رواية الفتاه التي حلمت ان تكون ذئبه الفصل الثاني 2 - بقلم اسماعيل موسى
داخل قصر البيتا ادم
كانت أصداء ضحكات رعد تتلاشى في أرجاء القصر القديم، تاركة وراءها شعورًا غريبًا من التوتر في الهواء
وقفت تاهيلا بجانب سارة التي كانت ما زالت ملتصقة بالجدار، أنفاسها متقطعة وكأنها تحاول استيعاب ما حدث.
نظرت تاهيلا إلى صديقتها البشرية نظرة عميقة، عينيها الزرقاوان تخترقانها مثل سهام حادة
كان في وجهها مزيج من الفضول والغموض، وكأنها تحاول فك شيفرة ما حدث للتو.
: “أظن أنك شعرتِ بقوته، أليس كذلك؟”
سارة: (بصوت متلعثم) “أنا… نعم، بالطبع. كيف يمكن ألا أشعر؟ وكأنه عاصفة دخلت الغرفة.”
ابتسمت تاهيلا، لكنها لم تكن ابتسامة كاملة، بل أشبه بشيء يحمل في طياته سرًا دفينًا.
رعد ليس كأي ألفا قد تقابلينه، قوته ليست فقط في جسده العملاق أو نظرته التي تحرق الأرض… بل في شيء أعمق شيء يخشاه الجميع، حتى من يتظاهرون بعدم خوفهم
لقد سمعت عنه الكثير لكن عندما حضرت لم يكن هنا
إلى الآن لا اتخيل انه انحنى وقبل يدى همست تاهيلا بنبره مستمتعه
رعد الوحش الذى تخضع له جميع الالفا يقبل يدى؟
سارة: (بهمس وهي تحاول استجماع شجاعتها) “لكن… لماذا نظر إليّ بتلك الطريقة؟ ولماذا ضحك وكأنه يسخر مني؟”
اقتربت تاهيلا من سارة بخطوات بطيئة، وكأنها تختار كلماتها بعناية.
ربما لأنه رأى فيك شيئًا لم يراه احد فيك من قبل
سارة: (بنبرة متوسلة) “ماذا تقصدين؟ … أنا مجرد إنسانة بشريه
تاهيلا…… البشر دائما يثيرون انتباه الوحوش ربما يفكر فى أكلك
ارتجفت سارة من كلمات تاهيلا وهمست… تاهيلا لا ترعبينى من فضلك،لازلت أشعر بقبضة رعد حتى بعد رحيله
ثم نظرت سارة إلى الخدم الذين كانوا يتحركون في القاعة بخطوات حذرة، عيونهم تخفض إلى الأرض، وكأنهم يخشون حتى النظر إلى الأعلى
سارة: “لكن… لماذا الجميع يخافه؟ حتى أنتِ تبدين متوترة حين يتحدث.”
تاهيلا: (تبتسم ابتسامة باردة) “لأنني أعرف ما هو قادر عليه، رعد ليس مثل آدم، رغم أنهما صديقان، آدم قد يحكم بقلبه أحيانًا، لكن رعد؟ هو قوة الطبيعة بعينها، لا يلين، ولا يرحم
الجميع يعرف انه متوحش
كانت سارة على وشك طرح سؤال آخر، لكن تاهيلا وضعت يدها على كتفها ونظرت إليها نظرة تحذير.
تاهيلا: “نصيحتي لكِ يا سارة؟ ابقِ بعيدًا عن طريقه،فالألفا مثل رعد لا ينظرون إلى أمثالكِ إلا إذا أرادوا… تدميرهم أو امتلاكهم واخضاعهم
شعرت سارة أن الغموض يزداد تعقيدا، عينيها تابعتا الخدم الذين بدؤوا بترتيب القاعة بهدوء، لكنها لم تستطع نزع الشعور بأن شيئًا مرعب ومحبب قد حدث للتو، كانت رائحة رعد لازالت عالقه فى شعرها وعيونه الزرقاء الامعه تخترقها ولم ترحل
#اسماعيل_موسى
يعنى ايه يا تاهيلا يمتلكنى ويخضعنى
همست تاهيلا وكأنها تحدث نفسها، يمتلك يا فتاه، تصبحين ملكه يفعل بك ما يشاء
………..
داخل قصر الالفا رعد
كانت الرياح تعصف بخفة فوق سطح القصر، تحرك أوراق الأشجار المحيطة، وتنقل معها برودة المساء، جلس رعد على المقعد، عينيه، الزرقاوين كانتا مثبتتين على البحيرة أسفل القصر، تتلون مع الغروب بلون النار
لم يكن قد عاد إلى هذا المكان منذ شهور، بعد اختفائه في جبل بازيخ، الشائعات حول عزلته وخلوته مع الجبال كانت تملأ القطيع، لكن القليل فقط كان يعرف السبب الحقيقي
عندما قتلت رفيقته شعر ان حياته تتحطم وظن الجميع أنهى انتهى لكنه عاد مره اخرى عاد بلا روح
فألفا تقتل رفيقته امر غير مسبوق ثم انه ليس الفا عادى انه الفا ملكى
من خلفه، تقدمت لينا، خطواتها خفيفة لكنها لم تخفَ عنه
فرعد لديه القدره على سماع ابسط الأصوات
حتى الهمسات البعيده يسمعها
يسمع صوت حفيف أوراق الشجر
صوت الريح، صوت أمواج البحيره والاوزات التى تسبح داخلها انه يسمع اى شيء وكل شيء
همست لينا رعد، مضى وقت طويل…”
لم يلتفت رعد ، ولم يبدِ أي إشارة أنه استمع كلماتها، كأن جسده كالصخر، لا يتحرك ولا يجيب
(لينا، ابنة عم رعد الألفا الملكي، هي امرأة ذات جمال فاتن يأسر الأنظار، إلا أن جمالها ليس فقط في ملامح وجهها، بل في حضورها الفريد الذي يظل مهيبًا حيثما كانت
هي في العقد الثالث من عمرها، ولكن ملامحها تبدو وكأنها في أزهى شبابها، مع شعر طويل وكستنائي لامع ينسدل على ظهرها وكأنه خيوط حرير متموجة
عيونها خضراء فاتحة، تتلألأ كأوراق الربيع تحت ضوء الشمس، وإحساس بالبرود الذي يرافق نظراتها يعطيها هيبة لا يملكها غيرها.
جسدها رشيق وممشوق، يعكس فخرها وعزتها، لكن يوجد في تفاصيلها شيء غامض شيء من الحزن الكامن داخلها جمالها لا يحتاج إلى التفاخر، فهي امرأة تفرض نفسها بشكل طبيعي في أي مكان كما أن ملامحها الحادة تتناغم مع قسوة الحياة التي اختارت أن تعيشها______
“كنت في بازيخ، وحدك؟
وكانت لينا تعرف ان ماجى كانت رفقة رعد
خادمته الشابه المطيعه التى تلتصق به فى كل مكان
قالت بصوت منخفض، لكنها لم تكمل عندما قاطعتها نبرة رعد الباردة كحد السيف:
“ليس من شأنك،
لينا، توقفي عن التدخل فيما لا يعنيك.”
تصلبت ملامحها للحظة، لكنها تماسكت، لم تكن غريبة عن جفائه،
أنا هنا لأساعدك.”
التفت نحوها ببطء، نظرته كانت صارمه، نظره قد تقتل شخص عادى، كأنه يختبر صبرها “لا أحتاج مساعدتك ولا أحتاج وجودك هنا، عودي غرفتك يا لينا واجهي مهامك بدلًا من مطاردتي.”
“رعد… ؟ صوتها ارتجف قليلًا، لكنها تابعت بثبات: “أنت لست بخير وأنا لا أخذ الأوامر منك.”
رفع حاجبه بسخرية طفيفة وابتسامه تزين فمه “أنتِ هنا لأنكِ لا تعرفين متى تتوقفين عن التدخل فى شؤنى لكنني سأقولها مرة أخيرة: اذهبي.”
لم تستجب، بدلاً من ذلك، أخرجت حقيبة صغيرة من قماش كانت تحملها، وضعتها أمامه وفتحتها لتكشف عن أدوات حلاقة قديمة
“إذا كنت ستعاملني ببرود، فليكن
لكن لن أتركك بهذا الشكل انظر إلى نفسك، رعد؟
أنت تبدو كأنك خرجت للتو من كهف
مظهرك متوحش الا يكفى من تبثه من رعب فى قلوب القطيع؟
عقد حاجبيه بلوم ، وبدا كأنه على وشك طردها بالقوة، لكنه لم يتحرك
اقتربت لينا ببطء، وكأنها تعلم أنها تسير على حافة الخطر، وضعت يدها على كتفه، دفئ لمستها كان غريبًا في مواجهته البرودة التى تجتاح صدره “اسمح لي.”
تردد لثوانٍ، ثم أغمض عينيه وأخذ نفسًا عميقًا، لم يقل شيئًا، لكنه سمح لها بالبدء.
جلست خلفه، وسحبت مقعدًا خشبيًا صغيرًا لتجلس عليه، أمسكت بالمقص أولاً، وبدأت بقص شعره الطويل المشابك، كانت حركاتها دقيقة لكنها حذرة، كأنها تخشى أن تطعن جزءًا من روحه المكسورة مع كل خصلة تسقط.
“شعرك أطول مما توقعت…” تمتمت بخفوت، لكن رعد لم يرد، عينيه ما زالتا متعلقتين بالغروب.
بعد أن انتهت من قص الشعر، بدأت بتمرير شفرة الحلاقة على لحيته، ملمس وجهه القوي تحت أصابعها كان بارزًا، وكل حركة كانت مدروسة لتجنب أي خدش.
“أنت أفضل بكثير مما تظن، رعد.” قالت وهي تزيل الطبقة الأخيرة من اللحية.
رد عليها أخيرًا، صوته منخفض لكنه لا يزال قاسيًا: “توقفي عن الحديث، لينا، إنه مجرد شعر.”
عندما انتهت، تراجعت خطوة للوراء لتتفحص عملها، ها أنت ذا نظيف وجاهز تبدو جميلا ومذهلا
نهض من مكانه، مرر يده على وجهه وشعره، ألقى عليها نظرة قصيرة قبل أن يتجه نحو السلالم المؤدية للأسفل
وهو يتمتم مهما فعلت لن اغفر لك ابدا
كونى شاكره اننى اسمح لك بالعيش داخل القصر
شعرت لينا ان الدموع ستساقط من عيونها، لازال ادم يحمل والدها مسؤلية قتل عائلته
انه يعرف ان لا ذنب لها
حتى بعد أن رحلت عائلتها خوفا من انتقام رعد قررت البقاء فى القصر وتعيش قربه
ركضت لينا نحو غرفتها
وغرفتها داخل القصر تفوح منها رائحة الهدوء والعزلة، ليست غرفة مترفة كغرف الأخريات، بل هي غرفة ذات طابع فخم لكن غير مبهر، تقع في ركن هادئ بعيد عن باقي أرجاء القصر، جدرانها مغطاة بألوان دافئة من البني الداكن والذهبي، مع نافذة كبيرة تطل على الحديقة التي تمتلئ بأشجار الورد والنباتات العطرية، الأثاث بسيط ولكنه ثمين، يكسوه الطابع الملكي من الدرجة الأولى، مع مراعاة أنها تفضل الجمال البسيط.
بداخل الغرفة، تجد رفوفًا تحتوي على كتب قديمة ودروع وعناصر تذكارية تخص عائلتها. سريرها عميق، تغطيه أغطية ناعمة لونهما مزيج من الأزرق الداكن والفضي، مما يضفي على الغرفة جوًا من السكينة. وعلى الطاولة الصغيرة بجانب سريرها، هناك دائمًا وعاء صغير يحتوي على الزهور المقطوفة من الحديقة، التي تحرص لينا على الاعتناء بها بنفسها.
القت لينا بجسدها على السرير وراحت تشهق وتبكى ان المستقبل الذى ينتظرها قاتم مثل الماضى ولا جديد يذكر
—______
في أحد أبراج المدينة الزجاجية العالية، وقف “آدم”، مدير الشركة، أمام طاولة الاجتماعات الفاخرة، المقاعد كانت فارغة، لكن الملفات كانت جاهزة، والتوتر كان واضحًا.
قال بصوت قوي وهو ينظر إلى مساعدته:
“هذا الاجتماع يجب أن يكون مثاليًا. لدينا شراكة جديدة نحتاج لإتمامها بأي ثمن.”
بينما بدأت الحاضرين بالتوافد، لم يكن أحد يعلم أن القرارات التي ستُتخذ في هذا المكان ستؤثر على عالم الظلال والوحوش أكثر مما يتخيلون
لكنهم كانو يعرفون ان وحش الاقتصاد الذى يدمر اى شركه تقف امامه سيكون حاضر اليوم
اكتسب رعد شهرته من جبروته ووحشيته، فى الفتره الماضيه اختفى الكثير من منافسيه فى ظروف غامضه
والنتيجه العثور على جسد مهشم ورأس مهروسه
انت فين، كان البيتا ادم يتحدث مع رعد الذى أوقف سيارته الفخمه تحت مقر الشركه ومنح الحارس المفتاح ليضعها
فى الجراش
انا براجع حاجه على التليفون يا ادم وهكون عندك خلال دقائق ابداء انت الاجتماع
كان رعد يعاين هاتفه غير منتبه لطريقه عندما اصتطدم بفتاه شابه تمشى مسرعه
سقطت الفتاه على الأرض وتبعثرت الملفات على الأرض
شعرت ان يدها كسرت وانها خبطت فى جدار وليس جسد بشرى
تفاجأ رعد لكنه انحنى بسرعه يساعدها
همست الفتاه ابتعد عنى، انتبه لطريقك يا اخى انت ايه؟
حيوان!؟
نهض رعد يكتم غضبه لم ينسى انه فى عالم البشر
راقب الفتاه بغضب ثم همس انا اسف ومد يده يساعدها على الوقوف ترددت ليندا لحظه لكن رعد قبض على يدها وجذبها
بسهوله لتتفاجىء ليندا انها التصقت بصدر رعد
ابتعد رعد عنها بسرعه وهو يهمس انا اسف، لم اقصد ذلك
لقد جذبتك بسهوله
ثم اخذ طريقه نحو الدرج، صرخت ليندا انت وغد جدا
لو كنت فى الشارع كنت هعلمك شغلك
تركها رعد ترغى والذئب داخله يهمس لابد أن تأدبها
احضرها إلى عالمك
لم يكن احد فى الشركه يعرف ان هذا الشخص هو رعد نفسه
صاحب الشركات، الوحش الذى يتحدثون عنه
وصل رعد مقر الاجتماع وجلس على مقعد بعيد يتابع
ادم وهو يلقى التعليمات ثم شعر بالملل
نظر من الشرفه ولمح ليندا تعبر الطريق
ترك قاعة الاجتماع وخرج، ربما على ان القنها درس فى الأدب
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الفتاه التي حلمت ان تكون ذئبه) اسم الرواية