Ads by Google X

رواية حب رحيم الفصل الخامس و الاربعون 45 - بقلم سمر عمر

الصفحة الرئيسية

   

 رواية حب رحيم الفصل الخامس و الاربعون 45 -  بقلم سمر عمر



المشهد 45 " احتواء قلب.."
          
                
فتحت أشرقت بعد لحظات فاحتضنتها ندى بشدة قائلة :
-يا حبيبتي وحشتيني 
ثم حملتها عن الأرض محافظة على احتضانها مغلقة الباب بظهرها في حين تساءلت أشرقت :
-كنتِ فين؟! 
انزلتها برفق ومسحت على جانب شعرها وقالت مبتسمة :
-في مشوار مع عمتو رنا وزهره.. فين آسيا وريان؟ 
-مع عمو علاء في الجنينة 
مسكت بكفها الصغير متجهان إلى الحديقة لكنهما توقفا عندنا رأت ندى علاء يخرج ووقف يسأل عن حالة زهره بلهفة قلق واضحة.. فأخذت آسيا من بين يديه تقبلها على وجنتها وطلبت من أشرقت أن تخرج إلى الحديقة.. استمعت إليها وركضت إلى الخارج.. انتظرت حتى خرجت وقالت بهدوء :
-الحمد لله بخير والجرح طلع سطحي 
-طيب انا هروح اطمن عليها بنفسي.. 
ثم أردف بصوت منخفض :
-أه يا ريت تقعدي مع ريان وتطلعي من دماغه كلمة انتحار 
اومأت بتفهم وردت بحزن :
-أنا هتصرف 
قبل آسيا على جانب رأسها بعدها استأذن وغادر.. كانت تحتضن والدتها بذراعيها الصغيرة معبرة لها عن مدى اشتياقها لها فبادلتها بالعناق وقبلتها على وجنتها وقالت بنبرة اشتياق واضحة :
-وحشتيني يا روحي 
ثم خرجت إلى الحديقة وجلست إلى جوار ريان على الأريكة.. نزلت آسيا عن قدميها ووقفت أمام الطاولة تشخبط بالألوان على الورق.. نادتها أشرقت لتأتي وتجلس معها داخل الخيمة فاتجهت إليها تحت أنظار ندى.. وعندما دخلت الخيمة مع اختها نظرت إلى ريان الشارد وقالت وهي تسحب الحجاب عن شعرها :
-مش عايز تقولي حاجة؟.. 
ادار رأسه إليها يتأملها للحظات ثم أومأ بالنفي.. فمسحت على جانب شعره وقالت بهدوء :
-وعدتني ماتخبيش عليه حاجة تاني 
نظر إلى الأمام يتنهد بصوت مسموع وقال بوضوح :
-بصراحة بفكر في اللي عملته زهره.. موتت نفسها يعني انتحرت 
شهقت شهقة مصطنعة لينظر إليها بلهفة وفي دهشة بينما هي قالت متصنعة الدهشة :
-انتحار؟!.. انت عارف يعني ايه انتحار؟! 
-أه يعني الإنسان يموت نفسه.. زي ما زهره عملت 
مازالت تظهر له الدهشة والذهول معًا قائلة :
-والإنسان لما يموت نفسه بيروح فين؟.. على النار فورًا.. 
استدارت نصف استدارة معتدلة في جلستها وتساءلت بصوت منخفض للغاية :
-أنت فاكر القصص الدينية اللي نانا كانت بتقولك عليها؟.. 
أومأ بالإيجاب فتساءلت :
-قالتلك إيه على الكُفار؟! 
-قالت إن هما ناس بيغضبوا ربنا ويعصوا أوامره 
-أهو بقى اللى بيقتل نفسه ده كافر وبيعصى أمر الله علشان مش مؤمن باللي ربنا كتبه عليه 
استجاب لكلمات ندى البسيطة وأخذ يفكر بعمق حتى تساءل في توجس :
-يعني اللي بيقتل نفسه مش هيشوف الجنة 
-خالص لأنه كافر والكافر مستحيل يدخل الجنة.. الإنسان المؤمن اللي مهما الظروف تيجي عليه بيحمد ربنا.. 
احتضنت وجنتيه براحتي يديها وتابعت مبتسمة :
-زهره الحمد لله بخير وقريب جدًا هتيجي تعيش معانا تاني 
ابتسم وقد تنهد بعمق فاحتضنته عنوة وقبلته على جانب رأسه قائلة :
-يلا اطلع غير هدومك علشان هنروح عند نانا 
-هنقعد يومين؟! 
تساءل بمرح فابتعدت عنه قليلًا ومسحت على أرنبة أنفه بمرح قائلة :
-النهاردة بس لحد ما اروح اشوف انكل عمرو.. واوعدك في الاجازة هنقعد يومين عند نانا 
أومأ بالإيجاب ونهض عن الاريكة يركض إلى الداخل.. فيما نادت هي على كلًا من أشرقت وآسيا وطلبت منها أن تصعد إلى غرفتها لتبديل ثيابها لتنفذ طلبها.. حملت هي آسيا وصعدت إلى غرفتها كي تبدل ثياب طفلتها وهي تتصل على رحيم.. انتهت المكالمة ولم يجيب فأعادت الاتصال مرة أخرى.. 




        
          
                
استيقظ على صوت رنة الهاتف العالية.. نظر حوله عاقدًا بين حاجبيه وتناول الهاتف ليجيب بنبرة نعاس :
-ايه يا حبيبي عاملة ايه؟ 
تركت الهاتف على الفراش بعد أن فتحت مكبر الصوت وقالت بحزن وهي تبدل سترة طفلتها بأخرى :
-حبيبي انت كنت نايم 
-اه يا روحي نمت شوية في العربية.. المهم طمينني عليكم 
-بخير الحمد لله يا حبيبي.. هبعت الولاد عند نانا لحد ما اجيلك علشان اشوف عمرو 
رفع نظارته الشمسية على مقدمة رأسه متسائلًا :
-هي زهره مش في البيت؟ 
شعرت بالحزن وأخذت تفكر بماذا تخبره بينما وضعت آسيا كفها الصغير على الهاتف تنادي والدها بصوتها الطفولي.. ابتسم رغمًا عنه عندما استمع إلى نبرة صوتها الذي اشتاق إليها كثيراً وتمنى لو كانت أمامه الآن ليضمها إلى صدره :
-يا روح بابا وحشتيني 
أخذت تتحدث معه بكلمات طفولية بعضها مفهوم والبعض الآخر لا.. لكنه يبادلها بالحديث كأنه يفهمها فابتسمت ندى على ذلك الحوار الرائع وجلست تمشط شعرها الصغير فرصة لانشغالها.. عقب انتهائها أخذت الهاتف وضعته على آذنها بعد أن كتمت الصوت.. نهضت لتقف جوار والدتها وتبكي من أجل الهاتف لكنها ابتعدت عنها برأسها قليلًا قائلة :
-ساعه بإذن الله وهكون عندك 
-في انتظارك يا روحي.. ماقولتيش زهره فين؟ 
-أه زهره.. حصل خلاف بسيط بينها وبين والدتها لما اشوفك هقولك
وبعد حديث آخر طال لدقائق قليلة أنهت المكالمة وقامت بتبديل ثيابها البيتي بفستان مستردة طويل مزين بحزام بسيط أسفل صدرها من خيط الخيش البنى وخبأت شعرها بحجاب أبيض جعلها أميرة.. ثم تناولت حقيبة تليق بثيابها وحذاء ابيض رياضي.. ثم حملت طفلتها وهبطت إلى الطابق السفلي..

تركتها مع أختها حتى لملمت زجاج الأطباق التي قد كسرتها رنا.. بعد انتهائها مشطت شعر أشرقت ورفعته على شكل كعكة في منتصف رأسها ثم أخذتهم وغادرت المنزل 
***
عند وصولها صفت السيارة جانبًا وترجلت تنظر حولها لتجد سيارة رحيم.. اتجهت نحوها ووقفت تنظر إلى الداخل بواسطة النافذة لترى داخلها.. ففتحت الباب وجلست على المقعد وهي تقول بلهفة اشتياق واضحة :
-وحشتني جدًا.. وحشتني.. وحشتني 
نظر إليها مبتسمًا واحتضنها بشدة وقال بعد أن قبلها على كتفها :
-وحشتي قلبي وعيوني يا روحي 
ثم ابتعد عنها ليمسح بكفة على وجنتها فمسكت بكفة وقالت بنبرة بكاء :
-البيت وحش من غيرك.. ربنا يخليك ليا 
-يا رب ويخليكِ ليا يا روحي 
صدح صوت الهاتف الخاص به فأخذه من شاحن السيارة وأجاب على الضابط صديقة.. أخبره بعنوان صاحب السيارة كما أنه أعطى له الكثير من المعلومات.. شكره بامتنان شديد ثم أنهى معه المكالمة.. نظر إلى حبيبته الذي اشتاق إليها كثيرًا ومسك بكفها رفعه إلى حيث شفتيه ليطبع عدة قبلات حانية عليه ثم طلب منها أن تنزل.. 




ترجلا من السيارة ومسك بكفها ثم دلفا إلى الداخل.. وصعد الإثنان إلى الطابق المنشود بواسطة المصعد الكهربائي.. عند خروجهما اتجها إلى الغرفة التي بها عمرو.. عند قربه منها توقف عن السير عندما رأى الضابط يتحدث مع والديه.. توقفت ندى أيضًا ناظرة إليه وتساءلت :
-وقفت ليه؟! 
فاق على سؤالها ونظر إليها يومئ على أن لا يوجد شيء.. ثم أكمل السير برفقتها ووقف ينظر إلى المحقق.. نظرت الوالدة إلى رحيم وأشارت إليه قائلة :
-ده صديقه ويعرف عنه حاجات اكتر مننا 
نظر المحقق إليه وصافحة مرحب به ثم استأذنه رحيم ليتحدث معه جانبًا.. وافق ووقف معه جانبًا في حين احتضنت ندى والدة عمرو وقالت بود :
-حمد الله على سلامة عمرو يا طنط
قالت وهي تربت على كتفها :
-الله يسلمك يا بنتي.. أنتِ مرات رحيم؟ 
ابتعدت عنها قليلًا تومئ بالإيجاب ثم نظرت إلى والده قائلة بهدوء :
-بإذن الله يقوم بالسلامة يا عمو 
-يا رب 
جلست والدته وهي تجلسها معها على المقعد المجاور لها.. أما رحيم فتحدث مع المحقق للحظات فتساءل الأخير :
-طيب يا أستاذ رحيم ماتعرفش أستاذ عمرو عنده أعداء ولا لاء؟! 
-لاء عمرو الناس كلها بتحبه.. اللي ضرب عمرو ممكن كان يقصدني أنا وهو فداني أو ممكن قاصد عمرو علشان يقهرني.. يعني أنا المقصود في الحالتين 
أومأ بتفهم وتساءل بجدية :
-طيب بتشك في مين؟! 
فكر للحظات يحك ذقنه بأنامله ثم رفع سوداويته إليه وقال بجمود :
-أنا مش بشك أنا متأكد.. واحد مسجون لكن اكيد له ناس بره.. أسمه تميم الشاذلي وللأسف يبقى ابن عم مراتي 
-تمام احنا هنستجوبة ونعرف منه بعت مين علشان يعمل كده 
-وأنا هتابع مع حضرتك التحقيق 
صافحة المحقق واستأذن ليغادر.. انتظر هو للحظات ثم نادى ندى فنظرت إليه ثم نهضت متجه إليه ووقفت أمامه فتساءل باهتمام :
-ايه اللي حصل مع رنا وزهره؟ 
تطلعت إليه بحزن واضح وقصت عليه ما حدث بالتفصيل ليشعر بالقلق على ابنة شقيقته.. وقبل أن يسأل عنها أجابت ندى على ذلك السؤال قبل أن ينطق به :
-لكن هي الحمد لله بخير وأستاذة رنا وعلاء معاها 
جز أضراسه بحنق شديد قائلًا بنبرة عتاب :
-ليه رنا توصلها للمرحلة دي 
-خير الحمد لله 
خرج الطبيب ووقف يتحدث مع والديه يطمئنهم على حالة ابنهما الوحيد.. بمجرد أن رأهُ مسك بيد زوجته الحبيبة واتجه إليه ووقف يسأل عن حالة صديقه ليجيب مبتسمًا :
-اطمن هو بخير وألا ماكنتش نقلته من العناية 
ابتسم رحيم وأخذ يشكره بامتنان شديد فربت الطبيب على كتفه واستأذن ليغادر.. دخل الجميع إلى الغرفة لتطمئن قلوبهم عليه أكثر.. وقف إلى جوار الفراش ينظر إليه بابتسامة قائلًا :
-حمد الله على سلامتك يا حبيبي 
قبل أن يرد قالت ندى مبتسمة :
-الف سلامة عليك استاذ عمرو 
عمرو بوهن :
-الله يسلمك.. والله يسلمك يا رحيم 
انحنى بجذعة قليلًا وقال بجدية :
-قوم يا بطل أنا محتاجك 
ابتسم إليه ثم أدار رأسه إلى الاتجاه الآخر حيث يقفان والديه وقال بصوت منخفض :
-أنا بخير الحمد لله 
استأذن رحيم واعدًا له بزيارة أخرى والآن سيتركه مع والديه.. مسك بكف زوجته وخرجا من الغربة بل وأيضًا من المشفى ووقفا عند سيارة ندى.. 




        
          
                
-يلا يا حبيبي روحي أنتِ علشان الأولاد ولما توصلي طمينني 
وضعت كفها على صدره بلطف وقالت بحزن :
-تعالى معايا.. لازم تنام وترتاح شوية 
رفع كفه وضعه على كفيها وقال مبتسمًا :
-أنا بخير طالما قلبي بينبض بِحبك 
اتسعت ابتسامتها ووجدت نفسها تحتضنه فبادلها بالعناق وقبلها على جانب رأسها.. بعد لحظات ابتعدت عنه قليلًا وتساءلت باهتمام :
-طيب قولي هتروح فين؟! 
-هشوف زهره وبعدين هاخد علاء وهنروح مشوار على السريع كده واجيلك 
-وأنا هستناك.. بحبك 
قالت آخر كلمة بمشاكسة فقبلها على جبينها بقبلة حانيه ليعود بالنظر إليها ثانية وقال بِحب :
-بعشقك يا قلب رحيم 
ودعته بقبلة عبر الهواء ثم استقلت سيارتها وغادرت إلى وجهتها.. انتظر حتى اختفت السيارة عن عيناه.. ثم استقل سيارته وغادر إلى وجهته هو ايضًا
***
" القصر.. "




صفت السيارة أمام البوابة الرئيسية وترجلت.. في ذات الوقت صدح صوت الهاتف داخل حقيبة يدها فأخرجته وهي تفتح الباب الخلفي.. ثم نظرت إلى شاشته التي تضيء باسم السيدة وفيه.. أجابت فورًا وهي تشعر بالقلق.. 




-السلام عليكم 
ردت بنبرة حزن واضحة :
-وعليكم السلام يا بنتي.. نجلاء هانم رجليها ألتوت وهي بتجري لما عرفت خبر زهره وهي تعبانه ومش قادرة تمشي 
شعرت بالحزن الشديد عليها وفكرت للحظات وهي تنظر إلى كلا من ريان وأشرقت المنتظرين فتح باب المنزل ثم قالت بحزن الشديد :
-الف سلامة عليها.. انا هبعتلك السواق يجيبها تقعد معايا يومين وهيكون في دكتور في انتظارها 
-طيب يا بنتي يسلم قلبك الطيب 
ابتسمت رغم ما تشعر به من الحزن وأنهت المكالمة.. وقد سأمت حقًا مما يدور حولهم من قلق ومشاكل وبعد ذلك التفكير رفعت مقلتيها إلى الأعلى متمتمه :
-الحمد لله على كل حال.. الحمد لله 
ثم حررت طفلتها من المقعد المخصص للأطفال وحملتها.. من ثم نادت على أحد الحرس ليأتي على الفور.. أعطت له مفتاح السيارة وطلبت منه أن يذهب ويجلب نجلاء هانم إلى هنا لينفذ طلبها على الفور.. ثم فتحت الباب ودلفوا إلى الداخل وركضت أشرقت إلى الدرج قائلة :
-هطلع أكتب واجبي 
-اوكي يا روحي لو عوزتي حاجة ناديني.. 
ثم نظرت إلى ريان متسائلة :
-مش عندك واجب؟ 
-عندي وهخلصه.. بس كنت عايزه أسألك بابي هيدربني امتى؟ 
مسحت على شعره ثم أحاطت كتفه واتجهت إلى الدرج برفقته قائلة :
-يومين بإذن الله.. ادعي وانت بتصلي أن عمو عمرو يخف 
-حاضر 
صعدا إلى الطابق العلوي وتركته يدخل عرفته ودلفت هي إلى غرفتها.. وضعت طفلتها النائمة على الفراش برفق ثم جلست على حافته واتصلت على رحيم الذي أجاب على الفور.. اطمئن الإثنان على بعضهما البعض وأنهت معه المكالمة دون أن تخبره بما حدث مع والدته كي لا يقلق أكثر.. 




بعد انتهاء المكالمة اتصلت على صديقتها جميلة واجابت بعد لحظات.. بعد تبادل السلام بينهم طلبت منها طبيب من أجل والدة زوجها.. استجابت إلى طلبها فقالت ندى بحزن :
-تقلت عليكِ يا جميلة 
-أبدًا يا روحي إحنا اخوات.. نص ساعة بإذن ودكتورة صحبتي هتكون عندك 
شكرتها بامتنان شديد ثم أنهت معها المكالمة.. ثم نزعت الحذاء من قدميها لتريح بدنها على الفراش.. 




        
          
                
" بعد مدة من الزمن.." 




صدح صوت الجرس في جميع أنحاء المنزل.. لتترك الفراش وارتدت حذائها المنزلي من ثم ركضت إلى الخارج وهبطت الدرج متجه إلى الباب.. عند وصولها إليه فتحت إياه لتجد السيدة وفيه تساعد سيدة نجلاء على السير.. أسرعت بإمساك يدها الأخرى وساعدتها على الدخول حتى وصلوا بها إلى أقرب أريكة وأراحت بدنها عليه تتأوه بشدة.. 




نظرت إلى قدمها اليمين المصابة.. لتراها وارمة بشدة كما أنها اصطبغت باللون الأحمر.. مسحت عليها برفق شديد وهمت أن تتحدث لكن دق جرس الباب من جديد.. ولأنه مفتوحًا وقفت الطبيبة تنظر إليهما فرحبت ندى بها :
-أهلا وسهلا يا دكتور اتفضلي 
تقدمت نحوها وصافحت كلًا من السيدة وفيه وندى ثم جلست على المنضدة المقابلة للأريكة وقامت بفحص القدم.. بعد ربع ساعة تقريبًا وضعت ضمادات حوله كما أنها كتبت له على مسكن لوقت الحاجة ودهان.. أخذت ندى الورقة ومضت برفقتها إلى الخارج وهي تشكرها بامتنان وقبل أن تغادر أعطت لها المال المطلوب.. ثم عادت إلى نجلاء وجلست على ركبتيها على الأرض متسائلة :
-عاملة ايه دلوقت؟! 
-الحمد لله 
-الحمد لله.. الدكتورة طمنتني وقالت إنها حاجة بسيطة بإذن الله.. 
ثم نهضت عن الأرض ونظرت إلى سيدة وفيه قائلة :
-هروح اجيب العلاج واجي.. خدي بالك من الأولاد وآسيا نايمة في اوضتي 
-حاضر يا حبيبتي 
***
بعد أن اطمئن على حالة ابنة شقيقته خرج من المشفى برفقة شقيقه واستقلا السيارة ليغادر إلى وجهته.. ذهب معه ولم يفهم شيئًا فتساءل :
-فهمني رايح فين؟ 
-لما نوصل هتفهم 
-لازم افهم دلوقت.. قولي فيه ايه؟ 
رمقه بنظرة سريعة وتنهد بنفاذ صبر على إصراره وقال بجدية :
-رايح للي ضرب عمرو بالنار.. مش هرتاح غير لما اجيب حقه بأيدي 
حملق به في دهشة وأخذ يوبخه :
-أنت رايح للمجرم بنفسك.. اللي بتعمله ده جنان يا رحيم والاحسن تبلغ البوليس 
-ما هو البوليس زمانه عرف مكانه وأنا لازم اوصل قبلهم 
ضرب كف على كف والأفضل أن يصمت فحديثه لن يغير شيء من تفكير شقيقه.. 




بعد ساعة إلا ربع تقريبًا وصل إلى المكان المنشود.. صف سيارته أمام الشارع وترجل فترجل علاء ايضًا ينظر حوله ليجد نفسه داخل حارة من الحارات القديمة والبسيطة.. تحرك رحيم مشيرًا إلى شقيقه أن يأتي معه فسار بجواره.. أخذ ينظر في كلا الاتجاهين يبحث عن ورشة لتصليح السيارات.. حتى رآها أخيرًا ويجلس اثنان من الرجال امامها.. 




وقفا أمامهم وتساءل رحيم عن الذي يبحث عنه فأخبره أحدهم بأنه في الداخل.. دلفا إلى الداخل وأخذ رحيم يناديه فخرج من غرفة مجاورة يجفف يديه بالمنشفة.. لكنه وقف يحدق في رحيم في ذهول واضح حتى ترك المنشفة تسقط من بين يديه.. تمالك أعصابه وتساءل بثبات :
-خير يا باشا عربيتك محتاجة ايه؟! 
ابتسم بخفة وقال ساخرًا :
-الحقيقة أنت اللي محتاج تصليح مش عربيتي.. اقفل الباب يا علاء 
نفذ أمر أخيه وبالفعل أغلق باب الورشة.. فتقدم رحيم إليه وأخذ بتلابيبه عنوة وهو يسأل من بين أسنانه :
-كنت تقصدني انا ولا عمرو؟! 
حاول التحرر من قبضته وهو يقول بحنق :
-مش فاهم بتتكلم عن ايه 
فاجئه بضربه قوية على أنفه بواسطة رأسه فتأوه بلهفة.. فيما تركه رحيم وسدد له عدة ضربات قوية بطريقة عشوائية وهو يكرر سؤاله ثانية بغل واضح.. سقط على ركبتيه بعد أن امتلئ وجهه بالدماء فقال علاء بحده :
-رحيم كفاية هيموت في ايدك 
لم يصغى إلى شقيقه وقبض على عنق ذلك المجرم يكرر له سؤاله فأجاب بصوت منخفض للغاية :
-عمرو 
-ايه علاقتك بتميم الشاذلي؟ 
ثم ترك عنقه فسعل عدة مرات ثم جلس على الأرض وأخذ يقص عليه كل شيء كي يفلت من شره :
-تميم صاحبي كان بيسرق العربيات ويجي لي افكها ونبعها قطع غيار ونختفي فترة لحد ما المحضر يتقفل.. فيوم سرق ابوه وسافر بره بعدها بفترة بعتلي وسافرت علشان اساعده في العربيات اللي بيسرقها.. ولما حسينا أن العين هتيجي علينا انا فلت ورجعت مصر وهو حصلني بعدها بفترة.. 
السعال قطع حبل كلماته وطلب تناول الماء فقبض على مرفقه لينهضه بعنف طالبا منه أن يكمل حديثة.. فتابع بصوت مبحوح :
-هو قالي ورث عشرة مليون هياخدهم من بنت عمه لكن انت وقفت قدامه ودخلته السجن.. روحت اشوفه وقالي على كل حاجة وطلب مني ننتقم منك علشان ضيعت مننا عشرة مليون جنية.. قالي اقتل صاحبك عمرو وبعده اخوك وبعدين ولادك 
-انتوا عاملين عليه عصابة 
ثم بدأ يسدد له عدة ضربات قوية بغل واضح وهو يلعنه ويلقبه بأفظع الألفاظ.. ركض علاء إليه وحاول إبعاد شقيقه لكنه لم يتوقف عن ضربه وأخذ يركله بقدمة بكل ما فيه من قوةٍ.. اندفع علاء بحده :
-كفاية هيموت في ايدك 
نجح في أن يبعده عنه قبل أن يأخذ روحه بين يديه.. فأرجع رحيم خصلات شعره الكثيفة عن عيناه وهو يتطلع إلى ذلك الندل بعينين سكانهما الجحيم ومازال يلعنه.. جذب شقيقه كي يخرجه من ذلك المكان قبل أن يتهور ويقتله.. فكلمات ذلك المجرم الأخيرة جعلته يجن حقًا ولم يحسب تصرفاته.. 
خرجا من ذلك المكان وأغلق علاء باب الورشة خلفه ثم لحق بأخيه.. بعد ذلك استقلوا السيارة وانتظر رحيم داخلها لدقائق يراقب الورشة يخشى أن يستطيع الهرب قبل أن تأتي الشرطة.. لكنه ضربه ضرباً جعله يشعر بالعجز حتى لم يستطيع أن يستغيث بأحد.. 




جاءت الشرطة أخيراً واقتحمت الورشة ليراه المحقق في حالة يرثي لها.. أمر بإحضاره فقبض اثنان من العساكر على مرفقي يديه وخرجوا به من ثم ادخلوا إلى سيارة الشرطة.. تنهد رحيم بعمق ثم شغل السيارة وغادر إلى وجهته 
***
" مساء ذات اليوم.." 




دقت الساعة الثانية عشر صباحًا ومازالت مستيقظة في انتظار حبيب نبضات قلبها.. التي لم تغفوا إلا وهي بين أضلاعه التي تحتويها.. نظرت إلى ساعة يدها ثم تنهدت بحزن وألم واضح من الاشتياق.. ثم نظرت إلى طفلتها النائمة داخل فراشها بعدها نهضت عن حافة الفراش ووقفت أمام باب الشرفة الزجاجي.. 




بعد دقائق استمعت إلى صوت الباب ينفتح.. فالتفتت بلهفة لتجد نفسها تبتسم بمجرد أن رأته بينما هو أغلق الباب وتقدم نحوها فاتحًا ذراعيه فارتمت داخل أحضانه تعانقه بشدة.. فعانقها هو بشق الأنفس وقبلها عنوة على رأسها.. 




-وحشتني يا رحيم.. قلبي وجعني من كتر الاشتياق 
قالت كلماتها بلهفة اشتياق واضحة فارتكز بذقنه على رأسها قائلًا بروح الاشتياق :
-يا روحي.. يا روحي وحشتي قلبي وحضني.. ربنا يخليكِ ليا يا حبيبي 
-يا رب ويخليك ليا يا روحي.. 
ثم رفعت رأسها إليه وتركت خصره لترفع يديها واحتضنت وجنتيه هامسة :
-أنا روحي فيك.. عارفة انهم يومين صاعبين جدًا لكن كله هيعدي بإذن الله 
مسك بمعصمي يديها وطبع قبلة حانية للغاية على كلًا من راحتي يديها فشعرت باختطاف روحها من بدنها بتلك القبلة.. ثم ابتسمت ابتسامة رقيقة خاصه به فرفع عيناه إليها وابتسم هو الأخير قائلًا :
-أنتِ عملي الجميل في الدنيا ووجودك بيصبرني على الايام الصعبة 
رفعت نفسها قليلًا على أطراف أصابعها لتطبق شفتيها على وجنته بنعومة فأغمض عيناه مبتسمًا.. ثم نظر إليها عندما ابتعدت عنه قليلًا هامسة :
-يلا خد شاور وهستناك 
قبلها على وجنتها ثم تركها ودلف إلى الغرفة المجاورة ليأخذ ما سيحتاج إليه من ثياب من ثم خرج ودلف إلى المرحاض.. مددت هي على الفراش مستنده بظهرها إليه متمتمه :
-الحمد لله.. الحمد لله 
خرج من المرحاض بعد أن انتهى من الاستحمام ووقف أمام المرآة يمشط شعره.. ثم اتجه إلى الفراش ومدد إلى جوارها واستند برأسه على صدرها حيث يجد الراحة والأمان.. احتوته بقلبها وروحها قبل ذراعيها تتنهد بهدوء بفضل وجود زوجها الحبيب داخل أحضانها.. وجد نفسه يبتسم وقال بنبرة نعاس :
-من فرحة قلبي اني بين أحضانك ناسي انه ينبض 
ابتسمت هامسة برقة :
-نبضات قلبك بتنبض بقلبي 
ابتسمت عيناه التي تجعله أكثر جمالًا وجاذبية ثم أغمضهما مستسلمًا إلى النوم بكل أريحية.. بينما هي أغمضت عينيها بعد أن شعرت بهدوء قلبها ودقاته التي تدق من كثرة السعادة والحب الذي يغمرها 
**يتبع 
google-playkhamsatmostaqltradent