رواية حب رحيم الفصل الثالث و الاربعون 43 - بقلم سمر عمر
وقفت أمام المرآة لتقم بسحب اللاصقة التي أعلى جبينها برفق شديد ومع ذلك تأوهت بخفة.. بعد أن سحبتها اقتربت أكثر من المرآة كي ترىٰ الجرح عن قرب لتجد آثر خفيف ستمحيه الأيام.. ثم تنهدت بعمق تتطلع إلى العطور الخاصة بها تختار واحد من بينهم..
تفاجأت برحيم يحتضنها من الخلف فرفعت رأسها تتطلع إليه في المرآة بابتسامة الصباح الرقيقة الخاصة بها.. بينما هو طبع عدة قبلت على رأسها من الخلف بعد ذلك نظر إليها في المرآة وهمس مبتسمًا :
-صباح جمال الندى
-صباح الجمال
أطبق شفتيه على وجنتها للحظات فأغمضت عينيها مستمتعة برقته الشديدة معها.. ثم فتحت عينيها مجددًا عندما ابتعد عنها قائلًا :
-عندي ليكِ مفاجأة في الشركة
-أنت عارف الفضول بيقتلني لكن مضطرة انتظر المفاجأة
قالت كلماتها بمرح فقبلها ثانية عنوة على وجنتها بعد ذلك ضمها إليه أكثر مغمض عيناه قائلًا بنبرة صادقة للغاية :
-أنتِ عشقي وشمسي وأغلى ما لدي
التفتت إليه وجعلت من ذراعيها طوق حول عنقه وقالت بنعومة :
-أنت حبيبي وقمري وشمسي.. ربنا يخليك لقلبي
ذابت أوردة قلبه من عذوبة كلماتها التي هتفت بها بنعومة نجحت بها أن تخطف قلبة من بين ضلوعه.. احتضنته هي بمجرد أن أنهت حديثها مستنده بوجنتها على صدره.. ارتكز بذقنه على رأسها يحتضنها عنوة..
قطع تلك اللحظة صوت جرس الباب.. فتنهد بنفاذ صبر وقبل أن يغادر الغرفة قبلها على ثغرها.. ثم اتجه إلى الدرج وهبط إلى الطابق السفلي بواسطة متجهًا إلى الباب بخطوات واسعة وعند وصوله فتح إياه.. ليرىٰ الطارق شقيقته رنا ليشعر من نظراتها الغاضبة أن ثمة شيء حدث..
تنحى جانبًا ورحب بها فدخلت تطلع حولها ثم التفتت إليه.. بينما هو أغلق الباب ووقف في مواجهتها متسائلًا :
-جايه ليه خير؟
-الحقيقة هو مش خير خالص.. هو سؤال وجاوبني عليه بصراحة..
أومأ على أنه يستمع إليها فتساءلت دون مقدمات :
-ازاي سمحت لنفسك تتجوز البنت اللي أبوها قتل بابا؟!
عقد بين حاجبيه في تعجب ورد عليها بسؤال :
-أنتِ مين قالك الكلام الفارغ ده؟
-رحيم ده كلام مش فارغ دي حقيقة وأنت عارف كده كويس
وقفت ندى عند الدرج تستمع إلى حديثهم ويبدو عليها الحزن الشديد.. كما أنها أخبرت نفسها بأن أعمال والدها اللعينة ستظل تطاردها حتى بعد وفاته.. بل وجاء ابن عمها ليكمل مسيرة عمه في الشر.. في حين وضع رحيم يديه في جيبي سرواله وتحدث بحسم :
-ده شيء يخصني أنا لوحدي
-على فكرة هو مش أبوك لوحدك علشان تقول كده.. أنا مستحيل اتقبل وضع زي ده..
صمتت للحظات في انتظار أن يبادلها بالحديث لكنه اكتفى بأن ينظر إليها بحده وجمود فتابعت في حيرة :
-أنت كنت بتحب بابا جدًا اكتر واحد فينا بيحبه ومتعلق بيه فأزاي تغلط غلطة زي دي
-عارفه لو والد جيجي اللي اتسبب في موت بابا كنتِ عديتها..
ثم أردف بنبرة عالية حادة :
-لكن أنتِ علشان بتكرهي ندى جايه تعملي الشويتين دول.. العيب من عندك أنتِ يا رنا نضفي قلبك بقى
حملقت به ويبدو من نظراتها إنها مؤيدة حديثه لكنها لم تُبين له ذلك واندفعت بحنق :
-لاء طبعًا أنت ازاي تفكر في كده !.. بابا عندي أهم من اي حد
رفع حاجبيه في تعجب من أمرها وابتسم ساخرًا ثم تحدث معاتبًا لها :
-وكنتِ فين لما كان محتاجك جانبه؟.. ده أنتِ حتى ماكنتيش بتتصلي تسألي عليه وهو تعبان.. بابا دخل العناية مرتين وأنتِ وعلاء كنتوا نايمين في العسل.. دلوقت جايه تدوري على حقه.. اتكسفي من نفسك يا رنا..
أطرقت عينيها في خجل من حديث شقيقها الأصغر بينما هو تابع بحده :
-واللي أنتِ بدافعي عنها كانت دايما تقول البيت بقى شبه المستشفى وريحته علاج.. كانت عايزاني امشي بابا من البيت ودايما تشكّي من وجودة هو وماما
هبطت ندى الدرج متجه نحوهم ووقفت إلى جوار زوجها وهي تقول بود :
-أهلا يا أستاذة رنا نورتي
رفعت عينيها إليها تطلع إليها بعدم قبول ثم أشاحت بوجهها بعيدًا قائلة بلؤم :
-في فرق بين واحده رفضت تساعد حماها وهو تعبان وواحده أبوها اتسبب في موت حماها
لمعت عيني ندى ليس من كلماتها بل عندما تذكرت ما فعله والدها بوالد حبيب قلبها ووالدتها وتحدثت بنبرة بكاء :
-أوعي تفتكري أن اللي حصل ده نسيته بالعكس أنا كل ما بشوف صورة عمو عبد الرحمن بدعي له وأكلمه وأقوله أنا اسفه.. اللي حصل ده واجع قلبي وكان نفسي أشوفه ويبقى وسطينا لكن ده عمرة..
توقفت عن الحديث عندما هبطت دموعها على وجنتيها لكن سرعان ما محت دموعها بأناملها ثم تابعت بجدية :
-وحابة أقولك حاجة كمان أنا فعلا بحب ريان وأشرقت مش زي ما أنتِ فهمتيهم
ابتسمت بخفة وقالت ساخرة :
-مفيش مرات أب تحب ولاده
كاد أن يثور رحيم في وجهها لكن سبقته ندى بحديثها الصادق والذي يحمل نبرة حادة :
-مش كل الناس زي بعض.. ومش بعتبرهم ولاد جوزي لاء دول ولادي والأم هي اللي بتربي.. أنا اتحرمت من أمي بدري جدًا ومن يومها قولت لازم أعوض أي طفل اتحرم من أمه واشتغلت في ملجأ..
ثم أردفت بحزن وأسف :
-لكن.. بابا الله يسامحه أجبرني أسيب شغلي نفذت كلامه وبعدها اشتغلت بيبي سيتر وعشقت ريان وأشرقت من عشقي في أبوهم وبكرا الايام تثبتلك اني صادقة في كلامي..
نظرت إلى رحيم ثم استأذنت منهم وتحركت خطوتين وتوقفت عندما تذكرت شيئًا وقالت بنبرة ضيق :
-نسيت أقولك أن بابا هو اللي قتل ماما وقدام عيني
جحظت عينيها والتفتت برأسها إليها تطلع إليها في ذهول بينما تابعت الأخيرة السير وصعدت إلى الطابق العلوي بواسطة الدرج.. ولم تفيق رنا سوى على كلمات شقيقها :
-عايزه تقولي حاجة تانيه قبل ما تمشي
نظرت إليه ومازالت كلمات ندى الأخيرة عالقة في رأسها ثم تحدثت بهدوء :
-انا قولت اللي عندي.. لكن عايزه اقعد مع زهره
-سيبي زهره اليومين دول لحد ما نحل المشكلة اللي هي فيها
رنا بنفاذ صبر :
-هي لسه بتفكر فيه؟
-هي بتحبه ومش بسهولة تخرجه من راسها
أومأت بتفهم ثم استأذنت منه واتجهت إلى الباب من ثم خرجت مغلقة إياه خلفها.. تنهد الأخير بعمق بعدها أخذته قدماه إلى غرفة مكتبه ودلف إلى الداخل وأضاء المصباح الكبير.. ثم وقف أمام صورة والده التي خلف المقعد وأخذ يتأمل ملامحه بعمق حتى لم يتحرك له رمش.. تدريجيًا شعر بالضيق يتسلل إلى قلبه حتى شعر بالاختناق ولمعت سوداويته بدموع الاشتياق إلى يُذبح القلب..
ترك العنان لدموعه تهبط على وجنتيه لتحتضنها لحيته.. وكأن رنا جاءت كي تفتح ذلك الجرح من جديد.. لم يتعافى قلبه من ذلك الجرح لكنه يحاول أن ينسى حتى جاءت شقيقته اليوم.. ابتلع لعابه واضعًا كفه على صدره وقال بصوت مبحوح :
-وحشتني بجد.. وحشني حضنك وحنانك.. ظهري اتكسر من بعدك يا غالي
اقترب من الصورة أكثر وحملها عن الحائط كي يطبق شفتيه على جبينه مغمض العينين كي تهبط دموعه الساخنة على وجنتيه بغزارة.. ثم ابتعد عنه ومسح بكفه على وجهه ثم احتضن الصورة عنوة
***
لم يراها منذ آخر مرة فاختنق قلبه من الاشتياق وقرر أن يذهب إليها.. صف سيارته أمام المشفى ثم ترجل رافعًا نظرته الشمسية على شعره.. ثم دلف إلى الداخل ووقف عند موظفة الاستقبال يسأل عن دكتورة جميلة..
-هي حاليًا بتابع حالة المرضى في الدور الثاني.. حضرتك عايزها في ايه
تنحنح بخفة وتحدث بحجة أن يراها :
-أنا كنت طلبت منها تعالجني من الإدمان وطلبت منى اجي النهاردة
أومأت بتفهم وسمحت له بالذهاب إليها.. فاتجه إلى الدرج وصعد إلى الطابق الثاني بواسطته وبدأ يمضي داخل الأروقة بحثًا عنها.. وبعد دقائق رآها تخرج من أحد الغرف وسارت بالطريق المعاكس له.. ابتسم قلبه قبل ثغره بمجرد أن وقعت عيناه عليها وهم أن يناديها لكنه وجد دكتور زميلها وقف أمامها يتحدث معها لكنه لم يستطيع سماع حديثهم..
-دكتورة جميلة لحد دلوقت وموصلنيش أي رد
قالت دون أن تنظر إليه :
-الحقيقة حضرتك فجئتني ومحتاجه وقت أفكر
-تفكري فيه ايه؟!.. أحنا الاتنين مناسبين لبعض جدًا لأن معروف ان الدكتور بيتحوز دكتورة
نفت حديثه بهدوء :
-مش شرط يا دكتور.. ممكن دكتور يقابل واحده معاها شهادة بسيطة ويحبها ويتجوزوا والدكتورة برضه
ابتسم بخفة ثم تحدث بإعجاب :
-عندك حق وكلامك دايما صح يا دكتورة علشان كده طلبتك للجواز.. المهم خدي راحتك خالص وفكري على مهلك
ثم مسك بيدها ورفعها إلى حيث شفتيه وطبع قبلة حانية عليها.. فسحبت يدها فورًا وقالت في توتر ممزوج بالتذمر :
-ماينفعش كده يا دكتور
-أنا بعبر عن إعجابي بيكِ
اما عن الذي يراقبهم فقد عصر قبضته القوية من كثرة ضيقته وللمرة الأولى يشعر بالغيرة القاتلة.. حتى خُيل له بأنه يقبض على عنق ذلك الأحمق ويكسر راسه.. فيما استأذن الطبيب وذهب كي يتابع عمله فتنهدت بعمق ثم أكملت السير إلى المصعد الكهربائي فلحق علاء بها بخطوات واسعة..
وقفت هي أمام المصعد وفتحت الباب ثم دخلت وهمت أن تضغط على رقم الطابق المنشود لكنها تفاجأت بوقوف علاء أمامها ووجدت نفسها تحملق به لكن سرعان ما تمالكت وسيطرت على توترها وخجلها.. دخل ليقف إلى جوارها في صمت لكن صدره يعلوا ويهبط بفضل التقاط انفاسه الحارقة عنوة..
رمقته بنظرة سريعة ثم ضغطت على رقم الطابق الخامس ووقفت في صمت منتظرة حديثه.. بعد لحظات قليلة تساءل بنبرة خشنة :
-ازاي سمحتي له يبوس أيدك؟!
جميلة ببرود :
-أنت بتراقبني ولا ايه..
ثم عقدت ذراعيها وتابعت قاصده استفزازه :
-على العموم هو في حُكم خطيبي
ضغط على زر الوقوف قبل أن يصل إلى الطابق المنشود وفاجئها بالوقوف أمامها قابضًا على ذراعيها عنوة وجعلها تلتصق بالمصعد قائلا في تذمر :
-مستحيل أنتِ بتكدبي
حاولت التحرر من بين يديه وعندما فشلت اندفعت بحده :
-سبني وابعد عني
-مش هسيبك غير لما تقولي الحقيقة
-يهمك فيه ايه؟!
تساءلت بنفاذ صبر فهدأ من نفسه يحدق بها بعينيه وقال بهدوء دون تردد :
-يهمني جدًا.. أنتِ مش عارفه اني بحبك؟!..
أطرقت عينيها وابتلعت لعابها بصوت مسموع وقلبها يقرع كالطبول داخل صدرها بينما هو تابع بنبرة صادقة :
-بشتاق لعيونك.. بشتاق أسمع صوتك.. مشتاق لوجودك في حياتي.. لاني بحبك..
ثم ترك يديها بهدوء وتابع بضيق واضح في نبرة صوته :
-لكن تقريبًا كده كنت بضحك على نفسي لما حبيتك.. أنتِ دكتورة ولازم تتجوزي دكتور زيك.. اوعدك مش هضايقك تاني واتمنى ليكِ حياة سعيدة
التفت وضغط على زر الصعود ببنما هي رفعت رأسها إليه ويبدو عليها الحزن الشديد.. كما أنها تُحرك شفتيها فقط تود أن تبرر له موقفها لكن يبدو أن الكلمات توقفت في حلقها كما أن المصعد توقف فخرج علاء متجهًا إلى الدرج كي يهبط إلى الطابق السفلي من خلاله.. تاركًا إياها مصدومة لا تستطيع التفكير في أي شيء حتى في العمل
***
" الشركة.. "
انتهى الاجتماع بعد أن مضى عقد التعاقد مع شركة ازياء عالمية وصافح كلا من صاحب الشركة والمساعد الخاص به.. ثم اصطحابهم عمرو إلى الخارج فين حين حمل رحيم العقد واتجه صوب المكتب وجلس على المقعد الخاص به..
اما ندى فذهبت إلى المشغل الذي يقع في الطابق السفلي.. واليوم مميزة لكونها ترتدي الحجاب الوردي الذي يليق بالتنورة الوردية منقوشة ببعض الورود البيضاء الصغيرة وفوقها ستره بيضاء.. تفقدت التصاميم الخاصة بها بابتسامة مزينة ثغرها كما أنها رأت اللون الموحد للتصاميم أفضل بكثير..
بعد دقائق تركت المكان واستقلت المصعد إلى الطابق المنشود من ثم اتجهت إلى غرفة المكتب.. بعدها دلفت إلى الداخل وهي تصبح على البنات فبادلوها بذات الصباح وتعجب الإثنتان من هيئتها الجديدة ونظرا إلى بعضهما في دهشة.. ثم نظرت أميرة إليها وقالت مبتسمة :
-مبروك الحجاب يا أستاذة ندى
-الله يبارك فيكِ
قالت كلماتها بابتسامة واسعة في حين هنيئتها زميلتها الثانية على تلك الخطوة الرائعة.. انتظرت أميرة حتى انتهى الإثنتان من تبادل الحديث وقالت بهدوء :
-حضرتك طيبة يا أستاذة ندى.. حتى اللعبة اللي سلمى لعبتها انكشفت قبل ما تورط حضرتك
-لعبة ايه؟!
تساءلت بعدم فهم لتتعجب الأخيرة و ترمي زميلتها بنظرة سريعة ثم تساءلت :
-هو مستر رحيم مش قالك أن سلمى زورت امضتك؟
رفعت حاجبيها في دهشة تومئ بالنفي فاعتذرت أميرة بخجل واضح :
-أسفه ماكنتش أعرف.. يمكن ماكنش عايز يقلقك
أومأت بتفهم تطلع إلى الأمام في حزن وبعد لحظات تركت مقعدها متجه إلى الخارج.. عقب خروجها سارت بخطوات واسعة متجه إلى غرفة مكتب رحيم.. عند وصولها وقفت تساءل مديرة مكتبه :
-رحيم معاه حد؟
-لاء يا فندم اتفضلي
تركتها ودلفت إلى الداخل مغلقه الباب خلفها فنظر إليها ثم ابتسم قائلًا :
-كنت لسه هكلمك علشان تيجي
وقفت أمام المكتب ويبدو عليها التذمر لأنه خبأ عليها حدث مثل هذا وتساءلت :
-ليه؟
ترك المقعد متجهًا إليها فاتبعته بعينيها حتى وقف أمامها لتستدير هي نصف استدارة كي تواجه وهو يقول بهدوء :
-مش قولتلك النهاردة إني عملك مفاجأة
-أه.. أيه هي المفاجأة بقى
مسك بيدها ورفعها إلى حيث شفتيه ليطبع عليها قبلة حانية ثم نظر إليها يتفحص ملامحها بتمعن قائلًا :
-مبروك يا روحي على الحجاب.. أنتِ أجمل من أجمل أميرة
ابتسمت إليه حتى لمعت عينيها بلمعة الحب وكأنها لم تأتي كي توبخه لأنه لم يخبرها بما علمت به للتو.. قبلها هو على جبينها ثم عاد إلى مكتبه ووقف يفتح الدرج الأول وأخرج تابلو خشب منقوش عليه تاريخ ارتدائها الحجاب وتلك الجُملة التي هتف بها للتو " ندى يا عشقي أنتِ أجمل من أجمل أميرة.."
وأخذ ايضًا علبة زرقاء قطيفة وعاد إليها ليقف أمامها ومد يده بالتابلو.. فأخذته من بين يديه تفحص كلماته بعينيها لتتسع ابتسامتها وتركته أعلى سطح المكتب كي تحتضن ذلك الرجل الذي يخطف قلبها دائمًا بأفعاله المعبرة عن مدى عشق قلبه لها وايضًا بكلمات العشق العذبة..
بادلها بذات العناق بل وأكثر ثم قبلها على وجنتها فقالت وهي تتنهد بعمق :
-وجودك في حياتي أجمل هدية.. ربنا يخليك لقلبي
-يا رب يا روحي ويخليكِ ليا
ثم ابتعد عنها وفتح العلبة الزرقاء وأخذ منها ذلك الخاتم الثمين ووضعه داخل أصبع يدها ثم طبع قبلة حانية عليها وعاد بالنظر إليها قائلًا :
-أيدك زينت الخاتم
رفعت نفسها قليلًا وقبلته على وجنته بنعومة شديدة فرفع حاجبيه وقال مبتسمًا :
-قلبي داب
ضحكت ضحكة خفيفة ثم نظرت إليه واختفت ابتسامتها تدريجياً قائلة :
-ليه تخبي عليا موضوع تزوير امضتي؟
مسح على ذراعيها وقال بجدية :
-ندى الوقت اللي بنقعد مع بعض فيه مش عايز أي حوار يضايقنا
-لكن كان لازم تقولي وتفهمني التزوير ده حصل ليه
جعلها تجلس على المقعد المجاور إلى المكتب وجلس هو على الطاولة الصغيرة التي أمامها وقص عليها كل شيء حتى مقابلته مع جيجي وتوبخها عن ما فعلته.. عقب انتهائه تنهدت تحرك رأسها في كلا الاتجاهين بأسف و قالت بحزن :
-ربنا يهديها ويسهل لها
***
" مساء اليوم.. "
استقل رحيم سيارته برفقة صديقة عمرو وغادر السائق إلى وجهته.. طال الصمت بينهم للحظات طويلة حتى تساءل عمرو باهتمام :
-ناوي تعمل ايه مع والده يا رحيم؟
-هحكيله على اللي حصل يمكن يعقل ابنه
-بصراحة يا رحيم أنا شايف أن زهره المفروض هي اللي تنهي العلاقة دي
أومأ بالنفي وتنهد وهو يقول بتأفف :
-مش بالسهولة دي للأسف.. هي باين عليها بتحبه
أومأ بتفهم وحالفهم الصمت حتى وصل السائق إلى وجهته وصف السيارة أمام المبنى المنشود.. ترجلا من السيارة وقبل أن يدخل رحيم تأكد من رقم العقار.. تقابل مع البواب فصافحة قائلًا :
-أنا جاي اقابل أستاذ نبيل اللي في الدور الرابع
-اتفضلوا
فتح لهم باب المصعد ودلفا إلى الداخل وضغط البواب على زر الصعود.. بعد لحظات وقف المصعد وخرج الثلاثة متجهون إلى الشقة ووقف البواب يدق جرس الباب.. فتح الوالد بعد لحظات فقال البواب :
-الأساتذة عايزين حضرتك
انتقل ببصره بينهم في تساءل فقال رحيم بثبات :
-أنا رحيم النادي وعايز حضرتك في موضوع شخصي
تنحى جانبًا مرحب بهما فدلفا إلى الداخل وأخذهم إلى غرفة الصالون بعد شكر البواب وأغلق الباب.. جلس كلا من رحيم وعمرو على الاريكة وجلس هو على المقعد المجاور لها متسائلًا :
-تشربوا شاي ولا قهوة
رحيم بجدية :
-مفيش داعي لأني مش هاخد من وقتك كتير..
نظر إليه باهتمام واضح فتابع بجمود :
-باختصار كده ابن حضرتك اللي مسافر كندا ارتبط ببنت أختي طالبة عنده وقالها انه هيطلق مراته علشانها
اندهش من حديثه يومئ بالنفي بعدم تصديق قائلًا :
-مش ممكن ابني يعمل كده.. مراته تبقى بنت عمه ومستحيل يغدر بيها
أخرج هاتفه من جيب سرواله من ثم فتح ملف الصور وفتح صورة تجمع بينه وبين زهره وأدار الهاتف إليه قائلًا :
-اتفضل شوف الصورة أنا اخدتها من زهره علشان عارف انك مش هتصدق كلامي
تطلع إلى الصورة بتمعن شديد حتى وضحت عليه علامات الحزن والذهول معًا ثم أطرق رأسه بأسف.. عن ما فعله ابنه بابنة شقيقه كما أنه شعر بالغضب الشديد أيضًا.. اطفأ شاشة الهاتف وتنهد قائلًا :
-اتمنى حضرتك تعقله وخليه مع مراته وولاده أفضل.. عن اذنك
ثم نظر إلى صديقه ونهض قائلًا :
-يلا يا عمرو
نهض صديقه عن الأريكة في حين نهض نبيل وصافح رحيم فربت رحيم على ظهر يده ثم استأذن ثانية وغادر برفقة صديقه..
خرجا من العمارة واستقلا السيارة طالبا من السائق أن يعود إلى الشركة.. بعد لحظات من الصمت قال عمرو بحزن :
-أبوه صعب عليه شكله راجل طيب
-طبعًا ربنا يهدي ابنه
أدار رأسه إلى الاتجاه الآخر ليتطلع إلى الخارج بواسطة النافذة.. وشعر بالضيق فقد تذكر والده والتي ذكراه تؤلمه كثيرًا بهدوء وضع كفه على صدره وتنهد بعمق لكنه شعر بألم يذبح صدره..
أما عند الشركة ترجل شخص مجهول من سيارة واقفة على بُعد أمتار من الشركة.. اتجه إلى أحد أفراد الأمن ووقف يسأل عن عمرو ليجيب :
-هو خرج لكن زمانه على وصول.. حضرتك مين؟
توتر في البداية لكنه لم يُبين ذلك وقال بهدوء :
-انا هجيله تاني.. عن اذنك
عاد إلى سيارته سريعًا.. وبعد ساعه إلا ربع تقريبًا وصل السائق وصف السيارة أمام الشركة.. مسك عمرو بمقبض الباب ونظر إلى صديقة قائلًا :
-أنا هدخل اطمن على التصاميم وبعدين اروح
-طيب أنا جاي معاك
ترجل الإثنان ودلفا إلى الداخل من ثم دخلا المشغل وأطمئن رحيم على كل شيء بنفسه للمرة الأولى.. مما تعجب عمرو وابتسم متسائلًا :
-اشمعنا النهاردة بتشوف التصاميم بنفسك
-يعني حبيت أشوفك وانت بتشتغل.. حقيقي أنت بتتعب معايا يا عمرو
عمرو بحنق من كلمات صديقه :
-مش متعود منك على الرسمية دي.. احنا اكتر من أصدقاء يا رحيم
-ربنا يديم صداقتنا يا عمرو
-يا رب بإذن الله
بعد نصف ساعة انتهى عمرو من عمله وعند خروجهما أغلق باب المشغل بالقفل الحديدي.. وبعد خروجهما من الشركة أغلق أحد أفراد الأمن باب الشركة الرئيسي جيدًا.. أما عن الجالسين داخل السيارة قال الذي سبق وسأل عن عمرو :
-انزل اسأل الأمن إذا كان اللي معاه ده عمرو ولا لاء
-لاء خليك علشان ممكن يتعرفوا عليك.. أكيد هو.. شغل انت بس العربية
قام بتشغيل السيارة مستعدًا للمغادرة وصوب الأخير المسدس الناري على عمرو الواقف إلى جوار صديقة يتحدث معه في بعض الأمور قبل أن يستقل كلا منهم سيارته.. أطلق الرصاص في اتجاه قلبه مباشرةً لكن في ذات اللحظة استمع إلى نداء فرد الأمن كي يعطيه مفتاح الشركة فالتفت إليه لتستقر الرصاصة أسفل كتفه بقليل.. جحظت عيناه وشعر بألم لم ولن يشعر به من قبل وحاول أن يتحدث لكن شعر وكأن الألم ابتلع كلماته..
بينما وقف رحيم أمامه فارتمى عمرو في أحضانه وعيني رحيم التي يبدو عليها الصدمة تتبعت السيارة التي غادرت على وجه السرعة.. فيما ركض أفراد الأمن إليها وأطلق الرصاص لكن السائق استمر في السيارة وقام أحدهم بحفظ رقمها.. ثم عادوا إلى رحيم وساعدوه في وضع عمرو على المقعد الخلفي من السيارة وجلس رحيم إلى جواره يحتضنه عنوة واضعًا كفه على مكان الجرح وغادر السائق على وجه السرعة إلى أقرب مشفى..
كل شيء حدث أمام عيناه في لحظة.. حتى لم يستوعب عقله ما حدث وقلبه ينبض برهبة وخوف من أن يفقد صديقه المقرب في لحظة.. هبطت دموعه الساخنة على وجنتيه يحدق في الفراغ في ذهول.. وكلما تلاعبت الأفكار داخل رأسه بأنه من المحتمل أن يفقد صديقة يشعر وكأنه فقد عقله وحتمًا سيجن
***يتبع
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية حب رحيم) اسم الرواية