رواية نصف عذراء الفصل التاسع 9 - بقلم خديجة السيد
رغم أن طارق هو من اقترح الذهاب للطبيبة لتحسين علاقتهما وخلق فرصه جديده لكن لم يمنع ذلك من جلسات علاج له أيضاً مع الطبيبه لتعديل بعض من افكاره، سألته أمل بإيماءة من رأسها
=تعرف أن حنين والدتها واهلها حذروها انها ما تكونش جريئه ولا تقول كل اللي تحس بيه في العلاقه؟ من باب يعني لا تشك في سلوكها وللاسف ده تفكير رجاله كتير يا ترى لو كانت عملت العكس كانت رده فعلك هتكون معاها ايه يا طارق
بدأ وجهه متجهم ونبرته خشنة وهو يخاطبها بحزمٍ
= وانا لو شاكك فيها من الأول هتجوزها ليه؟ مستحيل أفكر بالطريقه دي لان يوم فرحي أصلا رفضت ان حد يدخل في خصوصياتنا ولا يعرف عننا حاجه زي كده، لما كانوا عاوزين يستنوا يوم الدخله أنا بكره العادات والتقاليد دي أصلا..
كتفت ساعديها أمام صدرها، وهي تهتف بعتاب لطيف
= بس مع ذلك غصب عنك رضخت ليهم شويه والدليل يوم الدخله لما كنت شايف خوف و قلق حنين لكن اصريت زي اي راجل ان الموضوع ده لازم يحصل اول ليله عشان ما حدش يشك فيك وفين وفين لما اتاكدت ان ما فيش امل وهي مرعوبه.. اتنازلت اليوم ده لكن صممت انه يحصل تاني يوم على طول قبل ما يجوا أهلكم.
تلجلج طارق وهو يخبرها بشكلٍ ملحوظ
= مش بالضبط انا فكرت انها مكسوفه وبس.. ما انا بصراحه ما كنتش عارف كل الكلام ده وانها عندها عقد والمشكله كبيره كده غير متاخر.. وبعدين زي اي راجل لما صدقت ان الباب يتقفل عليا مع الانسانه اللي بحبها و كنت ملهوف على الامور دي ونفسي اطمن على نفسي وعليها .
رسمت ابتسامة صغيرة مهذبة على محياها وهي تقول بنبرة جاده
= بص يا طارق ما فيهاش حاجه خالص لما اتنين متجوزين يعدي يوم.. ثلاثة.. شهر حتى وما يحصلش حاجه بينهم مش غلط بالعكس انت المفروض لما تصبر على مراتك انت كده راجل فعلا في نظرها ونظر نفسك.. انما الناس ولا هيفيدوك عملت الشئ ده دلوقتي او اخرته
أخرج طارق منديلًا قماشيًا من جيب بنطاله، جفف به عرقه المتجمع عند جبينه وأجاب وهو يرفرف بجفنيه بحرج
= معاكي حق مش هنكر ان فعلا كلام الناس حواليا وامي خلوني اضغط على حنين واصمم أن ده لازم يحصل ما بينا باسرع وقت!.
قوست شفتيها مغمغمة في هدوءٍ ضائق
= عارف سبب كل حاجه في حياتنا هي التدخل في شؤون الاخرين بشكل صارخ للاسف الشعب بتاعنا شعب غريب لازم يعرف كل تفاصيل حياه بعض رغم المشكله ما بتبقاش مشكلته، فالحين بس نقول على نفسنا مجتمع متدين و احنا تقريبا معظمنا ما يعرفش حاجه عن الدين غير الصلاه وبس.. وتلاقيه حتى بعد خروجه من المسجد ابتدا يجيب في سيره الناس طب دي ابسط حقوق ربنا ما تغتبش حد!
ركزت الطبيبه بصرها على طارق وتابعت
= يعني مثلا في مجتمعنا برده مش فاهمين يعني ايه مفهوم الرجوله الصح؟ غير بان الراجل بيخلف ولا ما بيخلفش! حاجه مضحكه مش كده بنقيم مفهوم الرجوله بالخلفه ولا بيعرف يمارس العلاقه مع مراته ولا لاء.. طب ما ممكن ربنا مش رايد للشخص ده يخلف بس راجل بمعنى الكلمه وممكن يكون بيخلف بس ما يعرفش حاجه عن الرجوله خالص وبياخد فلوس مراته وهي اللي بتصرف عليه واولاده او بيسرق.. يغتال.. يـ.ـغتصب ما دي اكيد مش صفات الرجوله خالص ..
ألقت نظرة سريعة تجاه طارق وعاودت التطلع إليه وهي تضيف
= ولا الحاجات المستفزه بقى اللي بتحصل يوم الفرح! اللي بتخلي ممكن الراجل فعلا بسبب كلامهم وضغطهم ياخذ مراته بالغصب او هي عافيه بقى لازم يحصل الليله حتى لو تعبانه ولا فيها ايه؟ بسبب التعليقات بتاعه يا ترى شرفتنا يا عريس رفعت راسنا، ما انا مش فاهمه يعني هم مالهم بحاجه زي كده ولا هيشرفهم في ايه لما يحصل.. ولا تلاقي الأم واخده بنتها او أبنها على جنب وهاه ايه الأخبار عملتوا ايه امبارح ؟؟.
لم تحد بناظريها عنه وتابعت باقتضابٍ
= رغم ان في حاجه اسمها خصوصيه وما تخصهم خالص، ايوه حتى لو الاهل نفسهم هم مالهم! وبعدين حتى سواء عملوا ولا معملوش هيستفادوا الأهل ايه؟ مش يمكن المشكله في ابنهم أو البنت محتاجه مثلا معامله خاصه من رهبه ليله الدخله واول مره وكده عشان ما تتعقدش و تتصدم والراجل نفس الحكايه اول مره ومحتاج تمهيد ويعمل كده من غير تعب.. المهم هم مبسوطين مع بعض كده ولا لأ هم حرين.. المشكله احنا في مجتمع متدين ودينا بيمنع ده! ومع ذلك مش بنطبق الحاجات دي في حياتنا، بس غيرنا مش متدينين وبيعملوا كده؟ يعني مثلا عمرك ما هتلاقي في اوروبا واحده بتاخد بنتها على جنب وتقولها ايه الأخبار وعملتوا ايه واسفه في الكلمه وريني دليل و قصه المنديل دي كمان حوار لوحده..
أوضحت له الطبيبه ببساطة طبيعه حال المجتمع
= يعني برده من الحاجات اللي بستغربها تلاقي الام ما بتتكلمش خالص في المواضيع دي العلاقه وكده مع اولادها وبالذات البنت قال يعني كده بتفتح عينيها بدري، واحنا بقينا في مجتمع كل حاجه تعرفها بسرعه فالافضل ولادنا يعرفوها مننا.. انما يوم الفرح عادي تبدا فجاه تتكلم بكل جرأة زياده عن اللازم او ما تتكلمش من الأساس وتسيبها كده جاهله في معارف الأمور اللي زي كده وحياتها ممكن تبوظ وتطلق وهي مش فاهمه السبب هي وجوزها، وتبقى معقده بقى ومش عارفه تسعد جوزها ازاي.. وفجاه نيجي يوم الفرح نسال عملتوا ايه امبارح طب هتجوبك ازاي.. يبقى ليه الحشريه دي من الاساس ولا دخلهم اصلا في حياتنا.. للاسف دي اكبر غلطه بيعملوها الاهل من البدايه ما كنتوش بتقولوا حاجه ولا تدخلوا في المواضيع دي مع اولادكم.. يبقى برده استمروا نفس الوضع حتى بعد الجواز ما تساليش ولا تتكلموا في خصوصيات أولادكم.
اهتزت طارق شفتاه وهو يقول بقرار
= معاكي حق في كل كلمه وانا والله من اول يوم كنت بحاول امنع اي حد يتدخل في حياتنا وعاتبت حنين على الموضوع ده كذا مره! لكن بعدين اكتشفت حاجات تانيه كتير انا ما كنتش اعرفها عنها، وبما اننا دلوقتي حلينا جزء كبير فاكيد بعد كده حياتنا هتمشي كده و اتفقنا اصلا ان احنا ما نعرفهمش موضوع ان احنا بنتعالج عند دكتوره هنا عشان دي حاجه ما تخصهمش.
❈-❈-❈
وأخيراً جاء اليوم المنتظر رحيل حنين من منزل عائلتها إلي عيش الزوجيه من جديد،
اقتربت بذلك الأثناء عبير وهي تضع يدها على كتفها بهدوء مختلط مع ابتسامتها الحنونه مع نظرات عينيها
= والله هتقطعي بينا وهتوحشينا بس يلا المهم أن انتٍ وجوزك هتتصالحوا وربنا يهديكٍ ويهدي وتيجي هنا زيارات بس مش متخانقه معاه تاني! خلي بالك من نفسك يا حبيبتي المره دي وحوطي على جوزك ويا رب تكوني اتعلمتي الدرس
مدت حنين يدها لتضعها على كفها المعقود بساعدها ضاغطة عليه برفق وهتفت مؤكدة لها بثقة
= ما تقلقيش ان شاء الله مش هيحصل حاجه
وانا فعلا الفتره اللي فاتت اتعلمت حاجات كتير أوي، هي صحيح ايمان فين عشان اسلم عليها قبل ما امشي انا مش شايفاها خالص من امبارح ليه .
تنهدت عبير مطولاً ثم قالت بزعل
= اتخنقت هي وجوزها امبارح كالعاده وانتٍ بره مع طارق، بس شكلها المره دي الخناقه كبيره، المره دي لمت هدومها وخدت العيال وراحت عند بيت ابوها ومصممه على الطلاق ربنا يستر بقى .
تقلصت المسافة ما بين حاجبي حنين وهي تسألها مستفهمة
= معقول حصل امتى الكلام ده وازاي ما اعرفش! بس اقول لك حاجه كنت متوقعه جدا علاقتها كلها كانت راكبه غلط حتي في الصلح
كنت بحسهم شبه بابا وماما أوي… بس رغم كده ما اتمناش ليهم الطلاق حتى عشان خاطر عيالهم
مطت شفتيها مرددة بعدم إعجاب بائن في عينيها
=ومين سمعك العيال صعبوا عليا أوي وهي بتاخدهم بس هو كمان اخوكي كان منشف دماغه أوي وضربها زي كل مره قدامنا كلنا ومحترمهاش، الواحد بين نارين مش عارف الطلاق فعلا افيد ليهم عشان المناظر اللي بيشوفوها عيالهم دول ولا كل واحد يتربى بعيد عن الثاني ويا عالم هيفضلوا مركزين معاهم ولا العيال هيروحوا في الرجلين
صمتت حنين لحظة تفكر بشيء ما ثم برزت ابتسامتها على شفتيها وهي تسألها بغموضٍ قليل
= هو انتٍ لسه فاكره يا ابله عبير عنوان بيت والد ايمان كان ايه؟ عاوزه اعمل محاوله اخيره يمكن أصلح حاجه.
لم تعترض على محاولتها لعلها تصلح بينهما ثم جاء ردها مباشرًا
= بصراحه لا مش فاكره بقيلي كتير ما رحتش
بس هو قريب من هنا… اقول لك لو محتاجه ضروري تعدي عليها قبل ما جوزك يجي ياخدك، هتلاقي اخوها فاتح محل بقاله على اول الشارع هنا روحي واساليه على العنوان وهو أكيد هيقول لك .
❈-❈-❈
تحركت إيمان من موضعها تجاه حنين التي قد جاءت لتراها في منزل والدها ثم رمقتها بنظرة ضيقة تعكس انزعاجها قبل أن تسألها معاتبة
= يا ترى المحروس اخوكي هو اللي بعتك مستخسر حد يجي هنا يعمل اي محاوله صلح طب ماشي عند بعند بقى والله ما هسكت المره دي وهوصل الموضوع للمحاكم ويبقى يوريني هيطولني انا ولا عياله ازاي
حافظ حنين على نبرتها الهادئة وهي تجيب عليها
= ما تهدي يا ايمان انتٍ شايطه كده ليه مش هو اللي بعتني انا جايه من وراه اسلم عليكي واقول لك كلمتين قبل ما اروح بيت جوزي،
وبعدين مش ده حبيب القلب اللي ما يقدرش يستغنى عنك وذي الخاتم في صباعك إيه اللي غير الأحوال .
أدمعت إيمان عينها بألم وهي تتذكر اهانتها المستمره أمام الجميع من قبل زوجها، لذلك لم يحل سوى الوجوم والتجهم علي وجهها، و صاحت بزعل وهي تشيح بوجهها بعيدًا
=كده يا حنين شمتانه فيا ماشي حقك ما هو العيب مش عليكي العيب على الحماره اللي كانت بتسكت وتعدي قله ادبه وقله القيمه وتحط جزمه في بقها وتقول معلش عدي واقبلي بالقليل.. لكن انا خلاص جبت اخري ومش هسكت تاني، اوعي تكوني فاكره اني كنت فعلا ببقى مبسوطه بقله القيمه دي أنا كنت بس بمثل عليكم لاني متاكده محدش هيقف جنبي بعيالي عشان كده حتى الشكوى ما كنتش بشتكيها وامثل أن انا اللي بحكمه وقادرة عليه .
ابتسمت ابتسامه ارتياح قبل أن تسألها بملامح اكتسبت جدية صريحة
= يااه أخيراً الحمد لله اقتنعتي ان الهبل اللي كنتي بتعمليه والتفكير الغلط ده ما كانش هو الحل وانه بس كان يا دوبك بيعدي المشكله ساعتها بس بيسيب تراكمات بعد كده مش هتعرفوا تحلوها انتم الاثنين وهي اللي وصلتكم لكده.. ما فيش حاجه اسمها يا إيمان
المتعه والسلطه للراجل وبس كده بتدي الحق ان يهين الست وما فيش حاجه اسمها ان الست تستخدم الأساليب اللي كنتي بتستخدميها دي وتقول استخدمها لصالحي واعدي اهانتي عادي واخليه يتمادى .
رفعت ايمان يدها تجاه شعرها المعقود كذيل حصانٍ للخلف وعلقت في استياءٍ ظاهر على صوتها
= هو ايه الكلام الكبير اللي انتٍ بتقوليه ده؟ ايه دخل ده بخنقتي انا وجوزي، هو انتٍ خلاص عشان رحتي لدكتوره نفسيه ولا مش عارفه اسمها اخصائيه هتعملي فيها مصلحه انا مشكلتي غير مشكلتك يا حنين انا يا اختي ولا بتكسف من جوزي ولا بكره العلاقه … ولا اقول لك حاجه انا كرهتها وكرهت كل حاجه منه
نظرت نحوها نظرات مهتمة ثم ردت حنين بنبرة ذات مغزى
= عرفت بقى انها نفس المشكله! ما هو ده اللي بكلمك فيه يا ايمان انك عارفه مشاكلك بس بتحليها غلط وحتى محمود كمان، ايه رايك تجربي مره انتٍ ومحمود وتروحي للدكتوره اللي انا رحتلها انا وطارق وحليتلنا مشاكلنا جربوا مره تعملوا حاجه واحده صح في حياتكم مش تستخدموا الأساليب المقرفه دي في الصلح لحد ما بقيت حساكم نسخه من بابا وماما .
شهقت بصدمة وهي تعلق بتأفف
= انتٍ كمان عاوزانا نكشف مشاكلنا عند الناس الغربه ليه يا اختي للدرجه دي مش عارفين نحل مشاكلنا؟
اغتاظت حنين من اقتناعها المستفز، فتقدمت ناحيتها لتلكزها في كتفها وهي تنهرها هاتفة بإلحاحٍ
=ده على اساس الوضع دلوقتي بينكم انتٍ ومحمود ايه مش واقف على الطلاق واخذتي عيالك هنا في بيت ابوكي؟ بلاش هروب من الواقع يا ايمان انتم فعلا مش عارفين تحلوا مشاكلكم صح.. ولو فضلتي كده تعندوا هتكون اخركم زي بابا وماما محمود مسيره يبعد بعد الطلاق زي بابا بالظبط وانتٍ اللي هتدبسي في عيالك لوحدك ويا عالم اهلك هنا هيكونوا قادرين ولا هتعملي زي ماما وتنزلي تشتغلي هي دي العيشه اللي عاوزاها ؟؟؟
رغم أنها رأت معها حق لكنها لم تقتنع بعد،
لوت ثغرها ببسمة تهكمية، هاتفة في حسرة
= يعني انا لما اروح للدكتوره بتاعتك دي هي اللي هتحللي مشاكلي، هتغير ايه في قله ادب اخوكي ولا ايده الطويله.. ومشاكلنا ليل ونهار
على اتفه الاسباب
أشارت لها براحة يدها قائلة بابتسامة لطيفة لكنها جادة
= عارفه يا ايمان اكتريه العلاقات اللي بتكون فيها خناقات كتير على حاجات مش مستاهله بتكون هروب من حاجه احنا مكسوفين نواجهها لبعض! واكتر المشاكل كمان بتكون ليها علاقه بالعلاقه الحميميه واول ما بتتصلح حاجات كتير بتتصلح معاها في الجواز.. ما تاخديش كلامي تريقه و فكري فيه مره واحده في حياتك، يا ستي جربي خسرانه ايه ما انا قدامك اهو كنت خلاص واقفه على الطلاق ودلوقتي اهو رايحه بيت جوزي وبسبب الدكتوره دي أو بمعنى اوضح عشان واجهت مشكلتي واعترفت بيها انا وطارق.
تساءلت إيمان في نوعٍ من الحيرة
= انا بصراحه مستغرباكي انتٍ وجوزك زي ما تكون عملتلكم سحر ده انتٍ كنتي هتموتي وتطلقي ومش طايقاه وفجاه بقيتي طالعه خارجه معاه و بقيتي تضحكي وتهزري لحد ما قلتي خلاص انا راجعه له مش عارفه بقى عملت لكم ايه بالظبط غيرت حالكم كده .
أخبرتها حنين عن ثقة عجيبة وهي توضح لها
=جربي وشوفي بنفسك انتٍ ومحمود وانتٍ هتعرفي بتعمل ايه، جايز تقدر تصلح حاجه وممكن لا، في النهايه القرار بايديكم.. بس خليها محاوله أخيره عشان خاطر اولادكم وحبكم لبعض اللي حتي بتحبوا لبعض بطريقه غلط.
صمتت قليلاً لتفكر بالأمر فوجدت نفسها ليس لديها حل آخر فلما لا تجرب ربما ينفع معها الامر، فردت بكبرياءٍ جريح
= ماشي يا حنين خليني وراكي مش هخسر حاجه على رايك، بس شوفي يا اختي هتقنعي اخوكي ازاي! ويكون في علمك انا هفضل زيك في بيت أبويا هنا عشان ما يفكرنيش اتنازلت بسهوله المره دي ورجعله عادي .
نظرت حنين نحوها بابتسامةٍ راضية، ثم ربتت على كتفها قائلة بجدية شديدة
= سيبي محمود عليا، وانتٍ فعلا لازم تفضلي بعيد عنه عشان ما تسرعوش ولا هو يكبر دماغه في نصف العلاج ويقول يلا كفايه كده طالما هي معايا، لازم يتعب المره دي عشان يعرف قيمتك… ما ترخصيش نفسك تاني يا ايمان انتٍ غاليه وما تستاهليش حد يهينك حتى لو كان جوزك والسكوت على غلط و الإهانة دي حاجه مرفوضه في العلاقه الزوجيه نهاء وده اللي لازم نعترفي بيه.. يعني تحترميه و يحترمك .
شعرت إيمان بالراحه أثر ذلك حديثها وذلك زاد رغبتها أكثر في تكوين شخصيه لها والذهاب الى تلك الطبيبه حقا.
❈-❈-❈
تحرك طارق بسرعه حتى يصل لمنزل خالته ليأخذ حنين، كان متحمس جدآ فقد سمحت لهم الطبيبه يعودون الى بعضهم البعض أخيرا و يمارسون أيضاً حياتهما بشكل طبيعي للغاية،
لم ينكر شعوره بالقلق بأن تظل حنين كما هي رغم كل التعب الذي شعر به ليصل الى تلك الخطوه!
فإذا تمكنت حنين اليوم من تغيير جميع مشاعرها بشغف، فإنها ستكون قد تجاوزت كل العقبات والمشاكل في حياتها بنجاح. هذا ما أخبرته به الطبيبة، لكنها حذرته أيضًا من أنها قد تبقى كما هي وتحتاج إلى مزيد من الوقت والعلاج.
حاول ألا يتشائم، فقد رأى بنفسه تغييرًا كبيرًا في حالة حنين، لكنه مع ذلك ينتظر اليوم ليؤكد ذلك ويطرد كل ظنونه السيئة عنها.
وصل أخيرًا إلى منزل عائلتها، وقبل أن يطرق الباب، استمع إلى صوت والدتها وهي تتحدث مع عبير، زوجة ابنها البكر المتوفي، قائلةً
= ربنا يهديها وتعرف تمايل دماغ ايمان، زي ما ربنا هداها وهترجع لجوزها النهارده، اكيد حنين هتقولها نفس اللي قلتهلها وخافت و رجعت لجوزها عشانه… ان ممكن بعد عمر طويل ما يصرفش على الواد اللي في بطنها ويحصلها زي ما حصل معايا زمان وعبد الحميد سابني لما لقاني بشتغل انا حسيتها خافت وقلقت اول ما قلتلها وشرحتلها كل الاوضاع دي.. ما فيش راجل يتامن في الزمن ده حتى لو بيحبها .
شعر طارق بالصدمة والألم، فهل يعني ذلك أن حنين لم تعود له لأنها تحبه كما كانت تخبره و تأتي معه جلسات العلاج؟ أم لأنها شعرت بالقلق من أن تعيش حياة مأساوية مثل والدتها معه فذلك يعني أنها للمرة الثانية تخدعه.
لم يستطع الانتظار أكثر بعد معرفته الحقيقة وسبب عودة حنين له التفت ليغادر، وعندما هبط، لمح حنين عائدة مع شاب من الخارج، وعندما دقق في ملامحه، أدرك أنه شقيق إيمان زوجة أخيها، فهو يعرفه جيدًا لأنه سبق وتقدم لها عندما كانت صغيرة، لكن أهلها رفضوا بسبب عمرها. لكن ماذا تفعل معه ولماذا هي هنا ولا تنتظر في الأعلى؟
تقدم طارق بسرعه بغضب مكتوم وصاح بغيرة
= حنين!.
التفتت له وابتسمت ابتسامة عريضة وهي تردد
= طارق انت جيت ثواني هطلع اجيب شنطتي بسرعه واجي معاك..
❈-❈-❈
في منزل طارق، تحرك هو إلى الأمام وتبعته حنين بعينيها متعجبه من حالته الصامته منذ عودتها إلى هنا، فقد توقعت بانه سيكون سعيدة للغاية اليوم بسبب عودتها معه، سارت خلفه و وصل إلى غرفتهما التي كانت مرتبة نظرت بعينيها إليها تتفحصها لكنها لمحت توجه طارق إلى باب الغرفة
وقبل أن يخرج منها ناديته التفت برأسه اليها دون حديث ثم انصرف دون أن ينتظر أي كلمه منها، وهنا شعرت بأنها قد فعلت شيء بالتأكيد جعلته يتجاهلها كذلك لكنها ليست متذكره !.
ظل صامت فتجمدت أعينها على تعبيراته الشاردة، خشيت أن يكون أصابه مكروه ما فتساءلت باهتمام كبير
= طارق هو انت مالك في حاجه مضايقاك مني أو انا عملت حاجه؟؟
حملق مباشرة في عينيها قائلاً بحده
= هو انتٍ كنتي بتعملي ايه مع الزفت اخو إيمان ده؟ وازاي تخرجي اصلا من غير ما تقوليلي وانتٍ عارفه ان انا جاي اخدك ونرجع البيت.. مش ده برده اللي اتقدملك زمان ولولا كنتي لسه صغيره اهلك رفضوا ولحد دلوقتي اسمع انه لسه عازب و ما اتجوزش
مطت شفتيها المكتنزتين مرددة بإعجاب بائن في عينيها بلمحه مكر
= ممم ده انت غيران بقى!.
حل الوجوم ملامحه وهتف بعصبية مكتومه
= حنين انا مش بهزر دلوقتي ردي عليا ايه اللي خلاكي تروحي مع الزفت ده وباي حق كنتي معاه وخرجتي
توترت من نبرته الغاضبة رغم هدوئها، خشيت أن يحدث مشاحنات بينهما باول ليله بعد عودتها هنا، فردت على سؤاله المريب مستفهمة
= طب اهدى مالك متعصب كده ليه الموضوع بسيط! أنا كنت مستنياك فعلا بس عرفت ان ايمان ومحمود اتخانقوا و واقفين على الطلاق ففكرت أن اعمل محاوله اخيره واعرض عليها انها تروح لدكتوره امل هم الاثنين ممكن تصلح حاجه.. انا اكتر واحده عارفه اصلا علاقتهم اللي كلها غلط في غلط
عقد حاجيبة باهتمام قائلاً بنبرة شبه غاضبة
= وهو ايه داخله بكده؟ قابلتيه فين لما انتٍ رايحه تصالحي اخته
تعجبت من انفعاله الزائد، ومع ذلك بررت اعتقادها قائلة
= ما كنتش اعرف بيتهم بس ابله عبير قالتلي اخوها فاتح محل قريب مننا روحي واساليه وهو كثر خيره اصر يوصلني بحكم يعني ان انا مش عارفه المنطقه كويس وعشان ما حدش يضايقني، معلش حقك عليا عارفه ان انا كان لازم اقول لك بس ما كانش عندي وقت وكنتي خايفه امشي من هنا يطلقوا ولا حاجه
رفع يده مشيرًا بصلابة وهو يقول بحده
= ده مش مبرر يا حنين ولو كنتي استنيتيني وقلتيلي كنت هوديكي بنفسي ما تتصرفيش من دماغك تاني، عشان ده اسمه بتقرطسي جوزك لما تروحي مع واحد وانتٍ عارفه كويس
انه كان عاوزك وعينه منك افرضي كان عملك حاجه في السكه ولا ضايقك .
ردت بارتباك جلي محاولة نفي الأمر تمامًا
= بس هو والله العظيم ما عمليش حاجه وكان ذوق وكويس معايا وما فتحنيش خالص في اي حاجه، غير بس كان بيكلمني ان هو كمان مش عاوز خراب البيت لاخته بس لازم محمود يمسك اعصابه ويبطل يتعصب عليها
دنا خطوتين نحوها قائلاً بكلمات موحية ذات مغزى مخيف وقد توهجت نظراته
= هو انا لسه هستنى لما يعمل لك حاجه، ما تفتحي مخك وبطلي السذاجه اللي انتٍ فيها دي، ما يمكن داخلك من السكه دي ولما صدق ولا يفهمك غلط ويفكر ان انتٍ كمان بترمي معاه عشان في مشاكل بينك وبين جوزك ما هي اكيد مرات اخوكي برده قالتله مش الهانم بتطلع اسرارنا بره
انفرجت شفتاها مصدومة من طريقته المريبه معها، فردت بتوجس
= آآ انا ما فكرتش في كل ده بس انا والله العظيم ما بكذب معاك هو ما حاولش خالص يضايقني ولا يقولي اي حاجه عن موضوع زمان، وبعدين ما كانش في موضوع اصلا يا طارق كلام فاتحه مع اخويا وانتهى من غير ما حد يقولي وانا عرفت بالصدفه من ايمان..
نظر طارق لها بغيظ ليرد بنبرة متصلبة
= برده! هو انتٍ ما بتفهميش دماغك دي مقفله ما لكيش عقل، اسمعي كلامي و ما لكيش دعوه بيه مش هستنى لما يعمل لك حاجه وبعد كده أخذ رده فعل
عاتبت حنين نفسها بقسوة لكونها لم تفكر في كل هذا وهذه المخاطرة من البدايه، فردت قائلة بارتباك
= طب خلاص اهدى انت متعصب ليه حاضر انا اسفه مش هعمل حاجه تانيه من وراك، انت معاك حق فعلا انا اتصرفت من غير ما افكر كويس بس والله كانت نيتي خير.. حقك عليا ما تزعلش مني
جز علي أسنانه وسألها مباشرة ليتأكد من ظنونه
= قلتلي المره اللي فاتت كده و برده اتصرفتي من دماغك هو انا ما بقتش مالي عينيكي! ولا الهانم عشان رجعتلي عشان بس خاطر اللي في بطنها وخافت ان انا مصرفش عليه واعمل نفس اللي عمله ابوها مع امها فخلاص هتعتبرني مش موجود.
اهتزت حنين شفتاها وهي تقول بصدمة
= نعم انت جبت الكلام ده منين؟ مش حقيقي طبعاً هو انا لو كانت هي دي نيتي كنت وفرت حكايه الجلسات دي وقلت لك بلاها وانا هرجعلك كده وهحاول من نفسي
تنهد بشرودٍ وتحدث موضحًا بنفس اللهجة الجادة
= بس كلام امك كان غير أنا سمعتها بالصدفه قبل ما نيجي هنا، انها حذرتك ان انا ممكن اطلقك وبعد كده ما اصرفش علي أبني و كلامها أثر فيكي ومن بعدها غيرتي واجهه نظرك في الطلاق
ارتعدت من احتمالية تصديق الأمر وهو غير حقيقية بالتأكيد فتعللت بتوتر
= تلاقي ده اللي فهمته لكن انا ما رجعتش عشان خاطر اللي في بطني ولا خفت انك ما تصرفش عليه رغم ان انا فعلا ما كنتش ضامنه ده وطبيعي طالما شايفه ابويا عمل كده، لكن بعد كده فضلت اعند معاها وقلتلها المفروض ما نقتنعش بكده ولا نخليهم يتحكموا فينا.. وبعدها انت جيتلي وقلتلي لو عايزه تطلقي مني خلينا نجرب شهر ونروح عند الدكتوره وانا رفضت بس لما فضلت تضغط عليا يومها وافقت و مع الجلسات ابتدأت فعلا اتعالج و اشوف اخطائي واخطائك وحسيت انك فعلا تستاهل الفرصه الثانيه عشان بحبك وبتحبني واستحملتني حتى لو غلطت و كنت معايا وبتعافر في العلاقه دي عشان تنجح
أبتسم بسخرية مريرة مجيبًا إياها بفتورٍ
= اتمنى فعلا يكون ده صح عشان عارفه يا حنين لو كلام والدتك هو الصح وانتٍ رجعتلي عشان كده معناه ايه؟ انك هترجعي تمثلي ثاني وانتٍ معايا.. و يبقى كل اللي عملناه على الفاضي !.
اهتزت نبرتها مع دموعها الساقطة وهي ترد بإصرار
=والله العظيم ما بكدب في كلمه اعمل لك ايه عشان تصدقني! يا طارق ما احنا ساعات كنا بنيجي هنا ونجرب مع بعض وانت اعترفت بنفسك انك بقيت تحس ان انا ببدلك باحساس وحب ويجي مني وما كنتش بارده معاك زي زمان يبقى كل ده كنت بمثل عليك.. هم ما كانوش عارفين ان بتعالج و ما اقتنعوش اصلا حتى بعد ما قلتلهم حاجه زي كده لكن انت كنت عارف ومعايا خطوه بخطوه
مط فمه دون أن ينطق بشيء، فاقتربت منه برجاء وهي تهتف بنبرة مهتزة
= يا طارق رد عليا انت مش مصدقني ليه؟ طب وحياه ابني اللي لسه ما جاش ما بكذب عليك في حرف انا رجعتلك عشان بحبك واحترمت فيك حاجات كتير ما كنتش شايفاها في الاول ولا مقدراها.. احنا عدينا حاجات كتير مع بعض المفروض تثبتلك أن اتغيرت.. وبعدين اصلا حكايه التمثيل ده انا عملتها مره واحده وندمت و وعدتك مش هعملها تاني .
ارتفع طارق حاجباه للأعلى مرددًا بوجع
= حنين انتٍ وجعتيني أوي في حاجات كتير زمان واللي راح كوم واللي جاي كوم تاني فعلا لو صح! مش عشان كل مره بعدي ومتمسك بيكي هتفتكريني هفضل كده انا بالنهاية بني ادم وليا طاقه ونفسي ما اوصلش للمرحله دي بجد معاكي .
تلاحقت أنفاسها وشحب لون بشرتها الطبيعي بخوف مضاعف، ظلت أنظارها المتوترة مسلطة على عينيه الحادتين فعاودت تقول بإصرار ويأس
= برده مش مصدق! وبعدين يا طارق هي دي الحياه اللي قلنا اول ما ندخل هنا هنرمي كل الماضي ورانا… ما انت من البدايه مش مصدقني وصدقت كلمتين سمعتهم من ماما المفروض تصدقني انا، انا عارفه ان زمان كان ليا تصرفات كتير غلط بس الوضع دلوقتي اختلف واذا كان على إيمان اللي رحتلها من وراك ولا روحت مع اخوها ولا كلام ماما و رجوعي هنا فدي كلها غلطات اتصرفتها بنيه صافيه الا موضوع ماما هي فهمت غلط وانا بقول لك الحقيقه .
تطلع نحوها مطولاً بصمت ثم تركها و رحل، بينما ظلت حنين مكانها مصدومه تشعر بالحزن من قضاء اول ليله في حياتهما بعد عودتها من رحله شقاء قد صاروها هم الاثنين، لكن هل ستستسلم لهواجسه وظنه السيء والذي معه الحق بسبب تصرفاتها الماضيه؟
هزت رأسها بإصرار وتحركت تجاه حقيبتها لتخرج قميص نوم لترتدي!.
ارتجف بدنها وهي تنظر إلى انعكاس هيئتها في المرآة بعد أن ارتدت ذلك الثوب المغري، لم تتخيل حنين أن تبدو هكذا بكل ذلك الإغراء، حتى وقت قريب كانت تبدو كفتاة عادية حتي مع زوجها، لكنها الآن تنافس أكثرهن جمالاً وإغراءً، تحركت بخطوات متردده الى الخارج لتبحث عنه.
كتم طارق شهقة مصدومة وهو يراها تلج إلى الغرفه الذي يجلس فيها بذلك الشكل، مرر أنظاره ببطء على جسدها المنحوت بطريقة مثيرة للغاية بإعجابٍ لكنه بصعوبه حاول عدم اظهار ذلك
عضت حنين على شفتها السفلى بخجلٍ تسرب أيضًا إلى حمرة وجنتيها وهي تقترب منه و احتضنتها دون أي مقدمات واستعطفته بنبرتها الناعمة
= انا بحبك أوي انت ليه مش عاوز تصدقني؟ بحبك لدرجه غفرتلك جوازك التاني ودي كانت اكتر حاجه بكرهها و معقداني بسبب بابا بس حاولت الاقيلك اعذار واشوف الحاجات الحلوه واسامح، طب اقول لك على حاجه كمان كنت هغفرلك لو زينه طلعت حامل ما كنتش هقدر ابعد عنك رغم انها كانت حاجه هتوجعني أوي وقتها .
قطب جبينه متفرسًا ردة فعلها الخائفة، ومع ذلك لم يجادلها في السابق وتسأل بدهشة
= انتٍ بتقولي ايه؟ ايه اللي فتح موضوع زينه دلوقتي وحمل ايه
أجابته بجدية وهي تتلفت برأسها بهدوء
= زينه جت تزورني و تطلب السماح كانت فاكره أن هقدر ادخلها حياتي من تاني و اثق فيها، في ايمان قالت قدامها أنها ممكن تكون حامل عشان كده راجعه بعين قويه لكن الحمد لله هي نفت وقالت انها مش بتخلف اصلا.. انا خرجتها من حياتي وقتها لاني ما كنتش حاسه انها نفس صاحبتي بتاعه زمان وغصب عني شكيت فيها انها جايه لسبب تاني وعاوزه تاخدك مني من جديد.. وانا ما كنتش هستحمل ده، انك تعملها تاني وتروح لغيري
مد يده ليداعب وجنتها قائلاً بصوت جاد
= حنين انا قد كلمتي عمري ما هعمل حاجه زي كده من جديد، واذا لزم الامر لحاجه قدام احنا لسه مش عارفينها في علم الغيب فما تقلقيش هيكون عندك علم بيها من قبل ما اعملها
رسمت تعابير جامدة على وجهها وهي تقول بصرامة وتهديد علني
= ومين قال لك اصلا أن انا هسمحلك حتى تعملها ولو بعلمي، طارق انت ما فيش واحده هتستجراه تاخدك منك تاني.. سامعني! واذا سكت المره دي فالمره الجايه مش هسكت ولو وصلت لاقتلك واقتلها هعمل كده والله العظيم انت ليا انا و بس يا طارق…
رفع حاجيبة للاعلي معمقًا من نظراته نحوها بتهكم، في حين ارتجافة شفتيها المغريتين كانت تحمسه لنيل عدد لا نهائي من القبلات، قاوم غريزته الجامحة مرددًا بغطرسة زائفة
= تقتليني مره واحده! طب انتٍ هتفرق معاكي في ايه؟ مش انتٍ كده كده راجعه عشان اللي في بطنك ومش فارق معاكي جوزك تاخدي اذنه اما تروحي اي مكان
حثها حدسها الأنثوي على متابعة ما تفعله فاكتفت بالابتسام له وظلت تتنفس بعمق لتضبط انفعالاتها المتوترة ثم هتفت بإصرار عنيد
= انا مش هقعد ابررلك كثير وانا قلت الحقيقه وانت حر، بس اوعي انت اللي تعملها مبرر عشان تروح لحد تاني، ما تختبرش صبري يا طارق انا بتكلم بجد مش هسمحلك المره دي تعملها وهمسك فيك بايدي واسناني.. ولو شفت واحده بس بتفكر تقرب منك هتخانق وهجيبها من شعرها وهعمل كل حاجه ممكن تتخيلها الا ان اسكت واطنش زي المره اللي فاتت انا ندمت اصلا ان انا سكت لزينه و ما رحتلهاش واتخانقت معاها عشان اعجبت بحاجه بتاعتي من الاساس وحقي لوحدي.
أعجبه نبره تملكها عنه وشرد من جديد للحظة في ملامحها، أيعقل أن اخيرا سيطبق الخيال بالواقع الذي كان يشتهيه معها، لف ذراعه حول خصرها ليضمها إليه وهو يقول بغيرة
= بجد بتحبني للدرجه دي؟ وشايفين ان انا حقك وبتاعك لوحدك زي ما انا شايفك كده ومسكتي اعصابي بالعافيه و ما رحتش اتخنقت مع اخو ايمان .
اتسعت ابتسامتها محركة رأسها بالإيجاب لتقول له بثقة
= اه يا طارق انت معاك حق الغيره وحشه على اللي بنحبهم خصوصا لما يكونوا مع شخص
معجب بيهم، انا اسفه مش هعمل كده تاني وكل حاجه كبيره وصغيره هعرفها لك بعد كده .
هز رأسه طارق ثم همس لها بتنهيدة عاشقة
= وانتٍ كمان ايا كان اللي قالتهلك زينه واللي مش عاوز اعرفه فخليكي متاكده أن انا كمان بحبك وعمري ما هبص لغيرك تاني… وبعدين انا ما بصيتش اصلا لغيرك اولاني و زينه ولا قصرت معايا في حاجه ولا غيرها الا انتٍ بس مكانك هيفضل محفوظ مهما رحت وجيت..
تحولت نظراتها للاحتقان واندفعت دمائها الثائرة أثر الغيرة في عروقها سريعًا لتحول لون بشرتها للحمرة الملتهبة، وقالت بشراسة
= وانا مش هسمح اصلا لواحده تاخد مكاني ولا انت تفكر تروح لغيري، سامعني! انا لسه عند كلامي اي واحده تفكر تقرب منك هاكلها باسناني
تحول الوجوم الذي كسا ملامحه إلى حماس عجيب، وهتف طارق بإعجاب
= شاطره مش انا حقك براحتك مش همنعك اعملي مبادلك، وبعدين انا حبك حتى كده و انتٍ مجنونه.. وبعشقك حتى وانتٍ بعيد عني وتعباني معاكي .
ردت باشتياق ملتاع دون تفكير وهي تطالعه بنظراتها الرومانسية
= انا عمري ما هبعد عنك تاني يا طارق… انت حياتي و روحي كلها.. بحبك وما تزعلش مني على اي حاجه عملتها .
تنهد بعمق وهو يجوب بنظراته الدقيقة على تفاصيلها التي أثارته كان يتأملها باهتمام، خاصة وأن ملابسها قد منحتها هالة سحرية تأسر الأعين نحوها، كانت مختلفة عن أي مرة هي اليوم تبهره وتجعله يزداد رغبة فيها، ابتلع لعابه الذي سال مقتربًا أكثر منها بوجهه وقال باستسلام واعترف
= وانا بموت فيكي يا حنين، ومش هقدر ابعد عنك تاني ولا اجرحك حقك عليا .
ابتسمت حنين باتساع بينما انحنى طارق برأسه عليها ليقبلها قبلة حارة على شفتيها بث فيها أشواقه وتلهفه على عودتها الى المنزل من جديد أخيراً، بادلته حنين الأشواق
والأحاسيس التي افتقدها منذ غيابها عنه لعدة أشهــر..
سعد طارق بمبادلتها فبدأ في مغازلة حنين بكلماته ومداعبتها بطريقته المعتادة معها لكن هذه المره بشكل افضل وملحوظ حيث كانت تبتسم وتتفاعل معه بسلاسة! نتيجه لحل كل المشاكل والعقود التي كانت بها، لقد استطاع أن يأخذها في عالم خاص بهما فقط، ويشعر فيه انهم عاشقين ويرتويان فيه بالحب والغرام…
غرقت الأخري في بحور من الغرام والعشق، و تذوق طارق طعم السعادة الحقيقية التي كان مفتقدها حتى انه تناسي ما حدث للتو وغضبه وظنه الخطأ.. لكن الآن طوي الاثنين تلك الصفحة المظلمة من حياتها للأبد…
لترسم حنين معه لأول مرة في تاريخ علاقتهما بصمتها في الحب والرغبة… وهذه المرة، من وجهة نظر طارق؟ كانت فتاة ناضجة بحق يستمتع معها وتسعده وليست نصف عذراء.
الـنـهـايــــة.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (نصف عذراء) اسم الرواية