رواية حب رحيم الفصل الاربعون 40 - بقلم سمر عمر
المشهد 40 " السند.."
نظرا الشابان إليه ثم تركا مقاعدهما وتحدث الذي أجاب على اتصاله :
-أحنا لقيناها واقعة على الطريق وطفلة بتعيط فنقلنها على هنا.. وكمان صاحبي جاب عربيتها هنا
ثم مد يده بأغراضها فأخذها من يده قائلًا بإمتنان :
-شكرًا يا شباب
-العفو.. عن اذنك
أومأ برأسه فغادر الإثنان فيما انتظر رحيم للحظات ثم دق الباب ودخل بعد سمحت الممرضة بالدخول.. نهضت عن المقعد المجاور إلى الفراش بينما مدت آسيا يديها الصغيرتين إليه تنادي بصوتها الطفولي الحزين :
-بابي.. بابي
ترك ما في يده على الاريكة ليحمل طفلته يضمها إليه وقبلها على جانب رأسها ناظرًا إلى ندى النائمة قاطب جبينه في قلق واضح على كل خلجة من خلجات وجهه وتساءل عن حالتها لتجيب عليه :
-أحسن الحمد لله والجرح سطحي.. هو بس نتيجة اصطدامها في الأرض
تنهد بحزن يحتضن ابنته أكثر بينما هي تبادله بذات العناق ثم جلس على المقعد المجاور إلى الفراش.. خرجت الممرضة مغلقة الباب خلفها في حين مسك بكفها ورفعه إلى حيث شفتيه وطبع قبلة رقيقة عليه وتحدث بهدوء :
-سلامتك يا روحي
بعد لحظات انزعجت آسيا وبدأت تبكي فلفت انتبها بالهاتف الخاص لتكف عن البكاء وانشغلت بفيديو يحمل أغاني الأطفال.. وانتبه هو إلي ندى فقلبه يشعر بالقلق الشديد عليها وأخذ يسأل نفسه في حيرة كبيرة ماذا حدث ليحدث لها ذلك الإغماء..
بعد دقائق ليست قليلة اتصل على أمن المنزل كي يطمئن على ابنته أشرقت وطلب منهم أن يظل أحدهم برفقتها حتى يعود إلى المنزل.. ثم أعطى الهاتف ثانية إلى طفلته والتي ظلت تشاهد الرسوم المتحركة حتى غلبها النعاس.. قام بإغلاق شاشة الهاتف ونهض عن المقعد حاملًا إياها بين ذراعيه ووضعها على الأريكة برفق ثم خلع معطفه ووضعه عليها..
في ذات الوقت فتحت ندى عينيها ببطء شديد وشفتيها تتحرك باسم " ريان.." وقف رحيم إلى جوار الفراش وعندما رآها فتحت عينيها مسح على مقدمة شعرها وتساءل بلهفة :
-ندى حبيبتي أنتِ كويسة؟
نظرت إليه بوهن وفجأة بدأت بالبكاء الهستيري دون أن تشعر بنفسها قائلة :
-ريان.. عايزه ريان أطمن عليه
شعر بالصدمة وقال في توجس :
-ريان عند أمي يا ندى
رفعت كفها وضعته على وجهها وتعالت شهقاتها فحاول أن يهدئها لكن فشل في ذلك.. حتى رفعت ظهرها عن الفراش ومسكت بيده قائلة :
-رحيم أنا خايفة على ريان.. عايزه اشوفه حالًا
تأوهت بمجرد أن انتهت من حديثها واضعه يدها الأخرى على رأسها ومع ذلك كانت تبكي بهستيريا.. فقام بالضغط على زر مجاور إلى الفراش عدة مرات.. لتأتي الممرضة على وجه السرعة متسائلة :
-أيه اللي حصل؟
ثم وقفت إلى جوار الفراش وحاولت تهدئتها لكن بلا جدوى.. فطلبت منه أن يحاول معها حتى تعود ثم ركضت إلى الخارج في حين استيقظت آسيا بفزع على بكاء وصراخ والدتها وبدأت تبكي.. التفت برأسه إليها ثم ضم ندى إليه عاقدًا بين حاجبيه.. دخلت الممرضة راكضة إليها وأعطت لها حقنة مهدئة فأغمضت عينيها تدريجيًا بينما هو وضع رأسها على الوسادة برفق شديد ليركض إلى طفلته وحملها بين ذراعيه كي يهدئها..
انتظر حتى عادت إلى النوم ثانية ووضعها مكانها برفق.. ثم اتصل على والدته ووضع الهاتف على آذنه.. على الجانب الآخر تناولت والدته الهاتف وأجابت عليه وبعد تبادل السلام تساءل في هدوء على عكس القلق الذي أحتل قلبه :
-أمي هي ندى جت خدت ريان
-أه يا حبيبي.. بتسأل ليه؟
قبض قبضته عنوة كما جز على أسنانه وأخذ الغرفة ذهابًا وإيابًا قائلًا :
-بسأل بس علشان ندى مش بترد عليا
-يمكن مشغولة في حاجة يا حبيبي.. رحيم ممكن تبقى تجي النهاردة شوية
-حاضر يا أمي بإذن الله
ثم أنهى معها المكالمة ونظر إلى ندى في حيرة.. لكن سرعان ما تذكر تميم ليتأكد من إحساسه ثم نظر إلى الهاتف وبحث عن رقم ذلك اللعين واتصل عليه ليستمع إلى رسالة صوتيه تخبره بأن الرقم غير متاح.. فجز أسنانه عنوة كما أطبق قبضته القوية على الهاتف وهم أن يقذف به بالحائط لكنه هدأ من نفسه
***
" بعد مدة من الزمن.. "
وضعها على الفراش برفق فتأوهت بخفة وهبطت دموعها الساخنة على وجنتيها.. وقفت الممرضة إلى جوارها تحسست الشاش الموضع حول رأسها قائلة :
-الألم ده أثر الجرح بس ماتقلقيش
رفعت عينيها إلى رحيم بحزن فأشاح بوجهه بعيد ثم خرج إلى الشرفة.. بينما جلست الممرضة على حافة الفراش تهون عليها الألم.. وبعد نصف ساعة تقريبًا أعطت لها المسكن من ثم استأذنت منها لتغادر.. اصطحابها رحيم إلى الخارج وطلب من السائق الخاص به أن يوصلها إلى المشفى وأعطى لها حقها من المال قبل أن تغادر ثم عاد إلى ندى..
وقف أمام الفراش وتساءل دون أن ينظر إليها :
-عاملة ايه دلوقت؟
تحدثت بصوت مبحوح :
-الحمد لله..
أومأ برأسه واتجه إلى الباب فنادت بلهفة :
-رحيم
توقف عن السير وقال بحنق :
-نعم
-اللي حصل مش بأيدي.. حاولت أنقذه لكن ماقدرتش..
مسح على وجهه يتنهد بصوت مسموع بينما هي انتظرت أن يبادلها بالحديث لكنه فضل الصمت.. فأطرقت عينيها تبكي قائلة بصوت منخفض :
-أرجوك بلاش صمتك المرعب ده
تحدث اخيرًا لكن بنبرة حادة :
-اتكلم أقول إيه يا ندى.. هو أنا مش هخلص من شر عيلتك دي مرة ابوكي ودلوقت ابن عمك
رفعت عينيها إليه تحملق به في صدمة ثم تركت الفراش متجه نحوه ووقفت في مواجهته قائلة بنبرة خجل ممزوجة بالحزن :
-عندك حق.. كل القلق اللي احنا فيه ده بسببي..
نظر إليها عاقدًا حاجبيه ورفع كفيه كاد أن يضعهما على ذراعيها لكنها تراجعت خطوة للخلف وقالت بضيق :
-أنا مستعدة اروحله بنفسي وأقوله سيب ريان وخليني مكانه.. ما هو ابن عمي وريان مالوش ذنب
-ندى أنا ماكنش قصدي اضايقك بكلامي..
قطعت حبل كلماته بدفعة :
-لاء تقصد.. أنا السبب فيه كل الشر اللي بيحصلك
احتضن رأسها براحتي يديه قائلًا بجدية :
-لا ابدًا يا ندى.. أنا مش عارف بقول إيه.. أنا حاسس إن روحي مش فيا
خرجت شهقة من بين شفتيها واضعه يدها على مقدمة رأسها متأوه.. فحملها على ذراعيه ووضعها على الفراش برفق فقالت بنبرة مرهقة أطلقت الحنجرة صراحها بصعوبة :
-ريان ده ابني يا رحيم وحاسة إني مش هبقى بخير طول ما قلبي ملهوف عليه
جلس على حافة الفراش يمسح على جانب شعرها وقال بجدية :
-عارف ومتأكد من حبك لريان وأشرقت
رمته بنظرة عتاب واضحة صابت قلبه لتقتله ثم جذبت الغطاء إليها ونامت على جنبها اليمين كي تواليه ظهرها.. أطرق عيناه للحظات ثم رفع رأسه إليها وهم أن يتحدث لكن رن جرس الباب..
نهض عن الفراش متجه إلى باب الغرفة وخرج مغلقًا إياه خلفه من ثم هبط الدرج متجهًا إلى الباب الرئيسي.. في حين خرجت أشرقت من غرفتها ووقفت عند مقدمة الدرج تنظر إلى والدها الذي فتح الباب.. تفاجأ بوجود جيجي التي نظرت إليه برهبة تحاول إخفائها..
-نعم جايه ليه؟!
-طيب قولي اتفضلي
تنحى جانبًا فدخلت لتراها أشرقت وعلى الفور ركضت إلى باب غرفتها ووقفت أمامه كي تختبئ منها.. بينما نظرت الأخيرة حولها ثم التفتت إليه وقالت بهدوء :
-عايزة أشوف ريان وأشرقت
رفع حاجبيه قليلًا وتساءل في تعجب :
-ليه النهاردة؟!
-ولادي يا رحيم ومن حقي أشوفهم في اي وقت
-وكنتِ فين وهما عندهم تلت سنين؟
أشاحت بوجهها بعيدًا عن نظراته الحادة وقالت بحزن مصطنع :
-أرجوك ماتفكرنيش بالأيام دي لإني حقيقي ندمت على كل لحظة عشتها بعيد عنهم..
ثم رفعت عينيها الخبيثة إليه متابعة :
-وكمان ندمت علشان بعدت عنك.. بس ماخطرش على بالي إنك تطلقني.. ليه تطـ..
نفذ صبره حقًا من خبثها الذي يعلمه جيدًا وقطع حبل كلماتها بنبرة حادة عنيفة :
-الكلام ده مايدخلش راسي.. أنا مش عيل صغير علشان تضحكي عليه بكلمتين
تحدثت بحنق :
-رحيم أنا بقول الحقيقة وصادقة فيه كل كلمة قولتها..
تنهد بنفاذ صبر يمسح على شعره من الإمام إلى الخلف فقالت بلؤم :
-طيب خليني أشوف بس ريان وأشرقت وهمشي فورًا
-بكرة بإذن الله تعالي شوفيهم
-وليه مش النهاردة؟..
استدار نصف استدارة عاقدًا ذراعيه أمام صدره دون أن يجيب عليها فتصنعت القلق قائلة :
-الولاد فيهم حاجة؟.. هما كويسين أنا عايزه اشوفهم
أدار رأسه إليها يتطلع إليها بعينين حادتين بشدة.. فيما صدح صوت هاتفها بين يديها فهبط بسوداويته إلى شاشة الهاتف لكن سرعان ما أخفت الشاشة عنه وقالت في توتر واضح :
-هاجي بكرة اشوف الاولاد يا رحيم.. عن اذنك
اتجهت إلى الباب بخطوات واسعة واغلقته خلفها ثم أجابت على المتصل بحده :
-بترن عايز ايه يا متخلف
-ما بلاش الألفاظ دي وخافي على ابنك.. أنا ماعنديش حاجة أخاف عليها وممكن اقتله عادي
قالت وهي تفتح باب السيارة بعنف :
-على فكرة مش ده اللي اتفقنا عليه أنا قولتلك أخطف آسيا
استمعت إلى صوت فتح الباب فالتفتت برأسها بلهفة تحدق في رحيم برهبة واضحة.. بينما هو تقدم نحوها وخطف الهاتف من يدها ليضعه على آذنه واستمع إلى آخر كلمات هتف بها ذلك اللعين وانتظر حتى انتهى ليتحدث بنبرة خشنة :
-أنا مستعد ادفعلك المبلغ حالًا
اندهش في البداية ثم تنهد بهدوء وقال ببرود :
-لاء خلي المقابلة دي بكرة أحسن
-النهاردة وبلاش تستفزني علشان عندي استعداد ادفنك حي.. ابعتلي العنوان على رقمي
ثم أنهي المكالمة دون أن ينتظر الرد.. ونظر إلى تلك الحية واعتصر مرفقها بقبضة يده فتأوهت بصوت عال.. بينما هو جذب إياها خلفه وعندما دخل دفعها عنوة لتسقط على الأرض أمامه.. وضعت أشرقت يدها على فاها واقتربت من السور لتشاهد ماذا يحدث..
أغلق الباب بقدمة ووقف أمامها يتأمل عيناها التي تطلع إليه بخوف شديد ثم تحدث بعنف :
-أنتِ أم أنتِ؟!.. أنتِ إنسانه مريضة وحقيرة.. ازاي تتفقي معاه يخطف ريان.. عرفتيه منين انطقي
نهضت عن الأرض وقالت بنبرة مرتعشة أثر خوفها من تهوره :
-كـ كنت براقب البيت وشوفته هنا كذا مرة.. راقبته لحد ما جت الفرصة إني اتكلم معاه وعرفت منه كل حاجة.. وصدقني أنا قولت له يخطف بنت ندى مش ريان لكن هو غير الخطة.. ولما عملت معاه مشكلة قالي إن خطف ريان هيساعدك في المحكمة وهتقدري تاخدي الولاد بسهولة
لم يتمالك أعصابه وصفعها على وجنتها بقوة لتخرج صرخة من بين شفتيه وهبطت دموعها على وجنتيها بغزارة.. قبض على مرفقها واتجه صوب غرفة المكتب ساحبًا إياها خلفه قائلاً بغضب شديد :
-أنتوا عصابة.. حقير اتلم على حقيرة
دفعها إلى الداخل عنوة لتسقط على الأرض ثم أغلق الباب بالمفتاح.. فيما ركضت أشرقت إلى غرفتها وجلست على حافة الفراش تبكي بحرقة
***
" مساء ذات اليوم.. "
وقف داخل الشرفة يتطلع إلى السماء يسأل الله أن يكون ابنه الغالي بخير وفي أمان.. وكل فنينه وأخرى ينظر إلى الهاتف في انتظار رسالة تحمل العنوان كي يذهب إلى ابنه لكن كلما تأخر الوقت كلما توعد لذلك اللعين بأيام من جحيم.. كما أنه أبلغ الشرطة وهم في انتظار ايضًا مكالمة رحيم ليخبرهم بالعنوان..
برغم ما تشعر به من ألم حول رأسها تركت الفراش وخرجت إلى الشرفة ثم احتضنته من الخلف.. وضع كفه على كفها فأغمضت عينيها تاركة العنان لدموعها الساخنة تتدفق على وجنتيها قائلة :
-بإذن الله هيرجع لحضنك بخير
-لحضني وحضنك
فلتت شهقة من بين شفتيها وهي تقول بصوت منخفض :
-أنا اسفه
التفت إليها واضعًا كفيه على ذراعيها قائلًا :
-اسفك غالي عندي يا ندى..
ثم قبلها على جبينها وضمها إلى صدره متابعًا :
-عايزك ترتاحي علشان الوجع اللي في دماغك يخف
-مستحيل اعرف ارتاح غير لما اطمن على ريان
ارتكز بذقنه على رأسها يضمها إليه أكثر.. وبعد دقائق قليلة وصلت له رسالة إلى الهاتف ليفحصها على وجه السرعة فعلم بأنها أتيه من تميم تحمل العنوان مع إنذار إذا أبلغ الشرطة سوف يقتله.. اطفأ شاشة الهاتف واصطحب ندى إلى الداخل قائلًا :
-ارتاحي وهبعتلك أشرقت وآسيا يقعدوا معاكِ
-خد بالك من نفسك وأول ما ريان يبقى معاك طمني عليه
قبلها على جانب رأسها بحنان ثم خرج ينادي أشرقت التي خرجت من غرفتها على صوت نداءه.. ووقفت قائلة :
-نعم يا بابي
-حبيبي خدي آسيا واقعدوا مع مامي
-حاضر
تحدثت بحزن واضح ثم عادت إلى غرفتها واصطحبت آسيا إلى غرفة والدها.. في حين حمل رحيم حقيبة الأموال التي قد جهزها وخرج ثم استقل السيارة وتحدث مع الضابط ليخبره بالمكان.. وبعدها غادر إلى وجهته على وجه السرعة
***
عند وصوله صف السيارة جانبًا.. ثم مسك بيد الحقيبة وترجل رافعًا رأسه إلى المبنى ودلف إلى الداخل لكنه تقابل مع بواب العمارة وتركه يستقل المصعد بعد أن أخبره بأنه جاء من أجل تميم الشاذلي.. وقف المصعد عند الطابق المنشود فخرج متجهًا إلى باب الشقة ودق جرس الباب..
انتظر للحظات وفتح تميم ونظر إلى الخارج ثم سمح له بالدخول قائلًا :
-برافو جيت لوحدك
دخل ينظر حوله ثم التفت إليه ومد يده بالحقيبة قائلًا :
-أتفضل العشرة مليون.. ممكن ريان بقى
أخذ الحقيبة بلهفة وقال وهو يفتحها :
-مش نطمن الأول ونعد المبلغ
-عدهم على أقل من مهلك.. ابني فين بقى
زاغت عيناه عندما رأى الأموال ثم أغلق الحقيبة ثانية وتحدث ببرود :
-مش هنا هو في مكان تاني.. على فكرة مدام جيجي طلبت مني أخطف آسيا وكمان اقتلها بمقابل عشرين مليون جنية..
اندهش من حديثة وأخذ يسأل نفسه في حيرة لماذا تلك المرأة بشعة لتلك الدرجة؟.. في حين تابع الأخير حديثه :
-لكن أنا قولت مهما كان ندى بنت عمي ومقدرش أقتل بنتها.. فأنا بقى خطفت ابن التعبانة التانيه وهحرق قلبها عليه
أخذ بتلابيبه عنوة واندفع بنبرة خشنة :
-لو لمست منه شعرة هولع فيك.. فين أبني
قال آخر كلمتين بنبرة عالية تكاد تهز الحائط من قوتها.. حاول إبعاد يديه عنه لكنه فشل وهو يقول بذات البرود :
-صدقني ابنك مش هيرجع معاك أنا خلاص اخدت قرار قتله
لقد نفذ صبره حقًا فضربه بجبينه على أنفه عنوة عدة مرات ليترك الحقيبة تسقط من يده وهم أن يضع كفيه أعلى أنفه لكن سدد الأخير له عدة ضربات قوية بجوار عيناه.. ثم تركه بدفعه وركله في معدته بعنف ليسقط الأخير على ظهره.. ولم يكتفي بذلك بل اخذ يركله بطريقة عشوائية بغل واضح.. ثم مسح على شعره الذي هبط على عيناه للخلف وهو يلهث بصوت مسموع وأخذ ينظر حوله ينادي ريان بصوت عال..
رفع تميم رأسه قليلًا ينظر إليه بحده وقد مسح الدماء الملطخة وجهه بظهر يده.. ثم ركله في قدمه فنظر إليه بحده بالغة في حين نهض الأخير وتبادل الضرب بينهم بقبضتي يديه.. حتى سدد رحيم آخر ضربه أتيه منه وبقبضة يده القوية ضربه في صدره عدة مرات وتركه يسقط على الأرض ثانية..
ثم اتجه إلى الردهة وفتح باب أول غرفة قابلته يبحث داخلها عن ريان لكنه لم يكن داخلها.. فخرج متجها إلى الغرفة الثانية ودخل ليجد ابنه نائمًا على الفراش.. فركض إليه ووقف يمسح على شعره يناديه بلهفة قلق :
-ريان حبيبي.. ريان
حمله على ذراعيه وأسرع إلى الباب وفتح إياه ليخرج متجهًا إلى المصعد.. وهم أن يفتح الباب لكنه تفاجأ بخروج الضابط ومعه العساكر فقال وهو يلهث :
-تميم جوه وأنا لازم اخد ابني على المستشفى
نظر الضابط إلى ريان ثم ربت على كتفه قائلًا :
-أتفضل أنت وماتقلقش هياخد جزاءه
ثم أمر العساكر بإحضار تميم وترك رحيم يدخل المصعد.. انتظر حتى هبط إلى الطابق السفلي ثم خرج راكضًا إلى الخارج وقام بوضع ابنه داخل السيارة ثم جلس أمام المقود وغادر إلى وجهته..
بعد دقائق ليست قليلة خرج الضابط من المصعد الكهربائي حاملا حقيبة الأموال وتم القبض على تميم
***
في تمام الساعة الحادية عشر مساءً.. عاد إلى المنزل برفقة ابنه الغالي بعد أن اطمئن قلبه عليه من الطبيب.. نظر رحيم إليه يتأمله للحظات ثم وضع كفه على شعره متسائلًا :
-أنت بخير يا حبيبي ؟
-أه بخير الحمد لله..
ثم نظر إليه مبتسمًا وتابع :
-أنا يعتبر ضحيت بنفسي علشان آسيا وندى.. على فكرة أنا راجل واقدر ادافع عن اخواتي ومامي
ضمه إليه عنوة فبادله بذات العناق بل وأكثر واستمع إلى حديث والده :
-ربنا يحميك يا حبيبي ويخليك ليا
-ويخليك ليا يا بابي.. أنت سندي
قبلة على جانب رأسه عدة مرات ثم ترجل من السيارة ينظر إلى شاشة الهاتف واتصل على والدته.. في حين ترجل ريان متجه نحوه ووقف إلى جواره يمسك بكفه الكبير مقارنة بكفة الصغير.. أجابت والدته بعد لحظات وبعد تبادل السلام قال وهو يفتح الباب بعد أن ترك يد ابنه :
-انشغلت النهاردة يا أمي وماكنش فيه وقت اجي
-ولا يهمك يا حبيبي تعالى بكره.. المهم انتوا بخير
مسك بكف ابنه ودلفا إلى الداخل مغلقًا الباب بقدمة قائلًا :
-الحمد لله بخير.. كنتي عايزاني فيه إيه؟!
-اه اصل زهراء أبوها سحب ورقها من الكلية في كندا ونزلها مصر تكمل تعليمها ومش عايزه تقول السبب.. أنا عارفه هي بتحبك قد إيه واكيد هتقولك
أومأ بتفهم وقال بهدوء :
-من الأحسن نسيبها النهاردة وبكرة بإذن الله هتكلم معاها
-بإذن الله يا حبيبي.. سلامي لندى والأولاد تصبح على خير
-وأنتِ من أهل الخير
ثم أنهى معها المكالمة ونظر إلى ريان مبتسمًا فبادله بابتسامة وقال دون مقدمات :
-بابا أنت سندي وضهري
جلس على ركبتيه ليكون في مستوى واضعًا كفه على وجنته قائلٌا بجدية :
-أنت اللي سندي.. ربنا يخليك ليا..
ثم قبله على وجنته بعدها وقف قائلًا :
-يلا أطلع طمن مامي عليك
أومأ بالإيجاب وركض إلى الدرج من ثم صعد درجاته مسرعًا.. تنهد هو بصوت مسموع وتحسس على وجنته بالقرب من شفتيه ليشعر بألم خفيف أثر ضربت تميم له بقبضة يده.. ثم خرج إلى حديقة المنزل..
دخل الغرفة بعد أن دق الباب فشهقت أشرقت بسعادة.. فيما نهضت ندى عن الفراش راكضة إليه وجلست على ركبتيها أمامه تحتضنه عنوة مغمضة العينين قائلة :
-الحمد لله.. الحمد لله.. الحمد لله
ثم أخذت تقبله بطريقة عشوائية على وجهه وأخذت تمسح على شعره بلهفة متسائلة :
-أنت بخير
قال مبتسمًا :
-الحمد لله بخير.. ماتخافيش عليا
ابتسمت واحتضنته ثانية قائلة :
-يا حبيبي.. يا حبيبي ربنا يطمني عليك دايمًا
وقفت أشرقت إلى جواره تمسح على كتفه فابتعدت ندى عنه لتحتضنه أشرقت فاحتضنت الإثنان معًا.. بعد لحظات ابتعدت عنهما متسائلة :
-بابي فين
-تحت
-طيب خليكم هنا علشان لو آسيا صحيت
ثم نهضت عن الأرض متجه إلى الباب وخرجت مغلقة إياه خلفها.. بعد ذلك هبطت الدرج تنظر حولها بحثًا عنه ووقفت عند مقدمة الدرج تنادي ثم وقفت عند باب الحديقة تنظر حولها حتى رأته يجلس أسفل أحد الأشجار..
اخذتها قدميها إليه وجلست أمامه فرفع عيناه إليها وهم أن يتحدث لكنها سبقته بسؤالها :
-قاعد لوحدك بتفكر فيه إيه؟
وضع كفيه على وجنتها يمسح عليها بإبهامه وقال بجدية :
-بفكر.. ليه اخدت قرار الجواز من جيجي قبل ما افكر مليون مرة.. ليه اتسرعت ودخلتها حياتي؟!.. حقيقي بندم علشان اتجوزتها..
تأمل عيناها بتمعن شديد متابعًا :
-كان نفسي اقابلك أنتِ من الاول.. أنتِ غيرتي فيا حاجات كتير يا ندى..
مسك بكفها ورفعه إلى حيث شفتيه وطبع قبلة حانية على راحتها ثم وضع كفها على وجنته هامسًا :
-أسف يا روحي على كل كلمة قولتها ضايقتك
لاحت ابتسامة بسيطة على ثغرها وقالت بهدوء :
-ده نصيب وأنت اتجوزتها علشان ربنا يرزقك بأجمل هديتين.. ريان وأشرقت واللي بسببهم اتقابلنا وكانت أجمل صدفة في حياتي.. أنا بحبك ومستحيل ازعل منك
-ربنا يخليكِ ليا يا روحي
-يا رب ويخليك ليا.. ممكن بقى تبطل تفكير في الماضي ونفكر في اللي جاي وبس
ابتسمت عيناه قائلًا :
-طالما اللي جاي علشانك وبيكِ يبقى يستحق التفكير.. بحبك
اقتربت منه أكثر واحتضنته بشدة ليبادلها بذات العناق بل وأكثر.. فتنهدت بصوت مسموع وقالت بنبرة حب :
-بحبك.. بحبك جدًا
***يتبع
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية حب رحيم) اسم الرواية