Ads by Google X

رواية حارة تايسون الفصل الثامن عشر 18 - بقلم زينب سمير

الصفحة الرئيسية

 رواية حارة تايسون الفصل الثامن عشر 18 - بقلم زينب سمير 

' حارة_تـايسـون' حارة تـايسـون '

الفصل الثامن عشـر ..

اقترب فاروق من جثة ابنه بخطوات مرتعشة ، يرمق الجثة بنظرات غير مصدقة لما يراه ، وقف امامها تماما بعيون انفتحت ولم يستطيع ان يغلقها مرة اخري ، مد يده ليلمسها وما ان وضعها علي بطنه الفارغ من احشاءه حتي اغمض عينيه بوجع عميق وقد سقطت من عينيه دمعة دون قوة منه ..

استمع لصوت صرخات مكتومة التف فوجد جاسر هو صاحب تلك الصرخات اقترب منه سريعا ونزع عنه اللاصق الطبي ، فخرجت صرخات جاسر المكبوتة ، كان الطفل يصرخ بأنهيار جم ، بكل قوة صوته حتي انه بعدما صمت لم يستطيع ان يعاود الصراخ مرة اخري

فصوته اختفي .. !!

اخرج فاروق نفس عميق وحمل جاسر علي يده وخرج به نحو الخارج ، اشار جاسر بعينيه ناحية كريم فتابع والده:-
_مش هنسيبه متخفش

وضعه في السيارة وثم اخرج هاتفه ، اتصل برقم واثنين وكثيرا غيرهم ، كان يتصرف بغير تعقل لدرجة انه طلب رقم زوجته واتي بها لهذا مكان لتري ابنها بهذا الشكل

فقدت ليلي تعلقها تماما عندما رأت كريم عذرا جثة كريم ، سقطت علي الارض وهي تبكي بانهيار ، جائت سيارات الشرطة والاسعاف ، الاسعاف اخذت جثة كريم وجاسر الذي دخل في مرحلة الانهيار العصبي
بينما وجه إحدي الضباط سوألا غبيا لفاروق:-
_شاكك في حد معين ممكن يكون ورا العملة دي ؟
رد بنبرة جامدة:-
_لا .. مش شاكك في اي حد .. انا معنديش اي اعداء ممكن اشك فيهم

قالها بكل جمود وقد قرر بداخله ان يشفي غليله بنفسه وبيده ، فطريق الحق طويل ولن يجدي نفعه ، والانتقام باليد سيريحه اكثر .. بالتأكيد 

امسك هاتفه وطلب رقم احدا ، عندما جاء صوت الاجابة من الاخر قال:-
_عباس عايز منك طلب 
عباس:-
_اؤمرني يافاروق ، انا تحت امرك
تنهد فاروق بوجع ثم خرج صوته مختنقا:-
_عايزك تقلبلي الدنيا وتجبلي عصام ومجدي المنصوري ..  وفتحي عاجور

كان عباس صديق فاروق ، لديه شركة حراسات خاصة ويعلم كيفية الوصول الي اي شئ يريده واي شخص
كذلك كان يعلم بأمر الشراكة التي تجمع فاروق مع اؤلئك الرجال فهتف بتعجب:-
_اللي اعرفه انك مفروض تكون عارف طريقهم اكتر مني
فاروق:-
_هتعرف توصلهم ولا ؟
عباس بعدم فهم لما يجول حوله:-
_هعرف يافاروق .. متقلقش 
. . .
دخلت ليلي في مرحلة انهيار عصبي حاد ناتج عن فقدها لابنها وكذلك جاسر لكنه دخله اثر رؤيته لما حدث حوله .. ادي ما حدث حوله الي فقدانه حاسة النطق ، كانت ملامح وجهه تبين لك شيئا واحد .. هو تعرض لصدمة كبير لا يمكن ان يتخيلها احد او يتحملها .. فما بالك بطفلا صغيرا ؟

بينما فاروق ضائع ما بين غرفة زوجته وابنه والمشرحة ، جاءه اتصال هاتفي من الشركة ، تجاهله لخمسة عشر مرة لكن بعدما تكرر اكثر ضغط علي زر الاجابة
فأتاه صوت السكرتير الخاص به وهو يقول بوجل:-
_الحقنا ياباشا الشركة بتضيع 
ضيق حاجبيه وهو يسأله:-
_مش فاهم .. تقصد اية بأنها بتضيع ؟
سكرتيره:-
_مجدي وعصام باشا وفتحي باشا فضوا الشراكة يابية ودلوقتي بيلموا لوازمهم ، ومعني انهم فضوا الشراكة اننا بنخسر ولازم نلاقي حل قبل...
.
لم يستمع فاروق لباقي حديثه ، كل ما كان يهمه انهم الان في الشركة ، توجه لسيارته وقادها نحوهم بأسرع سرعة استطاع ان يحصل عليها ، كان طريقه معروفا ومقصدا
.. مقر شركته ، كي يتخلص هناك من قاتلي ابنه

لكن حالته الهسترية التي كان فيها ادت الي عدم سيطرته علي مقود السيارة ، فقام بعمل حادث مروع أدي الي سقوطه صريع الموت في الحال.......
. . .
هكذا كانت نهاية عائلة الصاوي ، موت فاروق وكريم كانوا لهم السبب الاكبر في دخول ليلي في حالة من عدم اللاوعي ، لم تستطيع ان تتحمل ظلام العالم اكثر في بُعادهم ، فبعد شهرين من فراقهم غادرت الحياة ايضا ذاهبة لهم تاركة جاسر يواجه العالم وحيدا بدونهم .. 

وبقي جاسر مع جدته فوزية .. فاقدا لـ النطق حتي سن العاشرة ، بعينيه ثلاث مشاهد فقط ، لحظة تشريح كريم ، لحظه دفن والده ، لحظه دفن والدته
الشركة سقطت ارضا وبات اسم الصاوي لا وجود له
فتحي وعصام ومجدي .. تتسألون عنهم ؟
غادروا جميعا البلاد في لحظة عودة الانقلاب مرة اخري ، خشوا من ان يفتضحوا او ان يخسروا مالا ، فـ هاجروا الي بلاد اخري

لم يهتم بهم جاسر ، فالشـر في كل مكان ، لم اقصد معني كلمة عدم الاهتمام بالضبط انه لم يعد يهتم بالسؤال عنهم ، فهو علم فيما بعد انهم دخلوا في عداد الموتي للاسف ولن يستطيع ان ينتقم منهم

جاسر نظر لمن هم السبب في تفكيك تلك العائلة بسبب خوفهم من شرور الكبراء
اولهم كان نصري وثانيهم كان الطبيب الذي شرح جسد اخيه وثالثهم مساعد فتحي وعصام ومجدي .. الذي يعد ذراعهم الايمن
لـ الغرابة كان ذو قلب رهيف ورغم ذلك خاف منهم فسكت عن الحق

وتلك الاطفال المحجوزين في مخزنه ، هم ابناء اولئك الثلاثة...
. . .
عودة الي ارض الواقع ....

رفع تايسون رأسه عن طاولة المكتب بارهاق ظهرت دمعة بكاء علي وجنته اخفاها سريعا ومحاها بيده ، فهو كان يتذكر تلك الذكريات الان ، تمر عليه ك قطر سريع لا يمكن ان يقطع سيره احد ، تنهد بعمق .. فتح درج المكتب واخرج منه صورة تجمعه بعائلته عندما كان صغيرا ، لامس وجهه والدته وابيه بحنين ، ثم وجهه اخيه بآلم

هتف بصوت مختنق بدموعه:-
_حاربت علشانك ياكريم ، قلبي مات وقدرت اقف قدام وحوش ومسكت حارة وبقيت كبيرها علشانك ياكريم ، كل رجالتها بيعملوا اللي عايزه من غير اعتراض ، قولتلهم اخطفوا .. خطفوا ، ولو قلتلهم اقتلوا .. هيقتلوا ، بس ناري مش هتهدأ لو هم اللي قتلوا ، انا اللي لازم اقتل ، علشان ناري تهدي واحس اني رجعت تارك ياكريم ، المكان اللي الشر فيه بينتصر علي الخير ، لازم نسطو فيه ، ابونا كان خيري فـ مات بس انا ... انا اساس الشر في دايرة الشر دي !

اخفي الصورة بالدرج وصرخ بعلو صوته:-
_ام السعد
فجائت تركض له ، قال وهو يستعد ليغادر المكان:-
_هتأخر انهاردة برة البيت ، وعـد متطلعش منه ولو الحارة اتطربقت علي بعضها ..سامعة ؟
اؤمات بنعم وهي تقول بقلق:-
_هو في حاجة يابية ؟
اجابها وهو يتعادها بسيره:-
_لا مفيش ، انا بس ببينلك انها مينفعش تخرج انهاردة ابدا ولو حصل اية

وتركها متوجها نحو مكان اخر .. نحو مخزن قريته ليقوم بتبريد ناره ..
. . .
بغرفتها كانت تجلس هي ، بيدها كتابا من المفترض انها تقرأ فيع ، لكن عقلها كان مشغولا بشئ اخر
كان مشغولا بزوجها عندما طلبت منه ان يتحدث عن نفسه تنهد طويل وصمت بوجع ، علمت انه يحارب نفسه ومتاهاته ، ظنت انه يسترجع قوة نفسه ثم سيحكي ، لكنه لم يستطيع ..

كاد يتحدث ولكنه لم يستطيع ، مرة فأخري واخيرا
عندما فشل نهض واستعد ليغادرها وهو يهتف:-
_مش لازم تعرفي الماضي ، لانه احيانا بيكون نقطة الفصل والبعد بين اي اتنين 

هكذا قال فقط وابتعد ، ومنذ ان ابتعد منذ ذلك الحين لم يقترب اكثر ، بات يبتعد ويتهرب كأنه يحارب عدوا قاتلا ، كأنه يهرب من شئيا لا يراه احدا سواه

تنهدت بآلم عاليا وهي تهمس:-
_شكلك شايل كتير ياتايسون 
. . .
بمنزل جعفر وشقيقته عـلا " الله ياخدها "

كان يجلس يتناول طعام الغداء وهي معه ، كل منهم بعالم اخر ، هي تنتظر الفرصة لتنفذ مخططها وهو يفكر بهويدا التي كثرت مقابلات الصدفة بينهم ، وبعد كل مقابلة ولقاء كان يغادرها وهو يعلم تماما انه ترك قطعة من قلبه معها
مع اخر لقاء استطاع ان يجزم بـ انه لا يستطيع ان يحيا بدونها ، فلتقع في ذنوبه ويغوص هو في بحور حبها
لا يوجد بيده سوي ان يفعل ذلك .. ان يتقدم ليتزوجها ، لن يستطيع ان يبتعد عنها ، وان رفضته لـ أجل عمله

حقا .. حقا سيتركه لـ أجل عيونها

قطع حبل افكارهم سويا رنين هاتفه ، نظر لاسم المتصل وجده تايسون ، قرأت الاسم كذلك عـلا ، ترك جعفر ما بيده وامسك الهاتف ، دخل لغرفته واغلق الباب خلفه
توجهت هي سريعا خلفه وقفت خلف الباب لتتصنت عليه
فوجدته يقول:-
_يعني انهاردة ياباشا ؟ ... بنفسك !! انا فكرت ان الرجالة هما اللي هيخلصوا .. اشمعنا دول اللي هتخلص عليهم بنفسك .. لا لا مش هسأل خلاص ، انا جاي علي المخزن علطول

وربطا بحديثه هذا والسابق الذي دار مع الرجل ، استطاعت ان تستنبط انه يقصد حكاية الاطفال الموجودون في المخزن والمطلوب التخلص عليهم

اذن ، تلك فرصتهم ..

ابتعدت عن الباب قبل ان يفتحه اخيها ويغادر المنزل دون حتي ان يخبرها بشئ ، امسكت هاتفها وارسلت لرامز رسالة
تخبره فيها بما حدث وما سمعته ، كذلك تخبره انها تلك هي فرصتهم لـ التفريق بين الزوجين ..

اطمئنت انه قرأ الرسالة ثم عادت تكمل تناول طعامها وهي تتغني بسعادة

فالشر مهما سطع الخير .. سيكون موجود
والحقد وان فاتت مئة سنة .. سيكون مسكون في القلوب
لا يمكن ابدا ان يحيا احدا سعيدا .. وهناك مئات من المتطفلين 
. . .
عودة لـ منزل تايسون ..

كانت مازالت في غرفتها جالسة علي فراشها ، تنهدت بضيق وهي تستعد لتغادرها قبل ان توقفها صوت وصول رسالة فتحتها فوجدت رسالة من رقم غريب محتواها
" وعد اللي انا عارفها بتقدس الحق والخير ، وبتبعد عن الشر ، بتكره الظالم وبتنصر المظلوم ، لكن انتي .. انتي مش وعد .. اصل غريبة انك تباتي كل يوم في حضن قاتل وانتي عامله نفسك مش عارفة .. امـم معندكيش دليل علي كلامي ؟ روحي انهاردة عنوان " .... "
 مش هيكون بعيد عليكي دا موجود في نهاية حارة جوزك وهناك هتشوفي القاتل .. سوري قصدي جوزك علي حقيقته .. فاعل خير "

قرأت الرسالة عدة مرات بخوف من ان يكون حديثه حقيقيا ، ماذا ستفعل ان كان حقيقيا ! لن تستطيع ان تتحمل ، ستبتعد .. ستغادره دون شك 
لن تستطيع ان تراه بتلك الصورة البشعة 
ياللهي ، لا تجعلني اراه بذلك الشكل
لا تجعله قاتل ، كذب احاسيسي ومخاوفي ، وحقق امالي بألا يكون قاتلا .. ارجوك يالهي 

" ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه "

عبارة نعلمها جميعا منذ ان كنا صغارا وكل مرة تثبت صحتها بقوة ..
. . .
ارتدت ملابسها وهبطت للاسفل ، كادت تفتح باب المنزل فوجدت ام السعد خلفها تقول:-
_ممنوع الخروج ياهانم
نظرت لها بتسأل فتابعت الاخري موضحة:-
_الباشا محرج عليا طلوعك انهاردة ياهانم
كلمة " انهاردة " زودت من شكوكها لكنها بلا حديث تركت الباب وعادت ادراجها ، توجهت الي الشرفة واستخدمتها .. لتهبط ، كل مرة كان يمنعها هو لكن اليوم هو ليس موجودا ، اذن فخطة الهروب ستنجح .. بلا .... شـك
. . .
الكاتبة اللي بتنزل يوميا .. اللي هي انا يعني .. جمـر اوي 😌🤭

  •تابع الفصل التالي "رواية حارة تايسون" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent