رواية لا تقولي لأ الفصل الثامن 8 - بقلم زينب سمير
8..
كاران قاعد مع لينا وشارف، ماسك فونه بيكتب فيه وباين عليه الإندماج والإنبساط، إيد أتحطت على كتفه و- جـه معاد اللحظة الحاسمة
قفل الفون وبص للينا وإيدها اللي على كتفه، وبسمة الأغراء اللي على شفايفها، بعد إيدها عنه وهو بيتعدل في قعدته وبتعجب- دلوقتي؟
- أسبوع كفاية أوي عليها، أعتقد قدمتلها كل الحب في الأيام اللي فاتت دي
بتردد حاول ميبينهوش في صوته- ما نأجل شوية؟
- لية؟
أستفسر شارف وبصله كاران بصمت، لحظات طويلة من الصمت سادت بينهم، وعيونهم بتبص لبعض بنظرات ملهاش تفسير
قبل ما تنطق لينا بتحذير- كاران أوعى..
نفى براسه بسرعة- لا لا مش اللي في بالك هي مش صعبانة عليا نهائي، بس أنا شايف أن لسة، لو بعديت دلوقتي هي ملحقتش تتعمق في مشاعرها معايا، ولا معاكم.. هتفوق بسرعة، وأنتوا شوفتوا قد أية هي قوية وبعد الصدمات اللي عملنهالها هي قدرت تتخطاها بسرعة
هزت لينا راسها بإقتناع وبصت لشارف و- معاه حق، نستنى شوية؟
تأفف شارف و- تمام اللي تشوفوه
صوت نوتفكيشن لفون كاران مـدت لينا إيدها تاخده بإعتيادية لكنه سحبه منها وهو بيقوم بإستعجال و- أكيد من البيت محتاج أروح، أشوفكم بكرة
ومشى وعيونهم عليه
- كاران بقى غريب.. غريب جدًا
نطقتها لينا وهي بتبصله بتفكير
عند كاران في عربيته، متصل على حد وفاتح الكاميرا وبيسوق بآقصى سرعة، ظهرت في الشاشة كاميليا أبتسمت وهي بتشاورله بتحيّة
نطق بتتهيدة- وحشتيني
كتبت بخجل- وأنت كمان، أنت بتسوق؟
- آه مروح البيت
إتنهد بضيق و- هبقى مشغول وممكن مودي ميكونش كويس فقولت أكلمك قبل ما أروح
سألت بعدم فهم- لية؟ في حاجة؟
بصلها وهو بيفكر مستنيه هناك كتير من النظرات المزيفة، مدعيين البراءة، مظهري المحبة
ناس ملامحهم متلونة بملامح الهدوء والسكينة.. زي كاميليا بالظبط
- مفيش بابا راجع من السفر وكلنا هنتجمع إنهاردة
- صح أنت قولت أن أخواتك مش عايشين معاك
قبل زواج أبو كاران بمامته هندية الأصل، كان متجوز قبلها بواحدة تانية ومخلف بنت وولد..
- جايين إنهاردة
بحماس كتبت- علاقتك بيهم أية؟
- حلوة، حلوة جدًا، هقفل دلوقتي علشان وصلت لو خلص التجمع بدري ممكن أكلمك
- هستناك
أبتسمت في وشـه قبل ما تقفل، كانت بتملك أكتر بسمة كارهها في حياته، وأكتر نظرات بيشمئز منها لكنه رويدًا رويدًا لية بقي مستلطفها!
أتفتحت البوابة تلقائيًا أول ما قرب، سرايا عملاقة ظهرت، قصر فخم جدًا حواليه حديقة ملهاش نهاية، أسطول عربيات مصطف حوالين المكان، نزل ورمى مفتاح عربيته بلا مبالاة للحارس ودخل، فتحتله الخدامة قلعته الجاكت و- قاعدين فين؟
- في الجناح الشرقي
مشي في ساحة طويلة مليانة آثريات، مكان كل خطوة تمشيها فيه تحس بمدى الثراء الفاحش اللي ماليه
لحد ما وصل.. فتحله خادم واقف قدام الباب أخد نفس طويل قبل ما يدخل وهو بيبتسم بسمة دبلوماسية
قرب من والدته سـت جميلة بشعر طويل ناعم باس خدها وقعد على دراع المقعد بتاعها بص حواليه و- بابا لسة مجاش؟
- زمانه نازل حبيبي
أبتسم ليها بحب، بص جنبه أخته وأخوه قاعدين وباصين ليه ببسمة طفيفة، ونظرات عيون تبان حنونة، وحده عارف إنها فاضية، من غير مشاعر
ولو في مشاعر فهي الكراهية.. المطلقة!
صوت أخته الكبيرة.. ريما- عامل أية ياكاران؟ غريبة أسبوعين مجتش للشركة شكوى عنك!
قلب عيونه بملل وبعدها عنهم يبص للناحية التانية
نغزت مامته جنبه و- عامل أخواتك حلو
دخل في اللحظة دي والده كلهم وقفوا وحيّوه بإحترام قرب من كاران يحضنه بحنان باين، وغل ظهر في عيون أخواته معرفوش يتحكموا فيه
- كار كدا أسبوعين من غير مصايب قلقتني عليك!
ضحك بمرح حقيقي و- متقلقش أديني اسبوعين كمان وأنا مجهزلك مصيبة ملهاش حل جهز محاميك من دلوقتي
- محاميين البلد كلها تحت رجلك، أنت تؤمر بس
الدلال المفرط اللي بياخده كاران هو سبب مبالاته الكبيرة، شايف كل مصيبة هيعملها وراه جيش يطلعه منها زي الشعرة من العجين
باباه مهما كانت المصيبة كبيرة بيتفهها، لو بس الحياة عبارة عنه هو وباباه ومامته!
قعد الأب وبص لأبنه الكبير بعيون جدت فجأة و- أية اللي انت عملته وأنا مش موجود دا؟ مجلس الإدارة كله غضبان عليك، عرفني لو حاسس المكان كبير عليك أنت وأخت
بص لبنته وكمل- عرفوني وأنا أبدأ أجهز كاران علشان يمسك مكانكم من دلوقتي
وسعت عيون كاران بتفاجئ وبصوله أخواته بكراهية مش ملحوظة لحد غير ليه
نطقت أخته برقـة- مفيش أعتراض طبعًا يابابا أن كاران ينضم لينا من دلوقتي بس لسة عليه بدري حرام تشغله بالشغل من دلوقتي وهو لسة وراه مدرسة وجامعة، أنا وطارق هنتصرف
- ياريت في أسرع وقت
بص لكاران اللي ملامحه مليانة أعتراض و- أنت لية معترض إنك تمسك شغلك؟ دا حقك وفي الأول والأخر هتمسكه فأتعود من دلوقتي وأخواتك أهم بنفسهم عايزينك تكون معاهم
- أنا مش عايز صدقيني دي مش حياتي..
أتنهد الأب و- تمام ياكاران اللي تشوفه، أنا سايبك تعيش سنك براحتك بس أنت وعدتني نصيبك هتديره لوحدك
هز راسه بآه من غير صوت..
بص أبوه لمامه كاران و- العشا جاهز؟
- حالًا هشوفه
بهدوء وقفت وهي بتبتسم، مبتدخلش في أي حديث عائلي بيجمع أبنها مع أبناء زوجها الأول، هي سايبة المركب تسير زي ما عايزه طول ما شايفة أن حقوق إبنها جوزها محافظ عليها
لكن لو بس حد جـه عليه، وقتها هي هتعرف تجيب حقه كويس
جـه أتصال للأب وخرج هو كمان بقى كاران معاهم، بيشوف كويس أزاي ملامحهم خلعت قناعها، الطيبة والهدوء أتنزعوا، ملامح كره خالصة أترسمت في عيونهم
بيفتكر لما كان طفل، والده أتجوز مامته في الهند وعاش أول سنينه هناك، ولما نزل وهو مبسوط بكلام مامته إن ليه أخوات مستنينه هيلعبوا معاه ويحبوه ويحبهم
باباه اللي بيدخله كل شوية بهدايا ويقوله من أخواتك، نزل وكله لهفة للقائهم فأتصدم بأفعالهم..
أول لقاء وسط باباه ومامته حضنوه وسلموا، رسموا نفس الملامح البريئة دي، أعطوه الأمان
وأول ما بعدوا أهله عنه، أتغيرت ملامحهم، أتصدم من تبدل النظرات، العنف، أستغلالهم لسكوته وضربهم ليه في أي وقت طالاما بعيدين عن العيون، تهديدهم ليه، كرهيتهم الصريحة..
نواياهم ظهرت، ومن هنا بقى بيكره أي حد متصنع، حتى العاملين عارف بيبتسموا في وشه وأول ما يديهم ضهره بتختفي الأبتسامات دي، ونظرات الترحيب
كل الناس مزيفة، كله بيقرب منه لمصالح، كله بيعامله كويس بتزييف
اللي بيعاملوه على حقيقتهم هما أصحابه وبس..
علشان كدا رغم حقيقتهم البشعة بيحبهم ويرتاح معاهم
خرج من شروده على صوت ريما- أنسى إنك تمسك حاجة في الإدارة
رجع بضهره لورا براحة و- ومين اللي يقدر يمنعني؟
بصلهم بإستصغار و- أنتوا؟
الأمر كله في إيد باباه، هو عرف دا من البداية، ولو سابلهم الفرصة إنهم يوسوسوا لباباه ضـده هيخسر كتير، مش هيضمن أفكارهم وتصرفاتهم هتوصله لفين
فخد هو الدفة منهم، حبب باباه فيه بجنون، حتى مصايبه ومشاكله اللي ممكن يستغلوها ضده عرف يخليها مش مشكلة بالنسبة لباباه، عرف يخليه يقبل منه أي حاجة..
يتوقع منه أي حاجة.. وفوق دا كله يحبه
كتمت ريما غيظها جواها بينما قال طارق- حتى لو بابا وافق يشغلك مجلس الإدارة مش هيسمح حد بالعشوائية دي يمسك منصب، متحلمش كتير ومتفكرش إن بابا هو حصانتك
- شكرًا على النصيحة
وقف ببرود و- مضطر أطلع أرتاح لحد معاد العشا، أعتبروا البيت بيتكم أنتوا مش ضيوف
وأبتسم بزيف، خرج وأول ما أتقفل الباب رجعت ملامحه هو للجمود، كل لقاء معاهم بيخرج بنفس المشاعر وهو بيحاول يفهم ليه ناس من لحمه ودمـه يكرهوه للدرجة دي!
من أول يوم عرفوا بوجوده لدلوقتي.. من قبل حتى ما يقابلوه!
خلص العشا بدري لكنه مقدرش يكلم كاميليا ومزاجه مش رايق، مسك الفون يلعب فيه بملل، لينا وشارف كمان زمانهم نايمين، عدى عليه إعلان لكورس تعليم لغة الإشارة آون لاين عداه بلا مبالاة قبل ما يرجع يسمع عنه تاني بإهتمام..
ولحظات قضاها بتفكير و..
****
إن كانت مشكلة لينا إنها بتدور على الإهتمام ومش لقياه، بتحب تكون الأولى عند كل الناس، والأميز والأحب، إن كان كاران بيبحث عن الصدق في العيون، عن مشاعر صافية، بيكره التزييف والمصالح، فشارف بيدور على حد واحد بس يهتم بيـه ويسمعه، يقرب هو منه، بدل ما كل مرة بيكون هو واخد القرار بالقرب..
واخد الخطوة الأولى
دخل أوضته بعد سهرة لطيفة قضاها مع أسرته هو كالعادة اللي نداهم وجمعهم وجهز ليها،
وقف يخلع هدومه وهو بيبتسم لما عدى على باله موقف ضحك من شوية قبل ما تتغير ملامحه لجمود مفاجئ
يفتكر أن حتى أصحابه هو اللي جمعهم سـوا، هو اللي لمحهم، قرب منهم، زن لحد ما رضحوا ليه
هو اللي حس قد أية هيكونوا مناسبين لبعض سـوا
هو اللي بيلاحظ أختفاءهم، بيلاحظ قلبان مزاجهم
بيعمل أي حاجة مهما كانت علشان يريحهم..
حس للحظة إنه وحيد، عايز يفضفض، مسك فونه يدور بين الاسماء، معندوش غيرهم.. كاران.. ولينا.. لكنه مش عايزهم
هيفهموه، هيحلوا مشكلته، لكن هو مش عايز حل، عايز يفضفض من غير ما يسمع صوت
جـت هي في باله لما قالتله ببسمة خفيفة إنها دايمًا مستنياه لو عازها، فتح فونه وعرف وجهته..
كاميليا!
****
بعد تلت أيام.. وصل كاران وشارف مع بعض لمحوا لينا قاعدة مع كاميليا بصوا لبعض ومشيوا ناحيتهم، لينا بتضحك جامد من قلبها، بطريقة مش بتكون عليها غير معاهم
قرب كاران ووقف جنب كاميليا يحاوط كتفها وهو بيسأل- في أية؟ ضحكونا معاكم
فتحت لينا صندوق هدايا جواه فستان و- مش هتصدق كاميليا جابتلي أية، جابتلي الفستان دا أخر مرة شفناه سوا وكان عاجبني بس مكنش عاجبني لونه، فضلت تدور عليه لحد ما حابتهولي باللون اللي عايزاه، أنا مبسوطة بجد كنت هموت عليه
أبتسموا لفرحتها بصدق، قربت لينا تحضن كاميليا و- ميرسي بجد
بادلتها كاميليا الحضن بخفة، من ملامح لينا.. عرفوا أن موعد التنفيذ تأجل تاني لأجل غير معلوم!
مش دلوقتي، مش هتدمر كاميليا دلوقتي، على الأقل لحظة الأمتنان دي تروح
- إنهاردة هنسلم المشروع وفيه بريزنتيشن، أوف أنا مبحبش المادة دي، كاران أنت اللي هتقدم
بصلهم بضيق و- لية ميكونش شارف؟
رفع شارف إيده- لا برة عني الحوار دا، أنا نفذت أكبر جزئية من البروجكت علشان محدش يقولي أقدم
- خلاص متعيطش هقدم أنا
خنق رقبته بدراعه و- حبيبي..
كل الكلام دا في الفصل، تحت مسمع من الجميع، فنطقت بنت بسخرية- وكاميليا لية متطلعش هي؟ مش في التيم معاكم؟ نسيت صح دي خرسة مبتتكلمش
بصولها التلاتة بنظراتهم المخيفة فتدخل ولد تاني يدافع عنها- في أية هي كدبت يعني؟ ما هي فعلًا خرسة ملهاش فايدة وأنتوا حـ..
وقف كاران بهمجية يقرب منه مسك رقبته بعنف يخنق فيها و- أنت بتتكلم عن مين كدا، أتكلم عنها عدل بدل ما أطلع روحك في إيدي
حد من الشباب قرب من كاران فمسكه شارف، البنت إيـاه جت تقرب من كاميليا تقول بعصبية- بسببك مسكوا في بعض..
وقفت لينا قدام كاميليا ومسكت بأيد وحدة شعر البنت كله في إيدها تهزها منه بغل وعنف و- قربي منها كدا وأنا أموتك في إيدي، لسة متولدش اللي يقرب من حد يخص لينا
وكاميليا بتشوف كل دا بزهول، هنا.. من أقل من شهرين التلاتة دول كانوا عندهم أستعداد يدفنوها، هنا.. دلوقتي عندهم أستعداد يدفنوا أي حد علشانها!
فاقت على صراخ كاران المتملك- كاميليا تخصني واللي يفكر يجيب سيرتها بطريقة متعجبنيش كأنه بيكسب عداوتي.. وعايز نهايته..
بصلهم كلهم بنظرات تحريرة وبصراخ- فهمتوا
ورمى الولد على أخر دراعه، قرب من كاميليا وأصحابه وراه، لينا وهي بتربت عليها بخفة- متزعليش نفسك ومتاخديش على كلامها البت دي غلاوية..
بصتلها بدموع كانت امتنان.. وحب
فهمتها لينا زعل فقالت بتوعد- طيب أستني وهتشوفي همسحلك بيها بلاط المدرسة
جت تمشي بهمجية مسكتها كاميليا وهزت راسها بنفي وبإندفاع حضنتها
قرب كاران وشارف منهم هما كمان وحضنهم سـوا..
****
لينا بضحك عالي- والله العظيم أحنا نستاهل أوسكار على تمثيلنا دا شوفتوني وأنا بمسكها من شعرها، محدش يقرب من حد يخص لينا.. نينيني
صوت ضحك عالي وشارف- ولا كاران وهو بيخنق الولا تقولي بيموت فيها بجد
كاران بغرور- علشان تعرفوا إني مش أي حد، أنا أحسن واحد يمثل المشاعر في العالم
ضحكوا كلهم وهما بيفتكروا الموقف كل شوية ويضحكوا، كدا بعد الموقف دا يضمنوا مليون في المية إن كاميليا حبتهم إلى ما لانهاية، مستحيل تتوقع غدرهم
مستحيل تصدقه
مستحيل ميوجعاش!
لكن هل فعلًا وهما بيدافعوا عنها كان لأجل الشـو؟ لأجل تسبيك الخطة، ولا للحظة أندفعت مشاعرهم وكانوا بيدافعوا عنها بصدق!
يتبع...
لا_تقولي_لا
لـ زينب - سمير
•تابع الفصل التالي "رواية لا تقولي لأ" اضغط على اسم الرواية