رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الخامس والثلاثون 35 - بقلم تسنيم المرشدي
«حرِر هَواكَ فَالحُب بَات مُعلنَا»
«الفصل الخامس والثلاثون»
***
بعد مرور أربعة أشهر، أنهت لينة النصف الأول من عامها الأول في الجامعة، استطاعت التوفيق بين دراستها وتجهيزات عُشها الجديد بمساعدة يوسف، لولاه لم لتكن تنجح في تخطي الصعاب.
كما اجتاز زياد فترة التدريب بسلام ثم انتقل إلى مكان خدمته في مدينة الإسكندرية، كانت آخر أيام إجازته قضاها برفقة يوسف لمساعدته في إنهاء كل ما يحتاجه العرس.
واليوم حفل الحناء، حيث استيقظت لينة باكراً لتتفقد كل ما قامت بترتيبه ليكون يوماً مميزاً، ولجت غرفة حبيبها وقامت بفتح النافذة فغمرت أشعة الشمس الغرفة، اقتربت من يوسف وهتفت بصوت عالٍ:
_ صحي النوم يا أستاذ..
وضع يوسف ذراعه على وجهه حاجباً ذاك الضوء الذي منعه من رؤيتها، ثم صاح متسائلاً:
_ في إيه على الصبح؟
وضعت يديها في منتصف خصرها وأجابته:
_ يلا من غير مطرود، عشان البنات جاين..
تفقد يوسف الوقت ثم ردد بحنق:
_ بنات إيه اللي جايين الساعة عشرة الصبح؟
"مش لسه فيه حنة قبل ما الحفلة تبدأ، اليوم طويل أوي، فقوم بقى وروح شوف وراك إيه"
هتفت لينة بحماس بينما أردف يوسف مستاءً:
_ مش ورايا حاجة، خلصت كل اللي ورايا عشان ا
أخد النهاردة إجازة وأرتاح فيه قبل يوم الفرح..
اتسعت حدقتي لينة بذهول، ورفضت البتة الخضوع لما يريده، اقتربت منه ثم انحنت عليه في محاولة منها على إبعاده عن الفراش، فشلت في تحريكه سنتيمتر ثم تفاجئت به يسحبها من يدها حتى باتت جواره.
اعتلاها هو وصاح مبتسماً:
_ أنتِ اللي جيتي لقضاكي، استحملي بقى..
حاولت لينة التملص من بين يديه لكنه قيد حركتها فهتفت متوسلة:
_ ميمي تقول إيه لو شافتنا كدا؟
غمز لها وأجابها بخبث:
_ باخد حقي من مراتي..
جمعت لينة قوتها ثم دفعته بعيداً عنها ونهضت مسرعة وهي تتمتم:
_ ياعم روح كدا أنت وحقوقك دي..
التفتت إليه قبل أن تخرج من الغرفة ورفعت إصبعها محذرة إياه:
_ خمس دقايق بالظبط وألاقيك نزلت من البيت!
لحق بها يوسف قائلاً:
_ تعالي هاتيلي هدوم وأنا أقوم..
تأففت بحنق ثم اقتربت من الخزانة فلا يوجد أمامها سوى الرضوخ لطلبه حتى يفعل ما تريده، أخرجت قميصاً أسود وبنطال باللون الرملي ثم التفتت لكي تريه ماذا أحضرت له لكن لم يكن هناك داعٍ، فكان هو خلفها، تراجعت هي لكنه لم يتوقف حتى بات ملاصقاً لها وقال متسائلاً:
_ جبتي لي إيه؟
حاولت دفعه لكنه أبى ومنعها من الهروب، فهتفت هي:
_ على فكرة إحنا مش لوحدنا لو كنت ناسي يعني!!
قلب يوسف عينيه أردف بمشاكسة:
_ ما أنا عارف..
وضعت يدها على صدره مانعة إياه من الوصول إليها وقالت:
_ طب بطل نكش
مال برأسه بقرب وجهها وهو يردد:
_ بموت في النكش، أنا اسمي الحقيقي نكش
لم تتمالك ضحكاتها وخرجت مائعة للغاية فعقب هو بإعجاب:
_ حلاوتك يا أهلي..
لم تتوقف ضحكاتها حتى تحولت إلى الصدمة حينما سمعت صوت السيدة ميمي:
_ أنت واقف بتعمل إيه كدا قدام الدولاب؟
أخرج يوسف رأسه من جانب باب الخزانة ثم سحب ثيابه من يدي لينة ورفعهم لوالدته موضحاً:
_ بجيب هدوم..
أماءت ثم سألته:
_ مشوفتش لينة، معرفش اختفت فين
نفى يوسف رؤيته لها بقوله:
_ لا مشوفتهاش..
تذمرت ميمي وتمتمت مستاءة:
_ هي قالت جاية تصحيك..
فغر بوسف فاهه وصاح ساخراً:
_ هكون مخبيها في الدولاب مثلاً؟
قلبت ميمي عينيها ثم كادت تتحرك إلا أن عينيها صُوبت على قدمي لينة الظاهرة من أسفل الخزانة، أعادت النظر إلى يوسف وقالت:
_ طب اوعى تقفل عليها الدولاب..
ألقت جملتها ثم غادرت بينما عاد بنظره إلى تلك التي تكتم شهقتها داخلها، لكزته في صدره بقوة ثم هرولت إلى الخارج هاربة منه تحت ضحكاته عليها.
كاد يوسف أن يبدل ثيابه إلا أنه تريث حين صغى إلى ذاك الصوت الذي صدح في الخارج:
"يا عريس، انزل لنا من فضلك، كفاية نوم"
لوهلة لم يستوعب ما وقع على أذنيه، توجه إلى النافذة فاتسعت حدقتيه حينما رأى ذاك السُرادق الهائل الذي يُبنى أسفل المنزل، ثم أنتبه على بلال وزياد اللذان هللا حين رأوه:
_ أنزل يابني، كل دا نوم
حرك يوسف رأسه دون وعي منه ثم هتف متسائلاً وهو يشير على ما يحدث:
_ إيه دا؟
أجابه بلال بنبرة مرتفعة لكي يصل صوته إليه:
_ أنزل وأنت تعرف
عاد يوسف إلى الداخل وبدل ثيابه ثم هبط إليهما سريعاً، كان متفاجئاً بما يحدث فلم يعد هناك أثراً لشوارع المنطقة، اقترب منهما وأعاد سؤاله:
_ هو في إيه؟ إيه اللي بيحصل دا؟
تولى بلال مهمة الرد:
_ مش النهاردة حنتك؟ هنحتفل إزاي غير كدا؟
عقد يوسف حاجبيه وردد بعدم استيعاب:
_ حنة مين؟ مش الحنة دي للحريم؟ وبعدين نحتفل إيه في كل الصِوان دا؟ دا احنا تلاتة؟
غمز إليه زياد وأوضح:
_ تلاتة إيه بس، دا إحنا عزمنا البلد كلها، وحجزنا باند ورقاصات وحشيش و...
قاطعه يوسف بانفعال شديد:
_ نعم؟ راقصات إيه وحشيش إيه؟ إي الكلام العبيط دا؟
أسرع بلال في نفي حديث ذاك المختل بعدما ضربه في ذراعه مستاءً:
_ إحنا بتوع الحاجات دي برده يا يوسف، دا أخوك الرخم بيحب يجود من عنده، إحنا حجزنا أه باند وعزمنا الناس وحجزنا واجبات وحلويات ومشروبات كدا يعني
حرك يوسف رأسه باستنكار شديد قبل أن يهتف بازدراء:
_ وليه كل دا؟ ليه التكلفة دي كلها مش فاهم؟
تأفف بلال بحنق وصاح متذمراً:
_ ياعم وأنت دافع حاجة من جيبك، أنت كل اللي مطلوب منك تقعد برنس قدام الباب تسلم على اللي داخل واللي خارج والباقي علينا
"أيوة بس مصاريف كت..."
لم يعطيه بلال فرصة إكمال حديثه حيث وضع يده على فمه وقال:
_ يا أخي أفرح وبطل تحسبها بالورق والقلم كدا دا يوم يا يوسف خلينا نفرح..
سحب يوسف نفساً وأردف:
_ والله مش عارف أقولك إيه؟
قلب بلال عينيه ثم تحدث بعجرفة:
_ متقولش حاجة..
رفع يده بقرب يوسف وواصل بتعالي:
_ حِب على أيدي بوسها
ضرب يوسف يده بقوة فآنه الآخر بينما صاح يوسف:
_ أبوك لأبو إيدك
تركه ثم ولج السُرادق يتابع العمال وما يفعلوه، انضم له بلال وزياد متابعين ما يحدث باهتمام.
***
ترجلت من منزلها راكضة نحو منزل صديقتها، لكي لا تفوت اليوم من بدايته، تمهلت حينما رأته يقف على باب البناية يغلق جميع السُبل للصعود، بحرج وارتباك اقتربت منه ثم وقفت أمامه في انتظار تنحيه جانباً.
لكنه لم يراها، فكان منشغلاً في هاتفه، اضطرت شهد لإصدار صوت حتى تجذب انتباهه:
_ إحم..
رفع زياد نظره عليها ثم تسائل بلا مبالاة:
_ نعم؟
احتدت نبرتها وهي ترد عليه:
_ هو إيه اللي نعم، عايزة أطلع..
اعتدل زياد في وقفته وبإقتضاب هدر:
_ ما تطلعي وأنا ماسكك؟!
تأففت شهد وأشارت إلى المساحة المتبقية:
_ هطلع إزاي من هنا؟
نظر زياد جانبه ثم صاح ساخراً:
_ وأنا ذنبي إيه إنك تخينة؟
شهقت شهد بصدمة وفغرت فاها فهتف زياد ساخراً:
_ حوشي الدبان أصل يدخل في بوقك
شعرت شهد بالحرج وأغلقت فمها سريعاً وصاحت بهجوم:
_ أنت قليل الذوق..
اتسعت حدقتي زياد بذهول ولم يصمت على إهانته وصاح عالياًً:
_ مين دا اللي قليل الذوق يابت أنتِ؟
وضعت شهد إحدى يدها فى منتصف خِصرها والآخرى كانت تلوح بها بعصبية بالغة:
_ بت؟ بت لما تبتك بني آدم وقح
دفعته شهد من أمامها ثم هرولت للأعلى ولم تتوقف عن رمي الكلمات المهينة تحت نظرات زياد المذهولة فلم يقف مقيد اللسان أمام إحداهن هكذا من قبل..
مال بلال على أذن يوسف وقال بعدما تابع المشادة التي حدثت بين شهد وزياد:
_ أنا عارف البداية دي كويس أوي
قهقه يوسف ورد عليه وعينيها مصوبتان على أخيه:
_ وأنا كمان..
استدار زياد بجسده وتفاجئ بنظراتهما الثاقبة، فشعر بالحرج حيال موقفه الضعيف أمام فتاة، فحد من ملامحه وتمتم بحنق:
_ بت مشافتش رباية..
انفجر بلال ويوسف ضاحكين عليه فازداد حنقاً:
_ أنتوا بتضحكوا على إيه؟!
غمز له بلال وقال:
_ بكرة تعرف!
"هو إيه اللي هعرفه؟"
هتف بها زياد بعدم فهم بينما تدخل يوسف قائلاً:
_ سيبك منه، بيقول أي كلام..
كان زياد بحاجة إلى تغير الحوار عن تلك الفتاة الوقحة، فتمسك برأي أخيه وحاول إلهاء عقولهما بأمورٍ شتى..
***
لم تعد تستطيع الوقوف على قدميها، جسدها يرتجف بشدة ومعدتها لا تتوقف عن إفراغ ما بداخلها، لا تدري ماذا يحدث منذ أن استيقظت.
داور شديد لا يذهب عن رأسها، تمددت على الفراش وأغلقت عينيها لعلها تشعر بالتحسن، لكن دون جدوى، تنقلب معدتها في غضون ثوانٍ، همت بالركض نحو المرحاض تتقيأ مجدداً.
"اااااه*
أطلقت آه موجوعة من بين أسنانها التي تحتك في بعضهما، غسلت فمها جيداً ثم توجهت إلى الهاتف حينما صغت إلى رنينه، أجابت بنبرة هذيلة مرتجفة:
_ إيه يا ماما..
تعجبت هادية من ردها الضعيف وقد توجست خيفة في نفسها وسألتها بقلق:
_ مالك يا إيمان؟ صوتك ماله؟
أجابتها الأخرى بصعوبة:
_ مش عارفة مالي، من وقت ما صحيت وأنا تعبانة أوي، معتش قادرة أقف على رجلي من كتر الترجيع..
أثارت الذعر في قلب والدتها التي هتفت قائلة:
_ بلال فين يوديكي لدكتور..
أجابتها بخفوت:
_ بلال تحت..
بنبرة متلهفة أردفت هادية:
_ طيب البسي وأنا أصلاً كنت لابسة عشان أروح لعمتك، هفوت عليكي ونروح للدكتور سوا..
اعترضت إيمان اقتراحها قائلة:
_ مش وقت دكاترة النهاردة، بكرة إن شاء الله نروح..
لم تكاد تنهي جملتها حتى ركضت إلى المرحاض مرةٍ أخرى تفرغ مافي معدتها، عادت بعد قليل إلى والدتها ورددت:
_ مش قادرة بجد، مش عارفة في إيه..
توقف هادية عن الحديث قليلاً، ثم سألتها باهتمام:
_ هو أنتِ حاسة بإيه بالظبط؟
وضعت إيمان يدها على معدتها، فكان ينتابها شعور الغثيان، وبالكاد تستطيع التحدث:
_ معدتي وجعاني وبرجع ودوخة..
"لتكوني حامل!"
ساد الصمت لبرهة حين هتفت بهم السيدة هادية، ثم عادت قائلة:
_ هجيب لك اختبار حمل معايا ونشوف، سلام
أنهت الإتصال والحماس يكاد يقتلها من السعادة، بينما توجهت إيمان إلى المرآة ووقفت أمامها، تتفحص معالم وجهها ثم أخفضت بصرها على بطنها، تحسستها بيدها وهي بالكاد تحاول استعياب ذلك.
لم تريد تعليق أمالها على حامل من ورق لربما ينقطع في لحظة، حمحمت ثم حاولت الإسترخاء قدر المستطاع لحين مجيء والدتها.
بعد مرور ٤٥ أربعون دقيقة، حضرت السيدة هادية وأعطتها ذاك الاختبار وانتظرت في الغرفة لحين عودة إيمان بأخبار ربما تكون سارة.
كانت تقف في الداخل تنظر إليه كالبلهاء بعدما أجرته، يخفق قلبها بقوة، لا تطيق الإنتظار حتى ترى النتيجة، شعرت لوهلة أنها ساذجة وما تفعله لن يزيدها سوى حزناً إن بات في النهاية هباءً.
ابتعدت عنه ثم جلست على حافة المغطس، تعد الثوانِ بفروع صبر، شهيق فزفير تفعل ثم نهضت عندما انتهت المدة اللازمة لظهور النتيجة، أوصدت عينيها قبل أن تتطلع عليه، أخذت نفساً عميق وزفرته على مهلٍ ثم وقع نظريها على ذاك الاختبار.
خفق قلبها بصورة مبالغة كما لم يحدث من قبل، شعرت بالإرتباك والخجل والحماس والعديد من المشاعر حين رأت اكتمال الشرطتان، ابتسمت بسعادة أسرت قلبها ولم تنتظر لحظة وهرولت إلى الخارج.
كانت ابتسامتها خير إجابة لما كانت تنتظره والدتها التي قهقهت تلقائياً وهللت بسعادة:
_ هبقى تيتة صح؟
عضت إيمان على شفاها مُشكلة بسمة خجلة وهي تومئ برأسها، لم تقف مكانها بل هرولت إليها وقامت بضمها بكل سرور.
تراجعت وتفحصت ملامح وجهها الخجِل ورددت:
_ كلمي بلال قوليله، أكيد هيفرح أوي؟
أسرعت إيمان في قول:
_ لا مش عايزاه يعرف حاجة دلوقتي، سبيني بس أخطط الأول هعرفه إزاي وبعدين أقوله..
تبادلن الإبتسام فكانت السعادة ثالثهما، هناك دوماً طرق ربانية تأتي في أوقاتٍ لم نحسب لها تكفي لإسعادنا مدى الحياة.
***
غربت الشمس، حيث أنارت جميع المصابيح فلم يعد هناك مكانٍ مظلم في المنطقة، كان الجميع يتهافتون لحضور تلك المناسبة الفريدة من نوعها، فهذا يوم يوسف الذي وقف بجانب الجميع دون مقابل.
وعليهم تسديد ديونهم له حتى لو لم تكن مادية فتكفي أن تكن معنوية، بينما في الأعلى كان المنزل مليء بالسيدات وصديقات لينة، العديد من النساء كنا موجودات من أجل السيدة ميمي، فهي لم تترك بابً إلا وقد مدت يدها معاونة ساكنيه.
انتهت لينة من رسم الحناء التي حرصت على اختيار جميعها بعناية، ثم بدأت ترتدي بعض الثياب الخاصة بالحفل وتخرج لصديقاتها تتبادل معهن الرقصات المثيرة ومنها المضحكة.
أنتبه يوسف لرنين هاتفه فابتعد عن تلك الضجة ليجيب:
_ أيوة يا أمي، محتاجة حاجة؟
أجابته من بين ضحكها:
_ تعالى أطلع، عاوزاك ضروري
بقلق تسائل:
_ في حاجة ولا إيه؟
"لما تطلع هتعرف"
قالتها ثم أنهت الإتصال على الفور لتغلق أمامه باب الأسئلة التي لن تنتهي، قلق يوسف حيال مكالمتها ونهض مهرولاً دون تفكير، قرع جرس الباب ففتحت له بابتسامة بشوشة:
_ نورت يا عريس..
"في إيه؟ خضتيني"
أردفها يوسف والقلق مرسوم على تقاسيمه، بينما هتفت ميمي بحماس:
_ سلامتك من الخضة، بس لينة عايزاك معاها
عقد ما بين حاجبيه وردد دون فهم:
_ عايزاني معاها فين؟
غمزت إليه قبل أن تخبره:
_ فقرة العريس مع العروسة..
فغر يوسف فاهه وقال بإزدراء:
_ عريس إيه وعروسة إيه؟ أنتوا بتهزروا؟
أسرعت في نفي وجود مزاح في الأمر:
_ لا والله مش بنهزر هي عايزاك معاها بجد، يلا أدخل
قلب يوسف عينيه مستاءً منهن وصاح بحنق:
_ أدخل فين وسط الحريم دي، وأدخل أعمل إيه أصلا؟
رفعت السيدة ميمي كتفيها ميدبة عدم معرفتها بالأمر وقالت:
_ معرفش تعمل إيه، اللي أعرفه إنها عايزاك معاها
"دا مش هيحصل أبداً"
هتف بهم يوسف قبل أن تقع عينيه على تلك الكلمة التي تأتي خلف السيدة ميمي بفستانها الأبيض القصير الذي يكسوه قماش الجوبير، يعلو خصلاتها تاجاً من الأزهار البيضاء، لاق كثيراً مع بشرتها التي زادتها جاذبية بتلك المساحيق الجريئة.
لم يشعر بقلبه الذي كاد يخترق جسده من فرط تدفق الدماء به، وكذلك ابتسامته التي تشكلت تلقائياً فور رؤيتها، تحنت السيدة ميمي جانباً حينما رأت رد فعله مع ظهور لينة وتركتها تتعامل معه بمفردها.
وقفت أمامه ثم أمسكت بيديه جاذبة إياه للداخل:
_ تعالى..
من بين ضحكه ردد:
_ أجي أعمل إيه؟
"نرقص"
قالتها لينة ثم أشارت لمنظمة الحفل فبدأت أحد الأغاني التي اختارتها لينة ثم بدأت تتمايل على أنغامها، مع تصفيقات البنات وإصدار بعض الزغاريد منهن، كانت تحث يوسف على الرقص معها لكنه يفشل فلم يسبق وفعل ذلك.
انحنى على أذنها وهمس:
_ مش بعرف أرقص
قهقهت ثم أردفت:
_ مش لازم تعرف المهم إنك معايا..
مال مرةٍ أخرى وهو يقول:
_ بس ايه دا يخربيت حلاوتك؟ مقدرش على كدا
ابتسمت بخجل وبحماس قالت:
_ أنت لسه شوفت حاجة؟! ركز بقى مع الأغنية وبطل كلام..
تابعت رقصها الرقيق حتى انتهت الأغنية، فابتسم لها قبل أن يردف:
_ أمشي أنا بقى
أسرعت في لحاقه بقولها:
_ تؤتؤ تمشي إيه لسه بدري..
أولاته ظهرها فأمسك بيدها متسائلاً بفضول:
_ راحة فين؟
أجابته برقة:
_ خمس دقايق وراجعة لك، إياك تمشي..
تركته وغادرت بينما شعر يوسف بالحرج لكونه الرجل الوحيد بين جميع النسوة، حمحم ثم أخذ جانباً وتفقد هاتفه لكن أصوات الأخريات كانت تصل إليه بوضوح مثل:
_ يا بختها بيه
_ شوفتيه كان بيبصلها إزاي؟!
_ إوعدنا يارب
_ بس دا خام أوي مليش في النوع دا
_ حلاوته إنه خام ميتخافش منه
لم يمنع ابتسامته التي تشكلت عفوياً، فلقد وصفوه بالشاب الساذج، لهن عذرهن فلم يرو شقاوته من قبل، أنتبه على عودة فتاته وتلك المرة كانت ترتدي جلباب صعيدي داكن اللون وتضع على وجهها نقاب يظهر كحل عينيها بوضوح.
اتسعت ابتسامته لمظهرها العجيب، حتى وقفت أمامه ودارت حول نفسها متسائلة باهتمام:
_ إيه رأيك؟
"إيه اللي أنتِ عملاه في نفسك دا؟!"
هتف بهم فهمست هي بدلال:
_ مش قولت لك أنت لسه شوفت حاجة..
تراجعت للخلف ثم التقطت عصى من إحداهن، وبدأ جسدها يتراقص متناغماً مع الموسيقى بدقة ومهارة عالية، ارتفعت وتيرة أنفاس يوسف بشدة كما تسارعت دقاته، فما كانت تفعله كان يثيره ويزيد من رغبته بها، تابع اقترابها منه ثم أحاطته هي بالعصا خاصتها فبات هو حبيساً بينها وبين عصاها.
ابتسمت له وبميوعة قالت:
_ أرقص معايا..
طالت نظراتها عليها، فلَقِف عصاهة بسلاسة دون أن تشعر وأحاطها بها، فباتت هي حبيسته، لم تتوقف لينة عن الرقص حين شعرت بمشاركته فازدادت حماستها، تفاجئ الجميع برقص يوسف معها وخصيصاً الأقارب.
فهم على علم بشخصيته الخجولة، لكن ما يرونه الآن قد فاق توقعاتهن، تبادلن الفتيات النظرات بإعجاب شديد فمنذ دقائق كنا يعلقن على خجله المبالغ، والآن بات جريئاً جذاباً، كان ذلك لونهن المفضل.
لم تصدق لينة عينيها، فلقد تبخر خجله لطلاما عانت منه كثيراً، لم تتوقف عن الابتسام بسعادة ومشاركته الرقص حتى انتهت الأغنية، ثم تفاجئت بحمله لها فتشبثت هي في عنقه ثم دار بها حول نفسه تحت تصفيقات الفتيات وإطلاق بعض الصافرات يبدين إعجابهن بهم.
أنزلها ثم طبع قُبلة في منتصف جبينها وهمس:
_ بحبك
بادلته نظرات العشق قبل أن تهمس بنبرة تكاد تُسمع:
_ وأنا كمان بحبك
غمز لها وقال:
_ أنا نازل عشان الناس اللي تحت دي مينفعش مكنش موجود معاهم..
أماءت بقبول فذهب يوسف بعيداً حتى اختفى طيفه، وتابعت هي راقصاتها مع صديقاتها، بينما هبط يوسف السلم وهو يدندن ويتمايل بخفة حتى وقعت تصرفاته على نظري بلال وزياد اللذان كانا يجلسان أمام الباب مباشرةً.
تبادلا النظرات المتعجبة ثم انفجرا ضاحكين، توجه بلال نحوه مهللاً بعدم تصديق:
_ هز يا خويا، أثبت على كدا بقى
ضحك يوسف ثم قال:
_ أثبت إزاي يعني؟
نظر بلال إلى زياد وأمره قائلاً:
_ جري على بتاع الديجي يعمل تحية للعريس اللي هيرقص
هرول زياد بخطاه عائداً حيث السُرادق فأسرع يوسف في لحاقه بقوله:
_ استنى متقولش حاجة
عاد ببصره إلى صديقه حينما لم يلحق بأخيه وقال بصرامة:
_ أنا مش هرقص أنا..
رمقه بلال شزرا وصاح بحنق:
_ يعني هي ليها حلو وإحنا وحش، هترقص يا يوسف
انتهى بلال من جملته فانتبها كليهما على ذاك الصوت الذي صدح في الأرجاء:
_ نسمع أحلى تحية لعريس الليلة..
اتسعت حدقتي يوسف وظل يردد:
_ مش هروح أنا
دفعه بلال بقوة مجبراً إياه على السير أمامه هاتفاً بإصرار:
_ هتروح، يلا بقى بطل رخامة..
ارتفعت التصفيقات فور ظهور يوسف بين الجميع، اضطر إلى الإبتسام لهم ومسايرة الأمر بالإكراه، راوده شعور الحرج الشديد لكن ما باليد حيلة فكان بلال خلفه يجبره على السير ولم يعلم للتراجع سبيل.
صعد على ذاك المسرح ووقف يصفق بين الشباب حتى أجبروه على الرقص معهم، ازداد الحماس بينهم بوجوده، كانوا سعداء للغاية وتصدر منهم تصرفات عفوية خرقاء.
لم يتوقف يوسف عن الضحك فكانت الأجواء لا تلائمه بالمرة لكنه يفعل ذلك من أجلهم، في الأعلى، انبهت لينة على تريد الندائات الخارجية على يوسف فلم تنتظر مكانها وهرولت إلى الشرفة لكي ترى حقيقة الأمر.
تفاجئت برقصه بين الجميع ولم تمنع ابتسامتها التي تشكلت على ثغرها، انضممن لها بعض الفتيات ووقفن يتابعن ما يحدث في الأسفل.
في الخارج، لاحظت السيدة ميمي شحوب وجه إيمان فتسائلت بقلق:
_ مالك يا إيمان، وشك مخطوف كدا ليه أنتِ تعبانة؟
ربتت إيمان على يدها ثم مالت على أذنها وقالت:
_ طلعت حامل يا عمتو
شهقت ميمي بفرحة عارمة وكادت أن تهلل بسعادة إلا أن إيمان لحقت بها وقالت:
_ بس يا عمتو لسه محدش يعرف، ومش عايزة حد يعرف بلال قبلي..
التزمت ميمي الهدوء قبل أن تردد والسعادة واضحة في نبرتها:
_ الف مبروك يا حبيبتي ربنا يتمم لك على خير، فرحتيني والله يا مونة
"الله يبارك فيكي يا عمتو"
قالتها إيمان ثم شعرت بالغثيان فاستأذنت منها وهمت بدخول المرحاض، كادت أن تعود للخارج إلا أنها شعرت بحاجتها للراحة قليلاً، ولجت غرفة عمتها واستلقت على الفراش، وبعد دقائق أنضمت لها والدتها حين راودها القلق حيال غيابها المفاجئ:
_ قلقت لما اتاخرتي، جيت أطمن عليكي
"مش قادرة أقعد، جيت أرتاح هنا شوية"
أردفتها إيمان بنبرة منهكة، بينما أوصدت هادية الباب وتوجهت نحوها، جلست بجوارها وعاتبتها بغيظ:
_ أنتِ ليه قولتي لميمي على الحمل، مش تستني شوية كدا لما نعدي الشهور الأولى دي وبعدين تعرفيها
تعجبت إيمان من كلماتها وهتفت بعدم استعياب:
_ وليه أخبي عنها حاجة زي دي؟
بحنق صاحت هادية:
_ كدا، مش لازم الكل يعرف في الأول
عارضتها إيمان بقولها:
_ دي عمتو يا ماما، يعني في مقامك بالظبط، الكلام دا مع الناس الغريبة مش معاها..
لم تستطيع هادية التعقيب، فضلت الصمت لكن الأمر لم يكن يعجبها، بينما أغلقت إيمان عينيها لعلها تستعيد طاقتها التي نفذت..
***
انتهى اليوم، كان يوسف يقف مع العمال حين يفرغا من جمع أشيائهم، كان يرافقه بلال الذي أنتبه على اقتراب إيمان برفقة والدتها، كما لاحظ انحنائها وكأنها متعبة، اقترب منها متسائلاً باهتمام:
_ في إيه مالك؟
أمسكت معدتها وقالت:
_ تعبانة، عايزة أطلع البيت..
تدخلت هادية قائلة:
_ اطلع معاها ومتسيبهاش، مبطلتش ترجيع..
بقلق واضح في نبرته هتف:
_ تعالي نروح دكتور..
رفضت إيمان الذهاب لمكان موضحة:
_ مش قادرة أروح في أي مكان عايزة أنام..
أسندها بلال وكان مُصراً على الذهاب لطبيب:
_ نروح لدكتور الأول وبعدين تنامي براحتك، وبالمرة نوصل مامتك
بتعب يسيطر على نبرتها قالت:
_ بجد مش قادرة، روح وصلها أنت، أنا عايزة أرجع البيت..
نظر بلال حيث السيدة هادية وقال:
_ ما تقولي حاجة ماما..
ابتسمت له وقالت بعفوية:
_ أقول إيه بس يا بلال، اللي هي فيه دا طبيعي يا حبيبي..
قطب جبينه وردد بعدم استيعاب:
_ يعني إيه طبيعي؟ طبيعي تكون تعبانة كدا ومش راضية تروح لدكتور؟!
تدخلت إيمان قائلة:
_ عشان أنا عارفة مالي..
عاد بلال بنظره إليها قبل أن يردد:
_ طب ما تعرفيني يمكن أقتنع وأسيبك تطلعي..
طالت نظرتها ثم أمسكت يده ووضعتهت على بطنها حارصة ألا يراها أحد وهمست:
_ أنا حامل!!
لوهلة لم يستوعب بلال ما قيل، مرر نظريه بينهن وردد دون استيعاب:
_ يعني إيه حامل؟
لم تمنع إيمان ابتسامتها التي غزت شفتيها، مالت برأسها وأعادت قولها:
_ حامل يا بلال، حامل!!
لحظة إدراك عقله معنى تلك الكلمة الثمينة، فغر فاهه ثم تقوس ببسمة عريضة، اقترب منها فتراجعت هي محذرة إياه:
_ هتعمل ايه إحنا في الشارع..
جاب بلال المكان من حوله، كان مضطرب قليلاً وعقله مشوش ولا يدري ما عليه فعله، حمحم ثم هتف:
_ هنروح لدكتور، يلا..
كادت أن تعارضه لكنه لم يعطيها فرصة حيث هتف بحسم:
_ هنروح لدكتور، خلصت..
أخبر يوسف أنه سيذهب، ثم استقلا ثلاثتهما سيارته وانطلق بها ليرجع السيدة هادية أولاً ثم ينطلق إلى أحد الأطباء ليطمئن على صحة كليهما.
***
عاد يوسف إلى المنزل بعد يوم شاق، كانت الأجواء هادية على غير العادة، جلس على الأريكة يستريح، أوصد عينيه واستند برأسه على جدارها، أنتبه على صوت والدته المسائل:
_ أنت كويس يا حبيبي؟
أماء لها ثم سألها باهتمام:
_ لينة فين؟
جلست مقابله وردت عليه:
_ نامت، اليوم كان طويل عليها وهي تعبت الصراحة
قهقت هي كما شاركها يوسف بحرج، كان يدور داخلها أحاديث عدة، لا تدري بأيهما تبدأ، حمحمت قبل تردف كلماتها:
_ عايزة أتكلم معاك شوية يا يوسف..
اعتدل في جلسته وصغى لها باهتمام فتابعت هي بحكمة:
_ أنا مش عايزاك تكون زعلان مني..
عقد يوسف حاجبيه بغرابة من أمر كلماتها المبهمة وسألها مستفسراً:
_ وأنا هزعل منك ليه يا أمي؟
ابتلعت ريقها وأوضحت:
' يعني لو في يوم جيت عليك ولا قسيت عليك من غير قصد، أنت ابني حبيبي وعمري كله، يعني لو صدر مني حاجة قبل كدا أكيد كان غصب عني، سامحني لو قصرت معاك في يوم..
قاطعها يوسف وهتف مستاءً:
_ إيه بس اللي بتقوليه دا؟ من امتى قصرتي معانا في حاجة؟
اغرورقت عينيها قبل أن توضح لها قصدها:
_ يمكن أكون مقصرتش مع أخوك بس حاسة إني قصرت معاك، أنا عارفة إني شيلتك مسؤولية كبيرة من بعد موت أبوك، أوقات بقول لنفسي كنتي استحملي يا ميمي وتعالي على نفسك ومكنتيش تخليه يشتغل وهو صغير كدا، مكنتيش ترمي حمولك عليه للدرجة دي، أنا آسفة لو كنت السبب في يوم إنك تأجل خروجة أو سهرة مع صحابك، آسفة لو كنت خليتك في يوم تنام وأنت شايل همنا وشيلتك دور مش دورك أصلاً..
انهمرت عبراتها كالشلال فأسرع يوسف في مسحهما بيده، ثم طبع قُبلاته على يدها وقال:
_ كل اللي قولتيه دا كان برضايا أنا، أنتِ مضربتنيش على إيدي وقولتيلي روح أشتغل، أنا اللي كنت هلوم نفسي مليون مرة لو مكنتش عملت كدا، أنا راضي ولو العمر اتعاد تاني هعمل أكتر من كدا، وبعدين هو أنا وصلت للي أنا فيه دا بسبب مين؟
مهو بسببك بعد فضل ربنا عليا، بسبب دعمك وتشجعيك، وعشان أنتِ زرعتي فيا ثقتي في نفسي وإني أقدر أوصل لمكان أحسن، متفكريش تاني بالشكل دا عشان مزعلش، تمام..
طبع قُبلة على جبينها فربتت هي بحنو على ظهره ورددت:
_ ربنا يباركلي فيك يارب ويديك على قد ما إديتنا..
أخذت نفساً عميق وأردفت:
_ عايزة أقولك حاجة تانية..
جلست أمامها وقال:
_ قولي ياست الكل
ابتسمت له ببشاشة واسترسلت:
_ عايزاك تفضل حنين وتوزن الأمور بعقل مع لينة، اللي أنتوا داخلين عليه مش زي اللي فات أبداً، دا جواز ياحبيبي، يعني مسؤولية مضاعفة، وخصوصاً إنها تقريباً هتكون مشغولة عنك طول الوقت، هتكون مضغوطة من دراسة لبيت وهي لسه صغيرة مش هتعرف تشيل لوحدها ولا توزن الأمور زيك أنت..
تدخل يوسف قائلا ليطمئن قلبها:
& متقلقيش يا أمي أنا عارف كل دا من غير ما تقولي..
ربتت على قدمه وتابعت:
_ إنك تكون عارفه حاجة وتعيشه حاجة تانية خالص، دايماً التقصير من الزوجة مش زي التقصير من الحبيبة، لأن تقصير الزوجة ممكن يترتب عليه أمور كتيرة مش في صالحكم، بس أنا عايزاك كل ما تحس إنك معتش قادر تشيل الحِمل، تصلي ركعتين وتستغفر وتاخدها تخرجها في أي مكان تبعدوا عن ضغوط الحياة وصدقني وقتها هترجعوا بنشاط أكبر من الأول وكل واحد هيرجع لدوره من تاني..
شهيقاً فزفير فعلت قبل أن تكمل:
_ خليك قد القوامة اللي ربنا كلفك بيها، مش بس تكون مكفي بيتك بطلباته، تكفيه حب وحنان واستحمال، تعدي لها لو غلطت، وتفهمها الصح بهدوء، تحتوي زعلها وتراضيها ومتنيمهاش زعلانة، وبعد كل دا هتلاقيها خاتم في صوباعك هتحطك تاج فوق راسها، أنا ست وفاهمة بقولك إيه،
الراجل اللي بإيده ينجح العلاقة أو يخليها تفشل، لأن هو قوام، بيوزن الأمور بالعقل مش بالعواطف زي الست، فاهمني يا حبيبي..
"طبعاً يا أمي فاهم"
هتف بها يوسف فدعت له والدته:
_ ربنا يسعدكم يارب ويرزقكم البركة وراحة البال
"اللهم آمين"
أمن يوسف على دعائها بينما أمرته هي:
_ قوم يلا ارتاح وراك بكرة يوم طويل..
نهض يوسف وقبل جبينها وردد بنعاس:
_ تصبحي على خير
ردت عليه حينما تخطاها:
_ وأنت من أهله يا حبيبي
سحبت هاتفها ثم قامت بالإتصال على صغيرها:
_ أنت فين يا زياد؟
أخبرها أنه برفقة أصدقائه فقالت:
_ متتأخرش عشان تلحق تنام لك شوية
أنهت الإتصال وعادت إلى غرفتها لتنعم بالنوم فهناك يوماً طويلاً في انتظارها غداً.
***
"دا صوت نبض الجنين"
أردفتها الطبيبة المناوبة تلك الليلة في المشفى، فلم يجدوا عيادات خاصة في ذلك الوقت المتأخر، فاضطروا إلى الذهاب لمشفى خاص.
تبادلا بلال وإيمان النظرات السعيدة ثم وجهت حديثها إلى إيمان:
_ حضرتك بدأتي الشهر التاني فطبيعي التعب اللي ظهر فجأة..
حمحم بلال وسألها باهتمام وهو يجوب الشاشة أمامه بعينيه:
_ أنا مش شايف أي جنين خالص..
ابتسمت الطبيبة ثم أشارت بإصبعها على نقطةٍ ما في الشاشة أمامها وقالت بعملية:
_ دا كيس الحمل، لسه طبعاً بيبدأ يتخلق يعني ملوش معالم حالياً غير إنك تشوف نقطة ومع كل شهر بيبدأ يظهر شكله بوضوح ومش هتحتاج لحد يوصف لك شكله
بفضول هتف بلال:
_ هو ولد؟ أصل حضرتك بتتكلمي بصيغة المذكر
قهقهت الطبيبة وأوضحت ما تعنيه كلماتها:
_ لا مقصدش النوع بكلامي، أنا بتكلم عن الجنين في العموم، النوع دا لسه عليه بدري مع بداية الشهر الرابع يمكن نقدر تعرف حسب وضعية الجنين
أماء بلال بتفهم وعاد قائلاً:
_ طيب مفيش حاجة تمنع تعبها؟
ابتسمت الطبيبة لاهتمامه وأجابته وهي تنهض من على كرسيها:
_ شهور الوحم بتكون كدا، كلها تعب وكل اللي في إيدينا نكتب لها فيتامينات ومثبت ومتحاولش تجهد نفسها قدر المستطاع، وياريت تعملولي التحاليل دي..
أنهت تدوينها على الورقة ثم أعطتها لبلال وتمنت السلامة لإيمان بينما غادرا الغرفة والسعادة لا تسعهما، فسبحان الذي خلق نطفة داخل الأرحام تجعلنا سعداء للغاية قبل أن نراها.
أجرت إيمان التحاليل اللازمة ثم غادرا المشفى ليعودا إلى منزلهما ويخبرا الجميع بذاك الخبر السعيد.
***
جهزوا الفساتين للفرح 😂🌸
•تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية