رواية لغز الاقدار الفصل الثالث 3 - بقلم آية الفرجاني
التالت
3
أسامة (بحيرة)
"إزاي يعني؟! أنا؟ اتجوز دي؟ ده أنا لسه شاب، وأنا ماليش علاقة بكل الحاجات دي. مفيش حاجة هتحصل زي ما إنت بتقول."
رجب (بحزن):
"إنت أملنا الوحيد. لو ما عملناش كده، هتفضل زمردة محبوسة في عالم الجن. جسمها هنا، روحها في عالم تاني. لازم تساعدنا. لو رجعت للوراء دلوقتي، مش هتقدر تساعد حد، وكلنا هنظل محبوسين هنا للأبد."
أسامة (بتوتر):
"إزاي يعني؟ هي ده حياتها؟ ده أنا مش فاهم حاجة! إزاي روح واحدة ممكن تتحبس؟ إزاي أنا اللي هفك السحر ده؟!"
العرافة (بهدوء):
"كل شيء في الكون له سبب، وكل شيء له مكانه وزمانه. زمردة ليست ضحية. هي جزء من خطة أزلية. أنت جئت هنا لسبب، ولازم تكتشفه. القسمة والنصيب كانا يختبرانك، وكل شيء سيتكشف في الوقت المناسب."
أسامة كان ينظر إليهم بعينيه الواسعتين، يملؤه الخوف، لكن فضوله بدأ يزداد أكثر. لا شيء كان منطقياً، وكل ما حوله كان يرفض قوانين الواقع.
أسامة (بتردد):
"طيب، لو فرضنا إن ده حقيقي... إزاي أقدر أساعدها؟ إزاي؟"
العرافة (بابتسامة غامضة):
"السحر له مفاتيح، وأنت المفتاح. روح زمردة محبوسة في عالم الجن. لا يمكن أن تخرج إلا إذا تم الفتح بالقوة الروحية الحقيقية. لو تزوجتها، سيتحرر سحرها، ويعود كل شيء إلى مكانه."
أسامة (بدهشة):
"يعني أنت بتقولي إني لو تزوجت زمردة، هتتحرر؟ ما فيش شيء من هذا القبيل!"
رجب (بحزن أكبر):
"ما فيش حل تاني. الناس اللي جوم قبلك، اتعرضوا لآلام رهيبة بسبب السحر ده. كل واحد كان بيحاول، ولكن الكل فشل. وانت، عندك فرصة... فرصة لإنقاذها."
أسامة شعر أن الأرض تهتز تحت قدميه. من جهة، كان يتمنى أن يكون هذا كله مجرد كابوس، لكنه كان يدرك أنه في مكان وزمان لا يرحمان.
أسامة (بخوف وتردد):
"طب، لو حاولت، وما نجحتش؟ ولو السحر ده سيطر عليّ؟! أنا مش مستعد أضيع حياتي هنا وسط الجن والسحر ده كله!"
العرافة (بصوت هادئ):
"أنت لن تضيع حياتك، بل ستجد جزءاً منها، جزء كان مفقودًا طوال الوقت. السحر لا يتغلب على من يعرف قلبه قوة إرادته."
رجب (بحزن):
"أرجوك... لم يتبقَّ لنا الكثير من الوقت."
أسامة وقف في مكانه، لا يستطيع اتخاذ قرار. في تلك اللحظة، نظر إلى الصندوق الزجاجي الذي كانت فيه زمردة. كانت الفتاة ما زالت نائمة، وكأنها تنتظره. كان يشعر بأن العالم حوله يتغير، وكان قلبه ينبض بشكل أسرع.
أسامة (بتنهد):
"طيب... أنا هعملها. بس لو حصل لي حاجة، لازم تعرفوا إنني حاولت."
أسامة (بشجاعة):
"مفيش حل غير إننا نتجوز يا زمردة. ده مش خيار، ده القدر، أنا موافق،
نظر أسامه إلي داخل الصندوق الزجاجي، جسمها يبدو هادئًا لكن أسامة يعرف أنها ليست نائمة بسلام، وأن هذا السجن الزجاجي ليس عاديًا. حاول الاقتراب من الصندوق، لكنه شعر بوخز كهربائي، ما جعله يتراجع بخوف وتردد.
قال رجب بنبرة جادة، وكأن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل:
"بص يا أسامة، مفيش قدامنا غير حل واحد عشان نحررها... لازم تتجوزها دلوقتي."
أسامة، بنظرة مترددة وملامح توحي بعدم الارتياح، أجاب بتردد:
"مش حابب أعمل كده، دي... مش مسألة مشاعر بالنسبالي."
رجب، بحزم وحزن:
"عارف يا ابني، بس إحنا لازم نعمل كده، مفيش طريق تاني. تقبل تكون جوزها؟"
أسامة أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول بتنهيدة ملؤها الحيرة:
"حاضر، بقبل... عشان نخلصها من هنا."
وفي زاوية الغرفة، كانت العرافة تتابع بصمت، ثم همست بصوت عميق كأنه يأتي من عالم آخر:
"العهد اتربط، والروح تحررت... لكن مفيش ضمان إن القلوب هتتقابل. لكن أنا واثقه أنها هتتقابل.
بعد أن أنهى رجب كلماته، ساد الصمت للحظات، ثم بدأ الصندوق الزجاجي المحيط بزمرد يخفت تدريجيًا، كأنه سراب يتلاشى ببطء. كانت زمرد لا تزال ترقد، لكنها بدأت تتحرك قليلاً، أنفاسها تستعيد إيقاعها، وجفونها ترفّ بخفة كأنها تحاول أن تفتح عينيها.
أسامة وقف متجمّدًا، يراقب ما يحدث بتوتر، وهو يشعر بعبء ما فعله لتوه. عندما تفتحت عينا زمرد أخيرًا، رفعت رأسها ببطء، لتلتقي نظرتها بأسامة. كانت نظرتها مليئة بالدهشة، وكأنها ترى طيفًا بعيدًا، لم تفهم بعد ما حدث.
بصت له زمرد بعينين مثقلتين، وهمست بصوت ضعيف:
"إيه اللي حصل...؟"
أسامة، يحاول إخفاء اضطرابه:
"حصل اللي لازم يحصل... عشان نخلصك من اللي كنتي فيه."
بينما يتلاشى الصندوق تمامًا من حولها، شعرت زمرد بأنها حرة، لكنها لم تكن تعرف بعد ماذا يعني هذا، أو ما الذي ينتظرها بعد.
العرافة (بتأكيد):
"أنت لست وحدك، ولكنك الوحيد القادر على هذا."
كانت العرافة ورجب يراقبانه بينما كان يقترب من
زمردة، مستعدًا لاتخاذ الخطوة التي قد تغير مصيره إلى الأبد.
أسامة اقترب خطوة خطوة نحوها، قلبه يدق بعنف في صدره. لم يكن يستطيع تصديق ما يحدث، لكنه كان يدرك أن لا خيار له سوى المضي قدماً.
أسامة (بهمس):
"يا رب، أنا مش عارف ده حقيقي ولا حلم، بس لو في حاجة تانية هنا، أنا جاهز. بس لو ضيعت حياتي هنا، مش هقدر أعيش تاني."
ثم مد يده بحذر نحو زمرد داخل الدائره التى كان بها الصندوق لمسة واحده لزمرد كانت كافية لتجعله يشعر بشيء غريب. شعور قوي غمره فجأة وكأن طاقة ما خرجت من زمرد ، وأصبحت تملأ المكان كله.
رجب (بصوت مرتجف):
"أنت لسه هتعملها؟! ده مش لعب، ده مصير!"
أسامة (بجدية):
"مفيش وقت للتردد، هنجرب وإن شاء الله خير."
وضع يده على وجه زمرد في اللحظة التي بدأت زمردة تستفيق قليلاً، كانت عينها شبه مغلقة ولكنها بدأت تتحرك ببطء. لم يكن يعرف إذا كانت بالفعل قد بدأت في الاستجابة لمسه أم أن السحر قد بدأ يؤثر عليه.
العرافة (بصوت منخفض):
"أنت في اللحظة الحاسمة، لا تتركها تذهب مره أخرى.
بعد أن لمس أسامة وجه الزمرد التي لم تستفيق بشكل كامل ، شعر بشيء غريب للغاية، كأن عاصفة من الطاقة اجتاحت جسده، وعيناه بدأت تشعر بحيرة شديدة. لم يكن يستطيع التحكم في نفسه.
أسامة (بصوت منخفض ومهتز):
"إيه ده؟ أنا مش فاهم. ده مش طبيعي!"
بينما كان يلمس وجه زمرد،كان يظن انها ستستفيق أثر لمساته ولكن شعر وكأن عقله أصبح مشوشًا. عينيه بدأت ترى الأشياء بشكل غريب، كأن العالم كله أصبح مشوهًا، والألوان بدأت تتداخل مع بعضها.
رجب (بتوتر):
"إيه اللي بيحصل؟! اسمعني كويس... لازم تفك السحر بسرعة!"
لكن أسامة لم يكن قادرًا على الرد. نظره كان مشوشًا، وداخل عقله بدأت تتوالى الصور والأحداث بشكل متسارع جدًا. رأى نفسه في أماكن غريبة، ثم وجد نفسه في وضع غريب، كأنه يعبر بين عوالم متعددة في آن واحد. كان يشعر بأن الزمن يتسارع، وأنه جزء من شيء أكبر منه، لا يستطيع تفسيره.
العرافة (بصوت قاسي):
"إنه بدأ يشعر بالحقيقة... هو ليس مجرد زائر هنا. هو جزء من الخطة. جزء من اللعبة القديمة التي لا يمكن التراجع عنها."
يشع نور قوي يملأ الغرفة. الضوء كان دافئًا ولكنه أيضًا يحمل شيئًا من الغموض، كما لو كان قوة أكبر من أن تُفسّر. لم يستطع أسامة رؤية شيء سوى هذا النور المحيط بهما. فجأة، وجد نفسه واقفًا في مكان غريب، ليس داخل الغرفة ولكنه في عالم يبدو وكأنه جزء من ذاكرة قديمة أو حلم.
صوت زمردة (ضعيفًا وكأنه يأتِ من بُعد آخر): "أسامة... لماذا جئت؟ هل كنت تعرف منذ البداية؟"
أسامة (بدهشة، متكلمًا لنفسه وكأنه يسمع صوته في داخله): "أنا... مش عارف. كل ده... مش حقيقي، لكنه حقيقي... كأنني مقيّد هنا."
في هذه اللحظة، تعود رؤيته إلى الغرفة، والضوء يبدأ بالتلاشي ببطء، وكأن ما رآه كان مجرد لمحة من مصيره. أسامة يجد نفسه على الأرض، يشعر بنبض قلبه وكأنه يدق أسرع من العادة، وكأنه حمل ثقلًا قديمًا لا ينفك عنه. يتنفس بصعوبة، لكن عيناه تلمعان بمزيج من الدهشة والخوف.
رجب (بتوتر لكنه يحاول إخفاءه): "أنت بخير؟ النور اللي كان هنا كأنه كشف شيء، كأنك لمست شيء أعمق."
أسامة (بصدمة، محاولًا ترتيب أفكاره): "أنا... مش عارف أوصف اللي شفته. كأنني دخلت مكان تاني... كأني جزء من شيء أكبر مني. يعني... ده كان دايمًا هنا؟ وأنا اللي جيت له."
العرافة (بابتسامة غامضة، ونبرة هادئة): "أنت بدأت تدرك الحقيقة. ما رأيته ليس فقط حلمًا، بل نافذة على ما أنت عليه وما تمثله هنا. كل روح تتربط بنصيبها، وكل مصير مكتوب حتى لو أنكرتنا الواقع. قد تكون لك حرية الاختيار، ولكنك أيضًا ملتزم بالقدر."
أسامة (بصوت مرتجف، وكأنه يكلم نفسه): "يعني أنا... مش مجرد زائر هنا؟ ده أكتر من كده... حاجة تتخطى العقل."
ده؟! أنا كنت... جزء من الخطة؟! مش معقول! كل ده كان متوقع؟!"
العرافة (بهدوء):
"نعم. أنت جزء من السحر الذي قادك هنا. الحقيقة أنني كنت أنتظرك، يا أسامة. ليس كل من يدخل هذا المنزل يمكنه الخروج. والآن أنت داخل اللعبة، حيث لا مفر."
أسامة (مندهشًا):
"إزاي يعني؟! ده كان مجرد فضول... أنا ما كنتش أعرف إن فيه حاجة زي دي موجودة! كل ده كان مجرد صدفة!"
رجب (بغضب):
"الصدفة؟! أنت مش فاهم، يا أسامة. كل شيء كان مرتبًا. زمردة، والسحر، والعرافة... وحتى أنت. ده كله كان جزء من خطة قديمة، خطة بدأت من زمن بعيد، وزي ما كانت زمردة محبوسة، أنت كمان كنت جزءًا من سحر لا مفر منه."
أسامة شعر وكأن عقله ينهار. هو الآن ليس فقط مجرد زائر في منزل غريب، بل هو جزء من لعبة غامضة لا يستطيع الهروب منها. الحقيقة التي اكتشفها كانت صادمة. كأنه كان مرسومًا له هذا المصير منذ البداية.
أسامة (بغضب وقهر):
"يعني كل ده كان بيحصل قدامي وأنا مش واخد بالي؟! وأنا إزاي بقيت جزء من الخطة دي؟ أنا مين؟! ليه أنا؟!"
العرافة (بابتسامة غامضة):
"أنت لم تكن مجرد زائر فضولي. أنت الوريث الحقيقي لتلك القوة. كان يجب أن تدخل هنا يومًا ما. وقد جئت في الوقت المناسب."
أسامة شعر بأن الأرض تتحرك من تحته. كل شيء بدأ يكتشفه الآن كان أكبر من أن يستوعبه. كيف كان جزءًا من شيء لم يكن يدركه؟ وماذا عن زمردة؟ هل هي أيضًا جزء من نفس اللغز؟
أسامة (بصوت منخفض):
"أنا جزء من الخطة؟! يعني ده مش قدر، ده شيء مرسوم لي من الأول؟! هل كان كل شيء هنا مجرد فخ؟!"
رجب (بحزن):
"لا، مش فخ. بس الحكاية كلها كانت محكومة. زمردة كانت جزء من القوة القديمة التي تحكم المكان ده، وأنت كمان. كانت بداية لمصير مشترك بينك وبينها. أنت مفتاح فك اللغز. لو لم تتزوج زمردة، السحر لن ينكسر. لو لم تستمر في هذه اللعبة، الكل سيظل عالقًا هنا إلى الأبد."
أسامة (محبط):
"يعني لو ما تزوجتهاش، الكل هيتورط؟! يعني أنا اللي بحدد مصير كل حاجة؟!"
العرافة (بهدوء):
"بالضبط. أنت صاحب القرار الآن. لا تظن أن لديك خيارًا آخر."
أسامة أصبح في حالة من الصدمة، فحتى الآن كان يعتقد أنه مجرد شخص عادي، لكن الآن اكتشف أن كل شيء كان يدور حوله. هو المفتاح. هو الذي يقرر مصير الجميع. كل شيء كان مترابطًا في لعبة قديمة.
في النهايه"
أسامة يواجه اللحظة الحاسمة التي قد تغير مصيره إلى الأبد. قلبه مشحون بالقلق، وأفكاره تتصارع في ذهنه. هل هو جزء من خطة قديمة فعلاً؟ وهل هو مستعد لتحمل تبعات هذا القرار المصيري؟
- يتبع الفصل التالي اضغط على (بقلم آية الفرجاني) اسم الرواية