رواية حب رحيم الفصل الثالث و الثلاثون 33 - بقلم سمر عمر
المشهد " 33.." ترفيهه 💙
اذكروا الله يا جماعة الخير💙💙..
" المشهد ٣٣.."
" ترفيهه.."
استيقظت على آذان الفجر.. فتحت عينيها تدريجيًا ثم أدارت رأسها ناحية ذلك النائم إلى جوارها ثم تبسمت.. بعدها رفعت يدها صوب رأسه وأخذت تمسح على خصل شعره برفق.. تأملته ببندقيتها التي تلمع من السعادة كلما رأته وحدثت نفسها :
- أتمنى تعلم مدى سعادتي عندما تكون إلى جواري
استمعت إلى صوت جدتها من الخارج تذكر الله.. فطبعت قبلة حانية على جبينه ثم تركت الفراش متجه إلى الباب وخرجت مغلقة إياه خلفها.. التفتت جدتها إليها بمجرد أن سمعت صوت الباب ثم ابتسمت قائلة :
-صباح الفل
-صباح الخير
- اتوضي وتعالي صلي معايا
أومأت بالإيجاب واتجهت إلى المرحاض.. بينما دلفت الأخيرة إلى غرفة المعيشة وجلست على المقعد الخاص بها في انتظار ندى.. والتي جاءت بعد دقائق وهي تخبئ شعرها أسفل حجاب الجلباب.. ثم فردت السجادة إلى جوار سجادة جدتها ووقفت تصلي فرض الفجر معها..
عقب انتهائها رفعت يديها إلى الله وأخذت تدعي كثيرًا وكثيرًا لدقائق ليست قليلة.. ثم طبعت قبلة على يد جدتها قبل أن تستند برأسها على ركبتها فقامت الأخيرة بدورها ومسحت على رأسها..
-نانا هو أنا غلط لما اتجوزت راجل كان متجوز وعنده أولاد؟
سألت ذلك السؤال دون تردد لتشعر بعدها بدموع ساخنه تهبط على وجنتيها.. في حين تنهدت جدتها بهدوء وأجابت :
-لا يا حبيبتي.. مش أول ولا آخر واحده تتجوز واحد كان متجوز
رفعت يدها صوب وجنتها لتمسح دموعها وقالت بحزن :
-صح وأنا مش ندمانة على حبي لرحيم بالعكس حبي كل يوم له بيزيد
-أنتِ كده صح.. حبك لجوزك لازم يقويكِ وإياكِ تسمحي لأي حد يفرق بينكم
استمع إلى حديثهم وهو يتقدم نحو تلك الغرفة بحثًا عن ندى.. لكنه توقف عن السير عاقدًا بين حاجبيه ثم تنهد بصوت مسموع وعاد إلى الغرفة.. جلس على حافة الفراش يقلب سؤال ندى في رأسه ليشعر بالغضب أكثر من شقيقته لكونها هي من أوصلت ندى لتلك المرحلة..
فاق من شروده على صوتها من الخارج وهي تتمنى ليلة سعيدة لجدتها.. ومدد على الفراش على الفور متصنعًا النوم وبعد لحظات دخلت وأغلقت الباب بهدوء.. ثم وضعت الجلباب الخاص بالصلاة على مقدمة الفراش وجلست إلى جواره واضعه رأسها على الوسادة..
بعد لحظات ليست قليلة نظرت إليه تتأمله وهمست بصوت منخفض :
-بحبك
اخترقت حروف تلك الكلمة آذنيه بهدوء لتسكن قلبه وتهدأ من روحه التي كانت تتسارع منذ لحظات.. ورد عليها بصوت منخفض :
-بحبك
اندهشت قائلة :
-أنت صاحي؟!
فتح عيناه ورفع سوداويته إليها بابتسامتها ليخطف روحها بها كعادته وقال بتأكيد :
-طبعًا عشان قومتي من جمبي
ابتسمت فوضع كفه على وجنتها ليشعر بملامسها الناعم وقال بجدية :
-ندى أنا بحمد ربنا على وجودك في حياتي ونفسي أعمل تمثال للقدر الجميل ده
-تمثال للقدر؟
تساءلت في تعجب ليومئ بتأكيد ثم جذبها إليه واحتضنها عنوة كما أنه قبلها على رأسها عدة قبلات حانية وقال مبتسمًا :
-تمثال للقدر وتمثال للصدفة اللي جمعتنا وتمثال لحبنا علشان الناس كلها تتعلم مننا معنى العشق
اتسعت ابتسامتها كما أن تضاعفت سعادة قلبها فقد استطاع أن يبدل مزاجها الحزين إلى السعادة في لحظة.. حروف كلماته المميزة والتي تخرج من بين شفتيه من أجلها وبنبرة حب خاصه بها فقط.. فقط لقطرة الندى التي غرق بها.. تجعل منها سعادة على هيئة فتاة جميلة رائعة
***
في تمام الساعة الثامنة إلا دقائق..
وقفت أمام المنزل ماسكة بيد أشرقت في انتظار حافلة المدرسة.. والتي وصلت بعد لحظات لتقف أمامهم فاتجها إلى الباب الثاني و ودعتها بقبلة على جبينها قبل أن تستقل الحافلة ثم عادت إلى مكانها.. اخذت تنظر إلى الحافلة حتى غابت عن عينيها ثم التفتت لترى رحيم يخرج من بوابة العمارة.. لتبتسم تلقائيًا وكأنه مصدر سعادتها وابتسامة ثغرها..
وقفت أمامه تضبط له رابطة عنقه فابتسم قائلًا :
-زوجتي حبيبة قلبي تضبط لي رابطة عنقي.. يا له من يوم أكثر من رائع
اتسعت ابتسامتها الخاصة به تطلع إليه بعينين لامعتين من السعادة قائلة :
-يوم رائع علشان بظبط الجرفته
-تعرفي باقي لبسي مات قهرًا وحسد الجرفته لأنك لمستيها
تنهدت بعمق قائلة بشغف كبير :
-بعشق كلامك ده.. علمني وقولي بتجيب الكلمات دي منين
مسك بذقنها رافعًا حاجبيه بمرح قائلًا :
-ما ينفعش عشان الكلام ده خاص بقطرة الندى وبس..
ثم قبلها على جبينها بحنان وعاد بالنظر إليها ماسكًا بكفيها قائلًا :
-انتظريني بعد ساعة يا قطرة الندى.. اليوم ده يوم ترفيهي ليا أنا وأنتِ
-حاضر هستني
غمز بمشاكسة ثم اتجه إلى السيارة فالتفتت إليه وانتظرت حتى استقل السيارة وغادر.. ثم عادت إلى الداخل واستقلت المصعد إلى الطابق المنشود..
دخلت المنزل مغلقة الباب خلفها متجه إلى غرفة المعيشة ووقفت أمام الباب لترى ريان يساعد أخته الصغيرة في ترتيب المكعبات.. ظلت واقفه تتابعهم لدقائق قليلة حتى استمعت إلى نداء جدتها من الخارج.. فالتفتت متجه إليها وجلست على الاريكة المجاورة إلى المقعد قائلة بهدوء :
-مبسوطة بعلاقة ريان مع آسيا
-هو فاهم وعارف إنها اخته..
ثم أردفت بجدية :
-ندى لازم تعرفي إن حالة ريان دي السبب فيها أمه.. وأنتِ بقى دورك تعالجي ده
أومأت موافقة بينما نهضت جدتها عن المقعد متجه نحو غرفة المعيشة.. عند دخولها جلست على المقعد وتناولت كتاب الله من أعلى المنضدة وقرأت حيث توقفت..
بعد لحظات وقفت ندى عند الباب تنادي ريان.. رفع رأسه إليه أولًا ثم أجاب بهدوء :
-نعم!
-عايزاك من فضلك
ترك أخته ونهض عن الأرض متجه إليها ووقف أمامها.. فمسكت بيده واتجها معًا إلى الغرفة.. ثم دلفا إلى الداخل وأغلقت الباب طالبة منه أن يجلس على الفراش لينفذ طلبها.. في حين فتحت هي النافذة متسائلة :
-أنت عارف أنا جبتك هنا ليه؟
ثم التفتت إليه ووقفت عاقدة ذراعيها بينما هو صمت للحظات ثم أجاب بجدية :
-علشان نبعد عن عمتو رنا شوية
رفعت حاجبيها في تعجب وابتسمت قائلة :
-بتعجبني نباهتك يا ريان..
ثم أردفت بجدية :
-وعلشان أنا بتكلم مع ولد ممتاز وبيفهم.. عايزه اقولك إن عمتو رنا عايزاك تكرهني علشان ترجع تعيش مع ماما.. أنا مش همانع بالعكس هفرح وفي نفس الوقت هزعل علشان مش هقدر اعيش من غيركم
-ندى حتى لو ده تفكيرها ونجحت في إني اكرهك مستحيل اسيب بابا وأعيش مع ماما..
قال كلماته بحسم واضح حيث تابع بتذمر طفولي :
-أنا فاكر حاجات وحشه كتير ماما عملتها في جدو وبابا.. جدو في يوم طلب منها تديله العلاج رفضت وقالتله زهقتني روح اقعد في مستشفى بدل ما أنت مخلي ريحة البيت علاج
-اللي بتقوله ده بجد؟!
تساءلت في دهشة ممزوجة بالصدمة ليقول بحده :
-أه بجد وفاكر كل كلمة قالتها وكل تصرف عملته كأنه امبارح.. وأنا كنت بخاف منها وبزعل علشان بحب جدو زي بابا
تقدمت نحوه وجلست إلى جواره تضمه إليها وهمت أن تتحدث لكنه تابع حديثة الحاد :
-مش عايز اعيش معاها لأنها ببساطة لو أنا تعبت هتكره ريحة الأدوية وهتسبني في مستشفى
زمت شفتيها وقالت بحزن واضح :
-بعيد الشر عليك.. ريان ممكن تصدقني أنا وبس؟..
ثم ابتعدت عنه لتنظر إليه عاقدة بين حاجبيها متسائلة :
-متأكد من حبي ليك ولا لاء؟
-متأكد
-طيب طالما متأكد قولي يا ماما لأن الكلمة دي هتفرحني مش هتزعلني.. وتاني حاجة بقى عايزه أعرف إيه مشكلتك مع المدرسة
أدار رأسه إلى الأمام يتطلع إلى الفراغ بعمق كأنه يتذكر شيئًا ثم قال بهدوء :
-أوعدك أقولك في وقت تاني
تنهدت بصوت مسموع ثم مسحت على شعره بلطف قائلة :
-براحتك يا حبيبي وأنا في انتظار صراحتك
أدار رأسه ناحيتها يتأملها بهدوء ثم ابتسم ورفع نفسه قليلًا كي يطبع قبلة طويلة لطيفة على وجنتها.. ليتسع ثغرها بابتسامة تلقائية وبادلته بقبلة على وجنته ثم تركته يذهب إلى أخته كي يكمل ما بدأه معها من لعب..
***
بعد مدة من الزمن..
استعدت لذلك اليوم الترفيهي.. ارتدت سروال جينز ومعطف بني بذات اللون حذاء رياضي وحقيبة ذات ذراع طويل متوسطة الحجم كما أنها ارتدت طوق على رأسها بلون المعطف تاركة شعرها الأسود منسدل على ظهرها..
وصل إليها اتصال من رحيم فابتسمت وفصلت المكالمة دون أن تجيب عليه.. ثم خرجت على الفور وودعت كلًا من ريان وطفلتها بقبلة على وجنتيهما وأخرى على رأس جدتها وقالت :
-نانا أشرقت هتوصل الساعه إتنين أنا أكدت على فرح تستناها أكدي عليها كمان مرة
-حاضر يا حبيبتي متقلقيش
قبلتها ثانية على وجنتها ثم ركضت إلى الباب بمرح وخرجت مغلقة إياه خلفها.. ثم استقلت المصعد الكهربائي إلى الطابق السفلي وخرجت راكضة إلى الخارج واستقلت السيارة وهي تلهث.. نظر إليها مقطب جبينه وتساءل مداعبًا :
-مين كان بيجري وراكي؟!
طبعت قبلة على اناملها ثم وضعتهما على لحيته قائلة :
-أنت طبعًا
مسك بيدها وطبع عدة قبلات على راحتها ثم تحرك بالسيارة إلى وجهته..
عند وصوله صف السيارة جانبًا ثم ترجل الإثنان فنظرت هي حولها بابتسامة واسعه قائلة بمرح :
-الأهرامات
أخذ قبعتين من المقعد الخلفي ارتدى واحده ووضع الأخرى على رأسها.. فأخرجت نظارة الشمس من حقيبتها لترتديها قائلة :
-عامل حسابك في كاب كمان
قال بمشاكسة وهو يرتدي نظارته الشمسية :
-أنا بس خايف على الشمس لتغير من جمالك وتختفي
ضحكت ضحكة خفيفة وتأبطت في ذراعه قائلة :
-بتخطف روحي بحروف كلماتك
ابتسمت عيناه قبل شفتيه ثم دخلا واستأجر حصان خاص بهم.. ساعدها على الصعود على ظهره ثم جلس أمامها.. فأحاطت خصره بذراعيها عنوة مستنده بجانب راسها على ظهره.. أخذها إلى مكان بعيد عن البشر ثم أوقف الحصان فرفعت رأسها عن ظهره متسائلة :
-وقفت ليه؟
-نتمشى شوية
قال كلماته وهو ينزل عن الحصان وساعدها على النزول ثم مسك بحزام الحصان وتساءل دون مقدمات :
-إيه اللي بيحصل بينك أنتِ ورنا؟
رفعت حاجبيها في تعجب وردت بسؤال :
-جايبني هنا علشان تسألني السؤال ده؟
-ندى عايز أعرف كل حاجة.. خليكِ صريحة معايا..
أومأت على إنها ستكون صريحة معه وبدأت تقص عليه كل شيء حدث من رنا منذ يومها الأول داخل المنزل.. بعد أن انتهت تساءل بنبرة عتاب :
-وليه تخبي عليا ؟
مسكت بكفه الكبير مقارنة بكفها الصغير وقالت مبتسمة بنبرة هادئة كعادتها :
-كفايه عليك مشاكلك في الشغل.. مشاكل البيت دي سيبها عليا أنا..
ثم اردفت بمشاكسة :
-قطرة الندى خاصتك قدها وزيادة
اتسعت ابتسامته بابتسامة خاصة بها بعدها أزاح القبعة عن رأسها ليطبع قبلة حانية على جبينها.. ثم وضعها على رأسها ثانية ونظر إليها وتحدث معها بوضوح :
-على فكرة مستحيل كنت أوافق جيجي تشتغل في الشركة.. لكن سمعت رنا بتتفق معاها إنها تعمل المستحيل علشان أوافق على تعيينها.. رفضت في الأول علشان متأكد انها هتلح عليا وبعدها وافقت.. لحد ما اثبت لها بس إن لعبتها مع رنا لعبه فشله زيهم هاطردها
اومأت بتفهم ثم تنهدت وهي تقول في دهشة :
-غريبة علاقتهم ببعض.. أنت قولتلي إن جيجي دي كانت بتكره رنا وعملت مشاكل كتير معاها
-جيجي دي حيه مش سهلة.. هي بس أكيد كلمتها وعيطت شوية علشان تصعب علي رنا وتتعاون معاها
ابتسمت رافعه حاجبيها بمرح كما إنها اقتربت منه أكثر حتى أصبحت المسافة بينهم معدومة وبيدها الأخرى تشبثت في معطفه الرياضي قائلة :
-دول بيحلموا.. ومهما يخططوا مستحيل يقدروا يفرقوا بينا
تساءل بمكر :
-يعني مش ندمانه علشان اتجوزتي واحد كان متجوز وعنده أولاد؟
-أنت سمعتني؟!
تساءلت في لهفة تحدق به فابتسم قائلًا :
-طبعًا سمعتك
-أسفه
ترك يدها ليحيط كتفها بذراعه يضم رأسها إلى صدره قائلًا :
-لاء يا روحي ما تعتذريش
بعد دقائق قليلة توقفا عن السير والتقط معًا الكثير من الصور كما إنه التقط لها بعض الصور بمفردها راقت له كثيرًا.. ثم مسك بكفها وأدارها حول نفسها عدة مرات ثم جذبها إليه يحيط خصرها بذراعهِ قائلًا :
-بحبك يا حب رحيم
-بعشقك يا عشق الندى
***
صباح اليوم التالي..
قامت بترتيب الغرفة ثم جلست على حافة الفراش ترسل بعض الرسائل إلى صديقتها والتي طلبت منها أن تأتي في المساء إلى منزل جدتها كي تراها وتجلس معها.. دق أحدهم الباب فآذنت بالدخول ليفتح ريان الباب ودخل مغلقًا إياه خلفه ثم تقدم نحوها وجلس إلى جوارها متسائلًا :
-فاضية نتكلم شوية؟
قالت وهي ترسل إلى صديقتها رسالة لإنهاء المحادثة :
-ولو مش فاضية أفضى لك سيد ريان..
ثم وضعت الهاتف أعلى المنضدة الصغيرة المجاورة إلى الفراش ونظرت إليه باهتمام قائلة :
-عايز تقول إيه؟
-قررت أقولك على اللي بيضايقني في المدرسة
ندى بحماس كبير :
-بجد.. طيب قول يلا
-في المدرسة زمايلي ببضايقوني علشان مش بتكلم معاهم.. ووقت البريك بقعد لوحدي ويطلبوا مني اقعد معاهم أرفض فيفضلوا يقولوا عليه إني متوحد وفاشل والكلام ده بيضايقني..
أومأت بتفهم ثم احتضنت وجنتيها براحتي يديها وهمت أن تتحدث إلا إنه قال بنبرة ترجي :
-ممكن أقدم في مدرسة تانيه.. ممكن لما أقابل زمايل تانيه غير دول أقدر أصاحبهم
رفعت حاجبيها تتأمله للحظات ثم تحدثت بهدوء علها تقنعه :
-كده أنت بتستسلم.. أنا عايزاك قوي وتواجه مشاكلك مهما كانت صعوبتها.. وأنا متأكدة إنك قوي جدًا..
ثم اردفت بحماس :
-عايز بقى تقابل زمايل جديدة الموضوع ده سيبه عليا
أومأ بالموافقة فاحتضنته بحنان وقبلته على رأسه.. بعد لحظات تركها وخرج كي يشاهد الرسوم المتحركة داخل التلفاز..
بينما هي استعدت للذهاب إلى الشركة.. ارتدت سروال وردي وستره بيضاء.. ثم مشطت شعرها وتركته منسدل على ظهرها.. وارتدت نظاره شمسية وحقيبة على معصم يدها بلون السروال..
خرجت من الغرفة وودعت ريان بقبلة على رأسه ثم وقفت أمام جدتها وقالت بعد أن انحنت بجذعها لتطبع قبلة على ظهر يدها :
-بإذن الله هاجي قبل معاد وصول أشرقت وآسيا نامت فوق عند خالو
-تمام يا حبيبتي.. خدي بالك من نفسك
أومأت موافقة ثم ألقت نظرة على ريان المنتبه لفيلم الرسوم المتحركة.. ثم اتجهت إلى الباب وخرجت مغلقة إياه خلفها بهدوء.. بعدها استقلت المصعد الكهربائي إلى الطابق السفلي من ثم خرجت من العمارة واستقلت سيارتها لتغادر إلى وجهتها بكل حماس
***
عند وصولها صفت السيارة جانبًا ثم ترجلت متجه إلى الداخل.. عند دخولها وقفت تنظر حولها ثم تقدمت نحو موظفة الاستقبال ووقفت تسأل عن رحيم لترشدها بمكانه.. فتحركت متجه إلى قسم التصاميم التي تم تنفيذها..
مضت داخل ردهة ممتلئة بالأزياء في كلا الاتجاهين لتخطف أنظارها.. حتى وصلت إلى مكان واسع ورأت حبيب قلبها يقف بين اثنان من الشباب يتحدث معهما.. وجدت نفسها تبتسم ووقفت تتأمله عن بعد.. كم هو راجل يعتز بنفسه يقف بين الجميع بكل شموخ واعتزاز بالنفس وتشعر بالسعادة التي تخطف روحها من بدنها لكونها زوجته..
رفع رأسه يشير إلى شيئًا ما لتلفت نظرة فابتسمت عيناه إليها طالبًا منهما أن يتابعون عملهم لينفذوا رغبته.. ثم تقدم نحوها فتحركت هي الأخيرة متجه إليه.. حتى وقفوا أمام بعضهم البعض رافعه نظارتها على شعرها وقالت بهدوء :
-جيت أشوف آخر شغل الشركة قبل ما اشتغل
-شيء يسعدني جدًا سيدتي العظيمة
لمعت عينيها من السعادة التي تشعر بها عندما تكون معه.. ثم تنهدت بعمق وتساءلت وعيناها مثبته على سوداويته التي تتفحصها بالتدقيق الملل :
-طيب فين التصاميم الجديدة؟
تحدث بنبرة غزل خاصة بها ولها :
-أنتِ كل الجديد.. أنتِ أجمل شيء في حياتي
خطف الإثنان انظار الجميع وبدأ الهمس الجانبي عليهما.. لكنهما لم يشعران بهم وكأن آلة زمن أخذتهما لتضعهما داخل مكان خاص بهم بل ويليق بعشق قلبيهما لبعضهما البعض.. انتبهت هي من الجميع بعد لحظات وقالت بصوت منخفض :
-بطل الكلام ده احنا مش لوحدنا
-ولا يهمني.. أنا ممكن احضنك وأبوسك دلوقت عادي
اتسعت عينيها في دهشة هامسة :
-رحيم
ابتسم ثم مسك بكفها واتجها إلى طاولة دائرية تقع جانبًا.. عند وصولهم إليها سحب لها مقعدًا فجلست عليه وجلس هو على المقعد المجاور لها.. ثم حمل الدفتر الخاص بالتصاميم وضعها أمامها قائلًا :
-التصاميم الجديدة سيدة قلبي
نظرت إليه مبتسمة ثم بدأت تقلب الصفحات.. أخذ يتأمل ملامحها لتهدأ عيناه كما هدأ قلبه وتمعن بالنظر إليها وكأنه لم ولن يرى مثل هذا الجمال..
دخلت جيجي المكان مبتسمة لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها عندما رأت ندى.. كما إن نظراتها تحولت إلى نظرات حقد وحنق واضح.. استمعت إلى نداء أحدهم لها لتدير رأسها ناحيتها فطلبت منها أن تأتي وتنهي عملها هنا.. زفرت بسأم ثم تقدمت نحوها ووقت كي تتحدث معها عن العمل..
أما رحيم فوضع ذراعه على المقعد التي تحتله ندى يمسح على لحيته بيده الأخرى وسوداويته تتابع الجميع.. ثم ترك لحيته ليمسك بيدها الممسكة بدفتر التصاميم.. أدارت رأسها ناحيته في لهفة ساحبة يدها من أسفل يده هامسة :
-رحيم احنا مش في بيتنا
قال بجدية مصطنعة وهو يتفرس ملامح وجهها بتمعن شديد :
-تحبي أمشيهم من هنا
ألقت نظرة على الجميع لتعود بالنظر إليه بعد أن ابتسم ثغرها وهمست :
-لاء.. وخليني اركز بقى
ثم تطلعت إلى التصاميم من جديد تحت أنظار عيناه المبتسمة والعاشقة إلى تفاصيلها الرقيقة مثلها.. بعد لحظات وضع خصله خلف آذنها فرمقته بنظرة سريعة..
هم أن يتحدث لكن أحدهم نادى عليه.. فترك المقعد متجه إليه ووقف أمامه وتبادل معه الحديث.. أغلقت دفتر التصاميم عقب انتهائها وضعته جانبًا ثم رفعت عينيها إلى زوجها العزيز بابتسامة فخر بسيطة مزينه ثغرها.. أنهى الشاب حديثه معه وعاد إلى عمله فهم الأخير أن يعود إلى مكانه لكن وقفت جيجي أمامه وأشارت إلى شيء ما داخل دفتر تحمله يدها الأخرى.. اختفت ابتسامة الأخيرة ولم تستطع أن تتحكم في غيرتها بل الغيرة هي من تحكمت بها..
تركت المقعد متجه نحوهم لتقف بينهم في لحظة.. تفاجأت جيجي بها وقالت ببرود :
-ممكن تاخدي جنب علشان أعرف اتكلم معاه
ندى من بين أسنانها :
-تتكلمي معاه في إيه؟!.. اللي أنا أعرفه إن شغلك مع عارضات الأزياء وبس.. وبلاش تحلمي بأكتر من كده
-أنتِ فاهمة غلط يا حلوه.. في بعض الأحيان لازم أخد رأي رحيم في بعض الأمور
-مستر رحيم بدل ما اشيل الكرسي واكسره على دماغك
اتسع بؤبؤ عينيها في حين تحدث رحيم محاولا تهدئتها :
-ندى اسمعيني..
قاطعته بحده لكن بصوت منخفض :
-لحظة من فضلك..
لتتابع موجهه حديثها إلى تلك التي تقف أمامها :
-شغلك مع العارضات وبس.. وحالًا تمشي تشوفي شغلك بدل ما أعلي صوتي وهيبقى شكلك وحش أوي.. ده غير إني ممكن أتصرف تصرف مش هيعجبك خالص
تطلعت إليها من أعلى لأسفل بوجه محتقن ثم ذهبت بخطوات سريعة لتترك المكان بأكمله متوعدة لتلك الفتاة بأبشع الأيام كلما تقابلت معها.. بينما هي أخذت شهيقًا قويًا وزفرته بهدوء.. ثم التفتت إليه بابتسامة واسعة وكأن شيئًا لم يكن.. رفع حاجبيه قائلًا :
-مش مصدق إن اللي كانت بتكلم من شوية هي المبتسمة دلوقت
-طبعًا وهعمل أكتر من كده للي يفكر يقرب من حاجة تخصني
مسك بكفها وقال مبتسمًا :
-بعشقك وبعشق غيرتك المجنونة
اتسعت ابتسامتها حتى لمعت عينيها بلمعة الحب هامسة بنبرة حب :
-بعشقك وبحبك
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية حب رحيم) اسم الرواية