Ads by Google X

رواية الغرفة المغلقة الفصل الثالث 3 - بقلم نور الشامي

الصفحة الرئيسية

  

رواية الغرفة المغلقة الفصل الثالث 3 - بقلم نور الشامي


كانت الغرفة خافتة الإضاءة، والمكان يعبق بصمت ثقيل. وقف الطبيب أمام إلياس الذي بدا وكأنه غارق في بحر من الأفكار، يتأمل وجهه بصدمة واضحة. بعد لحظات طويلة، قطع الطبيب الصمت بصوت خافت ولكنه ثابت:
“للأسف… الحالة وصلت متوفية. البقاء لله.”
تردد صدى الكلمات في أذني إلياس كأنها صاعقة. لم يستطع استيعابها في البداية، فكرر متلعثمًا:
“ماتت؟! شيرين… ماتت؟”
أومأ الطبيب برأسه، ثم غادر الغرفة سريعًا، تاركًا إلياس يجاهد لاستيعاب الموقف. جلس على أقرب كرسي، وكأن قدميه لم تعودا قادرتين على حمله. همس بصوت مرتجف، أشبه بالبكاء:
“ماتت… شيرين ماتت… هما جتلوها… جتلوها!”
اقترب هادي منه بحذر، وعيناه ممتلئتان بالدموع. جلس بجانبه ووضع يده على كتفه مرددًا بصوت منخفض:
ربنا يرحمها، يا إلياس. حاول تهدى… لازم نفكر إزاي هنبلغ الحجة. أنا هجوم أخلص الإجراءات علشان الدفن والعزا


القي هادي كلماته وجاء ليذهب ولكن كلماته لم تكن كافية لتهدئة غضب إلياس الذي انتفض فجأة، ممسكًا بذراعه بحزم. قال بغضب مكتوم:
مفيش عزاء، هادي. شيرين مش هيتعملها عزا غير لما اخد بتارها. وحضر نفسك للسفر… وابعت لوليد يرجع فورا

نظر هادي إليه بصدمة واضحة، وهو يحاول فهم ما يقصده فاردف:


“أسافر؟ ليه يا إلياس؟ أنا مش ممكن أسيبك في وجت زي ده. مينفعش أسافر دلوجتي اصلا و
لم ينهي هادي كلماته حتي قاطعه الياس بصوت غاضب أشبه بالأمر:
“جولت هتسافر يعني هتسافر! مش هسمح إن حياتك تبجي في خطر. تحجز على أول طيارة لدبي وتسافر فورًا. مش عايزك اهنيه الفترة دي نهائي
لم يمنح هادي فرصة للاعتراض، بل أنهى كلامه وغادر الغرفة بخطوات غاضبة، تاركًا هادي في دوامة من الحيرة والخوف.


في صباح اليوم التالي، كانت أفنان جالسة في شقتها، تمسك هاتفها بيدين مرتجفتين. وجهها كان شاحبًا، وكأن الحياة انسحبت منه. نظرت إلى صديقتها رقية، التي شاركتها نفس الصدمة، وقالت بصوت مختنق:
ماتت… شيرين ماتت يا رقية! كل الناس بتجول اكده… يالهوي! إحنا جتلناها… إحنا السبب!”


وقبل أن تستطيع رقية الرد، اخترق صوت وائل الغرفة بنبرة باردة تحمل في طياتها غضبًا واحتقارًا:
ما تموت! تستاهل. علشان ابن عمها يتربى شوية ويتعلم الأدب من الأول والجديد. ولسه
نظرت أفنان إلى وائل بغضب شديد، ولم تستطع السيطرة على صوتها وهي تصرخ مردده:
هو انت مجنون؟! دي كانت خطيبتك، وكنت بتحبها! وهي كمان كانت بتحبك جوي! حرام عليك… ادعيلها حتى بدل ما تتكلم بالشكل ده عليها.. انت جيبت جساوه الجلب دي كلها منين

ابتسم وائل بسخرية مريرة وهو يردد:
بحبها؟! وأدعيلها؟! أدعي لوحدة ابن عمها حبسني أنا وأختي سنين في مكان مرميين فيه ومنعرفش نخرج! شوفي رقية… شوفي ال عمله فيها! تحبي أجولك كان بيعمل فيها إيه يا ست أفنان؟ ولا بلاش علشان مجرحش مشاعرك؟ وعلي العموم شكرًا على ال عملتيه، أنا وأختي عمرنا ما هننسى مساعدتك. لكن خلينا نكون واضحين بجا . من النهاردة، إحنا ال هننتجم وانتهينا علي اكده
ألقى وائل كلماته كأنها صفعات، ثم أمسك بيد رقية وسحبها معه ليخرج ولكنحاولت أفنان أن تمنعه، قائلة بتوسل:
مينفعش يا وائل! أكيد إلياس بيدور عليكم دلوجتي في كل مكان. خليكم اهنيه لحد ما الأمور تهدى، وإن شاء الله ربنا يسترها
جلست رقية على كرسي قريب، واضعة يديها على وجهها، وتنهدت بضيق وهي تهمس بصوت مكسور:
“أنا مش خايفة غير على أهلي… إلياس ممكن ياخد بتاره منهم. أبويا… أمي… ممكن يجتلهم
نظر وائل إليها بحزن وقلق، ثم قال محاولًا طمأنتها:
لع مستحيل. لو عايز ياخد بتاره هيكون مننا إحنا، مش منهم. أنا هتصرف.. صدجيني مش هيوحصلهم حاجه
ألقى وائل كلماته بقلق، وفي مكان آخر خارج مصر، كان شاب ينهض من على الفراش عاري الصدر، ينظر إلى الفتاة النائمة بجانبه على السرير، قائلاً بنبرة دافئة:
“زينة.. يلا يا عيوني.. جومي بجا، هتفضلي نايمة اكده طول النهار؟”

فتحت زينة عينيها بتذمر، ثم اردفا بصوت كسول:
“صباح الخير يا جلبي
ابتسم وليد واقترب منها و طبع قبلة على خدها مردداً:
“صباح الفل على أجمل عيون في الدنيا كلها.”
لكن قبل أن يكمل حديثه، قاطعه صوت طرقات على الباب. توجه وليد لفتحه، ليجد الخادمة واقفة هناك بتوتر. فردد بالإنجليزية وبنبرة ضيق:
“Why are you bothering me at this time?”
“لماذا تزعجينني في هذا الوقت؟”
اعتذرت الخادمة قائلة بتوتر:
“I apologize, sir, but you received news from Cairo. Your cousin, Professor Elias, requests you to book the first flight and go immediately to Cairo for an urgent matter.”
“أعتذر يا فندم، ولكن جاءك خبر من القاهرة. ابن عمك، الأستاذ إلياس، يطلب منك حجز أول طائرة والذهاب فوراً إلى القاهرة لأمر عاجل.”
ألقت الخادمة كلماتها وانصرفت. عاد وليد للداخل، يبدو عليه الضيق، فاستقبلته زينة بنبرة قلق:
“وليد، في إي؟ حوصل حاجة؟ ليه إلياس عايزك؟”

رد وليد بنبرة متوترة:
“مش عارف، بس حضري نفسك يا زينة. أكيد في حاجة كبيرة. أنا هروح أشوف تذاكر علشان ننزل على أول طيارة.”
وفي مكان آخر في القاهرة كان إلياس يقف أمام المقابر، ينظر بحزن إلى قبر شيرين حتي اقترب منه الحارس بخطوات مترددة مرددا:
“هما عند أفنان هانم يا بيه. هي ال ساعدتهم وخرجتهم من البيت، وهما دلوجتي عندها، لكن في بيت جديم ليها محدش يعرفه. والكاميرات أثبتت إن مدام رقية هي ال عملت اكده في آنسة شيرين، الله يرحمها. حضرتك تحب نعمل العزا إمتى؟
نظر إلياس إلى قبر شيرين بحزن وضيق، ثم اردف بحزم:
النهارده… هنعمل العزا النهارده بالليل ان شاء الله
ألقى الياس كلماته وغادر المكان بخطوات ثقيلة بعد فترة قصيرة كانت تقف أفنان أمام منزل عائلة رقية، مذهولة من هول المشهد. كان المنزل يحترق أمام عينيها، والجميع يحاولون إخماد الحريق دون جدوى. بعد لحظات، نزل رجال الإسعاف من المنزل، يحملون جثتين متفحمتين. اقتربت أفنان منهم، وصرخت بلهفة:
“بالله عليك، جول إنهم عايشين… أبوس يدك جول هما عايشين؟”
أجاب أحد رجال الإسعاف بحزن:
“للأسف، الاتنين ماتوا. البقاء لله.”

ألقى الرجل كلماته بسرعة وغادر. اندفعت أفنان في بكاء مرير، مرددة:
“ربنا ينتجم منك يا إلياس… حسبي الله ونعم الوكيل فيك… ربنا ينتجم منك… أنت شيطان!”
لم تكمل أفنان كلماتها حتى اقترب منها طفل صغير، وقدم لها رسالة قائلاً:
“اتفضلي يا طنط، الرسالة دي ليكي.”
أخذت أفنان الرسالة باستغراب، وعندما قرأتها، تجمدت في مكانها، ثم ركضت بسرعة وهي تردد:
“لع. يارب ميعملش اكده… لع مستحيل!”
كانت أفنان تقذف كلماتها بينما تركض بعجلة، وفي المساء، كان إلياس يجلس بجانب زوجة عمه على الفراش، التي كانت تبكي بحرقةمرددخ:
“خلاص يا إلياس… بنتي راحت… كل حاجة راحت خلاص… مش هجدر أشوفها مرة تاني… مش هعرف أخدها في حضني يا إلياس.”
تنهد إلياس بحزن، ثم احتضنها قائلاً:
“اهدي يا مرت عمي وادعيلها بالرحمة… والله العظيم مش هسيب بتارها.. أنا هجطع سلالتهم كلها، مش هسيب حد فيهم عايش… هأخد بتارها صدجيني
نظرت ناديه إليه بدموع غزيرة، وهتفت بغضب:
“وائل… لازم تجتله… لازم تجتله وتخلي جلب أخته يتحرق عليه. هو السبب في كل ال حوصل ده… هو وأخته العقربة… كانوا شؤم علينا… لازم يموت يا إلياس!”
تنهد إلياس مرة أخرى، وقبل يديها، واردف بضيق:

“هيموت يا حجة… أي حد شارك في موت شيرين صدجيني، مش هسيبه مهما حوصا
ألقى إلياس كلماته، ثم غادر. وبعد فترة، كانت رقية تقف في مكانها، تصرخ بشدة، بينما تشاهد المنزل يحترق. وصلت أفنان إلى مكان الحريق، واقتربت منها، ورددت بصدمه:
“رقية… إيه ال حوصل؟ وائل؟”
صرخت رقية بنبرة يائسة:
“وائل جوه يا أفنان… أخويا جوه، بيموت! أخويا بيموت، أنقذيه بالله عليك!”
ولكن قبل أن تكمل رقية كلامها، قاطعهم صوت سيارة الشرطة. نزل الضابط واقترب من أفنان قائلاً:
“أنتي مطلوب القبض عليكِي
نظرت أفنان إليه بصدمة، وهتفت بنبره مرتبكة:
“نعم؟ ليه؟ أنا عملت إي؟ هو إي ال بتجوله ده يا فندم؟ في جضية إي طيب
أجاب الضابط بجدية:
“قتل… وصلتنا معلومات إنكِ السبب في موت الحج رشيد ومراته.”
نظرت رقية إليه بصدمة، وهتفت بسرعة:

حج رشيد ومراته؟! أفنان، أبويا وأمي ماتوا… ماتوا! اتكلمي ليه ساكتة اكده هما ماتوا
نظرت أفنان إلى رقية بدموع، ثم حاولت أن تتحدث لكن الضابط أشار للعسكري أن يأخذها بعيداً. فصرخت أفنان وهي تبكي مردده:
“والله ما عملت حاجة… جسماً بالله ما عملت أي حاجة
كانت تصرخ ببكاء مرير بينما أخذها رجال الشرطة في السيارة. نظرت رقية إليها بدموع، وفجأة انتفضت عندما سمعت صوت إلياس يردف بسخرية:
“فيه واحدة محترمة برده تهرب من بيت جوزها اكده
التفتت رقية بصدمة، لتجد إلياس أمامها. حاولت الركض، لكنه سحبها إليه، قائلاً بسخرية:
“عيب… مينفعش تهربي من جوزك يا مرتي الحلوة… وصحيح، اترحمي على أفنان، علشان ال خدوها دول مش بوليس… دول رجالتي. ودلوجتي بدأ وجت الحساب بينا و
 
google-playkhamsatmostaqltradent