Ads by Google X

رواية عيناك لي المرسى الفصل السابع 7 - بقلم حنين أحمد

الصفحة الرئيسية

  

رواية عيناك لي المرسى الفصل السابع 7 - بقلم حنين أحمد


بعد عامين
دلف إلى الشقة وهو ينادي عليها بصوت عالِ يعلم جيدا
أنه يضايقها:”شوشو, انتي فين؟ يا شوشو حبيبتي!”
وكما توقع خرجت له وهي تنتفض من الغضب تهتف
بحدة:”ايه يا شامل انت بتنادي على بطاطا؟ صوتك عالي

كده ليه مانا معاك في نفس الشقة اهو!”
رمقها بتسلية متظاهرا بالضيق وهو يقول:”بطاطا! اخرتها
ابقى متجوز بطاطا؟! ياللا هقول ايه منّه له”
اقتربت منه وهي تضحك قائلة:”ومالها البطاطا ده انا
حتى بموت فيها”
همس لها بمشاغبة:”يابختها”
زمجرت:”شامل!”
تأفف مفتعلا الضجر وهو يقول:”محسساني اني متجوز
الشاويش عطية.. كل ماقول كلمتين حلوين تقولي
شامل! وكأني بعاكس بنت الجيران مش بكلم مراتي!”
ضحكت بقوة وهي تقول:”ماشي ماشي هعديهالك المرة
دي, ياللا قولي بتنادي ليه وفاضح الدنيا كده؟”
مطّ شفتيه قائلا:”كنت عاملك مفاجأة بس شكلي
هصرف نظر عنها”
قفزت بطفولية قائلة:”لا.. لا قولي ياللا”
“طب تدفعي كام؟!”
“اللي انت عايزه”
قالتها بعفوية فغمزها بعبث:”كل اللي انا عايزه!”
“شامل!”

زجرته وهي تشعر بالخجل فضحك عاليا وهو يقول:
“أهلا بالشاويش تصدق وحشتني يا راجل”
زمّت شفتيها بحنق فضمّها بحب وهو يقول:
“ايه رأيك عيد ميلادك اللي جاي يبقى على باخرة
سياحية هتلف العالم العربي كله!”
رمقته بعدم تصديق للحظات قبل أن تقول:”انت بتألّس
(تسخر) عليا؟! الحاجات دي بتبقى غالية اوي!”
“مفيش حاجة تغلى عليك يا جميل, بس عموما يعني
قبل ماخيالك يسرح لبعيد هو احنا مش هنكون في
الدرجة الأولى يعني.. الحقيقة هو مش هيكون درجة
أصلا لأننا مش هنكون ركاب”
رمقته بدهشة قبل أن تقول ساخرة:
“مش هنكون ركاب! امال هنكون ايه؟ متشعبطين!”
ضحك عاليا وهو يقول:”الصراحة هو شغل واجازة في
نفس الوقت.. الفندق تبعنا هو اللي هيختار طقم الباخرة
وانا هكون المشرف هناك ان شاء الله وطبعا هاخدك
معايا لأني هغيب شهور ولا يمكن أبعد عنك كل الفترة
دي وابقى لوحدي هناك”
فكرت للحظات فهتف يقنعها أكثر:”وكمان ممكن

تجيبي دارين معاكي احنا محتاجين دكتورة بيطرية
تكون متواجدة على الباخرة لأن فيه منهم بيجيب قطته,
الكلب بتاعه كده يعني.. واهو تبقى فرصة كويسة
تبعد عن هنا وتغيّر جو.. ها ايه رأيك؟!”
ابتسمت بحب وهي تقول:”بحبك أوي يا شامل”
غمزها قائلا:”لا كده انا هنسى الباخرة والشغل وكل
حاجة وندخل بقى نتفاهم جوه, الكلام اللي على
الناشف ده مش بيأكّل عيش”
ضحكت عاليا وهي تقول:”بس انا كده هزهق يا شامل,
مفيش شغلانة ليا انا كمان؟!”
فكلا للحظات ثم قال:”والله محتاجين مساعدة للدكتور
البشري بس انا قولت مش هتحبي الشغلة دي!”
“حلوة.. اهو اكون معاك وفي نفس الوقت مافضلش
لوحدي كتير عشان مازهقش لاحسن لو فضلت مع
دارين بكآبتها دي احتمال ارتكب جريمة”
ضحك بمرح وهو يقول:”خلاص ماشي هتصل أقوله
مايدوّرش بقى على حد”
“هو انت تعرفه؟!”
“أها.. ده صاحبي بقاله سنين معايا.. محترم وهطّمن

عليكي لو اشتغلتي معاه”
“خلاص يا حبيبي زي ماتشوف وانا هجيب دارين من قفاها
واخليها توافق غصب عنها”
ضحك بمرح ثم غمزها قائلا:”طب ايه؟!”
عبست قائلة:”ايه ايه؟!”
“يعني اتنين حبيبي ورا بعض كده وخلاص؟ 100 مرة
أقولك انا بحب العملي اكتر”
ضحكت عاليا وهي تقول:”مفيش فايدة فيك” .
***
واقفة على سطح الباخرة تراقب كعادتها منذ صعدت
على متنها لتتعلّق عيناها بفتاة تبدو بمثل سنها حتى
عيناها تحملان حزنا ويأسا حملته عيناها هي يوما..
تُرَى ما قصة الفتاة؟!
تساءلت بصمت ليترجم سؤالها بصوت عالٍ على لسان
صديقتها المجنونة التي هتفت ما إن اقتربت منها ولاحظت
مسار نظراتها:”بتبصي على العروسة!”
رمقتها بعدم فهم وهي تردد:”عروسة؟!”
“أيوة, ماهي المحروسة اللي بتبصيلها عروسة وفي شهر
العسل كمان”

لم تعلّق ولم يكن هناك داعٍ لذلك فقد تولّت
صديقتها الحديث وهي تقول لاوية شفتيها بشكل
مضحك:
“بقى بالله عليكي ده شكل عروسة في شهر العسل؟!
دي لو مخطوفة كانت هتبقى فرحانة عن كده”
قهقهت وهي تحرّك رأسها تحاول الحديث من بين
ضحكاتها لتعاود شروق الحديث وهي تهمس لها:
“تفتكري زعلها ده ليه؟ يكونش العريس طلع زي أختها!”
لم تستطع تمالك نفسها أكثر فعَلَت ضحكاتها الصاخبة
وهي تحرّك رأسها بيأس من صديقتها التي لا تتغير أبدا
مهما حدث لتوبّخهها شروق بحنق:”ياختي بتضحكي على
ايه؟ شايفاني أراجوز قدّامك!”
“يخربيتك ده انتي مصيبة هتجيبي أجلي من كتر
الضحك”
هتفت بها دارين من بين ضحكاتها فلوت شفتيها بحركة
اعتادت على فعلها حتى أصبحت جزءا لا يتجزّأ من
شخصيتها ثم قالت:”اضحكي ياختي اضحكي, مش
أحسن ما تفضلي حاطالي الوش الخشب على طول لما
كأبتيني, ايه الباخرة الغم دي يا أختي!

يالّا مِنُّه للي كلت دراع جوزها بقى ال شار عليا الشورة
الهباب دي”
عادت ضحكات دارين تعلو وهي تقول:”يا ربي ارحميني من
تشبيهاتك الفظيعة دي يا شروق”
قبل أن ترد عليها شروق صدح صوت من خلفهما قائلا
بمرح:”مش عارف ليه حاسس انكم جايبين سيرتي”
أشاحت دارين بوجهها وهي تحاول كبح زمام ضحكاتها
التي تصر على الانفلات على مظهر شروق المرتبك
بوجوده في حين قالت شروق:”اه فعلا كنت بدعيلك
يا شامل وأقول إلهي اللي شار عليا الشورة الجميلة دي
وخلاني آجي الباخرة ربنا يكرمه”
وأكملت بتمتمة خافتة وصلتهما معا:”زي ما كرم مطاوع”
وإلى هنا كانت دارين قد وصلت لأقصى درجات كبحها
للضحك حتى كادت تختنق بها فانفلتت منها الضحكات
العالية وشاركها شامل الضحك بمرح وهو يقول:
“ماشي يا شروق لينا بيت نتلم فيه”
رمقته بنظرات قاتلة وهي تهتف:”ايه لينا بيت نتلم فيه
دي؟! ليه تكونش جوزي وأنا معرفش”
أنهت كلماتها وغادرت تاركة إياهما ينظران بإثرها

بصدمة وهو يتمتم:”أكونش جوزها؟! دي لسه بتسأل!!
امال انا مين؟!”
انطلقت ضحكة دارين عالية فانتبه من صدمته وهو
يجلي صوته بحرج ثم تمتم بتحية خافتة وهو يتبع
زوجته المجنونة ودارين تتابعهما غير قادرة على التوقف
عن الضحك وهي تقول:”مجنونة!”
****
أتعبها, أنهكها, آلم قلبها الذي يذوب به عشقا..
حاولت الهروب منه ولكن إلى أين الهروب
إذا كانت الطرق كلها تؤدي إلى عشقه.. وعشقه فقط!
كانت واقفة على سطح الباخرة التي تبحر بهما بعطلة
طويلة ارتأى الجميع أنهما يحتاجاها كبداية حياة
جديدة وشهر عسل طويل..
ابتسمت بحزن وهي تتذكر ذاك اليوم البعيد الذي
هاتفتها به عمتها وأخبرتها أن نوال قد توفاها الله..
يومها على قدر حزنها عليها على قدر ألمها من أجله!
لم تتخيل أن يكون تعلّق بها لهذا الحد خلال عدة أشهر
بالكاد وصلت العام!
عام مرة على وفاة نوال راقبت خلاله حزنه عليها وذبول

ملامحه وانعزاله عن الجميع حتى هي على الرغم من
محاولاتها الحثيثة لتخرجه من حالته تلك إلا أنه رفض
كل ما فعلته وظلّ على انعزاله حتى ذاك اليوم .
عادت من النادي لتجد الوضع متوترا بالمنزل وأنس يقف
أمام نضال وهو يهتف به:”بطّل أنانية بقى يا نضال”
شعرت بالصدمة فنضال أبعد ما يكون عن صفة الأنانية
فماذا حدث حتى ينفجر الوضع بينهما لهذا الحد؟!
وسرعان ما علمت السبب.. لقد تقدّم عمرو لخطبتها وثارت
ثائرة نضال وحتى هذه اللحظة لا تفهم سببا لثورته!
“فيه ايه؟!”
همست بها ليتجمدا مكانهما وهما ينظران لها بصمت
قطعه أنس قائلا:”عمرو اتقدملك ونضال مش موافق”
سألته:”ونضال ماله بالموضوع؟ انا بس ال ليا الحق أوافق
او ارفض انا اللي هتجوز مش حد تاني”
وكأنها فتحت أبواب الجحيم على مصراعيها!
“وده من امتى بقى ان شاء الله؟”
هتف بها بغضب لتجيبه بغضب مماثل:”من وقت مانسيتني
يا نضال ومبقيتش بتدخل في حاجة خاصة بيا”
ارتد للخلف مجفلا لتتابع بمرارة:”طلّعتني من حياتك

بسهولة ودلوقتي عايز ترجّعني بنفس السهولة.. وانا ايه؟
معنديش رأي؟ معنديش كرامة؟! لا اسمحلي بقى انا بس
ال اقول آه او لا على موضوع زي ده”
تركته غاضبة متجهة لغرفتها ليصلها صوته الغاضب:
“برضه مش هتتجوزيه يا جويرية, سامعاني مش
هتتجوزيه”
استلقت على الفراش وهي تبكي لا تفهم لِمَ تعانده على
الرغم أنها لن تتزوج عمرو أو سواه.. فعلى الرغم أن عمرو
عريس لا يُرفَض ولكنها لا تحبه ولن تحبه..
هي لا تحب سوى الغبي الذي يصرخ بها ويتحكم بحياتها
ولكنها لن تتركه يفعل ما يريد.. ستعانده حتى
يبتعد مرة أخرى..
صدح صوت بداخلها يسألها..وهل تريدين ابتعاده حقا
جويرية؟ أم ربما تريدين الاقتراب منه حد الالتحام!
طرق خافت على باب غرفتها جعلها تمسح دموعها وهي
تسمح للطارق بالدخول.. فدلف أنس وترك الباب مفتوحا
وهو يقول:”اهو ده اللي انتي فالحة فيه, كل ما يكلمك
كلمتين تعيّطي.. بدل ماتجيبيه من قفاه وتقوليله انت
غبي.. افهم بقى تعانديه وتخليه يتنرفز كده واهو اتصل

ب عمرو ورفضه”
انتفضت ترمقه بعدم تصديق وهي تقول:”عمل ايه؟”
ضحك عاليا وهو يغمزها:”اتصل وبلّغه الرفض وقاله
الأصول كان يكلمه هو لأنه الكبير أو حتى يخلّي
والدته هي ال تكلم ماما.. ياختي حسسني اني
كيس جوافة كده وماليش لازمة”
لم تتمالك نفسها فضحكت ليبتسم قائلا:
“ايوة كده خلّي الشمس تطلع تاني, عمرو ده ماتقدمش من
زمان ليه؟ كان حرّك الجبل من زمان”
ابتسمت بحزن وهي تفكر.. وماذا بعد رفض عمرو؟
سيظل بعيدا أم يتيغر الوضع؟!
استدار ليخرج من الغرفة وهو يقول:”انا هخرج ياختي بدل
ما يجي يلاقيني معاكي ويخلّص عليا واروح ضحية الغباء
آه صحيح”
التفتت له مبتسمة ليقول بمكر:”نضال طلب ايدك
من ماما وكتب الكتاب بعد يومين”
ارتدت للخلف بصدمة فضحك عاليا وهو يخرج من الغرفة
تاركا اياها مصدومة.. لا تفهم ما يحدث!
ليأتي نضال بعد فترة ويدخل الغرفة بعدما طرق الباب

فتحت الباب لتتفاجأ به فرمقها بغموض وهو يقول:
“ماما قالتلك؟”
تهرّبت من عينيه الثاقبتين وهي تهمس:”على ايه؟”
“على فرحنا”
انتفض قلبها بين ضلوعها بقوة وتنفست بصعوبة غير
قادرة على تصديق ما يحدث! هل حقا ستتزوج نضال؟!
هل ما قاله أنس حقيقة؟! ألم يكن يمزح!
تابع تتابع المشاعر على وجهه لينهر نفسه:
(غبي! ازاي كنت غبي كده وماشوفتش حبها!)
صدح صوت من داخله قائلا: (قال يعني شوفت حبك انت!
ده لولا نوال الله يرحمها وأنس أخوك كنت فضلت
معمي عن مشاعرك طول عمرك)
“جهّزي نفسك بعد يومين كتب كتابنا, وبعده بأسبوع
جوازنا.. شوفي اللي تحتاجيه وانا معاكي”
على الرغم من فرحتها إلا أنها شعرت بالغيظ منه..
لِمَ يتحدث وكأن موافقتها أمرا مفروغا منه؟!
“ومين قالك اني موافقة!”
قالتها بغيظ فابتسم بغموض فقد كان ينتظر هذه الجملة
ويستفزها لتقولها..

“قلبي!”
انتفضت هذه المرة ترمقه بعدم تصديق ليغمزها قائلا:
“هو كان غبي شوية, بس ف الاخر عرف كل حاجة”
يتحدث عن مشاعرها هي ولكن أين مشاعره؟!
لِمَ يتزوجها؟ إشفاقا عليها من مشاعرها تجاهه؟!
“مش موافقة, ومش هنسى انك رفضت عمرو من ورايا و…”
أجفلت من هتافه الصارم:”اوعي اسمعك تقولي اسمه
تاني أبدا, فاهماني يا جويرية؟!”
أومأت بعفوية فابتسم قائلا:”شاطرة يا بنّوتّي, عايزك
تحطي في دماغك حاجة مهمة اوي.. انتي ليا أنا وبس
ولا يمكن تكوني لحد تاني” .
أفاقت من ذكرياتها على صوته:”انتي هنا ياجويرية وانا
بدوّر عليكي.. ماصحتنيش ليه نيجي هنا مع بعض؟”
التفتت له ببطء قائلة:”محبتش ازعجك اكتر”
اقترب منها حتى أسرها بين ذراعيه وهو يهمس لها
بدهشة:”تزعجيني يا جويرية؟!”
أومأت بصمت قبل أن تتركه وهي تتجه لمكان مطعم
الباخرة:”ياللا نروح نفطر أنا جعانة”
سبقته فتبعها حائرا من جمودها منذ ليلة زفافهما أي منذ

يومين.. ما الذي حدث وجعلها هكذا بعدما كانت عيناها
تنطقان بالسعادة لزواجهما؟!
****
هل حدث يوما أن نظر لكَ أحدهم فشعرت أنه ينظر
لروحك؟ أنه يلمس قلبك فقط بنظراته؟
أنه يفهمك من نظرة عينيكَ؟
هل حدّقت يوما بعيون أحدهم لتشعر أنك وجدت نصفك
الآخر؟
إذا حدث هذا معكَ إذا ستفهم شعوري وما حدث لي
حالما نظرت إلى عينيه أول مرة!
كانت واقفة بانتظار شروق حتى تذهبان لتناول الغداء معا
لأن شامل مشغول بعمله ولن يستطيع تناول الغداء معها
لتلقي عيناها بعينيه فشعرت بانتفاضة غريبة داخلها
ولم تستطع إشاحة بصرها عنه لتجده يبتسم لها وهو
يقترب منها ببطء وما إن وصل إليها حتى قال:
“معاذ نصر الدين, دكتور باطنة وقلب.. اعزب, عندي
35 سنة .. ليا أخت واحدة متجوزة وعايش مع أمي وهي
ست طيبة اوي هتحبيها ان شاء الله وهتتفقوا عليا كمان
ها قولتي ايه؟”

رمقته بصدمة وهي تقل ببلاهة:”ها!”
ضحك عاليا فابتسمت تلقائيا وهي ترى ملامحه
الجذابة تنفرج بضحكته المرحة فشعرت بالراحة
معه على الفور ولم تكد تنتبه لوقفتها البلهاء معه
حتى كان أنهى ضحكته وانتبه لتحديقها به قائلا:
“حلو مش كده!”
تلعثمت وهي تهتف به:”انت اكيد مجنون!”
التفتت لتغادر لتصلها همسته المرحة:”مجنون بيكي”

 

google-playkhamsatmostaqltradent