Ads by Google X

رواية نصف عذراء الفصل الخامس 5 - بقلم خديجة السيد

الصفحة الرئيسية

  

رواية نصف عذراء الفصل الخامس 5 - بقلم خديجة السيد


فتحت زينه باب منزلها سارت هي أولاً ثم لحق بها طارق وأوصدت باب المنزل بعد أن دلفوا داخل.. أطرقت رأسها في خجل وسعادة ولم تستطيع السيطره عليها بينما الآخر كان شارد الذهن غير مصدق تسرعه هكذا.. وكل ما حاول التفكير في حنين يشعر بتانيب الضمير ليتذكر على الفور كل حديثها وكيف طعنته وجرحته ليعود من جديد يفكر بالانتقام منها هكذا…
اقتربت زينه منه وارتبكت حينما وجدته مازال واقفاً بجوار الباب لا تعرف ماذا ينتظر او ربما متردد.. حاولت ألا تنظر إليه ونظرت أسفل قدميها ثم تحركت إلي الداخل ولكنها تعثرت في خطوتها وكادت أن تسقط ولكن كانت ذراع طارق الأسرع إليها فأمسكها من خصرها و أسندها ناحيته فمالت هي بجسدها عليه واستندت هي بساعديها على صدره ..

نظر طارق إلى عينيها مباشرة بنظرات تحمل
توتر وتردد بادلته هي تلك النظرات أيضا ولكن امتزجت معه الشعور الشغف والإعجاب لذلك بادرت هي بالاقتراب أولا… شعر الآخر بتوتر و أنفاسه المضطربة لكن مع ذلك لم يمنعها فأحطاها بذراعه الأخر وضمها أكثر إليه ثم انحنى برأسه عليها واقترب من شفتيها ببطء وهي بدلته على الفور بلهفه شديدة.
❈-❈-❈
جذبت زينه الفراش أعلي جسدها بعد أن أبتعد عنها طارق، أطرقت رأسها في خجل وحمرة الخجل تعلو وجنتيها لا تصدق بأنها أخيراً عاشت تلك المشاعر مع شخص حتى اذا كان لا يحبها فيكفي ان يكون زوجها وهي معجبه به ومن يعلم ماذا سيحدث بالمستقبل…
صحيح ان ذلك الشخص نفسه متزوج أيضا من اعز اصدقائها لكن حاولت ان لا تفكر في ذلك وتعيش تلك اللحظه التي انتظرتها منذ فتره طويله ان تشعر بالحنان والدفء من أحد فلم تشعر ذلك الشعور بحياتها مع أسرتها او زوجها السابق.. وحتى تريح ضميرها فكرت بان حنين لم تحب طارق من الأساس ومع الوقت ربما أن تتركه لها وحدها.


نظرت إليه مبتسمة باتساع ثم حاولت زينه أن تحضنه لكنها تفاجأت به يبتعد عنها وتتحرر منها فشعرت هي به فتوقفت عما تفعله و نظرت إليه بتعجب.. بادلها النظرة بندم واضح وهو يقول باختناق
= مش شايفه ان احنا اتسرعنا في جوازنا او في اللي حصل بينا من شويه؟ آآ أنا كنت فاكر بالطريقه دي هرد كرامتي وهكون مبسوط لكن بصراحه….
شعرت زينه بالصدمة والإهانة وكل احلامها طارت وهي تسأله ببطء ثقيل
= بصراحه ايه؟ هو انت مالك مش ده اللي كنت عاوزه واللي طلبته مني..
ابتلع ريقه بصعوبة وأجاب بصوت نادم
= عارف كل ده! وللاسف لسه فاكر كلامها كله ان اهلها ضغطوا عليها وهي ما كانتش بتحبني وكانت بتمنع نفسها عني عشان قرفانه مني، و اتهمتني اني راجل مش كامل في نظرها و العيب مني.. احساس وحش أوي انك تكوني بتحبي حد و مستعده تعملي المستحيل عشانه وفي الآخر يكون هو شايفك بالطريقه دي ويتهمك كمان الاتهام القاسي ده..
شعرت بألم حاد يعتصرها فكانت معتقده طلبه للزواج منها كان طلب جاد وليس لحظه تسرع نشأت عليها احلامها الوهميه! وانه سيعاملها مثل ما كان يعامل حنين بالضبط لكن كان الفرق واضح هو كان يعامل زوجته هكذا لانه أحبها بصدق انما هي لم يحبها.. فحتى عندما كان معها للتو كان كل تفكيره بها، لترد بصوت أشبه للبكاء

= هو انت ممكن توضح كلامك لما انت مخنوق منها أوي كده ومش طايقها؟ ليه من شويه وضحتلي انك مش مبسوط معايا واحنا لسه ما فاتش على جوازنا حتى يوم واحد .
هز رأسه بيأس وهو يقول بصوت متحسر
= عشان مهما عملت هفضل احبها! ومهما تعمل برده هحس ان انا جرحتها باللي انا عملته من شويه ده حتى لو جرحتني… انا اسف يا زينه على كلامي لكن مش قادر اخبي بصراحه يا ريتك وقفتيني أو كان حد مننا عاقل على الخطوه دي وحذر التاني.
وضعت زينه كفي يدها على يديه وهي تنظر إليه برجاء فنظر هو إليها بقله حيله فتراجع للخلف بعيداً عنها ليتابع بنبرة حزينة


= حتى كمان كنت فاكر لما اقرب من غيرها هتغنيني عن تقصيرها في كل حاجه في حياتي لكن لقيت نفسي حتي في النقطه دي ما لقيتش ليها بديل! والشعور اللي بحسه كل مره بقرب منها مش حاسه معاكي خالص…
الظاهر ان حنين دي بالنسبه لي زي المرض اللي مش عارف اتعالج منه انا مش عارف مالي حتى وهي جرحاني شايل همها لما تعرف المصيبه دي كأنها بتحبني أوي وقلبها عليا.
وقبل أن يتحدث أحد منهم مجدداً تعالى فجاه صوت حنين بالخارج تطرق الباب وهي تهتف بصوت مرتفع قليلاً
= زينه… زينه من فضلك افتحي عاوزه اتكلم معاكي انا عارفه ان انتٍ جوه من الجيران
نظرت إليه بسرعه برعب ولكنها استجمعت رباطة جأشها وقالت بصدمة
= دي حنين! هنعمل ايه دلوقتي؟؟.
❈-❈-❈
فتحت زينه الباب أخيراً الى حنين بعد وقت طويلاً قبل أن تسرف في وضع مساحيق التجميل على وجهها لتخفي بكائها وحزنها الشديد وحاولت أن تبدو طبيعية على قدر الإمكان مع مقابلتها مع صديقتها الوحيده حتى لا تكشفها ولكن كانت حنين تنظر لها بتعجب من هيئتها الجديدة فهي معتاده عليها لا تضع الكم الهائل هذا من المكياج بالاخص بان الوقت متأخر وبالتاكيد لم تخرج فاذن هل تضع هذا لأجل جلوسها في المنزل فقط….
لم تعبء زينه بنظراتها فقد كان ما تخشاه أخطر بكثير من مجرد نظرات و زيادة كمية مساحيق التجميل، جلست أمامها مسرعة ثم تحدثت بقلق

= خير يا حبيبتي مش عوايدك تعدي عليا في وقت متاخر زي كده في حاجه حصلت .


لاحظت حنين أن زينه على غير عادتها لكنها لم تعطي الأمر اهميه كبيره الآن فهي جاءت الى هنا حتى تتحدث معها لعلها تساعدها في أمرها مع زوجها، بدأت تتحدث بصوت حزين بينما كان في الخلف يقف طارق مختبئ ويتابع الأمر بتوتر مبالغ
= انا في مشكله كبيره يا زينه مش لاقيه غيرك هيساعدني عاوزه اتكلم مع حد يكون قريب مني وبيحبني عشان يدلني على الصح و يقولي انا غلط في ايه، انا معترفة أني غلطت في طارق جوزي كتير أوي بس والله كان غصب عني! انا تعبت بجد عشان كده انفجرت فيه وما عرفتش انا بقول ايه
سردت حنين لصديقتها زينه ما حدث معها و علاقتها الفاترة مع طارق زوجها، وتحدثت عن اجزاء بسيط من مشاعرها السلبيه من تلك العلاقه وكيف كانت تضغط على نفسها لاجله ولم تعرف ماذا تقول عن شيء كذلك وهي بالأساس لا تعرف لما تشعر هذا الشعور… لذلك عندما ضغط هو عليها وواجهها بالحقيقه او اتهامها بالبرود لم تستطيع تمالك نفسها وقالت ذلك الحديث الذي ندمت عليه مؤخرا.
شعرت حنين أنها أزاحت هماً يثقل صدرها حينما أفضت بما تحمله بين طياتها إلى صديقتها الوحيدة، ورغم هذا هي تريد حلاً لما هي فيه لتتابع بأعين باكية
= المشكله بدل ما أحاول أصلح ولا اعترف بالحقيقه نيلت الدنيا اكتر وخد عني فكره غلط انا والله في مشاعر جوايا ناحيته لما كان بيجي يزورنا زمان كنت بفضل مستنياه وابص عليه من بعيد وانا مكسوفه ولما بيغيب فتره بحس انه واحشني… بس ما كنتش بقدر اقول كل ده حتى يوم ما عرفت أنه اتقدملي فرحت وزعلت في نفس الوقت!.
كانت الأخرى تسمعها بصدمه فلم تتخيل ان تكون صديقتها تعاني من شئ كذلك بينما طارق لم يصدق بانها اعترفت انها تحمل مشاعر داخله حقا مثل ما كان يظن ويتوقع وليس كما أساء الظن بها قبل قليل بسبب تصرفاتها السيئه معه، ثم أضافت بصوت باكي
= لان مشاعر النفور والكره من ناحيه العلاقه دي كانت جويه من قبل ما اتجوز ولا أحب، حاولت ادي لنفسي فرصه اقول جاهز عشان بحبه ما احسش كده والمشاعر دي كلها تتمحي بس اتفاجئت اللي بيحصل العكس وانا كرهت أكثر الموضوع ده… بس والله مش بكرهه هو العيب مش فيه فيا انا محدش عارف انا بعاني قد ايه من الموضوع ده من اللي بشوفه حواليا واسمعه… وكل ما كنت بحاول اعترف بخاف من رده الفعل ما انا مش عارفه ولا متخيله هيكون معايا ولا ضدي
إنما بالداخل كان طارق يسمع صوت شهقات حنين والتي أجهشت بالبكاء بطريقة مقلقة مما جعله ينزعج أكثر من حالتها المنهاره و حديثها التي لم تصارحه به منذ البدايه.. حيث اعترت الدهشة جميع خلجات وجهه و هو لا يصدق أذنيه حينما سمع تلك العبارات لأول مرة


= انا عارفه ان انا صلحت الغلط بغلط لما مثلت عليه ان انا مبسوطه بس والله ما كنت موافقه على كده بس لما لقيته زعلان و متضايق وما كانش في حاجه بايدي اعملها غير كده بالذات قبلها اتنيلت حكيت لايمان مرات اخويا وهي اللي دلتني على الموضوع ده وقالتلي ما كل الستات كده انتٍ فاكراهم مبسوطين أوي بالموضوع ده ولا حد بيهتم، دخلت في دماغي ان هي دي طبيعه العلاقه أصلا..
اتسعت عينا طارق فور سماعه لعباراتها الأخيرة وتدفقت آلاف من الأسئلة إلى عقله في تلك اللحظة ما الذي تعنيه حنين بعبارتها؟ رغم الحديث كان غامض لكنه يوحي الى مأساة قد عاشتها وهو لا يعرف عنها شيء… فاكتر ما صدمه هو وجهه نظرها نحو العلاقه الـ.ـحـ.ـميميه والتي لم يكن يعرفها طول فتره زواجهم الخمس أشهر…
لم تتحدث زينه وإنما ظلت صامتة استغربت الأخري أكثر من صمتها، لذا أكملت بحرج شديد و بتانيب ضمير


= وأنها موجوده عشان تسعد الرجاله والستات مش مهم… رغم ان اتضايقت وحسيت بالظلم اكتر لكن قلت مش مهم طالما حاجه هتسعده بس اديها جت فوق دماغي اكتر.. قوليلي اعمل ايه عشان اصالحه انا ما اعرفش هو راح فين بس اكيد هيرجعلي زي كل مره مش كده؟ زينه انتٍ مش بتردي عليا ليه عشان خاطري قوليلي اي حاجه .
نظرت إليها بأعين مرتبكه ومتشتته بحيره لتردف بقلق واضح
= معلش يا حنين اصل عندي شويه مشاكل كده في البيت هناك مخلياني مش عارفه اركز، بس هخلص كل اللي ورايا وافضلك ونحل مشكلتك مع بعض ان شاء الله .
تنهدت بزعل من نفسها وهي توميء برأسها
هاتفه بأسف
= آه تمام انا اسفه انتٍ واضح فعلا انك متضايقه من حاجه بس انا مشاكلي خلتني ما ركزتش ولا اسالك على العموم براحتك طالما عاوزه تقعدي لوحدك.. بس انا في ايدي حاجه اساعدك لو عايزه تحكيلي حاجه اتفضلي احنا ما لناش غير بعض يا زينه مش كده قوليلي ايه اللي مضايقك وادينا بنفضفض لبعض.
هزت رأسها باختصار وهي تقول مدعيه الآلم
= لا كفايه اللي انتٍ فيه مش وقته هنتكلم ان شاء الله بعدين… اصل دماغي مصدعه أوي وعاوزه انام
عقدت حاجيبها للاعلي قليلاً بانتباه وهي تهتف بصوت عجيب
= طارق!.

نظرت زينه إليها بتوجس وهي تسألها بعدم فهم
= هاه! مـ.. ماله طارق .
أشارت بيدها على شيء ما امامها، وهي تتحدث بغرابة
= القميص دي شبه بتاعته! هو بيعمل إيه عندك.. مش ده قميص رجالي أصلا
تذكرت على الفور بانه تركه هنا ولم تراه إلا الآن، حاولت رسمت ابتسامة زائفة وهي تقول بثبات
= لا يا حبيبتي ده قميص اخويا ما هو انا نسيت اقول لك أننا اتصالحنا مع بعض فهو نسيه هنا.. قصدي يعني كان جايب واحده معاه غيره عجبه وقالي خالي القديم عندك يبقى جيبها لي لما تعدي علينا… وبعدين يعني يا حبيبتي هي ما فيش غيره قميص زي اي قميص وفي منه اشكال كثير أكيد…
نظرت حنين إليها عدة ثواني بعدم اقتناع و شك، فهي تعلم جيد الأمور بينها وبين أسرتها وبالاخص شقيقها العلاقة متوتره للغايه بسبب انفصالها عن طليقها و كان الجميع ضد طلقها هذا لذلك هيا انفصلت عنهم في مكان اخر، فأخيها تبرأ منها حرفياً حسب حديثها عنه فكيف بمده قصيره هكذا يتصالحون بهذه السرعه ودون مقدمات او تخبرها بذلك مسبقا، لكنها مع كل ذلك هتفت بهدوء عجيب
= هاه آه صح ممكن… المهم انكم اتصالحتم انا همشي بقى عن أذنك عشان اتاخرت كمان…
نهضت لترحل بخطوات ثقيلة واول ما اغلقت زينه الباب خلفها بسرعه التفتت حنين لتنظر إليها باستغراب شديد و رغم عنها بدأت تفكر باشياء سلبية لم يستطيع عقلها استوعبها من الأساس، لتهمس محاولاً أن تطمئن نفسها
= ايه اللي انا بفكر فيه ده مستحيل طبعا حتى لو كده أنا مش عاوزه اعرف.. زينه صديقتي الوحيده ومستحيل تخوني ولا كمان طارق هو بيحبني والاثنين ما يقدروش يزعلوني….
بينما في الداخل لم ينطق طارق بحرف مع زينه وحاول بسرعه إكمال ارتداء ملابسه ليسرع ويلحق حنين! فهذا كل ما خطر بباله بعد ان جاءت الى هنا وسمع الحديث الدائر منها، وكانت زينه تراقبه باعين حزينه ولم تستطيع التحدث هي الاخرى! لكنها أكدت حديثه لنفسها عندما اخبرها بانهم قد تسرعوا في هذا الزواج…..
وأول ما فتح باب المنزل ليرحل باستعجال، تسمر طارق في مكانه فور رآه حنين تقف أمامهم! شهقت زينه بصدمة كبيرة وهي تردد بصوت مرتجف
= آآآآ… حـ.. حنين.

كانت حنين مصدومة مما تراه فلم تتخيل أن يكون الشخص الذي بدأ يحرك مشاعرها أصبح مع صديقتها.. لذلك لم يكن لديها ما تقوله و أثرت الصمت.. فقد كانت المفاجأة أكبر من قدرتها على الكلام وتحركت بمنتهى الهدوء لترحل .
أفاق طارق من صدمته هذه وأسرع في خطاه ليلحق بحنين ثم أمسكها من ساعدها واوقفها عنوة لتفهم الأمر وما يدور بينهما بدل من ان تسيء الظن نحوهما اكثر، نظر إليها بخوف وقلق وهو يخشى من ردة فعلها لأنه فاجئها بأمر كهذا ليردف قائلاً بحذر
= حنين.. حنين استني اسمعيني بس انتٍ فاهمه غلط وافهمي مني الوضع ازاي
بينما لم تستطع زينه أن تخفي الحقيقة على صديقتها أكثر من ذلك ففي النهاية هذا يكن زوجها مثلها، وقالت بتردد
= حنين ما تفهميش غلط فعلا إحنا متجوزين
نزلت عبارة زينه الأخيرة كدلو ماء بارد على رأس حنين فجعلتها تصدم أكثر وهي تطلع إليهم بنظرات مصدومة… بينما التفت طارق إلي زينه بحده وضيق من تسرعها للأمر دون مقدمات لتخفض الأخري عينيها بقله حيله.
بدأت حنين تتنفس بصعوبة هي تشعر بأن الدوار والغثيان يسيطران عليها الآن… لا تعرف هل من الصدمه أو شيئا آخر. !!.
لكنها شعرت فجأة أن هناك خطبٌ ما بها هي ليست على ما يرام حيث بدأت تشعر بأن هناك دواراً ما يسيطر على رأسها.. لم تعد الرؤية واضحة بالنسبة لها فصورة طارق وزينه تهتز أمام عينيها.. كانت تريد الحديث والرد ولكنها لم تقدر، وضعت يدها على جبينها محاولة أن تمنع ذلك الدوار من الإستمرار ولكنه يزيد بصورة تدريجية ..
لاحظ طارق ترنح زوجته أمامه وشحوب لون وجهها المفاجيء فارتعد من هيئتها بخضة وقبل أن يستفسر عن شيء لم تقو قدم حنين على حملها أكثر من هذا حيث ارتخى جسدها فجأة على وشك السقوط بينما أسرع طارق بالامساك بها.. لكنه لم يلحقها وقد سقطت على أدراج السلالم أمامهما….
وقفوا الإثنين طارق و زينه مصدومين مشدوهين لم يتحرك أحدهم فقط يراقب الجميع المشهد بأعين مذعورة..
اكتسى وجه طارق بملامح الرعب والخوف الشديد فركض كالمذعور حينما رأى ذلك المشهد وقد أدرك أن حياة حنين في خطر ولا وقت للمعاتبة واللوم عليه أن ينقذها أولا ليصيح بصريخ
=حــنـيـن.
ركض ناحيتها وجثى على ركبتيه و أمسك بكف يدها يصرخ في وجهها ولكن كانت الأعين مغلقة نظر في رعب لها وحاول اسنادها وهو يهتف باسمها لكي تسمعه وتستجيب له ولكنها كانت فاقدة للوعي وما صدمه برعب أكثر بأنها بدأت تنزف الدماء بكثرة…

بسرعه حملها وكان ينظر إليها بخوف ممزوج بحب يخشى أن يصيبها مكروه بسببه فلم يسامح نفسه اذا حدث لها شيء سيء ولكن ما يهم الآن هو سلامتها …….
بينما في الخلف كانت زينه تراقب كل ما يحدث بذهول وهي تشعر بالذنب لأنها لم تستطع أن تدرك مبكراً ذلك الحب الموجود بين طارق و حنين وأنها أعطت لنفسها الفرصة ان تعجب به وتعلق نفسها بالأوهام..
لكنها عقدت حاجيبها بشرود وهي تنظر الى الدماء بشك وحزن أكبر بأنها من الممكن تكون حامل..و أجهضت.. لا تعلم لكن في الحالتين متاكده بأنها خسرت صديقتها الوحيدة .!!.
❈-❈-❈
في المستشفي ظل طارق ينظر عبر زجاج الباب في توجس وترقب ثم جلس على المقعد وأخذ يفرك في كفي يده بتوتر و حزن وهو يشعر باحساس الذنب يقتله فلو كان لم يتزوج من البدايه فلم كانت تراه بذلك الوضع ولا حدث ذلك من البدايه، لكن ما يقتله أكثر الأسرار التي عرفها عنها اليوم ولم تخبره إياها و مع الأسف علم بها بوقت متأخر للغايه .
كان يخشى أن يكون مكروهاً ما قد أصابها فلم يفهم او يستوعب النزيف المفاجئ ذلك، طال الوقت بالداخل فنهض من مكانه وظل يتحرك في توتر وقلق ذهاباً وإياباً، كانت الدقائق تمر عليه كالسنوت وظل يدعو الله في نفسه أن يحفظ زوجته ..
بعد فترة خرج الطبيب من الداخل، فتوجه طارق إليه يسأله بلهفة
= طمني عليها يا دكتور.. مراتي اخبارها ايه وايه سبب النزيف ده؟
أجاب الطبيب وهو يشير بيده موضح
= ما تقلقش الحمد لله وقفنا النزيف بس لازم تفضل هنا تحت الرعايه كمان الوقعه ما كانتش سهله خصوصا انها في بدايه حملها!.
اكتسى وجهه بملامح الصدمة وهو يردف بصوت ثقيل
= نعم حنين حامل!؟.
وقف طارق مشدوهاً فاغراً شفتيه لا يعرف بماذا يجيب لقد تجمدت الكلمات في حلقه و وقف يسرح فيما دار بينه وبين حنين طول تلك الشهور..و مشاحناتهم المستمره إلي أمر زواجه المفاجئ! حتى يرد كرامته؟ وانتهى الامر به الى هنا فماذا سيفعل الآن والامور تضيق حاوله اكثر فأكثر ….

فليت كان يعلم ما كانت تخفيه وحملها من البدايه لكانت تغيرت أمور كثيره في علاقتهم….. لذلك لا يعرف هل يفرح بذلك الحمل ام يحزن ؟!.
❈-❈-❈
أما عن زينه فقد باتت شكوكها الآن صحيحة هي حامل.. صديقتها حامل من زوجها هي الأخري ولم تكن تعلم بهذا! وحتى بعد معرفتها فماذا سيكون وضعها الآن في تلك العلاقة!. وماذا عن طارق الذي لم يراها ولم يسأل عنها خلال تلك الفتره ابدأ .
وخلال ساعات كان انتشرت الأخبار في منزل أسره حنين، أسرعت عبير ناحية حماتها و ايمان وهي تردد بحزن شديد
= عرفتوا اللي حصل؟ حنين كلمتني من شويه وقالت لي انها في المستشفى كانت هتسقط واكتشفت ان جوزها اتجوز عليها صاحبتها زينه
شهقت الأم بصدمة كبيرة ونهضت بقلق تتحدث بصوت متقطع تحاول استيعاب الأمر
= بنتي يا نهار ابيض.. مستشفى ايه قوليلنا بسرعه، حد يدور لنا على توصيل اتصلي بمحمود بسرعه يا ايمان
نظرت ايمان إليهما بعدم تصديق وهي تهتف بتلقائيه
= يا خبر أبيض كل ده حصل امتى؟ لحق اتجوز عليها امتى دي ما هي من كام يوم كانت بتقولي أنه بيحبها وصابر على اللي هي فيه… واخر مكالمه قالت لي انها بتفكر تعمل نصيحتي يبقي جابت نتيجه عكسيه ازاي
عقدت عبير حاجيبها بدهشة وقالت بحده
= انتٍ بتقولي ايه؟ هو انتٍ يا ايمان كنتي فاهمه وعارفه تغيير احوالها وساكته ونصحتيها كمان…
انتبهت إيمان على نظرات الاثنين إليها بدهشة وضيق لتشعر بالتوتر وانها فضحت نفسها، لتقول بنبرة قلقة
= هاه! لا انا قصدي على حاجه ثانيه انتوا فهمتوا ايه.. انا هروح اتصل بمحمود بسرعه عقبال ما تلبسوا آآ
وقفت عبير أمامها تمنعها من الرحيل وهي تتحدث بصرامه شديده
= استنى عندك مش هتتحركي خطوه واحده غير لما تقوليلنا حنين كانت فيها ايه؟ وايه هي مشكلتها اللي اشتكيتلك عنها؟ وانتٍ نصحتيها بايه؟ خلصي بسرعه وقوليلنا .
❈-❈-❈

كانت حنين تتململ في الفراش فبدأت تستعيد وعيها تدريجياً لتتذكر ما حدث معها في الليلة السابقة، فتحت عينيها لتجد طارق جالس امامها فوق ذلك المقعد بانتظارها، تطلعت نحوه مطولاً بتعبيرات غير مقروءه
بينما هو اعتدل في جلسته على المقعد ولم يفتح فمه بكلمة واحدة فقط يريد أن يعرف ردة فعلها، نظرت هي حولها وتأملت الغرفة وتذكرت قبل أن تحقنها الممرضه أخبرتها بحملها وبعدها طلبت منها هاتفها حتى تتصل على أسرتها لتاتي، أمعن النظر إليها وحينما وجدها صامته هتف متردد
= حـ.. حنين ممكن نتكلم مع بعض وتسمعيني
أنا عارف ان انا غلطت بس انتٍ برده كان لازم تفهميني حاجات كتير غير كلامك الصعب اللي ما كانش يقدر يستحمله اي راجل ويعديه عادي.. وبعدك طول الوقت عني خلي كل ده حسسني من حقي فعلا اعمل الخطوه دي بالذات بعد ما وصلتيلي انك اتجوزتيني غصب عنك و آآ أنك مش بتحبيني.
تصنعت الابتسام وهي تجيب بنبرة وهن تقهر
= ومين قال إن مش من حقك؟ بالعكس حقك أوي كمان انت فعلا استحملت واحده زيي معقده وانت حتى مش عارف هي بتعمل كده ليه؟ عشان كده من حقك فعلا تدور على واحده تحسسك انها عاوزاك وبتحبك مش بارده وجماد زيي .
رفع حاجبه للأعلى متعجبًا من ردة فعلها الغريبة لكنه حاول التحدث بارتباك
= يا حنين أنا….
قاطعته وهي تذرف أنهاراً من الدموع لترد بقسوة لم يعهدها منها
=لكن اللي مش من حقك انك تسيب كل ستات العالم وتتجوز اقرب صديقه ليا! ده اللي مش من حقك فعلا كده ما تبقاش مجرد واحده عاوز تتجوزها عشان تلبي احتياجاتك اللي حرماك منها مراتك الاولى.. كده انت بتدور صح ازاي تطعني وتوجعني… بس برافو عليك وعليها هي كمان لعبتها عليا صح ده انا حتى لما شفت الدليل قصاد عيني كذبت روحي وقلت لا، حتى لو ده حقيقي مش عاوز اعرفه
انفرجت شفتاها مصدومة من أعمالهم المريب معها، فسألته بتوجس
= اصل ازاي؟ جوزي مع صاحبه عمري واللي ما ليش غيرها.. اللي من كتر حبي فيها جبتها تسكن قريب مني عشان تكون تحت حمايتنا.. وعشان لما اتوجع اجري عليها اشتكي وهي تسمعني وتقولي حلول.. مش بقول لك عرفت تلعبها صح! حتى صاحبه عمري خليتني اخسرها أهو انا النهارده خسرت خسارتين.. انت وهي!!.

أقترب منها وحاول أمسكها من ساعدها لكي يساندها وهو يتحدث باعتذار
= آآآ.. حنين أنا آسف و…
نفضت يده عنها بكل حدة، ثم نظرت إليه بنظرات مميتة قاسية لا روح فيها وقالت بصوت ميت
= ابعد عني، أنا مش طايقاك.. مش عاوز أسمع حسك انت.. انت صوتك حتى بقى بيخنقني
كلك على بعضك بقيت بقرف واشمئز لما اشوفك مش لما تقرب مني بس
كانت حنين تشعر أنها ظلمت بحق من الاثنين، حتى لو أخطأت لا تستحق منهم ذلك؟ هل ما فعلته كان كبير لهذه الدرجه حتى يجرحوها وتشعر بالغدر هكذا… لم يدري أن كل أحلامها صارت رماداً في لحظة وأن من اشعل النيران فيها هو من عشقت روحه قبل قلبه..
ثم تابعت حديثها بجدية وقد قست تعبيراتها
= بس قولي صحيح عرفت تسعدك وتعملك اللي ما كنتش قادره اعمله؟ لما لمستها حسيت طبعا انك اسعد واحد في الدنيا وان مراتك كانت كئيبه وحرماك من حاجات كثير لدرجه عمرك ما هتنسي الليله دي في حياتك، عكس مراتك الوحشه الثانيه اللي كانت بتمنعك من حقوقك ويوم ما تديها لك كانها بتعطف عليك وبالعافيه… ما اصلها معقده انما زينه
شحب وجه طارق حينما تذكر كيف كان معها قبل قليل ولم يكن سعيد كما تصور، ظل ينظر إليها يتألم روحه وقلبه فلقد ظلمها ظلماً بيّناً، بالأخص وهي تضيف بتهكم مرير
= انا عارفاها كويس ما هي صاحبتي كان نفسها فعلا تلاقي حد يحبها ويهتم بيها فانت لو اديتها الحب والاهتمام ده هتعمل لك اي حاجه في الدنيا.. مبروك عليك جايز فعلا تستحقوا بعض مش عشان حاجه وحشه لا عشان انا اللي طلعت وحشه في الاخر و استاهل كل ده.. وانت طلعت زيك زي اي راجل حتى زي ابويا اللي راح اتجوز ورمينا عشان احتياجاته دي بس على الاقل ابويا استنى فتره طويله على امي لكن انت ما استنيتش حتى سنه… هو انا كنت وحشه أوي كده
نظرت له بأعين تمقتها تكرهها تتمنى أن تمسك برقبته وتخنقه ولا تتركه إلا جثة هامدة، فا نيران الغدر والغيره تحرقها حرق، مسحت دموعها بعنف وهي تردد بجمود
=بس تعرف في فرق برده في علاقتنا وبين علاقه ابويا وامي مش المده اللي ابويا صبرها عليها لا ما هو في النهايه اسمه غدر! ان ماما كانت ست ضعيفه واستحملت عشانا أو عشان ما كانش عندها حل تاني رغم انه كان ما بيقدمش اي حاجه زياده في حياتنا حتى الفلوس كان بيمنعها كتير أوي ويوم ما يدينا يدينا ملاليم وهي اللي اشتغلت واخواتي عشان يصرفوا.. حتى كنت بسال نفسي كتير أوي لما هو ما لوش اي فايده في حياتنا كده اسمه راجل ليه؟ وامي لسه على ذمته ليه؟ بس تقريبا كده كانت بتمشي بمقوله احسن ما يكون اسمي مطلقه والناس تنهش فيا.. بس انا مش امي يا طارق .

جاءت إليها قوة من حيث لا تدري فالمظلوم تأتيه الشجاعة لكي يدافع عنه نفسه مهما كلفه الأمر، وهي تقول بحدة
= فلو عقلك مصورلك ان هعمل زيها و هرضا بالامر الواقع والزباله اللي انتٍ اتجوزتها دي على ذمتك وانا كمان وتوفق بين الصحاب مع بعض تبقى بتحلم عشان انا مش هستنى على ذمتك دقيقه واحده وهتطلقني.. حتى لو ليك مبررات والحق انك تتجوز برده مش هفضل على ذمه واحد غدار زيك وما عندوش احساس
صدم طارق من عبارة حنين الأخيرة.. فلم يخطر بباله أن تطلب مثل ذلك الطلب وسط تلك المشاحنات الحادة والعنيفة بينهما لكن اقل شيء تفعله لرد اعتبارها منهما ورغم ذلك لم يكن أمامه حل أخر سوى موافقتها إلا أن رفض وتحدث قائلاً متعمد تذكيرها لعلها تتنازل عن تلك الفكره
= طب ممكن بالراحه عشان العصبيه دي غلط عليكي وانتٍ تعبتي أوي ونزفتي كتير… هو انتٍ عرفتي أنك حامل
كانت في تلك اللحظه تشعر بالاشمئزاز منه شخصياً وليس من العلاقه هذه المره فقط.. هو ذلك الخائن الذي سلب روحها وقتلها بل رحمة بينما هي معذبته التي تفننت في اقتلاع قلبه بلا رحمة ايضا.. كم تكره ذلك الشعور الذي جعلها تعاني منه إلى الأبد فلقد صار طارق هو لعنتها الأبدية التي لن تشفى منها مهما حدث ..
أصرت قائلة بلهجة صارمة
=اه عرفت وده مش هيغير حاجه وبعدين ما تعملش نفسك يهمك أوي مصلحتي وحياتي، انت أقذر واحدة عرفته في حياتي أنا ندمانه اني عرفت بني آدم زيك وزي الزباله الثانيه، يا ريتك ما ظهرت في حياتي ولا حبيتك ولا اتعلقت بيك.. ولا وثقت في واحده زيها و فكرتها صاحبه ليا.. لا وانا من خيبتي راحه كمان اشتكيلها منك وانت جوه عندها بتقضوا أجمل اوقات حياتكم وانا الهبله اللي مختومه علي قفاها ولا دريانه هو الكلام ده من امتى..
كان طارق يشعر بالآسى عليها فهو السبب الرئيسي فيما تعانيه، حتى لو كانت هي من بدأت فاصبح متأكد بان هناك جزء مخفي! بالاضافه الى كل ذلك قد ندم قبل معرفته على كل ذلك وعلى زواجه من صديقتها زينه الذي
جعله يشعر بالذنب اكثر ويضيق من نفسه.
لكن هو صار متأكد بانها تخفي الكثير من الأسرار والمبررات التي جعلتها تتعامل معه هكذا؟ وبالاخص حوله العلاقه الحميميه هناك من العقد الكثير داخلها ادت الى تلك النتيجه.. وليتها كانت صريحه معه من البدايه في تلك النقطه.. قبل ان يضع نفسه في مأزق لا يعلم كيف الهروب منه أيضاً بزواجه من زينه.
حاول تهدئة حنين ولكنها كانت على وشك الإنهيار أمامه ومع ذلك تحدث بصراحه
= حنين ممكن تهدي انا اتجوزتها امبارح يعني بقيلنا يوم واحد بس مش زي ما انتٍ فاكرة، بعد ما اتخانقنا قابلتها انا ما اعرفش طلعتلي منين وجت ورايا وفضلنا نتكلم وانا كنت على اخري منك ما كنتش عارف انا بقول إيه و طلبتها للجواز.. و آآ هي كمان فضلت تشتكي من اهلها وانها كان نفسها تلاقي حد زيي يهتم بيها وانك مش عارفه قيمتي كويس .

نزلت عبارات طارق على مسامع حنين كالسكين الحاد الذي يزيد من عمق جراح قلبها.. وضعت كلتا يديها على آذنيها لكي لا تسمع منه المزيد فلم تفهم هل كانت صديقتها بحق أم كانت تنتظر اي لحظه لتستغلها حتى تغدر بها.
وهو! أليس من مفترض بأنه يحبها.. فلما الاثنين استغلوا اقرب فرصه إليهم ليجعلوها تشعر بذلك الاحساس الفظيع..
كانت شبه منهارة مما حدث حاولت قدر المستطاع أن تتماسك أن تتحامل على نفسها فبزواج ذلك عاد كل التجارب القاسيه التي عاشتها مع والدتها ووالدها بالماضي، لذلك خارت قواها وفقدت السيطرة على حالها فلم تعد تتحمل المزيد كل شيء قد انهـــار أمامها وخسرت الكثير، صرخت ببكاء مرير
= هو ليه؟؟ هااااا ليــــه ماتبصليش كده انطق وردي عليا؟ انا بكرهك.. بكرهــــــك انت دمرتني، انت هديت كل حاجة حلوة في حياتي، انت دبحتني باللي عملته بكرهــــــك
عجز عن تهدئتها وقد شعر بالذنب والحزن أكثر بسبب حالتها التي وصلت اليها بسببه، و في تلك اللحظه قد وصلت أسرتها على صوتها هي والممرضات لتهدئتها.
❈-❈-❈
مرت عدة أيام في المستشفى وكانت حنين كالجثة التي لا روح فيها توجه بصرها لسقف الغرفة بأعين فقدت بريقها اللامع، تحاول قدر استطاعتها أن تبكي في صمت.. بكائها هذا ليس كأي بكاء انه بكاء كماء النيران يكوي القلوب قبل الوجوه، لا تدري ما الذنب الذي ارتكبته لكي يفعل بها طارق هذا.. فهي بالأساس ضغطت على نفسها وفعلت اشياء ضد إرادتها لأجله فيكون ذلك جزاءها!
تعلم بالنهايه أنها أخطأت لكن لا تصل به إلا يفعل ذلك.. يتزوج عليها ومن صديقتها الوحيدة، حقا علم جيد كيف يعاقبها ويجعلها تعاني من خسارتين خسارته هو وخساره صديقتها.
فلم تكن تعلم بانها تحبه هكذا.. أو أنه سيجرحها بتلك الطريقه أو صديقتها ستكون بذلك الخسي.. فما وجع ذلك الآلام كله فلا تعرف على أي تحزن او تبكي بالضبط، و المصائب تسقط فوق رأسها واحده تلوي الاخرى دون رحمة.. فكلما أغمضت عينيها و حاولت أن تمحو من ذاكرتها ما حدث لها ولكن كلما حاولت أن تنسى تذكرت أكثر …
❈-❈-❈
بعد مرور أسبوعين خرجت حنين من المشفى وقد أوصي الطبيب أن ترتاح جيد وتظل الشهور الأولى ملازمه الفراشه لأجل صحتها وصحه طفلها، و رفضت رؤيه طارق خلال تلك الفترة لكنه لم ييأس!.
وعلي الجانب الآخر بدأ الجميع يضغط على حنين ليعرف السبب الرئيسي لجعل طارق يعاملها هكذا ويتزوج بغيرها قبل ان تفوت سنه واحده على زواجهم حتي واضطرت ان تقص اليهم باختصار شديد حالتها الصعبه، و منهم من تقبل الأمر ومنهم من اعتقد انها تتدلل!

وقد استغربوا وعاتبوها ايضا لانها كانت تمنع نفسها في بعض الأحيان عن زوجها.. لذلك من منهم راى بأنه محق في زواجه بغيرها… لكن حنين لم تهتم بكل ذلك واصرت على الطلاق .
بينما كانت عبير و العائلة مستشاطين من الغضب من تلك الفتاة التي تدعي زينه فكيف تكون صديقتها المقربة وتفعل ذلك بها، فالجميع يعرف كيف كانت تحبها حنين و ساعدتها في البحث عن السكن جانبها..و يكون هذا جزاها في المقابل .
جلست حنين بجوار النافذة كانت تبكي علي حالها كعادتها و روحها الجريحة، فهي لم تطيق الجلوس مع أسرتها حتى بسبب حديثهم و ضغوطاتهم فكانت محقه ايمان لم يفهم أحد ما تعاني منه لكن أسلم شيء لها الآن هو الإبتعاد عن كل شيء بالوقت الحالي..
وبهذه الفتره بالاخص حتى تستعيد وعيها وثقتها بنفسها من جديد، حتى لأجل طفلها القادم الذي كانت متفاجئه به بذلك الوقت بالتحديد، لكن لا احد يعلم مصيره في هذا العالم الا ربه وهو المدبر لشؤوننا دائمًا .
يالها من حياة قاسية مع حبيب كانت تؤمن به، قدم لها السعادة في لحظة ثم أذاقها طعم الذل والمرار في لحظة أخرى.. فاكثر ما يؤلمها حبها له الذي كان منذ البدايه وتخفيه و صديقتها التي غدرت بها دون أن تمهلها الفرصة حتى تحذر أولا.. فسثقتها بالاثنين كانت تتخطى الكثير وهي الان تدفع ثمنها.
في تلك اللحظه تقدمت عبير وإيمان منها، لتحاول منع دموعها من الانهمار أكثر ومسحت بأطراف أصابعها تلك العبرات الساقطة و أسندت يدها الأخرى بجوارها..
احتوت عبير قهرها وحزنها بحنانها الكبير قائلة
= ما هو العياط مش هيرجع حاجه، خلاص يا حنين اللي حصل حصل وانا عارفه دلوقتي انك موجوعه على الاثنين اذا كان علي جوزك ولا علي اللي ما عندهاش دم دي وكنتي فاكراها صاحبتك وغدرت بيكي…
أضافت ايمان أيضا باستنكار ساخط وهي تشير بيدها
= انا مستغربه البنت دي أوي اكتر من جوزك بصراحه لانها اتحطت في نفس الموقف و جوزها اتجوز عليها فتردها لك أنتٍ ليه او لغيرك بعد ما جربت وجع القلب وعارفاه، لا وبالذات بعد ما وقفتي جنبها في كذا موقف يكون ده رد الجميل
ابتسمت لها عبير ببسمة باهتة قائلة باقتضاب
= في ناس كده للاسف تنجرح وتتوجع وما تعملش حاجه للناس اللي اذوها لكن تاذي غيرها عادي بنفس الطريقه، في اعتقادها يعني كده استنصحت بدل ما تقع بنفس الموقف تاني.. وبعدين برده حنين غلطانه ما كانش ينفع تحط النار جنب البنزين! وانتٍ بتغضبي كتير هنا في البيت وبتمنعي جوزك عندك وفي نفس الوقت سايبه واحده بابها موارب .

رددت حنين بصوتها المنتحب وعيناها تفيضان من الدمع المقهور
= انا ما كنتش اعرف نيتها ولا نيته وحتى لو كده! اديكي لسه قايله بلسانك ما شافتش حاجه مني وحشه فالمفروض لما كان يطلبها كانت تقف تقوله لا دي صاحبه عمري وليها افضال عليا كتير ومستحيل اوجعها مش تنتهز الفرصه من اول مره وعلى طول كانها لما صدقت تجرحني…
كفكفت دمعاتها قبل أن تنهمر اكثر واضافت بنبرة متخاذله
= انا على فكره كمان اكتر حاجه مصدومه فيها هي اكتر من جوزي و نفسي بجد اعرف هي ليه عملت معايا كده وانا عمري ما اذيتها بالعكس كنت دايما معاها وبفضفض واطبطب عليها و كنت مستعده اعمل اكتر من كمان.. على الأقل هو راح ولا جه راجل وليه مبررته لكن هي إيه مبررها
التفتت عبير نحوها وأجابت باهتمام
=ما هي هنا كانت المشكله يا حنين من كتر ما أنتٍ بتديها وتساعديها من غير مقابل في ناس بتعتقد ان ده بقى حق مكتسب خلاص! و استكترت عليكي جوزك وحسيت ان ده من ضمن العطف اللي بتعطفي عليها بي وتديهولها و ارهنك انها دلوقتي ولا ندمانه ولا شايفه انها غلطت في حاجه..
بهتت ملامح ايمان وهي ترد بغيظ قليل
= على رايك والله يا ابله عبير في ناس كده تديهم يطمعوا اكتر، وبعدين هو حد دلوقتي يامن لصاحب يا هبله في الزمن ده! عارفه أنتٍ لو كنتي حكيتيلي من الاول كنت فهمتك وفطمتك واديتك خبرتي و..
احتدت نظرات عبير وقست إلى حد ما وهي تعلق بصوتها المتشنج
= ما كفايه يا ايمان نصايح بقى ماهي اللي خربت عليها هي كمان، مش فاهمه أنتٍ يا حنين سبتي كل اللي في البيت وما لقيتيش غير اللي عقلها طاير منها دي وتسمعي منها نصيحه وكمان تنفذيها.
كزت على أسنانها بضيق ثم تحدثت بغرور قليل
=وانا عملت ايه ان شاء الله الحق عليا كنت عاوزه اوعيها، وبعدين اديكوا عرفتوا حد منكم كان شافلها حل! ولعلمك نصيحتي جابت نتيجه بس لولا انا اتسحبت من لساني و استعجلت واتصلت عليها كان زمانه دلوقتي ولا دريان بحاجه وهي قالتلك بلسانها اخر مره كان سعيد وفرحان لما حس انها مبسوطه
رمقتها عبير بنظراتٍ احتقارية وهي تردد بعدم رضا

= نصيحه إيه يا عبيط اللي جابت نتيجه وهي فين النصيحة دي اصلا ده اسمه غش وهروب من المواجهه! كان عندها اكتر من حل على الاقل تواجه وتقوله الحقيقه كان لازم يعرف حاجه زي كده ويحل معاها غصب عنه ده امر مفروض بين الاثنين ولازم يحصل بالتراضي والاثنين يحسوا بكده! وهي ما كانتش هتعمل حاجه عيب ولا غلط لو كانت واجهته وشافوا حل.. عشان ما فيش حاجه اسمها العلاقه دي معموله عشان الراجل يستمتع وهي لا للاثنين لا بلاش!
ردت إيمان باقتضاب وهي تلوي شفتها بسخرية
=يا سلام وايه الحل بقى يا فلحوسه؟؟ انتٍ هتعملنا فيها مدرسه بقى في البيت هنا كمان يا حبيبتي انتٍ هنا مش في مدرسه بتدرسي للتلاميذ بتوعك، أنتٍ هنا في واقع.. ولو عندك حل قولي إيه اللي كان هيخليها سعيده وحابه العلاقه ومش كارهاها زي دلوقتي..
أجابت بوجه ممتقع وبجدية مبطنه بالعتاب
= انا مش دكتوره يا ايمان بس الامور دي تروح لاصحاب الشان واللي فاهمين فيها بدل ما نفتي بنصايح تجيب ورا، لكن انا اسفه يا حنين وما تزعليش مني أنتٍ غلطتي برده.. و لو ما كانش فعلا طارق عرف ان أنتٍ غشيتيه كنتي هتفضلي في الوضع ده قد ايه يوم اثنين طول حياتك كده طب وهي دي حياه، وانتٍ سعادتك فين ولا راحتك؟ وليه أصلا امثل واكدب في حاجه انا ما ليش ذنب فيها أنتٍ عيانه ولازم تعترفي بكده والمريض بيروح لدكتور معروفه
انفرجت شفتا حنين مصدومة من اجابتها المريب عليها ورغما أنها متأخره لكنها بدأت تفكر في كل ذلك وانها مريضه بالفعل فهمست بتوجس
= د.. دكتور !.
❈-❈-❈
بينما على الجانب الآخر، اغرقت عينا زينب بالعبرات وهي تقول بشرود حزين
= كأن الزمن بيعيد نفسه، نفس اللي حصل معايا حصل مع بنتي، وبرده جوزي راح شاف غيري لنفس السبب؟ رغم ان كان مرضي مش بارادتي لكن حطيت جزمه في بقي وسكت يا ريت في الاخر طمر وصرف على العيال.. يا ترى يا طارق عملت كده عشان ملناش ظهر وقلت ابوها ذات نفسه ما عملها ومتجوز اثنين جت على بنته…
صمت لبرهة مفكر لعدم استطاعته عن البوح ما يكنه داخله، فكان بحاجة لجمع شتات نفسه واستعاد جأشه ليستمر في معركته المصيرية،
ابتلع ريقه بصعوبة وأجاب بصوت مرتجف
= يا خالتي والله انا صبرت عليها كتير وهي ما كانتش صريحه معايا من البدايه، جايز لو كانت قالتلي وفهمتني اللي فيها وقد ايه هي تعبانه من الموضوع ده؟ كنت والله هقف جنبها زي ما صبرت عليها من البدايه

ردت بغلظة وهي ترمقه بنظرات منذرة بغضب شديد
= انا مش بغلط بنتي لكن الغريبه انك ما لقيتش فعلا غير صاحبتها مش حاسس ان دي حركه واطيه منك اصل يعني مش من قله البنات، يا سيدي طالما الغلط جاي من عند بنتي وما كانتش بتديك كل اللي عاوزه ومحتاجه ومقصره معاك فعلا..
أسرع طارق يتحدث مبرر بتوضيح جاد
= عشان انا ما كانش في نيتي اصلا اتجوز تاني ولا أدور على غيرها وهي اللي كانت قدامي وقتها! انتٍ ما تعرفيش في اخر خناقه بنتك قالتلي ايه بالظبط كلام صعب استحمله وانا ما كنتش فاهم مبرراتها وهي ما فهمتنيش حاجات كتير ولا كانت واضحه ولا صريحه.. انا والله ندمت لما عرفت ان عندها عقد من الموضوع ده
حركت رأسها باستنكار جلي، واستشاط وجهها بالدماء الغاضبة
= وندمك ده هيفيد باي في الآخر ما خلاص عملت اللي انت عاوزه واتجوزت عليها صاحبتها وقهرت البنت… لا والمصيب الاكبر في نفس التوقيت تطلع حامل! وهي مصره على الطلاق وانا صدقني لو ما كانتش حامل فعلا كنت زماني دلوقتي جايبه المأذون انا بنفسي وبقول لك خلص البنت من على ذمتك عشان مش هخليها تعيش نفس اللي انا عشته.. لكن العيل اللي جي ده هو اللي مانعني ومش عارفه برده اتصرف ولا اعمل ايه.. الله يسامحك حطيتنا في موقف ولا عارفين نحل ولا نبعد وفي عيل بيربطكم جاي ملوش ذنب
تسمر طارق في مكانه عاجز للحظات عن الرد عليها، وبالفعل شرد في مصيره ومصير طفله القادم إنه وقع حقًا في مأزق مجبر على حله باسرع وقت، ثم بسرعه هتف بلهفة باقتراح
= لا صدقيني في حل مش كل مشكلتكم اني اتجوزت خلاص، بصي انا ما كنتش اعرف اللي فيها لكن دلوقتي اكيد بعد ما عرفت هعرف اتعامل معاها ازاي واكون حذر، واذا كانت على زينه قصدي يعني اللي اتجوزتها فانا مستعده اطلقها واعتقد هي كمان هتوافق على الطلب ده احنا من اول يوم اصلا بالمشاكل كلها اللي حصلت دي بقينا متاكدين ان احنا ما ينفعش لبعض واخذنا قرار متسرع.. بس عشان خاطري خليها تتراجع عن حكايه الطلاق دي، قوليلها حتى عشان خاطر ابننا اللي جاي و جايز تكون هي دي الفرصه اللي ربنا اديها لنا عشان لسه في امل في علاقتنا تتصلح .
صمتت بتفكير طويلاً ثم نظرت إليه بجمود مصطنع قائلة بثقةٍ مهلكة
=تعرف انا اتمنيت ان جوزي يجي يقولي الكلام ده ورغم كل اللي عمله كنت هسامح! يمكن ربنا رحيم بيا شويه ومش عاوز قلبي يتقطع عليها لما تطلق جنبي لنفس السبب!ماشي يا طارق لو فعلا طلقت البنت دي و بعدت عنها وعملت بنتي بما يرضي الله و ندمت فعلا اوعدك ان انا هقف في صفك ومش هوافق على الطلاق بس شوف الاول هتخلص منها إزاي !!.

❈-❈-❈
بقيت زينه أعينها الجامدة بوميضها الغامض مسلطة علي طارق الذي جاء الآن وتذكر أنه له زوجه أخري يسأل عنها، لم تكترث بملامح وجهه المرهقة فغيرتها و غضبها لم تستطيع السيطره عليهم، فنفخت قائلة بضيقٍ
= أخيراً افتكرت تسال عني وانك سايبني لوحدي هنا و المفروض اني مسؤوله منك
رد الآخر موضحًا بزفير مسموع مرهق للغايه
= طب ما انتٍ اتصلتي بيا يوم ما وديت حنين المستشفى وعرفتك اللي فيها وانها حامل.. و حالتها صعبه أوي حتى من ساعه ما فاقت لحد دلوقتي اصلا بسبب انها نزفت كثير الوقعى ما كانتش سهله عليها.
انزوى ما بين حاجبيها ولن تستطيع اخفاء حقدها وغيرتها من زوجته الأولى والتي تكون صديقتها بنفس الوقت، ثم ردت عليه بعبوس
=ربنا يشفيها يا سيدي ما قلناش حاجه و والله زعلت عليها، بس على الاقل هي حواليها ناس كتير من اهلها لكن انا هنا لوحدي مش هيجرى حاجه يعني لو رفعت حتى التليفون وسالت عني، لكن تنساني كده خالص من حياتك ولا كانك اتجوزتني وانا مراتك ذيها وليا حق عليك
تقوس فمه بابتسامة باهتة وهو يرد بجفاء
= اهدي يا زينه الفتره اللي فاتت ما كانش سهله عليا وكنت مشغول في كذا حاجه و بعدين حنين من ساعه ما فاقت وهي حالتها النفسيه وحشه اوي برده اللي حصل صعب عليها وصدمه كبيره انها تتصدم في جوزها وصاحبتها.. عشان كده حتى لو هي اللي قالت لي بنفسها امشي ومش طايقاني ما كانش لازم اسيبها في وقت زي ده
توترت زينه قليلاً من ذلك الشعور بالذنب المفاجئ فبالاخير كانت صديقتها من قبل لترد بصوت متوجس
= انا ما قلتش حاجه و بدعيلها ونفسي كمان اروح اشوفها بس عارفه انها اكيد مش هتستقبلني كويس ولا حتى اهلها لكن هشوف اقرب فرصه واحاول افهمها مبرراتي وظروفي اللي خلتني اعمل فيها كده.
لوي شفته بسخرية مريرة وهو يقول بنبرة
نادمه

= تفتكري في مبررات للي إحنا عملنا فيها؟ تفتكري حتى ممكن تسامحني عادي عشان انتٍ مثلا صاحبتها الوحيده وانا جوزها فهتقولنا عادي ولا يهمكم.. بلاش نضحك على نفسنا يا زينه احنا عملنا حاجه صعبه فيها و هي مش هتسامحنا ونستاهل احنا اتسرعنا أوي… يا ريت صارحتني انها عندها عقد من أمور الجواز والعلاقه و انها بتحبني وقالت كده من ورا قلبها لما اتهمتها أنها بارده ومش بتحس
نظرت له نظرة حادة وهي تسأله بضيق
= طارق ما تشيلناش الذنب كله وبعدين يمكن قالت كده بس عشان منظرك قدامي لكن هي مش بتحبك بجد وانت بنفسك قلت ما عملتش اي حاجه تدل على كده، يعني مش هتصدقها بمجرد كلمه اتقالت كده على طول.. وبعدين كان هيفرق يعني معاك الكلام ده في ايه
أرجع طارق ظهره للخلف قائلاً بضيق محبط
= اكيد لو كانت قالتلي كل ده كنت هعرف ان في سبب وهقف جنبها ونشوف حل بدل المشاكل اللي كنا فيها طول الوقت وكل واحد بيتخيل حاجات مش صح عن التاني و مش لاقي مبررات، صحيح انا لحد دلوقتي مش عارف برده ايه اسبابها كلها لكن في حاجات كتير وضحت من كلامها معاكي قبل ما يحصل اللي حصل… عشان كده يا ريتني كنت اعرف حاجات كتير قبل ما اعمل الغلطه دي!
قطبت جبينها بغصه مؤلمه متسائلة باستغراب بينما تجمدت أعينها عليه بلا تصدق
= الغلطه دي؟؟ اللي هي أنك اتجوزتني مش كده؟ هو انت مالك من ساعه ما جيت عمال ترمي كلام صعب واكبر دماغي واقول معلش اكيد خدله كلمتين من اهلها لكن من ساعه ما قعدت كانك عمال ترمي ان جوازنا وقربك مني كان اكبر غلطه عملتها في حياتك
أخرج زفيرًا محبطًا من صدره مرددًا باستسلام بائس
= زينه انا مش عمال ارمي كلام مقصودوش انا فعلا اقصد كده، وانا اسف ان انا صريح معاكي بالطريقه الصعبة دي بس خليني افكر بواقعيه شويه او حطي نفسك مكانها! هي قالتلي كلمه واقعيه أوي وخليتنا افوق.. ان حقك تتجوز عشان تقصيري معاك لكن مش من حقك تسيب كل الناس وتختار صاحبتي بالذات وانت عارف ان انا ما ليش غيرها وكانك قاصد توجعني..
عشان تخليني أخسر مرتين! في اللحظه دي حسيت فعلا انا عملت فيها ايه بالظبط و فقت لكن متأخر
تحرك مبتعدًا لكنها نهضت الأخري و قبضت على ذراعه هاتفة بانفعال

= بس انا ما غصبتكش على حاجه انت اللي عرضت عليا نتجوز اصلا وقلتلي تعالي نجرب
حتى لو مش بنحب بعض بس اكيد في حاجات محتاجينها لقيناها في بعض.
بهتت ملامحه بذنب أكبر تجاهها وهو يرد بضيق قليل
= هو احنا نعرف بعض قد ايه عشان فجاه نكرر كده نتجوز وأن إحنا هنلاقي حاجات محتاجينها في بعض؟ عارفه احنا اتجوزنا و اختارنا بعض ليه و وافقنا بالسرعه دي عشان فكرنا فعلاً أننا لما نعمل كده هنكون سعده وكل واحد هيكمل التاني.. رغم أن في حاجات كتير أوي لسه ما نعرفهاش على بعض.. انا عارف ان انا اللي عرضت عليكي الجوز وانتٍ ما غصبتنيش زي ما انا ما غصبتكيش برده وانتٍ وافقتي بارادتك!
أصبح وجهه خاليًا من التعبيرات وهو يتابع بترقب وصراحة مؤلمه للاثنين
= كنت عاوز ارد كرامتي باي شكل وعلى حساب اي حد وانا بعترف ان انا ظلمتك برده.. لكن اصلا من أول ما لمستك وانا حسيت و فكرت فيها اول حاجه وده كان اكبر دليل ان انا ما انتقمتش إلا من نفسي.. انا اللي خلاني مش عاوز اوجهك بالأول لاني مش عارف اقول لك ايه؟ بس انا حقيقي مش عاوز اظلمك اكثر من كده..
عبست ملامحها بألم حاد قائلة بجدية عجيبة
= والعمل دلوقتي؟ يا تري ايه الحل اللي وصلتله ومتردد تقوله وعمال تقول كل المقدمات دي عشان تصارحني بيه.
لم يستطع طارق إخفاء الندم والاحساس بالذنب الذي خرج من جوفه وهو يرد بتلميح صريح
= زين احنا لازم نطلق جوازنا كمان من البدايه غلط ولو كملنا هظلمك اكتر صدقيني.. انتٍ اتجوزتيني عشان هدف واحد انك تلاقي الحب والاهتمام وانا مش هعرف اهتم بيكي وانا ظالم واحده تانيه و لا احبك وانا في قلبي واحده غيرك.. فكري كده فيها مع نفسك هتعرفي ان معايا حق! احنا ما ينفعش نكمل مع بعض لاننا ما كناش لبعض من البدايه، و شوفي ايه اللي يرضيكي وانا مستعد اديك كل حقوق ويا ريت تسامحيني انا اسف .
أبعدت قبضتها مصدومة، و ارتفع حاجباها للأعلى باستنكار جلي لقد تنازلت عن اشياء كثيره لتستحوذ على اهتمامه وتكون ملكته، لكنه بكل بساطة يخبرها اليوم بأنه سينفصل عنها وكأنها نكرة ولا شيء مهم في حياته مجرد ليله عابره اثبتت له بانه لا يستطيع البعد عن زوجته وسيظل يحبها مهما فعلت، انزعجت كثيرًا من تصرفه الفظ خاصة بعد أن
علم بأمر حمل زوجته! لذلك سيتنازل عنها بمنتهى السهوله .

اضطرب لتنظر له بنفور مستنكرة إهانته معها، رمقته بنظراتٍ عدائية وهي ترد منفعلة
=هو ايه اللي اسف؟ وشوفي انتٍ عاوزه ايه وانا اديلك حقوقك؟ هو انا وافقت اتجوزك سكيتي وجبرت نفسي أكون زوجه تانيه عشان مستنيه منك فلوس مثلاً، مش كفايه عاوز تطلقني وارجع لاهلي مطلقه لثاني مره؟ عشان سيادتك طلعت عيل ومش قد كلمتك وما عرفتش تحسبها صح !!.
تفاجأ بما قالته فحاول منعها من الرفض و العناد الذي لم يفيدها مطلقاً فلقد أخذ القرار في ذلك الموضوع بدلاً من ان يخسر اكثر أو يظلمها معه، فهمس بقلق ظهر في نبرته
= زينه انتٍ كنتي راضيه بكل ده وقت ما اتجوزنا وانا ما غصبتكيش على حاجه واكيد كنتي عارفه و متاكده انك هتكوني زوجه تانيه وانا مش هتنازل عن حنين مهماً حصل… وان ممكن يحصل ده في اي وقت وأننا ننفصل
ركزت نظراتها عليه وهي تسأله بجدية
=و هو دلوقتي المفروض الواحده لما تيجي تتجوز تفكر كمان في الانفصال مين قال لك ان انا حسبتها كده! وبالنسبه ان اكون زوجه تانيه فحسب كلامك انك ما كنتش طايقها وباين أوي انك مش هتخليه على ذمتك بعد ما اهنتك على الآخر وقالت لك في وشك انها مش بتحبك واتجوزتك غصب.. فكان إللي متوقع رجولتك هتحن عليك وتطلقها
تفرس في تعبيرات وجهها بوجه المتصلب ورد بتحذير صارم
= هو انتٍ مالك بتتكلمي بالطريقه دي كده ليه حسبي على كلامك واحترمي نفسك.. انتٍ اللي خمنتي من دماغك ان انا هطلقها لكن انا ما جبتش سيره طلاق أصلا..
تصنعت الجمود وهي تعمد إلى إخفاء توترها، ثم كزت على أسنانها وقد ارتجف صوتها بالحزن الشديد
=لكن من شويه جبت سيره الطلاق عشاني انا ما لازم صحيح الكفه اللي تطب اللي ملهاش قيمه عنك اللي هي انا، من وانا عيله صغيره مفيش قرار بعرف اخده لوحدي دايما بيتفرد عليا الا انت وطلاقي!! انا جوزي اتجوز عليا فجاه كده بدون مقدمات وبمنتهى الهدوء انسحبت من حياته واتنازلت عن كل حاجه في المقابل والكل قال عليا ضعيفه عشان محربتش وسبته ليها على الجاهز، لكن حلفت ان انا مش هعملها تاني واخلي حد يجي عليا عشان مصلحته.. ومصلحتي هي لازم تكون اهم حتى لو على حساب مين !!.
شعر ببرود عجيب يحتاجه بتلك اللحظة فكان متوقع رده فعل غير كذلك بالمره لانها بالاخير صديقتها، لكن اذا كانت صديقتها بحق فكيف تفعل شيء كذلك وهي تعلم جيد بأنه سيؤلمها وهو نفس الأمر أيضاً أحبها بصدق وتزوج عليها صديقتها، فغر شفتيه مرددًا باندهاش

= يعني ايه؟
رسمت الجمود والقوى الوهمية عليها ثم كتفت ساعديها مرددة باعتراض واضح
=يعني سيادتك عمال تحسبها عشان تدور على مصلحتك ومصلحه الهانم ازاي ترجعلها بعد ما تطلقتني عشان ترضى عنك مش كده؟ و مش بعيد تكون هي كمان اللي قالتلك ده شرطها عشان توافق ترجعلك، وانا اللي اداس في الرجلين؟.. لكن انا بقى مش عاوزه اطلق ومش هتنزل عن حقي فيك زيها واكتر .
** ** **
 
  • يتبع الفصل التالي اضغط على (نصف عذراء) اسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent