رواية حارة تايسون الفصل السابع عشر 17 - بقلم زينب سمير
' حارة_تـايسـون' حارة تـايسـون '
الفصل السابع عشـر ..
لم يكن صاحب الصوت سوي رامز الذي وصل لعـلا بكل سهولة بعدما علم عن حالتها وحبها لـ تايسون ، كان يظن انه سيأخذ وقتا طويلا ليقوم باقناعها بأن تتلاحم معه ليقوما بالفصل بين الاخرين والتفارق بينهم ، لكنه جاء بالوقت المناسب ليسمع منها ما جعله قطع شوطا كان طويل المـدي دون جهد ..
هتفت بعيون وامضة بالكرة لتلك المدعاه بوعد:-
_عايزه اخلص منها في اسرع وقت .. مبقيتش متحملة اشوفها ولو لثانية واحدة
اجابها بصوته الهادئ المثير لـ الأعصاب:-
_متخفيش انتي هتخلصي منها وتاخدي اللي يخصك وانا هيرجعلي اللي يخصني
نظرت له عـلا وقالت بتسأل:-
_هنفرق بينهم ازاي
رامز بعيون ماكرة:-
_هنوري وعـد حقيقة بطلها الهمام بتاعها ونشوف هتقدر تتحمل حقيقة انه قاتل ولا لا
عـلا:-
_بس هي عارفة انه قاتل واتجوزته عادي
رامز بنفي من رأسه:-
_تـوء .. سمعت بس مشافتش ، والفرجة دايما بتسيب اثـر
عـلا ببسمة اعجاب بذلك الشيطان:-
_انت مش سهل
رامز ببسمة وغـد واثقة:-
_انا متفهمش واللي يفكر انه فاهمني يبقي اهبل
. . .
بعدما تناولا طعام الغداء في جو ملئ بالرومانسيات ، توجهت هي لغرفة نومها وتوجه هو لمكتبه ، بدأ بالعمل ومراجعة بعض الاوراق ، بتركيز شديد ، لكن قطع تركيزه ومضة من الماضي لاخيه وهو يضحك ويتلاعبان معا ، كان صغيرا ولكن تلك الومضات لازال يتذكرها ولا تغادره ابدا ، غادرت تلك وجاءت الاصعب
شعر انه يسمع صوت اخيه يصرخ بقوة واحدهم يمسك بيده مشرطا ويقوم بتشريح جسده بكل برود ، كان يشعر ويري .. يسمع وكأنه ما زال بينهم وكأن لم تمر السنوات علي ذلك المشهد الذي ما زال محفورا في ذاكرته اللعينة
بدأ يضغط علي اسنانه بعنف واضعا يده علي راسه يضغط عليعا بقوة وهو يصرخ ويطلب ان تغادره تلك الذكريات لكن لا حياة لمن تنادي ..
فُتح الباب فجاة ودخلت وعد ببسمتها الجميلة قالت وهي تتقدم منه:-
_تايسون.....
قاطعها بصراخ:-
_اطلعي برة .. اطلعي برة مش عايز اشوفك
تفاجأت من رد فعله وتعصبه الظاهر عليه اقتربت منه وهي تهمس بـ:-
_مالك ياتايسون.....
القي كل ما علي المكتب علي الارض ووقف عن مكانه وهو يهتف بغضب عارم:-
_قولتلك برة انتي مبتفهميش مش عايز اشوفك مش عايز
وعـد:-
_انت....
اقترب منها وبلحظة وضع يديه حول عنقها ، عينيه تحولت لـ الاحمر القاني ، يتصرف وكأنه ليس تايسون المحب بل ذلك الذي رأي مقتل اخيه بعينيه و:-
_هقتلك والله هقتلك ، انتي السبب .. كلكم السبب
بدأت علامات الاختناق تظهر عليها وفي عيونها قد ارتسمت علامات الصدمة من حالته تلك وحديثه الغير مفهوم بالمرة ، ظل يضغط علي عنقها حتي كاد تنفسها ان ينقطع بالفعل .. هتفت بصعوبة نطق شديدة:-
_هـ مـ و ت
همسها الخافت وصل لمنطقة الانذار بالخطر بخلايا عقله فانتفض مبتعدا عنها وهو يرمقها بصدمة ، بدأت هي تسعل بقوة وهي تنظر له بعيون دامعة ، قال باعتذار:-
_وعـد انا اسف انا مكنتش شايفك اصلا والله ما كنت شايفك انا مكنتش في وعيي
لم ترد ، ظلت فترة تسعل بقوة وهي تربت علي قلبها بخفة ، فهي كادت ان تفقد حياتها ، دقائق واستطاعت ان تلملم جأشها
هتفت بنبرة جادة وهي تنظر له بتفحص شديد:-
_تايسون انت وراك اسرار كتير انا عايزه اعرفها .. انا مش عايزه افضل شيفاك لغز كبير ياتايسون ملهوش حل .. قولي انت مين وفهمني
نطق بنبرة باردة وهي يستعد ليغادر المكان:-
_انا جاسر الصاوي
وفقط .. قال تلك الكلمات وفقط .. ثم غادر ببرود
. . .
كانت هويدا تحمل بيدها عدة حقائق بلاستيكية معباه بمستلزمات المنزل ، كانت ثقيلة لدرجة انها لم تعد تستطيع حملها .. تركت جميع الحقائب علي الارض وامسكت يدها تمرسها بلطف وهي تتأوه بخفوت
لمحها جعفر فاقترب منها وعلي وجهه ارتسمت بسمة هادئة دون مبرر ، عندما لمحته طف الخجل علي وجهها وهي تنظر للارض
هتف بعدما وصل لها:-
_عايزة مساعدة ؟
قالها وعينيه تمر بين يدها وبين الحقائق القابعة علي الارض ، قالت وهي تميل لتحمل الحقائب من جديد:-
_لا شكرا...
سحب الحقائق من بين يديها بحركة خاطفة وهو يقول:-
_بس انا عايز اساعد
كادت تتحدث فأوقفها بأشارة من يده و:-
_امشي جنبي وانتي ساكتة
وحمل الحقائب جميعهت وسار بالطريق وهي جواره ، كل لحظة والاخري تنظر له نظرات خاطفة بأعجاب وخجل ثم تعاود النظر لـ الامام من جديد
كان يلمح نظراتها تلك .. لكنه تعمد ان يتجاهلها كي لا يحرجها وكي يستمتع بنظراتها الخاطفة تلك اكثر
كان قد قرر الا يغرق في بحر حبها كي لا تغرق في بحر ذنوبه ، لكنه لم يستطيع .. حقا لم يستطيع
كلما جلس وحيدا وجد نفسه يفكر فيها بلا هوادة ، تلك الفتاة بدأت بأمتلاك جميع خلايا عقله وقلبه بكل سلاسة بالله
. . .
جلست وعـد علي فراشها تنظر لـ سقف الغرفة بعيون شاردة تفكر بالذي حدث منذ قليل بعقل شارد ، رغم كل السعادة التي تحياها بين ذراعي تايسون الا انها مازالت تشعر بالقلق منه ومن ماضيه ، لا زالت تجهله ولا تعرف عنه شيئا ، كيف صار كبير حارته وهو بالكاد يتعدي الثلاثون من عمره ، كيف استطاع ان يحكم حارة ك تلك بالله وبقوته وليس عن طريق الوراثة ، من اين جاء له الجبروت الذي ساعده علي أن يفعل ذلك ، ما زال يخفي عنها الكثير
لكنها ستفعل المستحيل لتعرف ذلك الكثير
فاقت من شرودها علي صوت هاتفها الذي عَلي رنينه ، ضغط علي زر الاجابة فجأها صوت والدتها الحنون:-
_وعد حبيبتي
نطقت وعـد اسمها بسعادة:-
_ماما
نطقت والدتها بصوت حنون وقد اقتربت علي البكاء:-
_قلب ماما اخبارك ياحبيبتي
قالت بصوت حاولت جعله سعيدا يخفي داخله جميع افكارها التي تعصف بخيالها:-
_الحمدلله انا مبسوطة اوي ياماما اخبارك انتي وبابا
نشوي بحزن ناتج لـ مغادرة ابنتها عنها:-
_مش كويسين خالص من ساعة ما اتجوزتي ياوعد ، لسة مش مستوعبين فكرة فراقك بس اللي مطمنا انك مبسوطة مع جوزك .. مش انتي مبسوطة ياوعد ؟
هتفت لتريح قلبها:-
_طبعا مبسوطة ياست الكل ، حد يتجوز تايسون وميبقاش مبسوط برضوا ياامي
نشوي بدعاء لابنتها:-
_دايما يارب متهنية في حياتك ياحبيبتي
. . .
استمعت علا لصوت جعفر يحادث احدهم ويقول:-
_العيال اللي عندنا في المخزن متجوش عندهم ، الباشا بعد ما قال نخلص عليهم رجع في كلتمه تاني ، اشتريلهم اكل ووكلهولهم
صمت قليلا .. ثم تابع:-احنا هنستهبل يالا ، ما انت جاي وعارف كويس هتعمل اية وهتخلص ازاي بس عادي نقرر الكلام من جديد ، عايزين كل حتة في جسم العيال لوحدها .. ارتحت ؟ وعمولتك بالدولار متقلقش
ابتسمت وهي تستمع لتلك الاحاديث وامسكت هاتفها لترسل لرامز رسالة محتواها
" عرفت المكان اللي هيخلي وعد تشوف تايسون فيه علي حقيقته .. "
. . .
متاهات بداخل عقولنا ، متاهات تجعلنا نجهل الشعور بالراحة كيف تكون ، نغرق في بحور التيهة الي الابد حتي اننا نفقد معني الامان ، رغم الحب يظل الكرة .. منتشر ، رغم الامان يظل الخوف .. بائن ، رغم السعادة يظهر الحزن .. موجود
هكذا حياته ، يحب من يجب ان يكرهه ، يفرح معها فرحة دائما ما تكون ناقصة
فهو لازال ومازال وسيزال يراها فقط ابنه قاتل ، بسببه فقط جميع اسرته ، لانه باع ضميره بأخبث الاسعار
عذرا تايسون لكنه مئة الف جنية ليست ثمنا قليلا !!!
. . .
مساءا ..
عاد وبيده باقة من الورود الحمراء ، يمسكها بيده ويطالعها بتعجب وينظر له بتعجب اكبر ، هل هو نفسه من يحمل ورود حمراء ؟ هل وصل به الامر الي تلك الحالة ؟
لكن لا يهم .. ما دام سيأتي ذلك بنتيجة جيدة اذن لا يهم
طرق علي باب الجناح ودخل فوجدها جالسة علي الفراش ويظهر عليها جيدا الحزن اقترب منها ووضع الورود بأكضانها وهو ينطق بأسف حقيقي وندم:-
_انا اسف مرة تانية والله ما كنت في عقلي ، سامحيني
لم ترد ، كل ما فعلته انها اخذت الباقة بأحضانها وراحت تتلمسها بسعادة وتشمشم زهورها بأعجاب
بينما تابع هو:-
_انا فعلا لسة لغز بالنسبة ليكي بس صدقيني دا احسن لينا ، انتي لو عرفتيني هتكرهيني ياوعد .. هتكرهيني اوي وهتتمني لو انك مكنتيش عرفتيني وقبلتيني كمان
نظرت له وقالت بعيون سائلة باهتمام:-
_انت مين .. ومخبي عني اية ؟ عرفني ووعد هفضل حباك ولو كان ماضيك اية .. عرفني بس انا عايشة ظع مين ، مين تايسون دا ومين جاسر ، انت عايش بأنهي شخصية وشايل اية وراك .. ؟
. . .
_خلصوا عليهم ، مبقاش فيه اللي نخاف منه ، سجلنا نضيف في النيابة
قالها فتحي لـ صديقيه عبر الهاتف وقد ارتسمت علي ملامحه علامات خبث ، هتف مجدي:-
_طيب وبعد ما نخلص عليهم اية خططنا لـ اللي جاي
عصام:-
_نبعتله العنوان في مسدج ومعاها وردة حمرة كدا حلوة ونروح الشركة نفض الشراكة ونفلسع
مجدي بتسأل:-
_نهرب يعني ؟
فتحي ببسمات باردة:-
_لا .. نقعد نتفرج من بعيد عليه وهو بيموت بحسرته وكدا كدا احنا معليناش حاجة نخاف منها
وقد كان .. المنظر كان كالاتي .. يفتحون احشاء كريم امام عيون جاسر الصادمة ، كان الطفل يصرخ .. ويصرخ حتي ان حنجرته لم تعد تستطيع ان تتحمل اكثر ، فً راح صوته وهو مازال ينادي علي اخيه الذي كان يتألم امامه ، فالبنج كان قليلا وعديمي الرحمة لم يهتما بذلك واكملا اجراء العملية
كانوا يخرجون احشاءه بكل برود ، امسك احدهم القلب ووضعه امام جاسر ، نطق ببسمة تبث فيك الشعور بالقرف والاشمئزاز:-
_دا قلب اخوك يابيضة .. شايف بينبض ازاي ؟
نظر له بكرهه شديد وابعد نظره عنه ، ثم بامتداد بصره رأي كريم الذي بات ك جثة هامدة
هتف بداخل نفسه " مش هنسي حقك ياكريم ، بابا اكيد هيجيبه ياكريم "
الدور كان من المفترض ان يكون عليه ، لكن قرر الطبيب ان يرتاح قليلا ويؤجل عمليته لساعة اخري ، لم يعرف مجدي والرجال بذلك المخطط فارسلوا العنوان لفاروق الذي اسرع نحو المكان بسرعة
وما ان دخل حتي وقعت عيونه علي جثة ابنه الهامدة ذات البطن المنفتح ... وفارغة الاحشاء !!!
. . .
اية الرعب اللي انا بكتبه دا ؟؟؟ 🙂🥺
•تابع الفصل التالي "رواية حارة تايسون" اضغط على اسم الرواية