Ads by Google X

رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الرابع والثلاثون 34 - بقلم تسنيم المرشدي

الصفحة الرئيسية

 رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الرابع والثلاثون 34 - بقلم تسنيم المرشدي 

«حرِر هَواكَ فَالحُب بَات مُعلنا»
«الفصل الرابع والثلاثون»

***
"تتجوزيني" 
قالها وهو يجسي على ركبته مثنياً قدمه الأخرى، يمسك بيده عُلبة بها خاتم الزواج، لحظة استيعاب لما يحدث، فلم تصدق ذلك، لطلاما حلمت بعرض زواج كهذا، أدمعت عينيها وابتسمت بعذوبة، أوصدت عينيها لبرهة ثم انفجرت ضاحكة، فشاركها يوسف الضحك، اقتربت منه ومالت برأسها لليمين قليلاً وبخجل واضح هتفت:
_ موافقة طبعاً..

استقام يوسف وتمتم وهو يضع الخاتم في إصبعها:
_ رأيك مش مهم أصلاً، عشان هتجوزك كدا كدا 

لم تمنع ابتسامتها وهي تتابع دخول ذاك الخاتم إصبعها، رفعت يدها حين فرغ يوسف وطالت بنظرها عليه ثم هتفت بدون تصديق: 
_ فضة دا؟

تقوس ثغر يوسف بتهكم وصاح بإزدراء:
_ فضة!! يوسف الراوي يجيب شبكة فضة! دا ألماس يا حبيبتي

دقت السعادة طبول قلبها، اقتربت منه وقامت بعناقه، ولم تخفض نظريها من على إصبعها بفرحة عارمة، ضمها يوسف وتشبث بها كـتائه في طريق وكانت هي آخر آماله في العودة. 

ابتعد قليلاً ليطالع عينيها وقال بعذوبة:
_ ما تغنيلي.. 

ابتسمت ثم تسائلت بخفوت:
_ عايز تسمع إيه؟

"أي حاجة منك حلوة"
قالها وهو يتفحص ملامح وجهها الرقيقة، أخذت لينة وقتاً في التفكير حتى اختارت أحد أغاني كوكب الشرق فهي على علم بمدى حبه لها فهتفت بحماس:
_ ممم ماشي..

كادت أن تغرد بصوتها العذب إلا أنه أوقفها بإصبعها موضحاً:
_ ثانية..

ابتعد عنها ثم توجه إلى الكرسيان وحملهما بين يديه وتوجه بهما إلى الشرفة التي تتوسط الردهة، وضعهما بجانب بعضهما ودعاها للدخول، جلس على أحدهما وجلست هي إلى يساره ثم مالت برأسها مستندة على كتفه، مد يوسف يده لها فتخللت هي ثغرات يده الفارغه بأناملها وبدأت غنائها وهما يطالعان القمر والنجوم: 
_ يا حبيبي، الليل وسماه، 
ونجومه وقمره وسهره،
وإنت وأنا، يا حبيبي أنا، يا حياتي أنا،
كلنا كلنا في الحب سوى،
والهوى، آه منه الهوى سهران الهوى،
يسقينا الهنا، ويقول بالهنا،
ياحبيبي يلا نعيش في عيون الليل ونقول للشمس تعالي تعالي،
بعد سنة مش قبل سنة دي ليلة حب حلوه بألف ليلة وليلة،
بكل العمر، هو العمر إيه غير ليلة  زي الليلة. 

انتهت من غنائها فرفع يوسف يده تلقائياً وطبع قُبلة حارة على يدها، التفت برأسه يساراً وواجه عينيها اللامعة قبل أن يردف:
_ عمري ما اتخيلت إني أقع في حب واحدة للدرجة دي!!

تقوس ثغرها ببسمة رقيقة وبحياء ونبرة متيمة قالت:
_ أنا بقى من أول ما شوفتك وأنا عارفة إني هحبك! 

بعدم تصديق لما تخبره عنه سألها بجدية:
_ إزاي يعني؟ أنتِ كنتي عيلة عندك ١٠سنين تعرفي إيه أنتِ عن الحب؟

نظرت أمامها وأجابته بثقة:
_ يمكن وقتها مكنتش أعرف يعني إيه حب، بس أنا اطمنت!،
وقت ما كنت خايفة لما كنت أنا وعلي لوحدنا أنت جيت وطمنتنا، ووقت ما خوفت أصل القطر يفوتنا أنت حضنتني وجريت لغاية ما وصلتني ليه، ووقت ما أمجد ضربني أنت اخدت لي حقي، ولما علي مشى مكنش فيه غيرك يسد غيابه، وطول ال ٨وسنين اللي قعدت معاك فيهم مكنتش بتعمل حاجة غير أنك بطمني!! 

عادت بنظرها إليه وواصلت: 
_ تفتكر أنت بقى يبقى معايا الأمان دا كله وافرط فيه ومحبوش؟!

وما أن أنهت جملتها حتى تفاجئت بقبلته التي طبعت على شفتيها، خفق قلبها وتسارعت نبضاته، فهو دوماً ما ينجح في إرباكها واضطراب حواسها، لكزته بخفة في صدره وأخفضت رأسها بحياء معاتبة إياه:
_ بطل تعمل كدا فجاءة وبرا البيت..

رفع وجهها فتبادلا النظرات متسائلاً بهمس:
_ ليه؟

حمحمت وهي تخبره بعد أن هربت بعيينها بعيداً عنه:
_ عشان ببقى عايزة أهرب منك، وهنا مش هعرف أهرب!

"اهربي هنا"
قالها يوسف وهو يدخلها داخل صدره محاوطها بذراعه فلم تمانع لينة، هي لا تريد مواجهة عينيه تلك الأثناء، أخرجت تنهيدة قبل أن تتسائل باهتمام وحماس شديدان:
_ هنبدأ في تجهيزات الفرح امتى؟ 

أجابها وهو يطالع السماء:
_ لو عليا من بكرة، بس مش عارف إزاي، وأنتِ أصلا نص يومك في الكلية وأكيد مش هاخدك بعد يوم طويل ونلف مع بعض نشتري حاجتنا، دا غير إن كدا مش هيكون في وقت لمذاكرتك أصلاً، فمش عارف هنعملها إزاي؟!

"ممم، أنا هقولك"
قالتها بحماس ثم رفعت بصرها عليه وأخبرته بما يدور في عقلها:
_ أنت ممكن تجيب صفح الأماكن اللي نقدر نشتري منها كل حاجة على الميديا ونختار كل حاجة وأنت تروح تشتريهم.. 

أبدى يوسف إعجابه بذاك الإقتراح حيث صاح وهو يضرب رأسها بخفة: 
_ ذكاء المهندسين ظهر 

رفعت لينة عينيها للأعلى في نظرة تعالى وفخر فتابع يوسف بعفوية: 
_ هبقى أكلم بلال وأعرف منه الأماكن اللي اشترى منها ونشوف لو ليها صفح.. 

أسرعت في رفض ذلك موضحة:
_ لا بس أنا مش بحب المودرن، أنا بحب الكلاسيك أكتر بحسه قيم جداً 

"ما طبيعي أي مكان بيكون عنده جميع الاستايلات وأنتِ تختاري حسب ذوقك"
هتف بها يوسف بينما تراجعت هي بحرج وقالت: 
_ ممم طيب،  تجهيزات البيت وحليناها، كلميني بقى عن الفرح هنعمله فين وهيكون إزاي..

توقفت عن الحديث ونظرت إليه مستاءة قبل أن تتابع:
_ أنا عايزة أرقص واتنطط، وأنت كمان هتشاركني كل حاجة مش عايزة أي رفض في اليوم دا، مفهوم!

قلب يوسف عينيه وقال:
_ هعملك كل اللي أنتِ عايزاه، بس برده هعمل اللي أنا عايزه! 

قطبت لينة جبينها مرددة بعدم استعياب:
_ ودا إزاي يعني؟

اعتدل يوسف في جلسته ونظر إليها ثم أوضح ما يقصده:
_ يعني هنعمل قاعتين، واحدة ليكي ولصحابك وواحدة ليا ولصحابي وكدا

شهقت لينة بذهول ورددت بدون إعجاب لما قاله:
_ إيه!! بس أنا عايزاك معايا..

حمحم قبل أن يردف كلماته:
_ ما أنا هكون معاكي، ومعاهم برده 

قلبت عينيها مستاءة قبل أن تهتف بعدم رضاء:
_ ودا هيحصل إزاي برده؟

"هكون معاكي أكبر وقت يا لينة، أنا أخري هسلم على المعازيم والباقي كله ليكي"
عبست بوجهها فتابع هو: 
أنا مش هسمح إنك تقفي ترقصي قدام حد، وفي نفس الوقت عايز أفرحك واعملك اللي أنتِ عايزاه عشان دا يومك فبلاش لوي بوز

حدجته لبرهة قبل أن تصيح بحنق:
_ إيه بقى دا يومك دا هو مش يومك أنت كمان ولا إيه؟

أوضح لها يوسف مقصده بهدوء:
_ أنا يومي بيكي أنتِ، مش بالفرح ولا بالقاعة ولا بأي حاجة، أنا فرحتي بوجودك معايا، عمري ما اهتميت بالشكليات دي..

"قصدك إني سطحية وبتاعت مظاهر؟!"
هتفت لينة بإزدراء، بينما تحلى يوسف بالصبر موضحاً حقيقة كلماته:
_ أكيد لأ، البني أدمين مش زي بعضهم كل واحد ليه طريقة معينة بيتبسط بيها، ليه مفضلاته غير التاني، أنا مش بقدر اتبسط بالرقص والتنطيط وإظهار الحب قدام الناس وأنتِ بتتبسطي بكل دول فأنا هعملهم عشان تكوني مبسوطة لكن أنا كدا كدا مبسوط بيكي أنتِ 

ضاقت لينة بعينيها ورددت بخفوت:
_ دا تثبيت؟!

قهقه يوسف وقال بمرح:
_ حاجة زي كدا 

غيرت مسار حوراهما إلى خطوة ما بعد حفل الزفاف حيث أردفت: 
_ ممم، هنعمل هاني مون فين؟

نظر يوسف يميناً ويساراً متصعناً الحماقة:
_ إيه دا هو إحنا هنعمل هاني مون؟

نظرت إليه لينة مستاة وهتفت بتهكم:
_ أيوة طبعاً..

تغلغلت الحماسة داخلها وازدادت نبرتها حيوية متابعة لحديثها:
_ عايزة أروح مكان مكنش متقيدة فين بطرحة ولبس، عايزة أسيب شعري وأجري على البحر، وألبس بيكيني

أوصدت عينيها حالمة بما تتمناه وهتفت بشغف:
_ ياااه.. 

فتحت عينيها فتفاجئت به يستند بمرفقه على الكرسي مستنداً بذقنه على راحة يده يصغي لأحلامها الوردية ثم ردد ببرود:
_ يااه أحلام جميلة مش هتتحقق خالص.. 

"ليه متتحققش، فيه أماكن أقدر أعمل فيها كدا" 
هتفت بها بحماس فقطع عليها حماسها بقوله:
_ الكلام دا مستحيل يتعمل برا البيت اللي إحنا قاعدين فيه دا..

لم تستسلم وصاحت محاولة إقناعه:
_ يابني المالديف فيها أماكن مخصصة لاتنين بس محدش بيكون شايفهم خالص، ليهم مكانهم الخاص وسط البحر نعمل فيه اللي إحنا عايزينه.. 

قلب يوسف عينيه وقبل أن يبدي رفضه مجدداً هتفت هي:
_ أنا عملت سيرش في الموضوع دا ومتأكدة من كلامي، وإلا أكيد مكنتش هطلب منك حاجة زي كدا أصلا، ولو مش مصدقني أعمل سيرش أنت وشوف بنفسك..

أمسكت ذارعه متوسلة إياه بدلال معانق للتوسل:
_ لطفاً يا سوفي.. 

"ربنا يسهل"
أردفها يوسف فصاحت هي بحماس شديد:
_ يعني وافقت؟!

أسرع في نفي ظنها بقوله:
_ أنا مقولتش إني وافقت، بس هفكر

ابتسمت هي بسعادة فإن لم يرفض فهناك أملاً كبيراً في موافقته، صمتت ثم تذكرت أمر المنزل خاصتهم فتسائلت متلهفة: 
_ أنت عملت إيه في موضوع بيع البيت، السمسار موصلش لمشتري؟ 

نفى يوسف بحركة من رأسه وهتف آخر ما وصل إليه:
_ آخر حاجة قالي إنه هيتكلم مع عمدة البلد ويعرض عليه الموضوع، لأنه عارف إنه بيشتري أغلبية البيوت القديمة بس لسه مردش عليا. 

تأففت لينة بنفاذ صبر وصاحت: 
_ أوف عايزاه يتباع بسرعة.. 

قلب يوسف عينيه فلم يهضم الأمر بعد وأبدى زمجرته:
_ أنا لغاية دلوقتي مش موافق علي بيعه، أنا كنت أقدر أسلف علي، آه مش من معايا بس أعرف رجال أعمال بيسلفوا للمشاريع الصغيرة، وأنتِ عمري ما كنت هنقص لك حاجة 

أسرعت لينة في قول: 
_ والله عارفة، بس أنا مش عايزة أحملك فوق طاقتك، كل حاجة بقت غالية ولما نشارك بعض مش هتضغط وأنا هبقى مضايقة إنك مضغوط، ثم إن ليه يعني نستلف وعندنا بيت ملك، وكدا كدا مش بنستعمله في حاجة، يعني نستنفع بيه أحسن ماهو واقف كدا والله أعلم بيحصل فيه في غيابنا

لم يبدي يوسف رد فعل، فلم تنجح في إقناعه، ساد الصمت لدقائق قبل أن تحتد تعابير لينة ومالت للحزن حينما تذكرت محادثتها الاخيرة مع صديقتها، نكست رأسها وقد شعرت بوخزة في صدرها ولم تكف عن إيلام نفسها، لاحظ يوسف ذاك التحول المفاجئ وسألها باهتمام:
_ مالك في إيه؟ 

أخذت نفساً قبل أن تخبره بحزن وندم:
_ عملت موقف رخم أوي مع شهد..

بفضول تسائل:
_ عملتي إيه؟

أخرجت تنيهدة مهمومة وأخبرته ما اقترفته في حق صديقتها:
_ بقالي كام يوم مش برد عليها لأني عارفة ومتأكدة إنها هتسألني عملتي إيه واتصالحنا إزاي، وأنا للاسف اكتشفت إني مش بعرف أواجه وخصوصاً لو هنهي حاجة بتحصل، بس النهاردة رديت عليها ومن كتر خنفتي بسبب زعلنا أنا وأنت اتكلمت معاها بأسلوب وحش جداً، كنت قليلة الذوق بطريقة بشعة، اتنرفزت عليها وقولتلها معتيش تسأليني عن حاجة تخصنا عشان دي خصوصية وهي كل اللي عملته قالتلي تمام وقفلت..

فرت دمعة من عينيها ورددت بإيلام:
_ أنا مش عارفة إزاي عملت كدا، أنا غبية والله..

تفهم يوسف وضعها وما كان منه إلا أن ضمها لصدره محاولاً تهدئتها بكلماته:
_ أنتِ معملتيش حاجة غلط يا لي لي، دا اللي المفروض كان يحصل، عشان علاقتنا مينفعش حد تالت يكون طرف فيها، بس ممكن اللي غلطتي فيه أسلوبك معاها..

هتفت لينة بنبرة باكية: 
_ والله العظيم كان غصب عني، كنت مخنوقة أوي، اللي حصل بينا مكنش سهل عليا، بس برده هي ملهاش ذنب..

تنهد ثم أردف بنبرته الرخيمة:
_ حصل خير، كلميها بكرة وفهميها إنك كنتي مخنوقة وكان غصب عنك وهترجعوا كويسين تاني، وبس بطلي عياط لو سمحتي، بقولك بكرهه

حاولت جاهدة أن تقطع بكائها لكنها فشلت، فأراد يوسف خلق حديثاً لعلها تتناسى الأمر، تذكر شيئاً ما فصاح باستنكار شديد:
_ صحيح، تعالي هنا أنتِ إيه اللي قولتيه لميمي قبل كدا دا؟

مسحت عبراتها وبعدم فهم سألته:
_ قولت إيه؟

"لما قولتيلها إني مش فارق معايا لا مسؤولية ولا حتى حقوقي!! أنتِ إزاي قولتي كدا؟
هتف يوسف بعدم تصديق بعد بينما نكست لينة رأسها بحياء شديد، عضت على شفاها ولم تجرأ على إعطائه إجابة، فعاد يوسف متسائلاً بجدية:
_ أنتِ فاهمة يعني حقوق كراجل؟! 

"بس بقى يا يوسف" 
قالتها بخفوت متمنية داخلها أن لا يطيل في الأمر لكنه أصر على أخذ منها ما يريد سماعه:
_ بس إيه، دي فيها حوار تاني دي ها ردي..

"ميمي قالتلي"
ألقت إجابتها ثم هربت منه بخروجها من الشرفة، بينما قهقه يوسف وهلل عالياً:
_ بركاتك يا ميمي، كدا نتمم الجوازة وإحنا مطمنين

توجه إليها فأردفت هي دون أن تواجه عينيه:
_ أنا عايزة أروح..

اقترب منها حتى بات لا يفرقهما شيء، رفع وجهها ونظر إليها وقال:
_ زهقتي مني؟

عاتبته عينيها قبل أن كلماتها:
_ أنا عمري أزهق منك؟! أنت الظاهر مش عارف غلاوتك عندي!! 

"تؤ مش عارف، عرفيني"
همس بها وهو يقترب من شفاها تاركاً مسافة بين وجهيهما لكي تجيبه، ابتلعت هي ريقها بإرتباك وهمست:
_ يلا نمشي..

"مش عايز، أنا عايز أفضل جنبك هنا في بيتنا"
هتف بها ثم قبل ثغرها برقة مبالغة وتابع:
_ عايز أقفل عليكي قلبي ومتخرجيش منه أبداً! 

حملها يوسف عن الأرض ثم وضعها على الطاولة برفق ووقف مقابلها وقال:
_ ما تيجي نوفر كل اللي خططناله ونتجوز النهاردة؟!

خفق قلبها وشعرت بالخوف الشديد، دفعته بكل ما أوتيت من قوة ثم أسرعت خطاها نحو الباب فقهقه يوسف عالياً وهتف:
_ طب استني بس 

لم توقفها كلماته وتابعت خروجها من المنزل، أخذ معطفه وباقة الذهول ثم أغلق كميه الإضاءة وترجل خلفها، وقفت لينة أمام السيارة في إنتظار مجيئه وحرصت بألا تنظر إليه فيكفي ذلك القدر من الخجل الذي يسيطر عليها. 

فتح يوسف السيارة فاستقلت هي أولاً تحت ضحكاته على تصرفاتها، استقل هو خلف المقود ولم يرفع نظره عنها ملقياً بعض الكلمات الساخرة:
_ وقت الجد بنقلب قطط..

نظر إليها ومال عليها هاتفاً بسخرية:
_ مياو مياو 

لم تصمت وخرجت عن صمتها، لكزته في صدره بعنف فآنه بألم وعاد إلى مقعده مردداً بحنق وهو يتحسس إثر ضربتها:
_ قلبك قلب قطط بس ايدك ايد ديناصور 

صاحت الأخرى بغضب:
_ وهياكلك لو مبطلتش تريقة 

رمقها بطرف عينيه وأعاد سخريته:
_ مياو مياو..

رفعت يدها محذرة إياه فلتقطها يوسف بخفة وطبع قُبلة عليها ثم وضعها على صدره قبل أن يردف:
_ على قلبي زي العسل 

قلبت لينة عينيها ناهيك عن فمها الذي حركته ساخرة فصاح هو:
_ لا كدا قلبنا معاقين 

تأففت هي وسحبت يدها عاقدة كليهما عند صدرها متذمرة، فهلل يوسف:
_ مياو مياو 

انفجرت لينة ضاحكة فشاركها هو بينما هتفت هي:
_ ياربي بجد، وقعت في واحد متنمر 

غمز إليها بمشاكسة فتابعت ضحكها ولم تضيف المزيد، تابعا كليهما الطريق ولم تخلوا مدة وصولهما عن المزاح. 

***

عادا إلى منطقتهما وتقابلا مع بلال الذي يقف برفقته أحد الشباب، لمح طيفهما فلم يتردد في الذهاب إليهما حيث صاح عالياً:
_'إيه الصياعة دي، فاضل ساعة على الفجر ولسه راجعين

بإسيتاء شديد هلل يوسف:
_ وأنت مالك ياعم واحد ومراته بتدخل بينهم ليه؟

"مراته؟"
رددها بلال ساخراً وهو يمرر نظريه بينهما فصاحت لينة بحنق:
_ في إيه يا برو؟ 

بنبرة لا تحمل النقاش قال بلال:
_ مرات أبويا متدخليش بيني وبين صاحبي 

لكزه يوسف في صدره وسأله مستفسراً وهو يجوب العُلبة التي في يده:
_ أنت جايب إيه كدا؟

أجابه مختصراً:
_ عشا..

"وهو فيه حد يتعشى الفجر؟"
قالها يوسف ساخرة فهتف بلال وهو يقلب شفتيه باستنكار:
_ واحد ومراته جعانين أنت مالك؟ 

"هي بقت كدا، ماشي، يلا هطير أنا عشان الأكل ميبردش"
أردفها بلال ثم أولهما ظهره وعاد إلى منزله وكذلك فعل الاخرين، ولج منزله فالتفت إيمان إليه وهي جالسة ثم سألته مستفسرة:
_ اتاخرت ليه؟ 

أوضح لها سبب تأخيره وهو يقترب منها:
_ قابلت يوسف ولينة ووقفت معاهم..

بعفوية سألته:
_ كانوا ف..

لم تكمل سؤالها خشية أن يُساء فهمها، حمحمت ثم قالت:
_ طب يلا عشان جوعت..

جلس بلال وفتح عُلبة البيتزا وبدأ يتناولان وهما يتابعان فيلماً أجنبياً، انتهوا من الطعام ثم التفتت إيمان حيث يجلس بلال وبتردد قابلته في البداية أردفت:
_ بلال عايزة أتكلم معاك في موضوع ومترددة..

كتم  بلال صوت التلفاز ونظر لها بأذان صاغية فتابعت هي: 
_ أنا مش عايزة أكون مترددة وأنا بتكلم عن...

ابتلعت ريقها وهي تتابع تعابيره فهتف هو متسائلاً:
_ وأنتي بتتكلمي عن إيه! 

حكت إيمان ذقنها ثم استرسلت بحرص شديد:
_ وأنا بتكلم عن يوسف..

أسرعت من نبرتها لكي لا يسيء فهمها وبررت ما تقصده: 
_ هو في الآخر ابن عمتي وصاحبك وأكيد سيرته هتيجي على طول، والله هو ميخصنيش في حاجة بس مش حابة أكون مترددة وأنا بـ..

قاطعها بلال بقوله:
_ مش لازم كل التبرير دا، أنا معنديش مشكلة في سيرته ما أنا كدا كدا اللي بجيبها مش أنتِ..

تقوس ثغرها ببسمة تلقائية واقتربت منه وأحاطت صدره، ثم رفعت نظريها عليه وصرحت بحبها:
_ بحبك أوي 

مال بلال برأسه وطبع قُبلة على أرنبة أنفها قبل أن يهتف:
_ وأنا كمان بحبك، بس ليه قولتي كدا دلوقتي؟

تراجعت للخلف وظلت تلوح بيدها وفي النهاية أجابته:
_ مش عارفة، حاجة من جوايا خليتني أقولك كدا..

حمحمت ونظرت إليه بجدية وقالت:
_ أقولك على حاجة ومش عارفة إذا كنت هتصدقني ولا لأ! 

هز بلال رأسه مردداً بفضول:
_ إيه؟

ابتلعت ريقها وبدأت تخبره بما تشعر به: 
_ فيه حاجات كدا عمري ما حسيت بيها قبل كدا، دايماً بحس إني عايزة أعملك كل حاجة حلوة، عايزة أرضيك وأفرحك، بعرف إيه اللي بيضايقك وبحاول معملوش..

أمسكت يده ورفعتها عند فمها ثم طبعت قُبلة داخلها وأردفت:
_ والله العظيم يا بلال انا قلبي ما رضى عن حب غير حبك، عمره ما كان مرتاح قد وأنا معاك، أنا نفسي أجيب لك الدنيا كلها في سبيل إنك تكون مبسوط..

لمعت عيني بلال متأثراً بتصريحاتها، رفع يدها الممسكة بيده وطبع قُبلة حارة عليها ثم مال على رأسها وطبع أخرى على خصلاتها قبل أن يواجهه عينيها ويقول:
_ أنا مبسوط طول ما أنتِ جنبي، دا عندي بالدنيا كلها..

ابتسمت وكذلك هو، بينما نهض بلال فنظرت إليه متسائلة بغرابة:
_ رايح فين؟

زفر بلال ثم أصدر صوت طقطقة فقرات ظهره مجيباً إياها:
_ هنتشاقى شوية.. 

وقبل أن يجمع عقلها ما تفوه به كان قد انحنى عليها وحملها بين ذراعيها فتشبثت هي في عنقه بدلال، توجه بلال إلى غرفة نومهما ليحظى بوقتاً معها. 

***

تعجب يوسف من صحيان أخيه للأن، فلقد أعتاد في الآونة الأخيرة على نومه عند عودته، ابتسم له وأردف بصوت أجش:
_ عاش من شافك والله، كل ما أرجع ألاقيك نمت، والصبح متكنش موجود.. 

اقترب منه زياد ومزاحه قائلاً:
_ ما أنا قولت بقى منامش النهاردة قبل ما أشوفك، ما أنا معتش هشوفك تاني..

شعر يوسف بوخزة في قلبه إثر كلماته، لم يدري لما خشى عليه كثيراً وهم بسؤاله بنبرة قلقة:
_ إيه الكلام دا؟ يعني إيه معتش هتشوفني؟

أوضح زياد ما يقصده من خلف كلماته المبهمة:
_ يعني خلاص بكرة هلبس في الجيش!!

لا يدري يوسف لما لم يشعر بالفرح، فكان هو من يحثه على الإلتحاق به، ما الذي تغير الآن؟ لحظة صمت سادت بينهما لم يبدي يوسف رد فعل بل ظل يحدق ملامح أخيه وقلبه ينفطر حزناً. 

لوح زياد بيده أمام عيني يوسف مردداً بسخرية:
_ للدرجة دي هوحشك؟

أنتبه يوسف على كلماته ولم يشعر بنفسه سوى وهو يضمه إلى صدره معانقاً إياه بحرارة، انفجر زياد باكياً وهو يبادل أخيه العناق، فكانت مرته الأولى لأن يفارقه. 

حاول يوسف الصمود قدر المستطاع لكي لا يشاركه البكاء، زاد من تشبثه به ثم عاد للخلف ورسم بسمة قبل أن يردد:
_ تروح وترجع بالسلامة.. 

لكزه في صدره فازداد نحيب زياد، لكنه أسرع في مسح عبراته بينما تسائل يوسف بجدية:
_ أنت بتعيط ليه دلوقتي؟ عشان هتمشي؟

وضع زياد يده على صدره وأجابه:
_ لا عشان إيدك تقيلة أوي 

انفجرا كليهما ضاحكين، ثم توقفا عن الضحك وهما يتبادلان النظرات قبل أن يتسائل يوسف:
_ جهزت حاجتك؟

أماء زياد وقال:
_ آه ميمي ساعدتني..

"ميمي!!"
رددها يوسف ثم صاح:
_ عملت إيه لما عرفت إنك ماشي 

اتسعت عيني زياد وهو يقلدها:
_ مبطلتش عياط كالعادة 

ضحك يوسف وأردف:
_ ولا هتبطل يومين تلاتة كدا..

قهقه زياد ساخراً قبل أن يخبره بذكرى قديمة:
_ هو أنت فاكر إنها عيطت يومين تلاتة لما أنت مشيت؟ دي قعدت تعيط طول مدة غيابك، مكنتش بتسكت غير في أيام إجازتك بس 

تفاجئ يوسف بما أخبره له حيث هتف بهدم تصديق:
_ بتهزر؟!

"يا أخي دا أنا شوفت الويل، يلا شوفه أنت شوية"
قالهم زياد ثم ضحك كلاهما على كلماته بينما استأذن يوسف للخروج معللاً أسبابه بأنه لديه عملاً لابد أن ينهي قبل أن ينام، خرج من الغرفة وما أن أوصد بابها حتى انسدلت عبراته حزناً على فراق أخيه.

أسرع للخارج لكي لا يراه أحد، ولج الشرفة واستند بمرفقيه على السور ودعى العنان لعبراته في السقوط، بعد دقائق شعر بيد أحدهم قد وُضعت على ظهره، فأسرع في مسح عبراته ثم استدار ليعلم هوية الدخيل. 

فكانت فتاته، رمقته بقلق من أمره وسألته بتلهف:
_ مالك يا يوسف؟

تصنع الإبتسام وهو يجيبها:
_ مفيش يا حبيبي، أنتِ لسه صاحية ليه؟

اعترضت إبعاده عن سؤالها هاتفة:
_ هو إيه اللي مفيش؟، والدموع اللي أنا شيفاها دي إيه؟ 

فرت دمعة على مقلتيه فأسرع في مسحها، بينما آثار القلق في قلبها وأعادت سؤالها بتوجس:
_ في إيه متخوفنيش..

أولاها يوسف ظهره واستند مرةً أخرى على السور قبل أن يجيبها:
_ قلبي مقبوض، وأنا مبحسش بكدا غير لما يحصل حاجة وحشة بعدها!! 

جاورته في وقفته وربتت على ظهره بحنو وقالت:
_ ليه يا حبيبي إيه اللي حصل عشان تحس بكدا؟

أخذ نفساً عميق ورد على سؤالها بنبرة مختنقة:
_ زياد ماشي بكرة.. 

نظر إليها وتابع:
_ المشكلة إني مستغرب نفسي أوي وأنا اللي كنت بزن عليه عشان يدخل الجيش، مش فاهم في إيه؟!

ابتسمت في وجهه ببشاشة وقالت:
_ يا حبيبي طبيعي تخاف عليه وطبيعي تزعل، أنتوا طول عمركم مع بعض وأنت شايفه أخ وإبن وصاحب فلما يمشي مدة طويلة هتزعل، بس مفيش داعي للقلق هو في حماية ربنا.. 

"ونعمة بالله"
رددها يوسف فملست هي على وجنته بنعومة وهتفت برقة:
_ بحبك 

"وأنا كمان"
قالها يوسف فـلكزته لينة بقوة في صدره هاتفة بحنق:
_ اسمها وأنا كمان بحبك، إيه وأنا كمان دي؟!

أجبرته على الإبتسام ثم أحاط خصرها بذراعه دافعاً إياها إلى صدره وهمس بنبرة ماكرة من بين قبلاته التي يطبعها على ثغرها:
_ بحبك، بحبك، بحبك 

دفعته لينة بعيداً عنها وهتفت مستاءة:
_ أنت ما بتصدق، تصبح على خير 

"وأنتِ من أهله" 
قالتها وهو توليه ظهرها، ثم استدارت ونادته برقة:
_ يوسف..

انتبه لها فأرسلت إليه قُبلة في الهواء، فتفاجئت به يهرول نحوها، فلم يكن أمامها سوى الركوض والعودة إلى غرفتها قبل أن يصل إليها بينما قهقه يوسف على تصرفها العفوي وعاد إلى غرفته، ظل يحدق بأخيه النائم ولم يزوره النوم تلك الليلة قط. 

***

صباحاً، وقف يوسف حاملاً حقيبة أخيه وإلى جواره لينة، وفي منتصف الردهة تعانق السيدة ميمي صغيرها وتبكي بمرارة، بعد وقتٍ طال تدخل يوسف بقوله:
_ يلا يا ماما كفاية كدا.. 

ابتعدت عن زياد وهتفت وعي تملس على وجنته:
_ خلي بالك على نفسك وكُل كويس ونام كويس وأي حاجة تحتاجها كلمنا على طول 

انفجر يوسف ضاحكاً وهو يقترب من أخيه:
_ يلا يا عم دي فكراك رايح تصيف!!

ضحك زياد ولم يطيل لكي لا يتأخر: 
_ متخافيش يا ماما إن شاء الله هبقى كويسة..

قبل يدها ثم توجه إلى الباب وتبعه يوسف ولينة التي ستذهب إلى جامعتها، ترجلا السُلم حتى باتا خارج المنزل، فتقابلا مع أمجد صديق فهلل زياد ساخراً:
_ أنتم السابقون ونحن اللاحقون..

قهقه أمجد ولم يصدق مظهر زياد وصاح عالياً:
_ لا مش مصدق أخيراً لبست! 

أماء زياد ثم سأله بجدية: 
_ طمني وقولي الموضوع سهل

تدخل يوسف بقوله:
_ دا كان فترة تدريب لسه التقيل جاي ورا 

شهق أمجد وصاح بعدم تصديق:
_ يعني فيه مرمطة أكتر من كدا؟

كتم يوسف ضحكاته فكانت خير إجابه على سؤاله، تبادلا زياد وأمجد بعض الأحاديث ثم ودعا بعضهما، استقل زياد السيارة بينما توجه أمجد إلى منزله، فلحق به يوسف منادياً إياه بصوت أجش: 
_ أمجد، استنى..

توقف عن السير بينما تحدث يوسف دون أن يطيل:
_ بما إنك جيت عايزك تتكلم مع أختك وتخليها ترد على صاحبتها، وقولها إن أنا اللي طلبت منها تقول كدا، وبلاش تخسرها عشان موقف عبيط زي دا..

قطب أمجد جبينه بغرابة فهو لم يفهم كلمات يوسف وردد دون استيعاب:
_ أنا مش فاهم أوي، هو فيه حاجة حصلت؟

تنهد يوسف وأجابه بنبرة سريعة:
_ قولها بس اللي قولته وهي هتفهم، يلا بعد إذنك..

أولاه يوسف ظهره وعاد إلى السيارة وانطلق بها حيث جامعة لينة، ثم إلى محطة القطار، ربت على كتف أخيه وقال:
_ خلي بالك نفسك..

اكتفى زياد بإيماءة من رأسه بينما أضاف يوسف مازحاً:
_ مع السلامة يا دفعة 

غمز له بمشاكسة وواصل بتحدٍ:
_ قولت لك ليك يوم

ضحك كليهما ثم ودعه زياد وتوجه إلى القطار، بينما لم يبرح يوسف حتى تحرك القطار واختفى من أمام مرأى عينيه ثم عاد إلى سيارته وانطلق إلى عمله. 

***

مساءاً، عاد يوسف باكراً اليوم حتى يقطع على والدته سُبل عيش الحزن بمفردها، فوجوده حتماً سيفرق معها..

تنهدت السيدة ميمي بحزن ورددت:
_ الواحد كان فاكر إن أنتوا اللي بتاخدوا القوة مني، طلعت انا اللي قوية بيكم وبوجودكم جنبي، ولما واحد فيكم يبعد بكون ضعيفة أوي..

نهض يوسف واقترب من أريكتها ثم جلس على حافتها وطبع قُبلة على رأسها قبل أن يردف:
_ ربنا يخليكي لينا يا أمي، أنتِ الخير والبركة، وبعدين هو مهما غاب مسيره هيرجع لك إن شاء الله، وأنا أهو جنبك ولا مش كفاية؟

ربنا على يده وقالت بحنو:
_ ربنا يبارك فيك يا حبيبي، دا أنتو ثمرة عمري كله، عشان كدا مقدرش على بعدكم أبداً، بس لازم أعود نفسي على كدا، أنت خلاص هتتجوز وهتمشي، وأخوك مسيره برده يشوف حياته، دي سُنة الحياة ولازم أتعود.. 

تبادلا يوسف ولينة النظرات، وقد شعر كليهما بمشاعر واحدة تلك الأثناء، حيث شعر يوسف لوهلة أنه يريد التراجع عن جميع الترتيبات قد رتب لها، شعر بحاجته للمكوث هنا أكبر فترة ممكنة، فكيف سيترك والدته وحيدة؟ خرج من شروده على نهوض والدته عن الأريكة وهي تردد:
_ هروح أحضر العشا طلاما كلنا موجودين.. 

ولجت المطبخ فاقتربت لينة من يوسف وهمست:
_ على فكرة أنا معنديش مانع نأجل الفرح لغاية ما زياد يرجع.. 

أخذ يوسف يدها وقبل كفها فكان هذا تماماً ما يفكر به، عادت السيدة ميمي حاملة صينية الطعام، حمحم يوسف وتحدث قبل أن يتناولا طعامهم:
_ بقولك يا أمي، أنا ولية قررنا نأجل الفرح شوية...

قطبت ميمي جبنيها وسألته مستفسرة عن سبب ذاك التأجيل:
_ تأجلوا! ليه؟

بتلقائية أجابها:
_ يعني، على لما زياد يرجع و..

تدخلت ميمي رافضة قرارهما بحسم:
_ ولا يتأجل ثانية واحدة، أنا مش بقول كدا عشان تقولي نأجل الفرح، أهم شوية فضفضة وطلعت لكم، ما أنا مليش غيركم، ولو هتاخدو كل كلامي بحساسية كدا يبقى معتش أتكلم خالص

أسرعت لينة في توضيح ما تجهله:
_ لأ لأ المسألة مش كدا بس، أنا لما دخلت الكلية لقيت الدنيا صعبة ومش زي ما كنت متخيلة فالكلية والجواز هيبقوا مع بعض صعبين جدا عليا.. 

لم تمنع ميمي ابتسامتها التي تشكلت على شفتيها ثم أردفت مازحة:
_ يابت؟! دا أنتِ كنتي هتموتي على الجواز..

أخفضت لينة رأسها بحياء فهي قد فهمت لعبتها، بينما أضافت ميمي بنبرة حاسمة:
_ مفيش تأجيل، خلونا نفرح بقى الفرح مزارش بيتنا من زمان..

تبادلا يوسف ولينة النظرات ثم ابتسم لبعضهما فتدخلت ميمي معلقة على حالتهما:
_ شوف هياكلوا بعض بعنيهم إزاي، ويقولولي نأجل الفرح آل 

انفجرا جميعهم ضاحكين، ثم بدأ يتناولون الطعام في أجواء فكاهية، قرع جرس الباب فهم يوسف إلى فتحه، تفاجئ بوقوفها أمامه، وكانت المرة الأولى لها لأن يستقبلها بحرارة:
_ اتفضلي يا شهد..

تعجبت شهد من ترحيبه فلم يكن يلقي التحية عليها، لم تطيل التفكير وولجت وعينيها تبحث عن صديقتها التي هللت بسعادة حينما رأتها: 
_ شهد!!

هرولت نحوها وعانقتها بحرارة ورددت بندم شديد:
_ أنا آسفة بجد والله مكنش قصدي..

تركهما يوسف وتوجه إلى غرفته بينما هتفت شهد:
_ البركة في روميو لولاه مكنتش سألت فيكي

"روميو!!"
رددتها لينة وهي تتابع حركة يوسف ثم سألتها باهتمام:
_ ماله يوسف وإيه علاقته بينا؟

أخبرتها شهد برسالة يوسف الذي أرسلها مع شقيقها عند وصوله، ثم تناولن الأحاديث وبدأت تخبرها لينة بكل ما فاتها في الآونة الأخيرة. 

***

 •تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent