رواية الغرفة المغلقة الفصل الخامس 5 - بقلم نور الشامي
وقف إلياس مصدومًا وعيناه معلقتان على السيدة الجالسة بجانب أفنان، تتحدث بابتسامة وهدوء وكأن الأمر طبيعي تمامًا مردده:
لأ يا جلبي، إنتي بس حوصلك حادثة بسيطة اكده وإلياس جابك المستشفى. وإنتي وهو متجوزين بجالكم خمس سنين، بس يمكن إنتي ناسية بسبب الحادثة ال حوصلتلك
نظرت افنان إليها بتوتر و عدم التصديق يكسو ملامحها وهتفت:
طيب… وإنتي مين؟ إحنا عندنا ولاد ولا لسه؟
تنهد إلياس بضيق وهمّ ليتحدث و لكن قاطعته السيده بسرعة ولهفة:
طبعًا يا حبيبتي، عندكم بنت زي الجمر ما شاء الله عليها ربنا يحفظها ليكم يارب وأنا ابجي أمك
اتسعت عينا إلياس من الصدمة، وكأنه تلقى صفعة مفاجئة. لم يستطع أن يتحمل أكثر من ذلك، فأشار للسيدة بالخروج فورًا. وبعد دقائق، كان يقف أمامها، ملامحه مشتعلة بالغضب وصوته يرتفع شيئًا فشيئًا مرددا:
إزاي يعني؟! إي الكلام ال بتجوليه ده؟! إحنا اكده بنكدب عليها… يا حجة بالله عليكي كفاية. أنا أصلًا مش فاهم إنتي بتخططي لإي عاد، بس ال بتعمليه ده غلط
نظرت السيدة إليه بضيق، ولكن كلماتها خرجت بحزم:
“ال بعمله ده هو الصوح! حفيدتي لازم يكون ليها أم، وأفنان هي ال هتكون أمها. وإن شاء الله مش هترجعلها الذاكرة، وهنجولها إنكم انفصلتوا بسبب اي حاجة غلط مثلا هي عملتها. وبعدين ترجعوا تتجوزوا من أول وجديد، عادي جدًا. وإنت وعدتني، يوم ما بنتي نسمة ماتت، إنك مش هترفضلي طلب. كفاية إني خسرت بنتي… مش عايزة أخسر حفيدتي كمان يا الياس و
قبل أن تنهي السيدة حديثها، قاطعها إلياس بصوت يملؤه الغضب واردف:
إزاي يعني؟! إنتي عايزاني أخليها تعيش في وهم وحياه مش بتاعتها اصلا…. وكمان أتجوزها بالكدب؟! وبعدين دي أكتر واحدة بتكرهني.. وأنا كمان بكرهها! دي صاحبة رقية المقرّبة، يا حجه سميرة فكري في ال انتي بتجوليه بالله عليكي
تنهدت سميره وردت بحدة، دون أن تهتز لكلماته:
أفنان غير رقية، وأنا عارفة إنها بنت كويسة. دي الوحيدة ال هأمنها عليك وعلى حفيدتي. وإنت وعدتني، ومش هقبل أي اعتراض. من النهارده، أفنان هي ال هتكون معاك وانتهينا بجا علي اكده
ألقت سميره كلماتها وغادرت بخطوات حاسمة، تاركة إلياس يصرخ بغضب لا يستطيع احتواءه، صرخات تملأ المكان لكنها لا تجد من يسمعها وفي المساء، وفي إحدى المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية، وقفت رقية في غرفة فارغة لا تحتوي إلا على فراش وحيد، وهي تصرخ بجنون:
“يا ناس… حد يخرجني من اهنيه… حرام عليكم! بتعملوا فيا اكده ليه؟! إلياس، بالله عليك، خرجني… خرجني من اهنيه ابوس يدك
لم تكمل رقية كلماتها حتى دخلت سيدة غريبة الغرفة فـ تراجعت رقية للخلف وهي تهتف بتوتر:
انتوا عايزين مني إي؟ ابعدي عني! أوعي تلمسيني! والله العظيم هصرخ وألمّ عليكي الناس كلها! سيبوني في حالي بجا، حرام عليكم و
لم تتمكن رقيه من إنهاء حديثها إذ قاطعها دخول وائل، الذي ركض نحوها ليحتضنها بحماس مرددًا:
رقية… واحشتيني جووي متخافيش، أنا معاكي اهه
نظرت رقية إليه بدموع… قبل أن تهتف بلهفة:
إنت لسه عايش؟! الحمد لله… الحمد لله! أنا كنت خايفة عليك جوي. بالله عليك يا وائل خرجني من اهنيه.. بالله عليك
ألقى وائل نظرة حذرة حوله، ثم اقترب منها أكثر وهمس بصوت منخفض:
صدّجيني كل ال بعمله ده علشان مصلحتنا إحنا الاتنين. سامحيني بالله عليكي.. انا اسف
نظرت رقيه إليه بدهشة وقبل أن تستوعب كلماته، شهقت فجأة حين غرس وائل سكينًا في أسفل بطنها. ووقعت على الأرض وهي تحدق فيه بصدمة، لم تصدق ما حدث حتى فقدت وعيها وفي صباح اليوم التالي…
كان إلياس يجلس على طاولة الطعام مع عائلته، شارداً بنظراته التي تجوب الوجوه حتي قاطعت شروده زينة التي تحدثت بضيق:
أنا مش موافجة على ال بيوحصل ده و شايفة إنه حرام عليكم. ليه الظلم ده كله
نظر الجميع إلى زينة باستغراب وخصوصًا وليد، الذي رد بحدة:
“وانتي مالك؟ تعرفي هما عملوا إي أصلاً علشان تتكلمي اكده.. ولا هو اي كلام وخلاص
ردّت زينة بغضب:
“لا معرفش، بس مهما عملوا، ميستاهلوش ال بيوحصل فيهم… اي الافترا دا كله هو اي احنا مجرمين يعني و
قبل أن تكمل زينه كلامها، قاطعتها نادية بغضب مردده:
“زينة! مدام متعرفيش، يبجى متتكلميش. بنتي ماتت بسببهم غير ال عملوه وانتي متعرفيش عنه حاجه ، وانتي جاية دلوجتي تدافعي عنهم بكل سهوله
نظرت زينة إليها بضيق، وقبل أن ترد، دخل الحارس فجأة، متوجهًا نحو إلياس وهو يلهث مردفا:
الياس بيه… بنت حضرتك مش موجودة في البيت. اختفت! وكمان أفنان هانم اختفت من المستشفى!”
نهض إلياس من مكانه، وقد ارتسمت الصدمة على وجهه.
اردف الياس بصدمه :
“بتجول ايه ياولد المركوب انت !!”
ابتلع الحارس لعابه برعب مرددا :
“يالياس بيه اني معارفش ده حوصل ازاي اا..”
قاطعه الياس منقضا عليه ممسكا اياه من تلابيب قميصه واخذ يهزه بعصبيه وهو علي وشك فقدان عقله :
“يعني ايه اختفو ! وانتوا كنتو بتعملو ايه ! نايمين علي ودانكم ”
صرخ بكلمته الاخيرة جاعلا الحارس يشعر ان نهايته وشيكه علي يد ذلك الماثل امامه بهيئته الشيطانيه تلك …
الحارس برعب :
“يا الياس بيه احنا منعرفش ايه ال حوصل اختفو فجأه يابيه ”
التفت يدي الياس حول عنق الحارس بقوة ليصارع الحارس للتنفس محاولا الفكاك ، تدخل الجميع محاولين جذب الياس بعيدا عن ذلك الحارس ..
قام وليد بسحب الياس بعيدا عن الحارس بقوة مقيضا حركته صارخا بقوة :
“اهدي ياالياس ، اهدي عشان نعرف نفكر ”
الياس بغضب محاولا الفكاك :
“هملني ياوووليد هملني ”
وليد بعصبيه :
“مش ههملك غير لما تهدي وعشان نعرف نفكر ونتصرف ”
نفض الياس جسده من قبضة وليد يمرر انامله في خصلات شعره يجذبها للخلف بقوة بجسد ينتفض من شدة الغضب
التفت للحارس الذي كان يلتقط انفاسه بصعوبه ناظرا اليه بعينان مشتعله بالغضب مرددا :
“فرغلي كاميرات المستشفي وكاميرات البيت ساعة واحدة بس واعرف مكانهم سااامع ”
اؤمي الحارس برعب مرددا :
“امرك ياالياس بيه ”
انهي الحارس كلماته ليفر هاربا من امام ذلك الوحش الواقف امامه …
وقف الياس يجوب بعينيه في المكان قبل ان ينتفض راكضاً نحو الخارج وخلفه وليد يحاول اللحاق به ..
في مكان اخر …
كانت افنان فاقدة للوعي علي تلك الارض القاسية الباردة وبجوارها تلك الصغيره النائمه لا تشعر بشئ
فتحت عينها ببطئ تزامنا مع انفتاح باب الغرفة لترمش في محاوله منها لوضوح الرؤية ، ظلت علي تلك الحالة بضعت ثواني حتي اتضحت الرؤية امامها لتقع عيناها علي ذلك الرجل الذي كان يتقدم نحوها بخطوات متمهله ..
جلس القرفصاء امامها لتقطب حاجبيها ناظره اليه بتفحص لتزداد عقدة حاجبيها بعد ان شعرت بذلك الآلم الشديد في رأسها …
اردفت افنان بآلم :
“انت مين ؟”
اتسعت ابتسامة الجالس امامها بخبث مرددا :
“جوزك ”
نظرت اليه بعينان متسعه بعدم تصديق :
“انت كداب اني معرفكش جوزي هو ..”
صمتت تتذكر اسمه يحاول عقلها تذكر اسمه ولكن لا تستطيع ، دقائق حتي تذكرت حديث تلك المرأه لتردد ناظره اليه بحده :
“الياس هو جوزي ”
انتفض الماثل امامها بتوتر و
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الغرفة المغلقة) اسم الرواية