Ads by Google X

رواية هوى الزيات الفصل الرابع 4 - بقلم سارة الحلفاوي

الصفحة الرئيسية

 رواية هوى الزيات الفصل الرابع 4 - بقلم سارة الحلفاوي 

الفصل الرابع
رُبِـ.ـط في كُرسيّ حديديّ، رسغيه إزرقَّا من قوة الحبل السميك المربـ.ـوط به، أغمض عيناه يشعر بالد.ماء تسيل من كُل إنش بجسدُه بعد أن تم جـ.ـلدُه على يد فريد الزيات حوالي مئة جـ.لدة دون توقف، يأخذ أنفاسه بالكاد، حتى إستمع إلى خطوات أقدام تأتي نحوه، رفع عيناه يحاول تميزز مِحيا القادم، حتى وجده فريد، يشعل ضوء ذلك المخزن المتهالك، ثم يجلس أمامه و يشعل سيجارة أمام عيناه، أسرع مُنذر يرجوه قائلًا:
- أبوس رجلك يا بيه سيبني أمشي، و أنا و ربنا ما هتعرضلها تاني، بس سيبني أرجع لبيتي و مراتي!!!

إنزوت شفتيه يقول بمكرٍ:
- هسيبك ترجع طبعًا .. عشان إنت و مراتك تتحسر على حالك!!

أسرع ينظر له بلهفةٍ يذرف الدمعات، أشاء فريد لرجالُه لكي يحرروه من ذلك الحبل، ثم أمرهم بحدة:
- تاخدوه و ترموه قدام باب بيته بعد مـ تروّقوه شوية!!!

صرخ منذر برعب:
- لاء يا بيه أبوس إيديك كفاية أنا إتروقت بما فيه الكفاية!!!

جذبوه رجال فريد يجروه جرًا كالشاه، ف نهض هو يلقي بـ لُفافة تبغُه ثم يخطو فوقها، ليقرر الذهب لها، لـ ملاذُه و عشقُه الأوحد، لـ طفلتُه التي يعلم بهشاشتها رغم تلك القوة التي تدّعي وجودها، طفلتُه التي وطأوا فوق قلبها و دهسوه، كيف تحملت سقـ.ـوط حزام فوق جسدها؟ كيف تحمل أن يسمع صراخها و بكائها و بالتأكيد توسلاتها له أن يكِف و لم يفعل! ركض بالسيارة لـ بيتُه بأقصى سرعة لديه، ثم ترجل منها ليدخل الڤيلا و يصعد لغرفتهم، فوجدها قد إستفاقت و يبدو أنها تحممت، ترتدي بيچامة مُكونة من سروال قصير يصل لمُنتصف فخذها و كنزة بحمالات رفيعة تظهر بداية نهديها، توقف في مكانُه يأكل بعيناه تفاصيلها و هي تأتي الغرفة ذهابًا و إيابًا قبل أن تراه فتركض ناحيتُه و يركض معها خصلاتها المُبتلة و رائحة جسدها التي غمرت أنفُه، تقف على مقربٍ منه تقبض فوق قميصُه و القلق يحتل عيناها قائلة:
- عملت إيه؟!!!

نظر لها كالثمل، ليُردف و عيناه تسير على ملامح وجهها:
- فـ إيه؟

تناسى تمامًا ما فعل، تناسى من هو و كيف أتى و كيف أصبحت بين ليلة و ضُحاها جليسة غُرفته لا تبرح منها و سينام لترى عيناه ملامحها قبل أن تُغمض، و تُفتح على بداعة وجهها، ناظرته بذات القلق ثم أسبلت عيناها لجسدُه تتفحص إن كان بخير أم تأذى مثلًا، لتردف بلهفةٍ:
- فـ جوز أمي!!

رفع كفيه و حاوط وجنتيها يُمرر فوقهما إبهاميه يقول بهدوءٍ:
- متجيبيش سيرتُه على لسانك .. تاني!

إرتبكت من قربُه فـ همس بلُطفٍ و عيناه تتعلق بشفتيها بعدما راجع كلماتها:
- إزاي دماغك جابتك .. إني ممكن أكون قرفت منك؟

لم تُجيبه بل لنظرت لعيناه واضعة كفيها فوق كفاّه المُثبتان على وجنتيها فـ أردف بذات النبرة التي إمتلأت رفقًا:
- ده أنا قضيت معاكٍ ليلة مكُنتش أتخيل إنها تبقى بالجمال ده، حتى خيالي مجبش الجمال .. ده!!

إحمرار وجهها الخجول جعلهُ يبتسم، ليُميل مُقبلًا وجنتها الحمراء ثم عاد ينظر لها، أسرعت تبتعد عنه لتجلس على الفراش تفرك أناملها بتوترٍ، لم ييأس و إتجه لها جالسًا أمامها يُردف بهدوءٍ:
- بتهربي مني ليه؟

- مش بهرب!!
قالتها بضيقٍ رافضة فكرة الهروب التي تبتعد عن سِمات شخصيتها تمامًا، لتجدُه ينطق فجأة بـ:
- نور .. قولي فريد!

نظرت له بإستغراب، ثم قالتها بعفوية:
- فريد!!

إبتسم و لم يُعلق، لكن إختفت إبتسامتُه عندما غمغمت:
- كُنت .. يعني عايزة أقولك حاجة!!!

نظر لها بقلق ثم قال:
- قولي أربعة .. في إيه؟

- عايزة أشتغل!!
هتفت بهدوء زيّفته و هي تنظر داخل عيناه، رفع حاجبيه مشدوهًا من طلبها، ثم صمت لدقيقة .. دقيقتان حتى وصلا لـ خمس دقائق من الصمت التام، لا هي أضافت شيئًا و لا هو إستجاب لطلبها و لو بإيماءة!

- نور .. إنتِ عارفة أنا مين صح؟

هتفت بضيق:
- عارفة! و عارفة إن شغلي هيأثر على برستيچ سيادتك، و عارفة إن مينفعش مرات فريد الزيات تبقى بتشتغل!!!

- قبل كُل ده! أنا راجل دمُه حر، مقبلش يبقى مراتي فوقيها مُدير بيديها أوامر و هي بتقوله سمعًا و طاعًا، الفكرة بالنسبالي مش مُتاحة أصلًا، و بعدين إنتِ عايزة تشتغلي ليه! أنا هعملك حساب في البنك و هحطلك فيه المبلغ اللي تطلبيه .. فلوسي كلها تحت رجلك يبقى ليه الشغل يا نور؟
قال بمُنتهى المنطق، فـ نظرت له بدهشة، و سألته بنفس الدهشة:
- إنت ليه بتعمل معايا كل ده؟

ثم تابعت بحيرة:
- يعني أنا بنت عادية أوي، حتى شكلًا أنا مش ملكة جمال .. بنت عادية ملامحي مقبولة! ليه واحد زيك يتجوزني ؟

- إنتِ جميلة!!
قالها بتلقائية ليسترسل:
- شكلًا و موضوعًا، و بالنسبالك شايفة نفسك بنت عادية، بس أنا شايف فيكِ البنت اللي فيها كل صفات الست التي تصلُح تبقى مراتي!

جذبها من ذراعها برفق، و دفع رأسها تجاه صدرُه بحنو فـ أراحت رأسها عليه دون أن تبتعد عنهُ، أغمضت عيناها تشعر براحةٍ غريبة بين ذراعيه، ذلك العناق يذكرها بعناق أبيها، لا تعلم كيف حاوطت خصره و دفعت برأسها في أحضانُه تستنشق تلك الرائحة النابعة من ملابسه تُنعش بها رئتيها، و لا يستطيع هو وصف سعادتُه من ذلك العناق، فهو لأول مرة يشعر بها تبادلُه عناقه، مسح فوق خصلاتها مُقبلًا جبينها بهدوء، ليسمعها تغمفم بـ براءة تلمّسها في نبرتها:
- إنت كمان جميل!!!

إبتسم على براءة جملتها، ثم هتف:
- تعالي نخرج نتعشى برا!!!

قفزت من حضنه و صرخت بحماس:
- يلا بينا!!! هروح ألبس!!!

- ماشي!!!
قال و الإبتسامة مرسومة على ثغره يتابع ركضها لغرفة تبديل الملابس، تنهد و نهض لكي يستحم ثم يرتدي هو الآخر عاهدًا أن يجعلها في مُنتهى السعادة و لو كلّفُه ذلك عُمرهُ!!

• • • • • 

جالسًا فوق الأريكة الوثيرة ينتظر خروجها، حتى خرجت و أخيرًا بـ ثوبٍ باللون الروز الباهت إنعكس على بشرتها فـ أظهر جمالها، كان بأكمام مُختشم إلا أنه تهدّل فوق جسدها فـ رسم تفاصيلُه بحرفية، مُظهرًا خصرها الإعوجاجي، و تناسق جسدها المميت لـ رزانتُه و هدوءُه، خصلاتها الناعمة إنهمرت فوق كتفيها و ظهرها مع لونهم البني الذي لاق لبشرتها وللون الثوب، و بعض من مساحيق التجميل برزت مِحياها، نهض و كان هو الآخر يرتدي بذلة مئزرها فوق معصمُه، وقف أمامها بعد أن تأملها، لينظر لها عندما أخذت خكوات بعيدة عنه تقول بفرحةٍ:
- بُص كدا .. حلوة؟

- زيادة عن اللزوم!!
إبتسم و هو يُصرح بحُب ظهر في عيناه! لم إمتعضت محياه عندما تذكر أن أُناس سيروها، و بالتأكيد ستتشبث عيناهم بـها، فـ قال بضيق ظهر في صوته:
- بس مينفعكيش!

طالعتُه بصدمة و ظنت أنه يقصد أن ذلك الثوب الذي يوحي بـ غلاء ثمنه و قيمته لا يليق بفتاة مثلها .. فـ رددت الكلمة على لسانها تشعر بوَقعها كـ وقع دلوٍ بارد فوق رأسها:
- مينفعنيش؟ 

هتف بحدة:
- أبدًا!!! ضيق و راسم جسمك! مينفعش!

زفرت براحة عندما فهمت مقصدُه، إبتسمت لتقترب منه تتشبث في قميصُه المفتوح أولهُ قائلة برجاء:
- لاء ده جميل أوي والله!!

- م أنا عارف إنه زفت جميل!
هتف بنفس الضيق، ثم أمسك بكفها ليوقفها أمام المرآه و هو خلفها كفُه مُثبت على خصرها:
- شايفة أد إيه ضيق؟ إنتِ فاكرة إني هسمحلك تنزلي كدا؟

نظرت لنفسها تتأمل الثوب على جسدها، لتلتفت له قائلة بلُطف:
- بس أحنا هننزل نركب العربية و ننزل من العربية للمطعم، محدش هيشوفني!!

أخذ كفها و سار بها لغرفة تبديل الملابس يقول بحدة:
- على أساس إن اللي قاعدين في المطعم دول فضائيين!!

ضحكت و سارت معُه حتى توقفا عِند خزانتها، أخرج لها مئزر جوخ طويل، وضعه على كتفها يقيس طول عليها وسط صدمتها و هي تردف:
- إنت بتعمل إيه!! إحنا في الصيف و ده بالطو!!!

- مش مهم!!!
هتف و هو يلقي بـ چاكيته لكي يجعلها ترتديه يُلبسها هو إياه، و بالفعل أغلقُه جيدًا و هي تتذمر بين يداه، صعدت عيناه لخصلاتها يهتف بحدة:
- و مسيِّبة شعرك!!!

ثم إلتقط مشبك شعر على شكل فراشة، و لفّها يلملم خصلاتها حتى عقصهم بقوة يثبتهم بذلك المشبك، إلتفتت له و قد إحمرّ وجهها غضبّا:
- حرام عليك يا فريد، شكلي بقى عرّه!!! حاسة إني صبي صنايعي!!!

ضحك حتى عاد برأسه للوراء، ثم نظر لها يقول بخبث:
- هو في صبي صنايعي بالحلاوة دي! ده أنا هاين عليا أقلّعك الفستان خالص و نقعد بلا عشا بلا بتاع!!!

شهقت بصدمة لتقول بغضب:
- آه أومال إيه .. م هو ده اللي ناقص!!

أمسكت كفُه تقول بضيق:
- يلا بقى قبل ما تعمل كدا بجد!!!

إلتقطت چاكيت بذلتُه و سار معها، لا يُصدق أن فريد الزيات ينساق خلف امرأة بمزاجه كُليًا!

• • • • • •  

سحب لها المقعد لتجلس و الغضب يأكل ملامحه، فقد لاحظ نظرات النادل لها و لولا نظرتُه لها لكان الآن بين عداد الموتى بين يداه!! جلس أمامها يعود بظهره للخلف و لم يتحمل أن يجلس دون أن يشعل لُفافة التبغ، و فعل فـ طالعتُه بإستغراب، تأملت ضيقُه لتقترب بجزعها العلوي منه، جاذبة تلك السيجارة من بين شفتيه، وضعتها في المطفأة تقول بهدوء:
- إيه اللي مدايقك؟

- إيه اللي عملتيه ده؟
قال و عيناه إشتعلت كإشتعال تلك السيجارة قبل أن تُطفأ، لم تجيبه ليسترسل بعنف:
- مين سمحلك؟!

- أنا اللي سمحت لنفسي!!!
هتفت بجُرأة تستند برأسها للخلف هاتفة بثقة:
- أنا مبطِقش ريحة الدُخان!

أغمض عيناه يتحكم في غضبُه، ليردف بحدة:
- تتعودي يا نور!

- إنت اللي تتعود متشربهاش قُدامي!
هتفت بنفس الضيق، ثم لفّت وجهها تشيح به بعيدًا عنه من ضيقها، طرق فوق الطاولة بحواف أناملُه، ينظر لملامحها الجميلة التي بُهتت بضيق، كاد أن ينطق لولا أنه لمح ذلك النادل يقترب منهم لكي يأخذ طلبهم، زفر الأخير بضيق ثم أملى عليه طلبه لكي يُغادر و لم يسألها عما تُريد، عندما إبتعد النادل ناظرته بصدمة قائلة:
- إنت مسألتنيش هاكُل إيه!!

- عشان عارف ذوقك!!
قال بجمودٍ فـ إنفعلت و إحتدت نبرتها و هي تقول:
- عارف ذوقي منين!! أنا أصلًا مبحبش الجمبري!

- وطي صوتك!!!
قال بهدوء إستفزها أكثر، لتدفع بظهرها للمقعد تضم ذراعيها لصدرها تنظر أمامها بحُزن ظهر على عيناها، تنهد و نهض ليجلس جوارها، إلتقط ذقنها يلف وجهها له يقول بحنوٍ:
- عايزة تاكلي إيه و أنا أروح بنفسي أطلبهولك؟

- مش عايزه شكرًا!!
قالت دون أن تنظر له، تبعد كفه من على ذقنها، لكن فجأة وجدته يسحب مقعدها لمقعدُه واضعًا كفُه على خصرها، نظرت له بصدمةٍ فـ إبتسم و مال مُلتقطًا قبلة سريعة من شفتيها المنفرجة، شهقت و أسرعت تبعد وجهها عنه تقول بصعوق:
- إيه اللي عملتُه ده!!! في ناس حوالينا!!!

ثم أخذت تنظر لمن حولها و لكن لم تجد أحد ملتفتًا لهما فـ حمدت ربها، طالعته بغضب شديد ثم هتفت:
- إنت .. اللي عملته ده ميصحش قدام الناس!

- أنا أعمل اللي أنا عايزُه في أي وقت!!
قال بخبث، ثم هتف بمكرٍ:
- و والله لو ما قولتي دلوقتي أطلبلك إيه هبوسك بوسة بجد مش الزغزغة اللي عملتها من شوية دي!!!

لم تتحمل و ضربت فوق صدرُه من شدة خجلها، ثم قال بإرتباك رهيب:
- لاء لاء خلاص .. أنا عايزه رز و فراخ!!

ثم فكرت قليلًا لتردف مسرعة:
- و عايزه محشي ورق عنب!!!

إبتسم و قال و هو ينظر لشفتيها:
- أطلبي حاجه تانية .. 

لم تلاحظ نظراته فـ قالت:
- شوية ملوخية!

- عنيا!!
قال و قبّل جبينها ثم نهض، جلست ترتب خصلاتها بتوتر و حيرة، ثم همست بإبتسامة:
- والله مجنون .. بس قمر يخربيت جمال أمه!!!

ثم ضحكت تخفي فمها الذي نطق بالذي لو سمعه لكان قتلها!، تنحنحت تعيد ذاتها الوقورة إليها، و شردت .. تحدث نفسها:
- ليه حاسة جنبُه بإحساس غريب أول مرة أحسُه مع حد؟ ليه حاسة إني في أمان طول ما هو قريب مني؟! ليه قلبي بيدُق بالشكل ده لما بكون في حضنه أو معاه .. بس أنا مش فاهماه! ساعات بيبقى حنين و ساعات قاسي، ساعات بيبقى عصبي و ساعات هدوءه بيستفزني، حاسة إنه بيحبني و في نفس الوقت مش طايقني! أقل حاجه مني بتعصبُه! 

حاوط مقدمة رأسها تشعر بصداعٍ من كثرة الأفكار المتضاربة بـ ذهنها، حتى وجدته أتى و جلس جوارها، يقول و هو يميل برأسها لأسفل لكي يرر وجهها الذي تخفّى أسفل كفيها:
- مالك في إيه؟

همست بهدوء:
- مافيش .. دماغي واجعاني شوية!!!

مسح على خصلاتها و قال بقلقٍ:
- نروح لدكتور؟

نظرت له بإستغرابٍ، مجرد ألم رأسها جعله يقلق و يطلب منها الذهاب إلى الطبيب؟ و هي التي كانت تموت أمام أعين أمها من ألم معدتها عندما أتتها الدورة الشهرية لأول مرة و ترجوها أن تذهب بها لطبيبة لكن لم تفعل متحججة بأن ذلك الألم سينتهي و لن يطول! إبتسمت و نظرت لذلك القلق المرتسم في مقلتيه و لم تجيبُه، فـ قال بنفس الرهبة:
- مبترُديش ليه؟

قالت بهدوء و إبتسامة:
- شوية صداع يا فريد .. هيروحوا على طول!

قال برفق:
- طيب .. بعد م ناكل .. لو لسه الصداع موجود هنروح لدكتور!!

أومأت له و لم تجيبُه، فأتى الطعام على يد نادل آخر و وضع الطعام أمامهم فـ بدأت نور تأكل يـ جوعٍ، ثم نظرت إلى فريد الذي جلس يراقبها، لتلتقط إصبع من أصابع المحشي الملفوفة تلك و قال بلُطف:
- إفتح بؤك!

فتح فمه قليلّا و ذراعه مسنود على ظهر مقعده، أطعمته و قبل أن تبعد إصبعها عن مرمى شفتيها كان مُمسكًا بـ كفها يُقبل ذلك الإصبع قبلة تلي الأخرى أخجلتها، إبتسم ثم قال يحرر إنملها من بين أصابعه:
- عايز تاني!!

هتفت بلهفةٍ:
- حاضر!!

ثم جلست تُطعمة مُتناسية تمامًا جوعها، حتى نظر لها و لم يتحمل براءتها و نقاء قلبها، ليحاوط وجهها يُقبل وجنتها اليُمنى يتنفس رائحة بشرتها، إبتسمت لتنظر له عندما رفع وجهه يقول بحنان:
- يلا يا نور كملي أكلك!!

إلتفتت تكمل طعامها بالفعل حتى أكلت الكثير لتستند بظهرها للخلف تقول تشعر بالإمتلاء:
- حاسة إني إتنفخت!!

- لسه مصدعة؟
سألها بإهتملم فـ قالت:
- لاء الحمدلله راح!

جلسا معًا يتبادلا أطراف الحديث حول اللاشيء، ليتمر ساعتان فـ حاسب النادل و نهضا، خرجا من المطعم لتشهق عندما وجدت أمكار غزيرة تنهمر فوق رأسها، ضحكت ضحكات طفولية و هي تمد كفيها للأمام لتتلقى تلك القطرات التي تسقط على باطني كفيها كالورود المنثورة، ضحكت من قلبها فهي لأول مرة تمر بتلك التجربة، حاول فريد سحبها بضيق قائلًا:
- يلا يا نور نركب العربية!!

أسرعت تبعد كفها عن مرمى يدُه قائلة بسعادةٍ غامرة .. تشبه تلك الأمطار التي غمرت جسدها:
- لاء لاء عربية إيه ده أنا هفضل هنا لحد ما المطرة تخلص!!!

لتجذبه هي من ذراعه تجعله يقف أمامها قائلة بغبطةٍ:
- غمض عينيك كدا و حس بالميا و هي بتنزل على جسمك!!

هتف بهدوء:
- مبحبش المطر أصلًا!!!

صدمت صارخة بسعادة:
- مبتحبش المطر!! في إنسان طبيعي ميحبش المطر!!!

وجدها تفرد ذراعيها على جانبيها ترفع وجهها للسماء مغمضة عبناها، فـ صرخ بها بحدة:
- نـور!!! يلا عشان متبرديش!!!

- لاء لاء!!
قالت مسرعة تبتعد عنه خطوات عدة فـ إنفلتت أعصابه لاسيما عندما ترجته قائلة:
- و حياتي إستنى شوية!!!

أمسكت بكفه تصرخ بـ براءة:
- يلا نجري!!!

- إنتِ كدا لسعتي بجد!! إحنا هنجري فعلًا على للمستشفى بعد ما يجيلك إلتهاب رئوي و يطلعلك زور في إحتقانك مش إحتقان في زورك!!!

ضحكت من قلبها لتذهب معه عنوةً بعد أن تبللت ملابسها و خصلاتها لتدلف للسيارة تجلس جواره، إحتفظ بـ كفها بـين يدُه و القلق ينهش قلبه عليها، خائفًا من تبعات ما فعلت أو أن تمرض، و مجرد فكرة فقدانها تقتلُه و تجعلُه يود أن يموت في الحال، عندما وصلا .. ترجل هو أولًا بينما هي تثاقلت جفنيها بنعاسٍ، ليفتح الباب و يميل و في ثوانٍ كان يحملها بين يداه، تشبثت بـ عنقه بنعاسٍ تدفن أنفها في رقبت فـ تُدغدغ رجولتُه، سار بها للڤيلا و قبل أن يفتح كان الباب يُفتح ليجد عمتهُ تبتسم له بإصفرارٍ، دُهش من وجودها ليقول بإستغراب:
- عمتي!! إيه الزيارة المُفاجأة دي؟

رفعت نور عيناها لتنظر لتلك الواقفة بحرجٍ من وضعيتها بين ذراعيّ زوجها، لكنها طالعت هيئتها تلاحظ الغل قد تشكّل بعيناها قائلة بضيق حاولت إخفاءه:
- يارب بس تمون عجبتك يا فريد!

دلف فريد قائلًا بإبتسامة زائفة و هو يتجه للدرج ليصعد به:
- طبعًا يا عمتي، هطلّع مراتي و آجي نقعد مع بعض شوية!!!

تمسّكت نور بـ عنقه تنظر لتلك الواقفة و لم تجيبه بـ توجسٍ، فنظراتها التي كالرصاص نحوها جعلتها تهابها و تنكمش أكثر بين أحضان مأمنها الوحيد، دلف لغرفتهم ثم إلى غرفة تبديل الملابس ينزع عن جسدها ذلك المئزر، ثم لفّها و بخفة كان يفتح زمام ثوبها بينما هي مُنشغلة في التفكير في تلك السيدة، أبعد طرفي الثوي عن ظهرها ليُغمض عيناه يشعر بتلك الندوب على قلبُه هو، يُميل ليُقبلهما بلُطفٍ فـ إقشعّر جسدها و أغمضت عيناها تردف بإرتباكٍ:
- فريد!

حاولت الإبتعاد لكنه كان قابض فوق خصرها، ليقترب من أذنها هامسًا بها:
- مش لازم تخافي و ترتجفي كدا .. أنا مش هعملك حاجة، لإني عارف إنك تعبانة و مُرهقة النهاردة!

إلتفتت له و قبض فوق تلابيب قميُصه بينما هو تاركًا الحرية لأناملُه بالعبث فوق ظهرها يسير بطوله بأصابعه عليه، فـ تمتمت بحرجٍ:
- هي اللي تحت دي عمتك؟

غمغم بهدوءٍ:
- مممم

تابعت بحرجٍ:
- طب و هو يعني كان ينفع تشوفك شايلني كدا زي العيال الصغيرة، كان المفروض تنزلني أسلم عليها!! بس أنا الغلطانة .. لساني إتلجم لما لقيتها واقفة و بصراحة بصاتها مريحتنيش!!

تنهد ثم قال بإبتسامة:
- مش شايف فيها عيب لحد جاي من برا شايل مراته، و بالنسبة لبصاتها فـ أنا مش عايزك تخافي من حاجه و أنا معاكِ!

ثم حاوط وجنتيها المغطان بخصلاتها يقول بحنان:
- يلا أنا هطلع .. و إنتِ غيّري هدومك و نامي!!

ثم همّ بالذهاب فـ تشبثت بقميصه كـ طفلة لا تريد أبيها أن يبتعد عنها، تسألُه بـ براءة:
- هتغيب تحت يعني؟

مال طابعًا قبلة جوار شفتيها بالضبط فإبتسمت و لأول مرة لا تخجل قربُه، بل باتت تعشق وجوده بالقرب منها هكذا، إبتعد عنها ثم قال ينظر لعيناها اللامعة:
- كُنت هغيب، بس بعد الجملة دي رُبع ساعة بالظبط و هطلعلك!!!

إبتسمت ملء ثغرها ثم قالت:
- ماشي!!!

قبّل مقدمة رأسها و ذهب، فـ ضربتها برودة غريبة فور إبتعادُه عنها، زمت شفتيها بحزن عندما أدركت تأثير وجوده عليها، نزعت ذلك الثوب و إرتدت منامية نوم مريحة تتكون من قميص بلون الروز أيضًا قصير معه المئزر الذي إمتلأ بريشٍ رقيق، إبتسمت لنفسها و جففت خصلاتها ثم خرجت، تسطّحت فوق الفراش البارد و إنتظرت دخوله في أيّة لحظة، لن تنام سوى عندما يأتي و يضمها لأحضانه فـ تدفن وجهها بصدرُه و هُنا فقط تستطيع النوم بـ سلام! بعد دقائق وجدته قد دلف و الضيق يحتل ملامحه، إعتدلت في جلستها تنظر له بترقب لتجده ينزع عنه قميصه و يلقي به أرضًا فـ ظل عاري الصدر، ذهب نحوها لتتفاجأ به ينام على معدتُه جوارها لكنه أسند رأسه فوق صدرها محاوطًا خصرها، إبتلعت شهقاتها الخجولة و لم تقُل شيئًا، بل وجدت نفسها تحيط رأسه و تغلغل أنامله داخل خصلاته الناعمة الكثيفة و يدها الأخرى تمسح فوق ظهره، ثم همست بحنو ينبع منها لأول مرة:
- مالك طيب؟ قالتلك حاجه دايقتك!!!

أغمض عيناها يتذكر حديثها الذي أشعل نيرانٍ بقلبه عن ماهية الفتاة التي تزوج منها، و كيف أنها بحثت عن عائلتها فلم تجد لها إسمٍ ولا أصلٍ و لا فصلٍ، و وبّختُه لأنه تزوج منها و ءسماها على إسمه، تذكر كيف حاول ضبط أعصابُه لكي لا ينفعل على من هي بعمر أمهِ، أغمض عيناه و أسند أذنيه فوق موقع قلبها يقول بهدوء لا يضاهي إنفعاله:
- لاء يا نور مقالتليش حاجه!

ثم تابع:
- أنا بس حاسس إني مُرهق شوية، و عايز أنام هنا .. في حُضنك!!

رُغم خجلها من ذلك الوضع إلا إنها حاوطت رأسُه تناديه بهدوء:
- فريد!

- نعم!
قالها متلذذًا بسماع صوتها من ثغرها، فـ غمفمت بحيرة:
- هو إنت ممكن تندم إنك إتجوزتني؟

- ليه بتقولي كدا؟
قال و هو يُفاجأها بـ أن قبض على خصرها يُزيحها لأسفل لتكُن في مواجهته، شهقت و وضعت كفيها على صدرُه، فـ ثبّت كفّها فوق صدره و قال و هو يتفرس ملامحها بعيناه:
- اللي بتقوليه ده هبل! أنا متجوزك بإرادتي .. و أنا مُستحيل أندم على حاجه عملتها بإرادتي و مزاجي!!

أسرعت تبعد وجهها عنها لتعطس تفرك أنفها تحمد ربها على عدم توقف قلبها في تلك العطسة، فـ إبتسم ولكنه ناظرها بقلق و مسح فوق خصلاتها وجبينها يقول:
- أكيد خدتي برد

نفت برأسها تقول بـ هدوء:
- خلينا بس في اللي كُنا بنقولُه!

تابعت و أناملها تعبث بـ زر قميصُه بإرتباكٍ:
- إنت .. إنت إتجوزتني ليه يا فريد!

- كُنت عايزك!
قالها ببساطة، فـ توقفت عن العبث بـ زر قميصُه و نظرت لعيناه بصدمة:
- عايزني!! بس؟

فكر في سؤالها لثوانٍ، ليثبت لها و لنفسه حتمية ذلك الأمر بقوله:
- آه بس!!

- معنى كلامك .. إن جوازنا مؤقت، هينتهي بإبنتهاء رغبتك دي فيا!!!
قالت مصدومة مما يقول، تأمل كلماتها يفكر به مليًا، هل ما تقولُه صحيح؟! مُحال هو أن يتركها، كيف له أن يبتعد عنها بعدما ذاق لذة قُربها، بعدما جرّب حُضنها و إستشعر دفء قُربها و وجودها بحياته، كيف له أن يحيى دونها؟ دون ضحكتها و دون عيناها! كيف سيخطو هذا الفراش الذي تلذذ بنومها فوقه من دونها؟ يُجزم أن ذلك الفراش سيتحول من جناتٍ نعيم إلى جحيم مُضجر إذا لم تكُن فوقه و جواره و بأحضانه!
و لأنه فريد الزيات الذي لن يُصرح بتلك الأشياء أبدًا، نظر لها بهدوء و قال:
- معرفش الله أعلم!!

- كُنت فاكراك بتحبني!
هتفت بخذلان ظهر في صوتها، تنهّد و قال بضيق:
- أنا بكرَه الحُب!!

إنفعلت تعابير وجهها و ضربت فوق صدرُه بغضب رهيب:
- و أنا بكرهك!! أنا كُنت فاكراك بتحبني!! طب ليه عشمتني .. ليه دافعت عني و خوفت عليا و إدتني أمان و في لحظة سرقتُه مني!!!

لم تجد تعبير واحد على وجهه، ليعلو صدرها و يهبط من جهدها في ضربه فوق صدره، لتخاف عندما وجدته يقبض فوق كفيها يظفعهما على الفراش جوار رأسها بعنفٍ يثبتهما بكفيه بحدة، رغم هدوء وجهه و عيناه إلا أن ذلك الهدوء أخافها أكثر، تآوهت بألم تغمغم:
- آآه .. إيدي!!!

- هقطعهالك .. لو فكرتي ترفعيها عليا تاني!!!
قال بحدة و قد تملّك الغضب منه فشدد أكثر و أكثر فوق ذراعيها مما جعلها تعود برأسها للخلف تتآوه بألمٍ أكبر:
- آه آه فريد!!!

نهض من فوقها نافضًا ذراعيها من كفيه، ثم دلف للمرحاض و صفع بابه خلفه، فـ ضمت هي ذراعيها لصدرها بألم و هي تإن من شدة وجعها، أغمضت عيناها لتعطش مرة أخرى و هي ترتجف من شدة البرودة التي تضرب جسدها فورما يبتعد عنها و يتركها، دثرت جسدها جيدًا و أغمضت عيناها بإرهاقٍ حتى نامت بالفعل، خرج من المِرحاض بعدما تحمم مرتدي بنطال قطني و صدره عاري، وجدها نامت فـ أغلق الأنوار ليغط هو الآخر في نومٍ عميق!!

• • • • • •

فتح عيناه على ضوء الشمس الذي تخلل غرفته و قبع بها، فـ فتح عيناه بضيق ثم نهض يغلق أبواب تلك الشرفة و عاد للفراش، بكنه للحظ من نصف فتحة عيناه إرتجاف جسدها و همهماتها و العرق يتصبب من وجهها! فرك عيناه و أسرع ناحيتها يجلس جوارها بالضبط يمسد على جبينها فوجده مُلتهبًا، إتسعت عيناه بصدمةٍ ليميل فوق جسدها و يده تسير على ذراعيها العاريان و على رقبتها ليجد كامل جسدها ساخنًا، أسرع واقفًا لا يعلم ماذا سيفعل، إتجه ناحية الثلاجة الموجودة في غرفتهم ليخرج منها مكعبات ثلج ثم سكبها في الطبق و صبّ فوقها مياه شديدة البرودة، أغرق بها قماشة نظيفة ليأخذ الصحن و ذهب لها، وضعه على الكومود و إعتصر القماشة جيدًا ليضعها فوق جبينها .. و من ثم رقبتها و صدرها، رفع ذراعها ليضعها على إبطها و هو يعلم جيدًا أن ذلك المكان يمتص البرودة، مال و مسح فوق وجنتها و همس بـ قلقٍ رهيب:
- نور .. حبيبتي سامعاني؟

لم يتلقى منها سوى همهماتٍ بسيطة تقول فيها بصوتٍ خافت بالكاد سمعه:
- جسمي .. سُخن أوي .. و باردانة أوي أوي!

أبعد تلك القماشة عنها و غمسها في المياه مجددًا ثم إعتصرها و وضعها فوق صدرها و رقبتها ثم مسح فوق خصلاتها بحنو يقول:
- عشان تبقي تُقفي تحت المطر كويس!!!

أنت بألم تهمس بنفس النبرة الخافتة:
- إيدي كمان .. و .. واجعاني أوي

إلتقط رسغيها و رفعهما لـ شفتيه يبادل القبلات بينهما بحنوٍ و هو يرى أثار أنامله فوق كفيها قائلًا:
- حقك عليا!

لم يتلقى منها حرفٍ، يراها تإن بألم فـ أبعد تلك القماشة ثم نهض يميل عليها يحملها بين ذراعيه يردف:
- مبِدهاش بقى!!!

تمسّكت بعنقُه تقول بخوفٍ و وهن:
- فين .. رايح!!!

- هنستحمى!!!
قالها بإبتسامة فـ أسندت رأسها فوق صدرها بعدما شعرت بثقلها، صعد بها لمكان الإستحمام و الذي كان عبارة عن مكان زجاجي مُلحق بـ باب و صنبور الدُش يعلوهما، فتح الصنبور فـ إنهمرت المياه فوقهما لتتمسك هي برقبته تشهق من برودة المياه ترجوه:
- لاء لاء .. بتعمل إيه نزلني!!!

- مش هتخفي غير كدا!!
قال و هو يقربها لصدرها يوجه جسدها للمياه بالضبط، فـ أخفت وجهها بصدرُه العاري تقولبرجفةٍ:
- فريد!!

فورما تنطق إسمه يشعر بقلبه ضعيفًا أمامها، أغمض عيناه و أنزلها على قدميها فـ أسرعت تلقي بجسدها بأحضانُه تقول و كل خلية بجسدها ترتجف من شدة برودة المياه:
- خلينا نطلع يا فريد .. أنا بردانة أوي!!!

تلقى جسدها بين ذراعيه ليحاوطها يمسح فوق خصلاتها يرفع وجهها الأحمر له، ثم ألصق وجنته بوجنتها فوجد حرارتها قد إنخفضت، أغلق الصنبور و خرج من ذلك المستطيل العامودي الزجاجي فـ قالت برجفةٍ:
- هتروح فين!!

- هجيبلك فوطة!!
قال و هو يبحث عن منشفتها فـ لم يجدها ليلتقط منشفتُه و ذهب لها، حاوط جسدها بتلك المنشفة، حملها بين ذراعيه مجددًا ثم ضمها لصدره مقبلًا جبينها، دلف بها لغرفة تبديل الملابس ثم أنزلها، أخرج لها بيچامة ذات أكمام من النوع القيطفي المخملي، أبعد تلك المنشفة عن جسدها و بجرأة أزاح حمالة قميصها فـ تشبثت به تبتعد عنه قائلة بتعبٍ:
- بـ .. بتعمل إيه!!!

- هلبِسك يا نور .. متتكسفيش مني!!!
قال بلُطف، فـ نفت برأسها تقول بضيق:
- متشكرة، أنا مش عايزة حاجه منك!!! إنت فاكر إني ناسية كلامك إمبارح؟ و لا ناسية إيدي اللي طلّعت ضيقك كله فيها!!! لو سمحت يا فريد إطلع برا!!

نظر لها للحظات ثم قال بجدية:
- تنسي أو متنسيش دي مش مشكلتي،أنا هطلع و إنتِ إعملي اللي إنتِ عايزاه!!!


 •تابع الفصل التالي "رواية هوى الزيات" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent