Ads by Google X

رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل التاسع و الثلاثون والاخير 39 - بقلم تسنيم المرشدي

الصفحة الرئيسية

 رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل التاسع و الثلاثون والاخير 39 - بقلم تسنيم المرشدي 

«حرِر هَواكَ فَالحُب بَاتَ مُعلنَا» 
«الفصل التاسع والثلاثون (الخاتمة)»

***

كانت الموسيقى تدوي في الغرفة لأحد أغاني أم كلثوم، كان يجلس في إضاءة خافتة ويقرأ أحد رواياته، يرتشف مياه غازية مليئة بقطع الثلج. 

ولجت المكتب بخطاها تجوب الغرفة بعينيها ثم وقفت أمام مكتبه ونادته: 
_ يوسف..

أنتبه يوسف بصوتها ورفع بصره عليها، لوهلة لم يستوعب أنها بالفعل واقفة أمامه، ترك ما بيده ونهض متسائلاً بغرابة معانقة للقلق: 
_ لينة؟ أنتِ بتعملي إيه هنا؟

دار حول مكتبه واقترب منها وهو يطالع الخارج مواصلاً بقية أسئلته:
_ أنتِ جاية مع مين؟

بتردد وضياع شديدان أجابت: 
_ أنا جاية لوحدي..

رمقته بعينان لامعة مواصلة بنبرة خافتة:
_ أنت بتعمل إيه؟ 

بعدم استعياب لما يحدث رد بصوت أجش:
_ قاعد.. هو في إيه؟

ابتلعت ريقها وصاحت متذكرة حواره مع بلال:
أنا سمعتك مع بلال...
كنت بتقول عروسة.. 
كنتو بتتكلموا عن واحدة جاية هنا وبلال سابك ومشى و...

صمتت حين شعرت بسذاجة تفكيرها، شعرت بمدى حماقتها تلك اللحظة،  زفرت ثم أولاته ظهرها وهي تردد:
_ أنا همشي..

أسرعت خطواتها إلى الخارج فهرول يوسف خلفها محاولاً إيقافها:
_ استني يا لينة..

لم تهتم له وتابعت سيرها فما كان منه إلا أن يمسك ذارعها مجبراً إياها على التوقف، نظرت لينة إلى يده الممسكة بها وهتفت بألم:
_ أنت بتوجعني..

حرر يوسف يدها من قبضته ووقف مقابلها ثم أردف:
_ هو اللي أنا فهمته دا صح؟

أخفضت لينة رأسها بحرج شديد وحاولت الهرب من أمامه:
_ سيبني أمشي يا يوسف لو سمحت.. 

شكل حاجزاً أمامها مانعها من الذهاب وهتف بنبرة جامدة: 
_ طلاما تعبتي نفسك وجيتي لغاية هنا في الوقت دا يبقى مش هتمشي قبل ما تبرري..

شكل بسمة ساخرة وواصل:
_ دا لو عندك تبرير يعني..

رفعت رأسها ولم ترضى حديثه الساخر وهتفت بنبرة مختنقة:
_ يوسف، يوسف..
ملكش حق أبداً تلومني، الكلام اللي سمعته كان ممكن يتفهم غير كدا لو مقولتش كلامك الصبح!! 

"كلام إيه؟"
هتف متسائلاً فأجابت هي بحنق:
_ إيه نسيت كلامك بالسرعة دي؟ 
نسيت لما قولت إنك اتخنقت مني ومن عيالي؟ 
حتى دول نسبتهم ليا لوحدي كأنك اتجبرت تجيبهم!
نسيت لما قولت مش عايز أسمع صوتك ولا صوتهم ولا حتى تشوفنا؟!
نسيت لما قولت إنك عايز استراحة محارب قيمة سنة أو سنتين!! 
دا كلامك خلاني أفكر في الطلاق عشان أريحك خالص مني ومن عيالي!!
ما أنا اللي أجبرتك على وضع مش حابه! 
أنا اللي أصريت نتجوز وكل اللي حصل بعد كدا نتيجة لإصراري! 
مش عايزني بعد اللي سمعته منك وحسيته دا عقلي ميستنتجش اللي فهمته؟!

دفعته بعيداً وتابعت سيرها للخارج، وقف يوسف محاولاً استيعاب كلماتها،  زفر أنفاسه وأسرع خلفها بعد أن أوصد باب المعرض جيداً، أسرع من خطاه حتى بات جوارها. 

أخرج تنيهدة بصوت مسموع، لم يعلم للحديث سبيل، فانتبه على كلماتها التي خرجت متحشرجة إثر بكائها المرير:
_ يمكن أنا غلطت لما طلبت منك نتجوز، أنا آسفة مكنتش أعرف إن الوضع هيكون صعب بالشكل دا، أنا بعترف إني كنت هبلة ونظرتي كانت غلط، بجد مش لو هتقدر تكمل في الوضع دا أنا هكون مقدرة و...

قاطعها يوسف مستاءً: 
_ أنتِ فعلاً هبلة ولسه نظرتك غلط لما تفكري في تفكير عقيم زي دا!!

توقفت لينة عن السير ورمقته لبرهة قبل أن تردف:
_ أنت بنفسك قولتلي إني لما أكبر هشوف الأمور من زاوية تانية، هبص للي ريح اللي بحبه أكتر ما هبص للي بيريحني، وأنت مش هترتاح غير بـ..

"مين قالك، مين قالك إن راحتي في بعدنا عن بعض؟!"
هتف يوسف بحنق وواصل:
_ مش هكذب وأقول إني مكنتش مضغوط، والمسؤولية كانت كبيرة وفاقت طاقتي، وأي إنسان محتاج ياخد هُدنة من الضغط اللي بيتحط فيه، كلمتين اتقالوا مش محسوب لهم خالص، أنا بجد كنت بهزر وقتها.. 

لم تصدق تهوينه للأمر وهتفت بعدم تصديق:
_ بتهزر!!، دا انا أول مرة أحس باحتياجي ليك ومعرفش أسد احتياج مشاعري دا، كنت دايماً بهرب من مشاكل الحياة كلها ليك أنت، معرفتش النهاردة أهرب لمين؟ 
كنت بدور عليك وبهرب منك، محتاجة اشتكي لك منك وفي نفس الوقت مش عايزة أزود همك!"

حدجته بنظرات معاتبة قبل أن تقول:
_ أنت واقف قدامي وأنا مش قادرة أترمي في حضنك، كلامك بنى حاجز بينا مش عارفة أتخطاه، أصل أضايقك وأنت متقدرش تقول إنك مش قادرة على الوضع دا وأجبرك عليا تاني..

شعر يوسف بغبائه، لعن زلة لسانه الغير مقصودة، تنهد وقال بندم يطغوا على نبرته: 
_ أنا مش فاهم جبتي الكلام دا منين، أنا عمري ما فكرت بالشكل دا، أنا يمكن كنت بدعمك وبخبي أوقات ضيقتي عنك عشان مشيلكيش فوق طاقتك، بس مكنتش مجبور أبداً، كلامي النهاردة طلع بعفوية وفكرت إنك هتقدري عشان خلاص نص المسؤولية والضغط خلصوا ومش هتلومي نفسك على حاجة، توقعتك هتردي وتقولي وأنا كمان زيك عايزة أخد هدنة بس لقيتك سكتي ومشيتي...

تنهد يوسف بضيق وأردف كلماته باختناق:
_ يا لينة أنا محتاجك تقدري تبريري دا لأن معنديش غيره أعمله حالياً..

اقترب منها مواصلا استرساله:
_ أنا مش فاكر آخر مرة قربت منك فيها كانت امتى، يعني فوق كل الضغط دا مكنش فيه حاجة تهون، كله نازل طخ طخ، أقسم بالله أنا أول مرة مبقاش عارف أتصرف، محتاج اللي يبدأ لي الطريق وأنا أمشي فيه، محتاج أمشي ورا رأي حد يرجعني لنفسي من تاني..

لمست كلماته قلبها وشعرت بالندم حياله، طالعته بآسى تحول إلى فضول في سؤالها:
_ أومال إيه العروسة دي؟!

فغر يوسف فاهه لبرهة ثم حرك رأسه باستنكار شديد وقال: 
_ عايزة تعرفي مين العروسة؟

أماءت بالإيجاب فأمسك يدها وهو يردد:
_ تعالي..

عاد بها إلى المعرض ثم ولج وأشار إلى إحدى الزوايا مردداً:
_ دي العروسة اللي عملت كل دا!!

وجهت لينة بصرها على الزاوية التي ينظر إليها وتفاجئت حين وقع بصرها على سيارة فاخرة للغاية، نظرت إليه مستاءة، فلم تصدق أنهما كانا يتحدثان عن سيارة وهتفت:
_ عربية!! 

أكد يوسف على قولها:
_ أيوة عربية، آخر موديل نزل في المرسيدس، ومش عايزانا نقول عليها عروسة؟

عضت لينة على شفاها بخجل شديد، حمحمت وجابت المكان من حولها هاربة من نظراته الثاقبة، بينما استنكر هو عدم ثقتها به وهتف مستاءً وهو يصعد درجات السُلم: 
_ أنا بجد مش متخيل إنك تفكري فيا كدا! 

فركت لينة أناملها بضيق ثم صعدت خلفه، فوجدته جالس على كرسي مكتبه، أصدرت صوتاً معلنا وصولها ثم اقتربت منه وجلست على قدميه وقالت برقة:
_ أنا آسفة، عارفة أن الإعتذار مش كفاية، وعارفة إني غلطانة وعقلي لسه صغير مش بحسب الأمور صح، بس يمكن عشان كنا بعاد وعلاقتنا متوترة،  شيطاني قدر يضحك عليا وخلاني أفكر كدا، اعتبر كلامي تبرير أو حجة لموقفي، أي حاجة المهم متزعلش..

ملست على وجنته بنعومة وأردفت بدلال:
_ زعلك غالي أوي عندي يا سوفي..

كانت تعابيره جامدة لا تلين قط، اقتربت منه وطبعت قُبلة على طرف شفتيه تعمدت الإطالة بها ثم همست بجانب أذنه: 
_ وحشتني أوي..

عادت ناظرة لعينيه فكان جامداً كما كان، حمحمت وتابعت محاولة إصلاح ما اقترفته:
_ تعالى نروح بيتنا

برفض تام صاح:
_ لأ

شعرت لينة بغصة في حلقها لكنها لم تريد التسرع في حكمها، تحلت بالقليل من الصبر ربما تنجح في توطيد العلاقة من جديد فهمست بخفوت: 
_ تعالى نروح يا يوسف..

أبعدها يوسف عنه ثم نهض فشعرت لينة بالإهانة لرفضه، نظرت إليه بأسف وقالت:
_ أنا آسفة بجد..

أولاته ظهرها وتوجهت نحو الباب والدموع تكاد تتساقط من عينيها، لحق بها يوسف وأعاد غلق الباب فنظرت إليه بأعين لامعة، وتفاجئت به يمد يده خلفها ثم أوصد باب المكتب وقال وهو ينحني على شفتيها: 
_ مش هنروح في حتة!! 

أمسك يدها ووضعهم على قميصه فاستشفت ما يريد، وقامت بفك أزرار قميصه وكان هو يقبل ثغرها بلوعة واشتياق، فحاجته لها بلغت ذروة تحمله ولم يعد يستطيع السيطرة على جوارحه. 

حاولت هي تنبيهه إن كان قد فقد عقله: 
_ يوسف، إحنا في المكتب لو مش أخد بالك..

"بس لوحدنا"
هتف بهم ثم حملها وتوجه بها إلى الأريكة مجدداً عهده معها بعدما افتقر لذاك الشعور منذ زمن. 

بعد فترة، بحث عن قميصه والتقطه من على الأرضية، وأرسله إلى لينته مردداً بأمر: 
_ ألبسيه..

تناولته وقامت بارتدائه فكانت جميلة المظهر، نهضت خلفه لترى ماذا يفعل، استندت بذراعها على كتفه متابعة صبه العصير في كوبان واضعاً بهما قطع الثلج الذي تناوله من ثلاجة المكتب. 

ناولها كوب وتوجه نحو الأريكة، اعتلاها وأشار إليها بالمجيء فتوجهت نحوه وتوسطت صدره، ارتشفت القليل من العصير ثم رفعت نظريها وسألته:
_ لسه زعلان مني؟

ارتشف يوسف العصير دُفعة واحدة وهتف بمشاكسة:
_ دا أنا زعلان جداً

مال بها على الأريكة فصرخت هي:
_ العصير!!

تناول منها كوبها ووضعه على الطاولة وعاد إليها، فارضاً عاقبه الخاص عليها، ولم يرى منها أي رفض فكان هذا يزيده تلهفاً بها. 

*** 

بعد مرور بعض الوقت، اقترب منها متسائلاً عن سبب وقوفها أمام النافذة التي تطل على الطابق السفلي جاذباً إياها إليه فبات ظهرها ملاصقاً لظهره: 
_ بتبصي على إيه؟

أشارت إلى السيارة وأجابت:
_ حلوة أوي يا يوسف، ليك تحق تقول يتشبع منها إزاي دي..

دفن رأسه في عنقها تاركاً أثر أنفاسه الحارة عليها قبل أن يهمس سؤاله:
_ عجباكي؟

استدارت إليه وتعلقت بذراعيها في عنقه مبدية إعجابها بها: 
_ جداً، بجد جميلة أوي 

ابتسم لها بعذوبة ثم تراجع للخلف وتوجه نحو مكتبه، أخذ ملفاً من الخزانة الرقمية خاصته وعاد إليها هاتفاً بنبرة رخيمة: 
_ جميلة زي صاحبتها! 

لم تعي ما قاله فناولها يوسف الملف الذي بيده، أخذت تقرأ المدون حتى صرخت عالياً حين رأت إسمها مدون في العقد، قفزت بسعادة غير مصدقة حقاً أنها تملك تلك السيارة الفاخرة وهللت عالياً: 
_ لا لا بتهزر!! 
دي بتاعتي؟ 
متهزرش بجد يا يوسف 

قهقه هو وأكد ملكيتها العائدة لها:
_ بتاعتك والله، هدية التخرج 

ابتعلت ريقها ثم استدارت تطالع السيارة مرةٍ أخرى، عادت ناظرة إليه ثم عانقته بكل ما أوتيت من قوة حتى كاد يوسف أن يفقد توازنه فصاح بحذر: 
_ هتوقعيني يابت 

لم تختفي الإبتسامة من على محياها وظلت تهلل بسعادة:
_ بحبك أوي، بجد مش عارفة أعبر لك أنا مبسوطة إزاي 

بنبرة تكاد تسمع قال:
_ مش محتاجة تعبري، أنا ثانية وهتخنق من السعادة 

انتبهت لينة ليدها المحاوطة عنقه وأزاحتها عنه ثم تراجعت وهرولت نحو الباب قاصدة النزول فأسرع يوسف خلفها وسرعان ما أعادها للداخل ثم أوصد الباب وصاح بحنق: 
_ أنتِ راحة فين بمنظرك دا، فيه كاميرات في المكان 

نظرت لينة إلى حالتها فشعرت بالخذي وهتفت نادمة:
_ من فرحتي مختش بالي بجد..

رققت من نبرتها وأردفت بحيوية:
_ طب ينفع ننزل نشوفها 

أماء بقبول وقال:
_ أكيد، بس هاتي قميصي والبسي هدومك

تفاجئ يوسف بسرعة خلعها لقميصه وإعطائه له، التقطه منها قبل أن يسقط أرضاً وقام بإرتدائه، في تلك الأثناء كانت قد انتهت هي سريعاً من ارتداء كامل ثيابها ثم هرولت للخارج وتبعها يوسف بخطى متريثة. 

ظلت تدور حولها لا تصدق أنها ملكها، عانقتها بحرارة كما لو أنهما كانا مفترقين وعادا إلى بعضهما، انفجر يوسف ضاحكاً على تصرفها الأخرق وهتف:
_ أنتِ بتعملي إيه؟

"لا لا سيبني أنت كدا أخد راحتي مع عربيتي، متدخلش بينا لو سمحت" 
هتفت بهم لينة وتابعت ما تفعله تحت نظرات يوسف الذي لم يكف عن الضحك من خلفها. 

بعد وقتٍ أردفت: 
_ أنا عايزة أجربها!!

صاح يوسف وهو يجبرها على السير بعيداً عنها: 
_ لا تجربي إيه، أنتِ تتعلمي السواقة الأول وبعدين تجربي براحتك

أوصد باب المعرض ودفعها للسير أمامه حتى وصلا إلى سيارته فوقفت لينة تطالعها بتقزز قبل أن تهتف بعجرفة:
_ أنا اركب دي؟ يبقى عندي مرسيدس وأركب دي 

طالعها يوسف لبرهة، لقد تكبرت في خلال خمس دقائق، إذاً ما ستفعل إن مر يوماً كاملاً؟ 
حرك رأسه مستنكراً وصاح بفتور:
_ معلش استحملي عربيتي شوية أصل والله أرجع عربيتك اللي فرحانة بيها

أنهى جملته فأسرعت هي مستقلة المقعد الأمامي دون فعل المزيد من الحماقات حتى لا ينفذ قسمه، انطلق يوسف بالسيارة عائداً إلى منطقتهم ليقضون تلك الليلة في منزل والدته. 

*** 

صباحاً، أشرقت الشمس فصدح رنين منبه هاتفه ليوقظه، مد يده وأغلقه وبعد قليل نهض عن الفراش بكسل، وقف أمام المرآة يتفقد ذقنه التي أنبتت بشكل مبالغ في الآونة الأخيرة ولم يقصها، ناهيك عن خصلاته التي تنسدل على عينه بسبب طولها المبالغ.

خرج من الغرفة فهتفت والدته بتنبيه: 
_ خلي بالك عشان لينة هنا..

رفع كتفيه بعدم استيعاب وهتف: 
_ يعني إيه لينة هنا، المفروض أعمل إيه؟

بفتور أخبرته:
_ بعرفك يا زياد، أصل تاخد راحتك أوي وتتفاجئ إنها قدامك 

بلامبالاة تسائل وعيناه تجوب المكان حوله:
_ ماريا فين؟

أجابته مختصرة:
_ لسه نايمة، متجيش جنب....

لم تنهي جملتها بعد حتى تفاجئت به يقتحم غرفتها ويقوم بإيقاظ الصغيرة، وقفت على الباب وهتفت بحنق:
_ يابني سيبها نايمة مش كل يوم تصحيها بدري كدا..

لم يكترث لكلماتها وظل يدغدغ الصغيرة ويقبلها حتى استيقظت، ابتسمت له وهتفت بنبرة طفولية:
_ زيزو 

"قلب زيزو، تعالي يلا عشان نفطر"
قالها ثم تفاجئ ببكاء أحمد، توجه نحوه بغرابة مردداً: 
_ إيه دا أنت هنا، مش تقول..

حمله بين ذراعيه بحذر وظل يداعبه حتى رأى ابتسامته لكن سرعان ما بكى مرةٍ أخرى فتدخلت السيدة ميمي وهي تتفقد ساعة الحائط:
_ معاد الرضعة بتاعته جه ومش هيسكت قبل ما يرضع، هاته عنك 

ناولها الصغير بينما عاد إلى فتاته وحملها ثم أجلسها على كتفيه فكانت جلستها المفضلة، خرج من الغرفة أثناء خروج لينة ويليها يوسف، تبادلا الإبتسامات والتحية حيث بدأ زياد قائلاً:
_ صباح الخير 

ردا كليهما في آن واحد:
_ صباح النور 

اقترب منه يوسف وعيناه مصوبتان على ماريا وأشار لها بالإتيان إليه لكنه تفاجئ برفضها:
_ تؤ، عمو 

فغر يوسف فاهه بصدمة وردد كلماتها مقلداً طريقتها:
_ تؤ، عمو، هي حصلت؟! 

قهقه زياد ورفع يده إليها هاتفاً بتعالي لاختياره:
_ كفك يا ريمو 

ضربت الصغيرة كفه بخفة، فلم يتحمل يوسف الوقوف ومشاهدتهما دون تعقيب، جذبها من أعلى كتفي آخيه وظل يدغدغ بها مردفاً كلماته العفوية:
_ بقى تؤ وعمو، أنا هوريكي يعني إيه تقولي عمو بعد كدة 

خرج للردهة متابعاً دغدغته فصرخت ماريا عالياً محاولة الهرب منه، تبعه زياد للخارج فهتف يوسف كلماته لربما تتراجع وتقوم باختياره: 
_ ابقي شوفي مين اللي هيجيب لك حاجات حلوة من السوبر ماركت بعد كدا.. 

فركت ماريا حتى تحررت من بين قبضته وتوجهت إلى أحد الخزانات وفتحت بابها فظهرت بعض الحلوى والمقرمشات والكثير من الأشياء التي تحبها.

فغر يوسف فاهه وطالع أخيه المبتسم لبرهة وقال: 
_ أه يعني مش هعرف أرجع بنتي منكم تاني!! 

رفع زياد كتفيه قائلاً: 
_ أنت وشطارتك بقى..

توجه يوسف إليها ثم جسى على ركبتيه وأجلسها على قدميه وأردف:
_ ممم تيجي نروح البيسين؟

اتسعت حدقتي ماريا وصاحت بسعادة عارمة: 
_ Yes, yes

رفع يوسف كفه فضربته بخفة ثم نظر إلى أخيه بانتصار لاكتسابه ابنته من جديد، بينما توجه زياد إلى الأريكة وشرد في أمور الدنيا، على الجانب الآخر قبل يوسف وجنتي ماريا وأمرها بلطف:
_ روحي لمامي خليها تحضر الفطار يا ريمو يلا.. 

استقام وتوجه إلى أخيه، جلس بجواره ثم تسائل عن أحواله: 
_ الدنيا معاك إيه؟ 

"ماشية"
قالها بفتور شديد، فتحدث يوسف قائلاً:
_ مالك بتقولها من غير نفس كدا؟

أخرج زياد تنهيدة مهمومة وانفجر بكلمات تختبئ داخله:
_ وإيه اللي يفتح النفس يا يوسف، بقالي خمس سنين بلف في ساقية، مش عارف أعمل حاجة خالص والفلوس اللي بتيجي يدوب قسط الشقة واللي بيكون معايا بيقضي لآخر الاسبوع بالعافية، مش عارف أخد أي خطوة، وقعدت البت جنبي خمس سنين من غير أي خطوة رسمية، بحس بالذنب إني فكرت أوصلها إني عايزها، موقف حالها ولا بتحرك، بس هتحرك إزاي ماهي الخطوبة عايزة مصاريف وأنا مش معايا ومفيش أب هيقبل يقعد بنته خمس سنين جنب واحد مش بيعمل حاجة..

شكل إبتسامة ساخرة وواصل بتهكم:
_ لا خمس سنين إيه، دا لسه العفش على لما أعرف أخلصه مش أقل من سنتين تلاتة كمان..

زفر زياد بضيق شديد هاتفاً بنبرة مختنقة:
_ أنا بجد مش بندم على حاجة غير إني طلبت من لينة تقولها تستناني، مش فاهم بأي حق قولت كدا، كنت جايب الثقة دي منين يعني؟!

تأفف وضرب الأريكة بيده، لمح طيف خروج لينة فلم يريد الظهور أمامها بضعف حيلته، نهض وابتعدا عنهما لكنها لاحظت ضيقه، عقدت ما بين حاجبيها وتوجهت إلى يوسف متسائلة بقلق:
_ في إيه؟ زياد ماله؟

تنهد يوسف وأخبرها حوارهما سوياً، سادت لحظة صمت حتى قطعته هي بقولها الخافت:
_ مش ناوي تقوله بقى؟ 

أخرج يوسف نفسا قوياً قبل أن يردف:
_ هقوله، أنا مش في أيدي حاجة غير إني أقوله!! 

تبادلا النظرات ثم ابتسمت له لينة وربتت على يده مشجعة إياه على أخذ تلك الخطوة لطلاما انتظرتها طويلاً، بينما أنتبه يوسف إلى الصغير الذي يبتسم له فبادله الإبتسام لكنه لم يريد حمله فعقله مشوشاً الآن. 

***

بعد مرور عدة ساعات، وصل يوسف إلى مكان عمل أخيه، صف السيارة على مقربة منه وهاتفه: 
_ أنا واقف برا تعالالي..

أنهى الإتصال فجائه زياد متعجباً من أمر زيارته المفاجئة، فلم تكن في الحسبان، استند بمرفقيه على سور النافذة متسائلاً بفضول:
_ في حاجة ولا إيه؟

حثه يوسف على الركوب بقوله: 
_ اركب، هنتكلم شوية..

استقل زياد السيارة شاعراً بالغرابة حيال أمر أخيه، شهيقاً وزفير فعل يوسف ثم فتح خزانة صغيرة أمام مقعد زياد وقام بإخراج ورقة مطوية تبدو أنها ثمينة للغاية. 

ناوله لأخيه الذي تسائل:
_ إيه دا؟

"فلوسك"
قالها يوسف فلم يعي زياد قصد يوسف، رمقه بعدم فهم قبل أن يعيد سؤاله:
_ فلوس إيه؟

طالت نظرات يوسف، فهو يخشى أن تحدث مشادة بينهما لكنه ترك الأمر لله يدبره بمشيئته، تنهد قبل أن يخبره بحقيقتهم:
_ دي فلوس القسط اللي كنت باخدها منك كل شهر عشان الشقة، أنا مجتش جنبهم، كنت بحوشهم لك وأدفع القسط من معايا، و...

قاطعه زياد بصدمة شديدة:
_ إيه؟ عملت إيه؟ إيه اللي بتقوله دا؟

حمحم يوسف وهتف بنبرة جادة: 
_ أنا عرضت عليك أساعدك وأنت رفضت، وأنا كنت عارف إنك لوحدك مش هتعمل حاجة، أو هتعمل بس هتاخد وقت طويل أوي، فسيبت الفلوس عندي لغاية ما يحين وقتها، وأهو وقتها جه أهو، خدهم وكلم عمك سعيد وخد منه ميعاد نروح لهم ونتقدم لبنته.. 

الصدمة دون غيرها حلت على تعابير زياد، فلم يكن الأمر هيناً، خرج من شروده وهو يعيد المطوية إلى أخيه مردداً: 
_ دي مش فلوسي، فلوسي دفعتها في الشقة 

ترجل من السيارة فأسرع يوسف خلفه محاولاً إقناعه:
_ متبقاش أهبل بقى، إن مكنش يا أخي عشان نفسك عشان البت اللي مستنياك بقالها كتير دي،  كل دا ملوش تمن عندك؟ 

بعدم استسلام لما يريده زياد صاح الآخر:
_ زي ما وصلت لها زمان إنها تستناني أوصلها إنها تشوف حياتها وملناش نصيب في بعض!!

تفاجئ يوسف بفتكيره الساذج والمحدود ولم يمرق الأمر دون إيلامه:
_ بالسهولة دي؟ تعشمها كل دا وتخلى بيها؟ الوعد اللي وعدتهولها من خمس سنين أنت مجبر توفيه، غصب عنك كمان مش بمزاجك، وبعدين هو أنا وأنت إيه، مش واحد؟ ولا دا كلام بس!!

نكس زياد رأسه بخذي من نفسه ثم قال:
_ أيوة بس أنا معملتلكش حاجة، مساعدتكش عشان أقبل دلوقتي تساعدني

لكزه يوسف بقوة في صدره وهدر به شزراً: 
_ عشان الزمن غير الزمن، أنت وقتها كنت صغير وبتدرس، فطبيعي متعرفش تساعدني، لكن أنا بشتغل والحمدلله قادر أعمل كدا، ثم إن أنا الكبير وملزم أساعدك مش العكس، وبعدين ليه بتسميها مساعدة أصلاً؟ الفلوس دي داخلة بيتي يا غبي، مش راحة لغريب عشان تتسمى مساعدة، أفهم بقى!! 

سكون حل للحظات، لم يبدي زياد رد فعل أحمق آخر، تنهد يوسف براحة على ما يبدوا أنه رضخ في النهاية، وضع يده على كتف أخيه وتحدث بصوته الرخيم:
_ اركب يلا عشان نروح لعم السعيد ناخد منه ميعاد

رفع زياد بصره عليه، فحثه يوسف على القبول:
_ يلا بقى متبقاش قفل

تشكلت إبتسامة ممتنة على محيا زياد فربت يوسف على ذراعه واستقلا كليهما السيارة متوجهين إلى مكان عمل السيد سعيد ليتقدما لخطبة "شهد"

***
مساءاً، اجتمع يوسف وعائلته مع عائلة السيد سعيد في منزله، كان الصوت صاخباً بعض الشيء، فالجميع يتحدث في آن واحد، زياد مع صديقه والسيد سعيد يتناول الأحاديث مع يوسف، والسيدات تتحاورن مع بعضهن. 

بعد مدة استأذنت لينة للدخول إلى صديقتها فرحبت السيدة عواطف بذلك، ولجت لينة غرفة شهد التي ما أن رأتها حتى انهالت عليها بالكلمات المتلعثمة: 
_ لينة، الحقيني، أنا متوترة أوي مش عارفة هخرج إزاي، لأ متوترة إيه أنا مرعوبة! 

ابتسمت لها لينة وحاولت امتصاص ذاك التوتر: 
_ ششش اهدي خالص، طبيعي تكوني متوترة، بس متخليش التوتر دا يسيطر عليكي عشان أنتِ قولونك ما بيصدق، هوب نلاقي بطنك بقللت ويقولوا زياد جاي يصلح غلطته!

انفجرت شهد ضاحكة ثم قالت متسائلة: 
_ طب أنا المفروض أعمل إيه عشان أكون هادية 

تقوس ثغر لينة ببسمة ماكرة وهي تخبرها بخطتها:
_ هنتسلى شوية على زياد

بفضول تسائلت شهد:
_ إزاي؟

حمحم لينة وأخبرتها ماذا يفعلان:
_ هنحضر لهم قهوة، بس قهوة زياد هنحط فيها ملح بدل سكر ولو شربها وافقي عليه من غير كلام 

بذهول رددت شهد:
_ ولو مشربهاش؟

من بين ضحكها أردفت لينة:
_ هتوافقي برده، أنتِ عندك حل تاني أصلاً 

انفجرن في الضحك ثم تسللن خارج الغرفة ودلفن المطبخ وقاموا بإحضار القهوة للجميع، ثم خرجن حين أذنت لهن السيدة عواطف بالخروج. 

وضعت شهد الصينية على الطاولة ثم بدأت تعطي فنجاناً من القهوة لجميع الجالسين، جاورت لينة وكانت تنظر إلى زياد خلسة بخجل شديد، بينما لم ترفع لينة بصرها من عليه لتشاهد رد فعله.

ارتشف زياد القليل فاشمئز من طعمها المالح، لوهلة أدرك ذاك المقلب الذي فعلنه به ووجه نظريه على لينة وقال:
_ آه أنتِ اتلميتي عليها؟

انفجرت لينة ضاحكة ولم تستطيع التوقف بسهولة، بينما توجهت الأنظار عليهما بعدم فهم، مال يوسف على أخيه وسأله مستفسراً:
_ في ايه؟

أعاد زياد الفنجان وهو يخبره بلعبتهن:
_ حاطين لي ملح في القهوة 

شهقت السيدة عواطف ورمقت ابنتها بخذي لتصرفها ثم اعتذرت منه:
_ معلش يا زياد والله مش لاقية مبرر 

تدخل زياد بقوله ليمحي الحرج الذي نشأ بين الجميع:
_ لا متقوليش حاجة، لينة متأثرة بالمسلسلات التركية شوية 

رفعت لينة حاجبها الأيسر وقالت بتحدٍ: 
_ أه واللي متعرفوش إن اللي يسيب القهوة من غير ما يشربها بيتر...

لم تكمل كلمتها بعد وقد استشف المخذى منها، وسرعان ما تناول الفنجان مرةٍ أخرى وارتشفه كاملاً، فانفجرا الجميع في الضحك على تراجعه. 

بعد وقتٍ هتف السيد سعيد برحب:
_ مش هنلاقي عيلة أحسن منكم يا يوسف يابني نناسبهم!

ابتسم يوسف ببشاشة وقال وهو يمرر نظريه بين الجميع:
_ نقرأ الفاتحة؟

وافقه السيد سعيد الرأي ثم رُفعت أيادي الجميع قارئين سورة الفاتحة مباركين تلك العلاقة، حمحم يوسف وتحدث بنبرة جدية:
_ أنا كنت طالب من حضرتك نعمل خطوبة وكتب كتاب مع بعض على آخر الأسبوع إن شاء الله، حضرتك عارفنا وعارف زياد كويس يعني مفيش داعي نطول في المواضيع دي..

"أيوة يا يوسف بس مش شايف خطوة كتب الكتاب دي لسه بدري عليها؟"
قالها سعيد فاعترض يوسف اعتقاده:
_ مش بدري ولا حاجة، وحتى العرسان يتعرفوا على بعض أسرع، أصل إحنا برده مش عايزين نطول في فترة الخطوبة، زياد كلها ٥شهور ويستلم شقته ويبدأ يجهز فيها يعني على آخر السنة يكونوا في بيتهم إن شاء الله

نظر السيد سعيد إلى زوجته فلم يجد هناك مانعاً، فسأل ابنته قائلاً: 
_ إيه رأيك يا شهد؟

نكست رأسها بخجل شديد وتمتمت بخفوت: 
_ اللي حضرتك تشوفه يا بابا 

أخرج سعيد نفساً طويلاً وعاد بنظريه إلى يوسف ثم أبلغه موافقته: 
_ على خير الله يابني 

ارتفعت زغاريد السيدات بينما نهض زياد واقترب من شهد بعدما تناول من والدته عُلبة صغيرة، فتحها فظهر منها خاتماً رقيقاً نال إعجاب شهد للغاية لكنها لم تظهر. 

مد زياد يده لها فأعطته يدها الصغيرة وقام بوضع الخاتم في إصبعها حتى شعر أنه صُنع خصيصاً من أجلها، ابتسم بخجل وهمس لها:
_ هما بيقولوا إيه في المواقف اللي زي دي؟ 

لم ترفع رأسها قط وأجابته بنبرة بالكاد سمعتها أذنيه: 
_ مش عارفة، مجربتش قبل كدا 

ازدادت ابتسامته وهو يقول:
_ بس أنا حاسس إني عايز أقول حاجة

رفعت عينيها في عينه وسألته بحياء:
_ إيه؟

ابتلع ريقه وبنبرة متيمة صرح بما يكمن داخله:
_ بحبك 

خفق قلبها بشدة لتصريحه المفاجئ، لقد تسبب في تزايد نبضاتها بصورة لم يكن عليها من قبل، هربت بنظريها بعيداً لكنها لم تمنع ابتسامتها التي رُسمت على ثغرها الوردي فابتسم زياد عفوياً حين رأى ابتسامتها. 

تبادلا الجميع المباركات والتهنئة، كما عمت السعادة قلوبهم لتلك المناسبة السعيدة. 

*** 

مر أسبوعاً، وقد تم عقد قِران زياد وشهد، واليوم كان الجميع في رحلة ترفيهية في أحد القُرى السياحية. 

كان يوسف بجوار لينة ووالدته التي تحمل أحمد وهو يداعب صغيرته، وإلى جانبهم زياد برفقة شهد ووالدتها، ومن جانب آخر يجلس بلال برفقة إيمان وصغيرهم الذي ركض بعيداً عنهما فأسرع بلال خلفه خشية أن يضيعاه، لَقِفه وعاد به محذراً إياه:
_ ولا، عارف لو بعدت تاني هعمل فيك إيه؟

بعناد قال ذو الخمس أعوام:
_ هتعمل إيه؟

"هعمل كدا"
هتف بها بلال وهو يلقيه في المسبح، فصرخت إيمان بخوف عارم: 
_ إي يا بلال دا حد يعمل كدا؟! 

نظرت حيث طفى صغيرها وسألته باهتمام أمومي:
_ أنت كويس يا مراد؟

تفاجئت به ينثر المياه عليها فهللت بغيظ: 
_ وأنا اللي كنت خايفة عليك 

قهقه بلال وصاح مشجعاً صغيره:
_ أبن أبوك يا موري، شاطر 

وقف يوسف حاملاً ماريا على كتفيه مثلما تحب وتوجه نحو صديقه فانسحبت إيمان من بينهما: 
_ أنت بتعلم الولا إيه؟ تربية بايظة 

نظر له بلال باستهزاء وقال:
_ سيبنالك التربية يا حبيبي، ثم إن دا ولد لازم نشد عوده كدا ونعلمه الشبحنة من صغره عشان يطلع صايع 

غمز له يوسف وهتف:
_ مش ناوي تخاويه؟

التفتت بلال بكامل جسده إلى صديقه وهدر:
_ تصدق بالله

"لا إله إلا الله"
عقب يوسف بها فتابع بلال حديثه: 
_ إحنا أخدينكم عبرة عشان كل ما نفكر نجيب عيال نفتكركم فنلغي الفكرة 

قلب يوسف وجهه باستنكار واستهزأ به:
_ قول إنك مش قادر بس وبترمي اللوم علينا 

تشدق بلال مستنكراً إهانته وصاح بحنق: 
_ مش إيه؟ 

ببرود وعجرفة تحدث يوسف وهو يطالع المسبح:
_ أيوة يابني دي قدرات مش أي حد يعرف يعملها

استاء بلال من كلماته ولم يعلق فلم يكن هناك كلماتٍ بعد، انتبها كلاهما على هرولة زياد إلى المسبح وفي يده شهد ثم قفزا به فتسببا بفوضى في المكان. 

"ما جمع إلا ما ما وفق، الاتنين هُبل" 
قالها بلال فأيده يوسف الرأي، بينما نظر إلى صغيرته التي تعتلي كتفه وقال:
_ نعمل زي عمو؟

أماءت بقبول وحماس فلم يتردد يوسف في القفز في المياه فانفجرت الفتاة ضاحكة، فعلق بلال ساخراً:
_ دي العيلة كلها هبلة 

أنهى جملته وتفاجئ بدفع أحدهم له في المسبح، نظر حيث مكان وقوفه وتفاجئ بإيمان التي غمزت له وقالت: 
_ هبلة بقى ما أنا من نفس العيلة 

لم تكمل جملتها حتى تفاجئت به يمسك قدميها ويجذبها إليه، غمز لها وقال: 
_ من عاشر القوم يا حياتي..

قهقهت عالياً، وظلا ينثران المياه على بعضهما البعض في أجواء مرحة، في الأعلى كانت لينة تتحدث مع شقيقها مكالمة فيديو: 
_ والمزة عاملة إيه؟ 

نظر علي إلى جانبه وتأكد أنها لم تصغي إليها ثم أجابها: 
_ والله لسه بحاول، بس دماغها ناشفة، مش عايزة ناخد خطوة دلوقتي

قهققت لينة وعلقت ساخرة:
_ استحمل يا حبيبي، حد قالك تحب واحدة من انجلترا

تنهد علي بينما انضمت كيندا لهما ورحبت بلينة:
_ هاي لينة، how are you 

ردت لينة بلطف: 
_ هاي كيندا، Iam fin، أنتِ عاملة إيه

باختصار قالت: 
_ Fin 

نظرت كيندا إلى علي وحدثته بلغتها فعاد على ناظراً إلى شقيقته واعتذر منها: 
_ معلش يا لينة هقفل وأكلمك تاني، فيه مشكلة عايزين نحلها في الشغل 

أنهى المكالمة بينما انتبهت لينة على تعليق هادية الموجه لها:
_ مش بتنزلي معاهم ليه؟ ولا يوسف مانعك؟

استنكرت لينة قولها ورددت بضيق:
_ وهيمنعني ليه؟

بسخرية علقت هادية:
_ أه صحيح يمنعك ليه، يمكن نساكي، ماريا شكلها أخدت مكانك 

كزت لينة أسنانها بغضب لكنها لم ترضخ لذاك الأسلوب الوضيع وهتفت وهي تحدق بالسيد رمضان الذي يلاعب مراد:
_ مش معقول هيبقى وهو خاله زي بعض؟! 

تفاجئت هادية بقولها ونظرت إلى زوجها بغيظ، في تلك الأثناء عاد يوسف فأسرعت هادية في إخباره ماحدث بحقد:
_ ينفع كدا يا يوسف بهزر مع مراتك وأقولها شكل ماريا أخدت مكانك ترد تقولي مش معقول هو وخاله زي بعض!!

قطب جبينه ونظر إلى لينة التي خشت نظراته وسألها مستفسراً:
_ أنتِ قولتي كدا؟

اكتفت بإيماءة من رأسها فصاح يوسف: 
_ جدعة

صعقت هادية من رده الداعم لوقاحتها بينما لم تمنع لينة ابتسامتها المنتصرة، اقترب منها يوسف وحملها بين ذراعيه هاتفاً:
_ مين دي اللي تتنسي بس؟! 

توجه بها نحو المسبح ولم يتردد في إلقائها به ثم قفز هو الآخر، كانت الأجواء مرحة والجميع سعداء عدا هادية التي اختلقت مشكلة بينها وبين زوجها لعدم اهتمامه به وانشغاله مع مراد. 

بعد مدة طويلة، وقفت لينة مستندة برأسها على كتف يوسف أمام المسبح تشاهد الغروب، فكان من الأوقات المحببة لها، أخرجت تنهيدة حارة ثم غردت بخفوت: 
_ للنهاية
هتلاقيني ماسكة في إيديك للنهاية
أصلي من قبلك أنا مجرد حكاية
فيها خُوف وتعب وفيها جرَاح كتيرة

نظرت إلى عينيه بوميض عاشقة وتابعت:
_ بس بقى مِسك الختام إنك معايا! 

انحنى يوسف برأسه وقبل جبينها بحب، فهتفت لينا بتردد:
_ يوسف عايزة  أقولك على حاجة

أحاط يوسف خِصرها حتى باتت بين ذراعيه وقال:
_ إيه يا حبيبي؟

ابتلعت ريقها وأردفت:
_ أنا حاسة إن أنا حامل

صعق يوسف مما وقع على مسامعه، فغر فاهه كما اتسعت حدقتيه وردد بذهول: 
_ حامل؟!

ابتعد عنها ثم أولاها ظهره وظل يتمتم بحنق: 
_ حامل!! 
دي بتقولي حامل!! 

أسرعت لينة خلفه فلم يقف لها بل ركض بعيداً عنها تحت ضحكاتها عليه، ظلا يركضان خلف بعضهما تماماً مثل القط والفأر. 

***

دمتن بخير 🥺
سوف افتقدكن كثيراً فكان يومي يزداد بهجة بتعليقاتكن الداعمة وأخرى المازحة ♥️
إلى اللقاء في رواية أخرى إن شاء الله
أراكن على خير♥️

لقراءة و متابعة روايات جديده و حصريه اضغط هنا 

 •تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent