رواية لغز الاقدار الفصل الرابع 4 - بقلم آية الفرجاني
الرابع
4بعد ما اكتشف أسامة أنه جزء من خطة قديمة، وأنه مفتاح السحر لعودة زمردة للحياة، قرر أن يتخذ الخطوة التالية. كان يعلم أن قدره أصبح مرتبطًا بهذا الكائن الغامض، زمردة. لكن كان أمامه تحدٍ ضخم: الزواج منها. الأمر لم يكن مجرد رغبة أو قرار عاطفي، بل كان ضرورة لفك اللغز.
كانت الشروط التي وضعها السحر كانت معقدة. بعدما تزوجها أسامة، سيتعين عليه أن يمر عبر العديد من العوائق، وأولها كان "الجن المسيطر"، الذي كان يراقبهم طوال الوقت.
، بدأت زمردة تستعيد وعيها ببطء. فتحت عينيها للحظة، ورأت أسامة واقفًا أمامها، لكن وعيها كان مشوشًا، وكأنها في عالم بين الحلم واليقظة.
زمردة (بهمس، وعيونها نصف مفتوحة):
"أسامة… إيه اللي حصل؟ أنا كنت… كنت…"
كلماتها تلاشت قبل أن تكتمل، وعيناها بدأت تغلقان ببطء مرة أخرى، لتعود إلى حالة من النوم العميق، وكأن السحر الذي كان يقيدها لم يختفِ بالكامل. أسامة بقي بجانبها، يراقبها بقلق، يدرك أن استيقاظها كان مؤقتًا، وأنها ما زالت محبوسة بين عوالم غامضة.
مر الوقت ببطء، وبعد فترة، بدأ جسد زمردة يتحرك مرة أخرى. هذه المرة، كان استيقاظها أقوى. فتحت عينيها ونظرت حولها بنظرة مليئة بالارتباك. بدا واضحًا أنها لا تتذكر ما حدث قبل ذلك.
زمردة (بصوت ضعيف وحائر):
"فين أنا؟ إيه المكان ده؟ أسامة؟ هو إيه اللي جابك هنا؟"
أسامة، الذي لاحظ عدم إدراكها لما جرى، أدرك أنها قد نسيت اللحظات التي كانت على وشك استعادة وعيها فيها. قرر أن يكون هادئًا وصبورًا معها.
أسامة (بصوت مطمئن):
"إنتِ في أمان دلوقتي، زمردة. أنا هنا عشانك. كل اللي كان بيحصل مجرد كابوس وانتهى."
زمردة (بدهشة):
"كنت حاسة إني بعيدة، في مكان مظلم، مش قادرة أرجع… بس دلوقتي… حاسة إني أخف."
مد أسامة يده بهدوء نحو يدها، وشعر بالارتياح عندما استجابت له، كأنها تستمد منه القوة لتستعيد وعيها تمامًا.
زمردة (بصوت ضعيف، لكن مليء بالرجاء):
"أنا عارفة. لكن فيه حاجة أكبر مننا هنا، حاجة مش قادرين نفهمها. الجن المسيطر مش هيسمح لنا بسهولة."
أسامة (بتصميم):
"إحنا هنواجهه. لو كان هو اللي حابسنا هنا، فأنا مش ناوي أسيب الأمر يعدي. لازم أقاتل عشان نحرر كل اللي في المكان ده."
زمردة (بنبرة حذر):
"الجن المسيطر قوي جدًا. مش مجرد كائن، هو عقل المكان ده وروحه. بتحركه قوانين مش بنفهمها."
أسامة (بجدية):
"مهما كان قوي، مش هقدر أستسلم. هنلاقي طريقة نتخطى بيها كل العوائق، حتى لو كان دا يعني إننا نواجهه مباشرة."
فجأة، كان الجو من حولهم يثقل كأنه يغرقهم في ظلام غريب، وكأن المكان يدرك ما يخططان له. ظهر ضوء خافت في الزاوية، لينبثق منه ظل هائل يأخذ شكل كائن يشبه البشر، لكن مع عيون مشتعلة كالجمر.
الجن المسيطر (بصوت رنان وعميق):
"تظنون أنكم تستطيعون كسر قيودي؟ أنتم جزء من اللغز. لا مهرب لكم مني. أي محاولة للتحدي ستنتهي بالعذاب."
أسامة (بشجاعة رغم خوفه):
"يمكن تكون جزء من المصير هنا، لكن لكل كائن حدود. حتى أنت مش هتقدر توقفنا إذا قررنا نهايتك."
الجن المسيطر نظر إلى أسامة بازدراء، ولكن بدا في عينيه تردد. ربما هذه أول مرة يواجه فيها شخصًا مستعدًا للمخاطرة بكل شيء.
الجن المسيطر (بهمس متردد):
"حسنًا، لنرى مدى شجاعتك الحقيقية، يا أسامة."
قال ذلك وأختفي
الظل بدأ يتلاشى، ولكن الجو بقي ثقيلًا، كأن التحدي الحقيقي لم يبدأ بعد.
مع مرور الوقت، قرر أسامة أن يتخذ قراره ويواجه مصيره. قرر أنه سيتزوج زمردة حقيقه، لكن هذا القرار لم يكن سهلاً كما كان يعتقد. الجن المسيطر على المكان بدأ يظهر بشكل أكثر وضوحًا.
في تلك اللحظة، وبينما أسامة ينظر إلى زمردة ويشعر بتلك الراحة البسيطة لرؤية عودتها إلى وعيها، لاحظ فجأة أن العرافة ورجب قد اختفيا من المكان.
كانت الغرفة قد خلت تمامًا من وجودهما، كأنهما تبخرا في الهواء. المكان كان ساكنًا بشكل غريب، ولم يكن هناك أي أثر يدل على وجودهما قبل لحظات.
أسامة (بنبرة متوترة، محدثًا نفسه):
"فين العرافة؟ ورجب؟ كانوا هنا دلوقتي… مستحيل يكونوا اختفوا كده فجأة!"
لكن لا إجابة. بدا وكأن السحر الذي فكّرتهما به قد زال، وتركهما وحدهما.
زمردة (بصوت ضعيف وملامح مندهشة، وهي تتلفت حولها):
"فين… فين أبويا؟ والعرافة؟ كانوا هنا من شوية… أنا مش فاهمة حاجة. كل دا كان حقيقي؟ ولا أنا لسه بحلم؟"
أسامة (يحاول تهدئتها):
"زمردة، أنا كمان مش فاهم كل اللي بيحصل، لكن واضح إنهم مش موجودين. يمكن… يمكن إحنا المفروض نكمل لوحدنا."
زمردة (تلتفت إليه بتساؤل، ونبرة مليئة بالحيرة والخوف):
"نكمل إيه؟ أسامة، أنا مش عارفة إيه اللي حصل. كل اللي فاكراه إن كان في سجن زجاجي، وبعدين صحيت… وحسيت كأني كنت ضايعة في مكان تاني."
أسامة (يأخذ نفسًا عميقًا، ويقول بجدية):
"زمردة، أبوكي والعرافة قالولي إن الحل الوحيد عشان تخرجي من السحر دا هو إني أتجوزك. لو فضلنا نستنى أو نتردد، ممكن نبقى محبوسين هنا للأبد."
زمردة (بصوت خافت، وكأنها تتقبل الواقع الصعب):
"يعني الحل الوحيد… هو إننا نتجوز؟"
أسامة (بجدية وتردد):
"أيوة، مش شايف طريق تاني. مش ده اللي كنت مخططله… لكن لو ده هو السبيل الوحيد، أنا موافق. مش عشاننا، لكن عشان نحررك من السحر ده."
زمردة (تنظر إليه بامتنان، على الرغم من الخوف الظاهر في عينيها):
"لو ده هيخرجنا من هنا… أنا كمان موافقة."
بعد أن خرج أسامة وزمردة من الغرفة، كان كلاهما يشعر بثقل اللحظات القادمة. تحركا ببطء، كأنهما يحملان عبءًا قديمًا؛ زمردة كانت تنظر حولها، وكأنها تستعيد الذكريات التي فقدتها، بينما أسامة يحاول استيعاب حجم التحدي الذي ينتظرهما. جلسا معًا، يتحدثان بصوت منخفض، وكأنهما يستمدان القوة من وجودهما جنبًا إلى جنب.
زمردة (بهدوء وارتباك): "اللي جاي شكله أكبر من اللي عدينا فيه… بس غريبة، مش حاسة بالخوف قد ما حاسة إني مستعدة أواجه أي شيء، مادمت معايا."
أسامة (بنظرة حازمة): "أنا مش هسيبك، سواء في عالم البشر أو عالم الجن. اللي بنواجهه دلوقتي هو بداية الطريق، وكلنا مستعدين نكمل."
مع تزايد اللحظات، شعروا بتوتر الهواء حولهم وكأن شيئًا غريبًا سيحدث.
في ليلة من الليالي، بينما أسامة يتهيأ لاستكمال خطواته نحو الزواج، شعر بشيء غريب يحيط به. كانت الأجواء مشحونة بالطاقة السلبية، وعيناه تتسارع في تتبع الظلال التي تتحرك حوله. فجأة، ظهر الجن المسيطر أمامه، في شكل ضبابي مظلم، مع عيون حمراء لامعة، تملؤها الكراهية.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (بقلم آية الفرجاني) اسم الرواية