Ads by Google X

رواية فراشة المقبرة الفصل الرابع عشر 14 - بقلم اسماعيل موسى

الصفحة الرئيسية

 

رواية فراشة المقبرة الفصل الرابع عشر 14 - بقلم اسماعيل موسى 

حتى والدها، الذي كان عادة هادئًا ومتماسكًا، كان يمسك بالصحيفة دون أن يقرأ منها كلمة واحدة، فقط يراقب ابنته بين الحين والآخر، ويدعو في داخله أن تكون النتيجة كما تتمنى.


رنّ الهاتف، قفز قلب زهره في صدرها. التفت الجميع نحو الشاشة المضيئة، وظهر على وجهها ارتباك اللحظة الأخيرة، ذلك التردد الذي يصيب الإنسان عندما يكون على وشك معرفة شيء مصيري.


بيدين مرتجفتين، التقطت الهاتف، ضغطت على الشاشة، وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن تنظر. ثم... صمت.


عيناها توسعتا، شفتيها انفصلتا قليلًا، وكأن عقلها لم يستوعب بعد. للحظة، ظنّ والداها أن هناك خطبًا ما، لكن فجأة، انفجر صوتها بصرخة:


— "لقد حصلت على المجموع المطلوب! يمكنني دخول كلية الطب!"


ارتج المنزل بصدى كلماتها، وتحول التوتر إلى فرح. نرجس احتضنتها بقوة، والدها ضحك بحرارة وهو يربّت على رأسها بفخر. شعرت زهرة وكأنها تطفو في الهواء، كأن حملًا ثقيلًا كان جاثمًا على صدرها قد تلاشى أخيرًا.


— "كنت أعرف أنكِ ستفعلينها!" قالت نرجس، تمسح على وجه ابنتها بيدين مرتجفتين من الفرح.


أما والدها، فهزّ رأسه بابتسامة، وقال بصوته العميق:


— "هذا لم يكن مفاجئًا بالنسبة لي، كنتِ دائمًا مجتهدة، وهذا هو ثمرة تعبكِ."


وسط هذه الفرحة، لم تنسَ زهره رفيقتها القديمة، ميمي، الهرة التي كبرت معها، والتي كانت تشاركها كل لحظاتها منذ طفولتها.


لكن ميمي لم تكن كما كانت من قبل، لم تعد تلك القطة الرشيقة التي تقفز على الأثاث أو تتبعها في كل مكان. كانت الآن عجوزًا، ضعيفة، حركتها أصبحت بطيئة، ونظراتها شاحبة، كأنها تحمل بين عينيها سنوات طويلة من العيش مع عائلة أحبتها بصدق.


كانت زهرة تعلم أن ميمي لم يتبقَ لها الكثير، لكنها كانت ممتنة لأنها ما زالت هنا، ما زالت ترافقها في هذه اللحظة المهمة من حياتها. جلست بجوارها على الأرض، ومدت يدها لتربّت على فروها الناعم.


— "ميمي، لقد نجحت!" همست لها، وكأنها كانت تخبر صديقة عزيزة، كأن ميمي تفهم تمامًا ما تقول.


الهرة العجوز رفعت رأسها قليلًا، وحرّكت ذيلها ببطء، ثم أصدرت مواءً ضعيفًا، لكنه كان كافيًا لزهرة.


— "أعرف أنكِ سعيدة من أجلي."


ورغم ضعفها، ورغم أن جسدها لم يعد بالقوة التي كان عليها، إلا أن ميمي، بطريقتها الخاصة، شاركت زهرة فرحتها، كما فعلت دائمًا.

 •تابع الفصل التالي "رواية فراشة المقبرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent