Ads by Google X

رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الثامن 8 - بقلم شمس حسين

الصفحة الرئيسية

  

 رواية دموع مؤجلة واحتضان أخير الفصل الثامن 8 - بقلم شمس حسين



“عاطفة في الاتجاه الخاطئ”
بعد ما خلصت الكورسات اللي كنت محتاجاها علشان الاقي وظيفة تناسبني كمهندسة و اقدر أخد خبرة منها، و في يوم وأنا بقلب على مواقع التوظيف، لفت انتباهي إعلان لشركة إنشاءات صغيرة، طلباتهم كانت بسيطة وحسيت أنها ممكن تكون مناسبة جدًا لمستوايا الحالي، مهندسة مع شوية حماس واستعداد للتعلم، قريت الإعلان كذا مرة، وبعدين قلت لنفسي: “ليه لأ؟ ما أجرب، يمكن تكون دي البداية اللي مستنياها”، مكنتش متأكدة إذا كانت دي خطوة صحيحة أو مجرد تجربة عابرة، لكن كنت دائماً بقول لنفسي: “أهم حاجة تتحركي، اللي بيقف في مكانه مبيوصلش”.

وفعلاً… طبعت CV بتاعي، وبدأت أحضر نفسي للمقابلة، ويومها روحت بس كان عندي شعور غريب، خليط بين التوتر والتفاؤل، المكان كان فخم، والأجواء كانت كلها شغل، والناس كانت ماشية بسرعة كأنهم في سباق مع الوقت، كنت قاعدة في مكان الإنتظار مع كام حد كان مقدم علي نفس الوظيفة، واحدة ورا التانية دخلت لحد أما جيه دوري، كنت اخر واحدة، لقيت HR اللي كان بيعمل لهم الانترفيو خرج بسرعة، و عرفت أنه مش هيقدر يكمل لأنه حصله ظرف، طبعا أنا كنت عايزة اضحك علي حظي كنت عارفة أن مفيش حاجة بتكمل ليا، بس فجأة لقيت السكرتيرة بتقولي :”بشمهندسة شمس… اتفضلي المدير التنفيذي هو اللي هيعمل مع حضرتك انترفيو”، طبعا توترت و خوفت اكتر، شخص كبير مسؤل في الشركة وانا لسه أول مرة أخوض تجربة إني أقدم علي وظيفة ومش عارفة هيسألني اي و هعمل اي كنت متوترة و خايفة لابعد الحدود.
دخلت المكتب وكان قاعد قدامي شاب في أول الثلاثينات، اسمه ياسين، كان لابس بدلة أنيقة، ووشه كان مليان تركيز، بصلي بنظرة عميقة شوية و حسيت أنه عرف إني خايفة، و اول حاجة سألني عليها:” انتي اول مرة انترفيو”، قلت له ” ايوا أنا لسه متخرجة ودي اول مرة اروح انترفيو و بصراحة خايفة جدا”، ابتسم شوية و قالي:” اهدي خالص، الموضوع سهل جدا، اعتبريها فرصة علشان تستفيدي”، هزيت دماغي بمعني حاضر وبدأ الحوار بينا، سألني عن نفسي وعن الخبرات، حسيت إني مش في المكان الصح، مكنتش عارفة اتكلم، كان بيسأل اسئلة ملهاش علاقة بالدراسة خالص كلها كلام زي بتوع تنمية بشرية، قلت له:” انا بصراحة مش عارفة إجابة لأي سؤال، أنا كنت فاكرة الأسئلة هتبقي ليها علاقة باللي درسته”، لقيته بيجاوبني علي كل الأسئلة بطريقة بسيطة و سهلة و كان بيشرحلي اجاوب ازاي و اقول اي و كان بيخرج مني الإجابة بكل سهولة، قالي :” الأسئلة مش هدفها انتي عندك اي، هدفها أكتر إزاي هتقدري تتعلمي و تتكيفي مع الشغل”.
في نهاية المقابلة، حسيت إن ده مش مجرد انترفيو عادي، أنا فعلا استفدت زي ما قالي في أول المقابلة، لكن كنت لسه شاكة لو هتقبل في الوظيفة، خصوصًا إن ياسين كان شايف إني لسه صغيرة وعندي نقص في الخبرة، بس حسيت إن فيه حاجة كده في الجو بتقول لي “ممكن يكون فيه فرصة”.
رجعت البيت، و حكيت لماما عن المقابلة وعن ياسين، و عن الكلام اللي قاله والاهتمام اللي أبداه، ماما وقتها شافت لمعة في عيني، كانت أول مرة تشوفني بتكلم عن شخص بطريقة زي دي، بس مدتش ردة فعل، لما قلت لها علي مواعيد الشغل و المكان قلقت وخافت وقالت: “أيوه، بس ده مكان بعيد والمواعيد متأخرة اووي يا شمس أنا خايفة عليكي، بلاش تروحي، مش هينفع تشتغلي هناك”، قلت لها :” ماما … أنا اصلا متقبلتش، لسه مش عارفة، بس لو كلموني هرفض بإحترام وخلاص”، في اليوم اللي بعده، لقيت الفون بيرن ورديت لقيته ياسين وقال لي: “مبروك، تم قبولك في الوظيفة”، حسيت بفرحة في البداية، لكن قلت له:” أنا آسفة جداً، مش هقدر اكون معاكم، ماما مش موافقة”، سكت شوية وبعدين قال: “مفيش مشكلة.. بس كنت اتمني تكوني موجودة… دي فرصة كويسة ليكي”، كمل كلامه وقالي:” لو احتاجتي اي حاجه او وقف قدامك اي سؤال انا موجود…. وتشرفت بمعرفتك يا بشمهندسة شمس”.

الوقت مر، وياسين بدأ يبعت لي فرص تدريب، وعناوين وظائف جديدة، في البداية كنت شايفة أن ده مجرد حرص علي مساعدتي، لكن مع مرور الوقت بدأت أسأل نفسي: “ليه هو مهتم بكل ده؟” بدأ الشك يراودني، هو فعلاً بيبعت لي علشان يساندني، ولا فيه حاجة تانية؟ كان دايمًا يبعت كلمات تحفيزية، يمدح في طريقتي وكأننا نعرف بعض من زمان، أسلوبه كان محترم جدا بس أنا كان في حاجات كانت بتلعب في دماغي.
فترة بعد فترة، بدأ يتابعني ويعلق على اي حاجة بنزلها أو بكتبها، بدأ يمدح في كل حاجة صغيرة بالنسبة لي، كنت بحس إن المدح ده مش مجرد مدح عابر، كان فيه نوع من الاهتمام الزائد اللي بدأ يبقى مقلق بالنسبة لي، هو ليه بيهتم بكل التفاصيل الصغيرة؟ ليه هو مش مجرد شخص عادي؟ مكنتش قادرة أستوعب الموضوع، وحسيت إنه فيه حاجة غلط بتحصل، حاولت أكون لطيفة وأرد عليه ببساطة، لكن بداخلي مكنتش قادرة أتحمل اهتمامه ده، كنت خايفة، مش عايزة افتح أي باب لمشاعر عاطفية، وبالتحديد مكنتش عايزة حد يشدني تجاهه بشكل أكبر، لحد اما بقت طريقتي معاه جافة، اه أنا مكنتش حابة أجرحه لأن كل دي كانت احاسيس داخلية عندي و ممكن تكون غلط، لكن كنت شايفة أن ده الصح.
حسيت إنه بقى متأثر بكلامي الجاف، وفي مرة قال:”أنا عارف انك مش متقبلة كلامي معاكي و لا مدحي ليكي، بس والله ده مش كلام، اول مرة اتكلمت معاكي فيها لما جيتي الشركة، حصلتلي حاجة غريبة، دي اول مرة اشوف حد بالبراءة و النقاء ده، وقتها أنا مكنتش عايز الانترفيو يخلص، أنا كنت عايز أعلمك كل حاجة و اديكي خبراتي كلها علشان تنجحي، لما رفضتي الشغل، زعلت، وقررت اساعدك حتي لو مش هتكوني معانا”، رديت عليه وقلت:” شكرا لحضرتك علي المساعدة بس أنا طريقة الحوار بدأت تدايقني”، رد وقال:” أنا آسف اني طريقتي دايقتك بس صدقيني غصب عني، أنا مش عارف ليه بدأت أهتم بيكي كده…..يمكن اكون حبيتك من أول مرة شفتك فيها”، شفت الرسالة وسكت، الجملة دي كانت زي القنبلة اللي نزلت علي دماغي، مبقتش عارفة أقوله اي، لقيته بيقول: “أنا عارف انك اتصدمتي دلوقتي”، صوته في الريكورد كان زي ما يكون بيبكي، كمل كلامه وقال:” أنا أسف، كنت بحاول اكتم مشاعري جوايا و مطلعهاش، بس مقدرتش، أنا عارف ان مشاعري تجاهك غلط بس ده كله كان غصب عني….. طبعا هتستغربي دلوقتي أنا ليه بقول ان المشاعر دي غلط”، كمل كلامه بصدمة اكبر من مشاعره وقال:”أنا متجوز، بس مفيش اي مشاعر بيني و بين مراتي، احنا اتجوزنا لظروف معينة، حاولت كتير إني اتقبلها لكن مقدرتش”، كنت بسمع الكلام و دموعي بتنزل و انا مصدومة، حسيت بغصة في قلبي، علي الحكاية كلها مش بس بسبب نبرته الباكية، لكن كمان على مراته، هو معجب بيا وحس بمشاعر مكانش المفروض يحس بيها، مشاعر مش من حقي ومن حق مراته، لقيتني بقول لنفسي يارتني ما روحت الانترفيو ولا شوفته، لكن في نفس اللحظة قررت أكون قوية، قلت له: “إنت لازم تنسى كل ده، لازم تصلح علاقتك بمراتك وتحاول تصحح الغلط اللي عملته، مشاعرك دي غلط …. الحب ده غلط في غلط، حتى لو مكنتش قادر تتحكم في مشاعرك، دي هتفضل إسمها خيانة”، وفي لحظة، قفلت الشات، عملت له بلوك، ومسحت الرقم من تليفوني، مكنتش عايزة النهاية تكون كدا، لكن في نفس الوقت كنت عارفة إن هو ده الصح.

كان جوايا مشاعر مختلطة بين الحزن والندم، عيطت كتير عليه علشان نبرته الباكية كانت مبينة صدق مشاعره، و علي مراته علشان هي ست ومفيش ست تستحق كدا، هي مش ذنبها أن الظروف جبرتهم للجواز، العلاقات مش لعبة، والحب مش كل حاجة في العلاقة، هو اه مش مجرد مشاعر تطلع فجأة، لكن الحب قرار، قرار إنك تتقبل الشخص اللي خلاص بقي علي اسمك مهما كانت الظروف اللي جمعتكم، تتقبل انك تبني معه حياة لأن ده اختيار ربنا ليك، و وقت أما تبدأ تحس إنك مش قادر تكمل معاه وهتبدأ تضر الشخص التاني، لازم تحترمه الاول، وميكونش عندك أي نية تخونه، حتى لو كنت مش قادر تتحكم في مشاعرك، ده مش مبرر إنك تدوس على شخص تاني.
 
google-playkhamsatmostaqltradent