رواية حارة تايسون الفصل التاسع عشر 19 - بقلم زينب سمير
' حارة_تـايسـون' حارة تـايسـون '
الفصل التاسع عشـر ..
علي اطراف الحارة كان يقبع مخزن تايسون القديم ، المخزن لم يكن بالحجم الكبير ، فقط ساحة طويلة علي اطرافها ثلاث غرف متوسطين الحجم واخرتين كُبار كان يتم فيهم تخزين البضائع ، بأحدي تلك الغرف سكن سرير ابيض اللون مماثل لـ تلك السرائر التي توجد بالمستشفيات الحكومية ، بجوار الفراش كانت هناك طاولة عليها العديد من الادوات الطبية ك المقص وعدة انواع منه ، المشرط ، بعض الابر ، ومغلفات ادوية .. واشياء اخري كثيرة ..
كان يقف تايسون امام الفراش ينظر له بشرود ، يفكر بالماضي وكل لحظة مرت امام عينيه لاخيه ، وما كانت تلك الافكار سوي تزيد من وجعه وحقده ، بجواره جعفر الذي يراقب الوضع بصمت دون التدخل بأي شئ
ورجلين اخرين مساعدين ..
امرهم تايسون بالمغادرة حيث هتف بالامر:-
_مش عايز حد منكم
ردد جعفر باعتراض:-
_ياباشا.....
قاطعه:-
_مشيهم واستناني انت برة ياجعفر
ولم يكن بيد جعفر سوي المثول لأوامره .. لحظات وبالفعل كانت الغرفة فارغة من الجميع الا سواه ، ترجل من الغرفة ودخل الي التي تجواره ، كان بها اربعة اطفال نزع عن كل منهم الغطاء الذي كان يغطي رؤوسهم
رمقوه الاربعة بعيون متوسعة بخوف ، لم يتأثر بنظراتهم لـ لحظة ، لكن بعد تلك اللحظة ازدادت ضربات قلبه دون شعور منه ، وعيونه تتواصل مع عيونهم
هل سيستطيع فعلا ان ينهي حياتهم بيده ؟
كما فعلوا اهاليهم من قبل هذا مع اخيه ..
سوي بيدهم او ساعدوا بدون قصد في فعل ذلك ..
تنهد وتنفس طويلا ، محاولا ان يخرج كل الافكار السوداء عن باله ، سحب يد احدا فطالعه الطفل برهبة كبيرة
لحظات وبدا الطفل بالبكاء العالي وتابعه الثلاث اطفال الاخرين
تنهد بضيق وسحب الطفل خلفه ، هتف لـ الباقيين قبل ان يغادر الغرفة تماما:-
_اللي هسمعه صوت تاني مش هرحمه .. سامعين ؟
اومئوا له بخوف وايطاب ، وساد الصمت علي المكان
عاد بالطفل الي الغرفة الاخري ، سطحه علي الفراش ، امسك ابرة مليئة بسائل البنج ودسها تحت جلـد الطفل لحظات وغاب الطفل عن الواقع
لحظات اخري وكان الطفل سيغيب عن العالم اجمع
بارتعاش مسك تايسون المشرط ووجهه نحو جسد الصغير و........
. . .
طرق رامز علي باب غرفة مكتب نصري ودخل بعد ان سمح له نصري بذلك ، بعدما لمح نصري .. رامز
تغيرت تعابير وجهه من الهدوء الي الضيق البائن ، حاول ان يخفيه وهو يقول:-
_في حاجة يارامز ؟
هتف رامز ببسمة واثقة:-
_بقي عندي الدليل اللي يثبتلك ان جاسر الصاوي خارج عن القانون وقاتل ياباشا
طالعه نصري بنظرات غير مفهومة بين التصديق وعدم التصديق ، فرامز لا يغفل عنه شئ وربما يقول هذا فقط ليبعد وعـد عنه
تفهم رامز نظراته فقال بصدق:-
_المرة دي انا معايا الدليل فعلا ، تعالي معايا وهتشوف الحقيقة
لم يتزحزح نصري عن مكانه ، فتقدم رامز وسحبه عن المقعد و:-
_هتشوفه بعينك وهتصدقني ، وهتعرف انك رميت بنتك في النار بأيدك
نطق نصري محذرا:-
_رامز....
قاطعه رامز:-
_لـو طلعت كداب انا هنسي تايسون دا وهبعد عنه وعن وعـد وهقفل صفحتهم
وامام اصراره تابع نصري خطواته بقلة حيلة وربما رغبة ايضا في معرفة الحقيقة ان كان صادقا .. !!
. . .
توقع جعفر بالفعل امام مخزن الحارة ، كان يعلم ان الامر سيطول وقته حتي ينتهي تايسون ، فراح يلعب بالحصي بملل ، دقيقة .. فأثنتين وشعر بخطوات تقترب من المكان حوله ، تعجب من ذلك ، لكن لحظات وعَلي صوت احداهن كأنها تطلب العون
تتبع الصوت حتي وصل لفتاة محاصرة بعدة شباب يحاولون مضايقتها ، عندما دقق النظر وجدها هويدا
فأسرع بخطاه نحوهم ، وهو يسبهم بداخله
ما ان وصل لهم حتي انقض عليهم ضربا ، حتي فـرّ بعضهم هربا من المكان ، الذي بيده حاول هو ايضا الهرب لكنه لم يفلح
منحه لكمة عنيفة وهو يصرخ:-
_هخلي تايسون بية يفرج عليكم الحارة كلها بس استنوا ، بقي بتتحرشوا علي واحدة من حارتكم دا انتوا ليلتكم مش هتعدي
وتابت حديثه بلكمة فأخري ، امسكت هويدا معصمه وابعدته عن الشاب وهي تهتف بخوف:-
_كفاية ياجعفر هتموته في ايدك كفاية
وما ان تفككت يده عن الشاب قليلا حتي فـرٌ الشاب هو الاخر هاربا
نظر لها بغضب مزمجرا:-
_كنتي سيبتيني اطلع روحه
هويدا بشفقة علي الشاب:-
_هتعمل اكتر من كدا اية بس !
تنحي عن غضبه عنهم ووجه غضبه لها هاتفا:-
_وانتي اية اللي معديكي في منطقة زي دي
توسعت عيونها زهولا وهي تهتف:-
_انت مش معقول
نطق سائلا بحدة:-
_ردي
اجابته بتوتر من نبرته:-
_كنت جاية اشوفك
توسعت عيونه بزهول وعدم تصديق أثـر اجابتها ، لم يصدق الاجابة والجراءة التي اتت بها لتجيبه من الاساس
هتفت بخجل وهي تري نظرات عينيه المتوسعة نحوها:-
_انا قصدي كنت قريبة من هنا ولمحتك فجيت اسلم عليك
كان يعلم انها كاذبة لكنه اظهر التصديق وهو يؤمي بتفهم
استاذنته وغادرته سريعا بخطوات مرتبكة وبقي هو ينظر نحوها وهي تسير مغادرة بابتسامة واسعة .. سعيدة .. فرحة
. . .
اثناء ذلك الوقت ..
وصل " توك توك " امام بواية المخزن ، هبطت منه وعـد وانقطت سائقه بـ المال ، غادر هو وبقيت هي تنظر لـ المكان بخوف وقلق من ما ستراه بعد قليل
متمنية داخل نفسها الا يريها الله ما يوجع قلبها ، تنهدت بقوة ثم بخطوات مصّـرة توجهت نحو بوابة المخزن ، كانت مواربة فكان سهل فتحها ، دخلت من خلالها ثم اعادت اؤرابها من جديد ، كان الصمت يعم المكان فأعبث ذلك الصمت بداخلها بعض الشعور بالطمأنينة من ان يكون حديث ذلك ' فاعل الخير ' كاذبا
لكن .. عندما امعنت السمع وصل لها صوت شهقات اطفال باكية فهوي قلبها باسفل اقدامها ، تابعت الصوت حتي وصلت الي الغرفتين ، غرفة يجى منها صوت الشهقات واخري يأتي منها اصوات ادوات طبية تتلاحم مع بعضهم
اضطرت ان تتجاهل الشهقات وهي تتوجه نحو الغرفة الاخري بخطوات عاجلة ..
و .. فتحت الباب
فوقعت عيونها عليه يقف امام فراش عليه طفلا وبيده مشرطين يقل بالتلاعب بهم بشرود ، عندما انتبة لصوت الباب يُفتح التف ناحيته ، عندما راها التمع الدمع بعينيه وهو يهمس:-
_مش قادر أأذيه ياوعـد ، مش قادر .. شايفه كريم ومش قادر اقرب منه ياوعـد
رغم بشاعة الصورة التي راته فيها الا ان دمع عينيه ابعد عنها اي مشاعر سوداء نحوه ، اقتربت منه لتحتضنه و:-
_انت مش قاتل ياتايسون
بكي داخل احضانها طويلا وهو يقول:-
_استنيت كتير وعملت كتير علشان اوصل لـ اللحظة دي ولما وصلتلها مقدرتش اعمل حاجة .. انا ضعيف
ردت علي حديثه بنفي:-
_انت مش ضعيف ، انت عندك انسانية
تايسون:-
_مش قادر اجيب حق كريم ، كريم هيفضل زعلان ومش مرتاح في قبره
ربتت عليه وهي تردد بثقة رغم جهلها بقصة " كريم ":-
_اخوك كدا فخور بيك ، عمر ما في حد بيفرح بسيل الدم ياتايسون
ازداد شهقات بكاءه وهو يهتف:-
_مش هقتلهم ؟
وعـد:-
_مش هتقتلهم
بحديثها كانها ضغطت علي زر انفجار الكبت بداخله حيث بدأ يبكي ويصرخ طويلا ، يبكي قلىـةحيلته ، يبكي وجعه ، يبكي كرهه والظلم الذي تعرض له ، يبكي علي كل ما فات وعلي كل ما سيأتي ، يبكي علي كل لحظة آلم عاشها
ظل يبكي ويبكي حتي طال الوقت ، كل هذا وهو بين احضانها ساكن ..
. . .
بعد قليل ..
فُتحت بوابة المخزن وخرجت منها وعـد ومعها تايسون ، توجه تايسون لسيارته ومعه وعد ، هتف موجها حديثه لجعفر قبل ان يغادر:-
_رجع العيال لأهاليهم ياجعفر
وغادر تاركا خلفه جعفر ينظر لاثره بزهول
كيف اتت وعـد ؟ كيف عاد بقراره ؟ كيف وكيف ؟
اسئلة لا اجابة لها
بالاخير .. خرج بهم جعفر من المخزن وتوجه بسيارته نحو بوابة الحارة لكي يخرج منها ويَرّجع الاطفال لـ أهاليهم
لان نصري بات معرفا لدي حرس الحارة ، دخل ومعه رامز ، لم يتوجها لمنزل ابنته بل لمخزن الحارة ، نصري يذهب بعقل شارد ومفكر ورامز يذهب بسعادة متشوقا لـ اللحظة التي انتظرها منذ زمن ، صفا السيارة امام المخزن ودخلا بسهولة فهو مامال مواربا !
ظلا يفتحا بابا خلف اخر بحثا من المشهد المطلوب لكنهم لم يجدا شيئا ، دون شعور من نصري تنفس براحة ، اما رامز فراح يلقي كل ما تطوله يده علي الارض وهو يصرخ بأنهيار كلي:-
_ازاااااي ... ازااااااي
هتف نصري له وهو يغادر المكان:-
_ابعد عنهم بقي وكفيهم من نارك
وهل سيفعل رامز ذلك ؟ هل سيبتعد عنهم ؟
ربما .. فلما لا !
. . .
تسطح جسده علي الفراش ، نظر لها وهو تنزع عنه حذائه بعيون نصف مغلقة ، لم يكاد يتحدث حتي غفي في النوم بدون شعور منه ، تركته هي ليرتاح وتوجهت نحو الشرفة
جلست فيها وراحت تفكر بكل ما حدث منذ دقائق لا تُعد
مظهره وبيده مشرط والطفل امامه لا يفارق عقلها ..
أكان سيفعل ما كان سيفعله ان لم تأتي ؟ كان سيرتكب جرما ك هذا
بالله هل كان سيفعل ؟
تشعر انها مشوشة ، هي بالفعل تحيا مع قاتل ، ربما لم يستطيع ان يقترب من احدا الان لانه طفل ، لكن ربما فعلها من قبل مع كبارا ، ربما فعلا كان يفعل كما قالت لها علا من قبل...
يستقطب الفتيات ويدخلها عرينه ثم لا رجعه لهم
عليها ان تحادثه وتواجهه ، عليها ان تعرف عنه كل شئ
لتستطيع ان تحكم عليه ، وتقرر هل ستكفي العيش معه ام ستهرب من عرينه وشروره
عليها ان تتحدث معه .. هي يجب ان تفعل ذلك صدقا
. . .
جنون رامز لم يكن نقطة في بحر حالة الهستريا التي اصابت علا بعدما علمت منه ما حدث وفشل مخططهم ، ظلت تصرخ بغل وهي تضرب الحائط بيدها بقوة
تلك المدعاه بـ وعـد ستصيبها بالجنون بلا شـك ..
كل محاولاتها لان تبعدها عن طريق تايسون تبئ بالفشل ، لما بالله ؟ لما ؟ لما تقع تلك الوعد في طريق الرجل الوحيد الذي تمنته في حياتها
ما الذي في تلك الوعـد يزيد عنها مما يجعله يفضل تلك الوعد عنها
تحرقها حية ام ماذا تفعل ؟
ستحرقها .. او ستقتلها
لا بديل لها عن ذلك
ولن تخبر رامز بمخططها ، فهو يريد وعد وان علم بمخططها سيرفض ، ستنفذ المخطط الجديد بدون مساعدته ، ستنفذه بنفسها لتطمئن من انها ارتاحت منها لـ الابـــد ..
. . .
منذ الصباح ولحتي عم الليل وهي جالسة في الشرفة دون حراك ، قاطع خلوتها صوته الجامد وهو يقول:-
_عارف ان في مليون سؤال جواكي وانا هجاوبك عليهم كلهم ..
. . .
مقتلش العيااال 💃💃💃
تايسون طلع انسااان 😂😂😂🤭
•تابع الفصل التالي "رواية حارة تايسون" اضغط على اسم الرواية