Ads by Google X

رواية حب رحيم الفصل الرابع و الثلاثون 34 - بقلم سمر عمر

الصفحة الرئيسية

   

 رواية حب رحيم الفصل الرابع و الثلاثون 34 -  بقلم سمر عمر



المشهد 34.. " تهمة.."
المشهد ٣٤
" تهمة.."
قام بتشغيل أغنية هادئة تحمل الكثير من كلمات الحب.. ثم تقدم نحوها ووقف أمامها.. وضعت يديها على كتفيه بينما هو أحاط خصرها وتمايل معها بهدوء على حروف الحب التي تخترق آذانهم.. طبع قبلة طويلة على جبينها ثم احتضنها دافنًا أنفه بين خصل شعرها كي يستنشق عطرها الأنثوي عن قرب..
جعلت من ذراعيها طوق حول عنقه وابتعدت عنه قليلًا لتنظر إليه قائلة بصوت منخفض :
-المكان ده فيه ذكريات جميلة بينا بحبها
-زي إيه؟!
طرح عليها ذلك السؤال مع العلم انه يعلم جيدًا بماذا تقصد.. لكنه يود أن يعلم منها.. استندت بجبينها على شفتيه وتنهدت بعمق ثم تحدثت بعد أن رفعت عينيها إليه :
-أجمل أيام حياتي ومشاعري الجميلة عشتها معاك هنا
ثم أطبقت شفتيها على وجنته بقبلة هادئة.. ثم احتضنته فبادلها بالعناق عنوة جاذبًا إياها إليه بشدة كأنه سيخترق عظامها وقال مبتسمًا :
-أنا مالقتش أجمل من اسمك علشان يبقى اسم الشركة
أغمضت عينيها تتنهد بعمق وهمست مبتسمة :
-بحبك وهفضل طول عمري أحبك وأحبك.. وبعشق ابتسامة عيونك
قبلها على جانب رأسها بلطف ثم ابتعد عنها يمسح على ذراعيها وهمس بنبرة هادئة :
-ابتسامتي وابتسامة عيوني بفضل وجودك يا روحي
-ربنا يخليك ليا
-يا رب يا حبيبي
نظرت إلى ساعة يدها التي تدق الواحدة والنصف مساءً ثم رفعت عينيها إليه قائلة :
-همشي أنا بقى علشان استنى أشرقت
مسك بكفيها وقال بهدوء بعد أن طبع قبلة حانية على وجنتها :
-هستناكي أنتِ والأولاد بليل في البيت
أومأت بالإيجاب ثم ودعته بعناق قوي طال للحظات طويلة.. ثم تركته وخرجت من غرفة المكتب بل من الشركة بأكملها.. من ثم استقلت السيارة وغادرت إلى وجهتها
***
عند وصولها صفت السيارة جانبًا.. ثم ترجلت ووقفت مكانها في انتظار الحافلة المدرسية التي ستصل بعد دقائق.. لكن بعد لحظات وقفت سيارة أمامها.. فخرجت شهقة خفيفة من بين شفتيها واضعه كفها أعلى صدرها..
ابتسم بخفة وقال ببرود :
-قلبك ضعيف يا بنت عمي
-أنت عايز إيه؟!
تساءلت بنفاذ صبر فأجاب بلؤم :
-أنتِ عارفه أنا عايز إيه.. وبلاش لف ودوران..
ثم أردف :
-ها هتديني المبلغ أمتى
-مالكش حاجة عندي واللي عندك أعمله
تميم بنبرة متوعدة :
-اللي عندي هيزعلك قوي يا ندى.. على العموم براحتك
ثم شغل السيارة وتحرك بأقصى سرعته فنظرت إلى السيارة وهي تلهث بصوت مسموع.. حتى اختفت السيارة عن عينيها لتزفر بنفاذ صبر.. بعد دقائق قليلة وصلت الحافلة لتقف أمام المنزل.. أسرعت إلى الباب ووقفت أمامه تستقبل أشرقت بالعناق وقبلتها على جانب رأسها.. بينما قالت المشرفة :
-المديرة بتسأل ريان هيرجع المدرسة أمتى؟!
-بكره بإذن الله.. بس ممكن تيجوا على الفيلا
-أوكي مدام ندى.. عن اذنك
أومأت بخفه ثم مسكت بيد أشرقت واتجها إلى الداخل وتساءلت الصغيرة بحزن :
-أحنا هنمشي بكرا ؟!
قالت وهي تفتح باب المصعد الكهربائي :
-أه يا حبيبتي.. اكيد اوضتك وحشتك
ثم ضغطت على رقم الطابق المنشود ليتحرك إلى الأعلى فيما تحدثت الأخيرة بتأفف :
-لاء أنا بحب اقعد هنا مع نانا.. بتفضل تحكي لي قصص جميلة ونقرأ القرآن مع بعض
نظرت إليها مبتسمة قائلة :
-هعرف من نانا إيه القصص دي واحكيها لك ونقرأ القرآن سوى
مطت شفتيها بتذمر طفولي وعندما توقف المصعد فتحت الباب وخرج الإثنتان.. قالت الصغيرة بنبرة ترجي :
-ممكن نانا تيجي معانا الفيلا بليز
أخرجت مفتاح الشقة من حقيبة يدها وقالت بهدوء :
-أشرقت بعدين نتكلم في الموضوع ده.. واوعدك نيجي هنا كل فترة
ثم وضعت المفتاح داخل الباب لتفتح إياه وتركتها تدخل أولا ثم دخلت مغلقة الباب خلفها.. رأت آسيا تلتفت حول نفسها فقالت في حنق شديد :
-آسيا أنتِ يا بنت بطلي تلفي حوالين نفسك
نظرت إليها ثم ركضت إليها مناديه :
-مامي
احتضنت ساقيها فحملتها عن الأرض تضمها إليها بحنان.. ووجدت نفسها تطلع إلى الفراغ في شرود بفضل ابن عمها الذي يطاردها.. حتى لم تستمع إلى نداء جدتها التي تقترب منها من الخلف وضربتها على كتفها بخفة متسائلة :
-سرحانه في ايه؟!
اتجهت إلى الاريكة ما أن أنهت حديثها لتجلس عليها.. في حين فاقت الأخيرة من شرودها متجه إلى المقعد المجاور للأريكة لتجلس عليه وهي تزفر قائلة :
-تميم مش عايز يسبني في حالي.. لسه عايز حقه في البيت والمصنع
نزلت آسيا عن قدميها لتجلس على الأرض كي تلعب بالمكعبات.. مسحت ندى على شعر طفلتها تستمع إلى حديث جدتها :
-اعملي فيه محضر لو تعرضلك تاني
-فعلا آخر ما أزهق منه هقدم فيه بلاغ..
ثم تنهدت بصوت مسموع ونهضت عن المقعد قائلة :
-هحضر الغدا
نظرت إليها حتى دلفت إلى الداخل ثم نظرت إلى الأمام متمتمه :
-حسبي الله ونعم الوكيل
ركضت أشرقت إليها وجلست إلى جوارها قائلة :
-نانا ممكن تيجي تقعدي معانا في الفيلا
-مش هينفع يا حبيبتي علشان مقدرش اسيب بيتي
خرجت من الغرفة بعد أن ابدلت ثيابها واتجهت إلى المطبخ.. من ثم دخلت وبدأت في تحضير الغداء وبعد لحظات وقف ريان عند الباب وتساءل :
-أحنا هنمشي ليه؟!
قالت بهدوء وهي تكمل عملها :
-أنا اتفقت مع بابي نروح الفيلا بليل
-بسيطة.. ممكن نكلم بابي ونستأذن منه نقعد يومين كمان
نظرت إليه بوجه محتقن لكن سرعان ما أبدلت ملامحها إلى الهدوء.. بعد ذلك تقدمت نحوه وجلست على ركبتيها لتكون في مستواه ومسحت على جانب شعره قائلة محاولة إقناعه :
-حبيبي احنا مش هنفضل طول عمرنا هنا.. لازم تفهم إن احنا بنيجي هنا يومين نغير جو وبس
تنهد بعمق قائلًا :
-أنا فاهم على فكرة.. وهسمع كلامك ونمشي النهاردة
ابتسمت ثم قبلته على وجنته وقالت بمرح :
-طيب يلا يا استاذ نادي أخواتك ونانا علشان نتغدى
ركض إلى الخارج كي يناديهم فنهضت الأخيرة وبدأت في وضع الأطباق أعلى المنضدة بمرح
***
مساء اليوم..
دق جرس الباب فركضت أشرقت إليه وفتحت إياه.. لترى امرأة للمرة الأولى.. انحنت الأخيرة بجذعها لتمسك بذقنها الصغير وقالت مبتسمة :
-أنتِ أشرقت
-أه.. أنتِ مين؟
همت أن تُجيب عليها لكن جاءت ندى متسائلة :
-مين يا أشرقت؟!
لتنظر إليها رافعه كتفيها على إنها لا تعلم.. فقامت بفتح الباب إلى آخره لترى صديقتها المقربة التي لم تراها منذ سنوات.. اتسعت ابتسامتها واحتضنتها بشدة قائلة بمرح :
-جميلة وحشتيني
قامت بدورها وبادلتها بالعناق بل وبالاشتياق أيضًا.. ابتعدت عنها وأدخلتها لتغلق الباب قائلة :
-كده يبقى بقالك شهرين هنا ولا تعبريني
احاطت كتفها بذراعها واتجها إلى غرفة المعيشة قائلة :
-أنتِ عارفة بقى مشاغل الرسالة
-ربنا يعينك يا دكتورة
بعد دخولهم اتجهت مباشرة إلى نانا وقبلتها على رأسها فقالت الأخيرة مبتسمة :
-يا حبيبتي حمد الله على سلامتك
-الله يسلمك يا طنط..
ثم نظرت إلى أشرقت وقبلتها على وجنتها وقالت :
-ندى دايمًا تحكيلي عنك
ابتسمت إليها بينما أعطت جميله إليها حقيبة هدايا قائلة :
-جبتلك الهدية دي اتمنى تعجبك
أخذتها متمتمه بالشكر ثم جلست على الأرض وأخرجت ما في داخلها لترى عروسة رائعة راقت لها كثيرًا.. في حين تعرفت جميلة على ابنة صديقتها وحملتها لتحتضنها وقالت بمكر :
-شبه مستر رحيم خالص.. الحب جبار عندك
قالت آخر كلماتها وهي تلكزها بمرح لتضربها على كتفها ثم أشارت إلى ذلك الجالس على الاريكة يتابع التلفاز في صمت ولم ينتبه لأحد منهم وقالت بجدية :
-ده نسخة رحيم التانية في كل شيء.. مستر ريان
نظرت إليه ثم تركت آسيا وأعطت لها لعبة تشبه عروسة أختها.. ثم تقدمت نحوه ووقفت أمامه لتصبح حاجز بين عيناه والتلفاز.. تنهد بهدوء وبثقل رفع عيناه إليها دون أن يتفوه بكلمة فقالت مبتسمة :
-من كلام ندى عليك قولت ماينفعش معاك لعبة..
ثم وضعت علبة هداية متوسطة الحجم إلى جواره متابعة :
-جبتلك اسطوانات لأفلام أنت بتحبها
أطرق عيناه وتحدث بنبرة ثابته :
-شكرًا
التفتت إلى ندى تحدق بها في تعجب هامسة :
-لاء فظيع
أومأت عدة مرات مبتسمة ثم مسكت بيدها وجلسوا معًا في الخارج.. وقالت ندى باهتمام :
-احكيلي عن شغلك والرسالة
-كل يوم بتخانق مع بابا علشان رافض إني انزل الشغل.. ويقولي في بنت تدخل قسم المدمنين ده
-معلش هو خايف عليكِ
قالت كلماتها لتهون عليها لتومئ بتفهم.. ثم تبادل الإثنتان الحديث لدقائق ليقطع حبل حديثهم صوت جرس الباب.. استأذنت منها ونهضت متجه إليه لتفتح إياه.. تفاجأت بالكثير من رجال الشرطة وشعرت بالقلق المفاجئ..
-حضرتك ندى الشاذلي؟!
أجابت في توجس :
-أه انا.. خير؟
-متقدم في حضرتك بلاغ انكِ بتجاري في أعضاء أطفال الملجأ وبتبعتي البنات للأماكن المشبوه
اهتز بدنها كما أنها اتسعت عينيها في صدمة كبيرة وتحدثت في ذهول :
-لاء طبعًا ماحصلش
-قولي الكلام ده في القسم.. اتفضلي معايا
هم أن يمسك بذراعها لكنها تراجعت للخلف وتحدثت بعنف :
-ما تقربش مني.. ومستحيل أجي معاكم
-لو سمحتِ تعالي معانا بالذوق وإلا استعملت العنف
وقفت جميلة إلى جوارها واندفعت في وجهه بحده :
-العنف ده على نفسك يا أستاذ.. ممكن أشوف آذن النيابة
أخرج الورقة من جيب معطفه ومد يده بها فأخذتها كي تفحصها.. لتنظر ندى إلى صديقتها في صدمة ممزوجة بالذهول كأنها داخل كابوس.. لم تفيق إلا على عناق الأطفال لها من قدميها.. فنظرت إليهم ثم وضعت كفيها على كلًا من رأس ريان وأشرقت..
-فيه إيه يا بنات؟!
تساءلت جدتها وهي تقترب نحوهم بينما انتهت جميلة من القراءة وقالت بهدوء :
-طيب ممكن الأول نكلم جوزها علشان يحضر معاها
أخذ الورقة من يدها بعنف قائلًا :
-تيجي معايا الأول بعدين تكلمه
نظرت إلى ندى بحزن تخبرها بتلك النظرة بأنها ليس بيدها شيء لتفعله.. في حين اتصلت جدتها على ابنها الذي يسكن في الطابق العلوي وطلبت منه أن يأتي على الفور.. أمرها الضابط أن تأتي معه ثانية لكنها أطرقت رأسها دون أن تتحرك لكن بعد لحظات رفعت رأسها إليه وهمت أن تتحدث لكن خرج خالها من المصعد الكهربائي.. زفرت بهدوء تحمد ربها على مجيئه..
وقف أمام الضابط وتساءل عن سبب وجوده ليخبره بكل شيء.. فمسك بكف ابنة شقيقته وتحدث بهدوء :
-تحت أمرك.. لكن هتيجي القسم بعربيتي وممكن اتنين من العساكر يركبوا معانا
-للأسف ماينفعش
-يا بني احنا مش هنهرب منك
تنهد بسأم وأمر اثنان من العساكر أن يبقوا معهم ثم استقل البقية المصعد الكهربائي.. همت أن تذهب مع خالها لكن تمسك الإثنان بها وقالت أشرقت بحزن :
-ندى ماتمشيش
طبعت قبلة على رأسها وأخرى على رأس ريان وتحدثت بنبرة بكاء :
-هجيلكم تاني بإذن الله
أخذتهم جميلة بعيدًا عنها فنظرت ندى إليها بعينين لامعتين من الدموع لتطمئن الأخيرة قلب صديقتها بنظراتها.. ثم غادرت مع خالها وانتظروا حتى صعد المصعد ثم دخلوا وأغلق العسكري الباب..
أغلقت جميلة الباب وطمأنت الأطفال لكن ريان تركها وركض إلى الداخل.. وعندما بكت آسيا ذهبت أختها إليها كي تجعلها تكف عن البكاء بطريقتها المرحة معها.. في حين جلست جميلة إلى جوار الجدة لتهون عليها.. فأعطت لها هاتفها الصغير وطلبت منها أن تتصل برحيم لتخبره بما حدث.. بالفعل حاولت الاتصال به لكن الهاتف مغلق..
-أنا هروح البيت يا طنط أقوله
-عارفه العنوان؟
-اه طبعًا.. ماتقلقيش
ثم تركتها وركضت إلى الباب وخرجت مغلقة إياه خلفها.. مسحت الأخيرة دموعها التي هبطت على وجنتيها ثم تناولت كتاب الله وبدأت تقرأ القرآن ودموعها تهبط على وجنتيها من جديد
***
عند وصولها صفت السيارة أمام الباب الرئيسي.. ثم ترجلت راكضة إلى الباب ووقفت تدق الجرس.. انتظرت للحظات ودقت ثانية حتى فتح علاء الباب ويبدو عليه انه ثمل.. تحدثت هي على الفور :
-مستر رحيم موجود؟
تأملها من أعلى لأسفل بإعجاب ثم تحدث بثقل بفضل الكحول :
-أه طبعا.. اتفضلي
تنحى جانبًا فدخلت تنظر حولها بينما هو أغلق الباب والتفت إليها يتطلع إليها بنظرات خبيثة.. طال انتظارها لتلتفت إليه وقالت بحنق :
-لو سمحت فين مستر رحيم؟
-رحيم محظوظ علشان فيه بنت حلوه زيك بتسأل عليه..
رفعت حاجبيها في تعجب شديد بينما هو تابع بوقاحة :
-أعتبريني رحيم
ثم مسك بمرفقها لكن على الفور نفضت ذراعها من يده واتجهت إلى الباب.. لكنه أسرع بالوقوف أمامها ومسك بذراعيها عنوة لتظهر علامات الألم على ملامح وجهها وصرخت في وجهه بحده :
-أنت إنسان وقح
-وقح مع الحلوين اللي زيك.. الحقيقة أنتِ جيتي في الوقت الصح
حاولت تحرير يديها من قبضته لكنه كان أقوى منها.. فقامت بضرب أنفه برأسها بكل ما فيها من قوة ليترك ذراعيها رغمًا عنه يتأوه بشدة واضعًا يده على أنفه.. ثم نظر إليها بحده فجزت هي أسنانها بشدة حتى تحرك صدغاها ووجدت نفسها تصفعه على وجنته ثم تركته وهرولت إلى الباب لتخرج مغلقة إياه خلفها..
وضع يده على وجنته يحدق في الفراغ التي كانت تحتله منذ لحظات.. وكأنها قذفت في وجهه لوح ثلج أزاح تأثير الكحول عن عقلة.. ثم اتجه إلى المرحاض ودخل كي يضع رأسه أسفل الماء البارد ليفيق على نفسه.. ثم رفع رأسه إلى المرآة لينظر إلى انعكاسه البشع..
أشاح بوجهه بعيدًا ثم خرج في نفس اللحظة دخلت والدته برفقة السيدة وفيه التي أغلقت الباب.. قذفته والدته بنظرة غضب ثم اتجهت إلى الدرج.. نظر إليها حتى صعدت إلى الطابق العلوي ثم تنهد بحزن لأنه يعلم بأنها غاضبه منه وغير راضيه عليه..
-اعملك حاجة قبل ما أرتب المطبخ؟
نظر إليها للحظات وتحدث بلطف للمرة الأولى :
-أه من فضلك عايز قهوة
ثم اتجه إلى الأريكة كي يريح بدنه عليها.. بينما هي رفعت حاجبيها في تعجب لكونه للمرة الأولى منذ فترة يتحدث بذلك اللطف والهدوء.. ثم دلفت إلى المطبخ ووضعت حقائب الطلبات أعلى المنضدة وبدأت تحضر القهوة
***
" بالقسم.. "
أخذ الضابط يستجوبها وهي تنكر كل التهم الموجه إليها.. مسحت دموعها بالمنديل والمحقق يقول بنفاذ صبر :
-أستاذة ندى مفيش داعي للإنكار
شهقت بخفه وقالت بنبرة بكاء :
-صدقني أنا بقولك الحقيقة
ضغط على زر ليدخل العسكري يعطي له التحية فأمره أن يحضر الشاهد.. نفذ رغبته وخرج ليعود ومعه امرأة ثم تركها وخرج فتساءل المحقق :
-هي دي أستاذة ندى؟
تطلعت إليها من أعلى لأسفل ثم أجابت بخبث :
-أه هي.. بتبعتلي البنات اللي فوق الخمستاشر سنه وبتاخد عليهم نسبة
-كدابه أنا عمري ما شوفتك
قالت ندى كلماتها بدفعه تحملق في تلك الخبيثة بصدمة واضحة.. أمرها المحقق أن تكف عن الكلام وطلب من الشاهدة أن تكمل حديثها فقالت بذات الخبث :
-طبعًا لازم تنكر
-ادخلي في الموضوع
-تحت امرك يا باشا.. جت مرة سألتني على دكتور يشتري أعضاء وأنا عارفه واحد عرفتهم على بعض وتعاونت معاه
لتنظر ندى إلى خالها الجالس على المقعد المقابل لها في صدمة شديدة.. في حين نظر المحقق إليها متسائلًا :
-أيه أقوالك أستاذة ندى؟
نظرت إليه بوجه محتقن واندفعت بحده :
-عمري ما شوفتها دي واحده كدابه.. حضرتك أسأل مشرفين الملجأ وأنت تعرف إني مظلومة
ضغط على زر ليأتي العسكري وأمره بأخذهم إلى الحبس فاندفع خالها في حده :
-تحبسها بتهمة إيه؟!.. كل ده كلام فاضي ومفيش دليل على كلام البنت دي
-لحد ما نتأكد يا استاذ
هم العسكري أن يمسك بمرفقها لكن أبعدت ذراعها عنها تنادي خالها بنبرة خوف.. فعل ما بوسعه ليتراجع عن قراره لكنه رفض وأمر بأخذها.. فنهضت عن المقعد وذهبت معه لكن دون ان يمسك بمرفقها.. عند وصولهم فتح عسكري آخر باب الحبس ودخلت الفتاة أولا ثم ندى.. والتي فضلت أن تقف خلف الباب بعد أن أغلقه العسكري..
جلست الفتاة تطلع إليها بلؤم وابتسامة باردة.. لكن لم تعطي لها اهتمام واحتضنت نفسها بذراعيها مغمضة العينين لتهبط دموعها على وجنتيها.. وأخذت تدعي ربها كثيرًا وكثيرًا ثم همست بضيق :
-رحيم تعالى بقى
نهضت الفتاة متجه إليها ووقفت امامها لتقول ببرود :
-ما تعترفي على نفسك يا حلوه وتريحي دماغك
تنهدت بنفاذ صبر ونظرت إلى الاتجاه الآخر دون أن تتفوه بكلمة.. فضربتها على كتفها وقالت قاصده أن تتشاجر معها :
-انا مابحبش اللي ينفضلي يا حلوه
-أبعدي عني وسبيني في حالي
قذفت كلماتها بحده ونفاذ صبر لينظروا إليهم من في الحبس بينما قالت الأخيرة بنبرة متوعدة :
-اتكلمي معايا بالذوق علشان ماقطعش شعرك الحلو ده.. هسيبك دلوقت وارجعلك بعد شوية تكوني فوقتي من الصدمة
ثم عادت إلى مكانها تحت أنظار ندى الحاده ثم رفعت رأسها للأعلى تتنهد بعمق
***
بالخارج أوقف سيارته بقوة حتى أصدرت صريرًا قويًا أثر احتكاك العجلات بالرصيف.. ثم ترجل راكضًا إلى الداخل وعند دخوله بدأ يمضي في الأروقة ينظر يمينًا ويسارًا حتى رأى خالها.. أسرع إليه ووقف أمامه يتساءل عن ندى ليخبره بما حدث..
وكأنه قذفه داخل بركان من النيران واقتحم غرفة المحقق دون إذن ليدخل العسكري خلفه يعتذر من المحقق الذي انتفض عن المقعد وتساءل بعنف :
-أنت مين وازاي تدخل من غير إذن؟!
-أنا اللي هقومك من على الكرسي اللي أنت فرحان بيه ده.. أنا عملك الأسود في الدنيا
قال كلماته بصوت عال ممزوج بالحدة العالية التي تكاد أن تهز حائط الغرفة.. مسك الخال بذراعه وحاول تهدئته لكنه فشل.. فتحدث المحقق بهدوء بعد أن أمر العسكري بالخروج لينفذ رغبته :
-ممكن تعرفني بحضرتك بهدوء
قال بصوت خشن :
-أنا رحيم عبد الرحمن النادي.. وحضرتك حبست مراتي بدون اي سبب
-اتفضل اقعد علشان نتكلم بهدوء
-مش هقعد ولا هتكلم بهدوء غير لما تخرج واشوفها
قال كلماته بحده وحسم.. فتنهد الأخير وضغط على زر الجرس ليدخل العسكري فأمره بإحضار ندى لينفذ أمره وخرج مغلقًا الباب خلفه.. عزم المحقق على رحيم بالجلوس ثانية لكنه قذفه بنظرة نارية وظل واقفًا..
بعد دقائق قليلة عاد العسكري ومعه ندى.. بمجرد أن رأت رحيم عادت روحها إلى بدنها وركضت إليه لتختبئ من الجميع داخل عناقه قائلة :
-رحيم.. الحمد لله أنك جيت
أطبق ذراعيه عليها يحتضنها بشدة ثم نظر إلى المحقق بنظرات منبعثه من الجحيم وتساءل بعنف :
-دخلت الحبس بتهمة إيه؟!
-حضرتك أنا قولتلك على كل حاجة
-مش مبرر.. المفروض أن فيه محامي الأول يحضر التحقيق ده غير إن حضرتك تروح الملجأ بنفسك وتشوف الكلام ده صح او غلط
جلس على المقعد وتحدث بثقة :
-الشاهدة موجودة واعترفت عليها.. وأستاذة ندى هتشرفنا لحد بكرة الصبح
-لاء هتخرج بكفالة
تطلع إليه بحنق شديد في حين يبادله الأخير بنظرة شك واضحة.. وبعد دقائق دفع الكفالة المطلوبة وتم الإفراج عنها لحين معاد التحقيق بعد التحقق من أقوال الشاهدة
***
عند وصوله صف السيارة أمام باب المنزل الرئيسي.. ثم نظر إليها ومسح على جانب رأسها.. أدارت رأسها إليه تطلع إلى عيناه لتشعر بالأمان ثم فتحت الباب وترجلت.. ترجل هو الأخير وفتح باب المنزل ثم فتح الباب الخلفي من السيارة ليحمل طفلته.. بينما ترجل كلًا من أشرقت وريان ودخلوا المنزل برفقة ندى..
لحق رحيم بهم مغلقًا الباب خلفه ثم صعد الدرج من ثم دلف إلى الغرفة.. وضع طفلته داخل فراشها برفق.. بعدها نظر إلى أولاده وقال بصوت منخفض :
-يلا يا حبايبي روحوا ناموا
ودع كلًا منهما ندى بقبلة على وجنتها كما أنهم ودعا والدهما بمثلها ثم خرجا.. جلس إلى جوار زوجته وقبلها على جانب رأسها بحنان ثم ضمها إلى صدره يمسح على ذراعها قائلًا :
-قومي غيري هدومك يلا يا حبيبي
أومأت بالإيجاب ثم نهضت عن الفراش متجهه إلى غرفة الثياب ودلفت إلى الداخل.. لتخرج بعد لحظات ودلفت إلى المرحاض لتضع بدنها أسفل الماء البارد..
أما رحيم فدخل الغرفة كي يبدل ثيابه.. من ثم خرج منها بل ترك الجناح بالكامل متوجهًا إلى غرفة شقيقته بخطوات واسعة.. ووقف يدق الباب بعنف ودخل بعد أن آذنت بالدخول..
-من بكرا تلمي شنطة هدومك وتمشي
قال كلماته بحسم عاقدًا بين حاجبيه في حده بالغة.. تركت الفراش ووقفت أمامه تحملق به في تعجب قائلة :
-عملت ايه علشان تطردني؟!
-أنتِ عارفه لكن هقولك.. البوليس جه هنا سأل على ندى وأنتِ عرفتيهم بمكانها
صمتت للحظات ثم تحدثت نافيه ذلك :
-لاء طبعًا ماحصلش
ابتسم وقال ساخرًا :
-البوليس شغال في السحر وعرف بمكان ندى لوحده..
ثم اندفع فجأة بعنف :
-انطقي وقولي الحقيقة
ابتلعت لعابها وتحدثت بهدوء على عكس التوتر الماكث داخلها :
-اه هو فعلًا جه وسأل على مكانها فقولتله
-مش كان المفروض تقولي لاء ماعرفش مكانها وبعدين تكلميني تقولي لي علشان نفهم الموضوع
-أه أنت صح
قبض على مرفقها عنوة جعلها تتأوه وتحدث من بين أسنانه :
-أنتِ ما صدقتي تخلصي منها.. وكفاية لحد كده وبكرا الصبح تنفذي اللي قولتلك عليه
ثم تركها بعنف لتتراجع خطوة للخلف والتفت متجهًا إلى الخارج لكنه توقف عند الباب والتفت إليها برأسه قائلًا بتمني :
-أو يا ريت تعملي فينا جِميل وتسافري لجوزك
تابع السير ما أن أنهى حديثه وأطمئن على أولاده أولًا ثم عاد إلى الغرفة.. رآها تمدد على الفراش فأغلق الباب بخفه وتقدم صوب الفراش ليمدد إلى جوارها جاذبًا إياها إلى صدره..
أغمضت عينيها تتنهد بهدوء وقالت بصوت منخفض :
-مش مصدقة اني في البيت
شدد بأنامله على ذراعها وقال بعد أن قبلها على رأسها بحنان :
-أنتِ في حضني يا روحي.. ماتخافيش من اي شيء وأنا معاكِ
مسكت بيده الأخرى قائلة :
-ربنا يخليك ليا يا روحي
-يا رب ويخليكِ ليا يا حبيبي
رفع يده يمسح على شعرها برفق حتى ذهبت إلى النوم بعد دقائق.. ترك يدها ليرفع ذراعه تجاه زر الإضاءة المجاور إلى الفراش ليغلق المصباح الكبير.. وبعد لحظات وصلت له رسالة على الهاتف.. نظر إليه ثم أخذه من أعلى المنضدة الصغيرة وفحص كلماتها بسوداويته " اللي حصل ده قرصة ودن وأحمد ربنا إنها خرجت سليمة.."
رفع عيناه عن الهاتف يحدق في الفراغ بحده بالغة.. لينظر إلى شاشة الهاتف من جديد وكتب رسالة تحمل " قرصة الودن الخاصة بيا صعبة جدًا اتمنى تقدر تتحملها يا تميم.." ثم ارسلها ووضع الهاتف كما كان..
وضع رأسه على الوسادة ومازال محتفظًا باحتضان قطرة الندى خاصته بشدة.. وأطبق شفتيه على جبينها للحظات ثم اغمض عيناه مستسلمًا إلى النوم
*** يتبع 
google-playkhamsatmostaqltradent