رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل السابع والثلاثون 37 - بقلم تسنيم المرشدي
«حرِر هَواكَ فَالحُب بَاتَ مُعلنَا»
«الفصل السابع والثلاثون»
***
تبادلا النظرات، فمنها كانت خجولة وأخرى راغبة، ولج الغرفة فكانت تسبقه لينة بخُطاها، وقفت أمام المرآة متنهدة بتعب شديد ورددت بضيق:
_ الفستان تقيل أوي، بحلم باللحظة اللي أقلعه فيها
اقترب منها يوسف مردداً بخبث:
_ غالي والطلب رخيص
نظرت إليه بعينان متسعتين وهتفت:
_ أنت هتعمل إيه؟
بتلقائية قال:
_ هساعدك
تراجعت وهي تهتف:
_ أنا هعرف أساعد نفسي!!
قلب يوسف عينيه بإزدراء، ثم دار حولها حتى وقف خلفها، جذبها إليه برفق مردداً:
_ أنتِ عارفة أنا بحلم باللحظة دي من امتى؟!
يدأ يفك عقدات الفستان حتى انسدل تلقائياً فور انتهائه من فكهم، أمسك يديها مساعداً إياها على الخروج منه، بينما قفزت لينة من داخله حتى باتت خارجه.
تابع يوسف خلعه لحجابها حتى فرغ منه، حرر عقدة شعرها وتركه محرراً في وضعه المحبب إليه، تحسس وجنتها بنعومة فقشعر بدنها إثر فعلته، اقترب منها وهمس بخفوت:
_ يلا عشان نصلي..
أماءت بقبول وهرولت مبتعدة عنه، فلقد شعرت أنها حُصِرت من قِبله، لكن على مايبدو أن الوقت لم يحين بعد، توضأت ثم ارتدت إسدالها ووقفت خلفه، شرع يوسف في الصلاة وكان اليوم إمامها.
ومع كل سجدة كانت تسجدها لينة تشعر بالسكينة تسكن قلبها وتطمئن خوفها، انتهيا من الصلاة فالتفت يوسف إليها مبتسماً ببشاشة، رفع يده ووضعها على رأسها ودعى بصوت عذب:
(اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه)
رفع جسده قليلاً عن الأرض وقبل جبينها ثم أمسك يدها وطبع قُبلة داخلها، ولازالت ابتسامته تغزو شفتيه لتشعرها بالطمأنينة، حمحم وقال بعذوبة:
_ أنا عايز أتفق معاكي اتفاق، نسميه "عهد" نمشي عليه طول ما إحنا مع بعض!
حركت رأسها بفضول وقالت متسائلة:
_ إيه هو؟
بعفوية وسلاسة أردف:
_ مهما حصل بينا منامش زعلانين أبداً، سواء أنا أو أنتِ، الزعل اللي بنهرب منه للنوم دا بيعمل فجوة جوانا وبيخلق تراكمات ومهما مر الوقت بننفجر بسبب مرة نمنا زعلانين..
بحياء هتفت لينة:
_ أوعدك إني هكون قد الإتفاق دا
"وأنا واثق من كدا"
قالها يوسف بثقة ليبث بها القوة والثقة، تنهد ثم نهض ومد لها يده فأمسكت به، التفت يميناً ويساراً وقال:
_ مش هتغيري الإسدال؟
بإرتباك واضح تمتمت:
_ أكيد، هدخل الحمام أغير وأجي..
أماء بقبول بينما توجهت هي إلى المرحاض، نظرت إلى ذاك القميص المُعلق على الحامل الخلفي للباب، تسائلت كيف ستضعه على جسدها؟
كيف ستواجه عينيه بهذا اللباس؟
لكن لم يكن أمامها سوى الإستسلام وارتدائه، تناولته ثم قامت بتبديل ثيابها به، وقفت أمام المرآة وطالعت صورتها المنعسكة بأعين جاحظة لذاك المظهر الجرئ!!
بالله كيف ستخرج بهذا الوضع؟
أوصدت عينيها محاولة ضبط أنفاسها المضطربة، حتى راودتها فكرةٍ ما، توجهت إلى الباب ووقفت خلفه حارصة بألا يراها يوسف، ثم فتحته ونادته قائلة:
_ يوسف، لو سمحت ممكن تناولني الروب اللي عندك على الشماعة اللي ورا الباب
"روب!! روب ليه"
تسائل بجدية فحاولت توضيح الأمر:
_ هلبسه هيكون ليه يعني؟
صمت ساد للحظة ثم انتبهت ليده التي أحضرت ثوباً ذو لون مختلف عن ما تريده، لكنها لم تعقب، المهم أنه أحضره وكفى، مدت يدها لتتناوله فتفاجئت به يقف أمامها.
شهقت بصدمة فلقد كانت تمسك بقميصه من قماش الستان، ابتسم لها بخبث وقال وهو يضع كلتى يديه حولها مستنداً بهما على الباب فكانت هي حبيسته:
_ حلو الروب اللي جبتهولك؟
ابتعلت ريقها وحاولت إخفاء جسدها بيدها فاستنكر فعلتها، أخفض يده عن الباب وأزاح يديها بعيداً ليلقي نظرة على ما تخفيه عنه، عاد بنظريه عليها فتفاجئ بتورد وجنتيها، ازدادت ابتسامته الجذابة وردد:
_ دا إحنا طلعنا جامدين أوي..
"يا يوسف بقى"
بحرج شديد نطقت حروف إسمه لعله يصمت، لكنه هدر بنبرة غارقة في جمالها:
_ يوسف داب خلاص!!
اقترب من شفاها وقبلها بنعومة شديدة، أمسك يدها ووضعها على قميصه وفك أزراره بمساعدتها، كان يشعر بنبضاتها التي اخترقت صدره حين ضمها إليه، رفعها عن الأرضية فتشبثت في عنقه، وعاد بها إلى الغرفة واضعاً إياها على الفراش بتهمل، لم يفارقها فلقد غرق في بحورها، والآحر أنه كان سعيداً للغاية كلما تعمق في غرقه بها.
استطاع يوسف إخماد خجلها بتعامله اللطيف معها، وقادته غريزته لجعلها امرأته قولاً وفعلاً.
***
"ششش أنا آسف والله"
أردفها بندم شديد، فلم تكترث كثيراً لإعتذاره، لم يتوقف بكائها نتيجة عن شعورها بذاك الأذى الجسدي، اقترب منها يوسف محاولاً تهدئتها بشتى الطرق حيث هتف سؤاله الحنون وهو يداعب خصلاتها:
_ حبيبي مش أنتِ كويسة؟
أماءت بالإيجاب فعاد متسائلاً:
_ طب ليه العياط دا؟
رمقته بخجل شديد ثم أجهشت باكية، ضمها يوسف برقة ولم يتوقف عن مداعبة خصلاتها المحررة مردداً بعض الكلمات بنبرة هادئة:
_ معتيش تعيطي طيب، كل حاجة فيها صعوبة في الأول أنا عارف بس مش هتتحل بالعياط!
ابتعد عنها موضحاً سبب ابتعاده:
_ ثواني هجيب حاجة وراجع
ولج المطبخ وقام بإحضار كأس من عصير العنب المعلب ثم وضع به بعض قطع الثلج وعاد إليها، جلس على طرف الفراش حيث كانت هي على يمينه وناولها العصير قبل أن يردف:
_ اشربي العصير واهدي..
رفضت بحركة من رأسها فأصر على شربها له، رفع يده بالكأس عند فمها وحثها على أخذ رشفة منه:
_ يلا يا لي لي..
شربت منه القليل ولم ينزل يده حتى فرغت منه كاملاً، وضع الكأس جانباً ثم نظر لها بإبتسامة عذبة وقال:
_ بقيتي أحسن؟
"شوية"
ردها كان مختصراً بنبرة مهزوزة، بينما تمدد هو إلى جانبها وضمها لصدره حتى هدأت رجفة جسدها تدريجياً فقال يوسف بنبرة منهكة:
_ حاولي تنامي لك شوية..
لم تعقب لينة فهي بالفعل بحاجة للنوم لتريح جسدها، أوصدت عينيها ولم تحتاج لوقت طويل حتى غفت، تأكد يوسف من نومها فتمدد على الفراش بحذر ودعى العنان لعقله حتى غاب عن الوعي.
***
استيقظ على رنين الجرس، فتح عينيه والنعاس يسيطر عليه بشدة، نظر لتلك النائمة التي تتوسط صدره، سحب يده من أسفل رأسها برفق فقلقت هي وسألته مستفسرة:
_ رايح فين؟
أجابها وهو ينهض عن الفراش:
_ في حد على الباب..
التقط تيشيرت له ولم يلحق تبديل الشورت خاصته، توجه للخارج وفتح الباب ظناً أنه حارس البناية، لكنه وجد والدته أمامه، ابتسم لها ورحب بها بحفاوة:
_ اتفضلي يا أمي، أنتِ جاية لوحدك؟
بحرج قالت:
_ لا يا حبيبي زياد تحت، أنا جيت أجيب لكم الأكل، قعدت أرن عليك كتير قبل ما أجي أعرفك بس موبايلك مقفول، وأول لما العشا أذنت قولت مبدهاش بقى لازم أروح أكيد جوعتوا
جلست على الأريكة بينما ردد يوسف بذهول:
_ عشا!!
تفقد ساعة الحائط وتفاجئ بالوقت، لقد تخطت العاشرة مساءًا، جلس مقابلها وهو يردد بعدم استيعاب بعد:
_ أنا معرفش نمنا كل دا إزاي..
"نوم العافية يا حبيبي"
أردفتها السيدة ميمي ثم بتردد سألته:
_ لينة فين، عايزة أشوفها قبل ما أمشي..
نهض ليناديها فأسرعت ميمي في لحاقه:
_ لو نايمة سيبها متصحيهاش..
بتلقائية قال:
_ لا هي كانت صاحية، ثواني
توجه نحو الغرفة فوجدها تتململ في الفراش بكسل، تبسم في وجهها وأخبرها بوجود والدته:
_ ميمي هنا وعايزة تشوفك
تفاجئ من رد فعلها المريب، فلقد انتفضت بذُعر ووقفت تجوب الغرفة بتوتر وإرتباك شديدان، اقترب منها بغرابة من أمرها وسألها بجدية:
_ في إيه، ليه كل التوتر دا؟
صاحت هي بتجهم:
_ مش بتقول ميمي هنا؟!
طالت نظراته عليها في انتظار توضيح الأمر له، بينما واصلت هي:
_ هقابلها إزاي؟ مش هعرف أبص في وشها!!
بعدم فهم لما تتفوه به هدر:
_ ليه؟ إيه اللي حصل لكل دا؟
رققت من نبرتها وهي تخبره وجهة نظرها:
_ يا يوسف مامتك دلوقتي عارفة اللي حصل، عايزني أخرج أقف قصادها عادي كدا إزاي؟
حرك يوسف رأسه مستنكراً وهتف مستاءً:
_ أنتِ هبلة يابت أنتِ، ما طبيعي أي اتنين بيتجوزوا بيكون معروف حصل إيه بينهم دي سُنة الحياة، يعني أنتِ مش أول واحدة يعني، بطلي هبل واخرجي..
رفضت البتة التحرك من الغرفة، فواصل هو:
_ خلاص براحتك، أنا هخرج أقولها إنك مش عايزة تشوفيها
أولاها ظهره فأسرعت في لحاقه بقولها:
_ لأ لأ متقولش كدا، خلاص هغير وأخرج..
لم يعلق يوسف وخرج من الغرفة، عاد لوالدته وأعاد ترحيبه بها مراراً، أنتبه لرأس لينة التي أخرجتها من خلف باب غرفتها تتفقد الأجواء.
ظهرت على شفتيه إبتسامة ساخرة على وضعها، نهض وتوجه إليها ثم مد لها يده وقال:
_ تعالي يا لينة بطلي عبط
حدجت يده لبرهة ثم أمسكت به وسارت معه على استحياء شديد، تتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعها تلك اللحظة، هللت ميمي بسعادة فور رؤيتها لها، نهض وعانقتها بحرارة:
_ البيت وحش من غيرك يا لينة
تفاجئ يوسف وكذلك ميمي ببكائها، مما أثارت القلق في قلب ميمي، تراجعت للخلف متفحصة تعابيرها جيداً قبل أن تسألها بتوجس:
_ مالك يا حبيبتي، بتعيطي ليه؟
لم تجيبها لينة فوجهت ميمي بصرها على يوسف بغضب وهتفت:
_ أنت عملت لها؟
جحظت عيناي يوسف بذهول وردد بتهكم:
_ والله ما عملت لها حاجة..
أمسكت السيدة ميمي يد لينة وقالت وهي ترمق يوسف بنظرات مشتعلة:
_ تعالي معايا يا لينة..
اصطحبتها إلى الغرفة بينما لم يرفع يوسف بصره عنهن بذهول شديد، لم يستطيع الجلوس وجاب الردهة ذهاباً وجيئا وعقله يكاد يجن، أعاد شريط ما حدث في الصباح ليتأكد من أنه لم يصيبها بأذى، لقد شك في ذاته وما عاشه معاها، لوهلة ظن أنه أساء التصرف معها.
أوصد عينيه بضيق، لاعناً ذاته على تصرفه الأرعن، لكن متى حدث تصرف غبي منه؟ يمكن أن يكون تعامل معها بقسوة قليلاً وخشت هي إخباره؟ أم أنها تبالغ؟!
لم يعد يفقه شيء، فقط يشعر بالغضب يتأجج داخله ولا يدري حتى سببه.
داخل الغرفة، تحول بكاء لينة إلى ضحكات مرتفعة، مما أثارت التعجب في نفس ميمي، فلم تعد تدري أهي حزينة أم سعيدة، تنهدت وهتفت بعدم استيعاب لتصرفاتها:
_ الجواز طير البرج اللي فاضل من عقلك يا لينة ولا إيه؟
حاولت لينة السيطرة على ضحكها وأردفت:
_ بصراحة كنت حابة أشتغل يوسف شوية
قلبت عينيها واحتدت نبرتها وقالت:
_ عشان هو يستاهل
بجدية سألتها ميمي:
_ ليه هو عمل إيه؟
راودها الخجل الشديد من خلف سؤالها وحاولت الهرب منه:
_ معملش حاجة، بس هو كدا
جلست ميمي على طرف الفراش وأشارت إليها بالجلوس جوارها، فلم تتردد لينة وجاورتها ثم تسائلت الأخرى باهتمام أمومي:
_ أنتِ عاملة إيه طمنيني عليكي، وبجد يوسف عملك حاجة؟
أسرعت لينة في نفي ظنها:
_ لا لا والله معملش حاجة خالص..
قطبت ميمي جبينها فاستشفت لينة ما فهمته من خلف حديثها فأوضحت:
_ مقصدش اللي فهمتيه، يعني أنا قصدي إن أنا كويسة وهو معمليش حاجة، إحنا بنتكلم عن يوسف يا ميمي!!
ربتت ميمي على قدمها وابتسمت براحة سكنت قلبها، حمحمت قبل تردف:
_ ربنا يهينكم يارب، أنا همشي لو احتجتي حاجة كلميني
بادلتها لينة الابتسام وقالت:
_أكيد..
نهضت ميمي عن الفراش وخرجت من الغرفة فهرول يوسف نحوها متسائلاً بفضول:
_ قالتلك إيه؟
قهقهت بخفوت ومالت عليه قبل أن تخبره:
_ بتدلع عليك شوية
لم يستوعب عقله جملتها ورددها بعدم فهم:
_ يعني إيه بتدلع عليا؟
تفقدت ميمي المكان خلفها وأجابته:
_ واحدة بتدلع على جوزها ليها معنى تاني؟!
صمت ساد لبرهة استشف يوسف ما تقصده وهلل بتهكم:
_ قصدك بتشتغلني؟
انفجرت ميمي ضاحكة فتمتم هو بغيظ:
_ ماشي يا لينة، حسابك معايا بعدين
توقفت السيدة ميمي عن الضحك وسألته مستفسرة:
_ هتسافروا امتى؟
نظر يوسف إلى ساعة الحائط ورد عليها:
_ هنمشي الفجر إن شاء الله، يدوب نحضر الشنط
ربتت ميمي على كتفه بحنو ودعت له بحب:
_ توصلوا بالسلامة يا حبيبي، ابقى طمني عليكم
"الله يسلمك يا أمي، أكيد إن شاء الله"
قالها يوسف بينما استأذنت ميمي للمغادرة، وقف يوسف يحدق ذاك الباب الذي يفصل بينهما، يفكر جيداً فيما سيفعله بها.
تشكلت على شفتيه إبتسامة جندي منتصر في أحد معاركه، تناول هاتفه وهاتف صديقه وبعد ترحيبات وأحاديث دارت بينهما تعمد يوسف إلقاء كلماته وهو يدلف الغرفة:
_ أيوة يابني ألغي السفرية، مش هنروح في حتة
صعقت لينة مما وقع على أذنيها، أسرعت نحوه متابعة حواره بعينين جاحظتين، بينما واصل يوسف لعبته:
_ معرفش هنطلع تاني امتى، يمكن منطلعش أصلاً، معلش بقى هسيب الموضوع دا عليك يا بلال..
على الطرف الآخر من المكالمة، لم يعي بلال هراء يوسف وصاح بعدم فهم:
_ سفرية إيه اللي ألغيها، أنت بتقول إيه؟
أنهى يوسف المكالمة لكي لا يفضح أمره:
_ يلا سلام يا حبيبي، هكلمك تاني
صاح صوتها المتسائل ما أن أنهى يوسف اتصاله:
_ سفرية إيه اللي تتلغي؟ ومش هنطلع ليه؟
رمقها يوسف ببرود ثم توجه إلى الفراش وتمدد أعلاه مستنداً برأسه على جداره ثم أجاب بجمود:
_ اللي بيسافروا دول يا حبيبتي بيسافروا يستمتعوا، لكن إحنا هنستمتع إزاي وأنا كل ما أقرب لك تعيطي، السفرية هتبقى نكد أوي فأنا بقول ناخد على بعض الأول وبعدين نبقى نطلع براحتنا..
استنكرت قراره الذي اتخذه بمفرده، ناهيك عن حديثه الذي ليس في محله، هرولت نحوه وتمتمت بتوسل:
_ مش هيبقى فيه نكد يا يوسف، لو سمحت كلمه وقوله ميلغيش حاجة وأنا أصلاً لما عيطت قدام ميمي دا مكنش حقيقي، كنت حابة أعمل فيك مقلب مش أكتر، عشان خاطري يا يوسف نسافر
انتفض يوسف من مكانه كما احتدت ملامحه وصاح بنبرة جهورية:
_ مقلب!! وهو فيه واحدة محترمة تعمل في جوزها مقلب سخيف زي دا قدام أمه؟!
كانت لينة متفاجئة من ثورته وشعرت بالندم يشوبه الحرج الشديد، نهضت ووقفت مقابله وحاولت تبرير موقفها:
_ مكنتش أعرف إنك هتضايق كدا، أنا بجد آسفة..
اقترب منها يوسف بضعة خطوات فشعرت هي بالرعب، ابتلعت ريقها وأخفضت رأسها في انتظار ما سيفعله بها، تابع يوسف اقترابه حتى بات ملاصقاً لجسدها، انحني برأسه قرب أذنها وهمس:
_ مقلبي أجمد!!
تراجع للخلف ليرى رد فعلها، أخذت لينة فترة يحاول عقلها استعياب كلماته، رفعت بصرها عليه ورددت بعدم فهم:
_ مقلبك!!
قهقه يوسف عالياً ثم وضع يديه في منتصف خصره رافعاً حاجبه الأيسر بانتصار وتشفي، وفي النهاية استوعبت لينة ما يحدث وانقضت عليه تبرحه ضرباً هاتفة بغضب:
_ أنت، أنت بجد بارد، مش عارفة أقولك إيه، أنا قلبي وقع، إزاي تعمل كدا، أنت..
كان يوسف يضحك ويحاول السيطرة على يدها التي تضرب ثائر جسده، حتى تمكن منها وقيد حركتها بوضعه ذراعيها خلف ظهرها مردداً:
_ بس بس أنتِ ما صدقتي..
بملامح جامدة صاحت في وجهه:
_ أنت بارد والله
قلب يوسف عينيه وحذرها بقوله:
_ اتلمي بدل ما ألغيها بجد!!
تراجعت لينة عن تمردها وقالت بنبرة ناعمة لا تشبه ثورتها منذ قليل:
_ طيب كلم بلال قوله ميلغيش حاجة
بفتور هدر يوسف:
_ محدش يعرف يلغي حاجة غيري أصلاً
رمقته لينة مستاءة من تصرفاته، بينما همس هو بخفوت:
_ أنا عايزك ترقصي..
تفاجئت من طلبه وحاولت التحرر من قبضته وهي تردد:
_ ودا وقت رقص، إحنا لازم نحضر الشنط
رفض فك قيدها قبل أن ترضخ لطلبه:
_ مش قبل ما ترقصي الأول
عضت لينة على شفاها وقالت بحياء:
_ هتكسف!!
باستنكار شديد صاح يوسف وهو يزيح يديه عنها:
_ نعم يختي؟! ما أنتِ كنتي بترقصي قدامي يوم الحنة!!
"بس دي مش زي دي، إحنا مكناش لوحدنا لكن أنا وأنت لوحدنا دلوقتي وأنا مش هعرف أتحرك حركة واحدة قدامك"
قالتهم لينة مبررة موقفها، لكنه لم يقتنع بسهولة فكان ذلك هراء كيف يقتنع به حباً في الله، تنهد وبإصرار واضح قال:
_ مليش دعوة، مش متحركين من هنا قبل ما ترقصي، رقصك قصاد السفرية!!
تنهدت لينة ثم اضطرت للرضوخ، فآخر ما تتمناه هو إلغاء تلك السفرية لطلاما رتبت لها طويلاً، توجهت نحو الخزانة فتبعها يوسف ووقف يختار معها زياً يروق له.
اختار أحد القطع المكونة من قطعتين ذو اللون الأحمر الفاقع وناولهم لها، ثم بحث بعينيه على شيئ يدور في عقله قبل أن يهتف متسائلاً:
_ عندك خلاخيل؟
"خلاخيل!!"
رددتها لينة متعجبة فأوضح هو:
_ خلخال يعني، ويكون بيعمل صوت كدا مش منظر
كانت متعجبة من أمره كثيراً، ضحكت بعفوية وأجابت:
_ أيوة فيه في الدرج التاني اللي فيه الإكسسوارات بتاعتي
توجه يوسف إلى الدرج وأخذ يختار من بينهم، ثم جذب أحدهم وحركه بقوة ليختبر قوة رنينه، ابتسم حين وجد مراده وعاد إليها بعدما ارتدت ما أحضره لها، اقترب يوسف منها وأمسك يدها وتوجه بها نحو الفراش، ساعدها على الجلوس ثم جسى هو على ركبتيه ووضع قدمها اليمنى على ركبته وأحاط كاحلها بالخلخال.
نهض ووجه حديثه لها:
_ فين الروج الأحمر بتاعك؟
حقاً ذلك مبالغ به، نهضت هي وهتفت:
_ نفسي أفهم أنت بتعمل إيه؟
حثها يوسف على فعل ما يريده حيث قال:
_ أعملي اللي بقولك عليه بدل ما أروح أعمله مع واحدة تانية
شهقت لينة وهي تحدق به بصدمة، بينما أولاها يوسف ظهره خافياً ابتسامته، اقترب من الدرج الذي يحوي مساحيق تجميلها فهرولت لينة خلفه مانعة إياه من الوصول لشيئ قبل تقديم تبرير لما قاله، ووقفت مقابله متسائلة بحنق:
_ أنت ممكن تعمل كدا؟!
طالعها لبرهة قبل أن يجيب:
_ كان ممكن بس الشرع مش محلل غير أربعة بس!!
عقدت ما بين حاجبيها وهتفت بعدم فهم:
_ يعني إيه؟
مال على أذنها وهمس:
_ يعني أنتِ بالـ ٤!
نفخ في أذنها ثم تخطاها وتابع خطواته ليحضر أحمر الشفاه، لم تمنع لينة ابتسامتها فكانت إجابة كافية بالنسبة لها، تبعته بخُطاها وتفاجئت به يضع لها أحمر الشفاه بنفسه.
فتحت فمها قليلاً وتركته يضعه على شفتيها ثم أعاد وضعه إلى مكانه حين فرغ منه، لم يعد هناك سوى الخطوة الأخيرة وهي اختيار الأغنية، اختارها يوسف بعناية ثم نظر إليها وأمرها:
_ يلا..
قابلت لينة صعوبة في البداية من خلف نظراته فشجعها يوسف على أخذ راحتها بانضمامه لها ومشاركتها الرقص، وبالفعل نجح في تبخر خجلها وبدأت تتغنج بدلال، تتمايل عليه بإثارة فتزيد من لوعته.
انفجرت لينة ضاحكه على حركاته التي كانت مفاجئة بالنسبة لها وهتفت من بين ضحكها:
_ أنت بقيت كدا امتى؟
رد عليها يوسف مازحاً:
_ من يوم ما عرفتك، أنتِ فسدتي أخلاقي
اتسعت حدقتاها وهي تشير على نفسها:
_ أنا فسدت أخلاقك!!
أحاط يوسف خصرها وأكد سؤالها:
_ دا أنتِ المادة الخام لإفساد الأخلاق!!
"أنا!!"
رددتها لينة بينما أرغمها يوسف على التراجع حتى وصلا إلى الفراش، رفع يوسف كعب قدمه وعرقل بها قدم لينة فسقطت تلقائياً على الفراش، خفق قلبها وهي تتابع خلعه لذاك التيشيرت ثم انجرف مع طيار حبهما غير آبه لما يدور حولهما.
***
بعد فترة، كان يوسف يأخذ حماماً ينعش به جسده، وفي الخارج تجهز لينة حقائبهم وما يلزمهما في سفرهما، فتحت أحد الأدراج الخاصة بيوسف وتفاجئت بحزمة من الأموال موضوعة به، تعجبت منهم فلم يخبرها أنه يضع أي أموال في المنزل وخصيصاً مبلغاً كبيراً كالذي بيدها.
تابعت وضع أشيائه في الحقيبة حتى خرج من المرحاض فواجهته بهما:
_ إيه الفلوس دي يا يوسف، مقولتش قبل كدا إنك سايب فلوس هنا..
تنفس يوسف بقوة ليعطي صدره سعة من الراحة تستقبل ماهو مقبل عليه، حمحم وأخبرها عنهما:
_ دي فلوسك يا لينة
بعدم فهم هتفت:
_ فلوسي!! فلوس إيه مش فاهمة
أوضح لها وهو يرتدي ثيابه:
_ فلوسك من البيت اللي اتباع..
شعرت بثمة أمور تُحاك من خلفها فاقتربت منه وسألته بجدية:
_ إزاي؟ مش خلصوا في شرا الحاجات اللي جبتها للبيت؟
طالعها لوقت قبل أن يخبرها حقيقة الأمر:
_ أنا مختش منهم جنيه واحد يا لينة!!
اتسعت حدقتاها بذهول يشوبه الصدمة التي اعتلت وجهها ورددت بهدوء ما يسبق العاصفة:
_ يعني إيه الكلام دا؟ أومال الفلوس اللي كنت مفهمني إنك بتشتري بيها دي كانت إيه؟
أخرج يوسف تنهيدة واقترب منها ثم أمسك يدها وحثها على الجلوس بجواره على طرف الفراش وبدأ حديثه برزانة ليحتوي الموقف:
_ بصي يا لي لي، أنا وافقتك بس عشان الأمور تمشي، لكن دي فلوسك من حقك أنتِ وبصراحة مش شايف إن مكانهم يتصرفوا في البيت، لو حابة تشغليهم أشغلهمولك وأرجعهولك أضعاف، عايزة تعملي مشروع خاص بيكي هدعمك وأسهلك كل حاجة، لكن تصرفيهم على حاجة أنا طرف فيها
مش هقبل بكدا..
صمتت لبرهة تستوعب ما وقع حديثاً، طال صمتها فتدخل يوسف قائلاً:
_ مش يلا نكمل تحضير الشنط؟
لم تعقب بل نهضت وتابعت ما كانت تفعله، لم يضغط يوسف عليها حتماً متفاجئة، ولابد أن يترك لها مساحة الاستيعاب على مهل، اقترب منها وساعدها في تحضير الحقائب حتى انتهوا بعد ساعات.
وصلا إلى المطار في سيارة يوسف والذي كان يقودها زياد وإلى جانبه علي، وفي الخلف يجلس يوسف ولينة، كان بلال يهاتف يوسف حيث قال:
_ معلش بقى أنت عارف أخوك في إيه معرفتش أجي أوصلك
بمزاح هدر يوسف:
_ عارف إن أخويا ندل إيه الجديد
"يا أخي جاي لك يوم والكورة هتبقى في ملعبي ووقتها مش هرحمك والله"
هتف بهم بلال فقهقه يوسف وتابع حواره معه:
_ يلا هطير أنا بقى عشان وصلت المطار
"توصلوا بالسلامة"
أردفها بلال ثم أنهى الإتصال، ترجل أربعتهم وودعا بعضهما البعض، حيث وجهت لينة حديثها لشقيقها:
_ طمني عليك لما توصل
باهتمام قال علي:
_ وأنتِ كمان
نظر يوسف إلى أخيه وحذره قائلاً:
_ امشي على مهلك وأنت راجع، ولو حصل ورجعت جيشك قبل أسبوع كلمني عرفني عشان أرجع، تمام
"تمام"
اكتفى زياد بقولها بينما دلفا الآخرين المطار تحت نظرات زياد المتابعة لهم حتى اختفوا من أمامه فاستقل السيارة وانطلق بها عائداً إلى منطقته.
بعد مرور تسع ساعات، وصلا يوسف ولينة إلى جزر المالديف، أخرجت لينة تنهيدة متعبة للغاية وهتفت:
_ أخيراً وصلنا!!
بالكاد ابتسم يوسف ساخراً قبل أن يخبرها بما تجهله:
_ لسه ساعة على لما نوصل الجزيرة اللي حاجزين فيها
رمقته بأعين جاحظة فأراد يوسف التخفيف من عليها:
_ هانت خلاص، كنا فين وبقينا فين
ابتسمت له بعذوبة وقالت ممتنة:
_ عارف، مكنتش متوقعة إنك ترد تقول كدا، توقعت إنك هتقول أنتِ اللي اختارتي المكان استحملي بقى
نظر لها بتعب وأردف بصوت منهك:
_ أنتِ اختارتي وأنا وافقت يعني مختيش القرار لوحدك!!
أرسلت إليه قُبلة الهواء ممتنة لعقله الرزين:
_ بحب ردودك أوي
غمز إليها بمشاكسة وهمس:
_ بتحبي ردودي بس؟
"حالياً أه بس"
قالتها بغلظة فصاح مستاءً:
_ إنما أنا بقى بحبك لما مترديش خالص
قهقهت هي بصعوبة ثم توجها إلى الهليكوبتر واستقلاها، حلقت بهم في الهواء وبعد مرور الستون دقيقة وصلا إلى الجزيرة خاصتهم.
تفاجئا بالإستقبال الحافل من قِبل عاملين الجزيرة، كانوا يدقون الطبول والأغاني التي صنعوها بأنفسهم، شكرهم يوسف كثيراً ثم غادروا المكان بينما دلفا هم إلى الكوخ.
فغرت لينة فاها منذ ولوجها للمكان، كان مذهلاً وكل ثغره به رائعة، يحاوطهم البحر من جميع النواحي، تسائلت داخلها إن كان هذا المكان يوجد على الأرض فما هي شكل الجنة، رزقنا الله وإياكم دخولها بغير حساب.
بسعادة عارمة هللت:
_ المكان تحفة، شايف الجمال؟
ألقى يوسف جسده المنهك على الفراش وردد:
_ مش شايف حاجة، أنا عايز أنام..
نهض وخلع ثيابه واكتفى بارتداء شورت قصير ثم عاد مستلقياً على الفراش وفي غضون ثوانٍ كان في ثُبات عميق بينما شعرت لينة أنها بحاجة للنوم مثله، لكن المكان يناديها لاكتشافه.
تنهدت واختارت أن تغفو قليلاً ثم تستكشف المكان لاحقاً بمزاج سوي، بدلت ثيابها سريعاً وقفزت على الفراش حتى سيطر عليها النعاس في وقتٍ قليل.
***
قلقت على صوت ارتطام مياه البحر في الكوخ خاصتهم، صوت رائع مع رائحته التي تتغلغل إلى أنفها، نهضت بحذر لكي لا توقظ يوسف وتوجهت إلى الخارج، كانت الأجواء هادئة يقطعها صوت البحر، لم تغرب الشمس بعد فكانت السماء صافية للغاية.
أحضرت سماعة الأذن خاصتها وقامت بتوصيلها للهاتف، اختارت أغنية بعينها تليق مع الأجواء من حولها، في تلك الأثناء استيقظ يوسف وبحث عنها فلم يجدها، خرج باحثاً عنها فرأها تقف بين المرر الذي يفصل بني البحر وحمام السباحة ترتدي قطعتين يفصل بينهما ظهرها الواضح لعينه، محررة خصلاتها التي تتمايل مع نسمات الهواء.
وقف يتأكد من كونهما الوحيدين الموجودان في المكان ثم اقترب منها وعانقها فابتسمت بعفوية، أدارها يوسف إليه وسألها باهتمام:
_ بتسمعي إيه؟
أزاحت إحدى السماعتين وكادت أن تضعها في أذنه إلا أنه أسرع في قول:
_ غنيها أنتِ..
أوقفت الأغنية وغردت هي بإحساس عالِ وهي تتحسس وجهه:
أنا قلبي ليه حاسس أوي بالشكل دا
هو الهوا بيعلي إحساسنا كده
صدقني خلاص صدقت
إن أنا حبيت دلوقت
ومكنتش اعرف قلبي هيحبك كده
وكنت فين انت وكل الحب ده
وليه سايبني لوحدي طول العمر ده
أنا قلبي شايفك من زمان
في الحلم بتدور عليا
بس مهما اتخيلك
مش زي ما أنا شايفه بعينيا
يمكن أنا بحلم وزمن الحلم طار
توهتني بين الحقيقة والخيال
المسني خليني أكون متاكدة
أنا قلبي ليه حاسس أوي بالشكل دا
هو الهوا بيعلي إحساسنا كده
صدقني خلاص صدقت
إن أنا حبيت دلوقت
ومكنتش اعرف قلبي هيحبك كده
وكنت فين انت وكل الحب ده
وليه سايبني لوحدي طول العمر ده
أنهت غنائها فوجدته يقترب منها للغاية، نظرت إليه بمكر ثم دفعته بكل ما أوتيت من قوة فسقط يوسف في حمام السباحة، انفجرت ضاحكة إثر تصرفها المفاجئ بينما كان يوسف متفاجئاً بما فعلته.
نظر إليها بتحدٍ ثم تصنع أنه متعب، لم يروق لها في البداية تصرفه لكنه طال فيه فقلقت بشأنه ونادته:
_ يوسف أنت بتهزر صح؟!
مالت بجسدها وكادت أن تقفز خلفه إلا أنه أسرع في لقِفها داخل المسبح، شهقت لينة وحاولت ظبط أنفاسها التي هربت منها، ولم تلتقط أنفاسها بعد حتى انهال عليها يوسف بإلقاء المياه في وجهها فصرخت هي:
_ مش عارفة اتنفس بس..
لم يتوقف عما يفعله ففعلت هي مثله تماماً وظلا يلعبان بالمياه حتى حدث مالم يتوقعاه قط، هطل المطر بشدة دون سابق إنذار كما لو أنهما في فصل الشتاء.
تبادلا النظرات المذهولة وهللت لينة بسعادة:
_ الله، مطر!
"يلا عشان نطلع"
قالها يوسف خشية أن تصيبهما حمى لكنها رفضت وأرادت الإستمتاع بالأجواء المختلطة:
_ لا لا الجو حلو أوي خلينا شوية
اقتربت منه لينة وتشبثت في عنقه مبتسمة بسعادة:
_ بحبك أوي
انحنى على شفتيها وقبلها بنهم ثم همس:
_ مش أكتر مني..
أطلقت لينة صرخة حين حملها يوسف بين ذراعيه وصعد بها السُلم ومنه إلى الكوخ، شعر برجفة جسدها القوية فعاتبها بلطف:
_ شوفتي بتترعشي إزاي يارتني ما سمعت كلامك ووقفت برا في الجو دا
لم تعقب لينة فبات جسدها بالكامل كقطعة الثلج، ازدادت رجفتها بين يديه فأثارت القلق في قلب يوسف، أنزلها فلم تستطيع الوقوف على قدميها وكادت تسقط إلا أنه لحق، ساعدها على الجلوس ثم أسرع في جذب ثياب أخري لها وقام بخلع ثيابها المبتلة عنها ووضع الأخرى عليها ثم بحث عن غطاء ثقيل ودسره أعلاها.
كان صوت احتكاك أسنانها يصل إلى أذنيه، فما كان منه إلا أن حرك رأسه لاعناً استسلامه لها وعدم رفضه لوقوفهما في الخارج، هو على علم بأنها تمتلك مناعة ضعيفة للغاية ومع ذلك لم يرفض.
تأفف بضيق وصنع لها مشروباً ساخناً وعاد إليها، ساعدها على ارتشافه ثم ضمها إلى حضنه وظل يفرك أصابعها الباردة بقوة حتى بدأ يشعر بعودة الحرارة فيهما، نظر إليها وسألها باهتمام:
_ عاملة إيه دلوقتي؟
"أحسن كتير"
قالتها بحيوية عن ذي قبل فشعر يوسف بالطمأنينة، ابتعد عنها وسألها:
_ تحبي تنامي ولا نتفرج على فيلم؟
أجابته مختصرة:
_ نتفرج على فيلم!
نهض وأشعل التلفاز ثم طلب طعاماً لكليهما وجلسا يشاهدان الفيلم وهم يتناولان الطعام في جو هادئ للغاية.
***
•تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية