رواية الغرفة المغلقة الفصل الثاني 2 - بقلم نور الشامي
كاانت تجلس في زاوية الغرفة.. تحاول أن تُظهر ثباتًا أمام نظرات إلياس المتوحشة الذي أغلق الباب خلفه ببطء، لينتشر صوت قفل الباب في المكان كأنه صفارة إنذار و تقدّم نحوها بخطوات هادئة لكنها ثقيلة كالرصاص فـ رفعت رأسها هي ونظرت إليه بثبات مصطنع قائلة:
إلياس.. أنا مش خايفة منك… ومهما حاولت تهددني، مش هسكت… مش انا ال اخاف من واحد زيك.. انت تجدر تخوف اي حد بس انا لع
نظر اليها الياس ووقّف على بُعد خطوات قليلة منها، ضاحكًا ضحكة قصيرة لكنها خالية من أي مشاعر ثم اقترب فجأة وجلس أمامها خافضًا صوته وكأنه يتحدث مع طفل مرددا:
خايفة؟ لع يا رفيف، الخوف لسه مبدأش بس اي الجراءه ال فيكي دي..لسه زي ما انتي متغيرتيش عامله فيها شاطره وتعرفي تعملي كل حاجه في الدنيا … بس معلش كل حاجه هتتصلح
نظرت رفيف اليه بخوف وحاولت أن تتراجع للخلف، لكن الحائط كان سدّها الوحيد فـ همست بصوت مرتجف رغم تحديها مردفه:
لو فكرت تعمل أي حاجة… هصرخ، وهخلي الناس كلها تعرف ال بتعمله.. جسما بالله ما هسكت
ابتسم الياس ابتسامة باردة ووضع يده على الحائط بجانب رأسها، حاجبًا عنها أي مخرج، ثم همس بصوت يشبه فحيح الافاعي:
تصرخي؟ جربي اكده وأنا هوريكي وجتها هعمل اي… ولا اجولك… من غير ما اعمل.. يلا… صرخي ووريني
القي الياس كلماته وامسك بذراعها فجأة بقوة جعلتها تتأوه من الألم فـ صاحت وهي تحاول دفعه بغضب:
إلياس، سيبني!
لم يهتم الياس لكلماتها وسحبها نحوه أكثر، وعيناه مليئتان بالتهديد مرددا:
انا حذرتك كتير جووي وجولتلك ابعدي عني… بلاش تحاولي تدخلي في حياتي.. بس من الواضح اكده ان مفيش فايده.. الا جوليلي يا رفيف انتي بتحبيني ولا اي عاد.. طولي الصراحه
نظرت رفيف اليه بتوتر وحاولت تحرير نفسها بعنف قائلة:
مش هسمحلك تعمل اكده فيت .. مش هسكت زي رقية… ابعد عني
تنهد الياس ولمعت عيناه بغضب أكبر، ثم اقترب من أذنها وهمس بنبرة مُخيفة:
مش عايز اسمع اسمها جدامي فاهمه… مش عايز اسمع اسمها.. هي ماتت خلاص
رفعت رفيف عينيها إليه والتقت نظراته المظلمة التي جعلت قلبها يرتجف و تملّكتها لحظة من الرعب وهي تراه يقترب أكثر، ثم صرخت بصوت مكسور:
سيبني، بالله عليك و
لم تنهي رفيف كلماتها و شدّد الياس قبضته اكثر على معصمها ثم اردف ببرود وهو ينظر مباشرة في عينيها:
جاه وجت الحساب بينا… انتي ال دخلتي اهنيه برجليكي وبمزاجك.. فـ استحملي بجا ال هيوحصل فيكي
أنهى إلياس كلماته واقترب بخطوات متوترة من رفيف، لكنها صرخت بغضب قائلة:
اوعي تلمسني… خلي عندك شوية إحساس؟ إنت عايز مني إي عاد أنا عارفة إنك مخبي سر كبير، ومتاكدة إن رقية لسه عايشة… إنت كداب جسما بالله… بطل كدب بجا واظهر علي حقيقتك
تنهد إلياس بغضب واضح وهو يحاول السيطرة على أعصابه، وكلماته تقطر حدة:
إنتي مالك.. إي ال مدخلك في حياتي؟ إنتي أصلاً جايه اهنيه ليه عاد دايمًا عايزاني أفقد أعصابي. بجزلك إي… أنا خلاص جيبت آخري منك، كفاية جوي اكده
انهي الياس كلماته وقبل أن تُكمل رفيف أي رد، أمسكها إلياس من ذراعها بقوة وسحبها خارج البيت. مرت دقائق قبل أن يصل إلى منزل رشيد، حيث فتح الأخير الباب بفزع وهو يردد:
“إي ال حوصل يا ابني؟ ادخل جول في إي عاد
دخل إلياس المنزل تاركًا رفيف، التي انفجرت غضبًا:
انت إنسان معندكش احساس وجليل الربايه ومحدش علمك الادب نهائي
نظر إليها إلياس بحدة مصطنعة وهدوء متكلف قبل أن يردد موجهاً كلامه لرشيد:
“عمي… أنا مش فاهم رفيف دي عايزة إي مني بالضبط! في كل مكان أروحخ ألاجيها جدامي، وبتدخل بيتي كمان زي الحرامية. غير إنها دايمًا تتهمني إني مخبي رقية. أنا تعبت منها مش عارف أعمل معاها اي عاد.. لو عندكم حل انتوا جولوا وانا اعمله يمكن ربنا بهديها
كانت كلماته الباردة كفيلة بأن تصدم رفيف، التي لم تستوعب كيف تحول من شخص غاضب إلى هادئ متزن بهذه السرعة. حاولت الرد، لكن والدة رقية صاحت بغضب وقهر:
كفاية بجا يا رفيف! حرام عليكي! جُولتلك إن بنتي ماتت، ليه بتعذبيني بالشكل ده؟ اتجي الله.. انتي بتعملي فيا اكده ليه عاد
جلست زينب والدت رقيه على الكرسي، تبكي بحرقة، فاقترب منها إلياس وطمأنها بلطف زائف:
خلاص يا حاجة.. متزعلوش. هي بس بتحب رقية جوي، ومش جادرة تستوعب انها ماتت علشان اكده بس
قاطعته زينب بدموع وهتفت:
لع يا ابني، كفاية اكده. مش عايزة أشوفها تاني… رفيف امشي! من النهارده ملكيش أي صله بينا خلاص مفايه اكده بجا احنا تعبنا
نظرت رفيف اليهم بدموع ووقفت تحاول التحدث لكن رشيد تدخل بحدة واردف:
امشي يا رفيف.. كفاية ال عملتيه
نظرت رفيف بحزن وخرجت من المنزل بدموع، اما خارج البيت كان يقف إلياس بجانب سيارته، ينظر إليها بسخرية قائلاً:
دي أول خطوة. بعدتك عنهم نهائي. علشان لما اجتلك ان شاء الله محدش هيهتم أو يسأل عنك..انتي اصلا مكنش ليكي حد غيرهم . وبحذرك للمرة الأخيرة… ابعدي عني يا رفيف احسن
مسحت رفيف دموعها بحزم وردت:
جسما بالله ما هسيبك يا إلياس. هفضحك جدام الكل وهتشوف
ضحك إلياس بصوت عالي واستقل سيارته مغادرًا. بينما صرخت رفيف بعناد:
“جسماً بالله، ما هسيبك!”
أنهت رفيف كلماتها الغاضبة، وفي صباح اليوم التالي، كانت شيرين تركض بخوف في أحد الشوارع، بينما تطاردها فتاة غريبة حتى أمسكَت الفتاة بذراعها قائلة:
“استني… أنا مش هعملك حاجة! إنتي خايفة مني ليه عاد؟ صحيح إنتي متعرفنيش، لكن أنا أعرفك، وعايزة أجولك حاجة مهمة
نظرت شيرين إليها بقلق وتراجعت خطوة للخلف مردده :
انتي عايزة إي مني؟ أنا معرفكيش ولا عايزة أعرفك اصلا ، ابعدي عني
تنهدت الفتاة بضيق :
ابن عمك إلياس هو السبب في اختفاء خطيبك. هو الوحيد ال يعرف مكانه. وائل لسه عايش صدجيني والياس هو ال حابسه
تجمدت شيرين في مكانها من الصدمة ورددت بغضب:
“إنتي بتجولي إي؟! مستحيل! إلياس مش ممكن يعمل اكده، هو بيدور عليه في كل مكان. إنتي كدابه
تنهدت الفتاة وهتفت بإصرار:
صدجيني هو ال عمل اكده… لو عايزة تتأكدي، روحي للبيت الجديم بتاع إلياس، هناك هتلاجي الحقيقة. لكن الحقي خطيبك جبل فوات الأوان.. لو استنيتي اكتر من اكده هيموت ويندفن من غير حتي ما حد يعرف عنه حاجه
القت الفتاه كلماتها وركضت مبتعدة، بينما ظلت شيرين واقفة في مكانها، مذهولة، عاجزة عن استيعاب ما سمعت وفي مساء اليوم التالي كانت رفيف تقف أمام المنزل القديم ومعها رجل بدا مترددًا وهو يقول:
انا مش مرتاح لـ ال بنعمله. إنتي متأكدة إن مفيش حاجة هتوحصل؟”
تنهدت رفيف بضيق ورددت:
صدجني مفيش حاجة هتوحصل. كل ال موجوين اهنيه حارسين، وأنا حطيت منوم في الواكل بتاعهم . هما خلاص بيناموا دلوجتي. لازم ندخل ونفتش في كل الأوض لحد ما نلاجي رقية. يلا بينا.”
دخلت رفيف بحذر، وعلى الجانب الآخر، كانت رقية تجلس على الأرض في إحدى الغرف، تبكي بحرقة كعادتها، تدعو الله أن ينقذها و فجأة، ارتعدت عندما سمعت خطوات تقترب من باب الغرفة. ظنت أنه إلياس، لكنها انصدمت عندما فُتح الباب لتجد رفيف أمامها وقفت رفيف مصدومة مردفه :
“رقية… إنتي لسه عايشة؟ فعلاً لسه عايشة؟”
احتضنتها بقوة وأضافت:
واحشتيني جووي… منه لله إلياس هو ال عمل فيكي اكده. يلا بسرعة، لازم نهرب من اهنيه
أمسكت رفيف بيد رقية لتسحبها خارج الغرفة، لكن الأخيرة توقفت فجأة وقالت:
وائل! وائل موجود اهنيه . إلياس حابسه في اوضه المخزن
توجهت رفيف إلى الغرفة ببطء وفتحت الباب فـ وجدت وائل يجلس علي الارض مرهقًا يحاول النهوض، لكنه لم يستطع فـ أسرعت نحوه وساعدته على الوقوف، ثم خرجوا جميعًا من المنزل وقبل أن يستقلوا السيارة، ظهرت شيرين فجأة، تحدق بهم بصدمة مردده :
رقية… إنتي لسه عايشة؟ وائل! إنتَ اهنيه ازاي
نظر إليها وائل بتعب يمتزج بالغضب، بينما قالت رفيف بقلق:
اركبوا العربية بسرعة! يلا، اركبوا!
ركضت شيرين نحوهم وهي تصيح بلهفة:
استنوا! وائل، أنا دورت عليك كتير جوي بالله عليك، جولي إي ال حوصل؟”
تراجع وائل قليلًا، ثم قال بصوت متهدج:
“ابعدي عني! أنا بكرهك، وبكرهكم كلكم. كل ال كان بينا انتهى!”
أمسكت شيرين يده وهي تبكي قائلة:
مستحيل أسيبك تمشي! بالله عليك، خلينا نتكلم.. فهمني اي ال حوصل و
أدار وائل ظهره وركب السيارة مع رفيف. حين جاءت رقية لتصعد، أمسكت شيرين يدها بشدة وصرخت:
“مش هسيبكم تمشوا مهما حوصل!”
دفعتها رقية شيرين بعنف، صارخة:
ابعدي عني! مش عايزة مشاكل أكتر من اكده و
وفي تلك اللحظة فقدت شيرين توازنها واصطدمت بسيارة مسرعة فـ سقطت على الأرض، بلا حراك جثه هامده و
توقعاتكم ورايكم ويا تري اي ال حصل والياس هيعمل اي واي العلاقه بين رقيه ووائل والياس هيعمل اي مع رفيف وهل شيرين فعلا ماتت
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الغرفة المغلقة) اسم الرواية