رواية رجوع الى الهويه الفصل السادس 6 - بقلم شيراز القاضي
رجوع_الي_الهويه
الحلقه السادسه ❤
في اليوم التالي استيقظ ككل يوم علي صوت صراخها ليفتح عينيه بألم وهو ينظر من شباك غرفته الي منزل عم مليكه..تري لما يعاقبها ذاك الرجل مجددا!.
خرج راكضا من المنزل فهو يعرف انها ستهرب الان وقد صح توقعه. حين صعد سطح المبني ووجدها تجلس ارضا وهي تضم ركبتيها الي صدرها باكيه.. هرع اليها ليجلس امامها وهو يحاول رفع وجهها ليري ان كان اصابها مكروها ما لكنها دفعت يده بعنف لتقول بغضب
:ماذا الان ماالذي تريده!
تنهد هو لينظر لها بحزن قليلا قبل ان يستعيد ابتسامته ليقول لها انتظري لحظه..وركض من امامها علي عجل وهي تحدق بأثره بتعجب وغضب في الان ذاته لتضم نفسها من جديد وهي تحدق بالفراغ بنظرات متألمه...ليقطع نظراتها عودة فادي الذي كان يحمل معه كيسا بلاستيكي وجلس امامها مباشرة ليقول
:انظري ماذا اشتريت بما ادخرته لمدة اسبوع!!
لتنظر له بتعجب وقد بدأت بتناسي ما حدث معها
ليقول بحماس وهو يفتح الكيس لتظهر بعض السكاكر والبسكويت وبعض الحلوي الاخري!
لمعت عينا مليكه دون ارادتها ما ان رأت هذا الكم من الحلوي لكنها لم تتكلم ..كان فادي رغم صغر عمره الا انه فهم ما يدور في رأسها ليقوم بسكب الحلوي علي الارض امامهما وكان معهم شطيرة جبن اعطتها له امه لكي يأكلها لعدم تناوله الافطار معهم..قام بتقسيم الشطيره الي قطعتين ومد احداها الي مليكه وهو يقضم الاخري بنهم حتي يحثها علي اخذها ...ظلت مليكه تنظر له بحدتها المعتاده ليقول بنبرة طفولية جميله
:مالي اسرعي بتناولها ساخنه..يكون
طعمها الذ هكذا هيا ...هيااااا
قالها بتذمر طفوليه وهو يسحب يدها بقوه ليضع لها الشطيره ويغلق كفها عليها ليزيح نفسه الي جانبها ويستند علي الجدار مثلها وهو يأكل شطيرته بهدوء وهو يعرف ان مليكه لن تقاوم جوعها كثيرا وستأكل ايضا!
ابتسم بإتساع ما ان وجدها تأكل الشطيره بهدوء وما ان انهت اخر لقمه حتي تكلم بسرعه حتي لا تنهض وتذهب الي البيت
:مالي؟ الن تشاركيني في تناول هذه الحلوي اللذيذه؟..انظري لدي هنا علكه وهذه مصاصات بأطعم مختلفه..وهذا سناكس لذيذ اكله دائما وانا في المدرسه عليك تجربة طعمه.
واكمل علي هذا المنوال يشرح لها انواع الحلوي لكي يحمسها لتجلس معه وتأكل منها لانه يعلم انها لا تحظى بمصروف يومي مثله
نظرت له بغل بسبب اصراره علي تسميتها *مالي*
لتقول بحنق
: اسمع ياهذا اسمي ليس مالي بل مليكه لذا كف عن قول هذا الاسم السخيف .
مط شفتيه بطفوليه ليقول متذمرا
: اسمك طوييييل للغايه ...ثم نطق اسمها كاملا ببطء كأن انسانا الي ينطقه
ماااليييكاااا ..الهي !ياله من اسم طووويل ومرهق ...ثم اكمل مبتسما
: احب مالي اكثر ...علي كلٍ اجلسي لنتاول هذه الحلوي بسرعه قبل ان يأتي شخص يشاركنا بها هيااا .
كادت ان ترحل لكنه وقف بسرعة امامها قائلا
:حسنا حسنااا سأناديك باسمك والآن اجلسي ارجوووووكي .
لاحظ بعض التردد في حدقتيها ليسرع برفع يديه التي كان بها بعض الحلوي امام عينيها مبتسما بحماس لتخطتف قطعه منه بضيق ظاهري وهي تفتحها لتأكلها دون النظر اليه .
كان هذا هو الحال بينهما دائما حين كانا صغار..كان فادي يدخر مصروفه ليشتري بعض الحلوي التي يتشاركها مع مليكه كل يوم جمعه دون علم احد .
اما باقي الايام كان يتشارك معها علبة البسكويت التي يأخذها في المدرسه ..بعد عنااء بالطبع وبدون ان تشكره!.. مرت الايام واتي العام الجديد واخييرا قرر عم مليكه ادخالها المدرسه حفاظا علي صورته امام الناس فالكل بدأ يتحدث عن اهماله لإبنة اخيه اليتيمه!...اثار الامر بهجة فادي وحنقه في الان ذاته فهو انهي مدرسته الابتدائية والان هو في عامه الاول الاعدادي لذا لن يكون معها في مدرسة واحده لكن لا بأس. .المهم انها ستخرج قليلا من هذا البيت الكئيب!
كان يفكر وهو يرتدي ثياب المدرسه امام المرآه لتتجه عيناه صوب الندبه العميقه في جانب جبهته..تحسسها مبتسما بألم فلقد تسببت بها مليكه له حين كانت في السادسه فقط! معامله عمها السيئة لها جعلتها شرسه حاقده.
فقد رأته وهو يركض نحو ابيه يحتضنه في الشارع ليحمله ابيه وهو يقبله ضاحكا قبل ان يتركه ويذهب الي المسجد..وما ان عاد بإتجاه مليكه حتي فاجأته بإلقائها حجرا بعنف عليه..
استيقظ من ذكرياته ليتنهد بألم قبل ان يبتسم بإشراق ظنا منه ان ايام مليكه العصيبه قد مرت!وكم كان مخطيء!.
كاد ان يفتح باب شقته لكنه توقف حين وجد مليكه تخرج من باب الشقه المقابله لهم وزوجة عمها معها.
نظرت المرأه الي الباب المغلق خلفها بتوجس قبل ان تجلس ارضا مقابل مليكه لتمسح علي وجهها برفق لتقول بخفوت حتي لا يسمعها زوجها
: انتبهي علي نفسك يامليكه..لا تسببي اي مشاكل حتي لا يحبسك عمك من جديد..وكلي الشطائر كلها وركزي في دروسك حسنا؟
اومأت لها مليكه لتبتسم حسناء زوجة عمها وتنهض وتدخل الشقه ببطء حتي لا يشعر زوجها أنها خرجت وبقيت مليكه مكانها قليلا قبل ان تستدير علي صوت انفتاح الباب المقابل لها ليطل وجهه المبتسم المزعج بالنسبة لها ليقول
صباح الخيير مالي
ادارت عينيها بغضب وملل لتنزل السلم دون رد .
مط هو شفتيه ليرفع كتفيه مبتسما فهو معتاد علي تجاهلها هذا
وانتهي اول اسبوع دراسي لم يخلو من صرخات مليكه وعقابها المستمر ولكن الوضع اصبح مختلفا قليلا حيث ان فادي اصبح يتدخل ويدافع عنها ليمنع عمها من اكمال ضربه لها.
عم مليكه كان يحترم السيد حسن والد فادي ككل من في الحي ولذلك لم يستطع ان يوقف ذاك الطفل عند حده وكان يبتعد عن مليكه ما ان يأتي فادي راجيا اياه بالابتعاد عنها.
وهكذا انقضت طفولتهم ليبدأ عصر المراهقه واصبحت مليكه متمرده لا تأبه لشيء
كان فادي يموت غيظا من ثيابها وذلك الكحل الكثيف الذي يحتضن عينيها واحمر الشفاه ذا اللون الاحمر القاني الذي لا يفارق شفتيها.
اصبحت تتأخر في العوده الي المنزل مما ادي الي زيادة عقابها من عمها لكنها لم تعد تهاب شيئا فلم تغير وقت عودتها ..كان فادي بالطبع يري كل ما يحدث ويحاول حمايتها..وفي يوم لم يكن لديه محاضرات في الجامعه فقام بتتبع مليكه من بداية اليوم ليس لانه يشك بها وانما لحمايتها.
بدأ اليوم بذهابها الي المدرسه وخروجها وحيده بلا اصدقاء كالعاده مما آلمه!..ذهبت في اتجاه اخر غير اتجاه المنزل بالطبع فهي لا تعود يوميا الا في منتصف الليل او قبله بقليل! ظلت تسير طويلا حتي وصلت الي مطعم ما ودخلت..قطب حاجبيه حين وجدها اختفت في الداخل ثم ظهرت وقد غيرت ثيابها الي ثياب العمل فقد رأي معظم العاملين يرتدون مثل ثيابها تلك! .
.ظل ينتظرها طوويلا حتي اذان العصر..ذهب للصلاة ثم عاد من جديد لكنه وجدها ماتزال تعمل ليتنهد بملل ويجلس علي الكرسي الحديدي المثبت للماره بالشارع حتي اذن المغرب والعشاء وايضا لم تنهي عملها! ظل جالسا ايضا وهو عابس الوجه يحدق بها حتي اصبحت الساعه العاشره والنصف .
وجدها تخرج وهي تمد يديها فوق رأسها بتعب وهي شبه مغلقة الاعين نظر لها بشفقه ولكن تبدلت ملامحه للغضب حين وجد رجلين يعترضان طريقها فنهض مسرعا بإتجاهها
اما عند مليكه كانت تشعر بالارهاق اغمضت عينيها لثوان قبل ان تفتحهما لتنظر للرجلين امامها بضجر فهم يوميا يحضرون لها بعد نهاية الدوام فأحدهم معجب بها ليقول الرجل الاول
:مسائك حلو ياحلوه هل فكرتي جيدا في عرضي؟
نظرت له بسخريه لتقول
:لم تمل انت من الرفض يوميا!
تنهد الاخر بملل ليقول
:هيا ياصغيره لما كل هذه الممانعه
كادت ان تجيب لكن وقوف ذاك الحائط امامها منعها من الكلام.
ليقول فادي بصوت بارد جهوري
:اهناك مشكله ياشباب؟
رفع احدهم حاجبه ليقول بنزق
:وما شأنك انت؟
اجابهم بملل وهو يعقد ساعديه امام صدره قائلا
:تكون خطيبتي ..هذا كل ما في الامر .
نظر الرجلان الي بعضهما بتوتر لينصرفا وهما يغمغمان بكلمات غير مفهومه .
حدقت مليكه في اثرهم بصدمه ثم التفتت لترحل وهي تقوم برفع شعرها للاعلي دون ان تتكلم الي فادي الذي وجدته امامها في لمح البصر وهو يغطي رأسه بقلنسوه سترته لتتخطاه لامبالاة اثارت حنقه ليعود امامها من جديد ليقول بتأنيب
:لما تفعلين بنفسك كل هذا! الجميع يظن بك السوء بسبب ملابسك هذه وعودتك المتأخره..حسنا اعلم انك بحاجه الي المال وتريدين العمل ..بإمكانك العمل بعد المدرسه الي ما قبل المغرب مثلا وليس الي منتصف الليل! ماذا لو تهجم عليك شخصا ما كهذين مثلا!..
ردت عليه بملل
:انهم يأتون دائما منذ ان بدأت بالعمل هنا ولم يحدث شيء. .هااي مالذي تفعله !
قالتها بحنق حين احضر رداء ما كبيير وقام بوضعه عليها دون لمسها فكان طوله من رأسها حتي كاحلها ليقول بجمود
:ارتديه واغلقي الازرار فهذه الثياب لا تليق بك .
رفعت حاجبها الايسر بغضب لتقول وهي ترتدي الرداء!
:انا اري نفسي في المرآة جميله لكني سأرتديه فأنا اشعر بالبرد.
وتنهدت بإستسلام وهي تسير الي جانبه حتي وصلا الي الحي لتسبقه هي دون سلام حتي وهي تركض بإتجاه البيت وهو ينظر في اثرها بحزن ليخلع القلنسوه عن رأسه ويسير مبتعدا عن الحي .
اما عند مليكه..فتحت حقيبتها وما ان وضعت المفتاح في الباب حتي فُتح الباب بحده اجفلتها لتجد زياد ابن عمها يطالعها بغضب قبل ان يجرها الي الداخل من شعرها صافعا اياها صارخا
:الم تكتفي بعودتك متأخره كل يوم والليله تعودين برفقة رجل يافاسقه ..لو كان ابي هنا الان لسلخ لحمك من عظامك .
دفعته عنها بغضب لتصرخ قائله
:
كنت في عملي لكي احصل علي المال ..كما ان من اوصلني كا....
قاطع كلامها هجوم فيصل ابن عمها الاخر الذي صفعها هو الاخر وكاد يضربها مجددا لكن صراخ والدته التي وقفت بينهم اوقفه لتقول
:كفي لم اعد احتمل! وانتي ادخلي الي غرفتك ..لا اريد رؤية وجهك حاليا .
قالتها وهي تدفعها بإتجاه غرفتها قبل ان تربت خفيه علي ظهرها كإعتذار خفي فهمته مليكه لتكظم غيظها. وتدخل غرفتها
اتجه فيصل الي غرفته عازما علي اخبار ابيه بما حدث مع اضافة تفاصيل شيقه ليجعل الامر اسوء..وبالفعل اتي والده في الصباح الباكر ليدخل كالثور الهائج مباشرة الي غرفة مليكه التي انتفضت ما ان شعرت بلسعات حزامه علي جلدها لتقفز بسرعه وهي تحاول الهرب منه وهو يحاول امساكها وهو يصرخ عليها بأفظع الشتائم والالفاظ النابيه
لم تهتم لكل شتائمه فهي معتادة عليها لكن ما جمدها في مكانها هي تلك الجمله حيث قال
:ليتك متِ معهما للأرتاح بالي منكم الي الابد ..الا يكفي انني جعلتك تعيشين معي لتأتي الان وتدنسي سمعتي بأفعالك!
واثناء قوله جملته كان قد وصل اليها ليدفعها بحده نحو الزاويه لينهال عليها بالضرب وبقيت هي مستسلمه رغم ذاك الالم المبرح الذي تشعر به علها حقا تموت وتذهب الي ابيها وامها !
اما في الخارج فقد هرولت السيد حسناء باكيه لتفتح باب الشقه لتذهب وتحضر فادي قبل ذهابه للجامعه ولكن ما ان فتحت الباب حتي وجدت فادي يدفع الباب بحده ليدخل الغرفه ويبعد عم مليكه عنها قائلا بغضب
: ارحمها قليلا بالله عليك ..راعي انها يتيمه علي الاقل وليست ابن اخيك يارجل ..كفي ابتعد!
تراجع عمها قليلا ليقول لفادي
:هذه المره ليست لديك اي فرصه بالدفاع عنها!
فتلك الفاسقه عادت بالامس في وقت متأخر من الليل كالعاده وايضا برفقة رجل!
اثناء انشغالهم بالحديث وقفت مليكه بتهالك لتخرج من الغرفه لتهرب الي مخبأها كالعاده فلم يلحظها احد سوي حسناء التي نظرت لها بعجز دون ان تمتلك الجرأة علي الاقتراب منها ومواساتها!
اما في الداخل نظر فادي الي العم احمد بخيبة وبعض الاحتقار ليقول
تعود في هذا الوقت لانها تعمل بعد المدرسه لتحصل علي مال تعيش منه
توتر فم العم احمد فلقد تفاجأ بمعرفة فادي لأمر عملها لانه لا يعطيها قرشا واحدا!
ليكمل فادي وهو في طريقه للخارج
اه وايضا..الذي اوصلها بالامس كان انا ..قابلتها وانا عائد ورأيت بعض الرجال يضايقونها لذلك كان حريّ بي ان اسير معها الي هنا لحمايتها
وخرج مسرعا ليلحق بمليكه فلابد انها الان بحالة مزريه وقد صدق حدثه!
•تابع الفصل التالي "رواية رجوع الى الهويه" اضغط على اسم الرواية