رواية ذلك هو قدري الفصل السابع والعشرون 27 - بقلم موني عادل
الفصل السابع والعشرون
ذلك هو قدري
بعد ان تسأل سليم عن شروطه نظر اليه فارس بوجل وقال بفظاظة
(( عليك ان تأتي انت و عائلتك وتطلب يدها من جديد وتقيم لها حفل زفاف هنا بالحي حتي لا يسئ احدا لسمعتها بكلمة فمن الصعب عليا ان اخبر الجميع بان شقيقتي عادت للمنزل متزوجة فالسنة الناس لا ترحم وكلا منهم سينسج قصة حسب رؤيته لذلك اريد منك ان لا تخبر احد بشأن زواجك وتأتي لتتزوج منها بشكل طبيعي يظهر الامر امام الجميع بانه زواج حقيقي خوفا عليها من كلام الناس فأنا افعل ذلك من اجل سمعتها .))
حاول عقله ان يواسيه ويلهمه التعامل معه بصبر فهو علي حق في كل ما قاله وهو لا يريد لمي ان تتعرض للقيل والقال فشمخ بذقنه بعزة ثم قال بزهو
(( موافق ولكن فلنسرع ما هو انسب وقت لاحضر عائلتي .))
حدق فارس بعينيه الحالكتين في عمق عينيه ثم قال ببرود
(( احضر عائلتك غدا مساءا لنتفق علي كل شئ فلا داعي للتأخير .))
زم شفتيه يكتم الكثير من المشاعر بداخله كان لديه امل ان ياخذها لمنزله اليوم ولكن عليه ان ينتظر عدة ايام اخري فهدر بملامح جامدة
(( سنتأتي علي الموعد .))
ساد صمت تام بينهما بعد حديث سليم حيث كان كلا منهما تعبا فلم يحاول احدا ان يقطع الصمت فدار سليم ببصره يبحث في المنزل بعينيه لعله يراها ويطمئن عليها فلم يتفوه فارسب شئ اخر فما يزيده بانه اكثر تعبا واثقل قلبا من ان يتحمل شيئا اخر .
في منزل كريم تنهدت يارا بعنف واشفقت علي حالها لتنقلب ملامحها حسرة علي نفسها فوجدت نفسها تكمم فاهها بيدها لتمنع رغبة بكاء تتصاعد من اختناق نفس متألمة قبل ان تدفن وجهها بوسادتها وتجهش في البكاء وهي تستمع لصوت شجار والدتها مع خالتها في الخارج وقفت والدتها مكانها تنظر لشقيقتها بجمود ثم قالت بنبرة نارية
(( اذا كان ولدك علي علاقة بفتاة اخري ويخطط للزواج منها فلما اتصلتي بي واتفقتي معي علي الحضور لعندك انا وابنتي بحجه انني اتيت للفحص الطبي ليكون هناك فرصة ليتعرف ولدك علي ابنتي عن قرب لما لم تخبريني فلم يعجبني الموقف الذي وضعتني انا وابنتي به ولن اسامحك عليه .))
تغضن جبين والدة كريم وتجهمت ملامحها وقالت متعجبه
(( لم اعلم بانه يحب فتاة اخري ويريد الزواج منها لم يخبرني مهما ضغطت عليه وعندما قررت ان اضغط عليه اكثر واخبره بأنني سأكون غاضبة منه ان لم يستمع لحديثي ويتزوج تواصلت معك واخبرتك ان تأتي وتحضري يارا معك لعله يري جمالها ويتعرف عليها من قريب فتستطيع ان تجعله يتراجع عن قراره بعدم الارتباط ووقتها سعادتي لن يضاهيها شيئا لانه سيتزوج من ابنة شقيقتي فلم اكن اعلم بمخططه بالزواج من فتاة اخري لا اعرفها .))
عقبت والدة يارا ببرود وهي تكمل توضيب حقيبتها
(( ليس هناك مجالا للحديث مبارك لكريم سارحل صباحا انا وابنتي فيكفي ما لقيناه من اهدارا بكرامتنا .))
ضاقت ملامح الاخري واستدارات تسب كريم لعدم اخبارها برغبته بالزواج من تلك الفتاة فلما لم يخبرها منذ البدايه فلو اخبرها لكانت ارتاحت ولم يكن ليحدث كل ما حدث وتغضب منها شقيقتها بتلك الطريقة اتجهت لغرفته بغضب جلي وفتحت الباب دون استأذان لتجده يتحدث مع صديقا له عبر الهاتف نظر اليها كريم بهدوء فانزل الهاتف عن اذنه بعد ان قال لصديقه
(( سأنهي المكالمة الان ونتحدث فيما بعد .))
ما ان استمع لرده انهي المكالمة وانزل الهاتف يكظم غيظة بصعوبة من طريقه اقتحام والدته لغرفته فقال متسائلا
(( ما الامر هل فعلت شئ ليجعلك تقتحمين غرفتي بتلك الطريقة دون الطرق علي الباب ربما كنت عاريا وابدل ثيابي .))
كتفت والدته ذراعيها هادرة وهي تشمخ بذقنها
(( حقا لا تعرف ما فعلته لتقف امامي وتسأل بهدوء ما الامر لقد تسببت بمشكلة كبيرة بيني وبين شقيقتي .))
اخفض راسه فرفع يده يمسح علي جبينه وهو يقول بملامح مستهجنه
(( امي هل اخبرتك من قبل بأنني اريد الزواج من يارا انتي من تصرفتي واردتي ان تضعينني امام الامر الواقع لم تسأليني يوما عما اريده تتصرفين من راسك اتركيني اعيش حياتي كما اريد واختار زوجتي بنفسي .))
قالت والدته بإزدراء ساخرة من حديثه
(( حسنا لن اتدخل في شئ لك منذ اليوم ولكن لا تنسي ان تدعوني في حفل زفافك .))
ثم غادرت المكان وسرعان ما تجلي الاحباط والبؤس علي وجهها بينما هو قد ظن بانها ما ان تستمع لذلك الخبر ستفرج وتطلب منه الاسراع واتخاذ خطوات سريعة للزواج منها في اقرب وقت نظر للهاتف في كفه ينتظر اتصالها بتخبط وفي داخله دوامات تستعر بالغضب ..
كانت نورين جليسة غرفتها فلم تغادرها علي مدار اليوم تفكر في حديث كريم لها ليقطع عليها وصلة تذكرها لما حدث نور عندما فتحت الباب ووقفت امامها تقول بقساوة
(( تحدثتي مع كريم واخبرتيه بقرارك ام مازلتي لم تفعلي فلتنهي الامر واخبريه بقرارك ايا كان لتخرجي من تلك الحالة التعيسة .))
تحرك حلق نورين بإرتباك وهي تفهم مخزي سؤال تؤامها فهي لا تريد منها ان تعطيه موافقتها تريدها ان ترفض وتفكر في مستقبلها وبناء حياتها العلمية والمهنيه اولا ثم تفكر في الزواج بعدها فقالت بصوت مكتوم
(( ليس بعد افكر واحسم الامر ثم ساتصل به واخبره بقراري .))
تحشرجت نبرتها في اخر كلماتها لتشعر بقلبها داخل صدرها ينبض بشدة فاشاحت بوجهها بعيد عنها حتي لا تقع تحت تأثير نور فتستطيع اقناعها بما تريد منها ان تفعله في تلك اللحظة فقالت ببرود مزيف
(( نور هلا تركتني اقرر بمفردي دون ان تتدخلي وترغميني علي شئ .))
رمقتها نور بنظرة معاتبة فعتابها قد مزق قلبها ولكنها تحلت بالثبات لبضع لحظات وسرعان ما نكست وجهها ثم اغمضت عينيها تمنع دموعها التي تخونها للتحرر من محبسها رمقتها نور بالم قبل ان تدمدم بقهر
((لم اكن لاضغط عليكي اردت الاطمئنان عليكي ومعرفة اذا وصلتي لقرار ام لا فكري وقرري بمفردك ولا تقلقي فلن اتدخل .))
تقبضت يدا نورين واردفت بصوت مرتجف
(( لا تغضبي مني فأنا مشوشة واريد ان افكر جيدا قبل كل شئ .))
اومأت لها نور والتفتت دون ان تتكلم ناحية فراشها تتوسده وهي تحاول اخفاء قهرها من حديث تؤامها ومشاركتها افكارها فامسكت كتابا وجلست تقرأ فيه ولكنها لم تكن تفقه شيئا من حزنها وقلة تركيزها فيما تقرأه.
بعد ان اخذت نورين وقتها في التفكير امسكت هاتفها بتردد تنظر اليه بتوتر وارسلت لكريم رسالة نصية تخبره بقرارها وبما توصلت اليه بعد تفكير عميق طالعتها نور بألم تهز راسها بحزن علي تفكير شقيقتها فلقد فهمت مغزي تلك الرسالة من هيئتها ولكنها لم تتدخل وتسألها عن محتواها فلقد قررت عدم التدخل وتركها لتقرر بنفسها دون ضغط منها ..
اوصل مالك زوجته للمنزل وغادر سريعا ليذهب لعمله دخلت ملاك المنزل لتجد حماها جاسا يارب شيئا في التلفاز فاقتربت منه تلقي عليه التحية ليجيبها بإبتسامة بشوشة وتحدث بوقار يقول
(( كيف حال عائلتك ..هل الجميع بخير؟))
هزت راسها بالايجاب ولم تلحق ان تجيبها بسبب دلوف حماتها وهي تقول
(( مبارك لشقيقتك سمعت بانها اوقعت شابا غنيا في شباكها واستطاعت ان تجعله يتزوجها دون علم احد .))
تنحنح زوجها مكانه يجلي صوته ثم قال بوجه غاضب
(( اخبرتني بانك لن تتدخلي في شئ لا يعنيك و انك لن تضايقين زوجة ولدك مجددا ولكنك لن تتغيري مهما حاولتي فمن به داء لن يشفي بدون دواء .))
بينما اكفهر وجه ملاك ونكسته لتشرد بنظرها المعذب بعيدا قبل ان ترد بإبتسامتها الشاحبة
(( كيف وصلت إليكي تلك الاخبار .))
وضعت ساقا فوق الاخري وهي تقول
(( لا يهم كيف ولكن اليست حقيقة .. ملاك انا لا احمل اية ضغينة تجاهك ولكني اخشي علي ولدي من مشاكلك انتي وعائلتك واخشي علي سمعته في وسط اصدقائه .))
ضرب زوجها كفا باخري وبالكاد امسك نفسه من شدة غيظه ورغبته في خنقها بينما ليال تجلت الصدمة علي وجهها للحظات وطلت عيناها بنظرات مصدومة صارخة وحين طال الصمت بصورة ثقيلة قال حماها بخفوت
(( لا تحزني حبيبتي فوالدة زوجك لم تقصد شيئا بحديثها اصعدي لغرفتك الان وارتاحي حتي يعود مالك .))
وقفت بصعوبة تشعر بان قدميها لا تحملانها تفكر في حديث حماتها هل تقصد بحديثها هذا ان تترك مالك وتنفصل عنه عند هذا الاستنتاج رفرفت ملاك بعينيها بصدمة وارتمت علي فراشها تدفن وجهها به تبكي علي حظها العاثر الذي اوقعها في والدة زوج تكرهها وتريد ابعادها عن ولدها باية طريقة ..
دخل فارس لغرفته فوجدها واقفة أمام المرآة تمشط شعرها تحاول ان تغير من تسريحته المعتادة فأقترب منها لتترك ما بيدها والتفتت تنظر اليه وهي في كامل حسنها وبهائها فطالع شعرها بعبث وهو يقول بتسلية غيري رده فعلها
(( يبدؤ سخيفا احبه كما هو ولكن اهتمامك في ان تغيري في مظهرك من اجلي يجعل قلبي يخفق .))
تمتمت ليال بوهن من تصريحه وهي تضربه بخفة بقبضة يدها من شدة غيظها بسبب احراجه لها
(( هل هو بتلك البشاعة التي تجعلك لا تستطيع مجاملتي .))
شابت نبرته التسلية وهو يقول
(( بالطبع لا .... يعجبني كثيرا فأنا امزح معك .))
نظر في عينيها بشغف وهو يقرب وجهه لها فزمت شفتيها تبادله النظر قبل ان تشعر به يندفع نحوها ويعتصرها بعناق قوي .. شدد من قوة عناقه فكاد يرجع عظامها لكن الالم والوجع في القلب فوق كل احتمال فهي تشعر بما يعانيه فتمتمت له بعذاب وحرقة
(( لو تصدق فقط كم اشتاق اليك حتي وانت تعانقني .))
افلت فارس زمام ثباته عن مشاعره فابعدها عنه قليلا ونظر اليها بوجه المحتقن بالمشاعر ليقول بإهتمام
(( أنا أيضا أشتاق اليكي كثيرا فهل اخبرتك من قبل بأنني احبك .))
هزت راسها نفيا وهي مشدوهة بكلامه فأصابتها الدهشة عندما حملها واخذ يدور بها بسعادة وهو يقول بشغف
(( احبك يا ليال اقسم بأنني احبك .))
ملأت ليال رئتيها بالهواء وزفرته سريعا في محاولة يائسة للسيطرة علي مشاعرها وانفعالات جسدها فاردفت معاتبه
(( اخيرا قلتها انتظرتك طويلا لتنطق بها واشعر بأنك تعنيها حقا فارس لقد احببتك في طفولتي واحببتك وانا فتاة مراهقة تتخبط في الحياة واحببتك اكثر وانا شابة استطيع التميز بين الحب والاعجاب فاغلقت قلبي وانتظرت منك كلمة واحدة تروي ظمأ قلبي ليلعب القدر لعبته واجد نفسي زوجتك ليزداد حبي لك ويتضاعف وانا زوجتك واحمل اسمك ..))
اجتذبها إلي حضنه يضمها بشدة اليه بينما هي كانت تشعر بالطمأنينة والأمان فشددت من احتضانه تتشبث بملابسه كم تحتاجه بجانبها وتتمني ان يتخذها صديقة يتودد اليها كلما ضاق به الحال تريد بالا تنتهي تلك اللحظة وينتهي هذا القرب المحبب الحاني بقيت يستمدان من بعضهما عاطفة صامتة وفي داخلهما تطوف المشاعر متبعثرة ..جياشة .. ثائرة بداخل كلا منهم لتكون ابلغ من كل تعبير حملها بين ذراعيه وجعلها تتوسد الفراش واستلقي بجانبها غامرا اصابعه بشعرها يستمتع معها بلحظات اشتياق سرقتها أيام من الجفاء والنبذ ..
خرج معتز من غرفته يتنهد ببؤس فهو يضطر بسبب إصابة قدمه أن يظل في المنزل ممسكا بعكازه لا يخرج ولا يرفه عن نفسه راي والدته جالسه علي الاريكة في الصالة شعر براحة عجيبة تتسلل اليه فكم تحركه فما ان شعرت به رفعت وجهها تنظر اليه بعاطفة ليجلس بجوارها علي الاريكة لتتكلم وهي تمسد علي ذراعه تسأله بنبرة حنونه
(( سأجهز لك الطعام فلم تأكل شيئا طوال اليوم .))
ابتسم معتز لوالدته وهو يجيبها
(( ليس الان فأنا لست جائع .))
نظرت اليه بتردد تريد قول شيء ليقول معتز بخفوت وهي يدعك جبينه اثر الصداع الذي بدا يداهمه بسبب انهياره ونومه لوقت مطول
(( أي قولي ما لديك بلا تردد .))
اعتدلت والدته في جلستها تقول بنبرة جاده
(( أريد ان ازوجك في اقرب وقت لفتاة من اختياري فما رايك ... لقد رايت فتاة تعجبني كثيرا اريدها ان تكون من نصيبك لتكون هي العوض لك عما عانيته .))
ضاقت ملامح معتز فكان جسده يقشعر كأنه يكره الامر فتقبضت يديه بعجز ليردف بصوت مرتجف
(( امي لا اريد التحدث في الامر مجددا فانا لا اريد الزواج علي الاقل في الوقت الحالي فهلا تقبلتي رغبتي .))
أخذت دموعها تسيل لا اراديا وهي لا تصدق أن تصل معانة ابنها لذلك الحد حتي يرفض الارتباط مجددا فقالت بحزن
(( هكذا تكسر بخاطري .))
مال يقبل كفها تارة ويقبل راسها تارة اخري وهو يعتذر منها فابتلع غصة مسننة استحكمت حلقه فغمغم
(( لا عشت ولا كنت فلم اقصد كسر خاطرك ولكني لا استطيع تقبل فكرة الزواج الان فما زلت مجروحا وكرمتي كرجل لم الملمها بعد فاعطيني بعض من الوقت لأتعافي اولا ويشفي قلبي مما حدث معي ثم انا من سيأتي ويطلب منك البحث عن عروس ..))
فين المتابعة والتصويت يا بنات بجد الوضع كدا مش محبوب خالص 😪
............................
كانت تجلس في غرفتها تنتظر عودته وحديث والدته يدور في عقلها والحزن مرتسم علي وجهها تشعر بأن وجنتيها ملتهبتان من كثرة بكائها استمعت لصوت سيارته الذي يعلن عن وصوله شعرت بالتوتر والخوف وكأنها ارتكبت ذنبا شنيعا فرفعت اناملها تمحي دموعها بقوه حتي لا يرئ أثارها علي وجهها فما ان دخل للغرفة حتي انسابت الكلمات من بين شفتيها بصوت مرتعش مستنكر وهي تقوم من مكانها نحوه
(( مالك أرجوك أريد ان احصل علي الطلاق .))
تجلت الصدمة علي وجهه للحظات وطلت عينيه نحوها بنظرات مصدومة صارخة وعندما طال الصمت بينهما بصورة ثقيلة ومخيفة تحدث اخيرا بنبرة متشككة
(( ما بكي ! هل هذه مزحه .))
غمغمت ملاك له ببراءة
(( لا ليست مزحة فتلك رغبتي وارجو منك أن تلبيها من أجلي .))
انهار صوتها في نهاية جملتها وعندما لم تنحسر ملامحه ابدا او يعترض علي حديثها فهزت وجهها تقول بوجه شاحب
(( وافق ارجوك فأنا لا استطيع البقاء معك اكثر.))
ظل مالك ينظر لها بوجه مقتضب متبلد لا يجيب عليها بينما يجدها تقف أمامه لتقول هي بعد فترة طويلة وهي تهمس بصوت ملتاع
(( لماذا لا تجيب ؟))
لم يجد قدرة اكثر علي الثبات وانفجر فجأة ضاحكا بصوت عالي هز قلبها الصغير البائس ليستطرد من بين ضحكاته
(( لا أريد مزاحا من هذا ثانيا فلا تفتحي سيرة الطلاق حتي ولو كان مزاحا .))
رمته بنظرة متشتته ثم قالت بصوت واهن ضعيف
(( ولكن انا لا أمزح .))
خفتت ضحكاته تدريجيا بتعب ليقول بانفاس مسروقة
(( ماذا تقصدين ؟ أحقا تريدين الطلاق .))
ارتفع صوته في اخر حديثه فلم تجيبه وظهر الارتباك عليها فامسك يديها وقال بصوته الاجش
(( ما الذي حدث ليجعلك تطلبين الطلاق اخبريني حبيبتي فكلانا يعلم بان هناك امر ما وراء طلبك هذا . ))
كانت تعانق عينيها بعينيه فزفرت ملاك انفاس مرتعشة وقالت بلوعة
((لم يحدث شئ فهذا لانني أحبك واخشئ ان يأتي يوما وتتركني لانني لا اليق بك .))
لوهلة احتلت الصدمة محياه وأربد كيانه ..أتعترف بحبها ..أقشعر بدنه لرجفة صوتها وهي تردف بألم
(( ان لم تطلقني الان فلتعدني بانك لن تتركني ما دمت حيه .))
ذاب قلب مالك علي الحزن والذعر المرتسم علي وجهها وقد اتضحت الرؤية أمامه واستنتج بان والدته ربما تكون ضايقتها بحديثها مجددا لذلك طلبت منه ملاك الطلاق فعليه ان يتخذ قرار حاسم ليردع والدته وتكف عن مضايقتها فقال بصوت متحشرج مفطور الفؤاد
(( اعدك حبيبتي بأنني لن اتركك ابدا ولكن لا تجلبي سيرة الطلاق مرة ثانية علي لسانك مهما يحدث بيننا .))
اكد عليها حديثه وهو يربت فوق شعرها يقول
(( فهمتي ممنوع التحدث عن الانفصال فانا لن افعلها ابدا فذلك مستحيل .))
ضمها اليه وهو يقول مبتسما
(( أنتي زوجتي و حبيبتي ومن تملئين حياتي بهجة فكيف تريدين مني ان انفصل عنك .))
همست له ملاك بصوت متخم بالعاطفة
(( أحبك .. أحبك يا مالكي ))
لم يصدق ما تسمعه اذناه فهي تعترف بحبها له للمرة الأولي ليشدد عليها بين احضانه ويقبل جبينها وقد برقت عيناه ونبض قلبه سريعا وهو يهمس لها بخفوت مؤثر
(( هل أنا بحلم ؟))
هزت راسها نفيا فتحرك يجلس علي طرف الفراش وهو يسحبها خلفه فجلس واجلسها علي قدميه يسحقها بداخل احضانه ثم تمدد علي الفراش وهي في داخل احضانه ففي هذا الوقت ظل الأثنان ملتصقان حتي ظن انها غرقت في النوم ليجفل علي صوت الطرق علي باب الغرفة حاول مازن أن يتحرك لينهض فحاول تحريك ملاك لابعادها عنه جفل علي صوت هتافها الحانق
(( لا تبتعد عني اريد النوم بين ذراعيك .))
رفرف بعينيه متلعثما
(( الباب .. هناك من يطرق الباب ساري من ومن ثم أعود .))
التفت مسرعا عندما ازداد صوت الطرق فأخذ يخطو ناحية الباب ففتحه ليقابله وجه والدته الغاضب لتقول بإستياء
(( الحق بي أريد التحدث معك في امر هام .))
قطب حاجبيه بإعتراض بالغ وزفر انفاسه وهو يفكر ما ذلك الامر الهام الذي تريد والدته التحدث معه بخصوصه في ذلك الوقت فهو مرهق ويريد ان يرتاح ولكنه تحرك خلفها ليجدها تدخل لغرفة مكتب والده فاتبعها ودخل واغلق الباب خلفه اشارت له بالجلوس فما ان جلس حتي قالت والدته بغضب عارم منفلت
(( الجميع يتحدث عن ما فعلته تلك المدعوة مي شقيقة حرمك المصون فلقد شوهت اسم عائلتي بزواجك من تلك الفتاة وعليك تنظيفه .))
ظل ينظر لوالدته وهو يفكر في حديث ملاك معه منذ قليل وطلبها للطلاق وقد تأكدت شكوكه بان والدته هي من وراء ذلك فقال بمرارة لاذعة
(( لا أستطيع ان انظف اسم عائلتك لانني لم اشوهه من الاساس اما بخصوصي أنا وملاك فلقد توصلت لحل سيرضيكي ويريحك كثيرا .))
سارعت ترسم ابتسامة له وهي تقول بحب ظاهري
(( كنت اعلم بأنك ستقتنع بحديثي وتنفصل عنها لتبتعد عن منزلي .))
سارع يقول وهو يهم واقفا
(( ليست هي من ستبتعد فقط .))
ضيقت والدته عينيها وهي تسأله
(( ماذا تقصد ؟))
هز راسه ببطء وقال مبتسما
(( اقصد بأنني انا وزوجتي سنترك المنزل سويا ونذهب للعيش في شقتي منذ الغد فانا لا يرضيني رؤيتك حزينة بسبب وجود زوجتي ورؤيتها امام ناظريك طوال الوقت .))
ادركت ما قاله فاذدردت ريقها بصعوبه وحاولت أن تتحدث فرفع كفه يمنعها من الحديث وعيناه ترميانها بسهام اللوم والعتاب الجارح فهو لم يكن ليفكر في شئ مثل هذا لولا معاملتها السيئة لملاك فهي والدته ولن يستطيع التحدث اليها بسوء فذلك هو اسلم حل ثم التفت مغادرا للغرفة .
وصل مالك لغرفته فرزع باب الغرفة بقوه واستدار ليجد ملاك جالسه نصف جلسة علي الفراش تطالعه بتحفز اقترب مالك خطوتين وجلس علي اريكة مقابلة للفراش فمال براسه يشبك انامله في بعضهما البعض وقت بشئ من الثبات
(( سنغادر في الصباح الي شقتي فتكوني علي اتم استعداد. ))
رفعت ملاك حاجبيها بإستهجان وترجلت عن الفراش سريعا تقول ببطء
(( لما ؟ هل تشاجرت مع والدتك بسببي .))
(( لا يهم ما حدث ..فذلك افضل لكلينا فعلي الاقل سيكون لدينا منزل خاص بنا .))
صدح صوتها عاليا
(( لا اريد .. فأنا لن اخرج من هذا المنزل لا اريد منزل لنا بمفردها اريد ان ابقي مع والديك حتي اذا كانوا لا يحبونني فانا لم اتزوج بك لاخذك منهم فانت وحيدهم .ارجوك اعطيهم بعض الوقت ليحبونني ويعرفون من انا جيدا .))
اسر الذهول ملامحه لدقيقة قبل ان يهتف حانقا
(( لقد قررت سنغادر صباحا اما بالنسبة لوالداي فسيظلوا والداي وسأتي لاراهم واودهم فلا تشغلي بالك .))
سارعت تعانقه بقوة وحب لتضغط عليه بينما تردف بتريث دون ترك معانقته
(( ارجوك لا تفعل لا اريد الذهاب لا استطيع روية حزنهم لمغادرتك منزل عائلتك لقد جربت شعور الحزن والالم كثيرا ولا استطيع ان اري احد يعاني .))
ابعد مالك زوجته بصعوبة عنه وتنحنح قبل أن يقول
(( حسنا سنبقي ولكن اذا حدث شئ اخر سنغادر دون ان اخذ رايك بعين الاعتبار .))
نظرت ملاك له بإمتنان وهي تهز راسها عدة مرات موافقة بينما في خارج الغرفة كانت والدته واقفة امام الباب وعلي وجهها ترتسم علامات الذهول فلقد كانت علي وشك طرق الباب والشجار مع ملاك واتهامها بانها سرقت ولدها منها وتريد اخذه لها بمفردها وابعاده عن منزل عائلته فجعلته يتحدث معها بطريقة غير لائقة فما ان رفعت كفها تريد الطرق استمعت لحديثهما وكم شعرت بالخزي من نفسها ومن ما اوشكت علي فعله فتساقطت دموعها وهي تري وتسمع بأذنيها بانها كانت مخطئة وحكمت عليها من واقع مكانتها ووضعها الاجتماعي استدارات تغادر وومضات تمر امامها لما اسمعتها لملاك من اهانات وتقليل منها ومن عائلتها فقررت بأنها ستتأخذها ابنة لها وتدافع عنها امام اي احد وبالاخص اصدقائها لانها هي من اعطتهم الفرصة للتحدث عنها وعن عائلتها بالسوء امامها بل كانت تشاركهم الحديث ظلت تبكي لفترة طويلة وهي تفكر لو كانت فتاة اخري مكان ملاك لوافقت اخذت زوجها واستقروا في منزل خاص بهما فلما ملاك تفعل ذلك معها ظلت تفكر كثيرا فلم تتوصل لشئ غير بأنها فتاة جيده عانت الكثير فلم تريد منه ان يجرب الم الفقد والبعد عن عائلتة ..
بعد مرور عدة أيام كان فارس في الورشة يعمل بجد وحبات العرق تتساقط علي جبينه استقام واقفا يلتقط انفاسه ورفع ذراعه يمحي حبات العرق التي تملئ وجهه فأخذ يتأمل المكان من حوله ثم همس بشئ من الذنب
(( هل انا السبب بوجودي في ذلك المكان أم هو معنز السبب لانه لم يتركني لاكمل تعليمي واتخرج واعمل في وظيفة افضل بكثير من وجودي هنا فبسبب ما مررنا به لم استطع ان ادخل امتحاناتي واحصل علي شهادتي .))
زفر انفاسه وهو يقول
(( لعله خيرا .))
لكن فجأة هتف صاحب الورشة بإعتراض عندما وجده واقفا ولم ينهي عمله بعد
(( فارس اذا كنت لا تريد ان اخصم من راتبك فأنهي عملك اولا ثم استريح قدر ما تريد .))
قطب فارس حاجبيه وأومأ براسه ثم اخذ يكمل عمله وهو يسب ويلعن كل شئ في حياته ولكنه يصبر نفسه بأنه سيأتي يوما وتترك السعادة بابه فينعم بالراحة وقتها ..
في المساء كانت مي قد ارتدت فستانا من اللون الزهري ووضعت زينة بسيطة علي وجهها بعد أن ضغطت عليها ليال فالليلة ستقابل عائلة زوجها للمرة الاولي وعليها ان تترك طباعا جيدا لديهم فكانت تدعك يدها بتوتر لا تعرف بأي طريقة سيتعاملون معها هل سيتقبلونها ويحبونها ام سيشمئزون منها ويبغضونها مثلما فعلت حماة ملاك معها لاول مره واظهرت امتعاضها وكرهها لملاك يومها وقفت بتوتر تفتح باب الغرفة نصف فتحة تنظر منه بهدوء لتري ما يحدث بالخارج ولكنها لم تري احد بينما بالمطبخ كانت ليال تجهز صينية الضيافة وما ان انتهت حتي خرجت من المطبخ قاصدة غرفة مي فما ان راتها حتي شهقت بلا تصديق وهي تغمز بإحدي عينيها قائله
(( حقا لا اصدق ما تفعلينه تحاولين استراق السمع .))
تجلت الدهشة علي ملامح مي ولوهلة لم تعرف بما ترد لكنها قالت بعد لحظات تلعثمت بإقتضاب
(( بالطبع لا فانا لم اقصد ان استرق السمع ولكني متوترة جدا ولا اعرفه ما علي فعله .))
ابتسمت لها ليال بحنو وقالت
(( هيا الي المطبخ لتخرحي بصينية الضيافة .))
عقدت مي حاجبيها فجاة كأنها تذكرت شيئا لتتسأل
(( هل ساضع صينية الضيافة واغادر ام ساجلس معهم .))
في اثناء حديثهما وصل فارس اليهم فكان يشعر بشيء من الاعياء ولكنه قال وهو يطالع مي بسعادة غامرة وعاطفة عارمه
(( لما انتم واقفون هكذا ولم تقدموا شيئا حتي الان .))
رفعت مي انظارها نحوه تقول بإبتسامة
(( اذهب وانا ساجلبها علي الفور .))
تجلي تأثر عاطفي علي وجهه فارس فقال
(( مبارك لك .))
وانسحب سريعا دون ان يعطيها فرصة لتجيب عليه ولكن حديثه معها اشرق وجهها وشعرت بمزيج غريب من الترقب والفرح .
دخلت للمجلس تحمل بين يديها صينية الضيافة وليال تتبعها تلقي عليهم التحية بصوت منخفض بعض الشئ لتتوجه كل الانظار اليها فاخذت توزع الضيافة وجلست علي مقعد فارغ بجوار والدة سليم
وضع سليم الكوب علي الطاولة عقب أن ارتشف منه والتفت لفارس يقول
(( المهم الان لنعد لموضوعنا الذي تحدثنا فيه سابقا .))
لم يجيب فارس وأظلمت ملامح معتز فجأه فقال بغضب
(( تحدث بوضوح وقل ما لديك لنفهم جميعا ما تريده وليكن كل شئ واضح امامنا فما الذي تستطيع تقديمة من اجل شقيقتي .))
اضطربت ملامح سليم فلم يتوقع أن يغضب شقيقها بهذا الشكل فهو لم يقصد شيئا فحانت نظرة من سليم بإتجاه والده يحثه علي التدخل والتحدث بشئ فاخذ والده نفسا عميقا قبل ان يتطلع ناحيه شقيقيها يقول بهدوء
(( اهدي يا بني فسليم لم يقصد شيئا سيئا لقد اتينا اليوم لنطلب يدا ابنتكم للزواج من ولدي سليم وكل ما تريده العروس مجاب فما عليها الا ان تؤشر فقط وكل طلباتكم اوامر. ))
ما ان انتهي زوجها من الحديث حتي رفعت والدة سليم كفها تربط علي كتف مي ومرت شبح ابتسامة علي وجهها مردفة
(( ماشاء الله ما اجملك تبدين مثل القمر .))
ابتسمت مي بتوتر ونكست راسها من شدة حرجها فقست نظرات معتز وهو يطالع نظرات سليم التي يرمق بها مي فكادت ان تنفلت اعصابه لولا انه تذكر بانها زوجته وان كل ما يحدث الان من اجل ان يتجنب حديث الناس بالسوء عنها وان يعزز من شأنها امام عايزة زوجها فهدأ قليلا وابعد ناظريه من علي سليم وقال بخفوت لليال
(( خذي مي واذهبوا للداخل))
فاومات له ليال بطاعة واشارت لمي فوقفت مي تستاذن للمغادرة وجلسوا معا يتفقون علي موعد اعلان الزواج وحفل الزفاف في القريب العاجل لتتصاعد صوت الزغاريد عاليا وتحتضن ليال مي بحب ما ان استمعوا لصوت الزغاريد وهي تتمني لها حياة زوجية سعيدة ..
•تابع الفصل التالي "رواية ذلك هو قدري" اضغط على اسم الرواية