Ads by Google X

رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن و الاربعون 48 - بقلم ليلة عادل

الصفحة الرئيسية

     

 رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن و الاربعون 48 -  بقلم ليلة عادل

[ بعنوان: نزيف الروح ]
في أحد الشوارع الهادئة، الساعة الرابعة عصراً

نرى حركة سريعة في المكان من رجال الإسعاف، الشرطة، المعمل الجنائي، والنيابة، وهم يتفحصون موقع الحادث وسيارة سليم…
نشاهد رجال الإسعاف يحملون سليم وماسة على الحامل، ويضعونهما في سيارات الإسعاف التي تتحرك بسرعة…
ثم نرى أحد وكلاء النيابة، ويدعى رفيق، يتحدث مع أحد الضباط، ويدعى حسني.
وكيل النيابة رفيق: عرفتوا مين دول؟
الضابط حسني وهو يمسك بالبطاقة والرخص الخاصة بسليم وماسة: سليم الراوي، واللي معاه ماسة زوجته.
رفع رفيق عينيه بصدمة: بتقول مين!!!
حسني: سليم عزت الراوي ومراته.
رفيق: دي هتبقى قضية الموسم وصعبة! بلغتوا أهله؟
حسني: لسه، بس حالاً هنبلغهم.
رفيق: حسني، القضية دي هتكون صعبة، وهيدخل فيها أسماء كبيرة، بس ماحدش فوق القانون، فاهم؟
هز حسني رأسه بالموافقة بصمت.
💞______♥️بقلمي_ليلةعادل♥️______💞
على اتجاه آخر

أحد سيارات التاكسي.
نشاهد رشدي يجلس في المقعد الخلفي لسيارة
التاكسي، وملامحه تعكس الصدمة مما حدث، مسح على جبينه، وتذكر الحادثة، ثم ضرب على مقعد الامامي بكفه بقوة وهو يقول بذهول ونبرة عالية:
مين دول بس!!! دي مصيبة وكده اللعبة هتنكشف.
جز على أسنانه بقوة، وكاد أن يفتك بها، فيبدو أن رشدي ليس له علاقة بما حدث مع سليم وتلك المرتزقة! وإن هناك طرف آخر دخل في الخط، ولا يعلم من هؤلاء ولصالح من يعملون.
مجموعة الراوي – الخامسة مساءً
نشاهد رشدي يدخل من البوابة مسرعاً، متوجهاً إلى المصعد. توقف لانتظار هبوطه، لكنه لم يستطع الانتظار أكثر بسبب توتره الذي كان يخفي ملامح وجهه.. ركض على الدرج باتجاه مكتب فايزة في الطابق الثاني.
مكتب فايزة
كانت فايزة تجلس ومعها عماد،، منى، وصافيناز، في إنتظار خبر الحادثة التي يبدو أنهم خططوا لها بعد دقائق دخل طه.
طه متعجباً: انتم كلكم هنا غريبه! بتخططه لمين؟!
منى: تعال يا طه.

تقدم طه على ملامح وجهه علامات استفهام: في ايه؟!
أثناء ذلك فتح رشدي الباب، نظر الجميع إليه.
فايزة بلهفة وكأنها تنتظر خبراً سيفرح قلبها ويفش غليلها: ها… فرحني، خلصنا منها؟
تقدم رشدي بصدمة بعد أن أغلق الباب خلفه وقال:
في مصيبة حصلت.
صافيناز باستهجان: مصيبة إيه؟ هي دي كمان ممكن تفشل فيها؟
منى باستنكار: إحنا مظبطين لك كل حاجة، في إيه؟
طه بدهشة: أنا مش فاهم حاجة… بتتكلموا عن إيه؟
منى: أصبر إنت.
فايزة بشدة: ما تنطق!
رشدي: حصل هجوم على عربية سليم.
توقفت فايزة باستغراب وقالت: مش فاهمة! هجوم إيه؟
رشدي بنبرة مكتومة من هول الصدمة: السواق لما شاف سليم في العربية مع ماسة، رفض ينفذ اللي اتفقنا عليه و…

قاطعته فايزة وهي متسعة العينين بصدمة عندما سمعت حديثه: بتقول إيه؟! هو سليم كان مع ماسة في العربية؟
هز رشدي رأسه بنعم، بصمت ممزوج بترقب، خائفاً من ردة فعلها.
((فلاش باك))
إحدى سيارات النقل – الساعة الثالثةمساءً
نشاهد رشدي يجلس بجانب السائق داخل سيارة النقل التي صدمت سيارة سليم، وهو يتحدث عبر هاتفه المحمول.
رشدي: طيب، اختفي إنت، وبكرة هابعتلك الفلوس مع شوقي.
أغلق الخط ووجه نظراته للسائق.
رشدي: فواز، دقيقة وهيكون بيعدي من الطريق، تضرب العربية وتجري بسرعة. فاهم؟ يلا أجهز.
هز السائق رأسه وشغل محرك السيارة. أقتربت سيارة سليم وأصبحت على مرمى البصر.
رشدي: يلا اتحرك.
حين شاهد السائق سليم بداخل السيارة، هز رأسه برفض.
السائق برفض: ده سليم بيه اللي جوه!!! لا، إحنا ما اتفقناش على كده يا باشا الاتفاق كان اضرب وحده مش سليم بيه والمدام.
رشدي بشدة ممزوجة بالغضب: إنت عبيط؟ هو إيه اللي ما اتفقناش عليه؟ بقولك يلا قبل ما يعدي.

السائق بتوتر: مش هقدر يا باشا، ده سليم باشا.
جز رشدي على أسنانه بضيق وأخرج مسدسه من جيبه وصوبه نحو رأس السائق.
رشدي بامر بنظرات شرسه: اضرب العربية يا فواز بدل ما أغربلك! يلا! وزعلك على عيالك.
شعر السائق بالقلق، ابتلع ريقه وبدأ بالتحرك. فور اقتراب سيارة سليم، صدمها، لكن ليس بقوة، ثم تحرك مسرعًا.
رشدي: وقف! وقف بقولك!
توقف السائق عند أول الطريق.
رشدي: إنت بتهزر؟ دي خبطة؟ هوريك يا فواز.
فواز بتهديد: لو عملت معايا حاجة، هقول لمكي كل حاجة أعرفها.
نظر رشدي له بغل وقال: إنت بتهددني؟ هاندمك.
فتح رشدي باب السيارة وأخذ نظارة معظمة من التابلوه، ثم هبط لأسفل وتوقف وهو يشاهد سيارة سليم وهي تدور حول نفسها. رأى سليم يهبط من السيارة ويسحب ماسة، لكنه انتبه بخروج الملثمين من سيارة الموبيليا وما فعلوه مع سليم، وكانت عيناه تتسع بصدمة.
رشدي متعجباً وهو يضيق عينه: إيه ده؟ مين دول؟ هو إيه اللي بيحصل ده؟
هبط السائق من السيارة وتوقف بجانب رشدي.

السائق: باشا، شايف اللي أنا شايفه؟ لازم نلحقهم.
نظر رشدي له بغضب، وفجأة رفع المسدس وصوبه نحو وجهه.
السائق: هتعمل إيه؟
رشدي بشر: إنت الشاهد الوحيد، لازم تموت، وتموت معاك كل حاجة.
ضغط رشدي على الزناد بقسوة، وخرجت رصاصة استقرت في جبين السائق، ليرتمي أرضًا سريعًا.
ركض رشدي مسرعًا بعيدًا عن مكان الحادثة. أثناء سيره بخطوات سريعة، قابل كشكًا صغيرًا وتوقف عنده.
رشدي: عايز أعمل مكالمة.
أعطاه صاحب الكشك الهاتف. أخذ رشدي الهاتف وأجرى مكالمة.
رشدي: ألو، في حادث في أول طريق أكتوبر، الحالة خطر جدًا. متتأخروش.
أغلق الخط، أعاد الهاتف ودفع النقود للرجل، ثم استوقف إحدى سيارات الأجرة وصعدها ليغادر المكان بسرعة.
((بــاااك))
كان يقف رشدي وهو يروي ما حدث، وكان الجميع يستمعون له في ذهول.
انفعل طه بشدة: إنتم بردو نفذتوا إللي في دماغكم!!! عملتوها، وإنتي كنتي معاهم يا منى! اتجننتوا، مش عارف أقول لكم إيه.

صافيناز بشدة: بقول لك إيه، إنت كنت عارف كويس إللي إحنا هنعمله، وإنت عملت نفسك مش شايف ومش سامع وكأنك ما تعرفش. افضل بقى على كدة.
طه: ليه فاكرني زيك قاتل.
عماد بتعجب: صافيناز! طه استنوا شوية خلونا نفهم إللي حصل. إنت بتقول إيه يا رشدي؟ هجوم إيه؟ يعني مين دول؟
رشدي وهو يرفع كتفيه بعدم معرفة: ماعرفش. كانوا مقنعين وخرجوا من عربية موبيليا كانت واقفة. كأنهم كانوا عارفين ومستنين عربية سليم تعدي. كانوا عاملين له كمين، وخبطتي للعربية سهلت المهمة عليهم.
اقتربت فايزة بخطوات بطيئه، التي كانت تقف مصدومة وهي تستمع إلى حديثهم، اقتربت منه حتى توقفت أمامه باتساع عينيها.
فايزة بصدمة وعدم تصديق ونبرة مكتومة: عرفت إن أخوك في العربية، وبردو خبطها!!! وقتلت السواق عشان رفض يقتله! قتلت أخوك يا رشدي.
صفعته بقوة على وجهه وسط صدمة من الجميع، فهي لأول مرة تقوم بضرب أحدهم وخصوصاً رشدي، فهو المدلل لديها. لكن لم يتحرك أحد أو يتحدث، كانوا يشاهدون ما يحدث في صمت.
أكملت فايزة بحرقة، بنبرة مكتومة بصدمة، بعين تهبط منها الدموع…
ولما خرج من العربية، مافهوش حاجة، واتكاتروا عليه، سبتهم يقتلوه ووقفت تتفرج؟
أمسكته من ياقة قميصه بدموع وإنهيار، وهي تصرخ في وجهه بانفعال تقول: سبتهم يقتلوا أخوك!!! سبتهم يقتلو سليم وماعملتش حاجة!!! يا واطي يا حقير..
ضربت على صدره وهي تقول: للدرجة دي الغيرة عمت قلبك؟ للدرجة بتكره؟! ده دافع عنك لما كانوا هيقتلوك، وفداك بحياته ومافكرش لحظة إن ممكن يموت فيها، وإنت بكل خسة ونداله ودم بارد تعمل كدة فيه؟ بتستغل الفرصة!! سبتهم يستفردوا بأخوك، عشان لوحده ومصاب وضعيف… يا سافل، إنت! واحد ندل وجبان وحقير!

وفجأة، صفعته على وجهه بقوة، وهي تقول بإنهيار ودموع تنهال على وجهها بنبرة مبحوحة بصياح: سبتهم يقتلوه يا رشدي؟ سبتهم يقتلوا سليم! ووقفت تتفرج عليهم وهما بيضربوه بالرصاص!!! مش واحد، ٣!!! ٣ ياخسيس يا مجرم يا منحط.
أخذت تضربه على صدره بيدها بانهيار تام بكفيها وهي تصرخ به: إنت عمرك ما حبيت سليم، طول عمرك بتكره وبتحقد عليه، وبتغير منه،! عمرك ما حبيت سليم، طول عمرك ما بتحبش غير نفسك وبس، اناني كله همك تاخد مكانه وبس. غيرتك منه عمتك، خلتك تقتل اخوك …. عمرك ما حبيت أخوك برغم إنه عمره مكان خسيس معاك.
كل ذلك وهي تضربه على صدره ضربات متتاليه خلف بعض، ورشدي متوقف بصمت غريب وهو ينظر لها دون أن يذرف دمعة واحدة.
ابتعدت وهي تأخذ نفسها، وقالت: كان لازم أتوقع كل ده يطلع منك.
أشارت بيدها تهديدًا: اسمع! لو سليم جراله حاجة هقتلك! هقتلك يا رشدي وهقتل نفسي! سامع؟ يا كلب يا سافل!
وأخذت تصفعه على وجهه أكثر من مرة، بإنهيار تام، ودقات قلب تتسارع بشدة، وأنفاس مرتفعة حتى كادت أن تفقد توازنها.
ركضوا جميعًا عليها، حاولوا سحبها من أمام رشدي الذي يقف مكتوف الأيدي لا ينطق بكلمة واحدة! رشدي الذي لا يهاب أحدًا ويرد بكل برود وسوقية؟ توقف كالصنم لا يتفوه بكلمة واحدة! فهو الآن في موقف ضعف، فلا بد أن يصمت الآن. ففايزة هي سنده وأمانه، فخسارتها تعني هلاكه.
صافيناز، وهي تحاول مسكها من كتفها ومنعها من ضربه: مامي اهدي خلاص، كفاية.
فايزة بإنهيار، وهي تدفع يد صافيناز من عليها بقوة وضيق، قالت بصياح: أوعي كده! أوعي! ماحدش فيكم يلمسني!

دفعت فايزة صافيناز بقوة من أعلى صدرها وهي منهارة تمامًا بدموع تخفي ملامح وجهها، بنبرة مبحوحة من البكاء وهي تضع يدها على قلبها تحاول أخذ نفسها بصعوبة.
فايزة تشير بأصابع يدها باتهام: أنتم السبب، أنتم اللي قتلتوا سليم.
بشعور بالذنب أكملت وهي تنظر لرشدي: أنا اللي غلطت لما سمعت كلامك وكلامكم. كان لازم أبقى متأكدة إنك هتعمل كده فيه يا رشدي! حقدك وكرهك ليه يخليك تعمل كده وأكتر، وأي حد فيكم كان هيكون مكانه، كان هيكمل الخطة ومش هيهمه إن سليم في العربية! كان لازم أعرف إنكم بتتمنوا تتخلصوا منه عشان تاخدوا مكانه، وإنكم بتتمنوا الفرصة تجيلكم. كان لازم أعرف إن الغدر والخسة طبعكم وإنكم قتّالين قتلى. بس كرهي لماسة عَماني، وأنتم استغلّوني. بس يا ويلكم مني… اطمن بس على سليم.
رشدي بجبروت واستخفاف: واللي كنتِ عايزة تعمليه في ماسة الغلبانة عادي!!! يعني ماسة تتقتل عادي! وهي حامل غي شهرها الأخير، إنما الأمير الصغير ممنوع اللمس! إيه الازدواجية دي؟ إنتِ كمان قاتلة زينا بالظبط ومعندكيش رحمه وأحنا طلعنا زيك بظبط.
نظرت له فايزة من أعلى لأسفل بقهر وضربته على صدره وهي تقول: اخرس يا سافل! اخرس فاهم! مش عايزة أسمع حسك يا رشدي… كان لازم أتوقع ردك ده وإنك بتتمنى تخلص منه عشان تاخد مكانه.
رشدي بحدة وعدم شعور بالذنب: كنتِ عايزاني أعمل إيه وسط مجموعة مرتزقة؟ بقولك كانوا حوالي عشرين واحد مسلحين غير اللي بالعربيات… كنت هَمُوت جنبه قبل ما أخرج رصاصة واحدة.

فايزة باشمئزاز وهي تمرر عينيها عليه: كان أكرملك… على الأقل كنت هتموت راجل! يا خسيس.
طه بحزن: فعلاً كنت حاولت يا رشدي… أنا من الأول قلتلكم بلاش وما حدش سمع كلامي، ونفذتوا من ورايا. ده ذنب ماسة وبنتها. اللي عملتوه ده حرام… دي حامل! إزاي جالكم قلب؟ أنتم يتخاف منكم.
رشدي ببرود: وإفرضوا أنقذته… طب لما يخرج من المستشفى ويسأل: كنت هناك إزاي؟ وليه؟ ها!! وندخل في سين وجيم مش هنخلص منه! وسليم والباشا وقتها هيفهمه اللي حصل والملعوب كله هاينكشف! ها ردوا… كنا هنعمل إيه وقتها؟ كان لازم أنقذ نفسي، وأنجو بحياتي… لأني لو كنت اتدخلت كان زمان الباشا معلقنا كلنا، وأولنا إنتِ يا هانم.
فايزة بغل: ولما شوفته في العربية من البداية كملت ليه في الخطة؟ صمت رشدي دون رد بارتباك ..
أضاف فايزة … ها.. سكت ليه؟ ما ترد.
رشدي بحقد من بين أسنانه: إنتى عارفة الرد! وإنتِ وجوزك السبب، إنتم اللي زرعتوا جوانا كرهنا ليه.
فايزة وهي تمرر عينيها عليه بضيق: أنت اللي خسيس يا رشدي وسماوي. حاسب لحسن سمك يسمك في يوم وقريب أوي.
عماد بشدة: ما تسكت يا رشدي. إيه اللي بتقوله ده؟
رشدي بسوقية: بأقول اللي أي حد فيكم كان مكاني كان عمله. ما أنا مش هحاسب على المشاريب لوحدي، كلنا في الهوا سوا. والهَانِم متأكدة من ده.
فايزة باختناق وهي تشعر بتعب، فهي لم تعد تستطيع الاستماع إلى حديثه. لم تكن تعلم أنه يكره سليم لهذا الحد: خدوه من قصادي، مش عايزة أشوفه قصاد عيني ولا أسمع صوته.

ضربت صافيناز رشدي على كتفه وهي تقول بحدة: أسكت بقى… كلامك سم. بعدين يمكن بنغير وبنتضايق منه، بس مش لدرجة قتله! ده أخونا مهما كان. أنت مجنون يا رشدي! تعرف إنه في العربية وتكمل؟ ده كده أخاف على نفسي منك. أنت مالكش أمان.
رشدي باستنكار: بقولك إيه، ما تُمثليش يا صافيناز عشان تمثليك وحش،؟
طه بشدة: خلينا الأول نتأكد، سليم حي ولا مات.
فايزة برجاء: إن شاء الله حي وهيقوم بالسلامة.
منى: مادام ماجاش أي خبر لحد دلوقتي، يبقى سليم عايش. أكيد نقلوهم للمستشفى ولسه بيتعرفوا عليهم.
رشدي: الموضوع لسه ماكملش ساعة.
فايزة بتهديد: انتوا تدعوا ربنا مايكونش حصل له حاجة. لأن سليم لو حصل له حاجة، . هاقول لعزت كل حاجة. مش هيبقى عندي اللي أخاف عليه بعد اللي عملته في سليم يا رشدي. أرواحكم مش هتكفيني.
صافيناز برعب وبنبرة مهتزة: مامي، بابي! إيه اللي يعرف؟ دي تبقى مصيبة، ممكن يقتلنا.
فايزة بعدم اكتراث: ما يقتلكم. ما أنتم هان عليكم وقتلتوا أخوكم. أنا اتفاقي معاكم كان تتخلصوا من ماسة عشان النسبة، إنما سليم لا.
طه بضيق: وإحنا مالنا؟ ليه نتحاسب على ندالة رشدي؟ بعدين أنا مالي، أنا ماكنتش عارف. أنتم لعبتوها من ورايا.
صافيناز بعصبية: بس مراتك معانا، مراتك كانت عارفة كل حاجة ووافقت.

فايزة بحدة: والله الباشا بقى اللي يقرر مين مالوش دعوة ومين لا! أنا هاقوله اللي حصل. ما تقلقوش، أنا كمان هاتحاسب معاكم لأني وافقت واشتركت.
عماد بعقلانية: اهدي يا هانم، ما حصلش حاجة. إن شاء الله سليم هايكون بخير. ورشدي أكيد ما اتدخلش لأنه لوحده طبيعي يخاف. وموضوع العربية طبعاً غلط، وهنحاسبه. بس نعدي اللي حصل. المهم إننا لازم نعرف مين عمل كده؟ وليه؟ وأكيد كلها كام دقيقة والخبر هيوصل، فلازم نكون هادين ونتفاجئ عشان الباشا ما يلاحظش حاجة.
طه يقترب من فايزة برعب وتحايل: ماما، أوعي تقولي لبابا. مسك يدها وقبلها… عشان خاطري، ده يقتلنا فيها. وإنتي متأكدة إن سليم عنده حاجة تانية.
منى بقلق ممزوج بخبث: طبعاً الهانم مستحيل تعمل فينا كده. إحنا ما نعرفش حاجة. الاتفاق كان على عربية تخبط العربية اللي هاتكون فيها ماسة عشان نخلص منها. ما نعرفش بقى سليم إمتى ركب معاها؟ ومين الناس اللي هجموا عليهم؟ إحنا مالناش علاقة.
صافيناز بتأييد: أيوة طبعاً. إحنا كنا مظبطين له ميعاد مع الوزير، وتفاجئنا لما رشدي جه وقال إنه ما رحش! المفروض إنه هناك دلوقتي! إزاي؟ وليه ما رحش؟
عماد: أكيد غير رأيه وهو في الطريق.
صافيناز بغل وكراهية: طبعاً، ما هو ما يقدرش يرفض لها طلب. ده لغى ميعاد الوزير علشانها.
منى بسخرية: بيحبها. ما هو الراجل لما يحب ست لو طال يجيب لها نجمة من السما يجيبها تحت رجليها. المهم لازم نأمن نفسنا من الباشا.
رشدي بستنكار:. أنتم عمالين ترغوا ونسيتوا إننا في مصيبة. لازم نأمن نفسنا.
فايزة كانت تنظر لهم بتعجب شديد وهي تمرر عينيها عليهم وتضع يدها على قلبها بتعب. كل منهم خائف على نفسه ولا يعنيه ما أصاب سليم أو يقطر دمعة من عينه من أجله للحظة. ألهذه الدرجة يكرهونه؟ ولماذا؟ لم تحتمل فايزة أكثر. وضعت يدها على رأسها، ويبدو أنها تشعر بالدوار وتأخذ أنفاسها بصعوبة.

فايزة، تضع يدها على جبينها، بقهر ممزوج باستغراب وعدم توازن: أنا مش قادرة آخد نفسي… مش قادرة آخد نفسي منكم! أنتم إزاي كده! محدش فيكم فكر في سليم ولو للحظة! كل اللي فارق معاكم نفسكم وبس! للدرجة دي بتحقدوا عليه وبتكرهوه؟
صافيناز وهي تسندها: تعالي ارتاحي يا مامي.
فايزة بتعب: أرتاح إزاي؟ مافيش راحة يا صافي، مافيش راحة طول ما قلبي مش مطمن على سليم.
جلست على المقعد وهي تضع يدها على قلبها بانهيار.
صافيناز بتبرير: مامي، إحنا بنحبه، بس إحنا دلوقتي لازم نفكر في نفسنا. الباشا لو عرف هايقتلنا. إحنا لازم نعرف مين اللي عمل كده؟ ونخفي آثار أي حاجة ممكن توصلهم لينا.
عماد بتأكيد: رشدي، إحنا لازم نخفي أي تفاصيل ممكن تدينك عشان لما الباشا يدور ما يوصلش لحاجة. أنت قلت كلمت الإسعاف من تليفون من المحل وركبت تاكسي، صح؟
رشدي يهز رأسه بنعم بصمت.
منى بجبروت: يبقى صاحب المحل ده لازم يتقتل. لازم تبعت حد يا عماد يولع في المحل باللي فيه عشان تبان إنها حريقة عادية. وسواق التاكسي ده كمان لازم توصلوا له ويختفي، وأكيد كاميرات اللي قصاد المجموعة مصوره ان رشدي جه قي تاكسي و لو حد شفها هتبقى حاجه غريبه وهتشكك الكل فيه، لازم تسجيل الكاميرات دي تختفي، مش لازم نسيب أي أثر. أي تفصيلة صغيرة ممكن تودينا في داهية. أنت متأكد إن السواق مات؟

رشدي ببرود: اديتهاله في دماغه.
عماد :والعربيه كمان ما كانتش تبع المجموعه رقمها متفبركه.
منى: بس السواق شغال في المجموعة وهيتعرفوا عليه وهيسالوا اهله؟!
عماد: يبقى جثه السوق لازم تتبدل بواحد مجهول الهويه انا هخلص الموضوع ده.
رشدي: ازاي اكيد وصل المشرحه ؟!
عماد: الموضوع ده هيبقى عليا انا وبعدين ما فكرتش فيها وانت بتدي له رصاصه في دماغك بمسدسك المرخص؟!
رشدي: المسدس ده مش مرخص ده من المسدسات بتاعتنا التاني.
صافيناز: إحنا دلوقتي لازم كل واحد فينا يروح على مكتبه ونحاول نهدى عشان أول ما الخبر يجيلنا نتفاجأ ونزعل بجد.
طه: انتم ازاي كدة بجد ده انتم شيطانين.
صافيناز احنا بنحافظ على ارواحنا يا حبيبي.
نظرت فايزة لهم باستغراب على كم التوحش الذي هم فيه: مش مصدقة اللي أنتم فيه! أنا حاسة إني قاعدة مع عصابة وقتّالين قتلة! صاحب المحل والسواق ذنبهم إيه؟ من إمتى بنتعامل بالطرق الحقيرة بتاعة العصابات القذرة؟ أنتم نسيتوا أنتم أولاد مين؟
منى بشيطانية: لازم تفهمي يا هانم إن إحنا كلنا في مركب واحدة، والمركب دي هتغرقنا كلنا وأنتي معانا. هتنقذي نفسك ولا السواق وصاحب المحل اللي لو حد وصل لهم هايقدروا من خلالهم يوصلوا لرشدي! ووقتها الموضوع هيتكشف، ومحدش هيسمي علينا. وما تنسيش إن فيه مشكلة كبيرة دلوقت. فيه حاجة غلط حصلت وفيه طرف دخل في الخط واستغل اللي حصل وضرب ضربته وخلع. مين هو؟ لازم ندور.

صافيناز: تفتكروا اللي عمل كده كان عارف ولا هي صدفة؟
عماد: ماحدش يعرف الموضوع ده غيرنا. حتى السواق، إحنا ما اتفقناش معاه غير الصبح بعد مهددته بقتل اولاده، وما يعرفش المكان. وأصلاً الاتفاق كان على وحده ميعرفش هي مين، وسليم اللي غير رأيه، فبنسبة كبيرة صدفة، أو كانوا قاصدين ماسة! المهم خلينا فعلاً نرجع مكاتبنا قبل ما يتصلوا بينا، ونبقى نشوف الموضوع ده بعدين لأنه محتاج تفكير عميق.
صافيناز: يلا.
طه: انتم بجد كدة إزاي انا مش مصدق أن ده يطلع منكم
منى: طه تعال معايا قلبك الحنين ده هقتلنا
هزت فايزة رأسها بعدم رضا وندم لأنها طاوعتهم في هذه الخطوة. أشاحت بوجهها في اتجاه آخر، فهي لا تستطيع تحمل حديثهم وأنانيتهم أكثر.
خرج الجميع وظلت فايزة جالسة تبكي بقهر وتقول بندم شديد:
ياريتني ما سمعت كلامك يا رشدي، ياريتني ما طوعتكم. عقلي كان فين؟ ما أنا عارفة إنهم بيكرهوه، مش بعيد يكون هم اللي وراها وبيمثلوا عليا.
((فلاش باك))
قصر الراوي 11م
الهول

نشاهد فايزة وعماد وصافيناز وطه ومنى ورشدي يجلسون في الهول بعد معرفتهم خبر أن سليم نقل نسبته من المجموعة لماسة.
رشدي بشيطانية: عندي فكرة أتمنى تعجبكم.
فايزة: قول بسرعة.
رشدي بشر: نقتلها.
فايزة بتعجب: إنت اتجننت مش للدرجة دي؟
رشدي بشر: دي الحاجة الوحيدة إللي ممكن تخلصنا منها، ما إنتوا جربتوا كتير ولا حاجة نفعت، بالعكس قربوا من بعد أكتر.
صافيناز بقلق: بس مش لدرجة القتل، إحنا من امتى بنستخدم الأسلوب ده؟! إحنا ممكن ندخل في دماغ سليم إنها بتخونه أو نجيب واحد نقعده معاها في أوضة النوم، وسليم بنفسه يقتلها.
منى بشر: لسه هانستنى!! يمكن تيجي المرة دي في صالحها، دي حظها ما شفتهوش في حياتي، ووقتها سليم هيخلينا نتمنى الموت، خلينا فعلاً نشوف حد يقتلها وتبان إنها حادثة.
طه برفض: انتي اتجننتي يا منى، أنا مش موافق، قتل إيه؟ وبعدين حرام، دي حامل ولا حتى موافق على خيانه.
رشدي بشدة وهو ينظر لـ طه: أسكت إنت خالص يا حنين ..
وجه نظرات عينه للجميع. قال بشر: بصوا، إحنا نشوف يوم تكون خارجة فيه لوحدها من غير الحراس أو بالحراس مش مهم، ونراقبها ونزق عليها حد يخبط عربيتها، فتعمل حادثة وتموت فيها قضاء وقدر.

منى: بس مش دلوقتي خالص، شهر كده أو حاجة عشان سليم مايربطش التوقيت.
عماد بتأييد: فكرة الحادثة دي كويسة جداً وطبيعية.
فايزة بقلق: خلينا نشوف أي حل تاني غير القتل.
رشدي: ماما، مافيش حل كتبلها 9٪ وبنته 5٪ متخيلة، ويمكن تلعب في دماغه تاني ويكتبلها كل النسبة.
فايزة برفض: يستحيل.
رشدي: ليه مستحيل؟ عملها قبل كده، إبنك عنيد ومجنون.
فايزة وهى تهز رأسها بتوتر: أنا مش قادرة أوافق، قتل!!! أنتم فاهمين هنعمل إيه؟
منى: ده الحل الوحيد، مافيش غيره. جربنا كتير، عماد خلص إنت موضوع السواق ده، ونخلي حد يراقبها وننفذ، ده الحل الوحيد عشان بنت الخدامين دي ما تشاركناش في ورثنا.
طه بحزن: يا جماعة بطلوا جنان، إحنا هانقتل مرات أخونا، هي ملهاش ذنب. هو اللي كتبلها كل حاجة بنفسه، طب إحنا ممكن نفكر اي فكره تانبه
بعدين، الباشا بذات نفسه قال خلاص، وبعدين حامل في الشهر السابع. إحنا كمان هنقتل بنت أخونا؟ أرجوكي يا ماما، ماتوافقيش. ماتوافقيش على جنانهم ده. مش هاتسامحي نفسك طول عمرك. هتفضلي شايلة ذنب سليم وماسة والطفلة إللي هتنتهي حياتها وهي لسه ما جتش على وش الدنيا. أنا مستحيل أوافقكم على إللي إنتوا بتعملوه ده! مستحيل، ولو مشيتوا خطوة واحدة، تأكدوا إني هقف ضدكم.

رشدي بقوة وتهكم: بقولك إيه يا حنين، إنت ماتتكلمش، محدش طلب رأيك، ومالكش دعوة بالموضوع ده. ولو فتحت بقك، مش عارف ممكن أعمل إيه فيك، بس صدقني هاتندم.
طه بشدة: إنت بتهددني؟
رشدي: لا، لا، أنا بفوقك.
طه: مامي، إنتي شايفة من دلوقتي إيه بيحصل؟ تخيلي بقى بعد ما الجريمة دي تتم.
صافيناز بغل: طه لازم تفهم إن ده الحل الوحيد. إيه المشكلة لما تموت؟ ما تموت عادي. هي إللي طلعت طماعة وأستغلت حب سليم ليها وخلته يكتب لها كل حاجة. تستاهل بقى إللي يجرالها، طمعها السبب.
نظرت فايزة لهم وقالت: خلاص، مش عايزة كلام كتير. ماسة فعلاً طماعة، هي ما اكتفتش من اللي سليم كتبه لها أول حاجة أملاكه، وبعدين أملاكه المشتركة، بعدين الأسهم الخاصة بيه، ودلوقتي أخذت كل حاجة. مش معقول كل ده سليم عمله من نفسه. أكيد هي لها دور كبير، اشتغلت حبه وضعفه من ناحيتها، والطفل إللي هي حامل فيه. أنا مش هافضل ساكتة وأنا باشوف أملاك الراوي بتروح للخدامة دي وأهلها. البنت دي حية فعلاً لازم تتقتل.
طه بتحذير: بكرة كلكم تندموا بسبب إللي هتعملوا ده.
منى: خليك إنت يا حبيبي بعيد وأتفرج، وما لكش دعوة بأي حاجة، زي ما طول عمرك مالكش دعوة، أوكيه؟
(بـــاااك)

كانت تجلس فايزة تتذكر ماحدث بدموع تحرق قلبها و ندم قاتل وتقول : كنتي فين يا لا لما قولت ااه.
بقلمي_ليلةعادل⁦(⁠◕⁠ᴗ⁠◕⁠✿⁠)⁩ ❤️
في إحدى المستشفيات الخاصة السادسة مساءً
نشاهد حركة سريعة جداً أمام بوابة المشفى من الأطباء والتمريض.. بعد ثوانٍ دخلت عربيات إسعاف وتوقفت، وركض الأطباء والممرضات عليها. هبط منها المسعفون وهم يحملون ماسة وسليم على ترولي وتوجهوا بهم للداخل حيث غرفة العمليات. وأثناء نقلهم على الترولي في الممر، كان يقوم المسعف بإعطاء بعض المعلومات للأطباء.
الطبيب بتساؤل: حالة الشاب إيه؟
المسعف: الضغط 90 على 50، النبض أقل من 45، نزف دم كتير، في بدايه الثلاثينات تقريباً، وأخذ 3 رصاصات واحدة في رجله واتنين في أسفل الظهر في غيبوبة. والبنت طعنتين في الجزء الأعلى من البطن وحامل تقريباً في شهرها الأخير. درجة الوعي منخفضة والجنين لسه عايش بس نبضه بينخفض، في بداية العشرينات.
الطبيب وهو يوجه كلامه للممرضات: بسرعة على العمليات، وبلغوا دكتور جمال إن عندنا حالة ولادة حرجة، واتصلوا بالدكتور إمام والدكتور جوني ييجوا بسرعة، حالة طارئة.
وبالفعل توجهوا بهم بسرعة لغرفة العمليات.

فيلا سليم وماسة السادسة مساءً
الحديقة
نشاهد مكي وعشري وهما يشاهدان العاملين وهم يجهزون الحديقة كما طلبها سليم، فلم يصل لهم الخبر حتى الآن. كانت سلوى تقوم بربط الفوانيس المضيئة في الشجرة.
عشري: هي لسه مصدرة لك الوش الخشب؟
هز مكي رأسه وعينه عليها: اممم.
عشري: لازم تفهمها أنت عملت ليه كده؟ سامحتك نقول مبروك، ما سامحتكش خلاص كان قرارك ولازم تدفع ثمنه، المهم لازم تتكلم.
مكي: عندك حق، كلم سليم شوفه أتاخر ليه؟ هروح أتكلم معاها.
وبالفعل توجه نحوها.
أمسك مكي أحد الفوانيس وقدمه لها.
سلوى: ميرسي.
مكي: محتاج أتكلم معاكي.
سلوى: في إيه؟

مكي: لما نتكلم هتعرفي.
سلوى تنهدت باختناق وشدة: مش عايزة أعرف، أنا هاروح أشوف ماسة اتأخرت ليه؟ وهاروح، مش هاينفع تيجي تلاقيني.. تحركت حتى توقفت أمامه، نظرت لعشري.. عشري ممكن توصلني؟
هز عشري رأسه بنعم.
عشري: سليم مابيردش، طب متوصلها أنت.
سلوى بشدة: أنا قولت إنت اللي توصلني أو ها أركب تاكسي.
مكي: إشمعنا؟
سلوى: أعتقد أنا حرة.
جز مكي على أسنانه بضيق من عنادها وقال: عشري وصلها.
عشري: ها، أوصلها وأجيلك.. اقترب من أذنه وقال بهمس: جرب تاني.
هز مكي رأسه بنعم بأسف.
مجموعة الراوي السابعة مساء
مكتب عزت

كان يجلس عزت مع ياسين ويتحدث في أمور المجموعة.
عزت باستغراب: يعني سليم مارحش اجتماع الوزير وكلفك إنت بداله؟
ياسين: ماسة تعبت وهي رايحة للدكتورة، راح معاها. ده رجع من نص الطريق.
عزت تبسم: وإنت صدقته!
تبسم ياسين فهو يعلم أن سليم أصبح لا يستطيع الابتعاد عن ماسة وطفلته.
أكمل عزت: أخوك الحب اتملك منه خلاص.
وأثناء حديثهما، دخلت نانا بتوتر ودون طرق الباب وكان وجهها مخطوفاً شاحباً ..يبدو أنها استمعت لخبر سيء جداً.
نانا بتلعثم وتوتر: باشا.
عزت بانتباه: فيه إيه يا نانا؟ وشك مخطوف كده ليه؟
ابتعلت نانا ريقها بتلعثم: سليم وماسة عملوا حادثة في الطريق واتنقلوا المستشفى.
توقف عزت باتساع عينيه بذهول: بتقولي إيه!!!
وقف ياسين بقلق: مستشفى إيه؟
نانا: دار الفؤاد.

ركض عزت وياسين مسرعين للخارج، وياسين يقول: بلغى الهانم وإخواتي بسرعة وبلغي مكي وخليه يكلم إسماعيل.
نانا بتوتر: حاضر، بس أبقوا طمنوني.
مستشفى دار الفؤاد – السادسة والنصف مساءً
دخل عزت من بوابة المستشفى وخلفه ياسين وبعض الحراس بخطوات سريعة، وكانوا جميعًا يظهر عليهم التوتر الشديد حتى اقتربوا من الاستقبال.
ياسين بتوتر: فيه اتنين جوا من شوية في حادثة عربية تقريبًا.
موظف الاستقبال: هم في العمليات في الدور الثالث.
توجهوا مسرعين، وصعدوا المصعد إلى الطابق الثالث، ثم خرجوا وهم يلتفتون حولهم.
عزت بشدة وبصرخ: إنتوا واقفين؟! اعرفوا أي حاجة بسرعة!
ياسين محاولًا تهدئة والده: بالراحة يا بابا، هايحصل لك حاجة.
عزت بعيون مغرورقة بالدموع ونبرة مكتومة: سليم ما ينفعش يحصل له حاجة.
اقترب منهم الضابط حسني ومعه أحد الأمناء.
حسني: معاكم النقيب حسني الفاروق.
ياسين بعملية: ياسين الراوي، أخو المصاب. ممكن نعرف إيه اللي حصل بالضبط؟

حسني: سليم بيه اتعرض لمحاولة قتل، اتضرب بالرصاص.
عدل عزت من وقفته، وأتسعت عيناه بذهول: إيه؟ اتضرب بالرصاص؟!”
حسني بمهنية: جالنا إخبارية إن فيه سيدة مطعونة ورجل مضروب بالرصاص، مرمين على أول طريق أكتوبر. عرفنا من الأوراق الشخصية إنه سليم بيه ابن حضرتك وزوجته ماسة مجاهد.
في تلك اللحظة، اقترب منهم أحد الحراس مع الطبيب المشرف على حالة سليم.
نظر له عزت تسأل بقلق: سليم كويس؟
الطبيب بمهنية: حالة المريض خطيرة جدًا، أخد 3 رصاصات في أماكن متفرقة.
عزت باضطراب ورعب حقيقي: ابني مش هيموت! سليم الراوي مش هيموت! فاهم؟
ياسين: أهدأ يا بابا.
الطبيب بمهنية: إحنا بنعمل اللي علينا يا فندم.
في تلك الأثناء، اقترب منهم جميع أفراد العائلة، وكانت ملامح وجوههم تعكس المفاجأة المصطنعة، ما عدا فريدة وفايزة وإبراهيم وهبة.
فريدة ببكاء: بابي، إيه اللي حصل؟ سليم مالو؟
ياسين بقلق: في العمليات يا فريدة، اتضرب عليه نار.

عماد بصدمة مصطنعة: مين اللي تجرأ وعمل كده؟
رشدي بتمثيل: مهما كان اللي عمل كده، هنجيبوه ونحاسبه.
فايزة موجهة نظراتها للطبيب بدموع: دكتور، لو هنجيب دكاترة من برة أو نسفره للخارج، المهم سليم لازم يبقى كويس.
الطبيب: إحنا بنعمل اللي علينا ومعاه أكبر دكاترة جراحة.
ياسين بقلق: طب مراته كانت معاه وحامل؟
فريدة بذهول: هي ماسة كانت معاه؟!
الطبيب: في غرفة عمليات تانية، وللأسف ما عنديش معلومات. دعواتكم، عن إذنكم.
عماد بخبث: عرفتوا إيه اللي حصل بالضبط؟
ياسين بحزن: لا، كل اللي عرفناه إنه اتضرب عليه رصاص.
صافيناز بحدة: إيه؟ إزاي؟ أمال فين مكي؟ فين الحراس؟
عزت بإختناق وذهول: مش عارف، مش عارف.
ياسين بشدة: حد يكلم مكي، يشوفوه فين، وإيه اللي حصل؟
حسني بتهذيب: عزت باشا، محتاجين نتكلم.

عزت بحدة وعصبية: مافيش كلام دلوقت غير لما أطمن على سليم. ياسين، كلم الوزير لطفي يشوف رجالته.
ياسين وهو يشير بيده: حاضر يا بابا، بس أهدأ.
ثم نظر إلى حسني وهو يمسكه من كتفه: بعد إذنك، أديك شايف، مش هانقدر نتكلم دلوقتي في أي حاجة.
حسني: أنا فاهم الموقف وبأعتذر، بس سؤال واحد: هل فيه أعداء؟
ياسين بضيق: لا، ومن فضلك، مش هانتكلم دلوقتي. أرجوك، تقدر الظرف.
حسني: آسف، عن إذنك.
تحرك حسني، وأثناء ذلك جاء مكي وعشري وجميع رجال سليم، وعلى وجوههم الصدمة والرعب.
مكي بوجه حزين وعينين محمرتين من أثر البكاء: هو إيه اللي حصل؟
عزت بغضب: إنت المفروض تقول لي إيه اللي حصل؟ وإزاي تسيبوه لوحده؟
مكي بتوتر ونبرة مكتومة: سليم هو اللي طلب كده.
فايزة: هو مش كان عنده اجتماع مع الوزير؟
مكي: أيوه، وكنا رايحين، وفي الطريق…
فلاش باك

سيارة سليم الوحده مساءً
نرى سليم جالسًا على المقعد الخلفي للسيارة وهو يتحدث في هاتفه، بينما كان مكي يجلس على المقعد الأمامي بجانب السائق.
سليم بحب: إيه يا عشقي، نازلة دلوقتي؟ … تمام، وأنا رايح الاجتماع. أعمل إيه؟ جه فجأة، كان نفسي أجي معاكي النهاردة… فعلا الدكتورة هتحدد لك ميعاد الولادة كويس… خدي بالك من نفسك… حاضر، وإنتي كمان… سلام.
أغلق سليم الهاتف وكان يبدو عليه الضيق. انتبه له مكي.
مكي: شكلك متضايق.
سليم، وهو يزم شفتيه: كان نفسي أروح معاها دكتور هتحدد ميعاد الولاده.
مكي: بس الوزير مستنيك وعشري معاها وانا هوصلك وروحلها.
سليم: بس هي أهم من الوزير.
مكي تبسم: بتفكر في إيه؟
صمت سليم لثوانٍ ثم ابتسم: “فكرت باللي جه في دماغك.
مكي، معلقًا بمزاح: إنت مجنون! ما تبقاش سليم لو ما عملتش كده.
رفع سليم هاتفه مرة أخرى وأجرى مكالمة.

سليم: ألو، ياسين، عامل إيه؟ … تمام. بقولك، ماسة تعبانة ولازم أوديها للدكتور. احضر إنت مع الوزير، وهبعَتلك الأوراق مع حد من الرجاله… الله يسلمك… ماشي، باي.
ثم وجه سليم نظره إلى مكي.
سليم: “مكي، ابعت حد يروح المجموعة يسلم الملف لياسين، وإنزل إنت والسواق من العربية وأركب في عربية الحرس.
مكي: خلينا معاك، والسواق يسلم الأوراق لياسين.
سليم: لا، أنا عايزك تروح الفيلا وتظبط الجنينة. يعني شمع وورد، حاجة من الآخر.
مكي: عشري هناك.
سليم: أسمع الكلام، وبالمرة تشوف سلوى.
رفع هاتفه مرة أخرى…
سليم: ألو، عشري، أنتم فين؟ … لسه في الفيلا؟! طب أستنى، أنا جاي… لا، جاي هاخدها أنا… متقولهاش، سيبها مفاجأة… عطلها يا عشري… سلام.
مكي: طب خد معاك عشري.
سليم، بتتهكم: هو فيه إيه يا مكي؟ من إمتى بأخدكم معايا في كل خطوة كده؟
مكي: عادي يعني.

سليم: عايز أبقى براحتي.
بـــااااك
كان مكي واقفًا يروي لهم ما حدث.
اكمل مكي وهو يحاول الحفاظ على ثباته: هو ده اللي حصل.
عزت، بشدة وعتاب: غلط يا مكي، ما كانش لازم تسيبه.
فريدة: هي أول مرة يرفض ياخدكم؟
مكي هز راسه برفض: لا، أوقات كتير بيرفض نكون معاه، خصوصًا الصبح في خروجاته مع ماسة هانم.
أثناء ذلك، اقتربت عائلة ماسة، وهم يركضون بلهفة ورعب حقيقي، ووجوههم شاحبة.
ركضت سعدية بانهيار، ودموعها لا تتوقف، وتحدثت بلهفة وبنبرة عالية: بتي فين؟ البت فين؟ جرالها إيه؟ طمنوني على بنتي!
مجاهد، بطيبة وحزن: إيه اللي حصل يا جماعة؟ طمنونا، الله يجزاكم خير.
ياسين، بهدوء: هم لسه في العمليات.
ضربت سعدية على أعلى صدرها، بصدمة وبكاء: عمليات؟! عمليات ليه يا بني؟ وحياه النبي حبيبك، لتقولي وتطمني على ضنايا، يا ياسين بيه!
ياسين، بتؤدة: اهدي يا سعدية، والله لسه محدش فينا فاهم حاجة.

عمار، بهدوء ممزوج بحزن: طب دخلت العمليات ليه يعني؟ بتولد بدري.
إبراهيم، بتوضيح: ماسة وسليم اتعرضوا لحادثة، ومحدش فاهم حاجة لسه، ادعوا لهم.
سلوى، بصدمة: حادثة؟!
خبطت سعدية على صدرها برعب عددت مرات
ودموع تنهمر على وجهها: يالهوي حادثة، ياحبيبتى يابنتي، دي كانت لسة مكلماني وهي فرحانة بتقولي خلاص عشر أيام وهاولد ياماما، يا حبيبتي يابتي، طب حد يطمنا يا ناس حد يقول أي حاجة أمانة عليكم متخبوش عليا.
إبراهيم محاولا تهدئتها: اهدي ياحجة إن شاء الله خير ادعيلهم.
مجاهد بقلق: يعني يا بني، حادثة بسيطة؟ ماتخبيش علينا البت وجوزها كويسين؟
إبراهيم بتهذيب: والله إحنا ما نعرفش حاجة عنهم، بس بإذن الله خير، قولوا يا رب.
سعدية بدعاء: يا رب، يا رب قومها بالسلامة هي وبنتها وجوزها… يا رب ما توجعش قلبي عليهم.
اقتربت سلوى من مكي الذي كان يتوقف ساند على حائط بحزن يحاول أن يبقى صامد وقويا ..حتى توقفت أمامه وهي تبكي بعين حمراء، قالت بهمس: إيه اللي حصل؟ إنت كنت معاهم؟
هز مكي رأسه بلا بصوت مكتوم: ما كنتش معاهم… ماتخافيش إن شاء الله بخير.

سلوى وهي تنظر حولها لتتأكد أنه لا يوجد أحد يسمعها، اقتربت منه وهمست: حادثة بجد ولا حاجة تانية؟
هز مكي رأسه بنعم همسًا: مضروبين بالرصاص.
اتسعت عينا سلوى برعب وهي تقول: يا نهار أسود.
مكي بهمس وبنبرة رجولية: هشش… بس وطي صوتك.
وضعت سلوى يدها على فمها وأخذت تبكي: يا رب يا رب… طب مين وإزاي؟
مكي بنفي: ما أعرفش حاجة بعد ما مشيتي، الخبر جالي. اهدي يا سلوى، متتكلميش دلوقتي.
هزت رأسها بإيجاب وهي تبكي بقلق وقلّة حيلة.
(وبعد عدة ساعات)
أثناء توقف عائلة الراوي وعائلة ماسة في الممر، خرج أحد الأطباء من غرفة العمليات، واقترب الجميع نحوه.
سعدية ببكاء: طمّني يا دكتور، الله يسترك، البت عاملة إيه؟
الطبيب بجدية: ماسة هانم في العملية الثانية، أنا مع سليم بيه، وما أعرفش حاجة عنها.
سلوى ببكاء: يعني إيه ما تعرفش؟ أمال مين اللي يعرف؟
هبه وهي تربت على كتف سلوى بدموع تملأ عينيها: سلوى اهدي، خلينا نفهم، طمّنا على سليم.

عزت بلهفة: طمّني على ابني، سليم كويس؟
الطبيب بجدية: إحنا خرجنا رصاصتين، لكن لسه في واحدة.
فايزة بتهكم: ومستني إيه؟
عزت بحزم: فايزة، اصبري، كمل.
الطبيب: عزت باشا، حضرتك في قرار مهم لازم تاخده بنفسك.
عزت بقلق: قرار إيه؟
الطبيب بعملية: فيه رصاصة موجودة في مكان صعب جدًا وحساس، لو جازفنا وشيلناها، بنسبه 80% ممكن نفقد سليم بيه.
وحين استمع الجميع لتلك الكلمة، اتسعت أعينهم بصدمة، ما عدا رشدي وصافيناز وعماد ومنى الذين لم يستطيعوا التمثيل، فارتسمت على وجوههم ابتسامة مبطنة، لكن لم ينتبه أحد لهم.
فايزة بدموع بنبرة مكتومة: يموت؟!!! بنبرة عالية وغضب شديد، يعني إيه يموت؟ ابني مش هيموت، فاهم؟ لو مش عارفين تعالجوه نسفره برة.
الطبيب موضحًا: يا هانم، إحنا بنعمل كل اللي نقدر عليه، لكن الرصاصة في مكان حساس.
عزت بترقب: طب إيه هو الاختيار التاني؟
الطبيب: نسيب الرصاصة بس…

عزت بتىقب بنبرة مكتومه: بس إيه يا دكتور؟
الطبيب: هيكون فيه تأثير على حركة الرجل، وممكن تأثر على الإنجاب، بس النسبة هنحددها بعد العملية.
فريدة بصدمة: يعني إيه هيبقى عقيم؟
الطبيب: مش بالظبط، كل حاجة هنتأكد منها بعد العملية.
طه بدموع تهبط من عينه بندم قال بصوت هادئ: إحنا اللي قتلناه، إحنا السبب.
رشدي بشدة وهمس: اسكت مش وقتك.
فايزة بحزن: يعني هايقعد على كرسي بعجل؟
الطبيب: مش بالظبط، بس كله هيتحدد بعد العملية.
فايزة بحدة: كله بعد بعد؟ أمال إنت عارف إيه؟
الطبيب بتوضيح وعمليه: إن سليم بيه باذن الله هيخرج حي، لكن نسبة المشاكل اللي هتواجهه هتتحدد بعدها، بس مش هتكون خطيرة.
فريدة: يا نهار مش معقول حرام بجد.
نظر عزت لثوانٍ بصمت وأفكارٍ متسارعة في عقله، غارقة في الحيرة والقلق. كان الموقف صعبًا للغاية، والاختيار مؤلمًا بشكل يفوق احتماله. كيف له أن يرى ذلك الشاب القوي، الذي طالما كان مصدر قوته ودعمه، يجلس عاجزًا على كرسيٍ متحرك، بعدما كان رمزًا للهيبة والجبروت؟ شعر بثقل اللحظة، وكأن قلبه يكاد ينفجر من الحزن على سليم، الذي كان لا يصدق ما حدث له. كان يعلم أن هذا الاختيار سيترك جرحًا عميقًا في نفس سليم، صاحب الشخصية القوية والكبرياء الذي لا يقبل الهزيمة. كيف له أن يواجهه بهذا الواقع القاسي؟ كان عزت يشعر بالعجز أمام قدرته على اتخاذ القرار، كما لو أنه يختار بين الألمين.

عزت بنبرة مكتومة: لو عملنا العملية، سليم يموت.
الطبيب: الأعمار بيد الله، بس فيه مخاطرة كبيرة.
فايزة بدموع: طب مينفعش نأجلها لحد ما يسترد صحته ونعملها تاني؟ أو يسافر برة وتكون النسبة أعلى؟
الطبيب بتأييد: طبعًا ممكن.
مجاهد: خلاص، استنى يا عزت بيه، وإن شاء الله سليم هيبقى بخير ويقوم بالسلامة وشويه ويعمل العملية وباذن الله ميحصلش اللي الدكتور قال عليه.
ياسين: ايوه يا بابا لازم تعملها.
عزت بقلق حقيقي: أنتم عارفين سليم لما يصحى ويلاقي نفسه كده، هيحصله إيه؟
فريدة: بس لو عملها، في احتمال نتحرم منه. على الأقل لو معلهاش، لسه في أمل، ويسافر. والطب كل يوم بيتطور، حتى لو على كرسي بعجل، بس سليم هيبقى حي وعايش بينا.
طه: بابا لازم سليم يكون وسطنا حتى لو على كرسي بعجل.
هبة؛ الدكتور قال بنسبة يعني محتمل يخرج كويس وتبقى الأعراض بسيطه.
طه: مظبوط.
عزت: سلبم عنده يموت ولا يشوف نفسه عاجز.

فايزة برجاء: عزت، مش هنغامر بحياته، قول آه.
مكي: عزت باشا سيب الرصاصه احنا كلنا هنبقى جنب سليم.
نظر عزت لهم بضعف، بأفكار تضرب برأسه كذبذبات الكهرباء. فالجميع موافقون على تلك العملية، لكن انعكاسها على شخصية سليم سيكون مظلمًا. بعد ثوانٍ من تلك النظرات التي تترجاه أن يوافق، مسح دموعه وقال بقهر: خلاص، سيب الرصاصة يا دكتور، وهات الإقرار أمضي عليه.
الطبيب: تمام.
سعدية بدموع: الله يسترك يا ابني. بنتي عايزة أطمن على بنتي، ما حدش مطمّنا.
سلوى: ايوه يا دكتور مش عارفين نعرف اي حاجه عنها، طب ليه مش مهتمين بيها.
مجاهد بقلق وضعف: قولنا أي حاجة، طب بنتي ماتت عشان كده ساكتين؟ ماتخبيش علينا.
سعدية بحدة: تف من بوقك يا أبو عمار، البت كويسة صح يا دكتور؟
الطبيب بأسف: أنا يا حجة، حقيقي ما أعرفش حاجة عن حالة ماسة هانم، بس حالا هسألكم. لكن إن شاء الله مافيش حاجة خطيرة. أنا شوفت حالتها قبل ما أدخل العمليات، جرحها بسيط ما كانش عميق، هو ممكن يكون فيه خطورة على الجنين. عن إذنكم.
يوسف وهو يربت على كتف سعدية: ماتخفيش يا أمي، إن شاء الله ماسة هتكون كويسة.
سعديةبدموع: يارب، يارب ماتوجعش قلبي عليها.

اقتربت هبه من سلوى وربطت على ظهرها: اهدى يا سلوى متخافيش أن. شاء الله ماسة وسليم وحور هيخرجه بااسلامه
سلوى وهي تبكي: خايفه يحصل لها حاجه لو حصل لها حاجه هموت.
هبة بدموع ودعم: ان شاء الله مش هيحصل لهم اي حاجه وهيقوموا بالسلامه بس انتي قولي يا رب
سلوى: يا رب.
كل ذلك ومكي يقف ويسند ظهرة برأسه على الحائط وهو يضع يده خلفه وهو مشبكها بصمت، محاولًا إظهار تماسكه، لكن قلبه كان مثقل بالوجع. كان يسمع ما يحدث ويراقب بصمت، ومع كل لحظة، كان الندم والحزن يعصران قلبه وكأنّه يشعر أنه السبب في ما حدث لسليم.
بعد لحظات، وضع يده على قلبه الذي شعر بنغزة مؤلمة فيه، كأنّها تتسرب من أعماقه، أخذ أنفاسًا عميقة، مملوءة بالهم والألم، بدأ في التحرك في الممر وكأنّه يبحث عن مخرج من هذه الدوامة، أخذ يفتح أبواب الغرف واحدًا تلو الآخر، بحثًا عن أي غرفة لينفرد بها مع نفسه ويتيح لها الهرب من مشاعره التي تلتهمه. حتى وصل إلى غرفة أحد الأطباء الذي كان يجلس على مكتبه. فور أن رآه مكي، توقف الطبيب، وصرخ بحذر، لكن مكي أخرج مسدسه بسرعة، وصوبه بنبرة مشوشة مضطربة، كما لو كان يحاول منع نفسه من الانهيار: اخرج بره! أخرج
خرج الطبيب وهو يرتعب، وأغلق الباب خلفه وكأنّه أغلق معه الأمل. توقف مكي في منتصف الغرفة، بدأ يفك أول زر من قميصه، محاولًا أن يأخذ أنفاسه في صمت، لكنه شعر أن كل نفس يثقل عليه. فجأة، انهار على الأريكة، وأخذ يصرخ بحزن عميق، كأنّ الألم ينهش قلبه كذئب ضال عثر على فريسة. كان يبكي بحرقة، يتنفس بصعوبة، وصوت الطبيب يتردد بإذنه وهو يقول: ممكن سليم يموت. ممكن تفقدوه. ممكن يقعد على كرسي بعجل ولو فضلت الرصاصة هتعمله عقم.

نطق مكي بكلمات ممزقة: انا السبب مكنش لازم أسمع كلامك يا ريتني كنت معاك يا ريتني كنت معاك، أنا مستحيل أخسرك
“أقسم بالله يا صاحبي، هجيب لك حقك، وهدفنهم أحياء و الا ما كونش مكي.
كانت عيناه محمرة، يقدح منها القهر و الشرار كأنّه يحترق من الداخل، وهو ينطق بالكلمات وكأنّ كل كلمة تحمل عبء العالم.
بقلمي_ليلةعادل⁦(⁠◕⁠ᴗ⁠◕⁠✿⁠)⁩❤️
(بعد عدت ساعات )
غرفة الرعاية المركزة الثانية صباحًا
نرى سليم مستلقي على الفراش في سبات عميق، متصل بالأجهزة بعد إجراء العملية، فيما يراقب عائلته من الخارج عبر الزجاج، وكل منهم يتحدث بصوت داخلي.
كانت فايزة واقفة، عيونها تتنقل عليه بحزن شديد، تشعر بندم يعصر قلبها لأنها السبب فيما آل إليه حاله. دموعها تنهمر بينما تقول بصوت داخلي:
أنا آسفة، ماكنتش أقصد أعمل فيك كده. سامحني يا سليم. بس إنت السبب، إنت اللي جبت بنت خدامة وعاملتها هانم، خليتها تشاركنا في كل حاجة، وفضلها علينا، حتى أنا أمك، كان نفسي أشوف منك نظرة حب زي اللي بتبصها ليها، أنا بحبك يا سليم، إنت ابني، عارفة إني عمري ما قولتهالك ولا حتى حسّستك بيها، بس والله بحبك. واللي بعمله ده علشان مصلحتك، كان نفسي تتجوز واحدة تليق بيك وبينا، مش كفاية طه؟ لكن حبك عمّاك، خلاك تغرس في الوحل. بس والله ندمانة، ندمانة من قلبي، وهافضل ندمانة طول ما شيفاك كده.

بينما عزت قال بحزن وألم: سامحني يا ابني لأني اخترت الاختيار ده! عارف إنه صعب عليك، لكن كان لازم أعمل كده. إنت لازم تعيش، لازم تقوم. وأوعدك إني مش هارتاح غير لما أجبلك حقك.
أما رشدي فقال بحقد: ياريتك متّ، بس بسبع أرواح!
وصافيناز قالت بحقد وطمع: يا لو فضلت كده، وقتها الباشا مش هيكون قدامه غير إنه يثق فيا أنا وعماد، وناخد مكانك. بعد ما فايزة قلبت على رشدي. مش هانكر إنك صعبان عليّ، بس دي حرب مافيهاش رحمة. آسفة، البقاء للأقوى.
ياسين بحزن: يا رتني ما وفقتك ياريت تقولك لا سليم انت لازم تحارب زي ما طول عمرك بتحارب انت قوي لازم توفق وتبقى كويس انا ماليش غيرك في دنيا دي لازم ترجع.
فريدة بوجع وحزن: اها يا سليم يا حبيبى معرفش مين اللي معندوش رحمه يعمل فيك كدة، قلبي وجعني عليك ازي، انت ابنى يا سليم انا ماليش اخوات غيرك انت وياسين، الدنيا غريبه بتاخد دايما الكويس بتسيب القاسي.
طه، بندم ودموع في عينيه: حقك عليّا يا سليم. أنا كان لازم أقولك، بس أنا جبان. خفت على نفسي. والله العظيم ما كنت أعرف إنهم هيعملها، هما قالوا لي خلاص، الهانم قالت إنه خلاص.
(فلاش باك)
قصر الراوي

غرفة فايزة – الثامنة مساءً
نشاهد فايزة جالسة على الأريكة تقرأ في مجلة وهي ترتدي قميص نوم وعليه روب. طرق الباب، فدخل طه.
طه، وهو يقترب: ماما، إنتي فاضية؟
فايزة رفعت عينيها نحوه وقالت بابتسامة:
فاضية، تعالى.
وضعت المجلة على الطاولة، وجلس طه على المقعد المجاور لها.
طه: أخبارك إيه؟
فايزة، وهي تضيق عينيها: تمام، بس أكيد مش جاي تسأل عن أخباري. إحنا كنا بنتعشى سوا من شوية.
طه، برجاء وعقلانية: ماما، أرجوكي تسمعيني. صدقيني، مش صح اللي إنتو بتفكروا فيه. قتل ماسة مش صح، ولا حل. أكيد في حلول تانية غير ده. قتل لا، حرام. ده ذنب كبير. بعدين، ده عمره مكان أسلوبنا ولا سلوكنا. سيبنا إيه للقتلة والمأجورين؟ إحنا عمرنا ما لجأنا للطرق دي، حتى لو كنا لجأنا في بعض الأحيان، كانت دايمًا دفاع عن النفس. بعدين، الأسهم مش رايحة لحد غريب، دي حفيدتك، زيها زي أولادي. وبعدين، إنتي ممكن تقربي منها، تصاحبيها. أنا مش قادر أفكر في حل، مش عارف، بس بلاش قتل. أرجوكي بلاش، أصل سليم لو عرف، مستحيل يسامحنا، وهتخسريه للأبد. وعتوجعي قلبه. سليم بيحبها. أنا متضايق عشان هو كتب لها الأسهم، بس مش لدرجة القتل. بصراحة، لو فضلتم مصممين، أنا آسف، هضطر أقول له.

نظرت له فايزة بعينيها، وقالت: خلاص يا طه، صدقني الموضوع اتلغى. أنا فكرت وقررت، ما نعملش حاجة. دلوقتي بنفكر في حلول تانية لاسترداد نسبتنا. صافيناز اقترحت فكرة إنها تخلي سليم يشك في سلوكها، ووقتها هيطلقها.
طه: أي حاجة غير القتل عشان حرام، خصوصًا إنها حامل. وبعدين، فكرة سلوكها دي مش هتنفع.
حضرتك عارفه اني أن ماسة بنت محترمه جداً أنتي بنفسك بتشكري في أخلاقها، فكره غبيه الصراحه.
فايزة بشدة: حاضر يا طه. هنفكر، بس لازم تفهم حاجة واحدة: أنا يستحيل أوافق إنها تاخذ سهم واحد. ماسة طمعت ولازم تاخد جزاءها. مش بالقتل، ومش هخلي سليم يشك في سلوكها. بس إنتَ أوعى تحسسه بأي حاجة، تمام؟ سيبك من إللي قاله رشدي، رشدي ده آخره.
طه، بلوم: حضرتك إللي خليتي رشدي يتمادى معانا بالشكل ده.
فايزة بضجر: خلاص يا طه، مش عايزة كلام كتير.
(باك)
مازال طه واقفًا ودموعه تنهمر من عينيه وهو يقول بندم: أنا آسف يا سليم. صدقت كلام الهانم ووثقت فيها، بس أول ما تفوق، هحكي لك كل حاجة. أو هأستنى الدنيا تهدى شوية وأتكلم مع الباشا. مش هينفع أسكت تاني سامحني.
أما مكي، الذي كان مصدومًا مما حدث لشقيقه، قال بدموع:
أوعدك، مش هيرتاح لي جفن غير لما أوصل للي عمل كده فيك. والله لأحرقه، صاحي يا أخويا.

اقترب عشري ومعه بعض الحراس وتحدث مع مكي قائلاً: “أنا فضيت الدور كله ووقفت الرجالة، وأمنت مداخل ومخارج المستشفى برجالتنا. حتى لو النملة دخلت هنعرف. ها، هتعمل إيه؟
مكي بتوتر: الدكتور قال لو ٢٤ ساعة عدت هيبقى كويس. إسماعيل فين؟
عشري: راح مكان الحادثة بيحاول يوصل لحاجة. الموضوع كبير ومدبر، وكانوا عارفين إنه لوحده.
مكي وهو يهز رأسه بلا: ما أعتقدش. كنت معاه ومعانا الحراسة. فيه حاجة غلط ولازم نكتشفها.
💞_______________بقلمي_ليلة عادل
في الاتجاه الآخر.
غرفة ماسة.
نراها في سبات عميق، معلقة لها المحاليل، ونلاحظ أن بطنها متسطحة نوعاً ما كان جميع أفراد عائلتها يجلسون بجانبها، وعلى وجوههم ملامح الحزن والألم.
سعدية بدموع: يا حبيبتي يا بنتي، كنت مستخبيلك كل ده فين؟ مش عارفة هتلاقيها منين ولا منين؟
مجاهد وهو يسبح على سبحته: كله مقدر ومكتوب، الحمد لله. ماحدش يقولها حاجة عن سليم ولا عن بنتها.
عمار بضجر: أنا مش قادر أصدق ولا فاهم حاجة! مين إللي عمل كده في أختي؟ هي ذنبها إيه؟ وسليم إللي أتضرب بالرصاص! إزاي يعني؟ وهم بيقولوا حادثة.
سلوى بحزن: حتى ماسة واخدة طعنتين في بطنها.

سعدية بإستهجان وقهر، ودموع تهبط على وجنتيها: “إنت لازم تفهم من عزت بيه، يا أبو عمار! آه، هما هيفضلوا لحد إمتى طالعين فيها ومش مفهمنا حاجة ولا بيكلمونا! لازم نفهم إللي حصل مع البت. دول موتوا لها البت وهي في بطنها! حسبي الله ونعم الوكيل فيهم.
عمار: اتكلم مع ياسين بيه ولا فريدة هانم كويسين
مجاهد: ها أتكلم معاهم بس البت تفوق، وسليم يعدي مرحلة الخطر دي، هما دلوقتي مش مركزين غير مع ابنهم الله يكون في عنهم حاله خطيرة.
يوسف: أنا سمعت الدكتور وهو بيقولهم لو ٢٤ ساعة دول عدوا من غير ما يحصل له مضاعفات، يبقى كده عدينا مرحلة الخطر.
سعدية بدعاء: ربنا يشفيه ويعافيه ويقومه بالسلامة. لسه صغير يا كبد أمه على إللي حصله ده. والله زعلانة من قلبي عليه.
سلوى بحزن: أنا مش عارفة ماسة لما تفوق وتعرف كل إللي جرى ده هاتعمل إيه؟
سعدية: ربنا يسترها. أتكلم معهم، يا مجاهد، وأعرف منهم هيدفنوا البت فين؟ وهايعملوا إيه؟
مجاهد بقلق: طيب يا سعدية اصبري. نطمن على البت الأول بعدين نشوف هيدفنه حور فين.
سعدية: ربنا يسترها.
أثناء ذلك، بدأت ماسة تخرج همهمات متأوهة ومتوجعة، فانتبه لها يوسف.
يوسف بسعادة: أمي، ماسة شكلها بدأت تفوق.
سلوى بابتسامة ومسحت دموعها بفرحة: الحمد لله. اقتربت منها ومسحت على وجهها بحنان. ماسة حبيبتي.

ماسة بتأوهات متعبة، تحاول فتح عينيها: آه، أنا تعبانة أوي… آه، موجوعة. أنا… أنا فين؟
مجاهد بلهفة: إجري يا عمار، نادي على الدكتور.
خرج عمار مسرعاً..
سعدية وهي تمسح على شعرها بحنان: ماسة حبيبتي، حمد لله على سلامتك يا ضنايا.
أخذت ماسة تفتح وتغمض عينيها بألم، وبنبرة موجوعة تحدثت بتخريف: سليم… حور… حادثة… ضربوني بالسكينة… آه تعبانة أوي… (بخطرفه) سليم… سليم رصاصة… سليم رصاصة حور سكينه
مجاهد بحنان: ماتتعبيش نفسك يا بنتي… ماتتكلميش.
فتحت ماسة عينيها نصف فتحة، بنبرة متعبة: أنا فين؟
دخل الطبيب بابتسامة، وتحدث وهو يقترب: ماسة هانم، حمد لله على السلامة.
توقف بجانبها وأخذ يتأكد من نبضها ويتفحص عينيها.
الطبيب وهو يضع أحد أصابعه أمام عينيها ويحركه يمينًا ويسارًا، قال: بصي على صوابعي كده.
أخذت ماسة تحرك عينيها مع أصابع يده بتعب.
الطبيب بتطمين: لا، بقينا عال، الحمد لله على سلامتك.

ماسة بدون تركيز وبنبرة متألمة: أنا مش فاكرة حاجة غير إننا عملنا حادثة وناس ضربوني أنا وسليم…
وضعت يدها على بطنها وأضافت: واحد ضربني هنا…
أخذت تتسع عيناها ونظرت إلى بطنها بتوتر، وهي تتحرك يدها على بطنها كالمجنونه ببحث، ثم صرخت: حور فين؟ حور فين؟
أمسك الطبيب يدها مهدئًا: إنتي بخير.
ماسة بتوتر واضطراب وبنبرة عالية: حور فين؟! حصلها حاجة؟!!
حاولت النهوض، لكن صرخت بألم من آثار العملية، وضعت يدها على بطنها مكان الجرح، وقالت بألم: آاااه، إيه اللي حصل؟! فين سليم؟!
الطبيب محاولًا مسك يدها ومنعها من النهوض: ماسة هانم، إهدي وخليكي مكانك عشان الجرح.
ماسة بذعر ودموع، وهي تحاول النهوض، لكن كانت تمسكها من كتفها سعدية والطبيب لمنعها من النهوض.
ماسة بدموع ووجع: بنتي فين؟ حور فين؟! إنتوا وديتوها فيت؟! حصلها حاجة؟
الطبيب وهو يتحدث مع الممرضة: حضري لي حقنة مهدئة بسرعة.
الطبيب وهو يحاول تهدئتها: ماسة هانم، مفيش حاجة حصلت، لازم تهدي، كده غلط.
ماسة بذعر وإنهيار حاد، وهي تبكي وتحاول أن تنهض، لكن أمسكتها سعدية، وركض عمار هو الآخر ليمسكها بقوة من أعلى كتفها.
سلوى بحزن ودموع: ماسة يا حبيبتى اهدى حور كويسه براحه.

ماسة بهستيريا ودموع: إنتوا بتضحكوا عليا، حور حصل لها حاجة! أنا، أنا شوفتهم وهم بيضربوني في بطني وماسكين سليم…!
وهي تحاول نزع يدهم من عليها ..
أوعوا كده! بنتي حصلها إيه؟!
وهي تضرب يد الطبيب وهو يحاول تهدئتها، أوعوا… أوعوا سيبوني! إنتوا مسكيني كده ليه؟! سليم فين؟! سليم! هاتولي سليم!!
بصراخ، تنادي بذعر حاد وصوت عالي: ســليم! ســليم، إنت فين يا سـليم؟ تعالى الحقني سليم!
أمسك الطبيب الحقنة وبدأ يغرزها في كتفها.
أوعى كده! ماما! حور فين؟ ماتكدبوش عليا! حصلها حاجة؟! طب، طب… طب أشوفها دقيقة واحدة… دقيقة بس. سلـيم يا سلـيم تعال الحقني انت فين.
سعدية بوجع: يا بنتي، إهدِ شوية، الجرح ده مفتوح… إنتِ فاتحة بطنك.
ماسة برجاء ودموع: طب خليهم يجيبوا لي بنتي… (بألم) آه… أنا تعبانة أوي… بدأت تهدأ ثم أكملت: “سلوى، سليم فين؟! كلميه خليها يجي… هو ازاي سيبنى لوحدي كدة اااآه…(بتوهان) سليم… حور هتولي بنتي اشوفها حرام عليكم عايزه اشوف بنتي هاتوا بنتي … سليم.. بنبرة منخفضة: بنتي .. سليم… سسل لل…” بدأت تفقد وعيها تدريجيًا حتى غفت.
سعدية بدموع: يا حبيبتي، يا بنتي.
ثم وجهت نظراتها للطبيب وقالت: إيه يا دكتور، البنت منهارة. لما تصحى تاني هتبقى كده؟

الطبيب: لا، هتبقى أهدى شوية. بس المرة الجاية لازم يكون في طبيب نفسي. الخبر لازم يتقال لها تحت إشرافه.
سلوى: مش هاتتحمل.
الطبيب: الطبيب النفسي هو اللي هيحدد. هي نص ساعة وهتفوق. والطبيب النفسي هيكون موجود عندكم بعد إذنكم.
خرج الطبيب من الغرفة.
سعدية كان مستخبيلك كل الحزن ده فين يا بنتي اللهم لاعتراض على امرك ولا على حكمك
مجاهد: ادعلها يا سعدية ادعلها يهون عليها فارق بنتها.
سلوى مسحت دموعها: أنا هاروح أشوفهم برة وأقولهم.
عمار انا هروح اجيب مياه اجبلكم حاجة
سعدية: محدش له نفس روح انت هات بس لابوك حاجة على لحم بطنه من امبارح.
عمار: طيب.
خرجت سلوى من الغرفة ومعها عمار، جلست سعدية بجانب ماسة، وأحاطت رأسها بذراعيها تدعو لها. بينما جلس مجاهد على المقعد يقرأ لها القرآن.
بقلمي_ليلةعادل⁦(⁠◕⁠ᴗ⁠◕⁠✿⁠)⁩🌹
على الاتجاه الآخر

غرفة العناية المركزة من الخارج
نشاهد عزت وفايزة وفريدة وياسين وهبة وطه يجلسون على المقاعد في انتظار أي أخبار جديدة.
ياسين بحنو: بابا، ماتروح شوية وتيجي على الظهر كده، خلي ماما تيجي معاك وأنا وفريدة وطه هنقعد.
عزت بحدة ممزوجة بوجع: أنا مش هتحرك غير لما سليم يفوق وأطمن عليه. لو عايز تمشي زي ما أخواتك مشيو، اتفضل.
ياسين برجاء: يا بابا، أنتم مانمتوش من إمبارح وشك تعبان خالص.
عزت بحدة: إنت شايف إننا نقدر ننام وأخوك ومراته في الحالة دي؟
فايزة بشده: وانا كمان مش همشي من هنا غير لما سليم يخرج من المستشفى احجز اوضه هنا معاه.
طه: حصرتك هتقيمي مع سليم؟!
فايزة: طبعا دي اقل شيء ممكن اقدمه.
طه: اظاهر سليم كان محتاج الحادثه دي عشان نعرف إحنا بنحبه قد ايه.
فريدة بحزن: ان شاء الله يا ماما هيخرج على طول ان شاء الله.
أثناء حديثهم، اقترب عماد ومعه إبراهيم.
هبة بدموع بنبره مكتومه: ها يا عماد طمنا حور عامله ايه كويسه مش كده بس دخلت حضانه ما حصلش حاجة.

نظر لها عماد وابراهيم بصمت لا يعرف ماذا يقول؟!
قالت فريدة بحزن: ماتت؟
إبراهيم: نزلت ميتة بسبب الطعنة. خلصنا كل الإجراءات، وظهر هاندفنها، لأن دلوقتي الساعة قربت لـ3 الفجر.
هبة: مش عارفة، هو ده صح اللي عملتوه؟ دي مامتها ما شافتهاش، ماتخلوها تشوفها وتودعها حرام والله.
ياسين: هتبقى صعبة عليها لما تشوفها ميتة كده، أحسن يا هبة.
هبة بدموع: بس ماسة كان نفسها تشوفها اوي أنت ما تعرفش كانت بالنسبه لها وبالنسبه لسليم ايه انا اللي عشت معاهم الايام دي وعارفه.
اخذت تبكي اخذها ياسين بين أحضانه
إبراهيم: أنا ماقدرتش أدخل وأشوفها. تخيلي لو أمها بقى، المنظر صعب. ربنا ما يكتبه على حد.
فريدة بدموع: مش عارفة إللي عمل كده ده قلبه إيه؟ يقتل طفلة صغيرة ما جاتش على الدنيا ايه ده في كدة؟!
عماد: إللي عمل كده هيتحاسب، يا فريدة. ماتقلقيش. ماتروحي لولادك وخدي هبة معاكِي والهانم.
فريدة: صافيناز ومنى معاهم، مش هقدر أمشي غير لما أطمن على سليم وماسة.
سأل إبراهيم: أنتم اطمنتوا عليها؟
ياسين: لسه مامفقتش من البنج.

عزت: ياسين، ابقى وروح شوف لو حد من أهل ماسة هيروح معاكم وقت الدفن ولا لأ، وكلمهم يحضروا المدفن.
ياسين: حاضر.
على الجانب الآخر، داخل غرفة العناية المركزة.
كانت أصوات الأجهزة الطبية تملأ المكان، كأنها عقارب ساعة تحسب اللحظات الأخيرة.
كان سليم مستلقياً بلا حراك، موصولاً بأنابيب الحياة وكأنه معلق بخيط واهٍ بين البقاء والغياب. وجهه شاحب، وعيناه مغمضتان في سبات عميق أشبه بالنوم الأبدي.
مرّت دقائق ثقيلة، بدت كأن الزمن توقف ليتفرج على هذه اللحظة الحاسمة. فجأة، بدأ جسده يرتجف بخفة، وتحرك رأسه بحركة واهنة، وكأن روحه تبحث عن منفذ للنجاة. أنفاسه أصبحت متقطعة، ومع كل محاولة لكسب الهواء، كانت الحياة تبدو أكثر بعداً.
النبضات على الشاشة بدأت في التباطؤ… إشارة تلو الأخرى، كأنها وداع أخير…. وفجاه توقف القلب. صوت الجهاز الحاد شقّ الصمت، يعلن نهاية بقسوة.
توقفت كل الأصوات. لحظة من الصمت الموجع خيمت على الغرفة، وكأن المكان بأسره شارك في الحداد.
في الخارج، عند الاستراحة
أثناء جلوس عائلة الراوي في الاستراحة، لاحظوا جميع الأطباء والممرضين يركضون تجاه غرفة الرعاية المركزة الخاصة بسليم.
نهض عزت بصدمة وقلق: في إيه؟

نهض الجميع مع الركض السريع للأطباء والممرضات إلى الداخل.
فايزة بتوتر وعينيها مليئة بالدموع: إيه اللي حصل؟
فايزة بتوتر وعينيها مليئة بالدموع: إيه اللي حصل؟
ركضوا خلفهم إلى الداخل وتوقفوا أمام النافذة الزجاجية.
فريدة بإضطراب وهي تمسك يده فايزة: استني يا مامي بس.
توقف الجميع أمام النافذة الزجاجية، يراقبون الأطباء وهم يقاتلون الزمن لإنقاذ حياة سليم. كان أحد الأطباء يضغط على صدره بقوة منتظمة، بينما طبيب آخر يراقب الشاشة بعينين قلقتين، يراقب أي إشارة لعودة النبض. ممرضة تقف إلى جانبهم، تمدهم بالأدوات بسرعة ودقة، وأخرى تحقن الأدوية في الوريد.
كان العرق يتصبب من وجوه الأطباء، أصوات الأجهزة الطبية تضيف رهبة للموقف، بينما صافرات التحذير تملأ الغرفة، كأنها تحذر من اقتراب النهاية.
امسك الجهاز انعاش القلب وبدا بصعق القلب لكي يعود نظره بعينه الى الجهاز لكن القلب لم يعود
الطبيب مره ثانيه وضعت الممرضه الجل بسرعه ثم وضعوا على القلب لكنه لم يعود نظر الطبيب اليهم في النافذه جرب مره ثالثه .. بعد محاولات مكثفة، توقف الطبيب عن الضغط وحدق في الشاشة. ارتفعت ملامحه للحظة وهو يقول: رجع النبض! الحمد لله..
انتفضت القلوب خلف النافذة بأمل، لكن سرعان ما عاد القلق يسيطر على الأجواء. طبيب آخر لاحظ شيئًا غريبًا في الأنماط الحيوية على الشاشة. “جهزوا الحقنة! بسرعه”

قالها بصوت مرتفع، ثم أعطاها لسليم سريعًا.
مرت لحظات ثقيلة، حتى استقرت الأرقام قليلاً. لكن سليم لم يستيقظ. الطبيب، بعد لحظات من الفحص، خرج إلى العائلة .
وقال بصوت متردد: “قدرنا نرجّع النبض… بس
عزت بقلق وعيونه تتسع: بس إيه؟
الطبيب: للأسف، لكنه دخل في غيبوبة.
فريدة وهي تعقد حاجبيها: غيبوبة؟ ليه؟
الطبيب: للأسف، حالة سليم مش حرجة وخطيرة.
ولازم نتابع تطوراتها الساعات الجاية.
فايزة بقلق: يعني هيفوق إمتى؟
الطبيب وهو يزم شفتيه: ممكن بكرة… ممكن أسبوع، شهر…
عزت بنبرة مكتومة: وممكن سنة، وممكن مايقومش.
فايزة بدموع: ليه؟! أنت قلت لو سيبنا الرصاصة هيبقى كويس.
الطبيب: صدقيني، يا هانم، اللي حصل مكناش عاملين حسابه. القلب لما وقف فجأة كان السبب في دخول سليم في الغيبوبة زي ما قلت لحضرتك حاله خطيره وللاسف ما مرش لسه 24 ساعه.

ياسين بصدمه: طب هنعمل إيه؟
الطبيب بأسف: للأسف، النوع ده من الغيبوبة مفيش حاجة نقدر نعملها غير إن المريض يفضل على الأجهزة لحد ما يفوق لوحده. تنهد انا اسف عن إذنكم.
جلست فايزة بدموع وإنهيار: سليم راح، راح خلاص.
اقتربت سلوى التي كانت تقف من بعيد تستمع لما يحدث بدموع تتساقطط: إن شاء الله هيفوق وهيبقى كويس.
اقترب إبراهيم منها وسأل: ماسة عاملة إيه؟
سلوى بألم: هي فاقت، بس كانت منهارة، إدوها مهدئ، بس هي لسه ماعرفتش حاجة.
إبراهيم بأدب: سوري يا سلوى، إحنا مقصرين معاكم، بس أديكي شايفة.
سلوى: فاهمة، ربنا يقومه بالسلامة.
توجهوا مرة أخرى للخارج وجلسوا في الاستراحة.
جاء مكي وهو يحمل أكواب قهوة و أخذ يوزعها عليهم، ما عدا فايزة التي رفضت ونهضت وتوجهت إلى غرفة الرعاية من الخارج. توجه مكي إلى سلوى وقدم لها.
أخذتها سلوى منه وقالت: سليم دخل في غيبوبة.
مكي بذهول واتساع عينيه: إيه؟! بتقولي إيه؟

سلوى بوجع: قلبه وقف وإنت تحت، ولما رجع دخل غيبوبة، مش معروف هيرجع منها إمتى.
اهتزّت يد مكي للحظات، وترقرقت الدموع في عينيه بوجع لم يشعر به من قبل. ثم ساد الصمت، ثقيلًا كالحجارة، وكأن الدنيا كلها انطفأت من حوله، الخبر كان صاعقًا، كأن الأرض ابتلعت قدميه، وشعور الخوف بدأ يتسرب إلى قلبه بشكل لم يسبق له مثيل. حاول أن يظل قويًا، أن لا ينهار أمام الحقيقة المريرة، لكنه لم يستطع. ضرب بقوة على الحائط وهو يجز على أسنانه، وكأن كل جزء من جسده يصرخ باسم سليم أخيه الروحي وصديقه وتوأم روحه الذي كان دائمًا يحميه، هو من يواجه كل شيء بقوة ولا يبالي بالأخطار الآن صار ضعيفا لاحول له ولا قوة يصارع غيبوبته التي لا أحد يعلم نهايتها إلا الله…كان الألم يعتصر قلبه. كيف له أن يظل صامتًا في هذا الوقت؟ كيف له أن يقف مكتوف الأيدي أمام مصير صديقه؟ هو ليس مجرد حارس شخصي، بل هو أخٌ وصديق، وهو الذي وعد نفسه بأنه سيكون دائمًا في ظهره، لكن الآن، في تلك اللحظة الحاسمة، لا يستطيع أن يفعل شيئًا. يشعر كأن الأرض تدور به، وكأن العالم كله ينهار فوق رأسه.
ربتت سلوى على كتفه: إن شاء الله هايبقى كويس، بس انت ادعيله.
مكي هز رأسه بإيجاب بنبرة مكتومة: يا رب، يا رب. قوليلي ماسة عاملة إيه؟
سلوى بوجع: تقريبًا هتدخل في انهيار عصبي، لسه ماعرفتش أي حاجة من اللي حصل.
أخرج مكي أنفاسًا ثقيلة بوجع ونظر للأعلى،أسندا ظهريهما للحائط وتوقفا بصمت وألم.
أخرج مكي أنفاسًا ثقيلة بوجع وهو ينظر للأعلى، ثم أسندا ظهرهما للحائط وتوقفا بصمت وألم.
على اتجاه آخر

وقفت فايزة وهي تنظر من النافذة الزجاجية بدموع ووجع، وتمرر عينيها على فلذة كبدها وهو شبه ميت فهي صاحبة اليد الأولى فيما حدث له. تحدثت بصوت داخلي وندم ووجع يفتك كياناها:
فايزة بجلد ذات: أنا السبب، أنا اللي وافقت، أنا اللي رميتك بإيدي في النار. بإيدي كتبت شهادة وفاتك. نسيت إن رشدي وصافيناز ممكن يعملوا أي حاجة عشان يوصلوا لأهدافهم، وسمهم ممكن يطولك، خصوصًا رشدي. بس وحياتك عندي، ليشوفوا مني حاجة يستحيل عقلهم يستوعبها. وماسة، هي السبب في كل ده! وطلعت منها يا دوب بشوية كدمات، وخسرت بنتها. لكن حسابها معايا أصبح عسير! لو بس أعرف مين اللي عمل فيك كده! المشكلة إني متأكدة إنه مش رشدي، لإنه أجبن من إنه يعمل كده. ومستحيل تكون صدفة…
زفرت أنفاسًا ثقيلة بتعب: سامحني يا سليم.
💞______💕بقلمي_ليلةعادل💕_____💞
الكافتيريا داخل المستشفى
في زاوية هادئة يجلس إبراهيم وفريدة أمام بعضهما. وأكواب القهوة بين أيديهما، ورائحة القهوة تملأ المكان. ملامح فريدة تبدو متعبة ومنهكة، بينما إبراهيم يحاول الحفاظ على هدوئه.
إبراهيم بهدوء: هنقعد نعمل إيه؟ سليم خلاص دخل في غيبوبة، زي ما سمعتي، موضوع إنه يفوق منها… ده لسه في علم الغيب.
فريدة بصوت خافت وهي تنظر لإبراهيم: روّح انت، أنا هفضل معاهم.

هز إبراهيم رأسه برفض: مش هسيبك لوحدك.
فريدة بوجع وعدم تصديق: أنا مش مستوعبة ازاي ده حصل؟ يعني إيه؟ في عز ما سليم كان جبار وبيقف في وش الأعداء، ماحدش كان يقدر يقرب منه. ودلوقتي؟ بعد ما بَعد عن كل حاجة من سنين، يعملوا فيه كده؟
إبراهيم بصوت هادئ ومليء بالتفكير: يمكن عملوا كدة في الوقت ده عشان يوجعوه على بنته.
فريدة تحدق به: لو عايزين يوجعوه على بنته، كان سابوه ..عشان يشوفوه متعذب ويفشّوا غلهم اللي في قلوبهم بس دول كانوا عايزين يقتلوه ففكرة الانتقام مستبعدة.
تنهد إبراهيم ونظر إليها بجدية: تفتكري حد من إخواتك ممكن يكون ليه دخل باللي حصل؟ بسبب موضوع الأسهم،ا؟
تجمدت فريدة للحظة ونظرت إليه بصدمة: لا… لا مستحيل، إخواتي آخرهم يعملوا مشاكل صغيرة… يوقعوا بين بابا وسليم، أو يشككوا في شغل سليم. لكن الحوارات الكبيرة دي؟ يأجروا عصابة تضربهم بالنار بالقسوة دي؟ دي لعبة أكبر منهم بكتير.
إبراهيم: يمكن عماد؟
فريدة تضحك بسخرية: عماد؟ ده أهبل. شفت سليم كان عامل إيه معاه في المخزن لما اكتشف إنه بس بص على الحسابات؟ عماد بعيد عن الحوارات الكبيرة دي.
إبراهيم بتوتر: غريب أوي الموضوع.. والتوقيت أغرب. خصوصا زي ما قلتي، بقاله سنين بعيد عن كل حاجة. يعني…مين ممكن يكون عايز ينتقم منه دلوقتي؟

تنهدت فريدة بتعب وبعينين ترقرقت بالدموع:
مش عارفة، مش عارفة والله، احنا لازم نطمن على ماسة بجد قلبي واجعني عليها وعلى البنت مش عارفة لما تصحى وتعرف كل اللي حصل هتعمل ايه؟! وقلبي وجعني على سليم أوي الرصاصة اللي لسه في ظهره دي وهتأثر على كل حاجه في حياته ده شيء صعب والله حرام سليم ما يستاهلش النهاية دي.
ابراهيم وضع يده على يدها بحب: احنا كلنا هنبقى معاه اهدي إنت بس يا حبيبتي كل حاجه هتبقى كويسة وإن شاء الله سليم هيقوم بالسلامة.
*************************
((بعد وقت))
في غرفة ماسة.
نشاهد ماسة ما زالت في سبات عميق، وجميع عائلتها وفريدة وهبة وياسين وأحد الأطباء يجلسون من حولها. بدأت تستيقظ ببطء، واقترب منها الطبيب.
الطبيب بابتسامة: حمد الله على السلامة.
ماسة وهي تفتح وتغمض عينيها بنبرة متعبة: الله يسلمك.
الطبيب: ها، أحسن؟
ماسة وهي تهز رأسها بنعم بنبرة مكتومة ومتعبة: شوية… وهي تنظر من حولها وتمرر عينيها على الجميع قالت بنبرة متعبه: هو سليم فين؟
الطبيب: خليكي معايا دلوقتي. إنتي فاكرة إللي حصل؟

بدأت ماسة تتوتر. إنتو ليه مش بتردوا عليا؟ سليم فين؟ وبنتي فين؟ (صاحت بهم) حد يرد!
نظر لها الجميع بصمت، فهم لا يعرفون كيف يوصلون لها الخبر المشؤوم! هم يعلمون جيداً كم هي متشوقة لرؤية ابنتها وتضمها بين حنايا قلبها، وتعد الأيام والدقائق والثواني من أجل تلك اللحظة. وما زاد الطين بلة ما حدث مع سليم، وأن معرفتها بذلك الخبر مع خبر وفاة ابنتها قد يقضي عليها. حاولت فريدة تهدئتها بعقلانية.
فريدة بلطف: حمد الله على سلامتك يا ماسة. ما تقلقيش، كل حاجة تمام. إنتي بس تبقي كويسة، وهايجوا يشوفوكي، يا حبيبتي. ارتاحي.
هبة: حمد الله على سلامتك يا حبيبتي.
ياسين: حمد لله على سلامه يا ماسة.
ماسة وهي تهز رأسها برفض بعدم تصديق: إنتو بتضحكوا عليا! أنا قلبي حاسس إنهم حصلهم حاجة.
الطبيب: هانضحك عليكي ليه؟
حاولت الجلوس، فساعدتها سلوى لتجلس وهي تفرد قدميها. قالت ماسة: مش عارفة!
فريدة بتتوه: ماسة، إنتي فاكرة إللي حصل؟ إنتم عملتوا حادثة؟
لكن ماسة لم تتشتت، فهي مركزة على ما تريد: آه، عملنا حادثة، فين سليم بقى؟ وفين حور؟ (تبسمت) طلعت شبهي ولا شبه سليم؟! إنتو مش بتردوا ليه؟ هم حصلهم حاجة؟ طب حور تعبانة عشان اتولدت قبل معادها؟ ماتوترونيش.

ياسين: ياماسة اهدى مالك إحنا بس حبين نطمن عليكي لاول.
ماسة: انا كويسه يا ياسين بس ردو عليا حصل حاجة؟!
نظر لها الطبيب، محاولاً أن يفهم مدى اضطرابها النفسي. سألها بعقلانية: ليه مصممة إنهم حصلهم حاجة؟ لو في حاجة هنقولك.
تنهدت ماسة وقالت بنبرة متعبة حزينة، بدموع تهبط على وجنتيها: أصلكم مش عايزين تجيبولي حور علشان أشوفها؟ طب لو هي تعبانة وفي الحضانة عشان وُلدت قبل معادها، عادي. قولولي والله مش ها أعمل حاجة، ما بتحصل، (بشوق) عايزة أروح أشوفها. أنا نفسي أشوف شكلها وأشم ريحتها، وأخدها في حضني أوي، وأحكيلها تعبتني قد إيه؟ وأغيظ سليم إن لون عينها طلع أزرق! ما حدش يقولي، لون عينيها، أنا قلبي بيقولي كده انها لون عيني… (بتعجب) وبعدين سليم فين؟ سليم ما يقدرش يشوفني كده تعبانة وما يجيش!!! هو فين؟ ماتخبوش عليا.
الطبيب: طب توعديني لو قولتلك هتكوني هادية؟
ماسة بتوتر، هزت رأسها بإيجاب: حاضر.
الطبيب: ماسة، لازم تبقي عارفة إن أي حاجة ربنا بيعملها هي خير.
ماسة بقلق ونبرة مكتومة: ليه بتقول كده؟ حصل حاجة؟
الطبيب: سليم اتصاب وهو في العناية المركزة.
اتسعت عينا ماسة بصدمة وذهول ودموع بإضطراب تلعثمت انها اصبحت لا تستطيع التحدث: ط ط… طب طب هو هو كويس؟ ماتخبش عليا! لازم أروح أشوفه، يا حبيبي يا سليم، إزاي تفضلوا ساكتين كل ده؟ لازم أكون جنبه أنا وبنتنا.

حاولت النهوض لكنها شعرت بوجع أثر الجرح. تساءلت: آه، هو فيه إيه؟ ليه موجوعة كده؟
الطبيب: من الجرح بس بكرة هتبقى أحسن.
ماسة: طب أنا عايزة أقوم.
نظر لها الطبيب بطريقة تشعرها أن هناك خبرًا آخر سيخبرها به.
ماسة بتوتر وقلق: هو إنت بتبص كده ليه؟ هي حور فين؟ بنتي فين؟ حصلها حاجة؟
الطبيب بنبرة هادئة، يحاول أن يوصل لها الخبر بأفضل طريقة ممكنة: للأسف ما قدرناش نلحق البيبي.
ماسة بصدمة، عدلت جلستها، نظرت بإتساع عينيها بنبرة عالية: إنت بتقول إيه؟ ما لحقتوش؟ إيه؟
تحدث الطبيب مع الممرضة: حضري لي الحقنة بسرعة. ثم وجه نظره مرة أخرى لماسة لكي يهدئها، وقال: ماسة هانم، إحنا اتفقنا نكون هادين. وبعدين، إنتي لسة صغيرة. إن شاء الله تجيبي غيرها.
ارتسمت على وجه ماسة نصف ابتسامة حزينة، ودموع تتساقط على وجنتيها: أجيب غيرها؟ هي سهلة كده!! هي فستان، قال أجيب غيره؟
سعدية، وهي تربت على قدميها: إحنا عارفين إنها مش سهلة، بس هنعمل إيه؟ ربنا عايز كده. قولي الحمد لله يا حبيبتي.
نظرت ماسة له بدموع محبوسه، بإنكار وعدم تصديق، وهي تشير بيدها برفض واضطراب: بس اسكت! حور مامتتش، فاهم؟ حور مامتتش! اسكت خالص، فاهم؟ حور مين اللي ماتت؟ حور عايشة! فريدة، كلمي سليم، خليّه ييجي يسكته، ده بيقول على بنتنا ماتت.

الطبيب، وهو يتك على كل كلمة: للأسف هي ماتت، ولازم تصدقي. هتهربي من الحقيقة لحد إمتى؟ إنتي من جواكي حاسة ومتأكدة، وشايفة الإجابة في عيوننا، وفاكرة الحادثة.
ماسة، بصراخ: هششش! اسكت!
أكمل الطبيب، بمواجهة: وفاكرة إن سليم اتضرب بالرصاص، وإنك اطعنتي بسكينة…
ماسة، بإضطراب ورفض الاستماع للحقيقة: هششش، اسكت خالص أسكت سليم كويس.
وضعت يديها على أذنيها، محاولةً الهروب من الحقيقة وعدم الاستماع لتلك الكلمات المؤلمة.
الطبيب بإصرار: حور ماتت، ماتت، وسليم مصاب وحالته خطيرة.
أخذت تبكي وتصرخ بشدة، وهي تضع يديها على أذنيها بقوة، وتهز رأسها عدة مرات، غير مصدقة، ومنكِرة بشده برفض شديد: لالا انت كداب.
سعدية بحزن: يا بنتي، ما تعمليش كده في نفسك، مش هتكوني أول ست يموت لها ضناها. الحمد لله إنك كويسة.
رفعت ماسة يدها من على أذنيها، منهارة، تبكي بقهر وإنكار واضطراب: لا، ما تقولوش كده! حور مامتتش! حور ماسبتنيش! إنتو بتكدبوا عليا! قولوا إنكم بتكدبوا عليا، والنبي! قولوا! أبوس أيدكم، قولوا إنها تعبانة، مشوهة، أي حاجة. أنا موافقة وهقبلها، وهحبها أوي مهما كانت، بس متقولوش إنها ماتت! متقولوش ماتت! دي كانت خلاص ١٠ أيام وهتيجي. ده أنا حضرتلها هدومها، كانت حلوة أوي، وسلوى عملتلها شراب، هي مامتتش، صح؟! كمان سليم عملها اوضه حلوه اوي.

وجهت ماسة نظراتها لمجاهد الذي كان يقف صامتًا، يراقب ما يحدث بوجع، وعيناه مغرورقتان بالدموع على حال ابنته، وهو مكتوف الأيدي لا يعرف ماذا يفعل لها.
أكملت، بصدمة ودموع يفتك بها قلبها: بابا، هما بيكدبوا عليا صح؟ قولي إنها بخير، وتعبانة شوية، بس أوعى تقول ماتت! أنا مالحقتش أشوفها! أنا ما شوفتهاش! ماعرفتش ملامحها! ولا عرفت صوتها! أنا شيلتها جوايا تسعة شهور، ويوم ما تيجي، ماشوفهاش حتى ثانية واحدة!! ها؟ ثانية واحدة!! طب هاتوها، أشوفها دقيقة واحدة، وخدوها مني تاني، ومش هاتكلم. طب ماشي، ماتت، موافقة خلاص، أشوفها بقى. أظن من حقي أشوفها وأودعها، عايزة أودع بنتي، أعرف وأحفظ ملامحها قبل ما تدفنوها، عشان أحلم بيها…
وهي تربت على صدرها برجاء، وعينها محمرة بشدة ومنتفخة من كثرة البكاء: “علشان خاطري بالله عليكم، أشوفها ثانية. حرام عليكم! طب عشان خاطر ربنا، أشوفها وأودعها، أحفظ ملامحها، وريحتها. أحضنها حضن واحد، بس. وخدوها مني تاني، والله مش هاعمل حاجة! والله ماهاعمل حاجة! أنتم خايفين أنفعل وأصرخ؟! لا، لا، مش هاصرخ! وهاسكت خالص. هاتوها بقى، أودعها… مسحت دموعها… أهو، هاقعد مؤدبة، عايزة أخدها في حضني حتى لو ميتة! بس أحس بالشعور ده لو ثانية. بعد تسعة شهور، ما تستكتروش عليا ثانية! أبوس إيديكم، أرحموني.
كان الجميع يستمع إليها، يشاهدونها بحزن وألم على حال ماسة، لأول مرة يشاهدونها بهذا الضعف والانهيار. نظر الجميع إلى فريدة، التي تبادلت النظرة معهم وهم يسألونها: “أين هي؟”
فريدة، بتوتر، قالت بترقب: بس إحنا كفناها ودفناها خلاص.

حين استمعت ماسة لتلك الكلمة، اتسعت عينيها بشدة وقالت بإضطراب وغضب، انهارت من البكاء بينما كانت تحاول النهوض رغم شدة الألم الذي تشعر به، لكن لا شيء كان أمام وجع قلبها. تقدمت حتى توقفت أمامها، وكانت سلوى تسندها، بينما كان الطبيب يراقبها بعينيه. نظرت الممرضة للطبيب، فأشار بيده أن تتركها، وكأنّه يريدها أن تُفرغ مشاعرها من الغضب والحزن.
ماسة بصوت متقطع ودموع: يعني إيه دفنتوها؟ (بصراخ وانفعال) يعني إيه دفنتوها؟ إزاي تعملوا كده من غير ما تقولولي يا فريدة؟ إزاي تدفنوها من غير ما أشوفها وأخذها في حضني؟ إزاي تاخدوها مني وتحرموني من وداعها؟
سليم ازاي يسمحلكم بكدة هو فين؟! إزاي سيبني لوحدي، حرام عليكم! يعني أتوجع تسع شهور وبعد كل التعب ده ما أشوفهاش ثانية واحدة، ولا أخدها في حضني وأشم ريحتها حتى لو كانت ميتة! ده حرام والله حرام! أاه يا بنتي، حرام عليكم! حرمتوني منها! أنا عايزة بنتي، هاتولي بنتي!
ببكاء هستيري، صراخ ونواح:
“أااااااه! عايزة بنتي! سليم! هاتلي بنتي يا سليم! أااااه يا بنتي! أاااااه!”
ركض الطبيب وأعطاها الحقنة في ذراعها، وهي تواصل الصراخ والبكاء، يبدو أنها لم تشعر بالحقنة بسبب الحالة الهيسترية التي كانت فيها. قالت بعتاب: “أنتم ليه تعملوا فيا كده؟ إزاي تعملوا كده يا فريدة؟ إزاي سليم يوافق يعمل فيا كده؟”
فريدة بحزن: أنا آسفة.
ماسة بانهيار: يعني إيه آسفة؟! مش مسامحاكي يا فريدة! مش مسامحاكي! أنا باكرهك!

سلوى وهي تمسك بها: ماسة كفاية كده! حرام عليكِ اللي بتعمليه في نفسك ده!
الطبيب وهو يمسكها من الاتجاه الآخر: “ماسة هانم، اهدي! لازم تتقبلي. ربنا أدانا حاجة حلوة وأخدها، هانزعل؟
ماسة نظرت له بهدوء: كان نفسي أشوفها. دفنوها من غير ما أشوفها.
فريدة: ماكنتيش هاتقدري تتحملي.
وضعت ماسة يدها على جبينها، وكأنها بدأت تهدأ وتفقد الوعي: “كنت هأقدر! آه، قلبي وجعني أوي، مش قادرة، مش مسامحاكم! آه، بنتي! مش قادرة! إنتوا إدتوني إيه؟”
بدأت تفقد وعيها حتى سقطت، ركض عليها عمار وحملها، ومعه الطبيب، وضعوها على الفراش.
سلوى بدموع: يا حبيبي، أمال لما تعرف اللي حصل مع سليم.
نظرت فريدة للطبيب بحدة: “إنت ليه قولتلها؟ ما كانش لازم تعرف دلوقتي! وإزاي تسيبها من غير مهدئ؟”
الطبيب بتوضيح: “كان لازم تعرف، هي من الأساس حاسة إن فيه حاجة غلط. هانفضل نكذب ونهرب من الحقيقة لحد إمتى؟ كده أفضل، صدقيني. لو كنت شاكك إن معرفتها بالحقيقة ممكن تضرها ما كنتش قولت. صدقيني يا فريدة هانم، في بعض الأحيان المواجهة بتكون أسلم وأفضل شيء. أوعي تخافي من اللي بيزعق وبيصرخ وبيعيط وبينهار، لإن ده علاجه سهل. لكن تخافي من اللي ساكت، اللي بيقول ‘أنا كويس’، اللي ابتسم وتقبل المصيبة بلا مبالاة. مالهاش علاقة بالرضا، في فرق بين الشخص الراضي بحكمة ربنا والشخص اللي استقبل المصيبة بألم وكتم مشاعر الحزن جواه. فريدة هانم، ماسة خرجت كل مشاعرها. أنا عارف كويس أنا بعمل إيه. المرة الجاية لما تقوم هتكون أفضل. على الأقل خلاص، هي عرفت الحقيقة. المهم دلوقتي، إحنا لازم نخليها تشوف سليم بيه عشان تبقى أهدى.”ط

عمار بحزن: طب وهي كل ما تفوق هتبقى بالمنظر ده؟ الدكتور اللي قبلك قال هاتكون كويسة، بس هي ولا بقت كويسة ولا أفضل. دي أسوأ.
الطبيب بعملية: ما تقلقوش، اللي حصل لها ده رد فعل طبيعي. يعني فقدت بنتها من غير ما تشوفها، والطريقة اللي واجهتها بها خلتها تفرغ كل المشاعر السلبية.”
سلوى بحزن: يعني هي هتبقى كويسة؟
الطبيب: إن شاء الله هتبقى كويسة. عموماً هي مش هتفوق دلوقتي، أنا رفعت جرعة المهدئ، وإن شاء الله لما تفوق هكون معاكم. ألف سلامة، عن إذنكم.”
خرج الطبيب.
مجاهد تسال: فريدة هانم، هو أنتم دفنتوا البنت بجد؟
فريدة بلطف: لا، بس كان لازم أقول كده عشان لو شافتها وهي ميتة هيبقى صعب عليها وممكن يحصلها حاجة. حسيت إن ده أحسن. والله ما حد فينا شافها ولا قدرنا. إحنا هاندفنها بعد الظهر لو عايزين تيجوا.
سعدية: عندك حق في اللي قولتيه. لو كانت شافت البنت وهي ميتة، كان هيجرى لها حاجة. آه، طبعاً هانروح معاكم. أبو عمار، روح معاهم، خد الولاد معاك. وأنا هأقعد هنا مع البنت.
ياسين: خلاص ان شاء الله هعدي عليكم بالعربيه ونروح
سلوى: وأنا كمان هأقعد معاكي.

سعدية باستفسار: هو سليم عامل إيه دلوقتي يا بنتي؟
فريدة: هو أنتي ما قولتلهمش يا سلوى؟
سلوى: ما لحقتش.
فريدة: سليم دخل في غيبوبة، مش عارفين هاصحى إمتى منها.
مجاهد وهو يمسك السبحة ويُسبح عليها: لا إله إلا الله، ربنا يقومه بالسلامة، خير إن شاء الله.
يوسف: أنتم ما عرفوش إيه اللي حصل؟
ياسين: لا، للأسف مش فاهمين. ماسة بتقول حادثة، بس سليم مضروب بالرصاص! ولما البوليس عاين المكان لقى العربية فعلاً فيها آثار خبطة! إيه حصل؟ مش فاهمين.
عمار: الإجابة عند ماسة.
ياسين: لما تقوم بالسلامة نفهم.
مجاهد باعتذار: معلش يا يا سين بيه ويا فريدة هانم، مش عارفين نطمن على سليم بيه.
فريدة: لا، مافيش حاجة. ربنا معاكم. بعدين، سليم خلاص مش محتاج مننا غير الدعوات. أنا هاروح وهكلم سلوى لما نيجي نمشي، عن إذنكم يلا يا
ياسين: يلا يا هبه.

هبه بحزن: لا انا هقعد شويه مع ماسة.
هزه ياسين وهبه راسها وخرجا للخارج وجلست سلوى بجانب ماسة، وضعت قبلة على خدها وهي تمسح على شعرها بحنان ممزوج بحزن، وقالت: ماسة، صعبانة عليا أوي يا ماما.
سعدية بقلة حيلة: هانعمل إيه؟ أدي الله وأدي حكمته. مش قدامنا غير إننا نقول يا رب يهون عليها اللي هي فيه، ويقوم سليم بالسلامة.
مجاهد بغلب: أنا هاروح أصلي ركعتين وأدعي ربنا يهون علينا الأيام دي.
جلست هبة على المقعد: أن شاء الله هتبقى كويسه.
💕_______________بقلمي_ليلة عادل ◉⁠‿⁠◉
على إتجاه آخر .. عند غرفة الرعاية المركزة
نشاهد لورجينا تتحرك في الممر، وعينيها محمرة وتسيل منها الدموع. اقتربت من باب غرفة سليم، لاحظتها فريدة فقالت لها:
فريدة بصوت موجوع: جيجي!!
لورجينا بحزن: عايزة أشوفه.
فريدة: سليم دخل في غيبوبة، مش ممكن حد يدخل.
لورجينا برجاء: من فضلك، لازم أشوفه يا فريدة خمس دقائق بس.

فريدة باعتذار: آسفة والله ممنوع عليه الزيارة.
لورجينا أمسكت يد فريدة برجاء: لو سمحتي.
بعد لحظات من التردد قالت فريدة: طيب تعالي معايا تحركت لورجينا مع فريدة إلى الغرفة، وكانت فايزة جالسة، تشاهد سليم عبر الزجاج وكان معاها عشري.
لورجينا بتهذب: مساء الخير يا طنط. إن شاء الله ربنا يطمنك على سليم.
فايزة بدعاء: إن شاء الله يا جيحي.
لورجينا: أنا عايزة أدخل له بعد إذنك.
فايزة: اتفضلي، بس لازم تغيري لبسك الأول.
هزت لورجينا رأسها بالموافقة، ثم بدأت تغير ملابسها لتلبس زي غرفة العناية المركزة: الطاقية، الجوانتي، الكمامة، والجون.
تحدثت فايزة بصوت واطي مع عشري:… عشري، أدخل معاها، ما تسيبش سليم لوحده للحظه.
هز عشري رأسه بالموافقة، ثم بدّل ملابسه ودخل خلفها، وتوقف عند الباب. بينما تقدمت لورجينا ببطء، وعيونها تذرف الدموع وهي ترى سليم على الأجهزة الطبية لا حول له ولا قوة. جلست بجواره وأمسكت بيده.
لورجينا بصوت حزين مرتعش وبدموع تتساقط:
أنا مش مصدقة اللي حصلك، ليه كده؟ أول ما عرفت تفاصيل الحادثة اتصدمت، بس أنا متأكدة إنك قوي وهتقوم بالسلامة، أنا مسامحاك، مسامحاك على كل حاجة عملتها فيا، أنا بجد مش قادرة أشوفك كده، قلبي واجعني عليك، دلوقتي يمكن فهمت ليه كنت دايمًا بتهرب إن يكون لك عيلة، كنت خايف تعمل عيلة عشان ما تقعش في اللحظة دي في المصير ده … بس إنت للأسف حبيت ماسة وضعفت، ووقعت في الحفرة …. عارف لأول مرة بحمد ربنا إني ما اتجوزتكش، ما كنتش هقدر أتحمل حادثة زي دي، ولا مرغرة ألم زي دي، كنت هتجنن لو شوفت بنتي بتموت بعد ما استنيتها كل ده، حقيقي صعب، والله ماسة صعبانة عليا برغم إنها عاشت نفس الألم اللي أنا عشته… وده بسببك، لأنك كنت السبب في قتل ابني، انت السبب في قتل بنتها في اللي حصل لها وحصل لك، يمكن ده عقاب ربنا ليك ياسليم إنك تذوق نفس الوجع ونفس العذاب ونفس الحرمان اللي ذقته.. بس والله من قلبي مسامحاك وزعلانه عليك ومكنتش أتمنى ليك إللي حصل ده، ولسه بحبك.

أخذت تبكي بحرقة وألم .. كل هذا وفايزة تقف تشاهدها بحزن..
على إتجاه آخر ..
في ممر المستشفى، التي بها غرفة الرعاية المركزة الخاصة بسليم وغرفة ماسة أيضا.
نرى ياسين يجلس على أحد مقاعد الانتظار المعدنية في الممر الطويل، بعيدًا عن عائلته، ووجهه يحمل ملامح الحزن والإنهيار، كان مطأطأ رأسه ودموعه تتساقط بصمت.
اقتربت هبة منه التي كانت تبحث عنه، وعند رؤية ياسين بهذه الحالة، تقدمت بخطوات حذرة وجلست بجواره.
هبة بصوت هادئ: ياسين انت هنا كنت بدور عليك؟!.
ياسين يرفع رأسه ببطء وينظر إليها، ثم ينحني ويضع رأسه على كتفها، وكأنه يبحث عن أي عزاء له في محنته و ألمه.
سليم ضاع يا هبة خلاص ضاع.. ماكانش ينفع ده يبقى مصيره.حرام… بنته اللي فضل سنين مستنيها، في لحظة واحدة اتحرم منها، و ضيّعت معها كل حاجة. كل الآمال اتهدت، كل حاجة راحت في لحظة.
مسحت هبة على ظهره بلطف: هيقوم إن شاء الله، لازم يكون عندك أمل.
ياسين بحزن ودموع: سليم ده بالنسبه لي مش مجرد أخ عادي، هو بنسبة ليا أخويا وصديقي و أبويا وكل حاجة.
هبة بمواساة: أنا عارفة قد ايه علاقتك وارتباطك بيه وايه هو بالنسبة لك بس يا حبيبي اللي انت فيه ده غلط إنت لازم تدعي له هو دلوقتي محتاج دعواتنا مش محتاج ضعفنا محتاج كمان إنك تدور على اللي عمل فيه كده وتجيب له حقه.

ياسين يرفع رأسه وينظر إلى باب غرفة العناية المركزة، وصوته ينكسر: دخل في غيبوبة..راح في عالم تاني. وللأسف فكرة أنه يفوق منها بقت صعبة؟!
هبة بإصرار: لا مش صعب وقريب إن شاء الله هيفوق. لازم تدعي ربنا. إحنا كلنا محتاجين نكون أقوياء. أنا واثقة إنه هيعدي منها، بس… لازم نفكر، إيه اللي حصل؟ مين ممكن يكون عمل كده؟ هو سليم له أعداء؟!
ياسين بصوت مليء بالتفكير: أعداء؟ سليم بعد عن التهريب من زمان..عشان ما يوصلش للي حصل النهارده.
هبة بتوتر: أكيد في حاجة غلط، الموضوع مش طبيعي. بس دلوقتي أهم حاجة ندعي يقوم بالسلامة، إنت لازم تهدى يا حبيبي
هز رأسه بصمت و بحزن ملأ قلبه..أكملت هبة بحزن:
انا زعلانه على ماسة أوي. قلبي موجوع عليها. إنت شفت عملت اية وهي لسه ما تعرفش اللي حصل لسليم.
ياسين بتعب و بعين ترقرقت بالدموع: هنعمل ايه أنا والله ما عارف أعمل حاجة. تعبان و ومهموم و موجوع مش قادر أفكر في حاجة.
ربتت هبة على ظهره: طب اهدى إن شاء الله كل حاجة هتبقى بخير.
💕_________________بقلمي_ليلةعادل
تبقى في عائله ماسة في المشفى لم تترك ابنتها للحظه كما تبقى عزت وفايزه ياسين وهبه وفريدة وابراهيم ومكي، ثم توجهوا الى المجموعه لكن تبقت فريدة مع فايزة
(( اليوم التالي))

مجموعة الراوي
غرفة الاجتماعات الثانية عشر ظهراً
نشاهد عزت ومكي وإسماعيل ورشدي وعماد وياسين يجلسون في غرفة الاجتماعات، يتبادلون الأحاديث الجادة.
عزت بحدة: يعني إيه، ما وصلتوش لنتيجة؟ يعني إيه؟
إسماعيل بتوضيح: يا باشا، إحنا وصلنا لعربية النقل، أرقامها متغيرة، سارقين أرقام عربية خردة مركونة في وسط الطريق الزراعي وركبوها على العربية وضربوا عربية سليم بيها بس طبعا قتلوا السواق.
عزت بتساؤل: ما عرفتوش عنه أي معلومات؟
إسماعيل: السواق عيل سوابق، بيتأجر، يعني لما يبقوا عايزين يضايقوا حد أو يقتلوه بيجيبوا.
ياسين وهو يجز على أسنانه بغل: قتلوه عشان مانعرفش نوصل لحاجة الكلاب.
ظهر على ملامح عزت التعب: يعني ما فيش أي دليل؟
مكي بتوضيح: للاسف يا باشا المكان اللي حصل فيه الحادثه ما فيهوش كاميرات، الكاميرات البعيده او اللي عند الدكتوره كلها ممسوحة. هم كانوا مخططين وعارفين إن سليم هيعدي من الطريق ده بس إسماعيل قال عنده فكره كده هيجربها.
اسماعيل: هشوف الكاميرات اللي من اول الشارع لحد الاخر واللي في طريق المجموعة وفي طريق الدكتور، اي حاجه ممكن توصلنا كمان هستجب الناس اللي ساكنين في المكان يمكن يكون شايفه حاجه.

رشدي نظر لهم بتساؤل كأنه يرمي لشيء ما: بس غريبة يعني يا مكي، عرفوا منين إن سليم هيعدي في الوقت ده وأنه كان رايح يعني عند الدكتور؟ وبعدين، مش سليم غير رأيه في آخر لحظة، وانت ما كنتش معاه، وبعدين سليم على طول واخدك معاه في كل حتة، ليه المرة دي بالذات؟
نظر له مكي نظره حادة: سليم طلب مني وأنا في الطريق إني أنزل أنا والسواق في عربية الحراسة وروح على الفيلا عشان كان محضر مفاجاه لماسة هانم وفضل إن هو اللي هيروح معها عشان يطمن على البنت. وأنا كنت رافض. بس سليم صمم، بعدين أوقات كتير كان بيرفض ياخدنا انت بس يا رشدي ليه ما تعرفش حاجه عن سليم كويس.
إسماعيل: بس رشدي عنده حق، غريبة أوي. مستحيل يكونوا قاصدين ماسة.
عماد: ليه؟ ممكن يكونوا قاصدين ماسة عشان يكسروا سليم، عارفين إنها مراته وحبيبته. وكانوا عاملين الكمين ده، المسألة سهلة يعرفها من الطبيب اللي متابعة معاه، و100 جنيه للممرضة عشان يعرفوا ميعادها امتى.
عزت: أنا عايزكم تدوروا على كل شيء، كمان ورا اريك وتيمو.
عماد: بس إحنا أنهينا الموضوع معاه من زمان، من سنين، بعد ما قعدت حضرتك وسليم على الترابيزة، الاتفاق، مع مستر باولو وكل الزعماء، وهما عارفين لو خانو العهد هيحصل لهم إيه؟ ومصيرهم هيكون أسوأ من أبوهم. غير إن إريك عاقل جداً وبيفكر بشكل عملي،عكس تيمو
عزت بحسم وقوة: أنتم لازم تدوروا ورا الكل، مش بس إريك وتيمو. شوفوا مين من أولاد الصياد لسه عايش؟ شوفوا سالي وأولادها، أولاد الشعراوي، العلايلي، منذر. كل واحد حصل معاه مشكلة. هتدوروا وراه، وتزغللوا رجالتهم بالفلوس عشان يتكلموا. عايز معلومات، وقدامكم ثلاث أيام. ثلاث أيام تجيبولي اللي عملوا في سليم كده عشان أدفنه حي.

نظر لمكي وهو يقول: مكي أنا عايزك تظبط الحراسة كويس اوي، المستشفى لازم تكون أكثر تأمين من كده كمان ممكن يحاولوا يقتلوه تاني حتى ماسة تشدد عليها الحراسه.
مكي: ما تقلقش يا باشا، هنعمل كل حاجة أنا سايب عشري مع سليم.
عزت: ياسين بكرة تسافر تقابل ماركو تتكلم معاه تطلب منه المساعدة. مش هينفع اسافر واسيب سليم انت اللي هتبقى مكاني يا ياسين لو حصل حاجة هجيلك وانت يا طه كلم ريمون الباشا عايزك خليه ينزل مصر.
طه تمام.
ياسين أمرك يا باشا
عزت بشده: انتوا تتفرجوا يلا كل واحد يروح شوف هيعمل ايه.
.عزت، بعد خروج الجميع للبحث عن أي دليل يقودهم إلى الجناة، جلس وحيدًا في مكتبه، والحزن يكسو ملامحه والاختناق بادٍ عليه. نهض غير قادر على تحمل المزيد، وفتح باب غرفة الاجتماعات التي تؤدي إلى مكتبه. جلس على كرسيه، وجذب انتباهه البرواز الذي يضم صورته مع فايزة أبنائه.
أمسكه بقوة، واستقر نظره على صورة سليم. كانت عيناه ممتلئتين بالدموع، وقلبه يتألم بشدة، كأن روحه أصبحت عبئًا ثقيلًا عليه، وأنفاسه تضيق كأنها لا تكفيه.
وبنبرة وجع عميقة خرجت من أعماق قلبه، قال:

آه يا سليم، وآه من اللي حصل.. كنت دايمًا شايل نفسي بيك، عمري ما شلت هم طول ما أنت جمبي وفي ظهري، كنت لما أبصلك أقول ده ابني ده سندي وعزوتي، ده إللي هيكبر اسمي ويكون في ظهري دايماً، عمري ماتوقعت أشوفك في الحالة دي، نايم قدامي وعاجز مش قادر حتى ترد عليّ، أنا اللي كنت دايمًا بحميك، كنت بشوف فيك نفسي وأنا في سنك، كنت حلمي اللي اتحقق، إنت مش بس ابني…إنت عزوتي، إنت أماني في الدنيا. أنا بنيت كل حاجة مش بس عشاني،لا عشانكم… عشانك إنت وأخواتك. بس النهارده كل اللي بنيته ملوش قيمة وأنا شايفك كده…
محتاج أعمل أي حاجة ترجعك ليا، بس حاسس إني ضعيف، إن الدنيا كسرتني. حاسس إن ضهري اتكسر يا ابني، إنت كنت روحي والله يا سليم ..
آه لو أعرف مين اللي تجرّأ عليك وعمل فيك إنت و مراتك كده؟! مين اللي حاول يدمرك، حتى لو كان من أقرب الناس ليا، والله هنسفه من على وش الدنيا. دي مش تهديدات، دي حقيقةأنا راجل عمري ما كسرت كلمتي ولا خلفت وعدي، واللي ييجي على عيلتي أوّل وآخر مرة هيشوف فيها النور.
يا رب، يا رب تقوم بالسلامة يا قلب أبوك.”
نزلت دمعة ساخنة على البرواز، وسكت لحظات… ولكن الحزن غمر قلبه بنيران القهر و الحزن على فلذة كبده ولن تهدأ إلا بعد أن ينتقم له و يشفي غليله ممن أوصله لهذه الحالة.
غرفة المراقبة
كانت الغرفة غارقة في أجواء التوتر والترقب. شاشات المراقبة متراصة على الحائط تعرض زوايا مختلفة من المكان، كل شاشة حاملةً جزءً من اللغز الذي يحاولون فك شفرته. ثلاثة رجال يرتدون سترات سوداء كانوا يجلسون أمام الشاشات، وما إن دخل مكي وعماد ورشدي حتى وقفوا باحترام.

رشدي: اطلعوا برا.
مكي: استنى شوية رشدي بيه.( تساءل )شفتوا أي حاجة غريبة امبارح؟ خصوصًا بين الساعة 3 والساعة 6؟ أو حتى طول اليوم؟
أحد الرجال: لا يا باشا. مفيش أي حاجة. الدنيا كانت هادية. سليم باشا جيه وخرج مع حضرتك وما رجعش تاني.
عماد: يعني مفيش أي عربية أثارت الشكوك؟
الرجل: لا خالص.
مكي: تمام. اطلعوا برا.
خرج الرجال بهدوء.
عماد: مكي، هات تسجيلات اليوم كله من الساعة 1. شوف إذا كان سليم ظهر أو حاجة مريبة. خلينا نبدأ من يوم الحادثة. كل واحد يراجع شاشة.
رشدي: كل شاشة بتصور اتجاه مختلف؟
مكي وهو يشير بيده: أيوه، الشاشة دي رئيسية، ودي ناحية اليمين، ودي الشمال.
جلس رشدي في المنتصف مركزًا على الشاشة الرئيسية، بينما توزع الآخران على الشاشات الجانبية. بدأوا التدقيق في التسجيلات، أجواء الغرفة كانت مشحونة بالتوتر والتركيز.
فجأة توتر رشدي. ظهر على الشاشة وهو يهبط من التاكسي، وتبادل نظرات سريعة مع عماد الذي فهم الإشارة على الفور. أومأ له عماد بالبقاء هادئًا، وأشار بيده أنه سيكون مشغولًا في التركيز على مكي.

أخرج رشدي ورقة وقلم من جيبه، وضع الورقة أسفل الطاولة عند قدميه، وبدأ في كتابة شيء وكان توتره في أشده. كانت عيناه لا تفارق مكي، وفي كل مرة يشعر أن مكي قد يلاحظ، خبأ الورقة سريعًا. فمكي شديد الملاحظة كما نعلم، لذلك كان عليه أن يكون حذرًا جدًا.
عينا عماد لم تترك مكي، وعندما شعر أن مكي قد يلاحظ، كان يحرك أصابعه بعينيه في إشارة مفادها “الورقة في خطر”. استمر رشدي في الكتابة وكأن الوقت يقف، كل ثانية كانت تشعره بضغط أكبر. وعندما انتهى أخيرًا، شعر بارتباك مضاعف. كان عليه أن يمد يده بحذر، فكل حركة قد تكون تحت عين مكي فلابد ان يكونوا حذرين جدا فا رشدي عليه أن يمسح المشاهد ويضغط على زر الماوس نظر عماد له بمعنى انتظر سأقوم بإثارة انتباهه.
عماد مشيرًا للشاشة: مكي، تعالى شوف العربية دي.
نهض مكي وركز على الشاشة التي أشار إليها عماد. استغل رشدي اللحظة، ضغط على زر الحذف بسرعة، ثم عاد إلى مكانه وكأن شيئًا لم يحدث.
عماد: أنا لاحظت إن العربية دي كانت واقفة من بدري وما مشيتش غير بعد ما اتحركت انت وسليم بخمس دقائق.
ركز مكي النظر ثم هز رأسه بنفي: مفيش حاجة. العربية دي اتحركت بعدنا بخمس دقايق. دي عربية إدريس بتاع الشؤون
رشدي: مش مهم. نتابع مع الكاميرات عند الدكتورة.
مكي: إسماعيل هناك بيتابعها.
رشدي: تمام.
بعد وقت من المراجعة لم يجدوا شيئًا إضافيًا.

مكي: هروح أشوف إسماعيل عمل إيه.
رشدي: ماشي.
غادر مكي، فالتفت رشدي سريعًا إلى عماد:
رشدي بهمس: الحمد لله مسحت المشاهد .كنت ظاهر.
عماد بهدوء: لعلمك ما كانش في خطورة منها، بس مفيش داعي نخاطر. الحذف أحسن من أي تبرير.
رشدي: طيب والكاميرات هناك؟
عماد: مفيش كاميرات هناك أمال احنا ليه اخترنا المكان ده بالذات.
رشدي: طب والرقم اللي كتبته؟
عماد: تمام. تعالى المكتب، في مكالمة مستعجلة.
مكتب عماد
جلس الاثنان في المكتب. رفع عماد هاتفه وأجرى مكالمة:
عماد: عملت إيه؟
ظهر على الشاشة رجل يقف أمام كشك يحترق،(الكشك الذي اتصل منه رشدي بالاسعاف) بينما يتحدث عبر الهاتف مع ذعر المارة ومحاولاتهم لإطفاء الحريق.

الرجل: أنا دلوقتي قدام الكشك اللي بيولع.
عماد بضمير ميت: حلو. دلوقتي هبعتلك رقم التاكسي. اعمل فيه زي ما عملت مع صاحب الكشك بس خليها تبان سرقة. خد التاكسي ووديه مكان بعيد. وخذ الفلوس وأي حاجة معاه،مهمة الكاست، كوتشيهات الموتور وبعد كده إخفي آثاره ، فاهم؟
الرجل: فاهم يا باشا.
عماد: ما تنساش: وشك ما يبانش في الكاميرات.
الرجل: ما تقلقش، يا باشا.
عماد: تمام. فلوسك هتوصلك قريب.
أغلق عماد الخط وتنفس بارتياح.
عماد: كده خلصنا من أهم الأدلة. كله تمام.
رشدي: بس لازم نعرف مين اللي كان عارف اللي احنا بنخطط له. مستحيل تكون صدفة.
عماد متعجباً: أنت مش زعلان على اللي حصل لسليم؟
رشدي ببرود: مش زعلان أكيد، بس مش هنكر إن المنظر كان صعب وأنا شايفهم وهم بيقتلوهم.
عماد: اللي يهمنا دلوقتي نعرف مين اللي عملها.

رشدي: بالظبط لأن كده في طرف ثالث.
💞_______________بقلمي_ليلةعادل
_ خلال ثلاثة أيام
كانت ماسة منهارة تمامًا، فقد أصيبت بانهيار عصبي حاد. كلما استيقظت، كانت تصرخ بجنون وتنادي على ابنتها التي حرمت حتى من رؤيتها لثانية واحدة، وعلى سليم، توأم روحها. عقلها لم يستطع استيعاب وتحمل هذا الكم من الألم، ولم يستطع أحد تهدأتها. كانت تبكي كالمجنونة وتصرخ بهستيريا، فكان الأطباء يضطرون لإعطائها مهدئات لتنام، وكانت تعيش على المحاليل.
بينما كانت حالة سليم كما هي، فقد دخل في غيبوبة ولا يعرفون متى سيستيقظ منها!! بينما كان عزت ومكي وعشري وإسماعيل وجميع أفراد عائلة الراوي يبحثون ويحاولون أن يصلوا إلى أي خيط يدلهم على الفاعل، لكن عماد قد مسح جميع الأدلة، فقد حرقوا الكشك بمن فيه، وقيدت الحادثة ضد مجهول. حتى السائق، وصلوا إليه وقاموا بسرقة ما في السيارة بعد ضربه، ثم قتله لتقيد الحادثة كقتل بهدف السرقة. كانوا يعرفون جيدًا ما يفعلون. لكن الذي كان يثير جنونهم هو تلك العصابة التي هاجمت سليم، ولم يجدوا أي إجابة عن تلك الأسئلة.
بينما كانت فايزة لا تترك سليم، فهي من أقامت معه، فالندم كان يفتك بها كل ثانية. بينما لم تترك عائلة ماسة ابنتهم ليوم.
♥️______💕بقلمي ليلة عادل💕______❤️
المستشفي التاسعة مساءً

الكافتيريا
تظهر سلوى وهي تقف أمام ماكينة القهوة، تحاول أن تلتقط أنفاسها وتشتري كوبًا من القهوة. بدا عليها التعب الشديد، عيناها حمراوان من السهر والبكاء، وملامحها يغلفها الحزن. بينما كانت منشغلة بتحضير القهوة، دخل مكي الكافتيريا. رآها، وتردد للحظة قبل أن يقترب منها.
مكي: سلوى…
رفعت سلوى رأسها ببطء، نظرت إليه بعينين مجهدتين، وقالت بصوت منخفض.
سلوى: أفندم؟
مكي بلطف: إزايك دلوقتي؟ أحسن؟
سلوى بحزن ووجع: أحسن؟ أحسن إيه بس؟ تفتكر أنا ممكن أبقى أحسن؟ وبعدين حتى أنت نفسك شكلك مش أحسن.
مكي محاولًا تهدئتها: تعالي نقعد لحد ما القهوة تبقى جاهزة. أنا كمان هطلب واحدة. يلتفت للبائعة: لو سمحت، اعملي لي قهوة مظبوطة.
جلسا معًا على إحدى الطاولات، في مواجهة بعض. الصمت الثقيل بينهما لم يخفِّف من وطأة التوتر، ولكنه كان لازمًا.
سلوى بقلق واضح: عرفتوا حاجة؟ بجد، قول لي. يمكن اللي عملوا كده يكونوا نفس الناس اللي خطفوها قبل كده.
مكي بنبرة منهكة: لحد دلوقتي ما وصلناش لأي حاجة. لكن صدقيني، مش هما… اللي خطفوا ماسة قبل كده اتصفوا. محمود مات، وعبد القادر ما كانش عنده أولاد غيره.

سلوى بتوتر متزايد: بس برده دوروا… دوروا ورا كل الناس. مش هرتاح غير لما أعرف مين اللي عمل كده.
مكي بحزم: أكيد هندور، ومش هنسيب حاجة. هنلاقيهم. طمنيني، ماسة عاملة إيه دلوقتي؟
سلوى والدموع في عينيها: منهارة… منهارة بشكل فظيع.. بقالها 3 أيام ما بتنامش غير بالمهدئات. حالتها تصعب على الكافر.
مكي بأسى: مش قادر أتخيل حالتها… واللي عمل كده جاله قلب يعمل كده إزاي؟
سلوى بصوت مرتعش بدموع: دي كانت حامل… حامل يا مكي! تخيل لما تشوف واحدة حامل في الشارع، وشايله تقيل أو بتعمل حاجة بتجري تساعدها بتصعب عليك…دول عملوا إيه ؟ إزاي جالهم قلب ازاي مهما كانوا حيوانات مهما كانوا ما عندهمش قلب ولا رحمة ازاي بجد مش متخيلة ازاي؟!
مكي بحذر: “هي عرفت إن سليم دخل في غيبوبة؟”
سلوى تهز رأسها بالنفي: لا… لسه عرفت إنه تعبان بس. ومش عارفة إذا كانت مدركة للخطورة ولا لأ. هي في عالم تاني، كل اللي بتعمله لما تفوق تصرخ باسم سليم وحور… مش مصدقة إنها ماتت، وإنها اتحرمت منها قبل ما تشوفها بعشرة أيام.
تبدأ بالبكاء، :والله العظيم حرام! حسبي الله ونعم الوكيل فيهم
تمسح دموعها بصعوبة. سلوى بحزم بنظرات غل أضافت:
لازم توصلوا للي عمل كده… تحرقوه! لا، الحريق مش كفاية. أبشع حاجة ممكن تتعمل فيه، لازم يعملوها فيه.
مكي بغضب مكتوم: ما تقلقيش يا سلوى. والله العظيم هنوصل له… وهحرقه بنفسي.

سلوى: إنت شكلك تعبان، أنت شكلك ما بتنامش.
مكي هز رأسه بإيجاب: من يوم الحادثة، والله ما نمت. يمكن من كتر التعب بيغمى عليا ساعة ولا اتنين وأصحى تاني. مش قادر أسيب سليم، ولا أبطل أدور على اللي عمل كده… انتي كمان شكلك تعبان. حاولي ترتاحي شوية، عشان ماسة محتاجة لك. هيجي وقت وهتفوق يا سلوى. وقتها هتحتاج دعمنا. لازم إحنا نقوى عشان نطلعها من اللي هي فيه.
سلوى بإصرار: أنا بس أطمن عليها وأشوفها قدامي، وهبقى كويسة.
مكي: خير إن شاء الله.
سلوى وهي تنهض: طب يلا، شكل القهوة خلصت.
سلوى: ماشي، يلا بينا.
توجها معًا نحو القهوة. أمسك مكي الكوبين، وصعدا مرة أخرى إلى الطابق الذي تقيم فيه ماسة وسليم.
_ قصر الراوي ٦م
_ الهول
نشاهد صافيناز ومنى يجلسون في الهول. بعد ثوانٍ، دخلت فايزة من باب الفيلا، فتوقفا بسرعة.
صافيناز باهتمام مصطنع: إيه يا مامي، فيه حاجة؟

فايزة: عايزة أغير هدومي وأتكلم شوية مع عزت.
صافيناز: إحنا مستنيين عماد وطه علشان نروح نزور سليم، مافيش جديد؟؟
فايزة بجمود: عزت فين؟
منى: في المكتب.
_ مكتب عزت
نشاهد عزت يجلس على مقعد مكتبه وهو يفكر باختناق. رفع عينيه نحوها.
عزت: فيه حاجة؟
فايزة: كنت محتاجة أتكلم معاك في شوية حاجات، وصلت لحاجة؟
عزت وهو يهز رأسه بلا: ماسة هي الوحيدة اللي هاتجوبنا.
فايزة بضيق: يعني ماوصلتش لأي حاجة؟
عزت بحدة: أنا واقف في نقطة واحدة وسؤال واحد: مين دول؟ وعرفوا إزاي إن سليم في المكان ده؟ بس أيا كان اللي وراها، مش هأرحمه حتى لو حد من ولادك.
فايزة اتسعت عينيها وحاولت الثبات: إيه اللي إنت بتقوله ده! إنت اتجننت؟ هايقتلوا أخوهم؟

عزت بشدة: أنتم اتجننتوا من وقت ما سليم كتب لماسة نسبة من المجموعة، فممكن الغيرة والحقد تعميكم.
حاولت فايزة إبعاد تلك الفكرة بكل قوتها: مستحيل يا عزت، حد من الأولاد يفكر كده. طه جبان ومنى مش أسلوبها ورشدي يستحيل يعملها، عقله ما يجبهش التفكير الشيطاني ده. وعماد مالهوش مصلحة حتى صافيناز. اللي عمل كده أكيد من الأعداء. ماتنساش سليم الفترة اللي فاتت، ربى أعداء كتير، ممكن يكون حد منهم.
عزت: سليم بقى له سنين بعد عن كل حاجة، عموماً بس ماسة لو فاقت هنفهم منها، ووقتها يستحيل أرحم حد. لو كنتي تعرفي حاجة وبتداري عليهم، حسابك هيبقى أكبر منهم.
نظرت فايزة له بإرتباك، بعين ذائغة، وقالت بدفاع: إنت عارف، مستحيل أذي سليم، ده ابني يا عزت… أنا هأرجع المستشفى، لو حصل حاجة كلمني.
توقفت وخرجت للخارج بضربات قلب تتسارع بشدة وهي تشعر بسخونة ضربت في جسدها من الخوف. فإذا علم عزت ما حدث، فهم هالكون لا محالة.
_ المقطم ١٠م
_ مظهر عام لهضبة المقطم في ليل دامس وسكون يخيم في المكان…
ثم نشاهد أحد الشباب قوي البنية يقف، ويبدو من ملابسه أنه عضو في عصابة. بعد ثوانٍ، اقتربت إحدى السيارات السوداء وتوقفت أمامه. تبسم الشاب، فتحت النافذة وخرجت منها يد تحمل حقيبة. أخذها ذلك الشاب وهو يقول: “إحنا في الخدمة في أي وقت. ابعتلي بس وقت ما تحب تخلص عليه في المستشفى وأنا هخلصلك كل حاجة.”

تحركت السيارة دون أن نعلم من كان فيها أو من ذلك الشاب، لكن يبدو أنه يتحدث عن سليم.
توقف الشاب وفتح الشنطة، وأخرج رزمة كبيرة من الدولارات. تبسم ووضعها في الحقيبة وأغلقها، ثم تحرك!

يتبع…. 
google-playkhamsatmostaqltradent