Ads by Google X

رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الثامن والعشرون 28 - بقلم تسنيم المرشدي

الصفحة الرئيسية

 رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الثامن والعشرون 28 - بقلم تسنيم المرشدي 

«حرِر هَوَاك فَالحُب بَات مُعلنا»
«الفصل الثامن والعشرون»

***
" أأيه يختي، أتقدملك!" 
هتف يوسف باستنكار تام بينما قابلته لينة بإصرار واضح: 
_ وإيه المشكلة؟ مش ربنا قال أدخلوا البيوت من أبوابها، مش عايز تدخلها ليه يا أستاذ يوسف ولا أنت بتاع تسلية وبس 

جحظت عيناي يوسف بصدمة بينما لم يصمد زياد أمام ذاك الهراء وانفجر ضاحكاً، ناهيك عن ذهول السيدة ميمي وهي تتابع حوراهما العجيب، في حين أن علي يجلس يشاهد ما يحدث بغرابة. 

صاح يوسف عالياً فكلماتها نجحت في إخراجه عن هدوئه: 
_ أتسلى إيه، إيه اللي أنتِ بتقوليه دا! أنتِ عبيطة؟ افهمي كلامك الأول وبعدين قوليه 

عقدت لينة ذراعيها بعناد وهتفت آخر ما لديها:
_ والله دا اللي عندي، لا تيجي تتقدم لي زي أي بنت لا تنسى الموضوع دا 

أوصد يوسف عينيه محاولاً الصمود قدر المستطاع، أنتبه الجميع على قهقهة زياد ثم تلاها حديثه الساخر: 
_ مش متخيل يوسف يروح يشتري ورد ويلبس بدلة ويجي يخبط على الباب اللي هو باب بيته عشان يتقدم لك، أو نروح بعيد ليه، هو يخرج من أوضته ويدخل يقعد في الصالون على ما أنتِ تجيبي الجاتو وتخرجي 

انفجر ضاحكاً وشاركه علي الضحك وكذلك السيدة ميمي، بينما هلل يوسف بتهكم: 
_ مش فاهم بجد إيه الهبل دا، على أساس إننا منعرفش بعض وبعدين عايزاني أتقدم لك أدينا فيها أهو، تتجوزيني؟ 

رمقته لينة شزراً وهتفت مستاءة:
_ إيه العبط دا؟ أنت تحدد يوم وتيجي لابس لبس رسمي وأنا لابسة دريس، وتجيب بوكيه ورد أحمر وشكولاتة، وتعرض عليا الجواز ووقتها بقى أنا أقولك سيبني أفكر 

"كمان!" 
صاح يوسف بعدم تصديق، ولم يكترث لصوت ضحكات الآخرين التي تدوي في المكان، حك ذقنه بشدة فلقد نفذ صبره على تحمل ذاك الهراء، ابتلع ريقه وهدر: 
_ بالله عليكي لو كان مقلب انهيه عشان جبت أخري.

نهضت لينة وبنبرة واثقة قالت:
_ لا مش مقلب ودا اللي عندي ولا أنا مشبهش يا سي يوسف؟

حمحمت قبل أن تضيف:
_ حدد ميعاد مع أخويا واتفقوا، عن إذنكم 

غادرتهم وعادت إلى الغرفة تحت نظرات الجميع المذهولة، تبادلا يوسف وعلي النظرات ثم هتف علي:
_ والله ما أعرف حاجة عن الهبل اللي قالته دا هي قالتلي تعالى عايزة أتكلم معاك في موضوع

أطلق ضحكة ساخرة وأضاف:
_ مكنتش أعرف إن الموضوع هيكون كدا 

تأفف يوسف بنفاذ صبر فتدخلت السيدة ميمي محذرة إياه:
_ إهدى شوية يا يوسف العصبية دي مش كويسة عشانك أنت نسيت الدكتور قال إيه؟

رمقها لثوانٍ وهدر: 
_ أنتِ مش شايفة هي بتعمل إيه؟

"بتدلع، وبعدين لما أنت مش قد الدلع من دلوقتي هتعمل إيه بعد كدا؟"
أردفتهم ميمي مازحة بينما نهض يوسف عن كرسيه فتسائلت بفضول:
_ رايح فين؟ 

باستهزاء أجاب: 
_ ألحق بقى أحجز الورد والجاتو 

انفجر ثلاثتهم ضاحكين، بينما لم يكف يوسف عن التمتمة بينه وبين نفسه، بدل ثيابه بأخرى وغادر المنزل، لم يريد القيادة فمازال هناك أثراً لدوار رأسه يحضر وقت الجهد. 

فلم يتردد في مهاتفة بلال، لم يجيبه فأعاد تكرار الإتصال حتى أجاب الآخر فصاح يوسف معاتباً: 
_ أنت فين يابني ومبتردش ليه؟ 

بنبرة جامدة قال: 
_ عايز حاجة؟

شعر يوسف بالغرابة حياله، فتحدث متسائلاً: 
_ مالك في إيه؟ 

"مفيش يا يوسف، أنت محتاج حاجة؟"
كان رده بنفاذ صبر، أجابه يوسف قائلاً:
_ كنت رايح مشوار وكنت عايزك معايا بدل ما أسوق أنا.. 

أردف مختصراً: 
_ خمس دقايق وهتلاقيني عندك.. 

أنهى بلال المكالمة سريعاً، وقف يوسف على جانب حتى وصولة، بالفعل مرت خمس دقائق حتى ظهر بلال بسيارته، استقل يوسف بجواره ثم انطلق بلال خارجاً من المنطقة. 

"هتروح فين؟"
تسائل باستفسار حتى يعلم وجهته، التفت إليه يوسف وبإصرار واضح هتف:
_ أوقف عند أي قهوة تقابلك..

بادله بلال نظرات متعجبة قبل أن يسترسل مستاءً: 
_ انت كنت نازل تقعد على القهوة؟

نفى يوسف بحركة من رأسه وأوضح:
_ لا بس عايز أتكلم معاك شوية..

تفهم بلال الأمر الآن فهتف رافضاً: 
_ وأنا والله مش قادر أتكلم خ....

قاطعه يوسف بنبرة لا تحتمل النقاش: 
_لا هنتكلم يا بلال..

وقع نظر يوسف على إحدى المقاهي القريبة فأشار بيده نحوها: 
_ قهوة أهي، اركن عندها.. 

لم يكن أمام بلال سوى الرضوخ، على الرغم من رفضه التام للحديث لكنه على علم بإصرار يوسف، فلن يتراجع قبل معرفة الأمور ووضع حلول لها. 

جلس كليهما على كرسيان خشبيان ثم طلب يوسف إحضار كوبين من الشاي وبدأ حديثه بحدة: 
_ يلا اتفضل قولي حالتك دي من إيه ومش عايز لف ودوران يا بلال

طالع بلال الطريق أمامه وهتف: 
_ مش عارفة أتكلم، مش عارف أحكي أقول إيه! 

"إيمان، مش كدا؟"
هتف يوسف بثقة فنظر إليه بلال ثم أومأ، تنهد يوسف وقال: 
_ طب المشكلة عندك ولا عندها؟ مين اللي رافض التاني؟

تفاجئ بلال بكلمات صديقه، هل الجميع يدرك حقيقة الأمر أم أنه يوسف فقط!، ابتلع ريقه وتنفس بقوة قبل أن يجيبه:
_ أنت عرفت إزاي؟

تشكلت بسمة مستاءة على شفتي يوسف وقال:
_ لو مكنتش صاحبي وحافظك مكنتش فهمت..

عاد بلال ناظراً للطريق وهدر بتقزز شديد اتجاه ذاته:
_ المشكلة فيا أنا! 

صاح يوسف عالياً:
_ حلو اوي

رمقه بلال بنظرات مستاءة وهتف متسائلاً: 
_ هو إيه اللي حلو؟

علل يوسف ما يقصده:
_ أصل لو كانت عندها فأنا مكنتش هقدر أعملك حاجة، لكن طلاما مشكلتك هنقدر نحلها مع بعض 

عاد بلال بنظريه إليه واستند بذقنه على راحة يده مستنداً بمرفقه على الطاولة وقال: 
_ إزاي؟

ارتشف يوسف القليل من الشاي واسترسل بحكمة:
_ أنت شايف إن الموضوع يستحق تعيش كدا بسببه؟، جاوب جواك مش شرط تجاوبني، أياً كان اللي حصل مينفعش يتصلح؟ مينفعش تتغاضى عنه في سبيل إنك تعيش مبسوط؟ 

أنهى كوبه وواصل مالم ينهيه: 
_ فيه حاجة جدت عن اللي أنت كنت عارفها قبل ما تتجوزوا؟ 

كز بلال أسنانه ونفى وجود شيئ جديد، فكان ملماً بحقيقة الأمور من البداية ومع ذلك قَبُل أن يتزوجها، لماذا يرفضها الأن وكأنه متفاجئ مما حدث تلك الليلة؟ 

قطع يوسف حبال أفكاره بقوله: 
_ يبقى تحاول تصلح كل اللي ما بينكم وأفتكر دايما إنك قبلت بيها وكنت مبسوط واتغاضيت عن حاجات كتير، يبقى تتغاضى عنها تاني وتالت لغاية ما تنساها، والله العظيم الحياة ما تستحق كل الصراعات دي، أنت بتحبها أعمل المستحيل عشان تخلي علاقتكم كويسة.. 

حك بلال مؤخرة رأسه هارباً بنظريه عن صديقه وهتف بتردد:
_ هي راحت النهاردة عند مامتها...

رمق يوسف وتابع ساخراً: 
_ عايزة تقيم العلاقة وتعرف هنكمل ولا لأ

فغر يوسف فاهه وردد بذهول:
$ وأنت موافق على الكلام دا؟

زفر بلال بضيق شديد وأجابه بحنق:
_ أنا معتش عارف أنا عايز إيه، بس يمكن عندها حق، إحنا محتاجين نعرف إحنا عايزين إيه وبعد كدا ناخد قرار

حاول تغير الحوار عنه فتسائل باهتمام:
_ المهم قولي أنت كنت رايح فين؟

تقوس ثغر يوسف باستهزاء وهو يجيبه:
_ رايح ياسيدي أشتري ورد وشكولاتة 

عقد بلال حاجبيها  بعدم فهم وصاح متسائلاً:
_ ليه؟

بسخرية في حديثه أجاب:
_ هتقدم لـ لينة! 

رمقه بلال بطرف عينيه وهو يردد ما سمعه للتو: 
_ تتقدملها إزاي يعني؟ 

فرك يوسف عينيه بنفاذ صبر موضحاً قصده:
_ عايزاني أدخل الباب من بابه وأتقدم لها وهي تفكر بقى إذا كانت توافق ولا لأ 

لم يتمالك بلال أعصابه وانفجر ضاحكاً تحت نظرات يوسف عليه، لم يعقب فهو من جنى على نفسه عند إخباره، ظل يومئ برأسه ثم هتف: 
_ مش هتكلم كتير.. 

خرجت كلمات بلال من بين ضحكاته: 
_ أنت إزاي سامح لها تعمل فيك كدا؟ 

تشكل التهكم على تقاسيم يوسف مردداً بسخرية:
_ أنا اتمرمنط يا راضي 

انفجر كليهما ضاحكين باستعانة يوسف لأحد إفيهات الأفلام، توقف يوسف عن الضحك وبنبرة يكسوها السعادة هتف: 
_ بس أنا مبسوط، ودلعها على كيفي وبنفذ طلباتها الهبلة وأنا مغمض، بحس إني لسه عيل صغير وأنا معاها 

تقوس ثغره ببسمة عذبة قبل أن يواصل:
_ دا أنا بدوب زي البسكوتة في الشاي أول ما بقف قدامها 

بعدم تصديق هتف بلال: 
_ هي حصلت بسكوتة يا يوسف! 

استنتج يوسف تصريحه الأخرق، اتسعت عينيه بذهول تحت ضحكات بلال عليه، انتفض من مكانه وردد بتجهم: 
_ قوم يابني قوم، لو قعدت دقيقة كمان هقلب آيس كريم 

عقب بلال ساخراً: 
_ آيس كريم بسكوتة 

لم يتمالكا ضاحكتهما ثم نهض وعادا إلى السيارة، انطلق بها بلال حيث يريد يوسف ولم تخلوا مدة وصولهم من الإستهزاء على تصريحات يوسف الحمقاء. 

***

"وبعدين، هتعملي إيه؟"
كان ذلك سؤال هادية لإبنتها التي أجابت وهي تفرك أناملها: 
_ مش هعمل حاجة، هقعد هنا على لما نشوف أخرتها إيه، لنكمل يا..

تنهدت إيمان بقوة وتابعت:
_ ننفصل.. 

تشكل الحزن على تقاسيمها، لاحظته هادية وبتردد بالغ أردفت: 
_ أنتِ حبتيه يا إيمان؟

صوبت إيمان بصرها نحو والدتها، طالت نظرتها وهي تفكر جيداً في إجابة، هربت بنظريها بعيداً وقالت:
_ مش عارفة، مش قادرة أحدد مشاعري بالظبط، يمكن عشان كدا طلبت إننا نبعد عشان كل واحد يتأكد من مشاعره 

لم تصدق تلك الإجابة فلم تكن مقنعة وهدرت:
_ طيب ليه زعلانة لما أنتِ لسه مش عارفة بتحبيه ولا لأ؟ 

زفرت إيمان بقلة حيلة وبعد مدة حاولت توضيح وجهة نظرها: 
_ أنا مش بكرهه، ومش هكذب الفترة اللي قضيتها معاه خليتني أتشد ليه، مش عارفة دا تعود  ولا فعلاً حب، بس أنا كنت حابة إننا نبدأ من جديد وننسى اللي فات، بلال شخصية جميلة وحنون بس مشكلته إنه مش بيسامح بسهولة! 
أنا حاولت وخلاص معتش هحاول تاني، الدور عليه هو اللي يحاول، دا لو عايز يعني.. 

نكست رأسها بحزن، ثم استمعن إلى صوت رمضان في الخارج ينادي على هادية فأسرعت إيمان قائلة:
_ متقوليش حاجة لبابا، قوليله مثلاً إن بلال مسافر  لشغل وأنا هقعد هنا لغاية ما يرجع 

أماءت هادية بالإيجاب ثم خرجت من الغرفة لتلبي نداء زوجها:
_ نعم يا رمضان، محتاج حاجة؟

اقترب منها وتسائل وعينيه تطالع باب غرفة إيمان:
_ فيه إيه إيمان مالها؟

حمحمت هادية وأخبرته بما تريده إيمان معرفته:
_ مالها يا خويا، جوزها بس مسافر يومين كدا تبع الشغل وهي خافت تقعد لوحدها فجت تقعد هنا، هي يعني ليها مين غيرنا تقعد عنده؟

استنكر رمضان تلك الإجابة المبالغة وهتف مستاءً:
أ_ نا سألت سؤال واحد إيه كل الكلام دا، عموماً أنا نازل الشغل، سلام 

"مع السلامة"
رددتها هادية متابعة لخروجه من المنزل، ثم عادت إلى ابنتها ليواصلا حوارهن سوياً. 

***

مساءًا، يجلس الشباب في الصالون، يتبادلون النظرات، بالكاد يستطيعون إخفاء ضحكاتهم، يحاولون عدم النظر في أعين بعضهما البعض حتى لا ينفجروا ضاحكين. 

يجلس هو في زييه الرسمي يمسك بيديه باقة من الزهور ذات اللون الأحمر، كان يصطنع الخجل مسايراً الأجواء، حتى ظهرت هي بطلتها التي خطفت قلبه، كانت ترتدي فستاناً سماوياً يتماشى مع بشرتها، وتعمدت وضع ذاك الأحمر الشفاه الفاقع حتى تبدو جذابة في عينيه. 

لم تعلم أنها جنت على روحها تلك الفتاة، كز يوسف أسنانه بغضب ثم انتفض من مقعده وتوجه نحوها، أمسكها من ذراعها وعاد بها إلى غرفتها وتحدث من بين أسنانه المتلاحمة: 
_ لا بصي أنا مسايرك في كل الهبل اللي طلبيته لكن تزوديها أقلبهالك نكد والله، خشي شيلي الأحمر دا 

عضت لينة على شفتيها ثم تعمدت ضمهما بطريقة مثيرة وقالت بدلال: 
_ وإلا هتعمل إيه؟

كان متابعاً لحركات شفتيها وبالكاد يصمد أمامهما، احتدت ملامحه وهدر:
_ متحاوليش تستني تعرفي هعمل إيه عشان هتزعلي جامد.. 

اعتدلت لينة في وقفتها ثم عادت إلى غرفتها دون إضافة المزيد، قامت بإزالة أحمر الشفاه وعادت إليه فنظر إليها بتفحص ثم سبقها للخارج، جلس حيث كان بينما جاءت هي على استحياء فانفجر زياد ضاحكاً وصاح ساخراً: 
_ لا السيطرة باينة

غمز إليه يوسف بعجرفة ثم وجه حديثه لعلي بنبرة مصطعنة:
_ بعد إذنك يا أستاذ علي، أنا جاي النهاردة أطلب أيد الآنسة لينة أختك 

وضع علي قدم على أخرى واستقام في جلسته وقال بتكبر:
_ عرفني على نفسك الأول، خريج إيه وبتشتغل إيه وعندك شقة ولا ناوي تأجر، يعني عشان أكون مطمن على أختي 

رفع يوسف حاجبه الأيسر فتعالت ضحكات زياد، رمقه يوسف بنظرات مشتعلة فحاول كتم ضحكاته وردد: 
_ أسف معلش كملوا.. 

حمحم يوسف وبدأ يعرف عن نفسه بلهجة جادة:
_ أنا يوسف الراوي، خريج إدارة أعمال، مدير معرض عربيات، وعندي شقة ومستوايا المادي الحمد لله كويس وبس كدا 

أماء علي ثم نظر حيث تجلس شقيقته وسألها بجدية:
_ ها إيه رأيك يا لينة؟ 

أخفضت في حياء وأجابته بخفوت:
_ مش بطال 

تجهمت تعابير يوسف وردد بحنق: 
_ هو ايه اللي مش بطال أنتِ تطولي يابت أنتِ

اتسعت حدقتي علي وهاجمه قائلاً: 
_ لا لو سمحت أنا مسمحش أبداً بإهانة أختي، وبعدين لما من دلوقتي بتقولها بت لما تتجوزها هتعمل إيه؟ 

"هضربها وهضربك لو زودت كلمة كمان"
هتف يوسف بنفاذ صبر فأعدل علي من جلسته متوجساً خيفة منه وحاول تعجيل الأمور:
_ على بركة الله يا أستاذ يوسف، نقرأ الفاتحة 

رفع الجميع أيديهم ليقرأوا سورة الفاتحة مباركين تلك العلاقة بها، ارتفعت زغاريد السيدة ميمي بسعادة غامرة، نهضت وعانقت لينة بحب وسعادة. 

تصافح الشباب مباركين ليوسف على تلك المناسبة السعيدة، بينما توجه يوسف إلى مشاكسته وطالعها بهُيام وقال بنبرته الرخيمة:
_ مبروك علينا

تلونت وجنتيها بالحُمرة وعضت على شفتيها بخجل شديد، نكست رأسها حينما فشلت في مبادلته النظرات، انحنى بقرب أذنها وشاكسها قائلاً:
_ قلبتي قطة يعني.. 

لم تعقب بل ازدادت حُمرة وجنتيها، تقوس ثغر يوسف ببسمة عريضة وردد ممازحاً: 
_ مياو مياو 

تركته وعادت إلى غرفتها سريعاً، فلم تنجح في إخفاء خجلها فقط كان يزداد أمامه، وقفت خلف الباب تعيد ما حدث منذ قليل، لا تصدق أنها خطت أول خطوة في حلمها، لم يعد هناك الكثير حتى يصبح حقيقة لا تستطيع إنكارها. 

توجهت نحو الفراش واستلقت أعلاه ثم هاتفت صديقتها وهتفت بنبرة يملؤها السعادة وهي تطالع سقف الغرفة: 
_ قرينا الفاتحة! 

لم تتوقف ضحكاتها قط، وكذلك شهد شاركتها الضحك والمباركات، فالأمر كان أشبه بالحلم، كيف يصدقن ما حدث بتلك السهولة؟ 

"أنا مش مصدقة، خلاص كدا أنا ويوسف مخطوبين!" 
هتفت لينة والسعادة لا تسعها فأكدت شهد حديثها:
_ حلمك اتحقق أخيراً يا لينة، هتعملوا إيه في اللي جاي؟

استقامت لينة في جلستها وتسائلت بعدم فهم:
_ في إيه مش فاهمة؟

وضحت شهد ما تقصده:
يعني اتفقتوا هتكتبوا الكتاب امتى والجواز برده امتى؟ 

اتسعت عيناي لينة تلقائياً ورددت دون استيعاب بعد:
_ ها؟ كتب كتاب وجواز!! 

***

بعد مرور سبعة أيام، يسير على مرر من العديد من قواقعُ الشاطئ الذي يفصلا بين الرمال على جانبيه، يطالع البحر من أمامه والجميع من حوله يصفقون بحرارة منذ ظهور، ثم توقف عند نهاية الممر. 

علم بحضورها فور ارتفاع التصفيقات والزغاريد التي تطلقها النساء والفتيات، كان قلبه يخفق بقوة، ويتساءل كيف تبدو؟ حتماً ستنهار قواه إن رآها في ثوبها الأبيض التي رفضت مسبقاً أن تريه إياه معللة أنه لابد أن يكون مفاجأة. 

كان يشعر بقربها ويزداد قلبه خفقاناً، يزداد توتره ناهيك عن ادريناله الذي يتدفق بقوة، أوصد عينيه حتى شعر بلمسة يدها على كتفه. 

أخذ شهيقاً عميق ثم استدار بجسده إليها، ليتفاجئ بتلك الطلة الساحرة، كان على دراية بأنها ستسحر عينيه من فرط جمالها لكنه لم يكن يعلم أنها ستكون بتلك الروعة، لقد كانت تشبه الأميرات في ثوبها الأبيض. 

كانت رقيقة، ناعمة، برزت ملامحها الأنثوية بتلك المساحيق البسيطة التي وضعتها، تشكلت إبتسامة على محياه تلقائياً فبادلته هي إبتسامة خجولة ثم نكست رأسها في حياء شديد. 

مد ذراعه إليها فتعلقت به وتابعا سيرهما حتى وصلا إلى تلك الطاولة المليئة بالأزهار البيضاء، أعد لها كرسياً حتى تستطيع الجلوس ثم جلس على الجانب الآخر منها وإلى جواره المأذون، ومن الجهة المقابلة كان يجلس علي وزياد ومن الخلف يقف أصدقائهم وبعض الأقارب، والبعض الآخر يجلسون على طاولتهم يتابعون من على مقربة منهم.  

ابتسم المأذون في وجه يوسف ثم وجه حديثه إلى لينة متسائلاً:
_ الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا زوجة صالحة التي إن نظرا إليها.. 

ناولها مكبر الصوت فهتفت هي من بين ضحكها الخجول: 
_ أسرته.. 

ثم تابع أسئلته: 
_ وإن أمرها؟ 

هتفت الأخرى من خلف يوسف قبل أن يسمح لها المأذون:
_ أطاعته..

انفجرا المعازيم ضاحكين فهتف المأذون مازحاً: 
_ لا دا احنا ناخد رقم العريس نشوف الطاعة دي فعل ولا كلام بس 

ازدادت ضحكات الحاضرين فأضاف المأذون قائلاً: 
_ وإن أقسم عليها؟ 

لم تعد لينة تتذكر بقية الحديث فأردفت بحرج: 
_ معتش فاكرة 

لم تخلوا الجلسة من ضحكات الحاضرين من خلفها، توقف المأذون عن الضحك ثم تابع هو مباشرة دون سؤالها: 
_ وإن أقسم عليها يا عروسة أبرته، وإن غاب عنها نصحته أو حفظته في نفسها وماله. 

أماءت لينة بفهم ورددت بعفوية: 
_ ماشي 

لم يستطيع أحدهم السيطرة على ضحكاته، بينما التفت إليها يوسف وهمس مازحاً: 
_ فضحتينا يا لينة.. 

تدخل المأذون بقوله: 
_ ربنا ما يجيب فضايح أبداً، ها يا عروسة موافقة على الشروط دي؟

بهتاف عالٍ قالت: 
_ إيفييت (نعم) 

حاول يوسف توضيح معنى كلمتها: 
_ معلش أصلها مهوسة بالتركي شوية 

أماء المأذون بتفهم ثم هتف بمرح:
_ لا دا أنت الله يعينك على التركي دا عندي منه في البيت 

حمحم ثم بدأ يلقي خطبة عن فضل الزواج وما أن انتهى حتى بدأ يلقي على يوسف وهو يردد خلفه وكذلك فعل علي حتى انتها كليهما وصاح المأذون مباركاً لهما: 
_ "بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير إن شاء الله"

وضعت لينة يدها على فمها تكتم شهقاتها التي خرجت رغماً عنها لكنها لم تمنع دموعها من السقوط، لا تصدق أنها باتت زوجته، لقد تحقق الحلم! 

الأحلام تتحقق، حتى وإن مرت أعوام عجاف، لكن في النهاية سيكون لنا نصيباً منها، ستُقَر أعيننا برؤيتها، وستغمر السعادة قلوبنا بعيشها، سنمضي بها وكأننا لم ننتظرها يوماً. 

التفت إليها يوسف ثم أحتضن يدها الصغيرة مردداً:
_ إيه يا لي لي مش دا اللي كنا عايزينه، ليه العياط دا 

ازداد نحيبها، فلم تجرأ على التحدث، ظل يهدئها بكلماته الحنونة لكنها لا تتوقف بل يزداد بكائها، حضرت السيدة ميمي وقامت بضمها وهي تردد:
_ في إيه بس يا حبيبتي؟

أضافت شهد التي كانت تملس على ضهرها بحنو: 
_ بتعيطي ليه يا فقرية؟

جاء دور علي الذي أخذها من السيدة ميمي وقام بضمها لصدره وظل يردد بلطف:
_ أنا موجود يا لولو، ويوسف وكل اللي بتحبيهم موجودين، ليه العياط دا؟

أبعدها عنه ثم سحب منديلا ورقياً من الطاولة أمامه وقام بمسح عبراتها برفق وهتف: 
_ خلاص بقى، اضحكي يلا 

طبع علي قُبلة على جبينها وعاد مواصلاً: 
_ ها؟ 

ظهرت إبتسامة لم تتعدى شفاها ثم نظرت حيث يقف يوسف متأثراً ببكائها، ابتسم لها ومازحها قائلاً:
_ لازم يعني أخوكي يبوسك عشان تضحكي؟!

لكزته لينة في كتفه بقوة فتأوة يوسف بألم، تدخل بلال ولكزه في ذراعه معاتباً إياه: 
_ أنت ياض عديم الإحساس مش المفروض أنت اللي تبقى واقف جنبها وتحتويها؟ 

بلامبالاة قال يوسف: 
_ أعمل إيه يعني؟ 

رمقه بلال بنظرات مستاءة وهتف بحنق:
_ وأنا برده اللي هقولك تعمل إيه يا بسكوتة؟ 

بادله يوسف نظرات احتقار ثم طالع جهة ما وأردف: 
_ بدل ما تشغل نفسك معايا ركز مع اللي عيونها مترفعتش عنك دي..

نظر بلال حيث ينظر يوسف وتقابل مع نظرات إيمان لكنها سرعان ما هربت بنظريها بعيداً عنه، غمز إليه يوسف قبل أن يوليه ظهره ويذهب إلى فتاته فلم تعد فقط مشاكسته، وقف إلى جوارها واحتضن يدها ثم تسائل باهتمام:
_ بقيتي أحسن؟

حدجته لينة بنظرات مشتعلة ولم تجيبه، فهتف هو مستفسراً:
_ في ايه؟ إيه البصة دي؟

سحبت لينة يدها من بين قبضته وهتفت بجمود: 
_ ولا حاجة..

انشغلت عنه في مصافحة صديقاتها، وكذلك انشغل يوسف في الترحيب بالمدعوين، توجه بلال إلى طاولة إيمان وعائلتها، مال السيد رمضان على أذن زوجته وهمس:
_ مش بتقولوا مسافر؟

استنكرت حديثه وهتفت بتهكم:
_ وهو اللي بيسافر مبيرجعش يا رمضان؟

لم يشعر أحدهم بقلبها التي يزداد عنفواناً كلما اقترب خطوة منهم، كان صدرها يعلو ويهبط بصورة مضطربة، فلم تكن مستعدة لتلك المواجهة. 

رحب بلال بالجميع ثم جلس بجوارها وانتبه لحديث حماه الذي قال:
_ حمد لله على سلامتك يا بلال، رجعت امتى؟

قطب بلال جبينه بغرابة فأسرعت إيمان بتوضيح مقصد والدها حيث همست دون أن تلفت الأنظار إليها: 
_ بابا عارف أنك كنت مسافر في شغل..

أماء بلال بتفهم وبإبتسامة رد على السيد رمضان:
_ الله يسلمك ياعمي يدوب لسه راجع النهاردة

عاد بنظره إليها فعيناه قد اشتاقت لرؤيتها كثيراً، حمحم وسألها باهتمام:
_ أخبارك إيه؟

"كويسة"
_ أجابت باختصار ثم ساد الصمت لبرهة قبل أن تتسائل هي: 
_ وأنت؟

بنفس لهجتها أجاب:
_ كويس..

لمحت إيمان طيف عائلة بلال فأردفت وهي تطالعهم:
_ باباك ومامتك وأخواتك وصلوا..

التفت بلال برأسه حيث كانوا، وأشار إليهم بيده فوقعت نظراتهم عليه، نهض لاستقبالهم مستأذناً من عائلة إيمان ثم ذهب إليهم. 

وبعد أن هنئوا السيدة ميمي ويوسف على تلك المناسبة ذهبت شهيرة لكي ترحب بعائلة إيمان، تبادلوا الترحيب ثم جلست بجوارها ومالت عليها قبل أن تردف: 
_ أنا شايفة مامتك ماشاء الله بقت كويسة أهي

لم تفهم إيمان ما ترمي إليه شهيرة فرددت قائلة: 
_ أيوة الحمد لله

_ "أنا والله كنت بتصل عليكي على طول بس موبايلك كان مقفول دايماً فكنت بسأل عليكم بلال، مكنش بيقولك؟"
أردفتهم شهيرة فلم تفهم إيمان ما تعنيه، سايرت الأمور حيث استطاعت لكي لا تفسد ما خططه بلال حتماً اختلق علة لذهابها: 
_ كان بيقولي أيوة.. 

أضافت شهيرة بخفوت:
_ البيت موحشكيش؟ دا بلال من يوم ما أنتِ مشيتي وهو مدخلوش، بينام عندي..

تفاجئت إيمان بما أخبرتها به شهيرة، صوبت بصرها تلقائياً نحو بلال، ثم انتبهت لحديث السيدة شهيرة حين قالت: 
_ الست طلاما اتجوزت مينفعش تغيب عن بيتها كتير، أنا مقدرة ظرف مامتك بس برده يا حبيبتي بيتك وجوزك أولى باهتمامك..

طالعتها إيمان بحرج شديد قبل أن تعقب بتلعثم: 
_ أكيد، إن شاء الله 

استأذنت منها ثم نهضت وذهبت إلى بلال، الذي افترق عن أصدقائه وتوجه نحوها فتسائلت هي بجدية:
_ أنت قايل لمامتك إيه عن ماما؟ 

وضع بلال يديه في جيب بنطاله وأجاب: 
_ قولتلها إنها تعبانة عشان كدا أنتِ روحتي تقعدي عندها

"ممم، طيب"
قالتها إيمان ثم وقفت تشاهد تفاصيل المكان، فكانت الأجواء تروق لها للغاية، على جانب آخر استطاع يوسف الوصول إليها في النهاية، أمسكها من ذراعها وهتف بضجر:
_ أنتِ منفضالي ليه كدا؟

ببرود قالت: 
_ عادي..

ضاق بعينيه عليها وهتف متسائلاً:
_ يعني إيه عادي، وإيه الطريقة دي؟ 

زفرت بضيق قبل أن تردف: 
_ شوف أنت كان المفروض تعمل إيه ومعملتوش! 

جاب يوسف المكان من حوله لعله يتذكر ما كان يفترض عليه فعله ولم يأتي بشيئ فسألها بفضول:
_ إيه اللي كان المفروض أعمله؟ 

عقدت ذراعيها وهي تطالعه مستاءة:
_ دي حاجة مش بتتقال دي حاجة بتتحس..

كاد يوسف أن يدر على حديثها المبهم، لكنه تريث حينما وجه لهما منظم الحفل حديثه: 
_ وأحلى رقصة سلو لأحلى عريس وعروسة

تعالت التصفيقات وصدحت صافرات عالية من بعض الشباب الحاضر، تحمست لينة لرقصتهما الأولى لكنها تفاجئت بيد يوسف تلوح بالرفض لذاك الشاب الذي دعاهم للرقص. 

لم تستطيع الصمت وهدرت بحنق:
_ هو إيه اللي لأ؟ إحنا مش هنرقص؟ 

بتلقائية همس: 
_ تؤ..

جحظت عينيها وهي تطالعه بذهول ورددت بضيق:
_ أومال إحنا عاملين كل دا ليه؟

التفت يوسف إليها بكامل جسده وبدأ يوضح لها وجهة نظره:
_ كل اللي اتعمل دا عشان أنتِ عايزة كدا، لكن متطلبيش مني أكتر من كدا أنا مش بتاع رقص ومش هسمح أنك تقفي تطنططي قدام الشباب! 

"فين التنطيط دا دي رقصة سلو ومعاك أنت"
هتفت بنبرة متوسلة فعلل يوسف قائلاً:
_ يا حبيبتي ما أنتِ لما ترقصي معايا نظرات كل اللي قاعد هتكون علينا وأنا مش عايز حد يبصلك..

تأففت لينة عالياً: 
_ أوف بجد أوف

تنهد يوسف وعاتبها بنبرة محتقنة: 
مش دا اليوم اللي كنا مستنينه يا لينة؟ واضح إن أنا بس كنت مستنيه! 

تفاجئت هي بكلماته وهدرت نافية ظنه:
_ لا طبعاً، إيه اللي بتقوله دا

رققت من نبرتها وبدلال قالت:
_ بس أنا عايزة أفرح يا سوفي..

بهجوم صاح:
_ وهو الفرح مينفعش غير بالرقص قدام الرجالة؟ 

نكست لينة رأسها في حياء ولم تعقب، فكان لديه كل الحق، لكنها أيضاً تريد أن تشعر أنها عروس، تناقض شديد يهاجم عقلها فشعرت بالتشتت، أخذت نفساً ثم توجهت إلى كرسيها بهدوء وجلست أعلاه واكتفت بمباركة الجميع لها وأخذ الصور من قِبل صديقاتها. 

انتهى الحفل بسلام، كانت أجواء هادئة نجح يوسف في إسعاد الجميع دون وضع يغضب ربه، لكن فتاته مازالت عابسة، ولم يرضيها أمره، وصلا إلى منطقتهم فأمسك بيدها عندما ترجت السيدة ميمي وطبع قُبلة عليها وقال: 
_ استنيني متناميش..

أماءت بقبول ثم ترجلت من السيارة وصعدت حيث شقتهم، بينما ترجل يوسف من السيارة وتوجه حيث يصف بلال سيارته وصاح من الخلف:
_ مش ناوي ترجعها بقى؟

التفت إليه بلال، أخرج تنهيدة حارة وهتف بلوعة: 
_ نفسي.. 

"وإيه اللي مانعك؟"
تسائل يوسف بفضول فأجاب بلال بتردد:
_ خايف ترفض 

استنكر يوسف تفكيره المحدود وهدر به:
_ عمرها ما هترفض لو حست إنك فعلاً عايزها ومحتجاها، ومُصر إنها ترجع معاك، كل حاجة في أيديك بس أنت اللي غبي ومش بتحاول حتى! 

"عندك حق"
بقلة حيلة قالها، ربت يوسف على ذراعه وحثه على الذهاب إليها:
_ طيب يلا روح لها ورجعها معاك، كفاية بُعد بقى 

كلمات يوسف زادته حماساً وهتف بحيوية: 
_ ماشي..

غمز إليه يوسف بمشاكسة بينما عاد بلال لسيارته وودع صديقه ببسمة عريضة، رسم العديد من المواقف في مخيلته لهما، كان قلبه يزداد عنفواناً وحيوية كلما تخيلها بين يديه يبدأن حياة جديدة لم يحظى كليهما بها. 

بينما نظر يوسف إلى بنايتهم، وحدج غرفة لينة المضيئة ثم ظهرت إبتسامة على شفتيه فلقد بلغ نهاية الأمر وباتت زوجته ويحل له فعل ما تمناه طويلاً. 

لم يعد يطيق الإنتظار وهرول بخطاه إلى الأعلى، وقف أمام غرفتها واستند بذراعيه على جانبي الباب ثم طرق بخفة ففتحت له بعد لحظات،  تقوس ثغره ببسمة عذبة، شعر بمتعة الوصول حينها، كان يطالعها بعيون مشتاقة يشع منهما العشق، اقترب منها وحاوط خصرها بيديه ثم ركل الباب بقدمه فانغلق بسهولة. 

***

صف بلال سيارته أسفل البناية، خرج منها وحدج طولها حتى وقعت عينيه على منزلها، أخذ نفساً عميق فكان متردداً للغاية في الصعود في مثل تلك الساعة المتأخرة.

استقل مقعده مرة أخرى لكنه ترك قدميه في الخارج، سحب هاتفه وأرسل إليها رسالة على الواتساب: 
_ نايمة؟

ظهرت علامتين فتأكد من عدم غفوها بعد، مرت ثوانِ حتى تحول لونهما إلى الأزرق، خفق قلبه حينما رأها تراسله.

إيمان: لأ
بلال: أنا تحت البيت 
إيمان: بيت مين؟ 
بلال: بيتكم 

لم يأتيه رد للحظات، فظل يهز هاتفه بعدم صبر، بينما هرولت هي الشرفة لتتأكد من وجوده، عادت تراسله فتوقف عن الحركة في انتظار ما سترسله.

إيمان: بتعمل إيه هنا؟
بلال: رجلي جابتني عندك 
إيمان: طيب أطلع
بلال: محروج عشان الوقت متأخر
إيمان: تعالى كلهم ناموا، هفتح لك الباب
بلال: ماشي 

أعاد وضع هاتفه في جيبه ثم أغلق السيارة من خلال مفتاحها، صعد درجات السلم بتريث حتى وصلا إلى الطابق الكائنة به. 

بادلته إبتسامة ورحبت به:
_ اتفضل

تنحت جانباً فمر من جوارها، أسبقت هي بخطاها إلى غرفتها وتبعها هو للداخل، حدج الغرفة بتفحص ثم أبدى إعجابه بها:
_ أوضتك حلوة 

بخجل قالت: 
_ شكراً 

كادت أن تبتعد عنه لكنه لحق بها وضمها إليه وبنبرة مشتاقة همس:
_ وحشتيني

ابتلعت ريقها وهي تطالع سودتاه اللامعة، كانت نبضاتها تتسارع بقوة، وأنفاسها تتعالى كل ثانية تمر، حمحم هو وأضاف: 
_ فاكرة لما قولتيلي إني مش بحبك! 

أماءت ثم أجبرت أذنيها على الإصغاء فتابع بلال: 
_ كان عندك حق..

اتسعت حدقيتها وفغرت فاها بذهول فأسرع هو في توضيح قصده:
_ اكتشفت إني مش بس بحبك دا أنا بحبك أوي، ومقدرش أستغنى عنك والأيام اللي فاتت دي عرفت إني مقدرش أعيش لحظة من غيرك حتى لو حياتنا كلها نقار، المهم تبقي جنبي ومعايا..

ضمها أكثر لصدره وانحني برأسه ليكون قريب لمستوى طولها، لثم عنقها بقبلاته الرقيقة والتي قشعر جسدها إثره، تمسكت بقوة في ذراعيه فرفعها عن الأرض وتوجه بها نحو الفراش، مال بها برفق فهمست هي أمام شفتيه:
_ وأنا اتاكدت إني بحبك يا بلال..

وكأن تصريحها كان بمثابة دافع قوي لإنهيار حصونه، خارت قواه وطالبت غريزته بها بكل جوراحه. 

***

 •تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent