رواية انشودة الاقدار الفصل الثامن و العشرون 28 - بقلم نورهان العشري
بسم الله الرحمن الرحيم
الأنشودة الثامنة و العشرون ج٢ 🎼 💗
علينا أن نُدرِك جيدًا بأن هُناك لحظات فاصلة في حياتنا لا يعود بعدها كل شيء كما كان . لحظات أحيانًا من فرط مرارتها تشعُر أنها النهاية ، ولكنها لم تكن سوى البداية . أو لنقُل أنها ولادة روح جديدة بداخلك خُلِقت من رحِم المُعاناة و قساوة الخذلان الذي حتى و أن استطعت تجاوزه ستظل مرارته عالقة بجوفك لتُذكِرك بأن لا تغفر أبدًا .
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
_ انت تُحيُرني كثيرًا . هيا أخبرني من هذا الخائن ؟
«ناجي» بنفاذ صبر
_ لما تسألين كثيرًا . نفذي ما أخبرتك به فقط و التزمي الصمت .
اغتاظت من حديثه فقالت بسخط
_ لقد كدت أفقد حياتي بسببك ، و بسبب أفعالك و ها أنا الآن وسط أولئك الناس الغُرباء مع ابنك المجنون هذا وتأمرني بأن التزم الصمت !
«ناجي» باختصار
_ نعم .
«جوهرة» بمكر
_ إذن لا تعول علي كثيرًا في مخططك فأنا اليوم خابرت مدى قوة اولئك الناس و خاصةً هذا الرجل سالم . لقد أمر بوضع هارون بجانب الأحصنة دون أن يجرؤ أحد على التدخل ، و أيضًا كاد أن يقتله اليوم حين أُصيبت تلك السيدة .
تنبه «ناجي» إلى كلماتها وقال باستفهام
_ ماذا تقصدين و من التي أُصيبت ؟
«جوهرة» بمكر
_ ماذا ؟ ألم يُخبرك مُرشِدك السري بما حدث ؟ إذن أنت في ورطة حبيبي و لن يُنقذك منها سواي .
اغتاظ من حديثها فنهرها غاضبًا
_ بإمكاني أن أجعل ذلك المُرشِد يُنهي حياتك ببعض قطرات من السُم لاتخلص منكِ للأبد . هيا اخبريني ماذا حدث ؟
جفلت من نبرته وتهديده لذا اندفعت تخبره ماحدث اليوم لتنهي حديثها قائلة بحنق
_ و هي الآن بالمشفى و هارون مُحتجز في مكان ما لا أعلمه .
_ إذن اعلميه . يجب أن يعلم بأنني بين الحياة و الموت بسبب ذلك الحقير طارق ، و انكِ وجدتي طريقة للتحدُث مع ألبرت الذي أخبرك بأنني في غيبوبة . يجب أن يظل حاقدًا على تلك العائلة حتى تأتي ساعة الصفر .
«جوهرة» باستفهام
_ وهل تظن بأن مجرد كلمات بسيطة ستؤثر على هارون ؟ اللعنة أن نظراته تنفذ إلى أعماق كل فردًا منهم و كأنه يحاول قراءة داخله .
«ناجي» بشر
ـ و لهذا استمعي جيدًا لما سأقوله . فكل شيء يصُب لصالحنا .
«جوهرة» باهتمام
_ اسمعك .
اللهم انك عفوًا كريمًا تُخب العفو فاعف عنا ♥️
★★★★★★★★★
_ بصي بقى عشان أنا جبت اخري منك . أنتِ هـ تتظبطي يا بت أنتِ ولا لا ؟
هكذا تحدث« مروان» بغضب إلى «سما» التي تراجعت إلى الخلف وهي تقول بغضب
_ انا مظبوطة غصب عنك على فكرة .
«مروان» بحنق
_ مظبوطة ! طب يا ترى بوش ولا من غير ؟
«سما» بانفعال
_ انت بتستظرف !
_ أحسن ما اديكِ قلمين على وشك يعدلوكي . عمالة تدلعي و اقول يا واد معلش يا واد اصبر . البت مصدومة. لكن خلاص جبت اخري. عايزة ايه أنتِ ؟
باغتته حين قالت باندفاع
_ عايزة أطلق ..
تجاهل كلمتها و كانه لم يسمعها وقال بصياح
_ متغيريش الموضوع قولي عايزة ايه ؟
اغتاظت من بروده وصاحت بانفعال
_ بقولك عايزة أطلق ايه مبتسمعش ؟
برقت عينيه و تحولت نظراته الى شيء أكثر خطورة مما هو مُعتاد منه و أخذ يقترب منها بتمهُل وهو يقول بهسيس خشن
_ عايزة تطلقي ! قولتيها مرة قبل كدا و عدتها و رجعتي عدتيها دلوقتي و عدتها لكن تقوليها للمرة التالته . يبقى لا . معناها انك فايتك شويه حاجات و محتاجه تفهميها كويس. عشان مش مروان الوزان اللي يفضل مع واحدة مش عيزاه
كانت تلك الشخصية التي تراها أمامها الآن جديدة كُليًا عليه لذا وقفت مبهوتة تنتظر كلماته التالية ليقول «مروان» بجفاء
_ مفكرة انك لما تطلقي و تقعدي جنب امك كدا تبقي البنت اللي ضحت عشان امها ؟ تبقى غبية . عشان بعد ما العمر يجري بيكِ هتلاقي نفسك وحيدة ملكيش حد الكل ملهي في حياته وأنتِ ملكيش حياة .
كلماته كانت قاسية و قد كان هذا ما يُريده لذلك تابع بنبرة أشد قسوة
_ ولو بتحاولي تقنعي نفسك ان الرجالة كلها وحشة زي ناجي الوزان تبقى بردو غبية . الإنسان ربنا ميزه عن الحيوان بالعقل عشان يستخدمه . استخدمي عقلك و شوفي سالم ، سليم ، طارق ، صفوت ، و آخرهم أنا . افتكري كدا حد فينا شوفتي منه واحد في الميه من صفات ناجي الوزان ؟
صمتت تحاول ابتلاع عبراتها الحارقة ليُتابع «مروان» بسخط
_ اجاوبك انا . لا ، ولا عمرك هتلاقي حد زيه ، ولا عمر حد فينا هيقولك يا بنت ناجي . عشان انتوا مش بناته هو . انتوا بناتنا احنا . تربيتنا احنا . ملكوش علاقه بيه غير اسم بس في البطاقة.
عرت كلماته عقد ضعفها ومكامن نقصها لذا صاحت من بين عبراتها
_ يعني مش هتيجي في يوم تقولي يا بنت ناجي ؟ ولا هتخاف ولادك مني يطلعوله ؟
صاح بنبرة قوية صادقة لا تحمل الكذب
_ لا. عمري ما هعمل كدا عشان أنا مش حقير ، ولا شايفك بنته اصلًا ، ولا حد من اللي هنا شايفين كدا . أنتِ اللي عامله زي اللي على راسه بطحة .
صاحت بقهر
_ دي الحقيقة . حتى لو مقولتهاش بلسانكوا هي في عنيكوا . حتى الأخ اللي طلعلنا بعد السنين دي كلها اسوأ منه .
_ مش قولتلك غبية. حكمتي علينا كلنا من غير دليل أدانه واحد . اسمعي . دور الضحية دا انا مابحبوش ، و مابحبش مراتي تكون كدا .
صمت لثوان قبل أن يقول بلهجة أهدأ
_ اوعي تبيني نقط ضعفك لحد ، ولا تسلمي لحد دراعك اللي بيوجعك علشان يمسكك منه .
انخرطت في نوبة بكاء مريرة وهي تقول من بين شهقاتها
_ انا خايفه . خايفة اوي . خايفة على ماما و على اختي و عليكوا كلكوا. انا نفسي نخلص من شره بس للأسف شره مبينتهيش . احنا اللي مانعينكوا تخلصوا عليه . اعتبرونا مش موجودين و خلصونا منه بقى.
جذبها لتستقر بين ذراعيه وهو يقول بنبرة حانية
_ هشششش . اهدي . كل حاجه هتتحل . صدقيني والله كل حاجه هتتحل .
_ مبتتحلش يا مروان . احنا عمالين نغرق اكتر و اكتر. نهاية واحدة فينا هتكون على ايد الراجل دا.
هكذا تحدثت بنبرة مُحترقة أصابت قلبه في الصميم فأخذ يُهدأها وهو يقول بحب
_ اوعي تقولي كدا تاني . محدش هيقدر يمسكوا بسوء طول ما انتوا وسطينا . صدقيني .
رفع رأسه يُطالعها بحب تجلى في عينيه و نظراته و نبرته حين قال
_ انا افديكِ بروحي . اطمني . خليكِ واثقة فيا . محدش يقدر يمس شعره منك ولا من شيرين ولا من عمتي .
رفعت رأسها تُناظره بتوسل تجلى في نبرتها حين قالت
_ بجد يا مروان . انا ميهمنيش نفسي قد ما يهمني ماما و شيرين . انت متعرفش انا خايفة عليهم قد ايه ؟
احتواها بين ذراعيه قبل أن يقول بحنو
_ اوعي تخافي وانا موجود. ان شاء الله هنعدي الأزمة دي كلنا سوى و محدش هيتأذي أبدًا .
شددت من عناقه وهي تقول بتمني
_ يارب .
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه ♥️
★★★★★★★★★★
_ هتفضل مش راضي تبص في وشي كدا كتير ؟
هكذا تحدثت «شيرين» الى «طارق» الذي كان يُعطيها ظهره يقف أمام أحد النوافذ بالمشفى فهو منذ أن اخبرته عن تلك الحادثة يشعر بصدره يكاد يتفجر غضبًا حتى أنه لو كان يعلم مكان ذلك الحقير لكان الآن في عِداد الأموات ، ولكن لحسن حظ هذا الحقير و سوء حظه فهو لا يعلم أين هو ؟ ولا يستطِع تمرير ما حدث . غاضب منها وعليها و من كل شيء ولا يعلم ماذا يفعل ليُطفيء نيرانه الهوجاء الي تفتك بصدره دون رحمة و قد كان يخشى عليها منه و من غضبه لذا تحدث بنبرة جافة
_ انا في العربية لو احتاجتي حاجه كلميني .
لم يُعطها الفرصة للحديث فقد اندفع للأسفل ليترُكها هي الأخرى بين نارين نار الخزي مما حدث و نار القهر من كل تلك العقبات التي تعرقل حياتهم لذا لم تستطِع منع نفسها من الهرولة خلفه ليتفاجأ بها تفتح باب السيارة و تستقل المقعد بجانبه لتقول بنبرة يغلُب عليها الغضب و نفاذ الصبر
_ ماهو احنا مش هنفضل كدا . يا تقولي ناوي على ايه يا تقولي اخرجي من حياتي و نخلص !
التفت مبهوتًا من جملتها الأخيرة فصاح باندهاش
_ نعم!
_ ايه مسمعتش ؟
_ لا سمعت بس مش مصدق اللي بسمعه بصراحة !
اندفعت عبراتها كالأمطار تكوي خديها و قلبها فجاءت نبرتها محرورة حين قالت
_ اومال عايزني اقول ايه ؟ من وقت ما قولتلك عاللي حصل مش طايق تبص في وشي . كإنك بتعاقبني على جريمة انا مرتكبتهاش . والله ما كنت اعرف ، ولا قدرت اخبي عليك.
نعم هي مُحقة ولكنه كان غاضبًا يتألم كأسد جريح لا يقدر على مواجهتها ولا أن يأخذ بثأره من ذلك الوغد . مُقيد بالتزامه نحو عائلته ولا يملك أي سبيل ليخرج من تلك الدوامة القاتلة لذا هتف بعنف
_ أنتِ كمان كنتِ عايزة تخبي عليا ؟
_ مقدرتش ، و انت مقدرتش اني جيت صارحتك . عشان كدا بقولك لو شايف بعد اللي عرفته اني مليقش بيك عرفني .
جذبتها يديه لتغرسها بين ذراعيه عله يُطفيء ناره و نارها فشدد من احتوائها حتى تردد صوت شهقاتها بصدره الذي ارتج لألمها الكبير فأخذ يحاول تهدئتها قائلًا
_ اهدي ، و بطلي كلامك دا .
«شيرين» بحرقة
_ اومال أفسر انك بتتجاهلني دا بأيه ؟
زمجر «طارق» غاضبًا
_ تفسريه بأن جوايا نار من الحيوان دا مش عارف اطفيها ازاي ؟ نار لو طالته مش هتخلي فيه حتة سليمة.
كانت تشعُر بمقدار غضبه من خلال انتفاضة جسده بيد ذراعيها لذا شددت من احتوائه قبل أن تقول بتوسل
_ أرجوك متخوفنيش . انت شوفت كل اللي حصلنا و بيحصلنا . هو عقابه عند ربنا كفاية اللي عمله في جنة و لبنى .
زمجر «طارق» بوحشية
_ حيوان . كلب . لو طولته اقسم بالله هاكله بسناني و هخلص حق الكل منه.
«شيرين» في محاولة لتهدئته
_ والله هيدفع تمن كل اللي عمله دنيا و آخره . صدقني . ان مكنش بدأ يسدد ديونه من دلوقتي.
و بالفعل صدقت كلماتها فقد كان كالمجنون منذ الصباح حين استيقظ كما هي العادة ليجد المكان من حوله خالي تمامًا من أي حياة. لا وجود ل«جرير» ولا غنماته ولا أي شيء سوى تلك الخيمة الصغيرة التي كان ينام بها . مُنذ الصباح وهو يبحث كالمجنون ولكنه لم يجد شيء ليستقر به الحال باكيًا فوق سريره الاسفنجي فاغمض عينيه وهو يشعر بكم هائل من الحزن فلم يتبقى له أحد حتى ذلك الرجل الي ظنه نجاته تخلى عنه أيضًا فأضحى شريدًا وحيدًا وسط صحراء قاحلة و قد صدح صوتًا ما داخله يخبره بكل أسى
_ لم يقبل الله توبتنا ، فقد تخلى كل شيء عنا .
أخذ يبكي كالطفل الصغير وهو يتخيل أن يموت وحيدًا هنا و الأدهى من ذلك أن يذهب إلى خالقه مُثقلًا بكُل تلك الذنوب . حينها رفع رأسه إلى السماء يقول بتوسل
_ يارب كنت عايز أكفر عن ذنوبي . والله ما عايز غير كدا . اعيش بس لحد ما تسامحني .
أخذ يبكي لساعات حتى نال منه التعب ففرد عوده على ذلك السرير البسيط لتلامس يديه شيئًا أسفل وسادته والذي لم يكُن سوى ورقة مطوية مُدونة بها تلك الكلمات البسيطة
_ لو شايف ان حياتك تستاهل دافع عنها.
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ♥️
★★★★★★★★★★
كانت تقف خلفه تناظره بغضب حاولت قمعه وهي تقول بعتب
_ و ليه مقولتليش ؟
لم يلتفت مُتجاهلًا استفهامها عن قصد ليقول بنبرة جافة
_ من أول يوم دخلتي فيه البيت دا و الكل بيحترمك برغم الظروف وبرغم كل اللي حصل ، و واحدة واحدة بذكائك قدرتي تكسبي محبتهم ، و لما بقيتي مراتي بقى الكل يحبك و يحترمك ويقدرك أضعاف الأول .
التفت يناظرها بأعين لأول مرة تكُن قاسية بتلك الدرجة وهو يُتابع بجفاء
_ شوفتي قولتلك ايه في في الأول ؟ الكل بقى يحبك . لما تخسري بايدك حبهم دا يبقى غباء منك مش مسموح بيه .
ترددت الكلمات داخل عقلها كسهام حارقة تكوي كبريائها وهي صامتة تستمع فقط ليُتابع بفظاظة
_ لما مرات الكبير تقف تزعق في اخوه بالشكل دا يبقى قلة ادب و قلة ذوق وأنتِ لا قليلة الادب ولا قليلة الذوق .
صمت لثوان قبل أن يقول بلهجة يشوبها عتب كبير
_ يصح اللي حصل منك يا فرح ؟
ابتلعت جمر كلماته في قلبها الذي كان ينتفض ألمًا و رغمًا عن ذلك لازالت تقف مرفوعة الرأس تُجيبة بنبرة جامدة
_ لا . عارفه انه غلط ، وغلط كبير كمان . بس .
قاطعها بنبرة جافة لم تعهدها منه
_ مفيش بس . ليكِ الف حق تزعلي بس ملكيش ولا حق انك تغلطي و تقللي من نفسك و من مكانتك و من سليم بالشكل دا . سليم كان قادر يرد عليكِ الكلمة عشرة بس هو برغم اللي حصل مقدرش يرفع عينه فيكِ ، لكن بصلي ! عرفتي غلطك وصل لحد فين ؟
جاهدت حتى لا تنهمر جموح عبراتها التي تهتز جفونها من فرط ثقلها و قالت بلهجة مُرتجفة
_ عرفت . بس الغلط دا انت جزء منه . كنت قادر تأهلني نفسيًا للي حصل . لكن اتفاجئ بيه بالشكل دا !
_عندك حق يمكن كان مفروض انبهك . لكن أنتِ شوفتي اللي حصل ، و بصراحة متخيلتش أن فرح مراتي العاقلة الذكية يحصل منها موقف زي دا .
بلغت الأمور ذروتها و احتقنت دماء الغضب و الألم بصدرها فآثرت إنهاء ذلك الموقف المقيت عند هذا الحد بأن قالت بأنفاس مُتحشرجة و نبرة خافتة
_ عندك حق . عن اذنك .
لم يُطاوعه قلبه تركها في تلك الحالة لذا ما أن التفتت تنوي الخروج حتى اوقفتها كلمته حين قال بصرامة
_ استني.
توقفت بمكانها تحاول تهدئة انفاسها اللاهبة و ضربات قلبها التي سينفجر بها صدرها بأي لحظة ناهيك عن جفون تهدد بالخيانة و إطلاق العنان لفيضاناتها بالإنهمار وهذا تحديدًا ما لا تُريده
جاهدت لتحافظ على ثباتها ولكن ليس أمام شخص يحفظ سكناتها المطبوعة فوق جدران قلبه الذي كان غاضبًا ولكنه بالنهاية عاشقًا لذا اقترب منها قائلًا بلهجة هادئة
_ سليم عمل الصح . لا أنتِ ولا هي كنتوا هتتحملوا موقف زي دا . جنة كانت بتتلكك عشان تنهار ، و وجوده جنبها هو اللي خلاها تكون قوية . لو كنتِ هناك مكنتيش هتتحملي و بالتالي هي كمان مكنتش هتتحمل .
تعلم علم اليقين بأنه مُحق ولكن الأمر احزنها حد الغضب الذي تدافع إلى أوردتها فأعماها فلم تُفرق بين الخطأ و الصواب للحظات كانت قاتلة وها هي الآن تُحصي مرارة ما اقترفته يداها خزي من هذا الموقف لذلك حاولت شحذ الباقي من ثباتها وهي توميء برأسها قائلة بنبرة متحشرجة
_ فهمت.
حاربته بنفس سلاحه يعلم أنه كان قاسيًا قليلاً معها وها هي الآن تقسو عليه بأن تلتزم الصمت أمام عينيه على الرغم من أنه يعلم كم العبرات التي تحاول جاهدة التحكم بها كما يعلم أيضًا أنها ستضن عليه بالانهيار على كتفه لذلك لم يزيد في الأمر أكثر و أومأ برأسه لتتراجع إلى الخلف بخطٍ جاهدت لتكون ثابتة و قد توجهت رأسًا الى حظائر الخيول تعلم بأنه هناك فقادتها أقدامها حيث يجلس أمام أحبائه فوقفت خلفه قائلة بنبرة مُتحشرجة
_ سليم .
لم يتوقع قدومها فارتسمت الدهشة على معالمه و خاصةً و هو يشاهد ملامحها التي تضج بالكثير و توحي بأنها على شفير الإنهيار لذا أجابها بهدوء
_ تعالي يا فرح.
احتارت كيف تبدأ ولكنها أرادت الانتهاء سريعًا لذا قالت بخفوت و نبرة بها طابع الندم
_ انا مقصدتش اللي حصل . انا بس اتخضيت لما شفتك شايلها و داخل ، كمان و موضوع الإجهاض دا . يعني.
صمتت لا تعرف كيف تصيغ كلماتها فكان الندم يتبلور بصدق في عينيها ولكنها تشبه أخاه كثيرًا في عنفوانه و شموخه لذا لم يجعل الأمر يطول أكثر إذ قال بهدوء
_ خلاص يا فرح محصلش حاجه . الموقف كان صعب علينا كلنا .
ابتسامة ممتنه لونت ثغرها كونه لم يُطِل في الأمر أكثر و تابعت بنبرة صادقة
_ حقك عليا . متزعلش مني .
لامست الكلمة داخله و قد شعر بأنها حقًا تقصدها لذا قال بمزاح
ـ خلاص يا فرح احنا اخوات ، و أنتِ كمان متزعليش مني انا مقصدش أهمشك من حياة جنة بس الموقف كان صعب ، و كان هيبقى أصعب لو كنتِ موجودة صدقيني . أنتِ كمان مكنتيش هتتحملي .
اخفضت رأسها فهي شعرت بكل هذا الألم من مجرد كلمات ماذا لو كانت في هذا الموقف ؟
اومأت برأسها وهي تقول بخفوت
_ حصل خير .
مازحها قائلًا
د
_ خلاص بقى متعيطيش مش زعلان يا ستي ، بعدين هنعمل ايه يعني ؟ عشان الواد منصور مضطرين نتحمل سيادتك .
ابتسامة صغيرة لاحت على شفتيها ولكنها لم تستطِع منع ذلك الاستفهام الذي خرج من بين شفتيها حين قالت بنبرة مُلتاعة
_ عيطت كتير ؟
كان يعلم مقدار الألم بداخلها فهو يعلم كم تحب شقيقتها لذلك حاول التخفيف عنها قائلًا
_ يعني حاولت على قد ما اقدر اني مخليهاش تفكر أو تتكلم . ربنا سهلها من عنده يا فرح .
اومأت برأسها قبل أن تقول بنبرة مُتحشرجة بالبُكاء
_ طب اتألمت ؟ كانت لوحدها ولا كنت معاها ؟
«سليم» بلهفة
_ لا طبعًا مسبتهاش ولا لحظة ، و الحمد لله الموضوع مكنش في ألم اخدت بنج ، و الحمد لله فاقت كويسه متقلقيش .
_ الحمد لله. المهم مش عايزاك تزعل مني . جنة دي بنتي .
قالت جملتها الأخيرة بنبرة محرورة و قد بدأت قدرتها على الثبات في التلاشي لـ يتفهم «سليم» قائلًا بهدوء
ـ عارف ، و عشان كدا مردتش احطك في الموقف دا . صدقيني كنتِ هتتعبي . الحمد لله أنه عدا .
_ الحمد لله . انا هسيبك بقى.
هكذا تحدثت فقد بلغ منها الوهن مبلغه ليلاحظ حالتها فقال بلهجة مرحة
_ لا ما خلاص أنتِ صالحتيني و هرجع البيت .
ابتسامة خافتة ارتسمت على شفتيها فمد يديه لـ تتأبط ذراعه وهو يقول بمُزاح
_ يالا يا ستي احسن تتكعبلي ولا حاجه عايزين الواد ييجي سليم .
توجهت معه إلى المنزل لتجد الجميع في غرفة الجلوس فانصبت جميع النظرات المندهشة فوقهم وهي تتأبط ذراعه و كأن شيئًا لم يحدُث فصاح «مروان» بتهكم
ـ شوف مش دول اللي كانوا بيشدوا في شعر بعض من شويه ؟ لحقتوا اتصالحتوا . دانا كنت ناوي احط التاتش بتاعي .
شاطره «سليم» المُزاح قائلًا
_ الحمد لله ربنا نجدنا . كان زمانا فاتحين الآلي لبعض يا فرح .
ابتسمت« فرح» على مزاحه و توجهت أنظارها إلى
« أمينة» التي كانت الفرحة تملئ نظراتها لتقترب منها «فرح» تحتضنها وهي تضع قبلة قوية فوق رأسها لتشدد الأخرى من عناقها لتقول« فرح» بخفوت
_ هطلع اطمن على جنة و ارتاح شويه قبل معاد العشاء.
« أمينة» بحنو
_ روحي يا حبيبتي.
لأول مرة تحمد ربها على عدم وجوده فرؤيتها له في تلك اللحظة قد يجعلها تنهار بقوة وهذا ما لا تريده لذا توجهت إلى غرفتها رأسًا لتغلق الباب خلفها و تتوجه إلى مخدعها ترتمي باكية بصوت هز أرجاء الغرفة و مزق نياط قلبه فقد كان يتوقع ما حدث ويعلم بأنها ستؤجل انهيارها إلى أن تأتي إلى هنا و قد كان موجود ليمتص جميع أحزانها و غضبها فاقترب منها يحتضنها بقوة من الخلف وهو يقول بنبرة خشنة
_ يعني لو كنتِ اترميتي في حضني و عيطتي كان هيقولك لا ؟
لا تُنكر صدمتها حين شعرت بوجوده ولكنها سُرعان ما تغلبت عليها و قامت بنزع نفسها من بين ذراعيه وهي تقول من بين شهقاتها
_ ابعد عني .
شدد من احتوائها وهو يقول بخشونة
_ مقدرش ابعد عنك .
هتفت وهي تقاومه
ـ متقدرش تبعد عني لكن تقدر تخبي عليا ، و تسمعني كلام زي السم صح ؟
جذبها بغتة مُستخدمًا قوته ليحكم قبضته حولها بين ذراعيه قبل أن يقول بجانب أذنها
_ حقك تزعلي عشان خبيت عنك بس انا اهم حاجه عندي في الدنيا انك تكوني بخير ، و الموضوع كان هيبقى صعب عليكِ و مكنتيش هتقدري متروحيش ، وانا بصراحة مكنتش حابب تروحي المستشفى في موقف زي دا .
استدارت تعطيه ظهرها وهي لازالت بين أحضانه لتقول بنبرة حزينة
_ ازاي بتقول كدا ؟ دي جنة . عارف يعني ايه جنة ؟ دي بنتي اللي مخلفتهاش . بنتي يا ناس .
التفتت برأسها قائلة بأسى
_ جنة دي مكنش حد بيسهر بيها في تعبها من يوم ما اتولدت غيري حتى و ماما عايشة . ازاي عايزين دلوقتي تحرموني من اني اكون جنبها في أصعب أوقاتها ؟
هاله مظهرها و بكائها بتلك الطريقة و لأول مرة سيكون اناني وهو غير نادم بالمرة لذلك قال بعتب
_ طب وأنتِ يا فرح ؟ مبتفكريش في نفسك خالص ؟ لو أنتِ قدام جنة بتلغي نفسك وهي بتكون رقم واحد بالنسبالك فأنتِ بردو بالنسبالي رقم واحد .
همست بخفوت
_ يا سالم افهم ..
قاطعها بصرامة
_ افهمي أنتِ . انا اكتر واحد عارف فرحتك بحمل جنة كانت ازاي ، و اكتر واحد عارف كنتِ هتتقهري ازاي لو عرفتي باللي حصل ، و لو كنتِ روحتي مكنتيش هتتحملي . استنى لما تقعي مني !
_ لا . بس على الأقل كنت تعرفني .
هكذا عاتبته بحزن فاقترب واضعًا قبلة دافئة بين عينيها قبل أن يتراجع قليلًا ليقول بحنو
_ حقك عليا ، و خليكِ عارفه انك اغلى حد عندي في الدنيا ، ولو في اي حاجه في مصلحتك هعملها من غير ما افكر ولا حتى ارجعلك .
دغدغت كلماته حواسها ولكن هناك بقايا حزن لازالت عالقة بثنايا قلبها لذا حين أوشك على الارتشاف من عذب ريقها تراجعت و التفت تعطيه ظهرها وهي تقول بتذمُر
_ مش كنت قليلة الذوق من شويه ! دلوقتي بقيت اغلى حد عندك !
يعلم أنها أكثر من يُعاني بجانبه و يتحمل الكثير لأجله لذا لم يبخل عليها بدلاله حين اقترب ينثر عشقه فوق كتفها بتمهُل قاتل ليصل إلى أعلى رقبتها هامسًا بجانب أذنها
_ انا عمري ما اقول عنك كدا . بس غلطة الكبير كبيرة ، و أنتِ مكانتك كبيرة اوي و مقبلش أنها تتهز .
التفت تناظره وهي تقول بخفوت
_ انا فعلا انفعلت و معرفش صوتي علي كدا ازاي ؟ انا حتى اتفاجئت أن الناس كلها حواليا بس منظر جنة و هو شايلها و الكلام اللي قاله جنني يا سالم . جنني .
«سالم» بهدوء
_ خلاص يا عيون سالم . انسي. موقف و حصل وانا عارف وكلنا عارفين انك متقصديش ، و بعدين جيالي أنتِ وهو مأنكجين بعض يا ست هانم ؟
لاحت ابتسامة صغيرة على شفتيها قبل أن تقول بسخرية
_ اصلًا كنت دايخه و البيه كان خايف على منصور .
اقترب يشاكسها وهو يمرر أنفه فوق خاصتها قبل أن يقول بهسيس خشن
_ ام منصور عايزة قرصة ودن .
«فرح» بتهكم يتخلله بعض الدلال
_ و ابو منصور بقى عايز ايه ؟
احتوى خصرها بين ذراعيه وهو يقربها منه أكثر قائلًا بخشونة اذابتها
_ تعالي وانا اقولك .
ما أن أوشك على اقتناصها بين طيات عشقه حتى صدح صوت طرق قوي على باب الغرفة يليه صوت «مروان» الذي قال بصياح
_ أبو منصور .
اغمض عينيه يستغفر ربه قبل أن يقوم بالفتك بذلك الوغد فحاولت «فرح» قمع ضحكتها بصعوبة وهي تمرر يدها بهدوء فوق خصلات شعره قائلة
_ الله اكبر . ابعد يا شيطان ابعد يا شيطان .
فتح عينيه بغتة قبل أن يقول بهسيس مُرعب
_ صح . هو شيطان . هروح اخلص الناس من شره . انا كدا جبت اخري .
انهى كلماته و توجه إلى باب الغرفة لتحاول قمع ضحكتها بصعوبة و خاصةً حين شاهدت ملامح «مروان» الذي تصنم بمكانه من رؤيته لملامح «سالم» المُكفهرة فهتف بذُعر
_ ايه يا كبير ؟ حصل ايه ؟ الولية اللي جوا دي مزعلاك ولا ايه ؟
اقترب «سالم» يمسكه من ياقة قميصه الخلفية وهو يزمجر قائلًا
_ لو مكنش في موضوع مهم جايبك هخلص عليك سامع ؟
«مروان» بلهفة
_ هي قستك عليا أنا كمان ؟ تشخط في سليم تحت و تقومك عليا هنا ؟ هتودي الحاجه دار المسنين امتى ؟
برقت عيني« سالم» بتحذير فصاح «مروان» باندفاع
_ الصاروخ عايزك تحت .
تركه «سالم» بغضب و توجه لغرفة الملابس وهو يرغي و يزبد فاقتربت «فرح» قائلة بتقريع
_ بقى انا يا واطي بقويه عليكوا ! تصدق انك تستحق كل اللي سما بتعمله فيك .
«مروان» بسخط
_ تتشك في قلبها سما بنت همت عاللي عملاه فيا . حسبي الله ونعم الوكيل .
«فرح» بتشفي
_ تستاهل ، ولسه لما اقولها انك بتقول عالبت الصفرا دي صاروخ .
«مروان» بتهكم
_ صفرا ! شوف ياخي حقد الستات !
«فرح» بحنق
_ مين اللي بيحقد يا أبو لسانين انت ! انا احقد على دي !
«مروان» بسخرية
_ يا بت . دا الحقد هينط من عنيكِ . ايوا شعر اصفر و عنين زرقا و عود البطل ، و طبعًا أنتِ بالبطيخة دي يبقى البطل الله يرحمه . الله يعينك يا كبير والله .
لم يكد يُنهي جملته حتى فاجأته «فرح» و أغلقت الباب في وجهه وهي تُحاول السيطرة على نوبة غيرة جنونية اجتاحتها و خاصةً و قد عادت كلمات تلك الوقحة تتردد في أذنها منذ قليل فأخذ عقلها يعمل في جميع الاتجاهات لتقف عند نقطة واضحة تلك المرأة تُحيك لعبة قذرة و هي شبه متأكدة بأن زوجها الهدف من وراء لعبتها.
_ الحلو سرحان في ايه ؟
هكذا تحدث« سالم» وهو يقف خلفها بعد أن قام بتبديل ملابسه و إرتداء قميص رياضي باللون النبيذي تاركاً أول ازراره مفتوحًا و أسفله بنطال مُريح باللون الأسود و صفف خصلاته البُنية بطريقة مُنمقة فقد كان يُشبه نجوم السينما بطلته الرائعة و التي خطفت قلبها لتقول بخفوت
_ الحلو اللي لبس و اتشيك من غير ما يستناني .
ابتسم على كلماتها قبل أن يقول بسخط
_ ما أنتِ شايفة مفيش حاجه بتستنى . الحمد لله اننا عارفين ناخد نفسنا.
ضاقت عينيها بمكر و أطلقت تنهيدة قوية قبل أن تخفض نظراتها وهي تقول بخفوت
_ هينفع تستناني اغير هدومي وانزل معاك ؟
شعر بأنها ليست على ما يُرام فاقترب قائلًا بلهفة
_ فيكِ حاجه ؟
«فرح» بخفوت
_ حاسة نفسي تعبانة شوية
_ طب ارتاحي أنتِ و خليكِ هنا و أنا هخليهم يطلعولك العشا .
«فرح» بابتسامة واهنة
_ لا . انا حابة انزل عشان الموقف اللي حصل دا ، و كمان عشان متخنقش هنا لوحدي .
اومأ برأسه قبل أن يقول بهدوء
_ طب يالا وانا هساعدك تغيري هدومك و ننزل سوى .
اقتربت تعانقه بدلال تجلى في نبرتها حين قالت
_ لا يا روحي خليك هنا وانا هدخل البس في خمس دقايق و اجيلك .
اومأ بصمت فاندفعت إلى داخل غرفة الملابس غافلة عن تلك البسمة الماكرة التي ارتسمت على ملامحه فقد تيقن من أمر غيرتها التي تُخفيها ببراعة ولكنه أكثر من يعلمها لذا شعر بما يعتمل بداخلها و قد كان يروق له هذا الأمر كثيرًا
بعد قرابة العشرون دقيقة وهو ينتظر وعلى عكس المتوقع لم يشعر بأي ملل فقد كان يعلم أن نتيجة انتظاره ستكون مُرضية و لكن الحقيقة أنها كانت مُبهرة فقد أطلت عليه بذلك الرداء الذي يُماثل لون ذلك القميص الذي يرتديه ولكنه كان عليها أكثر من رائع فقد كان فستانها يعانق جسدها بطريقة رائعة دون ابتذال ذو أكمام من قماشة الدانتيل التي التفت حول ذراعيها لتنتهي عند الرسغ بنقوش رقيقة ذو فتحة صغيرة تِبرز عنقها المرمري و قوسي الجمال خاصتها الذي يتمثل في عظمتي الترقوة فقد كان يعتبرهما بوابته إلى جنتها التي يود لو أنه لا يخرُج منها أبدًا ، و وجهها البهي الذي أتقنت تزيينه دون إفراط و خصلاتها الرائعة التي رفعتها إلى الأعلى لتُزين وجهها البديع . كان جمالها آخاذًا للحد الذي جعله يتقدم لـ يحتوي أحد كفوفها واضعًا قبلة دافئة فوق راحته قبل أن يرتفع برأسه يُناظرها بأعين التمع بهم العشق و الإعجاب الذي تجلى بنبرته حين قال
_ هي الملايكه نزلت من السما عشان تعيش وسطنا ؟
نثر الخجل محصول التفاح الشهي فوق وجنتيها فبدت رائعة للغاية قبل أن تقول بنبرة جذابة
_ ملايكه مرة واحدة !
«سالم» بخشونة
_ ماهو مفيش بشر حلو كدا ؟
عانقت كفوفها رقبته قبل أن تقول بدلال
_ لا ما هوا انا اصلي لقيت سيادة النائب متشيك كدا و قمر قولت لا بقى لازم اتشيك انا كمان عشان أليق بيه .
زاد من ضمه إليها قبل أن يقول بنبرة صادقة
_ سيادة النائب دا قعد أربعين سنة مش شايف ان في ست تليق بيه لحد ما قابلك . لو حتى لابسة خيش مبيشوفش أجمل منك .
كلماته أثقلت غرورها الأنثوي و قوت دفاعاتها في تلك المعركة التي هي مُقبلة عليها والتي ستُحارب فيها بكل ضراوة حتى وإن كانت تجهل قوة خصمها ولكنها لن تخسر أبدًا لذا رفعت رأسها و استقامت بشموخ وهي تتأبط ذراعه ليهبطَ الدرج سويًا أمام أعيُن الأفعى التي كانت تشاهد هبوطهم بنظرات كارهه حاقدة رغمًا عن إتقانها تزييف ابتسامة هادئة لونت محياها و نبرة تشبهها حين قالت
_ اوه. انتمَ ثُنائي رائع . تليقان ببعضكما كثيرًا .
اومأ «سالم» بصمت بينما إجابتها «فرح» بترفُع
_ نعم نحن كذلك .
«جوهرة» بنبرة يملؤها المكر
_ و أيضًا يُعجبني كونكم تُجنبان علاقتكما عن خلافات العائلة
قصدت «فرح» كل حرف تفوهت به حين قالت بهدوء
_ أي خلافات عزيزتي ؟ نحن هنا عائلة واحدة و تلك الأحداث اليومية لا تُعد خلافات فنحنُ لا نسمح لها بالوصول إلى ذلك .
وصلها المغزى خلف كلمات «فرح» لذا اومأت برأسها قبل أن تتوجه بنظراتها إلى «سالم» لتقول بنبرة جذابة و عينين تشعان اغراء
_ سيد سالم هل يمكن أن نتحدث قليلًا ؟
اومأ «سالم» فبادرت« فرح» الحديث لتكون هي من أقرت ما سيحدُث
_ روح انت يا حبيبي وانا هطمن على جنة على ما تخلص .
اومأ بصمت قبل أن يعطيها ابتسامة ساحرة و هو يتوجه إلى غرفة المكتب قائلًا بفظاظة
_ اتبعيني .
أجبرت نفسها على الالتفات حتى لا تُظهر لتلك الوقحة أنها تُراقبهم لتجد «نعمة» تحمل صينية الطعام ل«جنة» فاقتربت« فرح» قائلة بهدوء
_ دي لجنة يا دادا ؟
_ ايوا يا حبيبتي .
«فرح» بلُطف
_ طب خليكِ انا هوديهالها .
كان هُناك أصوات جلبة في غرفة الجلوس فـ فطنت إلى أن الجميع بالداخل لذا أرادت الإطمئنان على شقيقتها أولًا فـ أخذت صينية الطعام و توجهت للأعلى قاصدة غرفة «جنة» و ما أن التفتت لتدخل إلى باب الغرفة حتى لفت انتباهها شيء مُريب جعلها تتسمر في مكانها …
يتبع…
•تابع الفصل التالي "رواية انشودة الاقدار" اضغط على اسم الرواية