت لحظة رقيقة فيما بينهما فقد أحب أن يُشاركها لحظاتها الطفولية فضلًا على أن تكون هذه المشاعر البريئة داخلها فلا تُظهرها وتبقى أبد الدهر تتمنى وتحن لأيام طفولتها، أطلقت قهقهة عالية حينما وجدته يضع حمامة أُخرى على رأسها فحاولت أن تبقى ساكنةً كي لا تُفزع الحمامة منها وهنا رددت بنبرة سعيدة:
-مش لو كان معاك الرينج لايت كان زمانا بنعمل فيديو سوى!
عُمران وهو يحدق فيها ثم يقول مندهشًا:
-الحمامة عملت معاكِ الغلط!!
برقت في شكٍ ثم هتفت:
-اوعى يكون اللي في بالي!!!
أطلق قهقهة عالية ثم أومأ مؤكدًا ظنونها، أسرعت في مساعدة الحمام على التحليق ثم دخلت المرحاض وأزالت ما تعرضت له من غدر طائرها الصديق، ظل "عِمران" لفترة كلما ينظر إلى رأسها تنطلق منه ضحكة طويلة، تنحنحت "شروق" وهي تجلس على الكرسي أمامه وقالت:
-عِمران، كُنت عايزة احكي لك عن موضوع!!
رفع حاجبه وقال باهتمام:
-اممممم، طيب يا ستي كُلي آذان صاغية!
شروق بحماس تُفصح له عن فكرة تراودها منذ أيام:
-أنا بقول بدل ما أنا حاسة بفراغ لأنك طول الوقت في الشغل وأنا لوحدي هنا فأيه رأيك أعمل مشروع لطيف كدا هنا في البيت؟!!
أومأ "عِمران" بإعجاب لفكرتها، ربما هذا الحل المناسب لإشغال فكرها قليلًا، تكلم "عِمران" بتساؤل:
-وفي مشروع مُعين في دماغك؟!!
أومأت بشعلة حماس وهي تقول:
-أيه رأيك أعمل الحديقة زيّ حضانة كدا نعلم فيها الأطفال غير المقتدرين ماديًا ببلاش ونعمل يوم كُل آخر شهر زيّ إطعام كدا للغلابة!! وبالمرة نجيب شوية ألعاب للأطفال لأن أكيد ضعف إمكانياتهم المادية مش بتشبع حاجتهم للترفيه وكدا؛ فهنا يلاقوا كُل اللي نفسهم فيه ببلاش وأنا أضيع وقت معاهم؟
وجدته يسلط نظراته داخل عينيها دون أن ينبس ببنت شفةٍ، زوت ما بين عينيها وهي تقول بتوجسٍ:
-الفكرة مش عاجباك؟!
اِفتر ثغره عن اِبتسامة بسيطة وقبل أن يبلغها قراره قام بجذبها إلى صدره وراح يلثم جبينها بحُب ثم ردد بصوت يملأه الدفء:
-فكرة عظيمة أكيد، طالما هتكوني مبسوطة يبقى معنديش مشكلة.
شروق وهي تحتضنه بقوة وسعادة:
-إنتَ أحسن زوج في الدنيا.
افتعل "عِمران" الألم وراح يردد بنبرة مُتألمة:
-ما تدوسيش جامد، كلاويا اتبططت!
شروق بضحكة مستهزئة:
-كلاويك اتبططت؟!
انطلقت منه ضحكة طويلة وهو يومىء برأسه قائلًا:
-كليتاي، اللي على جنب دول، عارفاهم!!
شروق بابتسامة بلهاء:
-أه خدتهم في ابتدائي، تصدق وتؤمن بالله!!
عِمران بضحكة مكتومة:
-لا إله إلا الله طبعًا.
أجابته بغيظ:
-أستاهل ضرب البُلغ إني حضنتك علشان كُل الحوار دا!
رفع "عِمران" أحد حاجبيه ثم قال بضحكة ماكرة:
-يعني كلاويا مضايقاكِ وبُلغ دي من القاموس الإسباني!
انفجرت ضحكة طويلة منها؛ فتابع هو بشكٍ:
-جبتي بُلغ دي منين يا هانم!
شروق بصراحة قاتلة:
-وَميض.
عِمران وهو يضرب كفًا بالآخر:
-أنا قولت هي بزرميط مفيش غيرها طبعًا.
شروق بتحذير:
-اوعى تقول لها الاسم دا قُدام جوزها، دي محرجة عليا وقالت لي لمي جوزك.
برق بصدمة وقال متوجسًا:
-قالت لك لمي جوزك؟!!
رأرأت "شروق" بعينيها بعدما أدركت حجم الكارثة التي فعلتها، تنحنحت بتوجسٍ وقالت:
-يا جدع خليك فرفوش كدا.
عِمران وهو يضغط أسنانه:
-قعدتك مع بزرميط هتخليكِ مُتشردة زيها، دا ربنا يعينه ابن عمك على البلاء الأزلي دي.
•~•~•~•~•~•~•~•
-يعني إنتِ عايزة أيه تاني؟!! الراجل جاب لنا شقة مفروشة من مجاميعه وكتبها باسم بنتك ولو عليه عايز يشيلنا على راسه، إنتِ أيه مفيش حاجة بترضيكِ أبدًا!!
أردف "علَّام" بضيقٍ وانفعالٍ وهو يتحدث إلى زوجته داخل المطبخ؛ فيما تابعت هي بنبرة نارية حاقدة:
-مفيش حاجة هترضيني من الشخص دا غير بُعده عن بنتي.
علَّام بضيقٍ:
-هو صاحبها يا سُهير، الراجل بقى جوزها، بلاش تخاريف بقى وارحميني!
سهير وهي تضغط على أنيابها ثم تقول بصوت مُرتفع قليلًا:
-لعلمك بقى الإنسان دا مش خير لبنتي أبدًا، دا شخص مُتطرف وفكره إرهابي وماكنش يناسب بنتنا من الأول.
وضع "علَّام" سبابته أمام وجهها ثم أردف بلهجة شديدة هامسًا بصوت خافتٍ:
-شششش، أولًا وطي صوتك وثانيًا التطرف والإرهاب والتعصب دول في عقليتك إنتِ وحُكمك على الناس، ولعلمك يا سُهير يا اتكلمتي في الموضوع دا تاني فأنا بنفسي اللي هروح أقول لها عن كُل حاجة بالحرف وإن تليد له فيها أكتر مننا، سامعاني؟
في هذه اللحظة وجداها تدخل إلى المطبخ وهي تنظر إليهما في حيرة واستغراب ولكنها مُتأكدة تمامًا أنهما يتجادلان كعادتهما، اِبتسمت بهدوء وسألت:
-إنتوا أكيد مش بتتخانقوا صح؟!
سُهير وهي تبتسم وتقول بهدوء:
-لأ يا قلب أمك بنتكلم عادي، المهم إنتِ مانمتيش ليه عندنا يوم طويل بكرا؟!
وَميض بملل:
-جُعت ومش جاي لي نوم.
سُهير بتفهمٍ:
-استني أعمل لك حاجة تتعشي بيها.
علَّام وهو يقطع حديثهما مُغادرًا:
-طفي على الشاي، نفسي اتسدت.
زوت ما بين عينيها ثم أردفت تتوجه بالحديث إلى والدتها:
-مفيش داعي يا ماما لكُل دا، أنا هعمل سندويتش سريع كدا وكوباية نسكافيه، روحي إنتِ ريحي.
سُهير بإرهاق:
-عندك حق ولسه بكرا يومنا طويل أوي، المهم جبتي مفاتيح الشقة من جوزك علشان نرص الهدوء في الدواليب بكرا، معادش فاضل وقت عايزين ننجز!
استغربت "وَميض" من استسلام والدتها للزواج فجأة حتى أنها نعتته بزوجها، أومأت تؤكد أنها تلقت المفاتيح منه صباح هذا اليوم حينما جاء بهم إلى شقتهم الجديدة بعد أن أوصى بفرشها بأثاث كاملٍ وقيم وقد أخبرها أن تذهب إلى شقة الزوجية كي تضع ملابسها ومستلزماتها الشخصية في مكانها وأن تتأكد من أن الشقة جاهزة من كُل شئ وإن نقص شئ تُدونه كي يأتي به، تنهدت بعدما غادرت والدتها ثم أجرت اتصالًا بصديقها وِسَام لاستكمال حديثهما الي بدأ قبل ساعة.
-ها، أكلتي؟!
أردف يسألها بتعجب فيما تابعت هي بنبرة حانقة:
-وِسَام، ماما فيها حاجة غريبة جدًا، دي قالت على تليد إنه جوزي!!!.. تفتكر بالسهولة دي تقبلت الموضوع؟!!
وِسَام بضحكة مستهزئة:
-طبعًا لأ، أكيد أمك بتخطط لحاجة.
وَميض بحيرة:
-مش عارفة بقى، المهم إنتَ مُتأكد إن خطة الغيرة دي هتضايقه وهتخليه يصرف نظر عن الجوازة في ظرف يومين؟!!
وِسَام بثقة:
-يا ماما دي خطة فعالة عن جدارة، إنتِ عارفة يعني أيه تطلبي إنك تديري له كُل حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي خاصةً إن الحسابات دي عليها ملايين، طبعًا هيرفض، وقتها بقى كلمي واحد صاحبي هكر وساوميه على الحسابات دي إما يبلغ أبوكِ إنه لغى الجوازة أو اسرقي كل تعبه على مدار سنين.
لمعت عينيها بوميض انتقام من جودة الفكرة التي ستجعله حتمًا يختار حياته العملية التي على وشك الضياع وتتخلص هي من هذا الزواج للأبد، في هذه اللحظة وجدت شاشة هاتفها تُنير باسمه، أسرعت بإنهاء الاتصال مع صديقها والشروع في تنفيذ الخطة.
-ألـــو.. قصدي السلام عليكم.
تليد بجمود:
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كُنتِ بتكلمي مين؟!
توترت نبرتها وهي تقول بتلعثمٍ:
-دينا زميلتي في الشغل.
قالت كلماتها بتوجسٍ وهي تخشى أن العفاريت التي معه تُخبره بالحقيقة كما تقتنع، تنهد بهدوء ثم رد:
-هحاول أصدقك يا أُترُج، بس خليني ألفت نظرك لآية صُغيرة كدا في القرآن ممكن متكونيش بتاخدي بالك منها.. "ولا مُتخذات أخدان".. يعني المُسلمة ماينفعش يكون ليها صداقة مع ولد ولا الولد يكون له صداقة مع بنت.
وَميض بغيظٍ:
-بس أنا بقول لك إن دي دينا صاحبتي، أيه بقى لازمته الكلام دا؟!!
تليد بنبرة لينة هادئة:
-تذكير يا ستي، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
تنحنحت لوهلة قبل أن تقول بحسم:
-تمام، بما إني بقيت مراتك فمن حقي أمسك لك إدارة كُل حسابات على السوشيال ميديا، مش كدا ولا أيه؟!
أطلق "تليد" ضحكة نازحة وقال:
-لأ مش من حقك يا روحي، لازم ندي العيش لخبازه وبعدين معايا ناس ماسكين الإدارة ودا أكل عيشهم، أجي أنا بكُل سهولة وأقول لهم طريق السلامة إنتوا علشان مراتي هتدير حساباتي، عيب أوي يعني!!
وَميض بغيظٍ تصك أسنانها حانقةً:
-إنتَ شايف كدا؟!
تليد بصوت رزين:
-أه يانِن عيني، سلام دلوقتي علشان سايق، هوصل البيت وأكلمك أطمن عليكِ قبل ما أنام.
وَميض بغيظٍ:
-سلام.
أغلقت معه ثم قررت سَلك الخطة البديلة فورًا ووضعه أمام الأمر الواقع، قامت بتدوين رقم صديق "وِسَام" الذي سوف يساعدها في اختراق حسابات الأخير وقد ارتسمت اِبتسامة مكرٍ على شفتيها وما هي إلا ثواني حد أجرت الاتصال به وهي تقول بثبات:
-أستـــاذ تامر معايا!!!!!!!!
•تابع الفصل التالي "رواية رحماء بينهم" اضغط على اسم الرواية