رواية حرر هواك فالحب بات معلنا الفصل الخامس 5 - بقلم تسنيم المرشدي
«حرِر هَواكَ فَالحُب بَاتَ مُعلنَا»
«الفصل الخامس»
***
بسم الله الرحمن الرحيم
بتردد شديد في إخباره، أرغمت ذاتها على التحدث وهي تحدج "زياد" الجالس أمامها منكس رأسه بنظرات تحمل المعاتبة:
_ هقولك، بس الأول اوعدني إنك مش هتتعصب
لقد بلغ يوسف ذروة تحمله، فهو لا يحب المماطلة في الحديث، ناهيك عن كُرهه لأخذ الوعود قبل أن يعلم بحقيقة الأمور، فكيف له أن يعطي وعداً على شيء لا يعلم مدى خطورته؟!
تأفف بصوت مسموع وبنبرة تحمل من الغضب قدراً قال:
_ يا الله، يا أمي أنتِ عارفة كويس إني مش بحب المماطلة في الكلام ولا أخد وعود قبل ما أعرف السبب!
توقف عن الحديث، وأوصد عينيه مع أخذه لشهيقاً زفره على مهلٍ، عاد لمواصلة المكالمة بنبرة هادئة عكس التي كان عليها:
_ عشان خاطري يا أمي، عرفيني إيه اللي حصل وإن شاءالله أحاول متعصبش لو الموضوع ميستاهلش
علمت ميمي أنها لن تأخذ منه وعداً كما حثته، كما علمت أن عليها إخباره لا مجال من الهرب بعد، بهدوء حاولت لملمة الأمر فأردفت:
_ أخوك مقصدش إنه يقطع عروسة لينة..
حسناً، الأن علم الحقيقة كاملة دون أن تكمل والدته، هز رأسه بتفهم وبهدوء مخيف أردف كلماته:
_ ناولي الموبايل لـ لينة عايز أكلمها
ثوانٍ معدودة ثم وصل إليه نحيب الفتاة التي بات واضحاً للغاية لأذنيه، فتحدث بنبرته الرخيمة:
_ لينة، أنتِ معايا؟
أجابته من بين بكائها بنبرةٍ متحشرجة:
_ آه
تنفس بعض الهواء وتابع مكالمته:
_ متعيطيش لو ليا خاطر عندك، عايزة تزعليني؟
ردت عليه بعد محاولات فاشلة في التوقف وهي تطالع دُميتها الممزقة بين يديها:
_ مش عارفة، دي هي اللي فضلالي، هي كمان مشيت زيهم..
أغلق يوسف عينيه حين وقعت كلماتها على مسامعه، لقد شعر بوخزة قوية في قلبه إثرهم، ابتلع ريقه وحاول أن يعود لرشده فلا مكان للتأثر الآن، عليه تهدئتها فقط، هذا ما عليه فعله في ذلك الحين.
عاد إليها ولا يدري أي من الحديث يقول، هربت كلماته ولا يعلم سبيل لهم، فلم يشعر بنفسه سوى وهو يقول:
_ طيب متعيطيش، أنا موجود جانبك يا لينة، يعني مفيش داعي للزعل، طلاما فيه يوسف يبقى فيه حل دايماً
أنتبه يوسف لنزول السيد سمير برفقة بلال فحاول إنهاء المكالمة على الفور حيث قال:
_ أنا هقفل دلوقتي لأن عندي شغل، بس اوعديني الأول إنك هتبطلي عياط
بعد وقت ليس بطويل أجابته بمزاج غير سوي:
_ هبطل عياط..
أنهى الإتصال فور إعطائها وعداً له، وضع هاتفه في جيبه سريعاً، شكل ابتسامة وهو يتابع خروج السيد سمير من المكان، اقترب منه بلال حيث لكزه في كتفه وهتف ممازحاً:
_ كنت عارف إن دماغك هتعجب أبويا، بس أنا مال أهلى بيك، أتهزأ كأني عيل صغير بسببك ليه؟
ببرودٍ أراد يوسف مشاكسته فهتف:
_ دي الحقيقة فعلاً، إيه الجديد؟
تفاجئ بلال من رده ولم يعقب عليه، فلن يكون لديه ما يكفي للرد عليه، تنهد مستاءً فسأله يوسف وهو ينظر إلى الساعة المعلقة أمامه:
_ هو مفيش هنا وقت للراحة؟
أجابه بلال وهو ينظر إلى وجهته ذاتها:
_ أكيد فيه، بس لسه بدري أوي عليه
عاد ببصره إليه وتابع استرساله:
_ بيكون حوالي الساعة ٢ بعد الضهر
قطب بلال جبينه بغرابة وسأله بفضول لمعرفة ما خلف سؤاله:
_ بتسأل ليه؟
باختصار شديد أخبره يوسف مردفاً:
_ عايز أشتري حاجة وأنت هتيجي معايا
مازحه بلال كعادته:
_ والله دي حاجة ترجع ليك، هتدفع كام؟
طالعه يوسف باحتقار وصاح بالسُباب:
_ مشوفتش مادي حقير زيك قبل كدا
انحنى بلال بجسده إلى الأمام كالذي يرحب بجمهوره هاتفاً بفخر:
_ شكراً يا قليل الذوق
انفجر يوسف ضاحكاً على تصرفه الأخرق، هز رأسه باستنكار ثم تركه ومر بخطاه في المكان لكي يرى معالمه كاملة، رافقه بلال وبدأ يعرفه على بقية العاملين وأيضاً كان يعرفهم بيوسف بسعادة وفخر.
***
دقت عقارب الساعة وحانت الثانية ظهراً، كان يوسف يعُد الثوانِ بفروغ صبر حتى أتت ساعته المنتظرة، بحث عن صديقه ثم أسرع ناحيته، حاوط ذراع بلال بيده متمتماً:
_ يلا عشان نمشي
تأكد بلال من الوقت ثم سأله بفضول:
_ أنت مش هتقولي إحنا رايحين فين؟
رفض يوسف إخباره بوجهتهم لغرض ما في عقله وأجابه مختصراً:
_ هتعرف لما نوصل
ذهب معه بلال والفضول يزيد داخله عن ذلك المكان المجهول، بعد دقائق قليلة قد وصلا إلى السوق، صاح يوسف عالياً حين وقع نظريه على مراده:
_ استنى، أوقف هنا
صف بلال السيارة الذي استعارها من المعرض جانباً، ترجل منها وتابع خطواته خلف يوسف الذي يسبقه بسنتميرات قليلة، انعقد حاجبيه تلقائياً حين وقف يوسف أمام متجر ألعاب.
التفت إليه يوسف وحثه على القدوم بقوله:
_ تعالي يلا
بالتأكيد يمازحه، دوى سؤال بلال في الوسط قائلاً:
_ إيه دا؟ أنت مش كبرت على الحاجات دي يا يوسف، ولا أنت عندك طفولة متأخرة؟
قلب يوسف عينيه بضجر واضح، توجه إليه وأمسك بذراعه مستاءً من سخريته وأردف بتهكم:
_ هشتري عروسة عشان لينة
ازداد انعقاد حاجبي بلال وردد ساخراً:
_ يسلام! إيه كل الإهتمام دا يا بني، من امتى وأنت حنين كدا؟
نفخ يوسف عالياً بتزمجر، ندم لوهلة أنه اصطحب ذلك المتنمر معه، عاد لينظر إليه وبنفاذ صبر هتف:
_ عشان كدا أنا مردتش أعرفك إحنا رايحين فين، عشان عارف إنك مش هتبطل تريقة، وبعدين كام مرة هقولك إنها أمانة صاحبي، وغير كدا أنا وعدت علي إنها مش هينقصها أي حاجة طول ما أنا موجود، والبنت بتعيط عشان عروستها اتقطعت، مش المفروض أجيب لها غيرها؟
استند بلال بمرفقه على حائط المتجر مستند بوجه على كفه وطالع يوسف بأعين متأثر وبسخرية ردد:
_ مكنتش عارف إن قلبك رقيق كدا يا يوسف، شكلي هخبط عربيتي أنا كمان عشان تجيبلي غيرها
تجهمت تعابير يوسف فلقد فاق بلال الحماقة، أزاح يده من على ذراعه وتابع سيره إلى الأمام وهو يتمتم بغيظ:
_ أبقى غلطان لو أخدتك في مكان تاني
قهقه بلال عالياً، فكانت ضحكته مرتفعة فأثارت أنظار المارة، أسرع من خطاه إلى الداخل حين رأى الجميع ينظرون إليه، وقف خلف يوسف وحاول إرضائه بشتى الطرق لكن محاولاته بائت بالفشل الذريع، فيوسف كان صعب الإرضاء، ولا يقبل الإعتذار بسهولة، كان هذا المتعارف عنه.
شعر بلال بأنه مغفل كبير بعدم نجاحه في إرضاء صديقه مثلما نجح بجدارة في تعكير صفوه، إلتوي ثغره للجانب بسعادة حين أتى بفكرة ربما تصلح الأمر بينهما.
بحث في المكان بعناية عن مراده، وقام بانتقاء أكبر الدُمى وأغلاهم ثمناً، عاد إلى يوسف الذي كان يقف يحاسب على ثمن الدُمية التي قام باختيارها من بين جميع الدُمى على الرغم من أن هناك أجمل منها، لا يعلم بلال ما سبب اختيار تلك تحديداً، لكن حتماً هناك أمراً خلف ذلك الاختيار.
خرج يوسف من المكان دون أن يلتفت، استقل السيارة ثم أغلق الباب ولازال ينظر أمامه في انتظار عودة بلال، مرت دقيقتين وخرج بلال من المتجر، توجه إلى الأمام وهو يكاد يرى أمامه لحجم الدُمية الهائل.
أنتبه يوسف على ركلات خارجية على الباب، التفت برأسه فتفاجئ بوجود دُمية ضخمة يحملها بلال، صاح بلال بنبرة مرتفعة من خلف الدُمية:
_ بطل تتفرج على خلق الله وانزل افتح لي الباب اللي ورا
لم يبرح يوسف مكانه، بل اكتفى بفتح الباب الخلفى له من الداخل، هز بلال رأسه في استنكار شديد، على ما يبدوا أنه مازال غاضباً منه، وهو لا يفعل سوى سكب البنزين على النيران بكلماته التي تزيده غضباً، عليه أن يصمت قليلاً.
تنفس الصعداء حين وضع الدُمية في المقعد ثم قام بغلق الباب بصعوبة قابلها لوقت بسبب حجمها، استقل كرسيه ونظر إلى يوسف وقال بمشاكسة:
_ جبت الباندا دي عشان لينة، قولها إني جبت لها هدية لما شوفت عروستك الصغيرة اللي أكيد مش هتعجبها
تعمد بلال النظر إلى الدُمية التي يمسك بها يوسف وضحك باستهزاء، ازداد تجهم تعابير يوسف أضعافاً وكاد أن يترجل من السيارة إلا أن بلال قد لحق به وحاول الإعتذار منه:
_ في إيه يابني، بهزر معاك، من امتى وأنت حساس وبتزعل من أقل حاجة كدا؟
رد عليه باقتضاب وعبوس:
_ أنت لسه محفظتش إني مش بحب المبالغة في التريقة والهزار؟
زفر بلال أنفاسه، شعر بالخجل الشديد يجتاحه من قِبل كلمات يوسف، نظر إليه بندم وأردف نادماً:
_ خلاص هحاسب على كلامي بعد كدا، متزودهاش أنت كمان
بجمودٍ حدثه يوسف:
_ ماشي، ارجع بينا على البيت عندي
أمسك بلال بالطارة أمامه ثم عاد لينظر إلى يوسف، حاول انتقاء كلماته بعناية حتى لا يغضبه ثانيةً، لكنه لم يمنع ضحكته من التشكل على ثغره وأردف وعينيه مصوبتان على الدُمية:
_ هسألك سؤال، بس متتعصبش، بس بجد اشمعنا العروسة دي، كان في أجمل منها هناك
تنهد يوسف وأخبره عما وراء الدمية:
_ لأن دي العروسة اللي شبه عروستها اللي اتقطعت
أومأ بلال بتفهم ثم نظر أمامه وانطلق بالسيارة ليعودان إلى منزل يوسف.
بعد مرور ما يقرب الثلاثون دقيقة، وصل بلال إلى حييهم وصف السيارة أسفل البناية العائدة ليوسف وعائلته، ترجل من السيارة سريعاً وفتح الباب الخلفى وحاول سحب الدُمية وبصعوبة بالغة نجح في إخراج نصفها.
تشنجت عروقه بغيظ لعدم مساعدة يوسف له، نظر إليه حيث يقف مستند على باب البناية يشاهده دون مد يد العون له، فصاح به بغيظ عارم:
_ لو مش هتعب سيادتك يعني ينفع تساعدني
قلب يوسف عينيه بضجر فهو لم ينسى بعد تصرفاته الحمقاء، تنهد باستياء ثم توجه إليه، ترك ما معه على سقف السيارة ثم انحنى بجسده داخلها ليدفع الدمية إلى الأمام فيقوم بلال بسحبها للخارج.
جذب انتباه بلال تلك الطلة التي خفق لها قلبه، ازدادت نبضات قلبه بصورة مضاعفة حين رآها تتقدم منهما، ابتلع ريقه ولم يرفع نظريه عنها، تشكلت إبتسامة عفوية على محياه ونسى أمر الدمية تماماً.
"واقف عندك مش بتتحرك ليه، أسحبها يلا عشان نخلص"
صاح بهم يوسف باندفاع فقطع على بلال لحظته الخاصة، نفض أفكاره سريعاً ثم أمسك بطرف الدمية وقام بسحبها إلى الخارج فكان الوضع أسهل عن ذي قبل بمساعدة يوسف له.
أستقام يوسف فتفاجئ بمن تقف خلفه وردد إسمها بغرابة مختلطة بالضيق:
_ إيمان!
مرر أنظاره خلفها وعاد إليها متسائلاً بنبرة جامدة:
_ أنتِ جاية هنا تعملي إيه؟
طالعته إيمان بأعين جاحظة، فلقد أخجلها بسؤاله وأسلوبه الفظ، حمحم يوسف حين شعر بأنه كان فظاً أكثر مما ينبغي وأردف بنبرة هادئة:
_ قصدي يعني فيه حاجة حصلت؟
هزت رأسها نافية أي سؤاله وأخبرته عن سبب وجودها بنبرتها الرقيقة:
_ جاية أشوف عمتي وأطمن عليها
أومأ يوسف بتفهم ثم دعاها للصعود قائلاً:
_ اه تمام اتفضلي
نظر إلى صديقه الذي لم يرفع بصره عنها ويتبع تحركاتها باهتمام، أشار له بيده لإعادته إلى الواقع وقال:
_ Hi, أنت بتبص على إيه؟
نظر إليه بلال وقد تملكه التوتر وبنبرة مرتبكة أجابه:
_ مش ببص على حاجة، ينفع نطلع بقى..
وجه أنظاره إلى الدُمية وتابع حديثه:
_ عشان تقيلة أوي
أولاه يوسف ظهره وصعد الأدراج سريعاً، تبعه بلال ويكاد قلبه يخرج من مكانه بسبب قوة تدفق الدماء به، صعد السُلم إلى أن وصل إلى الطابق المراد الوصول إليه.
دعاه يوسف إلى الداخل فلم يتردد في ذلك، ولج وعيناه تبحث عنها، كانت جالسه برفقة عمتها تتبادلن الضحك، توقفن حين رآوه، نهضت السيدة ميمي ورحبت به بحفاوة:
_ يا أهلا وسهلاً يا بلال البيت نور
بإبتسامة ونبرة رخيمة قال:
_ دة نورك، أخبار حضرتك إيه؟ يارب تكوني بخير
بإمتنان شديد ردت عليه:
_ أنا بخير الحمدلله
عقدت ميمي حاجبيها حين وقع بصرها على الدُمية التي يمسك بها بلال وبمعنى آخر يعانقها وسألته بحرج:
_ إيه كل دا يا بلال، جايبها لمين؟
أجابها على استحياء وارتباك شديدان، فبندقيتي إيمان تطالعه، شعر لوهلة بعدم معرفته للوصول إلى رد مناسب، حمحم وقال مختصراً:
_ أشتريتها عشان لينة، عرفت من يوسف إن عروستها اتقطعت
شعرت ميمي بالحرج بسبب تصرف صغيرها الأرعن وشكرته ممتنة:
_ تعبت نفسك يا بلال، مش عارفة أقولك إيه
تدخل يوسف وهو يبحث عن الصغيرة في الأرجاء:
_ لينة فين يا أمي؟
ارتخت ملامح السيدة ميمي وأخبرته بهدوء يشوبه الحزن:
_ في أوضتها، مخرجتش من فترة
أومأ يوسف بتفهم وتوجه ناحية غرفتها دون تفكير، بينما دعت ميمي بلال للجلوس بلطف:
_ اتفضل أقعد يا بلال، متقفش كدا
بادلها بلال ابتسامة هادئة ثم ترك الدُمية جانباً وتوجه إلى أقرب أريكة قابلته وكانت أبعدهم عن إيمان، كان منكس الرأس لكنه يختلس النظر إليها من حين لآخر، شعر باحتياجه لخنق أنفاسه التي تكاد تفضح أمره.
كلما حاول الهروب بعيناه بعيداً يعود إليها من جديد، حاول تشتيت عقله لكن دون جدوى في النهاية تفشل محاولاته ولا يستطيع السيطرة على عينيه التي تعود إليها في نهاية المطاف.
دق يوسف باب غرفة لينة ثم ولج إليها حين سمحت له، أخفى الدمية خلف ظهره وتقدم نحوها بإبتسامته الجذابة، تأثر من وضعها التي كانت عليه، فقط كانت جالسة في منتصف الفراش تحتضن ما تبقى من دميتها الممزقة.
زفر أنفاسه على مهلٍ، جلس أمامها فلم ترفع نظريها عن الفراغ أمامها، تتساقط عبراتها في صمت، بهدوء قام يوسف بوضع الدُمية الجديدة أمامها، مرت ثانية تلاها أخرى بدأت تهتم الفتاة لما وضعه يوسف أمامها.
اتسعت مقلتيها بذهول حين رأت التشابه الكبير بينها وبين دميتها الحبيبة، رفعت بصرها على يوسف الذي كان يتابع انعكاس ملامحها وأردفت متسائلة:
_ هي دي ليا؟
أماء لها بتأكيد، فأسرعت لينة في التقاطها، قامت بسحبها من العُلبة الكرتونية وهللت في سعادة:
_ دي شبه عروستي بالظبط، أول لما شوفتها فكرتها هي
نظرت إليه وقد تحول حزن عينيها إلى سعادة وحماس، استشفهما يوسف بسهولة، ببراءة ونبرة مليئة بالحيوية قالت:
_ شكراً
إلتوى ثغر يوسف للجانب فظهرت ابتسامته وأردف بنبرة رخيمة:
_ أنا قولتلك طلاما فيه يوسف يبقى فيه حل، من هنا ورايح مش عايزك تفكري في أي حاجة طول ما أنا موجود، تمام
أماءت له عدة مرات مجيبة إياه بحماسة:
_ تمام
خرج يُوسف من الغرفة بعد أن تأكد من رضاء لينة التام عن الدُمية، تبعته هي إلى الخارج والسعادة دون غيرها قد سكنت قلبها وأعادت الحيوية لروحها كما أشرق وجهها من جديد.
نهضت السيدة ميمي حين رأت هطول يوسف وقالت بعفوية:
_ بما إننا كلنا موجودين، هروح أحضر الغدا ناكل مع بعض
كان بلال أول من عارض اقتراحها وأبدى رفضه وهو ينهض عن كرسيه:
_ لا متعمليش حسابي، أنا لازم أمشي
أصرت ميمي على اقتراحها وبنبرة لا تحتمل النقاش هتفت:
_ أنا مش بقولك عشان ترفض أو تقبل أنا بعرفك بس
أولاتهم ظهرها دون إضافة المزيد، فشعر بلال بالخجل وحاول أن يقنع يُوسف من جانب آخر:
_ أتكلم يا يوسف ساكت ليه؟
قلب يُوسف عينيه وهو يخبره بعدم قدرته على فعل شيء له:
_ مفيش في أيدي حاجة أقولها، ميمي صدرت الأمر خلاص
نفخ بلال بإزدراء ثم وقعت عيناه على لينة الواقفة خلف يُوسف وبيدها دُميتها الجديدة، شكل بسمة على ثغره وقال بعجرفة:
_ تعالي يا لينة، شوفي عمك بلال جاب لك إيه؟
تقدمت الفتاة حين حثها يُوسف على ذلك فتوجه بلال إلى الدُمية الكبيرة وسألها متلفهاً لسماع إجابتها:
_ إيه رأيك فيها؟
طالعتها لينة بإنبهار شديد، فلم ترى ذلك الحجم من قبل، ابتسمت وهي توزع أنظارها بين بلال والدُمية وهتفت بإعجاب:
_ دي كبيرة أوي، مشوفتش باندا كبيرة زي دي قبل كدا
رفعت كتفيها كما ازداد تقوس ثغرها وعادت إلى بلال بأنظارها متسائلة:
_ دي عشاني؟
حماسه أجابها بسرعة دون تفكير:
_ أيوة جيبتها عشانك
فغرت لينة فاها بذهول، ركضت مهرولة نحوها وهي تتمتم بفرحة واضحة:
_ جميلة جداً
التفتت برأسها إلى بلال وبامتنان قالت له:
_ شكراً
انحنى بلال بجسده للأمام قليلاً وهو يجيبها:
_ أي خدمة يا لولو
استقام بلال في وقفته ونظر إلى يُوسف الذي يتابع ما يدور بينهما في صمت، أراد مشاكسته فوجه سؤاله الساخر إلى الفتاة قائلاً:
_ بس قوليلي يا لينة مش هي أجمل من العروسة اللي يوسف جايبها؟
"أكيد لأ، عروسة يوسف مفيش أجمل منها حتى لو مكنتش كبيرة زي بتاعتك دي''
هتفت بهم لينة بتلقائية ونبرة مليئة بالثقة، اتسعت حدقتي بلال بذهول مصحوبة بالصدمة فلم يتوقع ردها ذاك، بينما قهقه يُوسف بعجرفة وهو يرى حالة صديقه الملحوظة.
تأففت إيمان بضجر بائن، فلم يعجبها إهتمام الجميع بتلك التعيسة الصغيرة، لقد جاءت ونالت اهتمام يُوسف بكل سهولة، فكم تمنت الحصول على ذرة اهتمام بسيطة منه، ناهيك عن توقعها بنجاحها في جذبه إليها ما أن ينهي خدمته العسكرية، لكن مجئ تلك الغبية قد خرب جميع مخططاتها.
انتفضت من مكانها بضيق، ولجت إلى عمتها لتساعدها في تحضير الطاولة، بينما لاحظ بلال زمجرتها وفسره بأنه غيرة على يُوسف لاهتمامه بالصغيرة بدلاً عنها.
نكس رأسه في حزن قد تبدد في قلبه، فكم هو صعب شعور الحب الغير متبادل، وأن تكِن مشاعر لقلب يكِن مشاعر لغيرك.
انتهوا من تحضير الطاولة التي ترأسها يُوسف وبجواره والدته وإلى الجانب الآخر لينة، وكان لبلال نصيب لأن يجلس مقابل إيمان، لم يهدأ قلبه لحظة، شعر باحتياجه لخنق أنفاسه التي تكاد تفضح أمره.
لم يستطيع الصمود لوقت أكثر ونهض مستأذناً منهم:
_ سفرة دايمة، معلش أنا لازم أمشي، أكيد أبويا بيسأل عني، لأن أنا مقولتلوش إني هتأخر
لم تعترض ميمي فهي لا تحب أن ينال توبيخاً من خلفها، نهض يُوسف هو الآخر مردفاً وهو يمسح على فمه بالمنشفة:
_ تمام، يلا نرجع مع بعض
نهضت إيمان موضحة سبب نهوضها بتلك السرعة:
_ أنا كمان لازم أمشي يا عمتو، عندي مذاكرة كتير ولازم أخلصها النهاردة
"تعالي نوصلك في طريقنا"
توجهت الأنظار نحو بلال الذي هتف بهم، رمقه يُوسف بنظرات مشتعلة فرفع بلال كتفيه بقلة حيلة، لم يرتب لما قاله مطلقاً، ولا يعلم كيف تجرأ وقال ذلك..
***
يا ترى إيه ردة فعل يوسف بعد اقتراح بلال؟
مستنية رأيكم وتحاليلكم وريفيوهاتكم ♥️
•تابع الفصل التالي "رواية حرر هواك فالحب بات معلنا" اضغط على اسم الرواية