Ads by Google X

رواية رهينة بين يدي منافق الفصل الحادي عشر 11 - بقلم مريم محمد

الصفحة الرئيسية

 رواية رهينة بين يدي منافق الفصل الحادي عشر 11 - بقلم مريم محمد

قد كان بالخُلُقِ العظيم عظيما ، ويبذل ما ملكت يداه كريما
وبرفقه بالخلق أرأفهم بهم ، حتى غدا بالمؤمنين رحيما
وبنشره الوحي المبين رسالةً ، عن ربه نهجاً أغرّ قويما
يا مَنْ ترومون الشفاعة في غدٍ ، صلوا عليه وسلموا تسليما
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد 
بقلم/مريم محمد عبد القادر 

تاني يوم مع شروق الشمس كانت لابسه أسود وماشيه بحزن لحد ما وصلت للمقابر، بصت لحارس المقابر واتكلمت بهدوء : صباح الخير يا حج خيري 

خيري : صباح النور يا ست صباح، خير اللهم اجعله خير، ايه اللي جايبك المقابر الساعة دي ولوحدك كمان !؟

صباح : وحشني الحبايب وقعدتهم فقولت اجي اقرألهم الفاتحة واتونس بالقعدة جارهم، يمكن قلبي المحروق يرتاح شوية

خيري : خير يا ست صباح !! أنا مش متعود عليكي مهمومه كده، ايه اللي جرى طمني قلبي !؟

صباح الدموع لمعت في عينيها وقبضت على عبايتها السودا بتحاول تتماسك : مصيبة وحلت على راسنا يا حج، دخلني بس الله يسترك رجلي وجعاني من السكة 

خيري ماحبش يضغط عليها أكتر من كده وراح فتحلها بوابة المقابر وبصلها بشفقة؛ فهو عمره ما شاف صباح بالكسرة دي غير يوم وفاة والد ووالدة يامن ومليكة : ربنا يصبر قلوبكم يا ست الناس، ويفرج كربكم في القريب العاجل

صباح : يا رب يا حج يسمع من بوءك ربنا

سابته ودخلت مقابر عيلة العزاوي وراحت جابت جردل مياه ومشت لحد ماوصلت عند قبر عزيز وصابرين وبدأت ترش المياه على الزرع اللي حولين القبر، وبعد ما خلصت قعدت في الأرض وقرأت الفاتحة وبصت للقبر بحزن : ياريتكم كنتوا معايا ولا سيبتوني كده لوحدي، مش يمكن لو كنت هنا يا عزيز بيه كنت عرفت تتصرف وترجع بنتك بدل ما أخوها عقله قرب يشت من الدوخة عليها واللف في الشوارع من غير فايدة

دموعها نزلت وهي بتتكلم : ده يا حبة عيني كل يوم يرجع البيت متبهدل ولا اللي عقله خف ويطلع على طول على أوضة اخته يحبس نفسه فيها لتاني يوم، ولا بيدوق الزاد حتى لحد ماخس النص وبقى عامل زي عود القصب، ويطلع تانى يوم من النجمة يكمل تدوير عليها

سكتت شوية تنظم أنفاسها وكملت : أنا هموت من الخوف على مليكة، والله البت كانت حنينة وبتتقي ربنا وعمرها ما اذت حد ابدا ، قلبها ده كان زي قلب الأطفال، كانت بتحب الحياة وبتحب تفرح وتفرح اللي حوليها، دايما قلبها على غيرها وكل همها راحة أخوها وسعادته، مين بس اللي خطـ.فها وليه !؟ اذتهم في ايه الغلبانه دي عشان يعملوا فيها كده !؟ حسبي الله ونعم الوكيل فيهم واحد واحد، يارب أنت المنتقم 

سكتت شوية كمان ومشت ايدها على القبر وبتتكلم بخوف : ويامن يا قلبي هيموت نفسه عليها، يا خوفي الولد يروح مني هو كمان زي ما أخته راحت، هعمل أنا ايه من بعدهم !؟ هعيش إزاى بس ولمين !؟ ده أنا حياتي كلها وهبتهاا ليهم ومن غيرهم ماتسواش حاجة، ياريتكم كنتوا معايا تساعدوني في اللي أنا فيه ده بدل مانا قاعدة زي خيبتها كده 

حطت ايدها على قلبها وعيطت بعنف : حقكم عليا، عارفه إنكم زعلانين مني عشان ماصونتش أمانتكم اللى وصيتوني عليها بس غصب عني والله غصب عني، ماعرفش كل ده حصل إزاى !؟ في ليلة واحدة الدنيا كلها اتقلبت فوق راسنا وكل حاجة حصلت من غير ما نحس بيها، ياريت في ايدي حاجة اقدر أعملها ماكنتش اتأخرت ابدا، يارب رحمتك ولطفك بينا يارب 

فضلت كتير جدا قاعده تعيط وتتكلم كأنها ماصدقت تلاقي فرصة تخرج كل الكلام والمشاعر اللي جواها، وعلى مسافة بعيدة منها كان واقف الحج خيري بيراقبها وهو بيخبط كف على كف ومشفق على حالتها

قرب منه شاب كان بيساعده في العناية بالمقابر ودفن الأموات : صباح الخير يا حج خيري، في ناس جايين يدفنوا

خيري : دلوقتى !؟

الشاب : ايوه الراجل توفى امبارح بالليل ويادوب الصبح غسلوه وصلوا عليه وجايين على هنا على طول، كلها شوية وقت يادوب نلحق نجهزله مكان

خيري حرك راسه بفهم : يلا بينا على بركة الله، ربنا يرحم جميع أموات المسلمين

الشاب: اللهم آمين

راحوا الاتنين وجهزوا كل حاجة وبعد الدفنه خيري بص على صباح اللي لسه قاعده مكانها وبص للشاب : خد أما اقولك يا واد يا سامي 

سامي : اؤمرني يا حج 

خيري : الأمر لله، شايف الحجة اللي قاعده هناك دي، بقالها كذا ساعة هنا فلو تروح تديها شوية مياه وتطمن عليها ربنا يجازيك خير

سامي : حاضر يا حج

وفعلا أخد مياه وراح لصباح يطمن عليها، وساعدها تشرب وقومها من على الأرض : مايصحش كده يا حجة أنتى كده بتتعبي روحك

صباح : روحي تعبانه أصلا يابني قولت يمكن لما اقعد مع الغاليين أرتاح، بس لا الغاليين بيردوا ولا روحي بترتاح

سامي : وحدي الله يا أمي، تحبي اروحك البيت شكلك تعبانه أوي

صباح طبطبت على كتفه : تسلم يابني، ربنا ينفع بيك عبيده ويسعدك

مشت صباح وروحت الفيلا وأول ما دخلت لقت لمياء في وشها اللي جرت عليها بلهفة : أبلة صباح أنتي كويسة !؟

صباح : سنديني يا لميا عايزة أدخل اوضتي

لمياء سندتها لحد ما قعدت على السرير في الأوضة وهي قعدت قصادها : قلقتي قلبي عليكي يا ابله، كنتي فين كل ده !؟

صباح : كنت بقرأ الفاتحة للمرحومين أبو وأم يامن

لمياء : ربنا يرحمهم ويغفر لهم

صباح : اللهم آمين، قوليلي يامن صحى ولا لسه !؟

لمياء : من بدري أوي، وسأل عليكي قولتله إنك في السوق بتجيبي حاجة الشهر عشان مايقلقش، وحضرتله الفطار يادوب آكل لقمه صغيرة وكان جاسم بيه وصل اخده معاه ومشي قالوا رايحين الشركة

صباح حركت راسها بفهم : طيب سيبيني أنام شوية أحسن تعبانه من المشوار

لمياء : ألف سلامة عليكي يا أبله

صباح : الله يسلمك يابنتي

قامت تغير ولمياء سابتها ترتاح شوية وراحت هي تشوف شغل البيت 

******** 
يامن وجاسم كانوا قاعدين في مكتب يامن في الشركة وبيتكلموا، جاسم : زي ما قولتلك، كل اللى هنا مشتبه فيهم حتى أنا ويوسف الكل بلا استثناء

يامن رفع راسه وبصله : أنت ويوسف ابعد ما يكون عن الموضوع ده

جاسم : وأنت ايش عرفك أنت بقى إننا أبعد ما يكون عن الموضوع !؟

سكت شوية وبعدها بصله بتردد : أنا في حاجة كانت شاغله بالي من فترة الصراحة بس متردد اقولهالك 

يامن : ايه هي !؟

جاسم أخد نفس طويل وبصله بجدية : أنا شاكك في يوسف

يامن كان هيعترض بس هو رفع ايده قدامه وكمل : قبل ماتعترض على أي حاجة اسمع اللى عندي الأول 

يامن شاورله يتكلم وهو : أنا عارف إن جو صديقنا من أيام الجامعة بس برضه ماتنساش إنه يعتبر دخيل علينا، ده بمقارنه عدد سنين معرفتى بيك ومعرفته هو بيك، طول عمري مش برتاح ليه أو ممكن نقول أنى مش برتاح في التعامل معاه زي مابتعامل معاك، مهما يحصل في الأول ولا في الآخر أنت أخويا أي نعم أنا اكبر منك بيجي أربع سنين بس بحسك توأمي غير جو

سكت شوية واتنهد بضيق وقال كلامه كله مرة واحده : وبصراحة بقى أنا من ساعة موضوع الفلوس والحركة البايخه اللى عملها دي وأنا مقفول من ، ده كأن الفلوس كانت أهم عنده من روح مليكة

نفخ بضيق كبير : ولا صحيح هو هيقلق عليها ليه وهي ماتعنيش ليه أى حاجة، هي أختنا إحنا إنما هو فغريب عنها

يامن كل ده كان بيسمعه باهتمام وقال بعد ماخلص : بس كل ده مش سبب يخليه هو الفاعل، اي نعم هو مش قريب منك أوي بس هو صديقي الصدوق من أيام الجامعة، أنا وهو كنا في سنة واحدة ومدرج واحد وطول سنين الجامعة كنا مع بعض عمرنا ماتفرقنا وعمري ما اذيته في حاجة عشان يأذيني في مليكة 

جاسم رجع بظهره لورا واستريح في قعدته : أنا مش بقول إنه هو اكيد الفاعل بس بقول مشتبه بيه، إحنا مانعرفش نفوس الناس فيها ايه واديك شوفت أهو دنيا كانت صاحبة مليكة وفي الآخر خانتها، فأنت ماتعرفش هو شايلك ايه جوه قلبه، عموما بما أنى اتكلمت وقولتلك عن احساسي فعايزك تعفيني من التعامل معاه او تفرض عليا أنى اعامله زي أخويا لأن ده بيضغطني، وأنا بصراحة كنت باجي على نفسى عشانك وعشان ماتزعلش أنى مش بتعامل مع صاحبك بس لحد هنا وكفاية، التعامل بينا هيكون عادي مجرد زمايل في الشغل وخلاص لأنى بجد تعبت من تمثيلية الأخوة الكدابة دي

يامن اتنهد بضيق وهو مش عارف يرد عليه يقول ايه، هو اكيد مش هيجبره يعتبر يوسف اخوه غصب عنه بس هو حاسس إن ده مش وقته أصلا الكلام في المواضيع دي

جاسم : المهم، هتعمل ايه بقى !؟ ايه هي خططتك عشان تعرف الجاني !؟

يامن رفع كتافة بجهل : مش عارف والله يا جاسم المفروض أعمل ايه يعني !؟ اراقب كل واحد !؟ طيب إزاى هراقب كل العدد ده

حط راسه بين ايديه واتنهد : كنت بفكر أطلب من محمود يساعدني، ممكن يزرعلي كاميرات مراقبة واجهزة تنصت مثلا وبكده أعرف مين اللي بيخوني 

جاسم : فكرة كويسة، خلينا نبدأ على طول، أهو عى الأقل ناخد خطوة لقدام، ونراقب المحيط اللى حولينا بدل ماحنا واقفين محلك سر كده

يامن حرك راسه بموافقة على كلامه، قاطعهم صوت الباب اللى خبطت ودخل يوسف : ماصدقتش نفسي لما سمعت الموظفين بيقولوا أنكم جيتوا الشركة

جاسم : وأنت كنت عايزنا مانجيش ولا ايه !؟

يوسف : لا ابدا مش كده بس استغربت

قعد على الكرسي اللى قصاد جاسم قدام مكتب يامن وحط فونه على المكتب وتحته علبة السجاير بتاعته فيامن بصله : أنت رجعت للسجاير تانى !؟ مش كنت وقفتها من ساعة الجامعة !؟

يوسف : اممم بقالى فترة مضغوط والدنيا ملخبطة معايا واهي حاجة اطلع فيها غلي بدل ما فرقع 

يامن : مشاكل ايه اللى عندك !؟

يوسف بص قدامه وبعدها بصله وابتسم : مشاكل عادي وحضرتك كمان سايب الشركة تضرب تقلب على دماغي وأنا مش عارف أتصرف 

يامن : قولي طيب عملت ايه لحد دلوقتى !؟

يوسف : بص يا سيدي، الدفعة الأولى من البلاستيك اللى البحراوي كان طالبها خلصت تقريبا بس طلعت أقل بكتير مما توقعنا، دي ماكملتش تلت الكمية المطلوبة وأنا مش قادر اتخيل رد فعل البحراوي هيكون ايه الصراحة 

يامن سكت شوية يفكر ويوسف قال بتوتر : إحنا محتاجين مبلغ كبير أوي يا يامن عشان نعرف نعدي المشكلة دي 

جاسم : أنت مش ملاحظ إن هو كمان عنده مصيبة كبيرة وابتلاء مش عارف نهايته ايه ولا هيخلص امتى !! وأنت بكلامك ده بتضغط عليه أكتر وبتحمله فوق طاقته 

يوسف كان ملاحظ طريقة كلام جاسم الهجومية معاه من ساعة ما دخل المكتب فبصله : وهو أنا كنت عملت ايه يا أستاذ جاسم !! أنا بقوله على اللى بيحصل، وبعدين أنت بتكلمني كده ليه هو أنا عملتلك حاجة عشان أسلوبك ده !؟

يامن : بس انتوا الاتنين كفاية شغل العيال ده، يوسف إحنا محتاجين مبلغ قد ايه عشان نخلص شغل !؟

يوسف : مش أقل من تلاته مليون ونص

يامن اتنهد بضيق واتكلم : كلم البنك وأطلب منه سلفة بس ماتكترش عشان نعرف نسد المبلغ وأنت يا جاسم كلم مندور الشهاوي واسألة إذا كان لسه عند طلبة مني ولا غير رأيه !؟

جاسم قام وقف بعصبية : أنت اتجننت يا يامن !؟ أنت عايز تبيع أسهم الشركة للشهاوي وأنت عارف كويس غرضه من الحركة دي ايه !؟ مش عارف كام شركة عمل معاهم نفس الحركة ويشتري جزء صغير من الأسهم عشان يثبت رجله في المكان وبعدها يلهفه كله في جيبه، أنا مستحيل أوافق على اللى أنت عايز تعمله ده 

يامن بصله : والعمل !؟

جاسم : نكلم البنك زي ماحنا ونستلف منهم مبلغ ونخلص اللى نقدر عليه من الشغل وربنا يسهل، الدنيا مش هتتهد يعني عشان كام كيلو بلاستيك

يوسف أكد على كلامه : بصراحة كلامه صح ده اضمن لينا وللشركة، أحسن ماتضيع كلها وبدل مايكون عندنا عقبة واحدة اللى هي البحراوي يكون عندنا اتنين وفوقيهم البنك كمان

يامن أخد نفس طويل واتنهد : طيب اعملوا اللى انتوا شايفينه مناسب

يوسف قام وقف وهو بياخد فونه من على المكتب : تمام أنا هكلم البنك وهبعتلك ورق الشغل اللى خلص تتأكد منه

يامن : اديه لجاسم يشوفه أنا مش قادر اشتغل دلوقتى

يوسف بصله بشفقة على حالة : ماشي يا صاحبي ربنا يعينك

خلص كلامه ومشي وجاسم حصله بعد ما طمن يامن إن اللى جاي أحسن بإذن الله وانهم هيوصلوا لمليكة قريب، وبعد ما جاسم خرج وقفل الباب وراه يامن فتح فونه وكلم محمود يقوله على موضوع الكاميرات، وهو قاله هيتصرف في الموضوع ده في أسرع وقت 

********* 
محمود قفل فونه وبص على هاجر اللى قاعدة على سريرها جسمها بيرتجف رجفة خفيفة بين كل فترة والتانية، ومامتها قاعده قصادها بتأكلها شوربة خضار بايديها برفق-بقلم/مريم عبدالقادر-وافتكر أول ما هاجر صحت من النوم 

فتحت عينيها براحة كأنها بتستوعب اللى بيحصل حوليها وأول حاجة افتكرتها وش حتاته المخيف، وافتكرت اللى حصل فيها فقامت تصرخ بكل صوتها وكل اللي في البيت اتلم على صوتها ومنصورة كانت أول واحده عندها، قعدت جنبها وشدتها من ايدها دفنتها في حضنها وهي بتطبطب على ظهرها وشعرها بحنان : بس يا حبيبتي بس ماتخافيش، أنا هنا أهو، مافيش حاجه تخوف أنتى في حضن ماما خلاص 

صوت منصورة كان زي طوق النجاة لهاجر اللى خرجها من حالة الرعب اللى كانت فيها، وأول ما حست بمامتها وحضنها وريحتها رفعت ايديها اللى بترتجف وضمتها جامد : ما م ماما 

منصورة دموعها نزلت وهي بتبوس راسها : قلب ماما أنا هنا أهو معاكي 

هاجر اتفتحت في العياط وهي بتدفن وشها في حضن مامتها، وبدأت تتكلم وتحكي اللى حصلها بكلمات مكتومة ومش واضحة من شهقاتها العالية، ومنصورة بتطبطب عليها وبتضمها أكتر وهي بتسمعها، وبتعيط على اللي حصل لحبيبة قلبها وحته من روحها، وفضلت تواسيها وتخفف عنها رغم إنها ماكانتش فاهمه نص كلامها، بس الأكيد إنها كانت حاسه بقلبها 

بعد وقت طويل هاجر بطلت عياط وكانت مستكينة في حضن مامتها ومافيش صوت حوليهم غير صوت شهقاتها الصغيرة اللي بتطلع من وقت للتاني، والكل واقف بصمت حوليهم 

محمود قرب من هاجر وقعد جنبها الناحية التانية وخرجها براحة من حضن منصورة، وهي بصتله وأول ما شافته كأنها افتكرت تانى اللى حصل معاها فحضنته وقعدت تعيط تانى وهي بيطبطب براحة على ظهرها : بس يا حبيبتي كفاية عياط كل اللى حصل ده خلاص عدى، والحيوان ده اتقبض عليه خلاص وكلها أيام وهيتعرض على النيابة، وصدقيني مش هياخد أقل من إعدام بسبب كل جرايمة وتاريخه المهبب 

هاجر بصتله وعيونها منفوخة من كتر العياط وسألته وصوتها مبحوح : بجد يا ابيه !؟ 

محمود أبتسم وحاوط وشها الصغير بايديه ومسح دموعها : بجد يا قلب ابيه، وأنا عارف إن هاجر كتكوتي الصغيرة قوية وهتعرف تتخطى كل اللى حصل ده وتقف تانى على رجليها، مش كده يا حضرة الظابطة المستقبلية !؟ 

هاجر بصت في عينيه وابتسمت ابتسامه صغيره وهو ضمها لصدره تانى، اللى تاهت فيه من حنينه والأمان اللى بتحسه جواه، وفضلت حضناه لوقت طويل لحد ما ارتاحت واعصابها هديت شوية، والحج شاكر حب يهون عليهم شوية فقرب منهم : كل ده حضن لابيه ومافيش حضن لجدو 

هاجر خرجت بسرعة من حضن محمود، وبصت لجدها بابتسامة كبيرة : جدوووو 

شاكر قعد جنبها وهي نطت في حضنه جامد : جدو وحشتني أوي أوي، أنت بجد عندنا !؟ 

شاكر ابتسم : أيوه يا حبيبة جدو أنا عندكم، ونينه كمان معايا 

هاجر بصت حوليها لحد ما عينها وقعت على سناء أحن انسانه على وجه الأرض زي مابتعابرها، وهي كمان قربت من هاجر، فمنصورة قامت عشان مامتها تقعد مكانها، فقعدت واخدت هاجر في حضنها : عامله ايه دلوقتي يا حبيبة قلب نينه ويا نن عين وروح نينه !؟ 

هاجر : أنا كويسة، انتوا كنتوا واحشيني أوي أوي يا نينه 

سناء : وأنتي كمان يا حبيبتي وحشانا أوي 

هاجر : هي همس وابيه محمد جم معاكم !؟ 

سناء : للأسف لا أنا وجدو بس اللى جينا، بس قريب أوي كلنا هنيجي وهتشوفيهم كلهم 

محمود اتدخل في الحوار : أو هي اللى تروحلهم مش كده برضه يا حج !؟ 

كلهم بصوا لشاكر باستفهام فحرك راسه بتأكيد : ايوه كده، بنتى حبيبتي هتطلع عروسة من بيت أبوها ولحد مايجي اليوم ده بإذن اللّٰه هتفضل قاعدة عندنا هي حفيدتي 

هاجر أبتسمت بسعادة فهي مش متخيلة إنها أخيرا هترجع بور سعيد تانى، وتملي عيونها من جمالها وهتشبع من لمة العيلة، جدها واعمامها واولادهم واخواتها من الرضاعة، حست بقلبها بينبض بعنف من كتر السعادة بعد ماكان بينبض من الخوف وحست إن السفرية دي جت في وقتها فعلا 

عدى شوية وقت هاجر كانت قاعدة مع جدها وجدتها بتتكلم ومحمود طلع قعد قصادهم في الصالة، وفونه رن برقم يامن ففتح يكلمه، أما منصورة راحت تعمل شوربة دافية لبنتها ورجعتلها تانى عشان تأكلها بنفسها 

وبعد ما خلصت آكل محمود دخلها تانى : خلصنا آكل الحمد لله !؟ 

هاجر بصتله وهي بتحرك راسها بتأكيد فهو أبتسم : الآيس كريم بيسأل عليكي من امبارح ومصر يطمن عليكي بنفسه، تحبي نروحله !؟

هاجر أبتسمت ابتسامة كبيرة وهي مش قادرة تستوعب كمية الحاجات اللى بتفرحها اللى اتجمعت كلها مرة واحدة عشان تخفف على قلبها وقع الصدمة اللى اتعرضتلها 

وفعلا خلال نص ساعة كلهم كانوا في المستشفى عند سامح وهاجر كانت حضنته جامد وعيطت لما شافت حالته واللى حصله بسببها، وهو كان الجرح بيشد عليه جامد من حضن هاجر بس كان كل همه يطمنها هي ويطمن قلبه عليها، فضمها جامد هو كمان : انتي كويسة يا حبيبتي !؟

هاجر بصتله بدموع : أنا كويسة بس أنت مش كويس خالص 

سامح ابتسملها وهو بيمسح دموعها : أنا بقيت كويس أول ما شوفتك، الحمد لله إنك بخير 

بص على خدها اللى وارم وحط ايده عليه بلطف ودمعه من عينه خانته ونزلت غصب عنه من وجع قلبه عليها : بيوجعك !؟ 

هاجر حركت راسها بنفي وهو بصلها : حقك عليا أنا ماعرفتش أساعدك 

هاجر أبتسمت بلطف : بالعكس أنت كنت هيرو أوي 

بصت لمامتها اللى واقفة جنبها ودموعها على خدها من منظر سامح وفي اللحظة دي تأكدت إنها فعلا بتحب الراجل ده 

هاجر : عارفه يا ماما، بابا سامح كان بيحارب تلات رجالة ضخام لوحده، وكان كل ماحد يوقعه على الأرض يقوم تانى زي سوبر مان 

منصورة بصتله وهو كمان بصلها بحنية ومد ايده ليها مسك ايدها لأول مرة في حياته وقربها من سريره : بتعيطي ليه !؟ بنتك كويسة اهي ورجعت لحضنك بالسلامة 

منصورة مسحت دموعها اللى نزلت تانى وهمست : أنا مش بعيط عشان هاجر أنا___ 

ماكملتش كلامها وسكتت، فهو أبتسم وقلبه بينبض بعنف وهو بيتمنى يسمع اللى يبرد شوق قلبه وهمس زيها : أنتى ايه !؟ 

منصورة : أنا بعيط عشان اللى حصل فيك 

سامح : وبتعيطي ليه عشاني !؟ 

منصورة بصت في عيونه اللى مافشلوش ولا مرة يغرقوها في حنيتهم، وهمست بخفوت وهي زي المغيبة : عشان بحبك 

هاجر أبتسمت بسعادة من اعتراف مامتها الصريح، وبصت لسامح اللى كانت سامعة صوت قلبه وهو بيبص لمنصورة بحب الدنيا كله وهمس هو كمان : وأنا بحبك يا منصورة، ويعلم الله أنى ماحبتش ست قبلك ولا هحب ست بعدك، يا مبتغى القلب ومنى العين 

هاجر كانت مصدومة من سامح والكلام الجميل اللى بيقوله بدون حسابات أو لخبطة زي كل مرة، وبصت لمامتها اللى وشها اتزين باللون الأحمر وابتسمت بكسوف كأنها بنت صغيرة أول مرة حد يتغزل فيها، بس الأكيد اللى كانت حاسه بيه إنها مبسوطة ليهم هما الاتنين 

والليلة دي هاجر اصرت تبات مع سامح في المستشفى هي ومنصورة، وشاكر سمحلهم بده عشان كلها أيام وهيسافروا البلد وهيبعدوا عنه لفترة، فسابهم يشبعوا من بعض شوية وهو واثق إن بنته مش هتعمل حاجة غلط، وكمان سامح عمره ما هيأذي حد فيهم بعد كمية الحب والحنية اللى شافها في عيونه ليهم 

*********
يامن في أوضته كان نايم على السرير ومغمض عينيه وبيفكر في كلام جاسم آخر مرة، وياترى يوسف صاحبه ممكن يكون ليه دخل باللي بيحصل ولا لأ ؟؟ وليه لأ ما دنيا هي كمان خانت صاحبتها وكان ليها يد في اللي حصل، بس لأ دنيا كانت لسه متعرفه على مليكة قريب، ومش بعيد أصلا تكون متعرفه عليها مخصوص عشان تعرف تمهد للي خطـ.فوها الطريق وتستدرجها لفخهم بسهولة، فعلا ده تحليل منطقي جدا 

إنما يوسف ده عشرة سنين وياما راحوا وجم سوى، واكلوا وشربوا مع بعض وسافروا كمان مع بعض وعمرهم ماشافوا منه حاجة وحشة، بالعكس دايما بيكون قلبه عليهم رغم إنه ساعات كان بيتصرف تصرفات أنانية شوية بس ده مايوجهش ليه أصابع الاتهام؛ فكل إنسان ليه عيوب 

طيب ليه جاسم يتهمه إلا إذا كان شاف منه حاجة وحشة !؟ بس جاسم طول عمره علاقته مش أحسن حاجة مع يوسف أساسا، ويمكن يكون فاهمه غلط أو قال كده بدافع نظرته السيئة ناحيته

يامن تعب من كتر التفكير فنفخ بضيق : اووووف بقى كفاية كفاية 

اتنهد بهم وهو بيمد ايده لفونه وطلع صورة مليكة وباسها وبعدها فضل يتأمل فيها بحب وحزن وكسرة، لحد ما قاطع شروده رسالة جاتله من مجهول، فتح الرسالة وبدأ يقرأ فيها وهو مذهول وعينيه بتوسع مع كل كلمه بيقرأها وجسمه تلج من كتر الصدمة

ثواني قليلة وفونه رن بنفس الرقم الغريب فاتعدل في قعدته واتنحنح ورد بخفوت : ايوه !!

سكت وهو بيسمع المتصل وعقله وقف عن التفكير من هول اللي بيسمعه، وبعد صمت طويل المتصل سأله : ها ايه اختيارك !؟ يا هو يا هي، قولت ايه !؟

يامن بذهول : أنت أكيد مجنون، أنت إزاى عايزني اختار !؟ ازاى أصلا عايزني أعمل حاجة زي دي !؟ أنت يا إما مجنون يا إما مريض نفسي

المتصل : خلاص، خليك فاكر إنك اللي اخترت، ده أنا حتى كنت موجب معاك على الآخر بس نقول ايه بقى عيل فقري

قبل ما يقفل السكة يامن وقفه بقلق : طيب، طيب لو يعني لو

المتصل قاطعه بملل : مافيش لو ومالوش، هي كلمة وخلصنا، موافق ولالأ !؟

يامن سكت شوية يفكر وبعدها بلع ريقه بتوتر وتردد : م موافق

المتصل أبتسم بخبث : أهو كده تعجبني، بكره الصبح هتلاقي العروسة عندك، واه مش محتاج أبلغك إنك ماتقولش لحد وإلا التمن هيكون غالي اوي، تاك توك

قفل السكة-بقلم/مريم عبدالقادر-ويامن حط الفون جنبه وحط راسه بين رجليه وهو بيفكر في المصيبة الجديدة اللي حطت فوق راسه دي كمان

********
حتاته قاعد في السجن وبيفكر ليه ماحدش حاول يخرجه من هنا لحد دلوقتي !؟ معقول للدرجة دي مش فارق معاهم !؟ ده ياما ساعد عصا.بات شغالين معاه في نفس المجال وأكيد كلهم عرفوا بخبر القبض عليه، وهو بعت لكذا حد تقيل منهم طالب منهم يحاولوا يساعدوه يخرج من هنا، ياترى بيحاولوا فعلا ولا ماصدقوا خلصوا منه !؟

كشر بشر وهو بيتوعد لكل واحد منهم بالويل وإنه هيجازي كل واحد على تجاهله ليه بالشكل ده، حتى اكس اللى ساعده إنه يخـ.طف مليكة بكل سهولة ومن غير مايظهره في الصورة باعه هو كمان ولحد دلوقتى مافيش أى خبر منه يدل إنه هيخرجه من هنا

ضم ايديه لبعض واتكلم من بين أسنانه بغضب مالهوش أول من آخر : بس لااااا مش حتاته اللي يتعمل معاه حركات قلة بالشكل ده

واحد من المساجين معاه بصله وزعق بضيق : عايزين ننام يا عم بقى

حتاته كان هاين عليه يقوم يدق جمجمته في الحيطة بس الصبر، ده مش وقته خالص دلوقتى، ومع ذكر الصبر افتكر واحد من رجالته اسمه صبر وده كان المسؤول عن حماية أخته، ياترى اتمسك هو كمان ولا لسه مع اخته بيحرسها !؟ وأخته ياترى كويسة ولا لأ !؟ عرفت باللي حصل لا لأ !؟ وياترى حالتها ايه دلوقتي !؟ هو لازم يخرج من هنا، لو ماكانش عشان يحاسب اللي باعوه فعشان أخته، لازم يبقى معاها، هو مش ضامن حد يحاول يأذيها في غيابه

قام بهدوء وقرب من الباب الحديد وبص للعسكري اللي واقف واتنحنح : أنت، أنا عايز اروح الحمام

العسكري بصله بإزدراء ورجع بص قدامه تانى : اتصرف في أى حتة إنما خروج من هنا مافيش

حتاته : ماتخلنيش اتغابى عليك، ولا ناسي العلقة اللي أخدتها من يومين !؟

العسكري بلع ريقه بتوتر بس مثل اللامبالاة فهو حاليا بمركز قوة وحتاته في مركز ضعف : اللي عندك أعمله

حتاته مد ايده من بين القضبان وشد العسكري من هدومه هبده في الباب الحديد وزعق : تحب تشوف اللي عندي يابن ال@#$ !؟ أنا هوريك اللي عندي، بس ماتبقاش تعيط زي الحريم بعدها

ومع آخر كلمة قالها شده من هدومه بعنف خبـ.طه في الباب ورجعه لورا وشده تانى هبـ.ده في الباب وكرر الحركة كذا مرة، والعسكري بيحاول يفك نفسه من ايد حتاته بس هو كان ماسكه بايد من حديد، وعلى الصوت العالي جه كذا عسكري من بعيد، وواحد منهم سأل بإستغراب : ايه اللي بيحصل هنا !؟

وأول ما العساكر شافوا وضع زميلهم ماستنوش الرد وقربوا بسرعة يحاولوا يساعدوه لحد مافكوا ايد حتاته وبعدوا زميلهم عنه، وحتاته تف على الأرض جنبه وبصلهم بشر : ده أقل حاجه عندي فلو مش عايز مخك الصغير ده أعمله عصير نفذ اللي بقولك عليه

عسكري تاني قرب منه بضيق : أنت فاكر نفسك مين !؟ وبعدين مش لما تعرف تخرج من هنا الأول تبقى تهدد وتتوعد

حتاته : أنا لو عايز أخرج من هنا هخرج غصبن عن عين التخين

العسكري : طيب ماتورينا

حتاته كان جواه بركان نار قايد وماصدق الفرصة تجيله عشان يفرغ شحنة الغضب دي بدل ماينفـ.جر، وبكل قوته بدأ يخبط الباب الحديد بكتفه لدرجة إنه كان بيخرج رزاز، والعساكر فكروا الباب هيقع فعلا من شدة قوة حتااه وجسمه الضخم اللي مساعده

العسكري قرب منه بسرعة : خلاص خلاص أهدى بس وقول عايز ايه واحنا هنعمله

حتاته وقف ومسح العرق اللي على وشه واتكلم بهدوء : الحمام

العسكري : حاضر حاضر هنعمل اللي أنت عايزة بس أهدى

العساكر ضموا على بعض وواحد منهم أتكلم وكان هو اللي بدأ الخناق مع حتاته : أنت فعلا هتخرجه !؟ أنت كده هتجيب لنفسك مصيبة 

العسكري اللي قرر يخرجه رد : احسن لينا نعمل اللي هو عايزة، الراجل ده مجنون وممكن يعمل أي حاجة، ولو عرف يوقع الباب الحديد كل اللي جوه دول هيقطـ.عوكم عايشين وهو أولهم، فإحنا نقصر الشر ونوديه الحمام اللي جنبنا هنا ونرجعه بسرعة

كلهم اتفقوا على كده وواحد منهم راح فتح باب الزنزانة وحتاته خرج وهو بيمرر نظره عليهم بصمت، وأتنين عساكر قربوا منه بحذر وكلبشوا ايديه بالأصفاد وباتنين تانين كل واحد ربط ايد حتاته في ايده 

والعسكري اللي خرجه وقف وراه وحط مسدس صاعق في ظهره : أنا عملت اللي أنت عايزة أهو فأنت كمان أعمل اللي أنا عايزة وبلاش تعمل مشاكل، هتروح الحمام وترجع بهدوء ولا من شاف ولا من دري

حتاته سكت فهو مش فارق معاه كل ده، وفعلا اخدوه لحد الحمام ودخلوا معاه وفكوا الكلبشات من ايده، حتاته : اطلعوا بره، ولا هتقعدوا تتفرجوا !؟ مش هعمل حاجة جديدة عليكم على فكرة 

العساكر انسحبوا بهدوء فالحمام كان صغير ومافيهوش مكان للهرب منه، وحاتم أول ما خرجوا قفل الباب وقلع الحذاء اللي كان لابسه وشال فرشة الحذاء وطلع من تحتها فون صغير بزراير، وضغط على مفتاح التشغيل واستناه يفتح وهو بيفتكر يوم ما وصل القسم هنا العساكر فتشوه واخدوا منه كل حاجة كانت معاه ، التليفونات والفلوس والمفاتيح وبطاقته الشخصية حتى المـ.طوة الصغيرة اللي كان مخبيها في هدومه

وتاني يوم لما تم استدعائه للتحقيق كانت الشرطه قبضت على مجموعة من صبيانه، وهو خارج من أوضة الاستجواب شافهم فقبل ما العساكر يفتشوا الصبيان هما كمان هو عمل خناقة من غير سبب، ووسط الخناقة دي واحد من صبيانه عطاله الفون من غير ما حد يحس بأي حاجة، وفي ثواني حط الفون في هدومه وهجم على العسكري اللي بيحرس السجن ونزل فيه ضرب عقابًا ليه على نظرة الاستحقار اللي بصهاله أول ما وصل

فاق حتاته من ذكرياته على ضوء الشاشة الضعيف وكتب رسالة صغيرة وبعتها لأكس ولواحد تاني كان شريك ليه في الشغلانه؛ بيبلغهم فيها يخرجوه من هنا بدل ما كلهم هيزعلوا، وبعدها كتب رسالة تانية لصبر يسأله على أخته ولحسن حظه صبر رد عليه في ساعتها وقاله إنها في مكان أمان بس حالتها وحشه من بعد اللي حصل 

حتاته اتنهد بضيق وقفل الفون وحطه في حذاءه تاني وراح غسل ايديه ووشه وخرج للعساكر، اللي رجعوه الزنزانة زي ما جابوه بهدوء، وهو راح نام على السرير في زاوية الزنزانة منتظر مصيره المجهول 

********
تانى يوم وقت الظهر يامن كان مختفي من كل مكان، مش موجود لا في الفيلا ولا الشركة، وماحدش عارف هو فين ولا يوصله إزاى، وجاسم عمال يدور عليه في كل مكان زي المجنون ومش لاقيله أثر

أما يامن فكان في الوقت ده قاعد في عربيته اللى راكنها في نص شارع العتبة اللى مليان ناس كتير جدا، وهو قاعد عينيه رايحه وجايه مع الناس الماشيين قدامه، وماسك الدركسيون بايديه اللى بترتجف وغرقان في عرقه، وقلبه بينبض بجنون كأنه طبول حـ.رب وماسك في ايده جهاز أسطواني صغير شكله غريب وفيه زرار واحد من فوق لونه أحمر 

فون يامن رن فمسكه بتوتر وخوف، وفتح الخط من غير مايرد عشان يوصله صوت المتصل بجملة واحدة : أنزل من العربية 

يامن وهو بينهج من كتر التوتر ودقات قلبه العالية : بس، بس في أطفال وناس مالهاش ذنـــ

اكس قطع كلامه : الناس ولا أختك !؟

يامن : خلاص، خلاص هنزل

نزل ورجلة بترتجف وقلبه هيخرج من مكانه وقفل باب العربية، بص حوليه للناس والأطفال وسمع اكس في الفون بيتكلم ببرود : أبعد عن العربية، إلا إذا كنت ناوي تروح معاهم وتسيب أختك تواجه الدنيا لوحدها 

يامن بعد عن عربيته بخطوات متردده ووقف بعيد عنها وهو بيبص عليها بقلق، واكس أمره تانى بجمود : يلا نفذ

يامن سمع الكلمة فبلع ريقة بتوتر وحط صوبعه على الزرار الأحمر أعلى الجهاز اللى ماسكه في ايده، وخلاص هيضغط عليه شاف أخته في وشوش كل الناس حوليه، وحط أخته مكان كل بنت من اللى ماشين وماقدرش ينفذ أمر اكس، فنزل ايده تانى : مش هقدر

اكس أبتسم بسخرية : كنت عارف إنك مش هتقدر، عشان كده عملت حسابي وسبقتك بخطوة، أحب أقولك أنى معايا جهاز زي اللى فى ايدك ده، تخيل بقى !!

يامن اتصدم وبرق بر.عب واكس ضحك : أنا حاولت أساعدك بس أنت اللي مصر تبقى غبي، فأنا هتصرف بمعرفتي بقى، سلام يا يومي 

يامن : ألو ألو

ولكن ماجالهوش اى رد لأن اكس سبق وقفل الخط في وشه، فيامن طلع يجري ناحية عربيته زي المجـ.نون وزعق بكل صوته في الناس : ابعدوا من هنا، العربية دي جواها قنـ.بلة

الناس بصوله باستغراب وهما مفكرينه مجنون وهو مش عارف يعمل ايه، رفع ايده بجهاز التحكم وصرخ بكل صوته : أنا حاطت قنـ.بلة في العربية دي وهفـ.جرها لو مابعدتوش من هنا حالا

الناس بدأوا يخافوا خصوصا من ملامح يامن اللى كلها جديه دليل على إنه مابيهزرش، وكمان الجهاز الغريب اللى ماسكه في ايده، فبدأوا يبعدوا واحده واحده، وهو مستمر في التهديد والصراخ فدب الخوف في قلوب الناس اللى بدأوا يجروا بعيد عنه، واللى بيشيل ابنه الصغير ويجري

الكل كان بيخبط في بعضه وسادت لحظة من الهرج في المكان قطعها صوت انفـ.جار هز قلوب كل اللى واقفين في الشارع، ويامن نزل على ركبة واحدة وغطى ودانه من شدة الصوت، وعم صمت مر.عب على المكان كله بعد الإنفـ.جار 

__________يتبع

بقلم/مريم محمد عبد القادر 

دمتم في حفظ الرحمن ورعايته 🤍🤍

 •تابع الفصل التالي "رواية رهينة بين يدي منافق" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent