Ads by Google X

رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل السابع 7 - بقلم شمس حسين

الصفحة الرئيسية

  

 رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل السابع 7 - بقلم شمس حسين



“خطى مثقلة بالأوجاع”
كنت قاعدة بذاكر في اوضتى ليلة اول امتحان ليا في سنة التخرج، مكنتش عارفة اركز في مذاكرتى، كان قلبى مش مرتاح، كان في حاجة غريبة فى الجو، جدو كان تعبان، و قرايبنا كلهم عندنا علشان يطمنوا عليه، انا وماما كنا حاسين بشعور قلق وخوف وكأن في حاجة هتحصل، كنت كل شوية ادخل اطمن عليه وارجع تانى لاوضتى….. فجاة حالته اتدهورت و الدكتور جيه علشان يشوفه، فضلنا واقفين برا مستنين وكل ثانية كانت بتعدي تقيلة كأنها ساعة، لما خرج الدكتور وقال “البقاء لله”.
وقتها فضلت واقفه زى الصنم، مش قادرة اصدق، مش ممكن يكون حصل، دخلت جرى على اوضته، ومسكت ايده، الدموع نزلت لوحدها و انا بحاول اكلمه :” جدى… قوم متسبنيش…. انا مليش غيرك…. ارجوك متسبنيش”، مكنتش حاسة بالصويت اللى كان جنبى، بصيت على ماما لقيتها منهارة والكل بيحاول يهديها، نظرتنا لبعض وقتها محدش كان فاهمها غيرنا احنا، خلاص مبقاش لينا حد، قضينا الليلة كلها وانا ماما حاضنين بعض وبنعيط لحد ما النهار طلع، وبداؤ يجهزو علشان الجنازة، الكل كان بيهدينى علشان اروح امتحانى، دخلت وغيرت هدومى واخدت حاجتى وقبل ما أخرج، دخلت عليه الاوضه اللى كان فيها، قعدت جنبه، بصيت عليه، وكل لحظه عدت بينا كانت بتمر قدام عينى زي شريط فيلم، افتكرت كل مرة وقف جنبى فيها، كل مرة كان فيها هو الاب اللى عمرى محسيت انى عندى واحد غيره، كل مرة كان بيضحك فيها لما بنجح واجرى عليه هو بشهادتى، كل مرة كان بياخدنى في أيده ويجبلى حاجة حلوة علشان يراضينى، انهارت وقلت له:” كنت كل حاجة ليا…. انا من غيرك مين…. انت كنت دايما شايلنى فوق راسك…. انت مشيت بدرى وسيتنى…. كنت استنى أما تكمل جميلك وتشوفنى وانا متخرجه…. مش ده كان حلمك”، لقيت ماما دخلت عليا وحاولت تهدينى وبعديها مشيت.

وصلت الكليه، ودخلت لجنة الامتحان وانا قاعده قدام الورقة، مكنتش مركزة في أي حاجة، كنت بعيط ومش عارفة امسك القلم، دموعى غطت الاسئلة، كان نفسى اقوم واجرى برا القاعة، لكن الدكاترا حاولت تهدينى، لحد ما قدرت امسك القلم، كتبت كلمة ووقفت مكنتش قادرة افكر، ذكرياتى مع جدو كانت بتهاجمنى، افتكرت أول مره مسك ايدى وانا صغيره وعلمنى اكتب، افتكرت لما قالى انتى بنتى اللى هرفع بيها راسى قدام الناس يا احلى بشمهندسة، الوجع كان كاسرنى، بس حلمه أنى انجح هو اللى قوانى وخلانى اقدر اكمل امتحانى.
الايام عدت، وخلصت امتحاناتى، ونجحت و جيه يوم حفلة التخرج، اليوم اللي كنت مستنياه من البداية، كنت بحلم يكون شعوري مختلف وقتها بس الظروف كانت دايما ضدي، كنت واقفة في وسط القاعة لوحدي وماما قاعدة قدامي، هي الوحيدة اللي كانت معايا، كل أصحابي حواليهم عائلاتهم و إخواتهم بيصورهم وبيفرحوا بيهم وأنا كنت لوحدي، كنت حاسة أن ده هيحصل وطلبت قبل الحفلة من اختي مرام تيجي معايا بس بابا رفض أنها تيجي، حجته كانت سخيفة، وقال “مفيش وقت، مش هينفع”، كنت من أوائل دفعتي و فرحة الاوائل بتبقي مختلفة حتي الاحتفال بيهم بيبقي مختلف، كل الكاميرات كانت موجهة ليا، شفت صحابي بيهتفوا بإسمي لكن كان جوايا في صراع بين الفرح بإنجازي وبين الحزن على غياب الدعم.
بعد الحفلة، وفي اللحظة اللي لقيت نفسي فيها لوحدي، قررت أروح المدافن عند جدو، رحت هناك، في الصمت بين القبور، لقيت نفسي بتكلم معاه، قلت له: “جدو… أنا متخرجة، كنت عايزة أشوفك وانت فخور بيا… ليه مكنتش معايا في اللحظة دي؟”، وأنا واقفة قدام قبره، عيني كانت مليانة دموع، كان في صوت داخلي بيقول لي: “انتِ مش لوحدك، هو مش هيسيبك، هو دايمًا معاكي”.
الظروف بعد موت جدو بقيت أصعب بكتير، و بابا بعد ما اتخرجت قطع المصاريف اللي كان بيبعتها، وبدأت ملامح الحياة تتغير بشكل كبير، كنت متوقعة إننا هنعيش حياة أفضل بعد ما خلصت دراستي، لكن الحقيقة كانت مؤلمة، قررت إني أتعامل مع الموضوع بإصرار، بدأت آخذ كورسات علشان اجهز نفسي لاي وظيفة اقدم عليها، وبدأت أتعلم حاجات ملهاش علاقة بتخصصي، علشان تساعدني أكتسب مهارات جديدة، كمان كنت بشتغل شغل ملهوش علاقة بدراستي لمجرد بس أن أجيب تكاليف الكورسات، كنت عايزة أبقي مستعدة لأي فرصة، وأقدر أبني سيرتي الذاتية بشكل قوي.
مش عايزة أنكر أني كنت حاسة الحياة مش هتبقي سهلة عليا، كان في لحظات بيجي لي إحساس إن المجهود ده كله مش هيوصلني لحاجة، لكن بعد كل لحظة تعب، كنت أقول لنفسي: “أنا مش هأستسلم، أنا لازم أعدي المرحلة دي”، كنت دايمًا شايفة قدامي صورة جدو، وكان ده مصدر قوتي.
 
google-playkhamsatmostaqltradent