Ads by Google X

رواية لخبطيطا الفصل الخامس 5 - بقلم عبد الرحمن الرداد

الصفحة الرئيسية

 رواية لخبطيطا الفصل الخامس 5 - بقلم عبد الرحمن الرداد 

الفصل الخامس
عبد الرحمن الرداد 

توقف تام سيطر على زمن وأحداث هذا المكان، كان المشهد أشبه بدائرة زمن متوقفة أو فيديو تم إيقافه قبل حدوث كارثة بثوانٍ قليلة.

كان يقف وأمام عينه خمسة رصاصات كانوا على وشك اختراق جسده لكن هذا التوقف أنقذ حياته في الثواني الأخيرة، ارتفع صدره وهبط من سرعة نبضات قلبه ونظر إلى تلك الرصاصات بصدمة كبيرة وهنا ظهر أمامه «رماد» الذي قال بهدوء:

- قولتلك لو مت هنا هتموت في الحقيقة، الموت كان قريب جدا منك، ثانية واحدة كانت كل الحكاية انتهت بس أنا مسمحتش بده

لم ينظر إليه بل وجه بصره إلى «طيف» الغارق في دمائه ثم التفت ورمق «نيران» التي فارقت الحياة هي الأخرى وسيطرت عليه حالة من الصدمة انتهت بقوله:

- ثانية واحدة كانت انتهت بالنسبة ليا لكن من ثواني كانت انتهت بالنسبة ليهم هم، أنت جبتني هنا ليه؟

ضم كفيه أمامه ليجيبه بثقة كبيرة:

- أنت مش كان حلمك تعيش يوم مع أبطال رواياتك! اديني حققتلك الحلم ده

هز رأسه بالرفض ورمقه بغضب قائلًا:

- كان حلم لكن اتحول لكابوس، ماتوا قصاد عيني! ايه الغرض من كل ده ها؟ انطق أيه الغرض؟

ابتسم وعاد إلى الخلف خطوتين ثم فرد ذراعيه في الهواء ليجيبه قائلًا:

- علشان ادمرك! أو بمعنى أصح أخلي قلبك ميت، اصعب حاجة للكاتب هو إن أبطال روايته يموتوا قصاد عينيه لأن أقرب حد للكاتب هم أبطال روايته، اللي أنت شوفته ده هيخليك مهما تشوف مش هتتوجع زي اللحظة دي 

ضم حاجبيه وصرخ فيه بغضب:

- وليه كل ده! 

اقترب منه بخطوات هادئة حتى أصبح على مقربة منه ثم مال برأسه وهمس بجوار أذنه قائلًا:

- علشان تتحقق كل شروط الزمن، الزمن دايرة كل عنصر فيها بيأثر على التاني، أنا وأنت عناصر في الدايرة دي وتأثيري عليك هيخلي ليك تأثير على عناصر تانية وشروط الدايرة تكتمل وبكدا توازن الزمن هيتحقق، أنا هقولك الحقيقة علشان اريحك جزء من الثانية لكن بعد ما تعرفها الجزء بتاع الحقيقة ده هيتمحي من ذاكرتك وهتعرفه تاني في الوقت المناسب

التقط أنفاسه ثم همس بالحقيقة بالقرب من أذنه وكانت تلك الحقيقة كارثة كبرى، اتسعت حدقتي «عبدو» بصدمة وتراجع إلى الخلف وهو يقول بعدم تصديق:

- لا لا ده مش حقيقي، ده مش حقيقي أبدا، استحالة استحالة 

ضحك «رماد» وردد بصوت مرتفع:

- لا حقيقي ودلوقتي أنت هتنسى اللي اتقال ده نهائي وهيتمحي من ذاكرتك بس هتعرفه تاني في الوقت المناسب

ثم فرد ذراعه الأيمن الذي اهتز بقوة خارقة وظهرت شرارات كهربية كثيفة حاوطت يده ثم انطلقت واستقرت برأس «عبدو» الذي وقع على الأرض وصرخ بصوت مرتفع.

***

ضوء خفيف تسرب إلى جفونه قبل أن يفتح عينيه ليجد نفسه بداخل غرفته بهذا الكوكب الآخر، نهض من على فراشه ووجد صديقه «كريم» يجلس على مقعد بجوار السرير ويضم وجهه بين كفيه ويبدو عليه الحزن الشديد فرفع هو أحد حاجبيه وردد بتساؤل:

- فيه أيه يا كريم قاعد زي المطلقين كدا ليه؟

أبعد يديه عن وجهه ونظر إليه بحزن قائلًا:

- عبدو ...

وقبل أن يكمل انتبه له فنهض من مكانه وتراجع إلى الخلف برعب وهو يقول بصدمة:

- عبدو!

رفع أحد حاجبيه وردد بتعجب من طريقته:

- أيوة عبدو مالك خوفت كدا ليه كأنك شوفت عفريت

اقترب منه مرة أخرى وهو لا يصدق ما يحدث ثم قام بجذب أذنه بقوة فصرخ هو بتألم قائلًا:

- آآآآه! أنت عبيط ياعم هتخلع ودني، أنت اتعديت من فادي ولا أيه

اعتذر عن ما بدر منه وأوضح قائلًا:

- معلش بس بتأكد إنك عبدو أصل قلبك وقف وقولت إنك مت خلاص وكنت قاعد مش مصدق اللي بيحصل وفجأة لقيتك قمت، أنت كان مالك؟

نهض من على الفراش ووقف أمامه ليقول بتوضيح:

- كنت مع رماد، تعالى معايا

تحرك بسرعة إلى الخارج ثم اتجه إلى الأسفل فنهضت «حور» عندما رأته أمامها وحضنته ولم يكن يتوقع رد فعلها هذا وابتعد عنها بحرج فرددت بجدية:

- عبدو أنت كويس؟

نظر إليها وردد بعتاب:

- أنا كويس ومرة تانية بلاش اللي عملتيه ده 

هنا اقترب «فادي» وردد بعتاب:

- يا أخي سيبها تحضنك دي كانت زعلانة أوي وكنا فاكرين إنك مت!

نظر إليه وقال بهدوء:

- طبعا ده لازم يكون رد فعلك يا راجل يا شهم، سيبكم من الحوار ده، أنا مكنتش ميت ولا حاجة بس رماد نفذ فيا حاجة اسمها الاسقاط النجمي أكيد عارفينه، المهم عيشني في مشهد من رواية ليا وبعدين قتل أبطالها وفي النهاية قال إنه عايزني اتدمر علشان أكمل الدايرة وقال هقولك الحقيقة وبعدين امحي ذاكرتك بس بعد كدا مش فاكر غير إني صحيت من النوم هنا! رماد يعرفني كويس أوي ويعرف أنا هنا ليه وعارف إنكم موجودين بس سايبكم

اقتربت «نامي» التي جائت من خلفهم ورددت بتساؤل:

- وسايبهم ليه! دول أعدائه وواجهوه قبل كدا ومصيرهم النفي

هز رأسه برفض ووضح قائلًا:

- لا لو فعلا فيه دايرة هتكتمل زي ما هو بيقول فهي دايرة زمنية وكل شخص فينا ليه دور في اكتمال الدايرة دي وأكيد سايب فادي وحور علشان السبب ده، اللغز ده كل ما الوقت بيعدي كل ما بيكبر بس خيوطه بتكتر يعني هنفهم أيه اللي بيحصل

نظر إليه «فادي» وضم حاجبيه وهو يقول بتساؤل:

- قصدك ايه؟! قصدك إن رماد بيخطط لحاجة كبيرة واحنا كلنا جزء منها!

هنا تحدث «كريم» وردد بشرود:

- ده معنى كلام عبدو، واضح إننا قطع في لعبة بيحركها رماد لمصلحته بس السؤال دلوقتي عرفنا منين وأيه اللي بيخططله؟

انهمرت عبرة من عيني «حور» ورددت بحزن:

- معنى كدا إن معركتنا مع رماد خسرانة من قبل ما تبتدي وأرضنا ضاعت! معنى كدا إن دم بابا وماما ضاع خلاص!

نظر «عبدو» إلى الأسفل وردد بأسف:

- منقدرش نحكم على حاجة دلوقتي بس بما إننا جزء من لعبة يبقى نخرب اللعبة دي علشان نفشل خطته

نظرت إليه وهزت رأسها بتساؤل:

- إزاي نخربها؟

رفع رأسه واقترب خطوة منها قبل أن يقول بجدية:

- علشان نخربها لازم أنا وكريم نرجع أرضنا، نرجع ولا كأننا جينا هنا وبكدا خطته هتفشل لأن خطته من ضمنها إننا نكون هنا وبالأخص أنا علشان حاططني في دماغه أوي

نظرت إليه بتحدي قائلة بتساؤل:

- ومين قالك إنك لو رجعت يبقى خطته باظت! رماد موجود أصلا قبل ما أنت تيجي هنا بسنين

ابتسم وأجابها بهدوء:

- ببساطة لأن سنين دي بالنسبة لزمن أرضكم لكن أيام بالنسبة لزمن أرضي أنا وبكدا ممكن أكون أنا سلاح لتدمير مستقبل الكوكب ده بدل ما انقذه، فكري بعقلانية شوية هتلاقي إن ده الصح وأنا عن نفسي مش هستنى إذن منكم علشان أرجع، أنا جيت هنا بقراري علشان أنقذ كوكبكم وهمشي بردو بقراري علشان انقذه

تراجع خطوتين إلى الخلف ثم نظر إلى صديقه قائلًا:

- يلا بينا يا كريم

***

"بعد مرور ساعتين"

وقف «عبدو» وبجواره صديقه «كريم» أمام منطقة خالية من السكان وقام بسكب زجاجة زيت على الأرض لكي تقوم بتثبيت البوابة التي ستنقلهم إلى أرضهم مرة أخرى، انتهى من ذلك واعتدل واغلق عينيه ليفكر بأرضه من أجل فتح البوابة وبالفعل ظهر ثقب دودي أمامهم لكي يعبروا من خلاله ونظر هو خلفه ليجد «حور، فادي، ماني» فابتسم لـ «حور» التي كانت تبكي لريحلهم ثم رحل على الفور من خلال تلك البوابة وتبعه «كريم» بعد أن ألقى نظرة أخيرة عليهم وعلى تلك الأرض الغريبة.

انتقلا إلى الأرض الخاصة بهما ونظر «عبدو» في ساعته ليجد أن مر من الوقت خمسة عشر دقيقة فقط فرفع حاجبيه قائلًا:

- ده فعلا الموضوع جد، بقالنا حوالي 3 أيام ونص هناك وعدى ربع ساعة هنا، يلا كان حلم جميل بس اتحول لكابوس وكدا أحسن

نظر «كريم» إلى الأسفل وردد بحزن:

- كنت بدأت اتعلق بالتيم ده وأحس إني بعمل حاجة مفيدة وفي نفس الوقت بننقذ أرواح ناس لكن للأسف الرحلة خلصت بسرعة

اقترب من صديقه ووضع يده على كتفه قائلًا بهدوء:

- ده الصح يا كريم، الخيال أيوة كلنا بنحلم بيه لكن لو بقى حقيقة هتبقى كارثة وهو بقى حقيقة يبقى لازم ندفن الخيال ده وننسى اللي حصل علشان مندمرش حاجة بالغلط

***

"بعد مرور يومين"

رفع «عبدو» يده وردد بحذر:

- بعد اذنك يا دكتور عيد الحتة دي تاني مش فاهم

نظر إليه الاستاذ الجامعي وردد بجدية:

- يبني هو كل ما أشرح حتة تقولي عيدها! حاضر ركز معايا 

بدأ في شرح هذا الجزء مرة أخرى بينما شرد «عبدو» وفاق على صوت الاستاذ الجامعي وهو يقول:

- فهمت كدا؟

ابتسم ابتسامة مزيفة وردد وهو يهز رأسه:

- تمام كدا يا دكتور ربنا يباركلك

ثم اخفض صوته وتابع:

- مفهمتش حاجة وسرحت تاني

هز رأسه بقوة وقرر متابعة الشرح ونفض تلك الأفكار من رأسه لكنه وجد الاستاذ الجامعي ينظر إلى حيث يتكتب يده التي كانت متوقفة ولا تتحرك فتعجب من هذا المشهد ونظر إلى صديقه كريم بجواره وردد بتساؤل:

- هو الدكتور هنج ولا أيه!

فوجد صديقه هو الآخر ثابت لا يتحرك وينظر أمامه دون أن يحرك رأسه، شعر بالقلق حيال هذا الأمر ونظر حوله ليجدهم جميعًا وكأنهم صورة ولا يتحرك منهم أحد.

نهض من مكانه وردد بصوت منخفض:

- الحوار ده حصل معايا على الأرض التانية لما رماد كان موجود! لا لا استحالة رماد يعرف يجي هنا أصلا

تحرك بحذر في المدرج لكن سرعان ما ظهر شرار أصفر كثيف يتحرك بسرعة كبيرة جدا ووقف أمامه مباشرةً ليكتشف أنه هو رماد

تراجع خطوتين إلى الخلف ونظر إليه بصدمة كبيرة وهو يقول:

- رماد! أنت جيت هنا إزاي؟

ابتسم وتقدم خطوة إلى الأمام قائلًا:

- فاكرني مش هعرف أوصل لهنا؟ أنا بنفي الناس للأرض دي ومش هعرف أوصلها؟

نظر إليه بتحدي وغضب في آن واحد وأردف:

- وأيه اللي جابك هنا؟ عايز مني أيه! أنا سبتلك الكوكب كله ورجعت لحياتي تاني

أتاه الرد الصادم والذي لم يتوقعه:

- أنت فاكر إنك كدا مش بتكمل الدايرة! بالعكس ده مستقبلنا بيحدد ماضينا اللي بيحدد أصلا حاضرنا، الدايرة مستمرة طالما بدأت، علشان توقفها لازم تمنع بدايتها لكن طالما بدأت كل حاجة بتعملها بعدها بتبقى جزء منها

هنا نظر إليه «عبدو» وردد بتحدي:

- تقصد دايرة زمن صح؟

ابتسم وأجابه بهدوء:

- ما أنا قولتلك المستقبل بيأثر على الماضي والماضي بيأثر في الحاضر والحاضر بيأثر في المستقبل وده معناه دايرة زمنية زي اللي احنا فيها دي دلوقتي، كلنا عايشين في دايرة زمنية الزمن بيكررها بطريقة منتظمة وفيه حد مسؤول عن بداية الدايرة دي، تحب تعرف مستقبلك اللي أثر في ماضيك؟

ابتسم بسخرية ونظر إليه قائلًا:

- على أساس إنك مُسافر بالزمن وجاي من المستقبل يعني

ضحك «رماد» واقترب منه خطوة أخرى وهو يجيبه:

- ده حقيقي، فاكر لما كلمتك عن إن الإنسان يقدر يسافر بالزمن ولا لا قولتلي أيه؟ قولتلي استحالة لأن علشان الإنسان يقدر يسافر بالزمن لازم كتلته تبقى بصفر أو بنفس كتلة الضوء، كلامك صحيح لغاية اختراع "الميم دال" وده زي بدلة بيلبسها الإنسان مقاومة للحرارة المرتفعة جدا لدرجة لو وقعت في بركان مش بتتأثر بسبب المواد اللي مصنوعة منها، البدلة دي أنا لابسها دلوقتي يعني لما اتحرك بسرعة زي سرعة الضوء ليا كتلة لكن مش بتأثر بالحرق علشان البدلة دي ومقاومتها للحرارة الخرافية اللي الإنسان لو اتحرك بسرعة الضوء ممكن تخليه يتحول لرماد في ثانية، أما بقى الرجوع بالزمن أنت قولت مش ممكن وهو فعلا استحالة لكن مع وجود الدايرة الزمنية اللي قولتلك عليها "المستقبل ثم الماضي ثم الحاضر ثم المستقبل ثم الماضي" اكتشفت إن طالما فيه دايرة زمنية والمستقبل بيأثر على الماضي معنى كدا إني لو سافرت بالزمن اقدر بكل سهولة ألف في الدايرة دي وارجع للماضي والحاضر، الموضوع تخيله صعب لكن تخيل كدا الماضي والحاضر والمستقبل في دايرة وانت ماشي في الدايرة دي، هتعدي الاول على الماضي وبعدين الحاضر وبعدين المستقبل وبعدين هترجع تاني للماضي، معنى كدا إنك بمجرد ما توصل لنهاية المستقبل بتوصل للماضي تاني لكن ده بيتم على كوكبنا إحنا فقط مش كوكبكم لأن الكوكب بتاعكم ليه حسابات تانية محدش فاهمها، وبكدا أقدر أقولك اني مسافر عبر الزمن، ها تحب تعرف مستقبلك أيه يا فاشل!

رمقه بغضب واقترب منه خطوة وهو يقول:

- أولا أنا مش فاشل، ثانيا أنت قولت النظرية بتاعتك دي مش بتتم على أرضي وده معناه إنك مش عارف مستقبلي

ضحك بصوت مرتفع قبل أن يجيبه:

- فعلا صحيح أنا مستحيل أعرف مستقبل أي حد على الكوكب ده لكن أعرف مستقبلك أنت بس بالتحديد، متسألنيش ازاي لأني اعرفك من زمان، اينعم مش أنت اللي بتبدأ الدايرة بس أنت اهم جزء فيها، ها تحب تعرف مستقبلك اللي كله فشل، أنت حتى هتكتب رواية تسميها "لخبطيطا" وتحكي كل اللي بيحصل بالتفصيل من البداية للنهاية والنهاية دي هتكتشف فيها الحقيقة، الرواية هتفشل زي غيرها ومحدش هيصدق اللي بتكتبه لأنه خيال بالنسبة ليهم والخيال عمره ما يتحقق، هتكتب رواية اسمها "مالديتو" وبردو هتفشل لأنها ...

وقبل أن يُكمل سرده للمستقبل صاح فيه بغضب شديد قائلًا:

- متكملش مش عايز أعرف حاجة، أنا فعلا كنت ناوي اكتب عن اللي بيحصل ده وكنت محتار في الاسم واسم "لخبطيطا" ده مش مفهوم وغريب الصراحة وعلشان ده ميحصلش لو فعلا مستقبلي فأنا مش هكتب الرواية دي نهائي 

ابتسم وقال بثقة كبيرة:

- هتكتب الرواية وهتنشرها وهتفتكر وقت ما تنزل الفصل اللي فيه حوارنا ده، هيبقى الفصل الخامس بالتحديد

رمقه بنظرة غير راضية وتحدث بغضب شديد:

- الدايرة مش هتكمل غير بيا وأنا مش هكملها، عايز تقتلني اقتلني بس معتقدش إنك هتعمل كدا علشان أنا مهم جدا علشان خطت دي تنجح، مش هكتب رواية ولا هعمل أي حاجة، أقولك على حاجة! أنا هعتزل الكتابة نهائي وهكمل حياتي عادي

ابتسم «رماد» ونظر إلى المكان من حوله قبل أن يقول:

- ده بيبقى الرد في كل الازمنة، هتكمل الدايرة ومش غصب عنك، هتكملها بنفسك وأنت مش واخد بالك هوضحلك بمثال، يعني مثلا واحد عرف انه هيموت في المستقبل عن طريق حادثة عربية فقال إنه في اليوم ده مش هيخرج من البيت خالص وعلشان كدا وهو شايل مياة مغلية في اليوم ده غرق بيها امه فقام وجري وشالها ووداها العربية وراح بيها المستشفى فعمل حادثة في الطريق مات، لو كان خرج في اليوم ده عادي ومكانش قعد في البيت مكانش هيموت رغم علمه انه في المستقبل هيموت بعربية لكن هو بنفسه اللي ودى نفسه للموت، هي دي الدايرة ان المستقبل اثر على الماضي والماضي اثر على حاضر الشخص ده فخلاه يقعد في البيت بالتالي المياة السخنة غرقت امه فجري بيها بالعربية وهو متوتر ومش مركز علشان كدا عمل حادثة ومات، هي دي الدايرة مهما عملت هتكمل، قرارك بانك مش هتكمل ده أصلا جزء من اكتمال الدايرة زي القصة اللي حكيتهالك دي بالظبط، خيوط معقدة لكن في النهاية بتوصل لطريق واحد

علم «عبدو» انه وقع في قاع مُظلم لا خروج منه لذلك ردد باستسلام:

- طيب على الاقل عرفني أنت مين وتعرفني منين، قولت إنك تعرفني من زمان 

اتسعت ابتسامته ورمقه بثقة قائلًا:

- قولتلك على الحقيقة بس محيت الجزء ده من ذكرياتك، هتعرف كل حاجة في الوقت المناسب ودلوقتي ارجع مكانك تاني علشان كل حاجة هترجع تاني

بالفعل عاد وجلس مكانه مرة أخرى وتحرك كل شيء من حوله بعد توقف دام لدقائق.

نظر «كريم» إلى صديقه «عبدو» وردد بتعجب:

- فيه حاجة غريبة حصلت، انت كنت باصص كدا وفجأة لقيتك باصص في الأرض

ابتسم «عبدو» وردد مازحًا:

- أصلي عليا عفريت، عفريت اسمه رماد

رفع حاجبيه ونظر إليه بصدمة قائلًا:

- بتهزر! رماد كان هنا بجد؟

هز رأسه بالإيجاب وأجابه بهدوء:

- اينعم، هو دخول الحمام زي خروجه بردو! شكلنا كدا لبسنا يا معلم

لوى ثغره وردد بعدم رضا:

- يادي النيلة، هو رماد ده مفيش حد يلمه بدل ما هو عمال رايح جاي في الكوكبين كدا 

التفت الأستاذ الجامعي ووجد «كريم» يتحدث فأشار إليه قائلًا:

- الطالب أبو كاب هناك

انتفض في مكانه وأشار إلى نفسه برعب وهو يقول:

- أنا يا دكتور؟

ابتسم وقال بثقة:

- أيوة أنت، قولي بقى أنا كنت بقول أيه

فكر قليلًا قبل أن يقول بخوف:

- حضرتك كنت بتشرح 

رفع أحد حاجبيه وقال بتحدي:

- عارف إني كنت بشرح، كنت بشرح أيه بقى؟

أسرع واجابه بجدية:

- بتشرح المادة اللي مقررة علينا الترم ده 

ضحك الاستاذ الجامعي ومعه جميع الحاضرين قبل أن يقول بجدية:

- لا ده أنت بتستظرف بقى، قوم وهات حاجتك والكارنيه بتاعك يا بشمهندس

نظر إلى صديقه بطرف عينيه وهمس بعدم رضا:

- عاجبك كدا اديني هروح في داهية بسببك وبسبب رماد بتاعك ده

تحرك من مكانه واقترب من الاستاذ الجامعي وهو يقول بأسف:

- مش قصدي حاجة والله يا دكتور أنا كنت هجاوب

أخذ منه الكارنيه الخاص به وردد وهو يشير إلى باب المدرج:

- اتفضل على برا مش عايز كلام 

ثم التفت مرة أخرى وتابع الشرح بينما تحركت «سهوة» وجلست بجوار «عبدو» قائلة:

- بقولك أيه يا عبدو بما إنك متخصص الروايات في الشلة وكدا، فيه رواية اسمها "حرقني واحببته" حلوة اقرأها ولا أيه

رفع أحد حاجبيه وقال متسائلًا:

- حرقها بنار حبه يعني ولا ايه؟

هزت رأسها بالنفي ووضحت له:

- لا هو فعلا حرقها، واحدة اعرفها على الفيس هي اللي رشحتهالي، البطل حرق البطلة علشان قاسي وهي اتش*هت وهو بعدين حبها وعالجها وعملها عمليات تجميل وهي حبته في النهاية

فتح فمه من الصدمة واستمر لثوانٍ قبل أن يقول بعدم تصديق:

- حرقها! وهي حبته في الآخر؟ دي بطلة مهزقة وبطل مفتري وكاتب او كاتبة لسة في حضانة، سيبك من الهبل ده يا بنتي وأنا هبعتلك اسم كام رواية حلوين النهاردة بدل الحرق ده

التفت الأستاذ الجامعي مرة أخرى وشاهدهما وهما يتحدثان فأشار إلى الباب قائلًا:

- يلا أنت وهي على برا حصلوا صاحبكم ونسوه بدل ما هو قاعد برا لوحده

نهض «عبدو» من مكانه وردد بصوت غير مسموع:

- نبرت فيها يا عم كريم اديني جايلك

خرج من المدرج ومعه صديقته «سهوة» واتجها الاثنين إلى الكافيتيريا وما إن رأى وجههم كريم حتى ابتسم وقال:

- مرحبا بكم في حزب الفشلة، طردكم أنتوا كمان!

جلس «عبدو» قبل أن يقول بعدم رضا:

- أيوة ياعم اتبسط بقى الدكتور باعتنا نونسك

استقروا في مقاعدهم قبل أن يقول «كريم» متسائلًا:

- رماد كان عايز أيه

عاد بظهره إلى الخلف وأجابه قائلًا:

- كان جاي يقول إن وجودي هنا مش هيوقف دايرة الزمن، الصراحة اقنعني وبفكر نرجع تاني، هو فاضل وقت أد أيه على المحاضرة الجاية؟

نظر إلى ساعته قبل أن يجيبه:

- فاضل ساعة وربع 

لمعت عيناه وردد قائلًا بابتسامة:

- حلو أوي، لو روحنا قدامنا ساعة يعني اسبوعين هناك، المرة دي مفيش حاجة نخسرها، لازم القوة تجيلي علشان أقدر أواجهه 

صمت «كريم» قليلًا ليفكر قبل أن يقول:

- طب هنفتح البوابة فين ده غير إننا عايزين زيت

نهض من مكانه وردد بجدية:

- فيه مبني ورا الكلية لسة بيتبني محدش هناك والزيت أمره سهل هنجيبه من السوبر ماركت اللي برا، يلا بينا

هنا وقفت «سهوة» وقالت بعدم فهم:

- أنا مش فاهمة أيه الكلام الغريب اللي بتقولوه ده وبعدين رايحين فين

رمقها «عبدو» وهو يستعد إلى الرحيل:

- هفهمك بعدين، رايحين مشوار وهنيجي بعد ساعتين سلام

رفضت رحيلهم ووقفت أمامهم قائلة:

- لا رجلي على رجلكم مش هقعد لوحدي، خدوني معاكم مش هعمل صوت

هز رأسه بالرفض وقال بجدية:

- مش هينفع يا سهوة خليكي هنا

هنا تحدث «كريم» وقال بهدوء:

- خلاص هاتها يا عبدو طالما عايزة تيجي وأنا هفهمها الحوار في الطريق، وأنتي يا ست سهوة لو اعتبرتيني مجنون بعد اللي هحكيهولك وربنا ما هاخدك معانا وهرجعك هنا تاني امين؟

هزت رأسها بسعادة وجذبت حقيبتها استعدادا للرحيل قبل أن تقول:

- امين

بدل «عبدو» نظراته بينهما قبل أن يقول بعدم رضا:

- ولا اكننا طالعين رحلة لحديقة الفسطاط، يلا نتحرك عايزين ننجز

***

على الجانب الآخر في الارض الأخرى أمسك يد طفله وابتسم ابتسامة هادئة وهو يردد بحنين:

- تعرف يا طيف إنك فيك شبه كبير أوي من ماما؟ مامتك كانت بتحبك أوي من قبل ما تشوفك وكانت بتتمنى اليوم اللي تولد فيه علشان تشوفك وتحضنك بس للأسف

صمت للحظات وانهمرت دموعه وهو يُتابع:

- للأسف ماما سابتنا ومشيت، مكنتش اتخيل ان يوم زي ده يجي، مكنتش اتخيل نهائي

سمع طرقات على الباب قطعت كلامه فردد بصوت هادئ:

- ادخلي يا ماما

دلفت الأم إلى الغرفة وجلست بجواره قبل أن تضع يدها على كتفه قائلة:

- غلط اللي بتعمله في نفسك ده يا مازن! هدى الله يرحمها ماتت من أكتر من سنتين وأنت حالتك كل يوم بتسوء مش بتتحسن، هدى في مكان أحسن بكتير من هنا ولازم الإنسان يكمل حياته مش يقضي بقية عمره في الزعل! لازم تنهي الحداد اللي مش بينتهي ده وترجع لحياتك

نظر إلى طفله ثم عاد ببصره إلى والدته وردد قائلًا:

- أنا فعلا هنهي الحداد ده وهعمل حاجة مفيدة وهي إني أقتل رماد، أظن مفيش حاجة أحسن من كدا الواحد يعملها ولا أيه يا أمي؟

ضيقت نظراتها ورددت بعدم رضا:

- أنت عايز تعمل اللي أقوى اتنين في العالم معرفوش يعملوه وماتوا قصاد قوته! ده اسمه انتحار

ابتسم بسخرية قبل أن يرفع يده اليمنى وهو يشير إلى الخارج قائلًا:

- لو كل واحد في العالم جيه عدو أقوى منه احتل أرضه وبقى ياكل من خيرها ونسبها ليه، لو كل واحد قال كلامك ده إن هو أقوى من مني وده انتحار يبقى عمر ما عهد العدو الظالم ده هينتهي، رماد احتل ارضنا دي ونفسنا اللي بيخرج حرام علينا لو موقفناش قصاده وحمينا أرضنا ورجعنا خيرها تاني، أنا خلاص قررت وعايزك لو حصلي حاجة تخلي بالك من طيف وتحكيله عني وتخليه هو كمان يواجه رماد علشان يبقى راجل

***

وصلوا إلى الأرض الأخرى ونظرت «سهوة» حولها بعدم تصديق قبل أن تقول:

- لا لا أكيد أنا بحلم، يخربيتكم ودتوني فين

رفع «كريم» أحد حاجبيه وردد بتعجب:

- بقولك أيه قولنالك خليكي وأنتي اللي شبطتي، حكيتلك كل حاجة في الطريق وآدي الإثبات

نظر «عبدو» إليها وقال متسائلًا:

- فكرتي في قوة أيه؟

اتسعت ابتسامتها ورددت بحماس شديد:

- فكرت في قوة الميك آب، كل درجات ألوان الميك آب اللي مش بلاقيها بطرقعة صباع هتبقى بين ايدي وافتح شركة وابقى غنية

نظر كلٍ منهما إلى بعضهما بصدمة كبيرة مما سمعته أُذنيهما وردد «كريم» بعدم تصديق:

- قوة الميك آب؟ قولي إنك بتهزري! قولي بهزر علشان ميجيليش شلل نصفي حالا

عبثت ملامحها وقالت بتوتر شديد:

- أيه هو غلط! هو ده اللي جيه على بالي والله طيب مينفعش نطفي القوة ونشغلها تاني من أول وجديد

صاح «عبدو» بنفاذ صبر:

- هو راوتر! قوة أيه اللي هنطفيها ونشغلها؟ وبعدين اختارتي قوة ميك آب؟ طب قولي مثلا قوة الضحك اهو تضحكينا في همنا ده ونستفاد لكن أكيد ولا أنا ولا كريم هنقولك مثلا هاتي روج لونه بينك مخضر نحارب بيه رماد علشان نموته من الضحك

ربت «كريم» على كتفه وأردف بهدوء وهو ينظر إلى الأسفل:

- هدي أعصابك وفرها لخناقة رماد، أنت عارف سهوة وأنت بنفسك كنت بتقول فنجان القهوة افيد من قعدة سهوة وقد صدقت، اعتبرها طفلة واخدينها فسحة 

وأثناء اندماجهم في الحديث جاء صوت رجولي من خلفهم قائلًا:

- نورتوا أرضنا مرة تانية

التفتوا ونظروا إليه بحيرة قبل أن يقول «عبدو»:

- أفندم! حضرتك تعرفنا منين! 

ابتسم ابتسامة هادئة وأجابه:

- اعرفكم منين ده موضوع طويل جدا ومش هحكيه ومتسألش ليه، كل اللي أقدر أقوله دلوقتي إن اسمي مازن وهساعدكم في حربكم مع رماد ده أولا، ثانيًا هقدر أساعدك تظهر قوتك يا عبدالرحمن!

ضم حاجبيه وردد بتساؤل:

- ازاي!

اقترب خطوتين منه وردد بجدية:

- فيه حالات نادرة جدا قوتهم مش بتظهر وحل المشكلة دي هي الجواز، يعني علشان قوتك الخارقة تظهر لازم تتجوز بنت من الكوكب ده!

إلى اللقاء في الفصل القادم 
توقعاتكم للي جاي وايه رأيكم في الرواية، تفتكروا رماد ممكن يعمل ايه تاني؟!
عبد الرحمن الرداد

 •تابع الفصل التالي "رواية لخبطيطا " اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent