Ads by Google X

رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل السادس 6 - بقلم شمس حسين

الصفحة الرئيسية

  

 رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل السادس 6 - بقلم شمس حسين


آثار لا تمحى…وحياة جديدة
دخلت الكلية وانا في دماغي حاجة واحدة بس: دراستي، وإني أثبت نفسي واتخرج ب أعلي تقدير وأبني كارير لنفسي بعيد عن أي حد، مفيش حاجة تانية كنت مركزة فيها، لأن ببساطة الحاجة الوحيدة اللي كنت بعرف اعملها هي المذاكرة، الحاجة الوحيدة اللي كنت بهرب بيها من الواقع، لأن كنت فاكرة إن مليش مكان في العالم ده، حياتي كانت دايمًا منعزلة، مليانة خوف من الناس، ومفيش مكان فيها لا لصحاب ولا للحب.
لكن لما دخلت الكلية مكنتش متوقعه ابدا أنها هتكون باب لعالم جديد بالنسبة لي، عالم مليان ناس وأصحاب و أفكار جديدة، فرص و تحديات مكنتش متوقعة مواجهتها، وبعد أول كام يوم في الكلية، بقي يدور بيني و بين زمايلي حوارات و بدأت أتعرف علي بنات جديدة، بدأت أحس بالتغيير، كان في حاجة في جو الجامعة خلتني أبدا أفكر بطريقة مختلفة، وكمان كان في تحديات مكنتش عارفة إنها ممكن تغيرني، في البداية كنت مترددة، كنت خايفة من نظرات زمايلي وأسئلتهم عن حياتي، لكن اكتشفت إن في الكلية محدش مهتم بالماضي، مكنتش مضطرة أحكي عن تفاصيل عائلتي أو أبرر نفسي، لقيت نفسي وسط ناس بتحاول تفهمني و تساعدني و بتتقبلني بشخصيتي زي ما هي، و اكتشفت أن الحياة مش بس دراسة لكن كمان علاقات و صحبة حلوة، وقدرت أكون مع صحاب جداد.

صحابي مكانوش مجرد صحاب عاديين، كنا بنقرب من بعض بالرغم من أن كل واحدة فينا كانت شخصيتها مختلفة لكن كان في احترام بينا، في كل مرة كنا نقعد مع بعض بعد المحاضره ونتكلم، الكل كان بيلاحظ سكوتي و عدم فهمي لاي حديث بيتفتح، كنت واخدة علي تريقتهم عليا لاني مش بفهم نظراتهم و ضحكهم زي أي مجموعة صحاب في الكلية، مرة نور واحدة من صحابي، لاحظت سكوتي و عدم دخولي معاهم في الحديث، فهمت إني مختلفة و اني لسه بتعرف علي الحياة من جديد، قالتلي :” انتي مش لوحدك، احنا كلنا عندنا ماضي أليم، المهم اننا نتعلم منه ومنسمحش أنه يحدد مستقبلنا”، كنت حاسة اني محتاجة اسمع الكلام ده، حسيت كأني لقيت مفتاح لشئ كنت بدور عليه، نور خلتني أصدق اني مش مضطرة اعيش في ظل الماضي وأنه يمكن يكون في حياة تانية بإنتظاري، نور كانت شبهي في حاجات كتير، عندها صعوبات في حياتها، بس كان عندها أمل أنها تبدأ من جديد، كانت بتشجعني كتير، و بتعلمني ازاي اقدر اتعامل مع الناس كانت بتديني كتير من خبرتها هي و باقى البنات اللي اتعرفت عليهم، و بقوا مقربين بالنسبة لي، كنت الصديقة اللي الكل بيجري عليها و كنت الأقرب ليهم، كنت دائما مع كل واحدة منهم سواء كانت بمشكلة في حياتها أو حتي كانت عايزة حد يسمعها، كل ده ساعدني أرجع جزء من ثقتي بنفسي، كنت بحس إني محبوبة وإني ليا دور وسط صحابي.
الكلية بدأت تفتح لي ابواب جديدة، بدأت أول مشاريعي الهندسية مع زمايلي في الكلية، بدأت أثق في نفسي أكتر، بقيت افرح من نظرة دكاترة الجامعة و زمايلي ليا وإشادتهم بتفوقي، صدقت إني مش لازم اعيش في ظل الماضي، كل ده كان إنجاز بالنسبة لي و تغير كبير في حياتي، قدرت أتجاوز عواقب كتير في شخصيتي إلا حاجة واحدة…. الحب…. كنت بكره أي حديث عن العلاقات العاطفية، كل مرة صحباتي يتكلموا عن علاقاتهم كنت بسيب المكان، مش بس لأني شايفة إن الحب مضيعة وقت واستنزاف مشاعر، الحب كان بالنسبة لي حاجة مرفوضة تمامًا، كنت مؤمنة إن الحب بالطريقة اللي الناس بتتكلم عنها مخالف للي أنا مؤمنة بيه، كنت شايفة إن العلاقات دي مليانة تجاوزات، وإنها ممكن تخليني أبعد عن الطريق الصح، وده كان بالنسبة لي مرفوض تمامًا.
مرة كان في واحد زميلنا في الكلية اسمه أحمد، بدأ يحاول يقرّب مني، ونور صحبتي كانت أول واحدة تاخد بالها، و كانت عارفة وجهه نظري في الموضوع ورفضي التام للأمور دي، لكن كانت دايما تقولي أحمد مختلف وحاولي تديله فرصة، كان واضح إنه مش زي باقي الولاد في الجامعة، كان بيحترمني وبيتعامل معايا بطريقة مهذبة جدًا، كنت بحاول أحافظ على مسافة بيني وبينه، لكن هو كان دايمًا يحاول يتقرب بطريقة راقية…. مرة فاجئني قدام صحباتي لما قدم لي هدية بسيطة بعد ما شرحتله سكش مكانش فاهمه، وقال لي وقتها: “أنا معجب بيكي، وعايز أكون جزء من حياتك”، لكن رفضته بكل وضوح، وقلت له قدام الكل: “أنا مبحبش العلاقات دي، ومش شايفة إنها حاجة مناسبة ليا”، حاول يفهم موقفي، لكنه انسحب بهدوء، كنت فاكرة إن القصة خلصت عند كده، لكن بعدها بفترة لاحظت إنه بدأ يقرب من نور، في الأول، ما حسيتش إن الموضوع مزعج، مكنتش بفكر إن ده ممكن يسبب مشكلة، بالعكس كنت شايفة إنه طبيعي، لكن مع الوقت، نور بدأت تتعلق بيه، وكان واضح إنها بتحبه.

المشكلة أن أحمد قرر يواجهها بالحقيقة وقال لها إنه مكنش بيحبها، وإنه كان بيحاول يقرب منها علشان يفضل قريب مني، الكلام ده كسر نور، ودخلت في حالة نفسية سيئة جدًا، وكانت بتلوم نفسها إنها صدقته، وأنا؟ كنت حاسة بالذنب والخذلان في نفس الوقت، أحمد خذل نور، وخلاني أشوف كل الرجالة بنفس الطريقة: “قلوبهم مفيهاش إلا الأنانية”، اللي حصل مع نور خلاني أكره فكرة الحب أكتر، مش بس علشان شفت أثره السلبي على صحبتي المقربة، لكن كمان علشان تأكدت إنه حاجة ممكن تخرب حياتي وتبعدني عن أهدافي، بقيت متشددة أكتر في تعاملي مع أي ولد يحاول يقرب مني، وبقيت شايفة إن الرجالة مجرد مصدر للألم، حتى لو كانوا بيظهروا عكس كده.
برغم البداية الجديدة ليا في الكلية اللي خلتني أصدق أن الدنيا مش كلها ظلام، كان في حاجات بتطاردني دايمًا… حاجات مصدرها الماضي، كل مرة كنت أقف قدام نفسي وأسأل: ليه أنا كده؟ ليه بخاف من الناس؟ ليه مش بثق في حد بسهولة؟ الإجابة كانت واضحة: أبويا… كل حاجة هو عملها زمان، كل كلمة جارحة قالها، كل مرة أهانني أو تجاهل وجودي، كانت بتسيب علامة جوايا، كنت دايمًا أحس إني مش كفاية، إني مهما عملت، محدش هيشوفني أو يقدرني، حياتي في بيت جدي مع أمي كانت دايمًا أمان بالنسبة لي، لكن عدم وجود أبويا في حياتي بشكل طبيعي كان زي فراغ كبير، فراغ حاولت أملأه ب المذاكرة، الصحاب، التفوق.
بس الحقيقة؟ الفراغ ده عمره ما اختفى، حتى لما كنت بضحك مع صحباتي أو بنجح في مشروع كبير، كان جزء مني دايمًا بيحس إنه مش مكتمل، أبويا مش بس سابني وأنا طفلة، هو ساب علامة ما بتتمحيش، علامة خلتني أشوف الدنيا كلها سواد، أبويا كان هو البداية لكل حاجة… لكل وجع، ولكل حاجة حلوة حاولت أخلقها بنفسي علشان أتغلب على الوجع ده، يمكن لو مكنش في أبويا بالشكل ده، مكنتش بقيت أنا بالشكل ده، بس لسه في سؤال واحد مش عارفة أجاوبه: هل هقدر في يوم أتخلص من الأثر اللي سابه في قلبي؟
  

google-playkhamsatmostaqltradent